الجمعة، 25 نوفمبر 2011

دَوْرَةُ الطُّرُقِ العِلْمِيَّةِ في تَخْرِيجِ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ


الحَمْدُ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُه ونَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللّهِ مِن شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَن يَهْدِهِ الله فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُه وَرَسُولُهُ وَصَفِيُّهُ وَخَلِيلُهُ، صَلَّى الله عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ، وَمَن اهْتَدَى بِهَدْيِهِ وَاسْتَنَّ بِسُنَّتِهِ واقتَفَى أَثَرَهُ إِلَى يَوِمِ الدِّينِ.
ثُمَّ أَمَا بَعَد:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَنَحْمَدُ الله عَزَّ وَجَلَّ أَنْ جَمَعَنَا وَإِيَّاكُم عَلَى مُدَارَسَةِ سُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَعْرِفَةِ كَيْفَ نَصِلُ إِلَى هَذِهِ الكُنُوزِ العَظِيمَةِ والهَدْىِ المُبِينِ الَّذِي جَعَلَهُ الله عَزَّ وَجَلَّ في هَذِهِ الأُمَّةِ، حَيْثُ بَعَثَ إِلَيْهَا خَيْرَ الأَنْبِيَاءِ وَخَيْرَ الرُّسُلِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَد أُوتِيَ نَبِيُّنَا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ جَوَامِعَ الكَلِمِ، فَكَان يَتَكَلَّمُ الكَلِمَةَ القَصِيرَةَ الَّتِي تَحْمِلُ مَعَانِيَ كَثِيرَةً، وَهَذَا مِن مُعْجِزَاتِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا عَدَّهَا بَعْضُ أَهْل العِلْمِ، وَلَمَا كَانَ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَلِيلًا يَعُدُّهُ العَادُّ( )، كَمَا ذَكَرَتْ ذَلِكَ عَائَشَةُ رَضِيَ الله عَنْهَا( ) حَفِظَ أَصْحَابُهُ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُم وَأَرْضَاهُم كَثِيرًا مِن كَلَامِهِ، بَل لَم يَفُتْهُم شَيْءٌ مِن كَلَامِهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَقَالَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ: رُبَّمَا حَفِظَتُ مِن رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشَّيْءَ فأُنَسَّاهُ، فَإِذَا رَأَيْتُ ما يُذَكِّرُنِي بِهِ ذَكَرَتُهُ، كَمَا يَذْكُرُ أَحَدُكُم وَجْهَ صَاحِبِهِ إِذَا لَقِيَه بَعْدَ فِرَاق وبَعْدَ بُعْدٍ.
فَحَفِظَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السُّنَّةَ، وَجَزَاهُم الله عَنَّا خَيْرَ الجَزَاءِ، ثُمَّ جَاءَ مَنْ بَعْدَهُم فَتَنَافَسُوا عَلَى حَفْظِ سُنَّةِ رَسُولِ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتَبْلِيغِهَا رَجَاءَ مَوعُودِ اللّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، لِهَذِهِ الأُمَّة لِمَن حَفِظَ السُّنَّةَ وَعَمِلَ بِهَا وَدَعَا إِلَيْهَا الَّذِي أَجْرَاهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَيْثُ قال: «نَضَّرَ الله امرَءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا، فَأَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَم يَسْمَعْهَا، فَرُبَّ حَامِلِِ فِقْهٍ غَيْرِ فَقِيهٍ، ورُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَن هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ»( ) وَلِهَذَا تَنَافُس العُلَمَاءُ، حَتَّى أَنَّ بَعْضَهُم ذَهَبَت مُهْجَتُهُ، أَي مَاتَ في طَلَبِ العِلْمِ، وَبَعْضُهُم تَعَرَّضَ لِلْمَوْتِ، كَمَا في القِصَّةِ المَشْهُورَةِ لِلْإِمَامِ أَبِي حَاتِمٍ الرَّازِيِّ( ) الإِمَامُ المَشْهُورُ، وقِصَّتُهُ ذَكَرَهَا ابْنُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ( ) في مُقَدِّمَةِ «الجَرْح والتَّعْدِيلِ»( ) أْثَناءَ طَلَبِهِم لِلْحَدِيثِ. وكَانَ الوَاحِدُ مِنْهُمْ يُبَالِغُ مُبَالَغَةٍ عَظِيمَةٌ في تَتَبُّعِ آثَارِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإِنْ كَانَ في الرَّمَقِ الأَخِيرِ مِن المَوْتِ.
عَلَى كُلٍّ لَسْتُ بِصَدَدِ الكَلَامِ عَلَى ذَلِكَ، لَكِنْ أَنَا بِصَدَدِ أَنْ أَقُولَ لَكُم: قَد جَاءَ دَوْرُكُمْ، جَاءَ دَوْرُكُمْ لِتُحَافِظُوا عَلَى سُنَّةِ النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِتُبَلِّغُوهَا مَن لَم يَسْمَعْهَا، وَمَا أَكْثَرَ مَن لَم يَسْمَعْهَا، عَلَى كَثْرَةِ وَسَائِلِ المَعْرِفَةِ وَالعِلْمِ والاطِّلَاعِ! فَوَساَئلُِ العِلْمِ كَثِيرَةٌ جِدًّا، لَكِن الَّذِينَ يَدْرُونَ سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَعْلَمُونَ كَلَامَهُ قَلِيل، وَلَا يَكَادُ يَمُرُّ يَوْم أَو أَكْثَرُ إِلَّا وتَجِدُ أَهْلَ العِلْمِ يُسْأَلُونَ، وَأَنَا آخِرُ مَا سُئِلْتُ، عَلَى قِلَّةِ عِلْمِي، بَعْدَ صَلَاةِ المَغْرِبِ اليَوْمَ، وَجَدْتُ مَنْ يَتَّصِلُ بِي ويَسْأَلُنِي عَن حَدِيثٍ: هَل هُوَ مِن كَلَام النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو مِن كَلَامِ عُمَرَ، وَأَيْنَ أَجِدُهُ؟
ها هُوَ دَوْرُكُمْ الآنَ أَنْ تَحْفَظُوا هَذِهِ السُّنَّةَ؛ إِمَّا حِفْظَ الصُّدُورِ وَإِمَّا حِفْظَ السُّطُورِ، أَنْ تَحْفَظُوهَا، بِأَن تَكُونَ عِنْدَكُم القُدْرَةُ ِأَنْ تَعْرِفُوا أَيْنَ يُوجَدُ كَلَامُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا دَرَجَتُهُ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ.
