الخميس، 20 مارس 2025

مقال : لن يكون الإسلام صحيحاً حتى يكون نظيفا

       قلما ترى أحدا ممن أولعوا بنقد المنهج السلفي إلا وينتقد السلفية بالتكفير ، وإذا كان لديه شيء من الهيبة لله سبحانه وتعالى أو من الهيبة للسلفيين انتقدها بالتشدد ثم لم يزل يزحف قليلاً قليلاً حتى ينتقدها بالتكفير ويكون مثل من سبقه وربما أشد منه. 

وليس هذا الحكم مقتصراً على النَّقَادَة المعاصرين الذين يستشهدون بالجماعات التي تنسب نفسها للسلف وهي تستحل قتل المسلمين وتكفرهم ، بل هو دأبٌ جارٍ لمن حمل الضغينة على المنهج السلفي من أيام شيخ الإسلام ابن تيمية وأيام الإمام محمد بن سعود وشيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب حتى الوقت الحاضر. 

ففي الوقت الحاضر ترى جميع الفرق من صوفية على اختلاف طبقاتهم وأشعرية وما ترويدية وأصناف المتشيعين من دروز ونصيريين وإثناعشرية وإسماعيلية وزيدية ، كل هؤلاء تجدهم يزعمون المودة والإخاء بينهم ولكنهم يُظهرون المنافرة للسلفيين ، فمثلاً في مؤتمر جروزني الذي انعقد قبل عدة سنوات وكان متفقاً أن يكون ذلك المؤتمر لتعريف أهل السنة ،ولكن تعريفهم جاء مخالفاً للحقيقة،وسبب مخالفته:أنه لم يذكر أن  السلفيين من أهل السنة؛وتبين أن ذلك متفق عليه وليس خطأ؛ لأنهم تجاوزوا كلمة شيخ الأزهر التي كانت في افتتاحية الكلمات والتي نص فيها على أن أهل الحديث من أهل السنة ،ويعني بهم السلفيين كما بين هو لاحقاً،وكان ذلك المؤتمر في وقت يُنْظَرُ إليه على أنه جاء للرد على إيران ، فإذا به جاء لدعم إيران ضد أكبر خصومها وهم السلفيون. 

وإمام الأزهر وإن كان تبرأ مما حدث في مؤتمر جروزني وجاء وفد أزهري إلى المفتي في المملكة العربية السعودية وإلى وزارة الشؤون الإسلامية ليوضحوا وجهة نظر الأزهر ، إلا أنه لا يدع مجالاً يأتي فيه ذكر السلفيين إلا بَهَتَهم بنقدٍ له غير بناء ولا صحيح ، كما أن جامعة الأزهر والتي هي الأساس في ولايته، دائمة الحط على السلفيين حتى في رسائلهم الجامعية ، فنجد رسالة حُرِمت من النتيجة وليس هناك مبرر بعد مناقشتها إلا كونها سلفية وبذلك صَرَّح المناقشون ، ورسالة أخرى وضعت في نقد السلفية نقداً منحازاً وغير علمي وهكذا .. 

حتى السنة في العراق رغم مأساتهم التي نقف جميعاً معهم فيها ونسأل الله تعالى لهم السلامة منها نجد منهم قِلة يهمزون بالسلفية ، وأقول : قلة ، لأن الغالب منشغل بما هم فيه ، وكذلك السنة في الأردن والمغرب العربي وأمريكا ، والبلاد الأوروبية ، فالجميع يتشدق بهذا النبز العظيم للسلفية ، فلماذا ؟ الجواب : أن أرباب هذه الفرق، بعضهم يشعرون أنهم في صراع وجود مع السلفيين ،وذلك كالكثير من أصناف المتشيعين فهؤلاء لا نلومهم في مسلكهم ، بل هو إذا رجعنا لطبيعة البشر نجده هو المتوافق معها إذ هم يشعرون بالخطر على مذهبهم من وجود التوجه السلفي فيسعون إلى إخماده . 

لكن المؤسف هو أن نجد من المنتسبين للسنة من يقف معهم ويرى أن السلفيين بعيدون عن الحق ويتكلم في ذلك كلاما غير مؤثر وليس ببريء. 

