الثلاثاء 3 رجب 1431 هـ - 15 يونيو 2010م - العدد 15331
« الرياض » تفتح ملف القضية عبر أدلة تنشر لأول مرة ..
الرياض - فيصل العبدالكريم : كشفت وثائق حصلت عليها « الرياض» عن التلاعب في القطاع الصحي الخاص، والأدوار الخفية التي تقوم بها « بعض « شركات الأدوية لترويج بضائعها عبر تقديم المنافع المادية والعينية للأطباء والصيادلة، دون إي إحساس بالمسؤولية الدينية والاجتماعية والطبية وعلى مدى سنوات طويلة، فضحت من خلالها تلك الوثائق تغير الأساليب والعروض مع استمرار المخالفات الصريحة للنظام الصحي.
وبالرغم من أن تلك الممارسات لا يمكن أن تعمم أو تشكك في نزاهة جميع الأطباء والصيادلة الذين ما زالوا يدينون لشرف المهنة، إلا أن تنافس بعض شركات الأدوية والذي يتبع أحيانا طرقا غير شريفة خصوصا وهم يروجون لأدوية متماثلة طبيا ولكن يسوقونها تجاريا بأساليب ملتوية.
د. علي الزواوي
وإن كانت تلك الممارسات المخالفة للأنظمة تعتبر معروفة ومكشوفة، إلا
أنها وللمرة الأولى تظهر عبر وثائق ومستندات تكشف نوعاً من الفساد في هذا
القطاع والطرق اللا أخلاقية التي يتبعها مسؤولو تلك الشركات لترويج بضائعهم
بالتواطؤ مع ممن يفترض بهم مراعاة الله في مرضاهم واحترام شرف واخلاقيات
المهنة، وليس التلاعب بأرواح البشر بحثا عن أرباح خاصة ومصالح شخصية، خاصة
وأن القوائم شملت كافة التخصصات كطب الأطفال والنساء والولادة والعظام..
د. صالح باوزير
وإذ ننشر هنا هذه الوثائق، فإن ما سننشره هو جزء يسير من عشرات
المستندات التي تمتلكها الرياض وذلك وفق ماتقتضيه أمور النشر. ولئن كان ما
حصلت عليه « الرياض» من وثائق هي القضية الأولى التي تطرح في العلن بالأدلة
والقرائن، فهو يؤكد ان ما سنكشف عنه يعتبر قليلاً من كثير يحصل في قطاع
تتجاوز أحجام مبيعاته مليارات الريالات، إضافة للمبالغة في أسعار الأدوية
ورفعها لمستويات تتجاوز نظيراتها في بعض الدول الخليجية المجاورة، كما أنه
لايعني التشكيك بنزاهة الأطباء بشكل عام ولكن هناك فئة تعمل في هذا المجال
الهام تعبث من « تحت « الطاولة مطمئنة بغياب العقاب وركونا «لسرية» هذه
العروض فيما بين الحلقات من المستفيدة من ممارسين صحيين وشركات في القطاع
الخاص.
وزارة الصحة تهدد بلجنة المخالفات.. وهيئة الدواء تحذر من «التسويق غير الأخلاقي»
وبالرغم من منع النظام الصحي بشكل جلي وقاطع تقديم أي عروض مادية أو عينية للمزاولين الصحيين ، إلا أن الوثائق تثبت تقديم هذه العروض وفق حجم المبيعات إما بإعطاء الأدوية وفق الوصفة الطبية أو بإقناع المرضى بشراء الدواء.
مال وهدايا وخصومات
ووفقا لأحد العروض التي قدمتها إحدى الشركات لعملائها من الأطباء والصيادلة لأحد الأدوية «الشهيرة» مع التأكيد على مندوبي المبيعات عبر مخاطبات داخلية وسرية تطبيق العرض بشكل جيد للوصول لأعلى المبيعات، وقسّم العرض في هذا المستند لعدة بنود منها ما هو موجه للصيادلة بالعروض التي سيحصلون عليها عند تحقيق نسب المبيعات، وتستمر العروض بالارتفاع مع ازدياد نسبة المبيعات سواء بالخصم المادي أو بضائع إضافية مجانية أو هدايا عينية مذكورة بالتحديد، وذلك بالاضافة لتحديد أسماء الأدوية « التجارية» والتابعة للشركة والتي تدخل ضمن العرض.
طلب تعميد صرف داخلي بإحدى الشركات موضحا بالتفصيل ( قيمة حوافز أطباء)
كما اشترط هذا المستند والذي يحمل توقيع أحد كبار التنفيذيين في الشركة
على عدم استبدال الدواء أو ارتجاعه في حال إنتهاء صلاحية الدواء، وهو ما
يشجع في ذات الوقت بعض الباعة والصيادلة معدمي الضمير على التخلص من
الكميات وبيعها للمستهلكين والمرضى منتهية الصلاحية.
وفي مخالفة صريحة للنظام أوضحت الشركة بما نصه ( لا بد أن يضع الصيدلي جميع أصناف الشركة في مكان واحد واضح وفي مستوى العين )، حيث يمنع النظام تمييز الدواء بهذه الطريقة، وهو ما يشكل مخالفة صريحة لعدة مواد من النظام.
أرباح تصل إلى 300% .. وتحايل واضح على الأنظمة
وفي العرض الموجه للأطباء ، حملت العروض «المغرية» جدولا واضحا بقدر ما يحصل عليه الطبيب عند بيع عدد معين من كل دواء مع ذكر أصناف الأدوية ، وفي مفارقة عجيبة طالبت المندوبين بتحديد المخزون في الصيدلية التابعة للمستوصف أو المستشفى قبل إبلاغ الطبيب بالعرض الذهبي.