وَهَذِهِ الدَّوْرَةُ، أَيُّهَا الإِخْوَةُ، هِيَ أَوَّلُ دَوْرَةٍ تُعْقَدُ بِهَذَا الشَّكْلِ وَالِاسْتِعْدَادِ، وَللّهِ الحَمْدُ، وَأَرْجُو أَن يَكُونَ استِعْدَادِي أَيْضًا طَيِّبًا لِأُفِيدَكُمْ، يَبْقَى اتِّكَالُنَا عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ، وَمِن ثَمَّ أَيْضًا اتِّكَالُكُم أَنْتُم عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ في تَحْصِيلِ العِلْمِ، فَإِنَّ طَالِبَ العِلْمِ إِذَا حَسُنَِ قَصْدُهُ في طَلَبِ العِلْمِ بُورِكَ لَه في عِلْمِهِ، أَمَّا إِذَا كَانَ قَصْدُهُ شَيْئًا مِن الدُّنْيَا؛ مِن مَدِيحَةٍ أَو شَهَادَةٍ أَو مَا إِلَى ذَلِكَ، أَو مَالٍ أَو غَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّه لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ كَثِيرًا، بَل رُبَّمَا عَادَ عَلَيْهِ بالوَبَالِ.
فَأَنْتُم، يَا إِخْوَانِي، جَاء دَوْرُكُم في حِفْظِ السُّنَّةِ وتَبْلِيغِهَا وَالعَمَلِ بِهَا، فَإِيَّاكُم ثُمَّ إِيَّاكُم أَن تُؤْتَى سُنَّةَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن قِبَلِكُم، أَو أَن تُرَوِّجُوا حَدِيثًا لَم يَقُلْهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً عَن طَرِيقِ رَسَائِلِ الجَوَّالِ الَّتِي يَكْثُرُ فِيهَا المَوْضُوعَاتُ والمَكْذُوبَاتُ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَانْتَبِهُوا إِلَى هَذَا، رَحِمَنِي الله وَإِيَّاكُم جَمِيعًا.
وفي بِدَايَةِ هَذِهِ الدَّوْرَةِ أُحِبُّ أَن أُنَبِّهَ إِلَى أَمْرٍ مُهِمّ جِدًّا؛ فالدَّوْرَةُ مُدَّتُهَا سِتَّةُ أَيَّامٍ وَعِلْمُ التَّخْرِيج، كَمَا سَيَأْتِي، عِلْمٌ مُسْتَقِلٌّ، وهُوَ مِن عُلُومِ الآلَةِ، ويُقْصَدُ بعُلُومِ الآلَةِ العُلُومُ الَّتِي يَسْتَخْدِمُهَا طَالِبُ العِلْمِ آلَةً في التَّوَصُّلِ إِلَى ما هُوَ مَقْصِدٌ لَه ونَتِيجَةٌ نِهَائِيَّةٌ لَه، لِأَنَّ أَهْلَ العِلْمِ يَقْسِمُونَ العِلْمَ قِسْمَيْنِ: عُلُومِ آلَةٍ وعُلُومِ غَايَةٍ.
فعُلُومُ الآلَةِ، الَّتِي تُسَمَّى عُلُومَ الوَسَائِلِ، هِيَ العُلُومُ الَّتِي تُسْتَخْدَمُِ في التَّوَصُّلِ إِلَى غَيْرِهَا؛ مِثْلُ عِلْمِ اللُّغَةِ، وعِلْمِ أَصُولِ الفِقْهِ، وعِلْمِ أَصُولِ الحَدِيثِ، وعِلْمِ التَّخْرِيجِ، وعِلْمِ الرُّوَاةِ، وعِلْمِ الجَرْحِ والتَّعْدِيلِ، وعِلْمِ الصَّرْفِ، وعِلْمِ البَيَانِ، وكَثِيرٍ مِن العُلُومِ تُعْتَبِرُ عُلُومَ آلَةٍ.
أَمَّا عُلُومُ الغَايَةِ، وتُسَمَّى عُلُومَ المَقَاصِدِ، فَهِيَ ثَلَاثَةٌ: عِلْمُ التَّفْسِير، وَعِلْمُ الحَدِيثِ، وَعِلْمُ الفِقْهِ. هَذِهِ هِيَ عُلُومُ الغَايَاتِ والمَقَاصِدِ الكُبْرَى الَّتِي نَقْصِدُ أَن نَحْفَظَهَا وَنَعْمَلَ بِهَا، ونَتَعَلَّمَهَا ونَعْرِفَ كَيْفَ نَصِلُ إِلَيْهَا.