السبب الثاني : هو ظهور التكفيريين على شكل جماعات وأفراد في العراق والشام ، وادِّعاء هؤلاء التكفيريين أنهم على منهج السلف ، وهذا من جهلهم بما هم عليه ، وإلا فلا يختلف اثنان من السلفيين في أن مالديهم من أفكار تكفيرية هي من مذهب الخوارج الغلاة وتفصيل ذلك له كتبه ؛

وقد وجد المتصوفة والأشاعرة والماتريدية في ذلك  مجالاً لإلصاق تهمة التكفير بأتباع منهج السلف ، وهي التهمة القديمة التي يحاولون إلصاقها بهم ، والحقيقة قد فصلناها في غير هذا المقال ،لكن لا بأس أن نقول : إن المسلم حينما دخل الإسلام بيقين فلا يخرج منه إلا بيقين ،هذا قول السلف جميعاً ، لكننا نجد هؤلاء المتقولة من أصحاب الفرق  أصبحوا يخلطون بشكل متعمد بين السلفية وبين المذاهب الفقهية ،وهذا خلط فيما يبدو لي متعمد وإن كان قد وقع به شيوخ كبار كالشيخ أحمد الطيب ، لكن رده يسير فمحمد ابن عبد الوهاب مجدد السلفية في عصرنا حنبلي ويصرح بذلك ، وكذلك المقادسة قبله وابن تيمية وغيرهم كلهم حنابلة ، وقد كان ابن تيمية يأخذ من وقف الحنابلة تأكيداً لذلك ، وكذلك الحافظ المزي وابن كثير الذي شاع تفسيره في الآفاق شافعيان ، وابن أبي العز حنفياً ، وقد فصلنا ذلك في كتاب دار سلف[أعلام السلفيين]. 

فلم يقل أحد إن من يتقلد مذهباً فقهياً يكون مبتدعاً ، ولكن السلفيين يقولون إن من يتقلد مذهبا عقدياً غير ما كان عليه سلف الأمة بدءًا برسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعون ، أو من يخالف ماهم عليه من الفقه ، أو من يشرع عبادات جديدة لم يعرفها هؤلاء السلف ، هو المبتدع الذي تجب مناصحته ، ويجب أيضاً منع بدعته وذلك ممن يستطيع كالحاكم الذي يجب عليه منع أهل البدع في بلده كي لا تختلط بدعهم بالسنن ، ويُظَن سنةً ماليس بسنة كما حصل في العصور المتقدمة حيث أصبحت السنن في بلاد العالم الإسلامي أقل من البدع الرئجة بكثير ، ولهذا يجعل السلفيون بعض المعاصي أهون من البدع ، لأن المعصية يُقْدِمُ عليها فاعلها وهو يعلم كنهها ، وأنه إذا قدر على التوبة منها تاب ، لكن البدعة يقدم عليها المبتدع على أنها من الدين ، وهذا هو الشر ، أي أن يختلط الدين الذي أمر به الله بما أمر به ضعفاء الناس وأقزامهم . 

والسبب الثالث من أسباب تشنج أهل البدع على السلفيين :الدعم الموجه إلى هؤلاء المتشنجة ، وليس بالضرورة دعماً مالياً ، وإن كنا نظن أنه دعم مالي ، رغم عدم امتلاكنا لأدلة تثبت ذلك ، ولكن يكفي أن يكون دعما معنويا من جهات كثيرة قوية يشهد لنا بذلك تصريح أحد كبار الصوفية بأن الجهات الأمريكية الرسمية استضافتهم ، وصرحت بأنهم هم من يمثلون الإسلام حقاً ، ونحن لا نرى في ذلك إلا استدراجاً وبؤساً نسأل الله العافية ؛ ومثل ذلك جاء من رجل آخر عن الجهات البريطانية ، وهناك شواهد أخر لكن ما نريد أن نصل إليه ،أن الإسلام لن يكون صحيحاً حتى يكون نظيفا .


محمد بن إبراهيم بن حسن السعيدي
  • 16 مارس, 2025
وهذا رابطه في موقعه :

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..