أرباح 300% .. واستغلال بشع للأنظمة
في وثيقة أخرى أسعار كلفة بعض الأدوية وسعر بيعها على المستهلكين بما تشمله من خصومات وحوافز، وتصل أرباح الشركات من بعض الأدوية إلى أكثر من 100% بعد احتساب كافة المصاريف، وفي أدوية أخرى تبلغ الربحية 320%، وهو ما يتعارض كذلك مع النظام الخاص بتسعير الأدوية حسب الجدول المرفق.
وأوضح أحد الخبراء ل «الرياض» أن النظام ترك المجال في بعض الأدوية مفتوحا لشركات الأدوية في مجال التسعير وذلك بغية خلق تنافس بين الشركات وتخفيض الأسعار لاستفادة المستهلكين ، إلا أن ما يحدث هو العكس مع نظام الحوافز والهدايا المقدم الذي يمنح الشركات السلطة الأقوى في فرض أسعارها حسب عروضها المقدمة «سرا» إلى العاملين في المجال الصحي.
أساليب ملتوية لإغواء الأطباء والصيادلة بالمال والهدايا العينية
حوافز الأطباء.. واعتمادات صرف
ومن مستند آخر يطالب فيها أحد المشرفين باعتماد صرف حوافز الأطباء بالاضافة لحجم المبيعات، وعدد المبيعات من كل دواء ونسبة الأطباء والصيادلة منها، وومما يتضح تسميتها بحوافز الأطباء علانية وتحمل الاعتماد الواضح والصريح لصرفها ولعدة أشهر.
وإلى ذلك تظهر مستندات «الرياض» أوراقا رسمية لاعتمادات صرف بفواتير رسمية تذكر مانصه ( قيمة حوافز أطباء عن شهر ..... 2009)، حيث لا تترك مجالا للأخذ والرد في هذا الموضوع أو التعامل بحسن نية مع تلك الشركات التي تتعامل بكل صراحة وتسمية تلك الأشياء بأسمائها بالرغم من محاولة بعض الشركات التموية وتسمية تلك العروض بمسيمات أخرى تلافيا لإحراج الأطباء والصيادلة، أو اعتبارها كأدلة ضد الشركات.
نموذج تعميد صرف آخر من شركة لصرف مبالغ حوافز لإحدى الصيدليات
وفي واحدة من أخطر المستندات، كشوفات تفصيلية يقدمها المندوبون بأسماء
الأطباء ومواقع عملهم والمبالغ المستحقة لهم ومبيعاتهم من الأدوية وفي
أماكن مختلفة حسب تبعيتها للمندوب وطلبه بصرف تلك المبالغ لمستحقيها.
وإضافة لذلك تقوم الشركة بإصدار جداول الصرف بجداول منظمة وأكواد تحمل أسماء الأدوية وكمية المبيعات والمبالغ، ليسلمها المندوب بدوره لصرفها للأطباء والصيادلة.
أرباح خيالية
ومن ضمن الوثائق المتعددة التي حصلنا عليها ونحاول إبراز البعض منها، وملائمتها مع ظروف النشر فقد حصلت « الرياض» على وثيقة من ميزانية إحدى الشركات تتضمن اسم الصنف ومواقع التخزين وفترة الصلاحية وكلفة الدواء وسعر بيعه للجمهور، وكلفة كل شحنة من الدواء على مدى عام كامل، وتتضمن أرباحًا خيالية.
جدول صريح لمبالغ الأطباء
ايصالات استلام .. وعمليات سلسة
( تم استلام مبلغ ..... وتم تسليمه للدكتور ........... أخصائي .... بمستشفى / مستوصف ....) عشرات الايصالات من هذا النوع حصلت عليها « الرياض « في حملتها ضد هذا الظاهرة المستشرية في أواسط المجال الصحي تحمل توقيع المندوبين ، ومما يظهر فهي تحمل كافة التفاصيل عن الأطباء والطبيبات وسلاسة العملية في تسليم حقوق الأطباء في كافة التخصصات والمواقع ، وإن كان البعض منها يحمل مبالغ زهيدة جدا إلا أن الجشع والبحث عن أي مبلغ مهما كان ضئيلا على حساب شرف المهنة لم يترك في ضمير أي من هؤلاء الأطباء أي رادع.
وزارة الصحة : لجنة المخالفات تبحث عن المخالفين !
وأكدت وزارة الصحة من جهتها أن النظام واضح وصريح في هذا الشأن، وحمل العديد من العقوبات للمخالفين حتى في ما يتعلق بكتابة الوصفة الطبية من الطبيب وضرورة كتابة اسم المستحضر الطبي بعيدا عن الاسماء التجارية ، ووفقا للمتحدث الرسمي للوزارة أن الاطباء والصيادلة مطلعون على الأنظمة ويعرفون واجباتهم بشكل جيد فالمريض له حقوق يجب اتباعها من قبل الاطباء وكذا الصيادلة بعرض البدائل المتاحة كواجبات يحملها عمله.
كما أبان الصيدلي علي الزواوي مدير إدارة الرخص الطبية بوزارة الصحة أن ترخيص شركات الأدوية يقع على عاتق هيئة الغذاء والدواء ، مع مطالب الوزارة الدائمة من الشركات التقيد بالأنظمة وعدم الوقوع في مخالفات تدرجها تحت طائلة العقوبة ، موضحا أن هذه العمليات تظل مقننة بسبب سريتها وصعوبة كشفها.