هَذَا، وَإِنْ كَانَ التَّخْرِيجُ عِلْمًا مِن عُلُومِ الوَسَائِلِ إِلَّا أَنَّه يَنْبَغِي عَلَيْنَا أَن نَعْرِفَ أَنَّ سِتَّةَ أَيَّامٍ لَا تَكْفِي لِتَصُوُّرِ جَمِيعِ جَوَانِبِ هَذَا العِلْمِ، وَلَكِنْ بِإِذْنِ الله تَعَالَى -وَأَنَا سَبَقَ لِي أَنْ القَيْتُ هَذِهِ الدَّوْرَةَ في أَكْثَرِ مِن مَكَانٍ- إِذَا أَنْتُم تَفَاعَلْتُم مَعِي وحَرَصْتُم عَلَى أَنْ تَنْتَظِرُوا الفَائِدَة تِلْوَ الفَائِدَةِ؛ لِأَنِّي لَا يُمْكِن أَنْ أُعْطِيَ الفَوَائِد كُلَّهَا اليَوْمَ، بَل لَا بُدَّ أَنْ تَبْقَوا مَعَنَا إِلَى آخِرِ يَوِمٍ حَتَّى تَجِدُوا الثَّمَرَةَ كَامِلَةً، وأن تُحْضِرُوا ما اسْتَطَعْتُم الكُتُبَ الَّتِي يُطْلَبُ مِنْكُم إِحْضَارُهَا، إِذَا فَعَلْتُم ذَلِكَ فَسَيَكُونُ بِاسْتِطَاعَتِكُم بَعْدَ نِهَايَةِ السِّتَّةِ الأَيَّامِِ أَنْ تُخَرِّجُوا أَيَّ حَدِيثٍ أُعْطِيكُم إِيَّاهُ خِلَالَ عَشْرِ دَقَائِقِ إِلَى رُبْعِ سَاعَةٍ، بِإِذْنِ الله تَعَالَى، فبَدَلًا مِمَّا كُنْتُم تُخْرِّجُونَهُ مِن المَصْدَرِ وبِصُعُوبَةٍ قَبْلَ الدَّوْرَةِ سَتُخَرِّجُونَهُ مِن عَشْرِ مَصَادِر بِأَقَلَّ تَقْدِيرٍ وَبِسُهُولَةٍ، ودُونَ أَن تَسْتَخْدِمُوا الحَاسِبَ الآلِيَّ الَّذِي سَأُشِيرُ إِلَى طَرِيقَةِ اسْتِعْمَالِهِ في آخِرِ يَوِمٍ مِن الدَّوْرَةِ، إِن شَاء الله تَعَالَى، إِن بَقِيَ وَقْتٌ عِنْدَنَا مُنَاسِبٌ لِلْكَلَامِ عَلَيْهِ.
فَالتَّخْرِيج نَحْتَاج مَعَهُ إِلَى وَقْتٍ طَوِيلٍ حَتَّى نُدْرِكَهُ إِدْرَاكًا كَامِلاً، لَكِنَّنَا سَنَأْخُذُ مُقْدِّمَاتٍ، وَمِن خِلَالِ هَذِهِ المُقَدِّمَاتِ سَنَدْخُلُ إِلَى هَذَا العِلْمِ، هَذِهِ المُقَدِّمَاتُ بَعْضُكُم يَمَلُّ مِنهَا ويَقُولُ: يَا شَيْخُ، بَعْضُهَا مَعْرُوفٌ عِنْدِي. نَقُولُ: نَعَم، مَعْرُوفٌ لَدَيْكَ، لَكِنْ ما لَم تَكُنْ مُلِمًّا بِهَذِهِ المَعَانِي، بَعْضُهَا مُهِمّ لِلْغَايَةِ؛ لَأَنَّه مِن المُمْكِنِ أَن تَصِلَ لِلْحَدِيثِ لَكِن لَا تَسْتَطِيعُ أَن تَكْتُبِهِ في بَحْثٍ وَلَا في وَرَقَةٍ، وَلَا أَنْ تُلْقِيَهُ عَلَى النَّاسِ القَاءً جَيِّدًا، فَبِإِذْن الله تَعَالَى سَتَرَوْنَ هَذِهِ المُقَدِّمَاتِ في نِهَايَةِ المَطَافِ؛ لِأَنَّهَا مُهِمّة جِدًّا وَلَا تَسْتَهِينُوا بِهَا إِطْلاَقًا.

مُقَدِّمَةُ التَّخْرِيجِ
التَّخْرِيجُ عَنْدَ أَهْلِ العِلْمِ لَهُ أَهَمِّيّةٌ بَالِغَةٌ جِدًّا، وأَهَمِّيّتُهُ لَا تَكَادُ تَنْحَصِرُ في مَثْلِ هَذِهِ الكَلِمَاتِ، لَكِنْ سَأُوجِزُ أَهَمَّ الأُمُورِ في التَّخْرِيجِ:
أولًا: التَّخْرِيجُ يُحْتَاجُ لِمَاذَا في مَعْرِفَةِ هَل الحَدِيثُ قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَم غَيْرُ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . يَعْنِي أَنَت تَسْمَعُ حَدِيثَ «نِعْمَ العَبْدُ عَبْدُ الله لَو كَان يَقُومُ اللَّيْلَ»( ) وتَوَدُّ أَن تَعْرِفَ مَن الَّذِي قَالَه؛ هَل القَائِلُ هُوَ عُمَرُ، رَضِيَ الله عَنْهُ أَمْ القَائِلُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَأَهَمُّ فَوَائِد التَّخْرِيجِ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّ هَذَا كَلَامٌ قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَنْتَفِعُ بِهِ.
إذًا الأَهَمِّيَّةُ الأُولَى أَنَّنَا نَحْتَاج أَنْ نَفْهَمَ؛ هَل هَذَا الكَلَامُ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا قَالَهُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَم قَالَه غَيْرُهُ.
