الثلاثاء، 4 أكتوبر 2011

الجامية متخصصة في الرد على الدعاة بينما هي في حالة سلم تام مع التيارات العلمانية والليبرالية

 المكرم أخي  عبدالعزيز قاسم
السلام عليكم
حيث طلب الأخ سامي الأحمد مناقشة موضوع الجامية في البيان التالي بسبب نقص المعلومات المتاحة حول هذه الجماعة، وخصوصاً ما يتعلق بنشأتها، فقد سبق أن

كتبت مقالين حولها.. وهي متاحة في مدونتي :
المقال الأول: حول نشأة الجماعة، وتأثرها بالفكر الدعوي، والسياسي لعبدالله الحبشي، مؤسس جماعة الأحباش.. وأكرر الفكر السياسي والدعوي .. حيث إن موقف الجامية مطابق تماماً لموقف الأحباش من الحكومات -مهما ابتعدت عن الشريعة- ومن الدعاة والجماعات الإسلامية، كالموقف من سيد قطب رحمه الله، ومن جماعة الإخوان، والحركات الإسلامية الأخرى ..

وعنوان المقال :

هل تأثر الفكر السياسي والدعوي للشيخ الجامي بفكر الحبشي مؤسس الأحباش ؟

http://albdrani.blogspot.com/2009/01/blog-post.html

ومن المفارقات أن أسلوب مواجهة الخصوم  لدى الأحباش والجامية
متقارب أيضاً.. فعندما يثار الحديث حول محمد أمان الجامي -رحمه الله- أو الحبشي فإن الرد يرتكز على إيراد تزكيات العلماء لهما، ولا ينصب على مناقشة الأطروحات التي تثار حولهما..

من الملاحظ أيضاَ أنه عندما تثار قضية معاداة الجامية للدعاة والجماعات الإسلامية يكون الرد بالحديث عن سلامة العقيدة، (للعلم فإن عبدالله الحبشي يدرس العقيدة الطحاوية أيضاً
في لبنان، وله شروح منشورة على متنها) والمقصود بالطبع العقيدة في مجال الأسماء والصفات، وينسى أنصار الجامية بأنها تعطل عقيدة الولاء والبراء؛ لأن أتباع الجامية في مصر يناصرون الحزب الوطني سابقاً ضد جماعة الإخوان، وفي فلسطين يناصرون عباس ضد حماس.. ومعمر القذافي على خصومه من الإسلاميين ..

ويقولون بأن هؤلاء ولاة أمر يجب طاعتهم .. ولبعضهم حكم المتغلب .. ولكن عندما تغلبت حماس في غزة .. لم ينطبق عليها هذا التخريج .. وذلك لأنها تنتمي لفكر الإخوان! وكأن العداء هو لفكر الإخوان تحديداً .. أو للدعاة الذين يطرحون الإسلام برؤية عصرية، ويهددون الرؤية التقليدية التي يرغب الأحباش والجامية أن تسود على ما يبدو ..  لتترك الساحة للولاة الذين لا يطبقون الشريعة كما ينبغي .. أو الذين يتبنون رؤية تقليدية حول الإسلام.. أو للتيارات الأخرى غير الإسلامية.. حيث إن الجامية متخصصة في الرد على الدعاة بينما هي في حالة سلم تام مع التيارات العلمانية والليبرالية ومع الفرق المنحرفة .. ! بل حتى القضية التي تزايد عليها الجامية .. وهي طاعة ولي الأمر .. تكون قابلة للأخذ والرد أو التعطيل وقتياً إذا كان الخصم من الدعاة .. ومما يدل على ذلك أن الملك عبدالله عندما تولى أكد على قضية البعد عن التصنيف والتحزب .. ومع ذلك فالجامية لازالت تمارس هذه السلوكيات ضد دعاة الصحوة أو المنتمين لها .. بل حتى ضد من يتلقى من هؤلاء الدعاة .. كما حدث مع بعض من حُرم من الإعادة في الجامعة لأنه يسمع أو يقرأ لأحد رموز الصحوة؟!