صورة من برامج العروض التي تطلقها الشركات للصيادلة
وشدد الزواوي على أن المواطن بدوره من المفترض انه يعرف حقوقه خاصة وأن
الوزارة فرضت على الصيدليات وضع لافتات تشير لضرورة سؤال الصيدلي عن
البدائل ، على الرغم من أن هذه المهمة تقع في المقام الأول على الصيدلي
الذي يقع في المخالفة للنظام متى ما تهاون في عرض البدائل مباشرة على
المريض ودون السؤال عنها ، مبينا أن هناك لجنة مخالفات في الوزارة تتابع
هذه المواضيع عن كثب.
هيئة الغذاء والدواء : سعينا لتأطير الممارسة التسويقية .. ومنع التسويق غير الأخلاقي
وقالت هيئة الغذاء والدواء إنها قامت ومن منطلق دورها ورسالتها في التنظيم والرقابة على سوق الدواء في المملكة، بالعمل على ضمان جودة ومأمونية وفعالية الأدوية المتداولة، من خلال العديد من الآليات و الاستراتيجيات و منها تشجيع الممارسة الأخلاقية للتسويق الدوائي. بالإضافة إلى تطبيق مواد نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلية ولوائحه التنفيذية، التي تنظم آلية عمل الدعاية الطبية، ودور المكتب العلمي لشركات الأدوية. بالإضافة إلى وضع ضوابط للأدوية التي كعينات مجانية .
جدول يوضح مبالغ الصرف مع طلب بتعميد صرف هدايا الاطباء
وأكد الاستاذ الدكتور صالح بن عبدالله باوزير نائب الرئيس لشؤون الدواء
أن الهيئة في سبيل إيقاف ما أسماه بالتسويق غير الأخلاقي للأدوية قامت
بتشكيل لجنة لمراقبة الإعلان عن الأدوية ووضع الضوابط الخاصة بالإعلان، تضم
في عضويتها عددًا من المختصين وذوي الخبرة في المجال. وقامت هذه اللجنة
بوضع الضوابط الخاصة بالإعلان للأدوية غير الوصفية في وسائل الإعلام،
وللأدوية الوصفية في المجلات العلمية.
واستعرض الدكتور باوزير جهود هيئة الغذاء والدواء للقضاء على هذا التلاعب بين الشركات بقوله :»قامت الهيئة بالمساهمة مع اللجنة الوطنية للصناعات الدوائية بمجلس الغرف السعودية لصياغة المدونة السعودية للتسويق الدوائي، التي تعمل على تأطير الممارسة التسويقية للأدوية في المملكة، من خلال منع الهدايا والمنح المالية للممارسين الصحيين ذوي العلاقة بوصف أو صرف الأدوية. وصياغة قواعد تنظم دعم شركات الأدوية للبرامج والفعاليات العلمية في الجهات العلمية والصحية داخل المملكة، كما قامت الهيئة بالعمل على تنظيم منح الكميات المجانية من الأدوية من قبل الموردين، والتنسيق مع الجهات المعنية نحو تجريم الممارسات غير الأخلاقية في تسويق الأدوية، حيث إن هذه الممارسة تؤثر بشكل سلبي كبير على البرامج التسويقية للأدوية، وعلى معدل صرف تلك الأدوية من قبل الصيادلة في الصيدليات الأهلية».
صورة ضوئية لقوائم مالية لاحدى الشركات ويتضح الفرق الكبير بين الكلفة الاجمالية وسعر البيع
عشرات المستندات التي حصلت عليها الرياض وتبين تفاصيل الهدايا المقدمة
ايصالات تسليم يدوية توضح التفاصيل ومنها تقديم مبلغ مالي لطبيب وشراء كاميرا لطبيبة
سند يدوي آخر يوضح جزءا من العشوائية حتى في تقديم « الهدايا «
كشوفات بأسماء أطباء وأماكن عملهم لتسليمهم مستحقاتهم ( تحتفظ الرياض بنسخها الأصلية)
المصدر
---------------------------------------------
الأربعاء 4 رجب 1431 هـ - 16 يونيو 2010م - العدد 15332
أكد خبير قانوني أن ما تقدم عليه بعض الشركات المتخصصة في مجال التوريدات الطبية والأدوية، من تقديم منح ومبالغ مالية لبعض الأطباء أو الصيادلة لقاء قيامهم بتصريف كميات وأعداد معينة من الأدوية، بحيث يحصل ذلك الطبيب أو الصيدلي على نسبة معينة أو مبالغ نقدية تشجيعية لقاء هذا التصريف، ينطوي على مخالفات صريحة للأنظمة بأشكال متعددة.
وقال المستشار الشرعي والقانوني مفلح بن عبدالله المطلق (المحكم الإداري والتجاري من وزارة العدل) في تعليقه على القضية التي نشرتها "الرياض" بالأمس بالمستندات «جلّها بتواريخ حديثة تعود لأشهر قليلة ماضية» وكان متابعا لفصولها منذ بداية الاعداد لهذا التحقيق: "أن هذا المسلك إضافة إلى كونه مخالف لما جاءت به الشريعة الإسلامي، فإنه ولا شك يؤدي إلى حدوث انحراف من الممارس الصحي حال أدائه لعمله، بحيث يكون همه وشغله الشاغل ربح تلك المكافأة والسعي لتصريف الأدوية المسماة له من قِبَلْ ولِصالح تلك الشركات، وهذا يكون على حساب واجباته الحقيقية، التي نص عليها نظام مزاولة المهن الصحية، والتي ليس من ضمنها قطعاً القيام بتصريف أنواع بعينها من الأدوية؛ وبالتالي فهذا الفعل يجعله يضحي بمصلحة المريض، وصحته وماله، من خلال فرض دواء معين بغض النظر عن حاجة ذلك المريض له، حتى ولو كان هناك نوع آخر أجدى وأنسب للمريض، وكل ذلك بهدف تحقيق منافع خاصة غير مشروعة، له ولتلك الشركات.