الأَهَمِّيَّةُ الثَّانِيَةُ أَنَّه لَا يُمْكِن أَنْ نَعْرِفَ صِحَّةَ الحَدِيثِ، بَعْدَ أَنْ عَرَفْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَهُ، إِلَّا إِذَا كُنَّا مُلِمِّينَ بالتَّخْرِيجِ، وَأَنَا لا أَتَكَلَّمُ عَن أَحَدٍ يَسْأَلُ أَحَدَ المَشَايخِ عَن حَدِيثٍ، هَذَا لا يُسَمَّى الآنَ دِرَاسَةَ تَخْرِيجٍ، أَنَا سَالتُ بِنَفْسِي، فَأَنَتَ تَحْتَاجُ لِمَاذَا في مَعْرِفَةِ صِحَّةِ الحَدِيثِ؛ وَذَلكَ لِأَنَّ مِن أَهَمِّ ما يَنْبَنِي عَلَيْهِ مَعْرِفَةُ صِحَّةُ الحَدِيثِ صِحَّةَ الإِسْنَادِ، وَلَا يُمْكِن أَنْ تَصِلَ لِلْإِسْنَادِ إِلَّا إِذَا وَصَلْتَ لِمَنْ أَخْرَجَهُ مِن العُلَمَاءِ المُتَقَدِّمِينَ حَتَّى تَدْرُسَ الإِسْنَادَ.
أيضًا التَّخْرِيجُ مُهِمّ لِلْجَمِيعِ بِلَا استِثْنَاءٍ، فَلَا يُمْكِنُ لِلْمُعَلِّمِ وَلَا لِلْخَحَسَنٌ الإِفَادَةُ مِن الحَدِيث؛ أَن يَنْتَفِعَ بِالحَدِيثِ وَيَنْفَعَ غَيْرَهُ، ما لَم يَعْرِفُوا شَرْحَهُ، وَلَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ شَرْحِهِ إِلَّا بِمَعْرِفَةُ ِمَن أَخْرَجَهُ ثُمَّ مَعْرِفَةِ مَوْضِعِهِ مِن الكِتَابِ الَّذِي أَخْرَجَهُ.
خُذُوا مِثَالاً:
نَظَرْتُ في حَدِيثِ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الشِّغَارِ»( ) حَدِيثِ ابنِ عُمَرَ( ) لَمَّا خَرَّجْتُ الحَدِيثَ وَجَدْتُ أَنَّ الَّذِي أَخْرَجَهُ أَوَّلًا البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَمَالِكٌ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ وَالإِمَامُ أَحْمَدُ هَذِهِ الكُتُبُ لَهَا عِدَّةُ شُرُوحٍ، فَفِي المَوْضِعِ الَّذِي ذَكَرَهُ الإِمَامُ مَالِكٌ، مَثَلًا، نَجِدُ أَنَّ ابنَ عَبْدِ البَرِّ ذَكَرَهُ عَنْدَ تَرْجَمَةِ ذَلِكَ الشَّيْخِ البَاجِيِّ( ) في المُنْتَقَى، وكَذَلِكَ ابنُ العَرَبِيِّ( ) في القَبَسِ سَتَجِدُهُ في نَفْسِ المَوْضِعِ، وتَجِدُ كَلَامَ هَؤُلَاءِ الأَئِمَّةِ الأَجِلَّةِ عَلَى هَذَا الحَدِيثِ كَذَلِكَ.
فمَثَلًا: «صَحِيحٌ البُخَارِيِّ» لَه عِدَّةُ شَرَوحٍ، سَتَجِدُ شَرْحَ هَذَا الحَدِيثِ في نَفْسِ الكِتَابِ وَالبَابِ الَّذِي خَرَّجْتَ الحَدِيثَ مِنْهُ مِن الشُّرُوحِ، حَتَّى لَو كُنْتَ تَعْمَلُ عَلَى مَخْطُوطِ الشَّرْحِ، بِمُجَرَّدِ أَنَّكَ تَرْجِعُ إِلَى شَرْحِ فَتْحِ البَارِيِّ، كِتَابِ النِّكَاحِ، بابِ النَّهْيِ عَن نِكَاحِ الشِّغَارِ، سَتَجِدُ كَلَامَ ابنِ حَجَرٍ( ) وكَلَامَ العَيْنِيِّ( ) وكَلَامَ القَسْطَلَانِيِّ( ) وكَلَامَ ابنِ بَطَّاٍل( ) وكَلَامَ أَكْثَرِ الشَّرَّاحِ في نَفْسِ المَوْضِعِ.
أَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَشْرَحَ وَتَبَيِّنَ لِلنَّاسِ، أَو تُرِيدُ مَثَلًا في بِدَايَةِ الإِجَازَةِ الصَّيْفِيَّةِ أَنْ تَتَكَلَّمَ عَن أَنْوَاعِ الأَنْكِحَةِ المُحَرَّمَةِ، وتُرِيدُ أَنْ تَعْرِفَ مَعْنَى الشِّغَارِ، فَعْنْدَمَا رَجَعْنَا لِلْحَدِيثِ وَجَدْنَا أَنَّه يُوجَدُ في «سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ» زِيَادَةٌ مُهِمّة تُبَيِّنُ مَعْنَى الشِّغَارِ في الحَدِيثِ، لِأَنَّ الحَدِيثَ «نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الشِّغَارِ» قَالَ: وَالشِّغَارُ أَن يُزَوَّجَ الرَّجُلِ ابْنَتَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ الآخَرُ ابْنَتَهُ، وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا صَدَاقٌ.
