عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
أمّا الأحِبّةُ فالبَيْداءُ دونَهُمُ | فَلَيتَ دونَكَ بِيداً دونَهَا بِيدُ |
لَوْلا العُلى لم تجُبْ بي ما أجوبُ بهَا | وَجْنَاءُ حَرْفٌ وَلا جَرْداءُ قَيْدودُ |
وَكَانَ أطيَبَ مِنْ سَيفي مُعانَقَةً | أشْبَاهُ رَوْنَقِهِ الغِيدُ الأمَاليدُ |
لم يَترُكِ الدّهْرُ مِنْ قَلبي وَلا كبدي | شَيْئاً تُتَيّمُهُ عَينٌ وَلا جِيدُ |
يا سَاقِيَيَّ أخَمْرٌ في كُؤوسكُما | أمْ في كُؤوسِكُمَا هَمٌّ وَتَسهيدُ؟ |
أصَخْرَةٌ أنَا، ما لي لا تُحَرّكُني | هَذِي المُدامُ وَلا هَذي الأغَارِيدُ |
إذا أرَدْتُ كُمَيْتَ اللّوْنِ صَافِيَةً | وَجَدْتُهَا وَحَبيبُ النّفسِ مَفقُودُ |
ماذا لَقيتُ منَ الدّنْيَا وَأعْجَبُهُ | أني بمَا أنَا شاكٍ مِنْهُ مَحْسُودُ |
أمْسَيْتُ أرْوَحَ مُثْرٍ خَازِناً وَيَداً | أنَا الغَنيّ وَأمْوَالي المَوَاعِيدُ |
إنّي نَزَلْتُ بكَذّابِينَ، ضَيْفُهُمُ | عَنِ القِرَى وَعَنِ الترْحالِ محْدُودُ |
جودُ الرّجالِ من الأيدي وَجُودُهُمُ | منَ اللّسانِ، فَلا كانوا وَلا الجُودُ |
ما يَقبضُ المَوْتُ نَفساً من نفوسِهِمُ | إلاّ وَفي يَدِهِ مِنْ نَتْنِهَا عُودُ |
أكُلّمَا اغتَالَ عَبدُ السّوْءِ سَيّدَهُ | أوْ خَانَهُ فَلَهُ في مصرَ تَمْهِيدُ |
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَا | فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ |
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها | فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ |
العَبْدُ لَيْسَ لِحُرٍّ صَالِحٍ بأخٍ | لَوْ أنّهُ في ثِيَابِ الحُرّ مَوْلُودُ |
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ | إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ |
ما كُنتُ أحْسَبُني أحْيَا إلى زَمَنٍ | يُسِيءُ بي فيهِ عَبْدٌ وَهْوَ مَحْمُودُ |
ولا تَوَهّمْتُ أنّ النّاسَ قَدْ فُقِدوا | وَأنّ مِثْلَ أبي البَيْضاءِ مَوْجودُ |
وَأنّ ذا الأسْوَدَ المَثْقُوبَ مَشْفَرُهُ | تُطيعُهُ ذي العَضَاريطُ الرّعاديد |
جَوْعانُ يأكُلُ مِنْ زادي وَيُمسِكني | لكَيْ يُقالَ عَظيمُ القَدرِ مَقْصُودُ |
وَيْلُمِّهَا خُطّةً وَيْلُمِّ قَابِلِهَا | لِمِثْلِها خُلِقَ المَهْرِيّةُ القُودُ |
وَعِنْدَها لَذّ طَعْمَ المَوْتِ شَارِبُهُ | إنّ المَنِيّةَ عِنْدَ الذّلّ قِنْديدُ |
مَنْ عَلّمَ الأسْوَدَ المَخصِيّ مكرُمَةً | أقَوْمُهُ البِيضُ أمْ آبَاؤهُ الصِّيدُ |
أمْ أُذْنُهُ في يَدِ النّخّاسِ دامِيَةً | أمْ قَدْرُهُ وَهْوَ بالفِلْسَينِ مَرْدودُ |
أوْلى اللّئَامِ كُوَيْفِيرٌ بمَعْذِرَةٍ | في كلّ لُؤمٍ، وَبَعضُ العُذرِ تَفنيدُ |
وَذاكَ أنّ الفُحُولَ البِيضَ عاجِزَةٌ | عنِ الجَميلِ فكَيفَ الخِصْيةُ السّودُ؟ |
أبو الطيب المتنبي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..