وباستقراء نصوص نظام مزاولة المهن الصحية، نجد أن المادة الخامسة قد نصت على مايلي : " يمارس الممارس الصحي مهنته لمصلحة الفرد والمجتمع في نطاق احترام حق الإنسان في الحياة وسلامته وكرامته، مراعياً في عمله العادات والتقاليد السائدة في المملكة مبتعدا عن الاستغلال".
كما نصت الفقرة ( أ ) من المادة التاسعة من نفس النظام على : "أ- يجب ان يستهدف العمل الطبي دائما مصلحة المريض، وعلى الممارس الصحي ان يبذل جهده لكل مريض " .
وقد حَظَرَ النظام في المادة الثانية عشرة منه على أنه : " لا يجوز للممارس الصحي مزاولة أكثر من مهنة صحية واحدة، أو أي مهنة أخرى تتعارض مزاولتها مع المهن الصحية . ويحظر عليه طلب عمولة أو مكافأة أو قبولها أو أخذها، كما يحظر عليه الحصول على أي منفعة لقاء الترويج، أو الالتزام بوصف أدوية، أو أجهزة، أو توجيه المرضى إلى صيدلية معينة، أو مستشفى أو مختبر محدد، أو ما في حكم ذلك " .
وأكد المطلق :" أن النظام قد جرَّمَ وحَظرَ على الممارس الصحي الحصول على أي منفعة على سبيل الطلب أو القبول أو الأخذ لقاء ترويج أو تصريف أدويةٍ أو منتجات صحية دون غيرها".
وأضاف :"في هذا الخصوص فقد استوقفنا كثيراً قيام بعض الشركات المتخصصة في توريد الأدوية والتجهيزات الصحية تقديم هدايا خاصة ومنح مالية وخلافه لبعض الأطباء أو الصيادلة، حيث بدأ الأمر بتقديم هدايا رمزية بسيطة، ثم تطور الحال إلى عروض رسمية لمندوبيها يفيد تعهد الشركة بدفع مقابل مالي في صورة مشغولات ذهبية وغير ذلك للأطباء والصيادلة، بحيث يقوم ذلك الطبيب بالالتزام بوصف وصرف أدوية محددة ومسماة له سلفاً من قبل تلك الشركات، في حين يقوم الصيدلي بإقناع المشتري بشراء منتجات تلك الشركة من خلال إبرازها بطريقة معينة يتم الاتفاق عليها مع تلك الشركة. ثم تطور الأمر مع تلك الشركات إلى تقديم عروض رسمية على مطبوعات تلك الشركات موجه لمندوبيها تتضمن حصول الطبيب أو الصيدلي - الذي يتعاون معهم- على نسبة محددة من قيمة المنتج تصل في بعض الأحيان إلى 25%. وقد بات هذا الوضع أمراً مستمراً ومتعارف عليه في تعامل تلك الشركات المخالفة مع هؤلاء الأطباء والصيادلة بحيث يتم صرف مستحقاتهم بصفة دورية من خلال مشرف كل منطقة والذي بدوره يقوم بإرسال بيانات باستحقاقاتهم إلى مرؤوسيه في الشركة بغية الحصول على تلك المبالغ لتسليمها لهم بواسطة مندوبي تلك الشركات، ثم يقوم ذلك المندوب بأخذ توقيع الطبيب أو الصيدلي بما يفيد تسلمهم لتلك المبالغ".
وخلُصَ المستشار المطلق إلى أن قيام البعض من الأطباء أو الصيادلة بتلقي وقبول وأخذ المكافأة والعمولة المالية من تلك الشركات المخالفة وكذلك قيامهم بترويج نوع معين من الدواء لقاء المنفعة، يجعلهم يقعون تحت طائلة العقاب وفقاً لنص المادة الثانية عشرة من نظام مزاولة المهن الصحية ويعرضهم للعقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة والعشرين من ذات النظام وهي الغرامة التي لا تزيد على خمسين ألف ريال، حيث نصت المادة التاسعة والعشرين على : " يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسين ألف ريال، كل من خالف أحكام المواد :... و(الثانية عشرة)؛ من هذا النظام ".
وحول الاتجاه لهذا المسلك والاساليب المتعددة لترويج العروض " السرية" المتمثل في القيام بهذا السلوك المخالف للنظام, أبان المطلق :" أنهم أخلوا بواجبهم الأول الملقى على عاتقهم وهو مصلحة المريض التي يجب على الممارس الصحي أن يبذل جهده لأجلها وليس لأجل الحصول على هدية، أو منفعة، أو عمولة، وهذا بلا ريب يجعلهم يخلون بهدفهم الأول والأسمى ويقترفون المخالفة الواردة بنص المادة التاسعة من نظام مزاولة المهن الصحية، ويعرضهم بالتالي للمساءلة الجزائية المنصوص عليها والمعاقب عنها في الفقرة السابعة من المادة الثامنة والعشرين من هذا النظام وهي السجن مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين". مضيفا:"أن هذه الشركات بلجوئها لهذه التصرفات، إنما تكون قد لجأت إلى وسيلة من وسائل الإعلان التي حَظَرَ النظام اللجوء إليها، حيث إن المادة (36- 3- ل) من اللائحة التنفيذية لنظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية - وهي في معرض بيانها للضوابط المتعلقة بالإعلان عن المستحضرات الصيدلانية - قد حصرت الوسائل الإعلانية المسموح الإعلان فيها بالنسبة للممارسين المهنيين وفق مايلي : يُحضر الإعلان عن المستحضرات الصيدلانية والعشبية التي يتطلب الحصول عليها وصفة طبية إلا في المجلات والمؤتمرات والندوات والنشرات العلمية المخصصة للممارسين المهنيين, وفي الجملة فإن قيام تلك الشركات بمثل هذه التصرفات يؤدي إلى التأثير سلباً على المواطن والمقيم، وعلى القوة الشرائية لهما خاصة، وعلى الاقتصاد الوطني عامةً، وهذا يعتبر بحد ذاته مخالفةً للنظام الأساسي للحكم، ويساهم في زعزعة سياسة الدولة المالية، والتأثير في السوق المحلية بشكل يعكس أرتفاع أسعار السلع".
