الزلفي الطبيعة والناس والأرض 1/6 «انكاس» عجزت عن شق الطريق بسبب الثويرات فهب الأهالي لشق طريق «زليغيف» بأيديهم | |||||
حلقات أعدها: فهد بن عبد العزيز الكليب
وإن أقدم ذكر لانتماء الزلفي، هو ما أورده الأصفهاني المتوفى سنة 310 هـ في كتاب «بلاد العرب» من أن زلفة لبني العنبر، وأنها في ديار عدي بن الرباب من تميم. وقد وردت الزلفي على لسان الشعراء في مواضع كثيرة ومن ذلك:
وهذا يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك ان المنطقة لها تاريخ موغل في القدم، وأنها مدينة قديمة تحوي عدداً من الآثار التاريخية التي تحتاج إلى مسح شامل من قبل ادارة الآثار والمتاحف، للكشف عن هذه الآثار المندثرة والحفاظ عليها. والزلفي ورد ذكرها في كتب التاريخ والمعاجم الجغرافية القديمة، ويقال: ان أصل تسمية البلدة وجد بعد أن نزل قوم في منطقة قريبة من تبع جزرة ثم تزلفوا إلى السهل، وسميت في البداية بالزليفات، ثم تحولت الى «الزلفي» ولا تزال تحمل هذا الاسم حتى يومنا الحاضر. يقول علامة الجزيرة الأستاذ حمد الجاسر في مجلة العرب: «يظهر مما ذكره المتقدمون ان زلفة وزليفات اسمان قديمان لما عرف حديثاً - أي حوالي القرن العاشر - باسم الزلفي». وقال ابن بليهد في معجمه : بل أعرف الموضع الذي قال فيه الحطيئة
فالزليفات المذكورة في هذا البيت هي «بلد الزلفي» والتابع لها من القرى يقال لها: زليفات، وقد ورد لها ذكر في أشعار العرب وأخبارها، وهي تحمل هذا الاسم الى هذا العهد «الزلفي». ويرى الأستاذ عبد العزيز الغزي: ان اسم الزلفي قديم، ورد في النصوص منذ العصر الجاهلي، مروراً بالعصور الأخرى، حيث نجده يقول: «ان اسم الزلفي ورد في العصر الجاهلي ثم في صدر الاسلام ثم في القرون الوسطى ثم المتأخرة حتى يومنا الحاضر وفيه من الآثار ما هو موغل في القدم ويعود إلى آلاف السنين، كما هو في آثار الاستيطان قرب روضة السيلة على ضفتي وادي مرخ، وقد ورد اسم مشابه لهذا الاسم في نقش بالخط المسند قرب بلدة «حلبان» بالاضافة «ذات مرخ» سجل حملة قام بها أحد أقيال اليمن لتأديب بعض القبائل العربية في وسط الجزيرة. المعالم الأثرية بالزلفي للآثار في منطقة الزلفي أهمية بالغة وذلك لقيمة الأثر من حيث العمق التاريخي وعلاقته بالتاريخ المدون للإنسان، وهنالك العديد من الآثار والمعالم القديمة الماثلة بعضها إلى الآن، فالآثار سجل حافل للأجيال الحاضرة والقادمة من أبناء المنطقة ومن بين تلك الآثار ما يلي: 1- قصر سعود: يعد ذلك القصر الذي يقع جنوب بلدة الزلفي على مسافة حوالي 11 كيلا، أحد أبرز المواقع الاثرية بالمنطقة، وقد قام ببنائه الإمام سعود الكبير عندما حاصر الزلفي عام 1194هـ في عهد أبيه الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، ولا يزال ذلك القصر شامخاً حتى يومنا الحاضر ويصل ارتفاعه ما يقارب تسعة أمتار، أما عرضه فمتران وهو مبني من «اللبن» وله بوابة كبيرة. 