الاثنين، 15 ديسمبر 2025

طرد موظفة “مثالية” لأنها تحضر قبل الدوام؟… هنا يبدأ التضليل

🌟 تعليق على حكمٍ قضائي إسباني… وتفكيك تضليل العناوين.
💢 طرد موظفة "مثالية" لأنها تحضر قبل الدوام؟… هنا يبدأ التضليل‼️

أحيانًا لا يكون أخطر ما في الخبر… كذبه الصريح،
بل زاوية تصويره.
يأتيك العنوان كصفعةٍ مقصودة:
"قرار المحكمة… طرد موظفة مثالية لأنها تحضر قبل موعد الدوام بـ30 دقيقة يوميًا!"

فتشتعل في الناس نار الاستنكار،
ويبدأ الهجوم على "القانون"،
وكأن النظام صار يعاقب الالتزام… ويطارد الاجتهاد!

لكن الحقيقة في الغالب ليست هكذا.

القانون لا يجرّم "التبكير" بوصفه تبكيرًا،
ولا يشن حربًا على الحضور المبكر لأنه حضور مبكر؛
إنما يحاكم شيئًا أدق وأخطر:
عقدٌ يُخرق… نظامٌ يُكسر… وثقةٌ تُستنزف.

1) ما الذي يفعله التضليل الإعلامي؟
التضليل هنا أنه يحوّل القصة من:
عصيان متكرر لتعليمات عمل
إلى:
عقوبة على الفضيلة!

يركّز على اللقطة: "جت بدري"،
ويُسقط الخلفية: أُبلغت… ثم أُنذرت… ثم كررت… ثم أصرت.

2) الفصل ما يجي "خذوه فغلوه"… أبداً
الناس تتخيل أن الفصل يقع فجأة،
وأن الشركة تصحو صباحًا فتقول: "اطردوها!"
وهذا ليس هو المسار الطبيعي في بيئات العمل المنضبطة.

الغالب أن المسار يمشي هكذا:
تعليمات واضحة: وقت الدوام محدد، وما قبله ليس وقت مزاولة ولا تسجيل ولا مهام.
تنبيه: توقفي عن هذا السلوك.
إنذار (وغالبًا مكتوبًا ومثبتًا).
تكرار المخالفة رغم البيان.
تصعيد الجزاء لأن المسألة لم تعد سوء فهم… بل صارت عصيانًا.

فهنا تنقلب القضية من "حسن نية" إلى عدم امتثال،
ومن "تصرف قابل للتوجيه" إلى "سلوك يهز الانضباط ويكسر الثقة".

3) لماذا قد تمنع الشركة الحضور المبكر أصلًا؟

لأن "الوقت" في العمل ليس ذوقًا… بل نافذة تشغيل.
قبل وقت الدوام قد لا توجد مهام رسمية، ولا إشراف كامل، ولا منظومة تشغيل مكتملة.

وحين يصر موظف على الحضور والمزاولة خارج الإطار المعتمد، فهو يفتح أبوابًا لا يراها العامة، مثل:
• اضطراب سجل الحضور والانصراف
• فتح نزاع حول ساعات إضافية: "أنا اشتغلت قبل الدوام… احسبوا لي!"
• مخاطر مسؤولية وسلامة داخل مقر العمل خارج وقت التشغيل
• كسر تسلسل العمل وربطه بفريق لم يبدأ بعد

فالشركة حين تمنع… لا تمنع "الالتزام"،
بل تمنع الفوضى المقنّعة باسم الالتزام.

4) أين جوهر الحكم؟

جوهر الحكم في مثل هذه القصص ليس: "جت بدري".
بل: "أُمرت… ثم أُنذرت… ثم أصرت."
لأن التكرار بعد الإنذار هو الذي يحمّل الفعل معنى آخر:
ليس مجرد حضور مبكر… بل مخالفة تعليمات ثم استمرار ثم عصيان.

5) وهل عندنا يتوجه النظام لمثل ذلك؟

نعم… المعنى ذاته موجود لدينا بوضوح:
الجزاءات متدرجة، تبدأ بما هو أخف، ولا تُفهم العقوبة القصوى إلا عند استنفاد وسائل الإصلاح.
وقد يصل الأمر إلى إنهاء العقد بلا تعويض في حالات محددة، من أبرزها:
عدم طاعة الأوامر المشروعة أو الإخلال بالتزامات العمل الجوهرية، خصوصًا إذا ثبت التكرار بعد إنذار،
مع سماع رد الموظف وتمكينه من بيان فعله ومسوّغاته قبل إنهاء العلاقة.

يعني عندنا أيضًا:
قد يصل الأمر إلى الفصل حتى لو كان الموظف "يجي بدري"
إذا كان هذا التبكير ممنوعًا بتعليمات صريحة، ثم تكرر بعد الإنذار، وصار عصيانًا لا "حرصًا".

6) التأصيل الشرعي الذي يضع الأمور في نصابها
قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾
فالوفاء بالعقد ليس حماسةً تُقال… بل التزامٌ يُنفَّذ.
والوقت شرط من شروط العقد، مثل المهام والأجر.
وحسن النية لا يجعل كسر الشرط بغير إذنٍ فضيلة، ولا يجعل مخالفة النظام قربة.
بل الميزان: لا ضرر ولا ضرار، ووفاءٌ بما اتُّفق عليه.

✅ الخلاصة التي تفضح العنوان وتُنصف الحقيقة
ليس العدل أن نسأل: "بدري أو متأخر؟"
العدل أن نسأل: مأذون أو غير مأذون؟ استجاب أم عاند؟
فالفصل حين يقع لا يقع لأن الموظف "مثالي"…
بل لأن السلوك تحوّل إلى عصيان مستمر بعد إنذارات استُنفدت.
✍️/مازن المليح .
📍قناة أثر وتأثير .
🔗 مصدر يشرح الخلفية والإجراءات والتحذيرات التي سبقت الفصل:

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..