وختم المطلق تعليقه, موضحاً :" أن استمرار بعض الشركات في عملية تصريف منتجاتها الصحية على النحو المشار إليه آنفا، ورفعها للأسعار لصالحها، ولصالح بعض الأطباء، أو الصيدليات المنتفعين ممن تقدم لهم العروض، والحوافز على حساب المستهلك وما سيجلبه من آثار سيئة مستقبلا على الوطن والمواطن. يحتم معالجة للوضع من الجهات المختصة المعنية، بالإجراء الرادع والمناسب لوضع حد لمثل هذه المخالفات، خشية تفاقم الأوضاع وحصول ما لا تحمد عقباه ".
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
« الرياض » تفتح ملف القضية عبر أدلة تنشر لأول مرة ..
الرياض - فيصل العبدالكريم : كشفت وثائق حصلت عليها « الرياض» عن التلاعب في القطاع الصحي الخاص، والأدوار الخفية التي تقوم بها « بعض « شركات الأدوية لترويج بضائعها عبر تقديم المنافع المادية والعينية للأطباء والصيادلة، دون إي إحساس بالمسؤولية الدينية والاجتماعية والطبية وعلى مدى سنوات طويلة، فضحت من خلالها تلك الوثائق تغير الأساليب والعروض مع استمرار المخالفات الصريحة للنظام الصحي.
وبالرغم من أن تلك الممارسات لا يمكن أن تعمم أو تشكك في نزاهة جميع الأطباء والصيادلة الذين ما زالوا يدينون لشرف المهنة، إلا أن تنافس بعض شركات الأدوية والذي يتبع أحيانا طرقا غير شريفة خصوصا وهم يروجون لأدوية متماثلة طبيا ولكن يسوقونها تجاريا بأساليب ملتوية.
د. علي الزواوي
د. صالح باوزير
وزارة الصحة تهدد بلجنة المخالفات.. وهيئة الدواء تحذر من «التسويق غير الأخلاقي»
وبالرغم من منع النظام الصحي بشكل جلي وقاطع تقديم أي عروض مادية أو عينية للمزاولين الصحيين ، إلا أن الوثائق تثبت تقديم هذه العروض وفق حجم المبيعات إما بإعطاء الأدوية وفق الوصفة الطبية أو بإقناع المرضى بشراء الدواء.
مال وهدايا وخصومات
ووفقا لأحد العروض التي قدمتها إحدى الشركات لعملائها من الأطباء والصيادلة لأحد الأدوية «الشهيرة» مع التأكيد على مندوبي المبيعات عبر مخاطبات داخلية وسرية تطبيق العرض بشكل جيد للوصول لأعلى المبيعات، وقسّم العرض في هذا المستند لعدة بنود منها ما هو موجه للصيادلة بالعروض التي سيحصلون عليها عند تحقيق نسب المبيعات، وتستمر العروض بالارتفاع مع ازدياد نسبة المبيعات سواء بالخصم المادي أو بضائع إضافية مجانية أو هدايا عينية مذكورة بالتحديد، وذلك بالاضافة لتحديد أسماء الأدوية « التجارية» والتابعة للشركة والتي تدخل ضمن العرض.
طلب تعميد صرف داخلي بإحدى الشركات موضحا بالتفصيل ( قيمة حوافز أطباء)
وفي مخالفة صريحة للنظام أوضحت الشركة بما نصه ( لا بد أن يضع الصيدلي جميع أصناف الشركة في مكان واحد واضح وفي مستوى العين )، حيث يمنع النظام تمييز الدواء بهذه الطريقة، وهو ما يشكل مخالفة صريحة لعدة مواد من النظام.
أرباح تصل إلى 300% .. وتحايل واضح على الأنظمة
وفي العرض الموجه للأطباء ، حملت العروض «المغرية» جدولا واضحا بقدر ما يحصل عليه الطبيب عند بيع عدد معين من كل دواء مع ذكر أصناف الأدوية ، وفي مفارقة عجيبة طالبت المندوبين بتحديد المخزون في الصيدلية التابعة للمستوصف أو المستشفى قبل إبلاغ الطبيب بالعرض الذهبي.
أرباح 300% .. واستغلال بشع للأنظمة
في وثيقة أخرى أسعار كلفة بعض الأدوية وسعر بيعها على المستهلكين بما تشمله من خصومات وحوافز، وتصل أرباح الشركات من بعض الأدوية إلى أكثر من 100% بعد احتساب كافة المصاريف، وفي أدوية أخرى تبلغ الربحية 320%، وهو ما يتعارض كذلك مع النظام الخاص بتسعير الأدوية حسب الجدول المرفق.