هَذِهِ الزِّيَادَةُ جَاءَتْ عَنْدَ التِّرْمِذِيِّ( ) وفِيهَا تِبْيَانُ الَّذِي أَدْرَجَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ: (قَالَ نَافعٌ( ): وَالشِّغَارُ هُوَ كَذَا).
مَا الفَائِدَةُ؟ أَنَا اسْتَفَدْتُ مِن التِّرْمِذِيِّ الآنَ النَّصَّ عَلَى أَنَّ تَفْسِيرَ الشِّغَارِ جَاءَ مِن نَافِعٍ، إِذ لَو كَانَ تَفْسِيرُ الشِّغَارِ مِن النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَلَزِمَ تَفْسِيرُ مَعْنَى الشِّغَارِ عَلَى أَنَّه خُلُوُّ النِّكَاحِ مِن الصَّدَاقِ، فَأَيُّ نِكَاحٍ يَخْلُو مِن الصَّدَاقِ يَحْرُمُ، لَكِن لَمَا عَلِمْنَا أَنَّ الَّذِي زَادَ هُوَ نَافِعٌ، كَلَامُ نَافِعٍ غَيْرُ حُجَّةٍ عَلَيْنَا وَعَلَى العُلَمَاءِ الآخَرِينَ، هُوَ إِمَامٌ نَعَم، لَكِنْ غَيْرُ حَجَّةٍ، فَنَظَرْنَا في الأَدِلَّةِ الأُخْرَى فَوَجَدْنَا أَنَّ العِلَّةَ في النَّهْيِ لَيْسَتْ هِيَ خُلُوَّهَا مِن المَهْرِ، كَمَا هُوَ مَشْهُورٌ عَنْدَ كَثِيرٍ مِن أَهْلِ العِلْمِ، وَلَكِنَّ العِلَّةَ كَمَا رَجَّحَهَا أَهْلُ العِلْمِ، مِنْهُمْ شَيْخُنَا الشَّيْخُ ابن بَازٍ رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ هِيَ وُجُودُ الِاشْتِرَاطِ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ، حَتَّى لَو سَمَّى هَذَا مِائَةَ الفٍ وَهَذَا مِائَةَ الفٍ. وهَذِهِ الزِّيَادَةُ وَجَدْنَاهَا عَنْدَ التِّرْمِذِيِّ.
إذًا هِيَ فَائِدَةٌ مُهِمّة اسْتَفَدْتُ مِنهَا في القَائِي لِلدَّرْسِ أو الخُطْبَةِ أو المُحَاضَرَةِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ، فَلَا تَسْتَهِينُوا بِوُجُودِ الحَدِيثِ في أَيِّ مَرْجِعٍ؛ لِأَنَّكَ سَتَجِدُ فَائِدَةً أَو نَقْطَةً تَرْبَوِيَّةً تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الحَدِيثِ عَنْدَ هَذَا المُخَرِّجِ وَعِنْدَ هَذَا الشَّارِحِ، وَلَو كَانَ الكِتَابُ مُكَوَّنًا مِن مُجَلَّدٍ وَاحِدٍ. وَأَنَا جَرَّبْتُ في تَدْرِيسِي في الجَامِعَةِ، وَجَدِتُ هَذَا كَثِيرًا، فَأَحْيَانًا أَجِدُ فَائِدَةً في كِتَابٍ ما يَخْطِرُ عَلَى بَالي أَنْ يَكُونَ لَهَا أَثَرٌ كَبِيرٌ في تَقْوِيمِ شَيْءٍ مُعَيَّنٍ.
هَذَا ما يَتَعَلَّقُ بأَهَمِّيَّةِ التَّخْرِيجِ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ الله في فَوَائِد التَّخْرِيجِ في آخِرِ هَذَا اللِّقَاءِ كَثِيرٌ مِن فَوَائِدِهِ الخَاصَّةِ وَبَيَانُ أَهَمِّيَّتِهَا؛ لَأَنَّهُ كَلَّمَا كَثُرَت الفَوَائِد زَادَتْ الأَهَمِّيَّةُ.
نَشْأَةُ التَّخْرِيجِ والتَّعْرِيفُ بِهِ
نَشْأَةُ التَّخْرِيجِ سَأُجْمِلُهَا لَكُم في دَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الوَقْتَ لَا يَتَّسِعُ، قُلْنَا في أَوَّلِ المُحَاضَرَةِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَكَلَّمُ بِالحَدِيثِ، وكَانَ الصَّحَابَةُ يَحْفَظُونَه عَنْه، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ بَلَّغَهُ الصَّحَابَةُ لِلتَّابِعِينَ، وبَلَّغَهُ التَّابِعُونَ لِمَن بَعْدَهُم مِن أَتْبَاع التَّابِعِين، وَهَكَذَا، حَتَّى كَثُرَ وطَالَت الأَسَانِيدُ، وَبَدَأ التَّصْنِيفُ يَأْخُذُ وَضْعَهُ الطَّبِيعِيَّ؛ لِأَنَّه يُوجَدُ خِلَافٌ في تَصْنِيفِ كِتَابَةِ الحَدِيثِ، وهُوَ مَوْضُوعٌ طَوِيلٌ، فَعْنْدَمَا بَدَأ النَّاسُ يُدَوِّنُونَ صَار اعتِمَادُهُم عَلَى هَذِهِ الدَّوَاوِينِ، ثُمَّ مَع انصِرَامِ القَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِِيِّ وَيَقْطَع بَعْدَ انصِرَامِ القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْرِِيِّ، أَي بَعْدَ نِهَايَةِ الأَرْبَعِمَائِةِ، أَصَبْحَ مُعَوَّلُ جَمِيعِ مَن جَاء بَعْدَ الأَرْبَعِمِائَةِ الهِجْرِيَّةِ عَلَى هَذِهِ المُصَنَّفَاتِ المَوْجُودَةِ والدَّوَاوِينِ الَّتِي أُلِّفَت في سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِه وَسَلَّمَ فَأَصْبَحَت رِوَايَتُهُم عَلَى هَذِهِ الكُتُبِ، وَكَانُوا يَحْفَظُونَهَا، كَثِيرٌ مِنْهُمْ كَان يَحْفَظُ مِئَاتِ الآلاَفِ أَو أَكْثَرَ بِطُرُقِهَا، لَكِن لَمَّا قَلَّ الحِفْظُ وَضَعُفَت الهِمَمُ أَصَبْحَ النَّاسُ يَرْوُونَ الأَحَادِيثَ مُجَرَّدَةً (قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بِدُونِ ذِكْرِ المُخَرِّجِ، فَلَا يُعْلَمُ هَل أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ أم أبُو دَاودَ أم أَحْمَدُ، هَل أَخْرَجَهُ الحَافِظُ... فَعْنْدَمَا رَأَى العُلَمَاءُ ذَلِكَ بَدَءُوا كُلَّمَا أَوْرَدُوا حَدِيثًا بَعْدَ القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْرِِيِّ يَقُولُون (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، أَخْرَجَهُ كَذَا) ورَكَّزُوا في بَادِئِ الأَمْرِ عَلَى الدَّوَاوِينِ الكَبِيرَةِ، وَهِيَ الكُتُبُ السِّتَّةُ: البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأبُو دَاودَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ ومُسْنَدُ الإِمَامِ أَحْمَدَ ومُوَطَّأُ مَالِكٍ، وبِدَايَةُ تَرْكِيزِهِم كَانَت عَلَى هَذَا، وَلِذَلِكَ نَجِدُ البَيْهَقِيَّ( ) سَنَةَ 458هـ لَمَّا يُخَرِّجُ حَدِيثًا يَقُولُ (أَخْرَجَهُ أَبُو عَبْدِ الله البُخَارِيُّ وَمُسْلِمُ بنُ الحَجَّاجِ في كَذَا، أَخْرَجَهُ أبُو دَاودَ) يَعْتَنِي بالتَّخْرِيجِ، وعِنْدَمَا يَذْكُرُ الحَدِيثَ بِسَنَدِهِ هُوَ يَذْكُرُ مَنْ خَرَّجَهُ.
ثُمَّ نَشَأَتْ كُتُبٌ تُسَمَّى (كُتُبَ التَّخَاريِجِ) يَأْتِي أَحَدُ العُلَمَاء مِثْلَ ابنِ كَثِيرٍ( ) في أَحَادِيثِ أُصُولِ الفِقْهِ، أو أَحَادِيثِ عُمْدَةِ الطَّالِب، وَكَذَا في أُصُولِ الشَّافِعِيَّةِ، فَيُخَرِّجُ أَحَادِيثَ هَذَا الكتاب، وصَنَّفَ ابنُ حَجَرٍ كِتَابِهِ «التَّلْخِيصُ الحَبِيرُ في تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الرَّافِعيِّ( ) الكَبِيرِ» وصَنَّفَ الزَّيْلَعِيُّ( ) «نَصْبَ الرَّايَةِ في تَخْرِيجِ أَحَادِيثِ الهِدَايَةِ».
وَبَدَأ عِلْمُ التَّخْرِيجِ يَنْمُو ويَتَّسِعُ حَتَّى وَصَلَ إِلَى أَن وُجِدَتُ هَذِهِ المَطَابِعُ وَهَذِهِ الثَّوْرَةُ العِلْمِيَّةُ والطِّبَاعِيَّةُ، ووَصَلَ التَّخْرِيجُ إِلَى ذُرْوَةٍ مُعَيَّنَةٍ، خَاصَّةً مَع وُجُودِ أَنْظِمَةُ الحَاسِبِ الآلِيِّ الَّتِي يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ بِهَا الوُصُولَ لِلْحَدِيثِ بِسُرْعَةٍ، لَكِنَّه غَيْرُ مَأْمُونٍ وَغَيْرُ دَقِيقٍ، وَهَذَا مِن تَجْرِبَتِي وتَجْرِبَةِ كَثِيرٍ مِمَّن استَعْمَلُوهُ، نَعَم هُوَ سَرِيعٌ وجَيِّدٌ لَكِنَّه غَيْرُ مَأْمُونٍ وَغَيْرُ دَقِيقٍ، وسَأُبَيِّنُ لَكُم هَاتَيْنِ الكَلِمَتَيْنِ إِن شَاءَ الله في آخِرِ يَوْمٍ.
هَذِهِ باخْتِصَارٍ النَّشْأَةُ، البَدْءُ، هَكَذَا بَدَءُوا يَحْفَظُونَ، ثُمَّ بَدَءُوا يُخَرِّجُونَ تَخْرِيجًا مُخْتَصَرًا، ثُمَّ بَدَءُوا يَكْتُبُون الكِتَابَ وَالبَابَ، إِلَى أَن وَصَلُوا إِلَى ما نَحْنُ عَلَيْهِ الآنَ، فَيَذْكُرُون أَشْيَاءَ سَنَذْكُرُهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
تَعْرِيفُ عِلْمِ التَّخْرِيجِ
التَّخْرِيجُ في اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِن (خَرَج يُخَرِّج خُرُوجًا) وهُوَ ضِدُّ الدُّخُولِ.
وتُسْتَعْمَلُ كَلِمَةُ (خُرُوج) وَإِن تَغَيَّرَ بَعْضُ نُطْقِهَا أو بَعْضُ حَرَكَاتِهَا في عِدَّةِ مَعَانٍ:
مِنهَا (الخَرُوجُ) بِالفَتْح، بِمَعْنَى المَطَر؛ وسُمِّيَ خَرُوجًا لِأَنَّهُ يُخْرِجُ النَّبْتَ مِن الأَرَضِ.