2- المنزلة: ينطقها البعض «المنيزلة» وهي قرية من قرى الزلفي في إمارة منطقة الرياض، وهي قرية قديمة عبارة عن مكان أثري يوجد بها قصر قديم كان يسمى قصر المنزلة، وبالقرية مقبرة قديمة بها قبور طويلة، توشك معالمها ان تندثر، وما زالت باقية على شكل قصر قديم وتقع شمال منطقة الزلفي. 3- الطرغشة: ذكرها ياقوت الحموي في معجمه «معجم البلدان» : «الطرغشة»: ماء لبني العنبر ب«اليمامة» وتقع جنوب بلد الزلفي وعلى مسافة أكيال منها في حصن الدغام بها آثار وآبار توحي لنا بعمران قديم، ولا يزال فيها آبار ونخيلات، ويقوم الى الشرق منها بقايا قصر قديم مبني من الطين. 4- قصر ضبعان: يقع الى الشمال الشرقي من بلدة علقة بالزلفي، وهذا القصر وما حوله من بيوتات كانت تشكل نواة الاستقرار الحالي في منطقة الزلفي، وقد كانت معالمه وآثاره قائمة إلى وقت قريب واما اليوم فقد اندثرت كلها. 5- سور الزلفي القديم: كانت منطقة الزلفي قديما محاطة بسور حصين مبني من «اللبن» كاحاطة السوار بالمعصم، وقد شيده أهالي البلدة القديمة، وكانت الزلفي انذاك عبارة عن بلدة صغيرة المساحة وكان الدخول والخروج منها وإليها لا يتم الا عبر بوابات «دراويز» وكانت البلدة محاطة بسور سميك من الطين المجفف يصل ارتفاعه الى حوالي 25 قدما وصمم ذلك السور ليكون حصنا منيعا، وذلك لحماية البلدة وأهلها من الغزوات والغارات الخارجية، واليوم لم يبق أي أثر لذلك السور حيث اندثرت معالمه. 6- القصير: يعد من المعالم الاثرية بالزلفي، والقصير: تصغير قصر، ولا يزال هذا القصر وما حوله من بيوتات بارزة، رغم ما اعتراها من عوامل التعرية، ويقع هذا القصر الى الشمال من علقة ويمر بجواره شعيب يسمى شعيب القصير نسبةالى هذا المعلم الاثري وكنا قد ذكرنا ان «القصير» و«ضيعان» كانا يشكلان نواة الاستقرار الحالي في المنطقة. 7- آثار بقايا سنة السبلة: من الآثار الباقية حتى اليوم بمنطقة الزلفي بعض من آثار موقعة السبلة التي وقعت سنة 1347هـ وهذه الآثار عبارة عن: المحاجي وهي المتاريس التي يحتمي خلفها الرماة أيضا يوجد اعقاب الرصاص المستعمل في تلك المعركة وقد كتبت عليها تاريخ تلك الوقعة. 8- قصر ابن روق: يمثل ذلك القصر اطلالة على كرم وجود ابن هذه المنطقة حيث يقف بكبرياء شاهدا حيا على رسوخ تلك السجية المتوارثة ويقع ذلك القصر في بلدة علقة وهو مبني من الطيب واللبن، ولقد شهد ذلك القصر الكثير من المواقف النبيلة التي لا تنسى في ضروب الجود والكرم، ولقد اشتهر في زمانه يقصده العاني وعابر السبيل من بادية وحاضرة في ليالي الشتاء القارس، وهجير الحر القاتل يوم ان كان الناس جوعى لا يجدون ما يأكلون فكان يتلقاهم صاحب ذلك القصر بالبشر والترحاب بوجه ضاحك باش.