وأوضح أحد الخبراء ل «الرياض» أن النظام ترك المجال في بعض الأدوية مفتوحا لشركات الأدوية في مجال التسعير وذلك بغية خلق تنافس بين الشركات وتخفيض الأسعار لاستفادة المستهلكين ، إلا أن ما يحدث هو العكس مع نظام الحوافز والهدايا المقدم الذي يمنح الشركات السلطة الأقوى في فرض أسعارها حسب عروضها المقدمة «سرا» إلى العاملين في المجال الصحي.
أساليب ملتوية لإغواء الأطباء والصيادلة بالمال والهدايا العينية
حوافز الأطباء.. واعتمادات صرف
ومن مستند آخر يطالب فيها أحد المشرفين باعتماد صرف حوافز الأطباء بالاضافة لحجم المبيعات، وعدد المبيعات من كل دواء ونسبة الأطباء والصيادلة منها، وومما يتضح تسميتها بحوافز الأطباء علانية وتحمل الاعتماد الواضح والصريح لصرفها ولعدة أشهر.
وإلى ذلك تظهر مستندات «الرياض» أوراقا رسمية لاعتمادات صرف بفواتير رسمية تذكر مانصه ( قيمة حوافز أطباء عن شهر ..... 2009)، حيث لا تترك مجالا للأخذ والرد في هذا الموضوع أو التعامل بحسن نية مع تلك الشركات التي تتعامل بكل صراحة وتسمية تلك الأشياء بأسمائها بالرغم من محاولة بعض الشركات التموية وتسمية تلك العروض بمسيمات أخرى تلافيا لإحراج الأطباء والصيادلة، أو اعتبارها كأدلة ضد الشركات.
نموذج تعميد صرف آخر من شركة لصرف مبالغ حوافز لإحدى الصيدليات
وإضافة لذلك تقوم الشركة بإصدار جداول الصرف بجداول منظمة وأكواد تحمل أسماء الأدوية وكمية المبيعات والمبالغ، ليسلمها المندوب بدوره لصرفها للأطباء والصيادلة.
أرباح خيالية
ومن ضمن الوثائق المتعددة التي حصلنا عليها ونحاول إبراز البعض منها، وملائمتها مع ظروف النشر فقد حصلت « الرياض» على وثيقة من ميزانية إحدى الشركات تتضمن اسم الصنف ومواقع التخزين وفترة الصلاحية وكلفة الدواء وسعر بيعه للجمهور، وكلفة كل شحنة من الدواء على مدى عام كامل، وتتضمن أرباحًا خيالية.
جدول صريح لمبالغ الأطباء
( تم استلام مبلغ ..... وتم تسليمه للدكتور ........... أخصائي .... بمستشفى / مستوصف ....) عشرات الايصالات من هذا النوع حصلت عليها « الرياض « في حملتها ضد هذا الظاهرة المستشرية في أواسط المجال الصحي تحمل توقيع المندوبين ، ومما يظهر فهي تحمل كافة التفاصيل عن الأطباء والطبيبات وسلاسة العملية في تسليم حقوق الأطباء في كافة التخصصات والمواقع ، وإن كان البعض منها يحمل مبالغ زهيدة جدا إلا أن الجشع والبحث عن أي مبلغ مهما كان ضئيلا على حساب شرف المهنة لم يترك في ضمير أي من هؤلاء الأطباء أي رادع.
وزارة الصحة : لجنة المخالفات تبحث عن المخالفين !
وأكدت وزارة الصحة من جهتها أن النظام واضح وصريح في هذا الشأن، وحمل العديد من العقوبات للمخالفين حتى في ما يتعلق بكتابة الوصفة الطبية من الطبيب وضرورة كتابة اسم المستحضر الطبي بعيدا عن الاسماء التجارية ، ووفقا للمتحدث الرسمي للوزارة أن الاطباء والصيادلة مطلعون على الأنظمة ويعرفون واجباتهم بشكل جيد فالمريض له حقوق يجب اتباعها من قبل الاطباء وكذا الصيادلة بعرض البدائل المتاحة كواجبات يحملها عمله.
كما أبان الصيدلي علي الزواوي مدير إدارة الرخص الطبية بوزارة الصحة أن ترخيص شركات الأدوية يقع على عاتق هيئة الغذاء والدواء ، مع مطالب الوزارة الدائمة من الشركات التقيد بالأنظمة وعدم الوقوع في مخالفات تدرجها تحت طائلة العقوبة ، موضحا أن هذه العمليات تظل مقننة بسبب سريتها وصعوبة كشفها.
صورة من برامج العروض التي تطلقها الشركات للصيادلة
هيئة الغذاء والدواء : سعينا لتأطير الممارسة التسويقية .. ومنع التسويق غير الأخلاقي
وقالت هيئة الغذاء والدواء إنها قامت ومن منطلق دورها ورسالتها في التنظيم والرقابة على سوق الدواء في المملكة، بالعمل على ضمان جودة ومأمونية وفعالية الأدوية المتداولة، من خلال العديد من الآليات و الاستراتيجيات و منها تشجيع الممارسة الأخلاقية للتسويق الدوائي. بالإضافة إلى تطبيق مواد نظام المنشآت والمستحضرات الصيدلية ولوائحه التنفيذية، التي تنظم آلية عمل الدعاية الطبية، ودور المكتب العلمي لشركات الأدوية. بالإضافة إلى وضع ضوابط للأدوية التي كعينات مجانية .