وَمِنْهَا (الخَرَاجُ) وهُوَ الَّذِي تُخْرِجُهُ الأَرْضُ الَّتِي فُتِحَت عَنْوَةً، فُتِحَت فَيْئًا، يَعْنِي لَم يَجِدَّ عَلَيْهَا المُسْلِمُون بِخَيْلِهِم وَلَا رَجِلِهِم.
وَمِنْهَا المَعْنَى المَشْهُورُ في الخُرُوجِ، بِمَعْنَى الظُّهُورِ.
هَذِهِ مَعَانٍ لُغَوِيَّةٌ يَجْمَعُهَا مَعْنًى وَاحِدٌ هُوَ الإِبْرَازُ والإِظْهَارُ.
فالمَطَرُ لَمَّا نَزَلَ أَبْرَزَ لَنَا الثَّمَرَ والنَّبَاتَ، والأَرْضُ لَمَّا أَخْرَجَت غَلَّتَهَا، أَظْهَرَتْ لَنَا غَلَّتَهَا، سُمِّيَ خَرَاجًا، وفُلَانٌ خَرَجَ مِن كَذَا؛ ظَهَرَ إِلَى النَّاسِ، خَرَجَ مِن مُعْتَكَفِهِ، ظَهَرَ إِلَى النَّاسِ. كُلُّهَا تَدْخُلُ في المَعْنَى، ويَجْمَعُهَا كَمَا ذَكَرْنَا مَعَانِي الإِبْرَازِ والإِظْهَارِ.
هَذَا مَعْنَى التَّخْرِيج في اللُّغَةِ.
أَمَّا تَعْرِيفُهُ في الاصطِلَاحِ، وهُوَ أَهُمُّ شَيْءٍ عِنْدَنَا، فهُوَ: (الدَّلَالَةُ عَلَى مُخَرِّجِ الحَدِيثِ وَمَوْضِعِهِ) أَي مَوْضِعِ الحَدِيثِ (في مَصَادِرِهِ الأَصْلِيَّةِ، مَع بَيَانِ دَرَجَتِهِ عَنْدَ الحَاجَةِ).
هَذَا التَّعْرِيفُ مُهِمٌّ جِدًّا (الدَّلَالَةُ عَلَى مُخَرِّجِ الحَدِيثِ وَمَوْضِعِهِ في مَصَادِرِهِ الأَصْلِيَّةِ، مَعَ بَيَانِ دَرَجَتِهِ عَنْدَ الحَاجَةِ).
كُلُّ كَلِمَةٍ مِن هَذِهِ الكَلِمَاتِ مُهِمَّةٌ، وسَأُبَيِّنُهَا لَكُم:
أَوَّلًا: (الدَّلَالَةُ عَلَى مُخَرِّجِ الحَدِيثِ) الدَّلَالَةُ وَاضِحَةٌ، بِمَعْنَى الإِرْشَادِ والإِظْهَارِ.
عَمَّن أَخَرَجَ الحَدِيثَ مِن العُلَمَاءِ. هَذَا وَاضِحٌ، تَقُولُ مَثَلًا: أَخْرَجَهُ فُلَانٌ.
ومُخَرِّجُِ الحَدِيثِ هُوَ العَالِمُ: البُخَارِيُّ، مُسْلِمٌ، التِّرْمِذِيُّ، النَّسَائِيُّ... أَي عَالِمٌ مِن العُلَمَاءِ المُتَقَدِّمِينَ.
(مَوْضِعُهُ) أَي مَكَانُ وُجُودِهِ في كُتُبِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهَا.
(في كُتُبِ السُّنَّةِ) لِأَنَّنَا نَشْتَغِلُ في الحَدِيثِ ِ(وَغَيْرِهَا) لِأَنَّنَا رُبَّمَا وَجَدْنَا الحَدِيثَ في كُتُبِ التَّفْسِيرِ، أو في كُتُبِ التَّارِيخِ، أو في كُتُبِ الفِقْهِ المُسْنِدَةِ، فَهَلْ نَقُولُ: هَذَا لا يَدْخُلُ في التَّخْرِيج؟ لا، يَدْخُلُ في التَّخْرِيج لِأَنَّنَا في التَّعْرِيفِ الأَصْلِيِّ قُلْنَا (مَوْضِعِهِ في مَصَادِرِهِ الأَصْلِيَّةِ) والمَصَادِر الأَصْلِيَّةُ تَشْمَلُ هَذَا كُلَّهُ، وَسَيَأْتِي مَزِيدُ كَلَامٍ وإِيضَاحٍ لِلْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ.
(مَصَادِرِهِ الأَصْلِيَّةِ) هَذِهِ أَكْثَرُ مَن يُخْطِئُ فِيهَا في التَّخْرِيجِ، حَتَّى طَلَبَةُ المَاجِسْتِيرِ والدُّكْتُورَاه في الجَامِعَاتِ يُخْطِئُون فيهَا، لِذَلِكَ سَأُبَسِّطُهَا أَكْثَرَ بَعْدَ قَلِيلٍ، إِنْ شَاءَ اللّهُ، لَكِنْ بِمَا أُعْطِيكُم الآنَ سَيَتَّضِحُ لَكُم المَعْنَى.
(مَصَادِرِهِ الأَصْلِيَّةِ) هِي الكُتُبُ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا الأَحَادِيثُ بِأَسَانِيدَ خَاصَّةٍ بِمُؤَلِّفيِهَا، تَبْتَدِئُ مِنْهُمْ وتَنْتَهِي بِالنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
لاَحظِوُا في التَّعْرِيفِ (هِيَ الكُتُبُ الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا الأَحَادِيثُ).
