في كل مكان في العالم يفرح الناس حين تقوم الشركات بعمل خيري أو حين تتصدى
لمهمة اجتماعية ما، إلا عندنا.. دائما يكون وراء الأكمة ما وراءها!، ويا
لها من أكمة تختبئ خلفها ملايين الريالات وتتوارى خلف ظلماتها أحزان
البسطاء، فإذا كانت دول العالم تفخر بشركات ما وراء البحار، فإننا اليوم
محاصرون بشركات ما وراء الأكمة!.
كل شركة كبرى عندنا تؤسس أكمتها الخاصة، وتحرص على تكبيرها كي تكون قادرة على إخفاء بلاويها، بل إنها تجلب خبراء مختصين للعناية بأكمتها لأن (البزنس) الذي يمكن ترتيبه وراء الأكمة يجلب أرباحا لا يمكن أن تاتي من خلال نشاط الشركة الأساسي.
إحدى الشركات الكبرى في مجال بيع الملابس الرجالية قررت أن تؤسس أكمتها الخاصة، اجتمع مجلس إدارتها وقال أحدهم: (كل الناس عندهم أكمات وحنا ما عندنا أكمة.. ما يصير)، فتفتقت أذهانهم عن برنامج لدعم الشباب السعودي العاطلين عن العمل باعتبارهم أقصر جدار يمكن القفز عليه.
أعلنت الشركة عن برنامجها الوطني الرائد (أكمتها)، ووقعت اتفاقية مع بنك التسليف، واستقطبت الشباب من كافة أنحاء البلاد وأعطتهم الشمس بيد والقمر باليد الأخرى وخبأت بقية النجوم والكواكب في جيوبهم الخاوية، وأقنعت كل واحد منهم بأنه سيكون له محله الخاص الذي يبيع من خلاله (الغتر، العقل، الطواقي، الثياب الجاهزة، الكبكات... إلخ)، بعد ذلك ساقتهم إلى بنك التسليف كي يقترضوا قيمة ديكور المحلات التي انتشرت في مناطق مختلفة من البلاد لتحمل علامتها التجارية، ثم زودتهم ببضاعتها التي لم تستطع تصريفها و.. (يا بخت من عمل خير ورماه في البحر)!.
استيقظ هؤلاء الشباب من أحلامهم التجارية بعد أشهر ليجدوا أنفسهم قد وقعوا ضحية أكبر (تدبيسة) في العالم، فقد أصبحوا محاصرين بين ثلاثة استحقاقات، الأول هو القرض الذي استهلك في الديكور (تمت مضاعفة قيمته للتوافق مع قيمة شيك التسليف)، والثاني هو الإيجارات المتلاحقة، والثالث هو قيمة البضاعة الصينية التي تم تسعيرها بشكل مبالغ فيه، حاولوا أن يتخلصوا من هذه الورطة الكبيرة ولكنهم اكتشفوا أنهم (خلاص.. أصبحوا وراء الأكمة)، حسدوا البائع الآسيوي الذي يبيع البضاعة ذاتها على الرصيف دون قرض للديكور ودون إيجار وبأسعار جعلت الناس يتحلقون حوله وهو يردد باسما: (حمد لله.. ما في سعودي.. ما في أكمة)!. واليوم ينظر المجتمع بكافة مؤسساته بعين التقدير والإجلال لهذه الشركة الرائدة التي انتشلت هؤلاء الشباب من قاع البطالة وألقت بهم وراء الأكمة، بينما ينظر المجتمع إلى هؤلاء الشباب بأنهم خائبون وفاشلون ولا يستحقون الفرصة التاريخية التي منحت لهم. وإذا لم تتم تسوية مشكلة هؤلاء الشباب، فإنهم سيكونون (أكشخ) فقراء في العالم حيث سيرتدي كل واحد منهم غترة جديدة وثوبا جديدا كل يوم حتى يجيء موعد ذهابهم إلى السجن، فيدخل الواحد منهم الزنزانة بكل أناقة وهو يقول لرفاق السجن من عتاة المجرمين:
(شباب.. عندي كبك فضي بنص السعر)!.