جدول يوضح مبالغ الصرف مع طلب بتعميد صرف هدايا الاطباء
واستعرض الدكتور باوزير جهود هيئة الغذاء والدواء للقضاء على هذا التلاعب بين الشركات بقوله :»قامت الهيئة بالمساهمة مع اللجنة الوطنية للصناعات الدوائية بمجلس الغرف السعودية لصياغة المدونة السعودية للتسويق الدوائي، التي تعمل على تأطير الممارسة التسويقية للأدوية في المملكة، من خلال منع الهدايا والمنح المالية للممارسين الصحيين ذوي العلاقة بوصف أو صرف الأدوية. وصياغة قواعد تنظم دعم شركات الأدوية للبرامج والفعاليات العلمية في الجهات العلمية والصحية داخل المملكة، كما قامت الهيئة بالعمل على تنظيم منح الكميات المجانية من الأدوية من قبل الموردين، والتنسيق مع الجهات المعنية نحو تجريم الممارسات غير الأخلاقية في تسويق الأدوية، حيث إن هذه الممارسة تؤثر بشكل سلبي كبير على البرامج التسويقية للأدوية، وعلى معدل صرف تلك الأدوية من قبل الصيادلة في الصيدليات الأهلية».
صورة ضوئية لقوائم مالية لاحدى الشركات ويتضح الفرق الكبير بين الكلفة الاجمالية وسعر البيع
عشرات المستندات التي حصلت عليها الرياض وتبين تفاصيل الهدايا المقدمة
ايصالات تسليم يدوية توضح التفاصيل ومنها تقديم مبلغ مالي لطبيب وشراء كاميرا لطبيبة
سند يدوي آخر يوضح جزءا من العشوائية حتى في تقديم « الهدايا «
كشوفات بأسماء أطباء وأماكن عملهم لتسليمهم مستحقاتهم ( تحتفظ الرياض بنسخها الأصلية)
المصدر
---------------------------------------------
الأربعاء 4 رجب 1431 هـ - 16 يونيو 2010م - العدد 15332
مؤكداً أن هذا النظام جرَّمَ وحَظرَ على الممارس الصحي الحصول على أي منفعة
قانوني:
إقدام شركات الأدوية على تقديم «العطايا » للممارسين الصحيين مخالف للأنظمة واللوائح ( 2-2)
قانوني:
إقدام شركات الأدوية على تقديم «العطايا » للممارسين الصحيين مخالف للأنظمة واللوائح ( 2-2)
المستشار المطلق يطلع الزميل العبدالكريم على بعض المخالفات الصريحة في القضية التي نشرت بالأمس
الرياض - فيصل العبدالكريم
أكد خبير قانوني أن ما تقدم عليه بعض الشركات المتخصصة في مجال التوريدات الطبية والأدوية، من تقديم منح ومبالغ مالية لبعض الأطباء أو الصيادلة لقاء قيامهم بتصريف كميات وأعداد معينة من الأدوية، بحيث يحصل ذلك الطبيب أو الصيدلي على نسبة معينة أو مبالغ نقدية تشجيعية لقاء هذا التصريف، ينطوي على مخالفات صريحة للأنظمة بأشكال متعددة.
وقال المستشار الشرعي والقانوني مفلح بن عبدالله المطلق (المحكم الإداري والتجاري من وزارة العدل) في تعليقه على القضية التي نشرتها "الرياض" بالأمس بالمستندات «جلّها بتواريخ حديثة تعود لأشهر قليلة ماضية» وكان متابعا لفصولها منذ بداية الاعداد لهذا التحقيق: "أن هذا المسلك إضافة إلى كونه مخالف لما جاءت به الشريعة الإسلامي، فإنه ولا شك يؤدي إلى حدوث انحراف من الممارس الصحي حال أدائه لعمله، بحيث يكون همه وشغله الشاغل ربح تلك المكافأة والسعي لتصريف الأدوية المسماة له من قِبَلْ ولِصالح تلك الشركات، وهذا يكون على حساب واجباته الحقيقية، التي نص عليها نظام مزاولة المهن الصحية، والتي ليس من ضمنها قطعاً القيام بتصريف أنواع بعينها من الأدوية؛ وبالتالي فهذا الفعل يجعله يضحي بمصلحة المريض، وصحته وماله، من خلال فرض دواء معين بغض النظر عن حاجة ذلك المريض له، حتى ولو كان هناك نوع آخر أجدى وأنسب للمريض، وكل ذلك بهدف تحقيق منافع خاصة غير مشروعة، له ولتلك الشركات.
وباستقراء نصوص نظام مزاولة المهن الصحية، نجد أن المادة الخامسة قد نصت على مايلي : " يمارس الممارس الصحي مهنته لمصلحة الفرد والمجتمع في نطاق احترام حق الإنسان في الحياة وسلامته وكرامته، مراعياً في عمله العادات والتقاليد السائدة في المملكة مبتعدا عن الاستغلال".
كما نصت الفقرة ( أ ) من المادة التاسعة من نفس النظام على : "أ- يجب ان يستهدف العمل الطبي دائما مصلحة المريض، وعلى الممارس الصحي ان يبذل جهده لكل مريض " .
وقد حَظَرَ النظام في المادة الثانية عشرة منه على أنه : " لا يجوز للممارس الصحي مزاولة أكثر من مهنة صحية واحدة، أو أي مهنة أخرى تتعارض مزاولتها مع المهن الصحية . ويحظر عليه طلب عمولة أو مكافأة أو قبولها أو أخذها، كما يحظر عليه الحصول على أي منفعة لقاء الترويج، أو الالتزام بوصف أدوية، أو أجهزة، أو توجيه المرضى إلى صيدلية معينة، أو مستشفى أو مختبر محدد، أو ما في حكم ذلك " .
وأكد المطلق :" أن النظام قد جرَّمَ وحَظرَ على الممارس الصحي الحصول على أي منفعة على سبيل الطلب أو القبول أو الأخذ لقاء ترويج أو تصريف أدويةٍ أو منتجات صحية دون غيرها".