وأعتقد أن من سيبحث عن التطابق بين الجامية والأحباش في فكرهما السياسي وموقفهما من الولاة والدعاة .. وأسلوبهما في الدفاع عن رموزهما سيذهل من النتائج!
والحقيقة أن خطورة هذا الفكر اتضحت بشكل جلي خلال الثورات العربية .. والمهم ليس المصطلحات أو الأسماء .. بل الفكر الذي يجعل معمر القذافي أو بشار الأسد ولي أمر يسمع له ويطاع، حتى وإن سحق رأسك أو اعتدى على عرضك؟! أو أجبرك زبانيته على السجود لصورته، أو توحيده بالألوهية..!! وهو الفكر ذاته الذي برر لهيلاسي لاسي في الحبشة أن يقتل الدعاة ويحارب مدارس التحفيظ على يد عبدالله الحبشي في الحبشة! وقد يكون هذا الفكر بدأ هناك وسينتهي بانتصار الثورات العربية بإذن الله.

وشكراً..


هل تأثر الفكر السياسي والدعوي للشيخ الجامي بفكر الحبشي مؤسس الأحباش ؟

عثمان البدراني

منهج الجامية السياسي وموقفها من الحكام والدعاة والجماعات الإسلامية هو الذي يمايز بينها وبين الجماعات الإسلامية الدعوية الأخرى .. كما أن رؤية مشايخ الجامية لهذه القضايا ، ومواقفهم المبنية على هذه الرؤية .. هي التي تمايز بينهم وبين علماء المدرسة السلفية في الماضي والحاضر .. رغم قول الجامية بالانتماء للمدرسة السلفية ..
فمواقف رموز السلفية كالإمام أحمد بن حنبل .. وشيخ الإسلام ابن تيمية والشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله جميعا ..كانت على العكس من منهج الجامية في هذه القضايا .. بل إنهم لم يكتسبوا مكانتهم ودورهم التاريخي إلا من خلال مواقفهم من حكام عصرهم وقضاياه ..

فموقف الإمام أحمد خلال فتنة خلق القرآن يعرفه الجميع , وكذا موقف شيخ الإسلام ، الذي توفي في السجن بسبب مواقفه ووجهات نظره المعارضه .. وكذا الشيخ محمد بن عبدالوهاب الذي قاد حركة إصلاحية سياسية عسكرية لإنشاء كيان مستقل رغم وجود الخلافة الإسلامية و معارضة الخليفة .

ولذا لا أدري – حقيقة – كيف يمكن نسبة منهج الجامية في هذه الجوانب للسلفية ؟؟!!

إن السلفية لا يمكن أن تختزل في بعض قضايا العقيدة – كمسألة الأسماء والصفات- رغم أهميتها ، بل هي منهج متكامل لفهم الإسلام كما فهمه سلف الأمة .. وكيف لمن يستنكر تعطيل الصفات أن يقبل تعطيل الإسلام من خلال قبول تلاعب بعض الحكام في أحكام الشرع وتعطيلها .. بل التشنيع على من يستنكر ذلك من العلماء !!

ولذا فإن سلفية الجامية في بعض قضايا العقيدة لا تجعلها جماعة سلفية في كل شيء..كما أن اشتراك السنة والشيعة في بعض كليات الدين كبعض أركان الإسلام والإيمان لا يجعل الشيعة سنة ولا العكس ..

ونظرا لخطورة منهج الجامية في هذه القضايا ، والذي ينتج عنه تعطيل الإسلام مراعاة "لخواطر" الحكام في بعض الأحوال ، فإن من المهم البحث في كيفية نشوء هذا الفكر، وكيف تسرب إلى بعض من ينتسب إلى المدرسة السلفية .

ولنبأ القصة من البداية ..

لعل الجميع يعرف أن الجامية تنسب إلى الشيخ محمد أمان الجامي الهرري رحمه الله ،الذي قدم من الحبشة ، واستقر في الحجاز ، عام 1369 هـ ، وحيث إن فكر الجامية فكر دخيل على المدرسة السلفية كما أشرت سابقا ، لذا فمن المهم البحث في المؤثرات – غير السلفية – التي أثرت في فكر الشيخ الجامي قبل قدومه إلى المملكة ..
وبالرجوع إلى سيرة الشيخ محمد أمان الجامي، كما نشرت في موقع سحاب:

http://sahab.net/sahab/printthread.php?threadid=314703
ندرك أنه من مواليد عام 1349هـ، واسمه محمد أمان بن علي جامي علي. ولد ونشأ في قرية طغا طاب، بمنطقة هرر، بالحبشة.
ولقد كان قدوم الشيخ الجامي مع رفيقه الشيخ عبدالكريم إلى المملكة بهدف أداء فريضة الحج.

