السعر العادل سيكون مفاجئا للجميع
عصام الزامل:
لقد
أصبح الحديث عن الإرتفاع الفلكي لأسعار الأراضي هو الشغل الشاغل للمجتمع
وحديث كل المجالس، وبدأ المواطن العادي يتساءل عن أسباب هذه الإرتفاعات،
واتجاهات الأسعار
المستقبلية، وهل سترتفع الأسعار أكثر أم أنها مجرد طفرة ستنتهي قريبا.
ولكن يبقى السؤال الأهم عن عدالة هذه الأسعار وهل هي انعكاس طبيعي لظروف
السوق وقوى العرض والطلب؟ ولنعرف الإجابة يجب علينا أن نحلل التكلفة
الحقيقية لتطوير الأراضي لنخرج بالقيمة العادلة لأسعار
الأراضي والتي ستفاجيء الكثيرين.
نحن
نعيش في دولة ذات كثافة سكانية متدنية جدا، ومساحات الأراضي شاسعة وعلى مد
البصر، بالتالي فإن عنق الزجاجة من الناحية النظرية ليس توفر الأراضي
وإنما هو توفر
الخدمات في الأراضي، لذلك فإن تكلفة الأرض يجب أن لا تتجاوز إجمالي تكلفة
تطوير الأرض وتوفير الخدمات فيها مع بعض الأرباح لمن استثمر في تطوير
الأرض. لينحصر السؤال في معرفة تكلفة تطوير الأراضي الخام. وللتوضيح فأنا
لا أتحدث عن الأراضي الموجودة في الأحياء الراقية
مثلا، فرغم أن أسعارها متضخمة أيضا إلا أن وضعها مختلف وهي ليست محور
الحديث هنا.
الخدمات
الأساسية التي يجب توفيرها في الأراضي الخام هي: السفلتة، الإنارة،
الهاتف، الكهرباء، الماء، الصرف الصحي. تكلفة تطوير المتر المربع وتوفير
جميع هذه الخدمات
لا تتجاوز 80 ريال للمتر المربع (وقد لا تتجاوز 60 ريال للمتر المربع).
وبعد تطوير الأرض وسفلتتها تتقلص المساحة الإجمالية القابلة للبيع بنسبة لا
تتجاوز 40%. أي أن تكلفة التطوير للأرض النهائية الجاهزة للبيع ستصل
لحوالي 135 ريال للمتر المربع، مدة التطوير لا تتجاوز
السنة الواحدة، واذا افترضنا أن المستثمر الذي طور الأرض يريد أن يربح 20%
من استثماره وهي نسبة مرتفعة جدا مقارنة ببقية الاستثمارات فإن السعر
النهائي سيكون: 162 ريال للمتر المربع.
اذا
كان معدل المساحة اللازمة لبناء المنزل هي 400 متر مربع، فإن السعر العادل
لهذه الأرض بعد حساب تكلفة التطوير وهامش الربح للمستثمر المطور يجب أن لا
يتجاوز
65,000 ريال. خمسة وستون ألف ريال هو السعر العادل لأرض مكتملة الخدمات
يمكن للمواطن أن يبني فيها بيت العمر لحظة تسلمه لصك الأرض.
اذا
كانت هذه هي التكلفة الحقيقية للأراضي، وهي التكلفة التي يجب أن ندفعها
عند شرائنا لأي أرض، فمن المسؤول عن رفع الأسعار لهذه المستويات الغير
مسبوقة التي جعلت
الحصول على أرض مخدومة أمرا بعيد المنال عن كثير من المواطنين؟ المسؤول عن
هذه الإرتفاعات ثلاثة أطراف تتشارك بالمسؤولية وهي:
1- تجار الأراضي الذين يحتكرون عشرات الملايين من الأمتار لأراضي بيضاء يرفضون بيعها ويفضلون اكتنازها لسنوات طويلة حتى ترتفع أكثر.
2- البلديات التي لا تبادر بتطوير أراضي المنح الحكومية، كما لا تبادر في زيادة النطاق العمراني.
3- الجهات التشريعية لعدم فرضها للزكاة أو الرسوم على الأراضي.
أخي
المواطن، إن كنت عاجزا عن شراء أرض تبني عليها بيتا لأسرتك، لتطمئن به
وتؤمن به مستقبل أبنائك، فأنت تعرف الآن من هو السبب، إن كل ريال تدفعه
أكثر من القيمة
العادلة، وهي 65 ألف ريال، هو مال أخذ منك بغير حق. إن من حق كل مواطن أن
يمنح أرضا كاملة الخدمات من دون أن يحتاج للإنتظار لعشرات السنين، وإن لم
يحصل على منحة فمن حقه أن يجد أرضا مخدومة بسعر عادل لا تدخل فيه عوامل
الإحتكار والجشع وتضاعفه أضعافا مضاعفة، ولا يمكن
الإستمرار بترك قلة قليلة تتحكم بمصائر الناس ومستقبلهم بل حتى مستقبل
الإقتصاد في الوطن وتكدس الثروة من دون إضافة أي قيمة للإقتصاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..