وأضاف :"في هذا الخصوص فقد استوقفنا كثيراً قيام بعض الشركات المتخصصة في توريد الأدوية والتجهيزات الصحية تقديم هدايا خاصة ومنح مالية وخلافه لبعض الأطباء أو الصيادلة، حيث بدأ الأمر بتقديم هدايا رمزية بسيطة، ثم تطور الحال إلى عروض رسمية لمندوبيها يفيد تعهد الشركة بدفع مقابل مالي في صورة مشغولات ذهبية وغير ذلك للأطباء والصيادلة، بحيث يقوم ذلك الطبيب بالالتزام بوصف وصرف أدوية محددة ومسماة له سلفاً من قبل تلك الشركات، في حين يقوم الصيدلي بإقناع المشتري بشراء منتجات تلك الشركة من خلال إبرازها بطريقة معينة يتم الاتفاق عليها مع تلك الشركة. ثم تطور الأمر مع تلك الشركات إلى تقديم عروض رسمية على مطبوعات تلك الشركات موجه لمندوبيها تتضمن حصول الطبيب أو الصيدلي - الذي يتعاون معهم- على نسبة محددة من قيمة المنتج تصل في بعض الأحيان إلى 25%. وقد بات هذا الوضع أمراً مستمراً ومتعارف عليه في تعامل تلك الشركات المخالفة مع هؤلاء الأطباء والصيادلة بحيث يتم صرف مستحقاتهم بصفة دورية من خلال مشرف كل منطقة والذي بدوره يقوم بإرسال بيانات باستحقاقاتهم إلى مرؤوسيه في الشركة بغية الحصول على تلك المبالغ لتسليمها لهم بواسطة مندوبي تلك الشركات، ثم يقوم ذلك المندوب بأخذ توقيع الطبيب أو الصيدلي بما يفيد تسلمهم لتلك المبالغ".
وخلُصَ المستشار المطلق إلى أن قيام البعض من الأطباء أو الصيادلة بتلقي وقبول وأخذ المكافأة والعمولة المالية من تلك الشركات المخالفة وكذلك قيامهم بترويج نوع معين من الدواء لقاء المنفعة، يجعلهم يقعون تحت طائلة العقاب وفقاً لنص المادة الثانية عشرة من نظام مزاولة المهن الصحية ويعرضهم للعقوبة المنصوص عليها في المادة التاسعة والعشرين من ذات النظام وهي الغرامة التي لا تزيد على خمسين ألف ريال، حيث نصت المادة التاسعة والعشرين على : " يعاقب بغرامة لا تزيد على خمسين ألف ريال، كل من خالف أحكام المواد :... و(الثانية عشرة)؛ من هذا النظام ".
وحول الاتجاه لهذا المسلك والاساليب المتعددة لترويج العروض " السرية" المتمثل في القيام بهذا السلوك المخالف للنظام, أبان المطلق :" أنهم أخلوا بواجبهم الأول الملقى على عاتقهم وهو مصلحة المريض التي يجب على الممارس الصحي أن يبذل جهده لأجلها وليس لأجل الحصول على هدية، أو منفعة، أو عمولة، وهذا بلا ريب يجعلهم يخلون بهدفهم الأول والأسمى ويقترفون المخالفة الواردة بنص المادة التاسعة من نظام مزاولة المهن الصحية، ويعرضهم بالتالي للمساءلة الجزائية المنصوص عليها والمعاقب عنها في الفقرة السابعة من المادة الثامنة والعشرين من هذا النظام وهي السجن مدة لا تتجاوز ستة أشهر وبغرامة لا تزيد على مائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين". مضيفا:"أن هذه الشركات بلجوئها لهذه التصرفات، إنما تكون قد لجأت إلى وسيلة من وسائل الإعلان التي حَظَرَ النظام اللجوء إليها، حيث إن المادة (36- 3- ل) من اللائحة التنفيذية لنظام المنشآت والمستحضرات الصيدلانية - وهي في معرض بيانها للضوابط المتعلقة بالإعلان عن المستحضرات الصيدلانية - قد حصرت الوسائل الإعلانية المسموح الإعلان فيها بالنسبة للممارسين المهنيين وفق مايلي : يُحضر الإعلان عن المستحضرات الصيدلانية والعشبية التي يتطلب الحصول عليها وصفة طبية إلا في المجلات والمؤتمرات والندوات والنشرات العلمية المخصصة للممارسين المهنيين, وفي الجملة فإن قيام تلك الشركات بمثل هذه التصرفات يؤدي إلى التأثير سلباً على المواطن والمقيم، وعلى القوة الشرائية لهما خاصة، وعلى الاقتصاد الوطني عامةً، وهذا يعتبر بحد ذاته مخالفةً للنظام الأساسي للحكم، ويساهم في زعزعة سياسة الدولة المالية، والتأثير في السوق المحلية بشكل يعكس أرتفاع أسعار السلع".
وختم المطلق تعليقه, موضحاً :" أن استمرار بعض الشركات في عملية تصريف منتجاتها الصحية على النحو المشار إليه آنفا، ورفعها للأسعار لصالحها، ولصالح بعض الأطباء، أو الصيدليات المنتفعين ممن تقدم لهم العروض، والحوافز على حساب المستهلك وما سيجلبه من آثار سيئة مستقبلا على الوطن والمواطن. يحتم معالجة للوضع من الجهات المختصة المعنية، بالإجراء الرادع والمناسب لوضع حد لمثل هذه المخالفات، خشية تفاقم الأوضاع وحصول ما لا تحمد عقباه ".
المصدر
....
مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..