ولم يذكر قط في زمانه أن خبت ناره طوال سني حياته لذا يقول المثل الزلفاوي: «الحار عند ابن روق» وابن روق هذا هو عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالرحمن بن حمد بن فرهود بن صالح من الفراهيد من آل راشد. 9- سور البلاد : هو من المعالم الأثرية بمنطقة الزلفي، شيد عام 1347هـ في إمارة عبدالرحمن بن عطاالله وذلك بمجهود واتقان من أهالي المنطقة، وبني من مادة اللبن وله أربعة أبراج استكشافية وأربعة دراويز «بوابات» واحدة من الجهة الشمالية، والثانية من الجهة الغربية، والثالثة من الجهة الجنوبية، والرابعة من الجهة الشرقية، والهدف من وراء إنشائه حماية البلدة من الغزوات والغارات الخارجية «انظر إلى الوثيقة رقم1». 10- سور العقدة: شيد هذا السور قبل سنة السيلة أي في عام 1346هـ تقريباً، وقام بتشييده علي الحمد الرشيد بالتعاون مع أهل الزلفي، وكان الهدف من إنشائه الحماية من أي غزو أو غارة خارجية، وسميت «العقدة» بهذا الاسم لأنها ينعقد عليها السور مبنيا من الطين ولاتزال بعضا من معالمه باقية حتى يومنا الحاضر وله أربعة دراويز، الأولى من الناحية الشرقية، والثانية من الناحية الجنوبية، والثالثة من الناحية الغربية، والرابعة من الناحية الشمالية التي على المقبرة، ويصل ارتفاعه إلى حوالي أربعة أمتار وهو عبارة عن عروق من الطين. 11- نقش مريغان الصخري الكبير: يورد لنا الدكتور عبدالمنعم عبدالحليم سيد، أستاذ الآثار والتاريخ القديم، كلية الآداب - جامعة الملك عبدالعزيز، في كتابه «البحر الأحمر وظهيرة في العصور القديمة، ص361» إشارة الى وجود ذكر لبوادي «مرخ» الذي يصب في روضة السبلة الى الشرق من مدينة الزلفي في نقش صخري اكتشف في أوائل الخمسينيات في منطقة بئر مريغان شمال غرب نجران بحوالي 230كم وورد فيه منحوتا اسم مرخ الذي يسميه النقش «ودمرخ» ويعد هذا النقش الصخري الذي سجلت فيه غزوة غزاها أحد اقيال اليمن لبعض القبائل العربية من نجد يفهم منه أن ذكر مرخ في هذا النقش من أن المنطقة وما جاورها قديمة من حيث الاستيطان والتحضر. مواقف مشرفة سجلت لأبناء الزلفي سجلت لأبناء وأهالي الزلفي الكثير من المواقف المشرفة التي اكتسبوا من خلالها تقدير ولاة الأمر منذ القدم وحتى يومنا الحاضر وتلك المواقف تتمثل في الآتي على سبيل التمثيل لا الحصر وسأستعرضها بايجاز: 1- مشاركة أهل الزلفي في نقل السلاح للملك عبدالعزيز: بعد معركة السبلة 19 شوال 1347هـ، وأم رضحة 4 ربيع الآخر 1348هـ فر كثير من القبائل والأفراد وصاروا يتجولون بأنعامهم في مناطق شمال المملكة وشرقها بين حدود الكويت والعراق، فخرج الملك عبدالعزيز يتعقبهم، وعندما استقر بالدبدبة «خيارى وضحى» نفد تموينه وأخذ يمون هذا الجيش اللجب بما معه من إبل وبما يحصل عليه من كسب من مناوشة بعض المتمردين عليه، وأخذ في طلب الامدادات التموينية من قبل عبدالله بن جلوي أمير الأحساء آنذاك، وقد عرض ابن جلوي على أصحاب القوافل ايصال تلك الامدادات فاعتذروا عن ذلك بفقدان الأمن بين الأحساء ومنزل الملك عبدالعزيز بالدبدبة فما كان منه إلا أن طلب ذلك من أعيان الزلفي الموجودين بالأحساء الذين استجابوا لذلك رغبة منهم في مشاركة الملك عبدالعزيز وولاءً له إلا