" فقد خرجا من الحبشة إلى الصومال فركبا البحر متوجيهن إلى عدن – حيث واجهتهما مصاعب ومخاطر في البحر و البر – ثم سارا إلى الحديدة سيراً على الأقدام فصاما شهر رمضان فيها ثم غادرا إلى السعودية فمرا بصامطة و أبي عريش حتى حصلا على إذن الدخول إلى مكة وكان هذا سيراً على الأقدام. و في اليمن حذرهما بعض الشيوخ فيها من الدعوة السلفية التي يطلقون عليها الوهابية." انتهى ( من موقع سحاب).

إن ما ورد في الجملة الأخيرة قد يعني أنهم كانوا - عند قدومهم إلى المملكة - على ما كان عليه أهل تلك البلاد في العقيدة والمنهج، ولو كانوا على ما كان عليه علماء المملكة لما كان لهذا التحذير أي معنى .

وقد كان حجه – رحمه الله - عام 1369 هـ ، أي أن عمره عندما قدم من الحبشة 20 سنة ، ومن المهم أن نبحث في طبيعة البيئة العلمية والثقافية التي نشأ فيها وتلقى تعليمه وتربيته الأولى على يد مشايخها خلال هذه الفترة.

لقد ورد حول نشأته ما يلي :

" نشأ الشيخ – محمد أمان - في قرية طغا طاب وفيها تعلم القرآن الكريم ، و بعدما ختمه شرع في دراسة كتب الفقه على مذهب الإمام الشافعي رحمه الله تعالى ، و درس العربية في قريته أيضاً على الشيخ محمد أمين الهرري ثم ترك قريته على عادة أهل تلك الناحية إلى قرية أخرى وفيها التقى مع زميل طلبه وهجرته إلى البلاد السعودية الشيخ عبدالكريم فانعقدت بينهما الأخوة الإسلامية ثم ذهبا معاً إلى شيخ يسمى الشيخ موسى ودرسا عليه نظم الزبد لابن رسلان . ثم درسا متن المنهاج على الشيخ أبادر و تعلما في هذه القرية عدة فنون " . ( انتهى ، نقلا عن موقع سحاب ).

وقد تكون المعلومات المتاحة حول نشأة الشيخ، وتوجهات العلماء الذين درس على أيديهم هناك محدودة نوعا ما، وكذا المعلومات المتاحة حول التوجهات العلمية والسياسية لتلك البيئة، وخلال تلك الفترة، ولكن معرفة أبرز الشخصيات المؤثرة وتوجهاتها قد يعطي صورة عن ذلك.

ولعل من المفاجآت المذهلة أن نجد أن مفتى مدينة هرر آنذاك .. هو عبدالله الحبشي مؤسس فرقة الأحباش في لبنان .. كما يقول موقع الأحباش :

http://al-ahbash.org/docs/whois_alhabashi_youth.php
حيث ورد أنه كان : " يشار إليه بالأيدي والبنان ويُقصد وتشدّ الرحال إليه من أقطار الحبشة والصومال حتى بلغ من أمره أن أسند إليه أمر الفتوى ببلده هرر وما جاورها".
ولا شك أن من يكلف بمثل هذه المهمة يجب أن يمثل التيار السائد غالبا .. وأن يكون له، وللتيار الذي ينتمي إليه، الحضور الأكبر في المنطقة !!
ولقد لفت انتباهي عندما كنت أقرأ سيرة عبدالله الحبشي ، التشابه الكبير بين موقفه من حكم الدكتاتور السابق هيلاسي لاسي، الذي كان يحكم الحبشة بالحديد والنار والظلم آنذاك .. وبين موقف بعض الجامية من بعض أنظمة الحكم المماثلة كحكم معمر القذافي في ليبيا ؟!! وكذا موقفهم من العلماء والدعاة ، والجماعات الإسلامية .. ( حيث التشابه الكبير مثلا في الموقف من الإخوان وسيد قطب تحديدا).
وقد ورد في موقع كشف حقيقة الأحباش حول عبدالله الحبشي عندما كان مقيما في الحبشة :
http://www.antihabashis.com/defaulton.htm
أنه : " تعاون مع حاكم إندراجي صهر هيلاسيلاسي ضد الجمعيات الإسلامية لتحفيظ القرآن بمدينة هرر سنة 1367ه‍ الموافق 1940م فيما عرف بفتنة بلاد كُلُب فصدر الحكم على مدير المدرسة إبراهيم حسن بالسجن ثلاثاً وعشرين سنة مع النفي حيث قضى نحبه في مقاطعة جوري بعد نفيه إليها وبسبب تعاون عبد الله الهرري مع هيلاسيلاسي تم تسليم الدعاة والمشايخ إليه وإذلالهم ... ولذلك أطلق عليه الناس هناك صفة (الفتّان) أو ( شيخ الفتنة ).لقد كان الشيخ محمد أمان الجامي يقيم في المنطقة ذاتها، التي كان يقيم فيها عبدالله الحبشي !!! وينسب إليها أيضا .. وهي مدينة هرر ، في الحبشة !!!