المصدر
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
كل شركة كبرى عندنا تؤسس أكمتها الخاصة، وتحرص على تكبيرها كي تكون قادرة على إخفاء بلاويها، بل إنها تجلب خبراء مختصين للعناية بأكمتها لأن (البزنس) الذي يمكن ترتيبه وراء الأكمة يجلب أرباحا لا يمكن أن تاتي من خلال نشاط الشركة الأساسي.
إحدى الشركات الكبرى في مجال بيع الملابس الرجالية قررت أن تؤسس أكمتها الخاصة، اجتمع مجلس إدارتها وقال أحدهم: (كل الناس عندهم أكمات وحنا ما عندنا أكمة.. ما يصير)، فتفتقت أذهانهم عن برنامج لدعم الشباب السعودي العاطلين عن العمل باعتبارهم أقصر جدار يمكن القفز عليه.
أعلنت الشركة عن برنامجها الوطني الرائد (أكمتها)، ووقعت اتفاقية مع بنك التسليف، واستقطبت الشباب من كافة أنحاء البلاد وأعطتهم الشمس بيد والقمر باليد الأخرى وخبأت بقية النجوم والكواكب في جيوبهم الخاوية، وأقنعت كل واحد منهم بأنه سيكون له محله الخاص الذي يبيع من خلاله (الغتر، العقل، الطواقي، الثياب الجاهزة، الكبكات... إلخ)، بعد ذلك ساقتهم إلى بنك التسليف كي يقترضوا قيمة ديكور المحلات التي انتشرت في مناطق مختلفة من البلاد لتحمل علامتها التجارية، ثم زودتهم ببضاعتها التي لم تستطع تصريفها و.. (يا بخت من عمل خير ورماه في البحر)!.
استيقظ هؤلاء الشباب من أحلامهم التجارية بعد أشهر ليجدوا أنفسهم قد وقعوا ضحية أكبر (تدبيسة) في العالم، فقد أصبحوا محاصرين بين ثلاثة استحقاقات، الأول هو القرض الذي استهلك في الديكور (تمت مضاعفة قيمته للتوافق مع قيمة شيك التسليف)، والثاني هو الإيجارات المتلاحقة، والثالث هو قيمة البضاعة الصينية التي تم تسعيرها بشكل مبالغ فيه، حاولوا أن يتخلصوا من هذه الورطة الكبيرة ولكنهم اكتشفوا أنهم (خلاص.. أصبحوا وراء الأكمة)، حسدوا البائع الآسيوي الذي يبيع البضاعة ذاتها على الرصيف دون قرض للديكور ودون إيجار وبأسعار جعلت الناس يتحلقون حوله وهو يردد باسما: (حمد لله.. ما في سعودي.. ما في أكمة)!. واليوم ينظر المجتمع بكافة مؤسساته بعين التقدير والإجلال لهذه الشركة الرائدة التي انتشلت هؤلاء الشباب من قاع البطالة وألقت بهم وراء الأكمة، بينما ينظر المجتمع إلى هؤلاء الشباب بأنهم خائبون وفاشلون ولا يستحقون الفرصة التاريخية التي منحت لهم. وإذا لم تتم تسوية مشكلة هؤلاء الشباب، فإنهم سيكونون (أكشخ) فقراء في العالم حيث سيرتدي كل واحد منهم غترة جديدة وثوبا جديدا كل يوم حتى يجيء موعد ذهابهم إلى السجن، فيدخل الواحد منهم الزنزانة بكل أناقة وهو يقول لرفاق السجن من عتاة المجرمين:
(شباب.. عندي كبك فضي بنص السعر)!.
المصدر
- الإثنين 22/03/1431 هـ
- 08 مارس 2010 م
- العدد : 3186
_______
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..