أنهم طلبوا زيادة تسليحهم لمقاومة كل من يتعرض لهم، وأخرجت جمال التموين الغذائي والعتاد الحربي، فخرجوا من الأحساء وعددهم 65 خبرة وخرج معهم سعيد الماجد - أحد رجالات عبدالله بن جلوي ومعه 50 فرسا يقوم برعايتها عشرة من الرجال «زماميل» وقد وضعت عدة أكل الخيل وشربها على 28 ناقة وأخذوا في المسير نهاراً ويحطون رحالهم ليلا وقد تعرض لهم في طريقهم من اعترضهم وبرزوا له حتى تم ايصال ذلك التموين للملك عبدالعزيز كما نصت على ذلك الوثيقة رقم1. وقد أنشد محمد العبدالله الناصر قصيدة في مدح الملك عبدالعزيز منها:
2- تفاجأ أهالي الزلفي منذ ما يزيد على العشرين عاماً بتوقف شركة انكاس من استكمال شريان حيوي هو الطريق البري الذي يربطها بالرياض جنوبا وبالقصيم شمالا وبحفر الباطن شرقا إذ يعد المنفذ الوحيد لتسويق إنتاجها الزراعي وبما أنه يثري القرى والمناطق التي حوله، والتي رأت انه من المستحيل شق هذا الطريق المحفوف بالرمال، رمال نفود الثويرات من كل جانب وأعدت تقريراً فنيا يقضي بعدم إنشاء الطريق ولكن أهالي الزلفي ضربوا ملحمة وطنية وضاءة في حل هذه المعضلة الشائكة وهبوا هبة رجل واحد بشكل لا مثيل له من التعاون والتكاتف والتعاضد وقاموا بجهد خارق وفي زمن قياسي رجل وامرأة وشاب وشيخ كبير ومن لم يستطع العمل بيده دفع المال أو الطعام والشراب حتى شقوا الطريق المعروف بطريق «زليغيف» فكان محل ثناء واعجاب الملك فيصل - رحمه الله - الذي أسعده ذلك الموقف وعلى ضوء ذلك كلف الأمير نايف بن عبدالعزيز بالذهاب الى الزلفي ومعاينة الوضع على الطبيعة وبالفعل وصل سموه إلى الزلفي وأدهشه ما رآه وقال مبتسما ومازحا: «ماذا يضمن أن لا تغوص عجلات سيارتنا في هذا الطريق؟» ورد الأهالي بصوت واحد: «حينئذ تسير على أكتافنا» وهذا الموقف يجسد لنا عمق الحب للوطن والرغبة في التفاني نحوه فما كان من الملك فيصل إلا أن أمر شركة انكاس باستكمال الطريق وفق ما رسم له. 3- شركة الزلفي الأهلية للتعمير: عقد بعض من أهالي الزلفي العزم على إنشاء شركة رأوا تسميتها «شركة الزلفي الأهلية للانشاء والتعمير» وهي شركة مساهمة، الهدف من وراء انشائها رغبة أهالي الزلفي بايجاد مبان لاستخدامها مقرا دائما للدوائر الحكومية وقد بدأ الاكتتاب في هذا المشروع بتاريخ 1/3/1383ه وفكرة انشاء هذه الشركة لم تأت من فراغ بل جاءت بعد دراسة متأنية حيث وضعت لها أهداف محددة وقد لاقت من الأهالي كل تأييد ومؤازرة وحققت نجاحا مذهلا وفي وقت قياسي وحققت الهدف الذي أنشئت من أجله، وما قام به الأهالي ما هو إلا مشاطرة للدولة يمليه عليهم واجب المواطنة الصادقة في رد ولو جزء يسير من حقها عليهم. ولقد كان صاحب الفكرة لتأسيس هذه الشركة بداية هو الوجيه حمود بن سليمان الطريقي الشهير ب«الرويبخ» وكانت البداية ان اقترح الشيخ عبدالعزيز بن أحمد الغنام على الرويبخ اقامة حمامات سباحة على عين أم سبعة الحارة بالاحساء للاستثمار فرد الرويبخ بقوله: لو أردت الاستثمار لعمرت فللا ومباني بالرياض وأجرتها ولكن لماذا لا تقول اشتروا الأرض التي بالوسط وعمروها فاستحسن تلك الفكرة جميع الحاضرين وبدئ ببلورة الفكرة إلى واقع مشاهد. |
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..