وإذا ما علمنا أن عبدالله الحبشي كان أكبر سنا من الشيخ محمد أمان الجامي، وأكبر مكانة وتأثيرا في مدينته، حيث تحالف مع حاكمها ضد الدعاة وتحديدا ضد الجمعيات الإسلامية لتحفيظ القرآن بمدينة هرر سنة 1367هـ كما أسلفنا!! أي خلال الفترة التي كان الشيخ محمد أمان الجامي يعيش هناك، فإننا لا نستبعد أن يكون سلوك عبدالله الحبشي هذا يمثل توجها شائعا بين فئة ممن يحسبون على العلم هناك، شبيها بالتوجه الجامي في بعض البلاد حاليا، مما قد يؤثر على بعض طلاب العلم في هذه الجوانب ! .. فكونه مفتيا لتلك الديار يعني أن الفتاوى والآراء التي يتبناها ستنتشر بين طلبة العلم هناك ..

من جانب آخر فقد قدم عبدالله الحبشي إلى مكة ثم المدينة عام 1368 أو 1369 هـ، حيث كان مفتيا في هرر بالحبشة عام 1367 ثم غادر إلى لبنان واستقر فيه عام 1370 .. أي أن قدومه ومروره بمكة والمدينة كان خلال الفترة الفاصلة بين عام 1367 وعام 1370 ، كما أن الشيخ محمد أمان الجامي قد قدم إلى المملكة عام 1369 هـ واستقر في مكة ثم المدينة، أي أنه قد عاصر مفتي بلاده آنذاك عبدالله الحبشي خلال وجودهما في الحبشة، أثناء تلك الأحداث وما قبلها !! ، وربما خلال وجودهما في مكة والمدينة أيضا ..وخصوصا أنهما ينتميان للبلاد نفسها .
أخيرا آمل التفكير في هذه القضية ومناقشتها كقضية فكرية مطروحة للنقاش، وليس كقضية حزبية، أو أنها من باب الهجوم على الشيخ محمد الجامي رحمه الله ، فنحن ندرك أنه يختلف في منهجه المعلن، وتوجهه وعقيدته تماما عن الأحباش ، ولكن ذلك لا يمنع أن يتأثر في بعض الجوانب -كالقضايا التي سبقت - بالفكر الذي يحمله عبدالله الحبشي .. أو أن يكون هو و عبدالله الحبشي قد تأثرا بفكر سائد في بلادهم.
ولكن الخلاصة أن فكر الجامية في السياسة ، ومع الحكام تحديدا ، وكذا موقفهم من الدعاة والعاملين للإسلام ، فكر دخيل على الإسلام والسلفية ..
أسأل الله العظيم أن يهدي الجميع لما اختلف فيه من الحق بإذنه .. إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ..

---------------------

بعض الروابط ضمن المقال لا تعمل، ولذا يمكن استبدالها بالروابط التالية:

1- رابط سيرة الشيخ محمد الجامي يمكن الرجوع إليها على هذا الرابط:
http://www.ajurry.com/TarjamaJami.htm

2- سيرة عبدالله الحبشي يمكن الرجوع إليها على هذا الرابط:

http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B1%D8%B1%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8%D8%B4%D9%8A
ملاحظة: تم نشر المقال قبل سنوات/ وأعيد نشره في المدونة حسب تاريخ النشر..عثمان البدراني



ع  ق 722

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..