أَوَّلًا: مِن أَوْصَافِ المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ أَنْ تُوجَدَ فِيهِ أَحَادِيثُ، هَذَا أَوَّلُ وَصْفٍ.
ثَانِيًا: (بِأَسَانِيدَ) لَابُدِّ مِن أَنْ يَكُونَ في المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ الأَحَادِيثُ بِأَسَانِيدَ. هَذِهِ العَلَامَةُ الثَّانِيَةُ مِن عَلَامَاتِ أَنَّ هَذَا المَصْدَرَ أَصْلِيٌّ.
الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ الأَسَانِيدَ، وهُوَ أَهُمُّ شَيْءٍ عِنْدَنَا، خَاصَّةٌ بِمُؤَلِّفِ الكِتَابِ، تَبْتَدِئُ مِنْهُ وتَنْتَهِي إِلَى النَّبِي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو مَن قَصَدْنَا تَخْرِيجَ قَوْلِهِ.
مِثَالٌ: عِنْدِي مَثَلًا حَدِيثُ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»( ) لَو رَوَيْتُهُ أَنَا في كِتَابِي، وَذَكَرْتُ طَرَفَ إِسْنَادِهِ أَقُولُ: حَدَّثَنَا، مَثَلًا، يَحْيَى بنُ سَعِيدٍ، عَن مُحَمَّدِ بنِ إِبْرَاهِيمَ، عَن عَلْقَمَةَ بنِ وَقَّاصٍ، عَن عُمَرَ بنِ الخَطَّاب رَضِيَ الله عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَذَا وكَذَا.
لاَحِظُوا أَنِّي في كِتَابِي ذَكَرْتُ حَدِيثًا وَذَكَرْتُ إِسْنَادًا، لَكِنْ هَل ذَلِكَ الحَدِيثُ وَالإِسْنَادُ هُنَا، في الحَالَةِ هَذِهِ، مَصْدَرٌ أَصْلِيٌّ في كِتَابِي؟ لاَ، لِمَاذَا؟ لِأَنَّ الإِسْنَادَ الَّذِي أَوْرَدْتُهُ لَيْسَ خَاصًّا بِي، لَيْسَ مِن شُيُوخِي الَّذِين رَوَيْتُ عَنْهُم إِلَى أَنْ أَصِلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْنِي لَيْسَ مُتَّصِلَ الإِسْنَادِ مِنِّي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَئِذٍ لَا أُسَمِّيهِ مَصْدَرًا أَصْلِيًّا.
الشَّرَط الثَّالِث مِن شُرُوطِ مَعْرِفَةِ أَنَّ المَصْدَرَ أَصْلِيٌّ أَنْ تَكُونَ الأَسَانِيدُ المَوْجُودَةُ في ذَلِكَ الكِتَابِ خَاصَّةً بِمُؤَلِّفِ الكِتَابِ، تَبْتَدِئُ مِنْهُ وتَنْتَهِي عَنْدَ مَنْ؟ عَنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ. حَسَنٌ.
مَاذَا يُخَرِّج بِهَذَا القَيْدِ (المَصَادِر الأَصْلِيَّةِ) يُخَرِّج بِهَذَا القَيْدِ المَصَادِر الفَرْعِيَّةُ، فَالمَصَادِر الفَرْعِيَّةُ عَكْسُ هَذَا، إِمَّا أَلَّا تُوجَدَ فِيهَا الأَحَادِيثُ بِأَسَانِيدَ، أَو تُوجَدُ فِيهَا الأَحَادِيثُ بِأَسَانِيدَ وَلَكِنَّهَا أَسَانِيدُ غَيْرُ خَاصَّةٍ بِالمُؤَلِّفِ نَفْسِهِ، وَسَأَضْرِبُ عَلَى هَذَا أَمْثِلَةً بِإِذْنِ الله تَعَالَى.
مِثَالُ المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ: البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ وأبُو دَاودَ والتِّرْمِذِيُّ والنَّسَائِيُّ.
مِثَالُ المَصَادِر الفَرْعِيَّةِ، وَهِي الكُتُبُ الَّتِي لَا يُوجَدُ فِيهَا أَسَانِيدُ: بُلُوغ المَرَامِِ، عُمْدَةُ الأَحْكَامِ، رِيَاضُ الصَّالِحِينَ، وَغَيْرِهَا، هَذِهِ الكُتُبُ تَجِدُ فِيهَا أَحَادِيثَ، لَكِن لَيْسَ فِيهَا أَسَانِيدُ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ هَذَا غَالِبٌ عَلَيْهَا، فإِمَّا أَلَّا تُوجَدَ فِيهَا أَسَانِيدُ لِأَحَادِيثَ، أَو يُوجَدَ فِيهَا أَسَانِيدَ لَكِنْ لَا تَخُصُّ المُؤَلِّفَ بَلْ يَنْقُلُهَا مِن غَيْرِهِ، مِثْلُ «نَصْبِ الرَّايَةِ» لِلزَّيْلَعِيِّ، «تَلْخِيصِ الحَبِير»، «تَفْسِيرِ ابنِ كَثِيرٍ» وَغَيْرِهَا كَثِيرٌ.
وأَنَا لَاحَظْتُ أَنَّ الطُّلُّابَ الَّذِين يُنَاقِشُونَ عِنْدَنَا في الكُلِّيَّاتِ، وَهُمْ حَمَلَةُ مَاجِسْتِير ودُكْتُورَاه، خَاصَّةً في غَيْرِ تَخَصُّصِ السُّنَّةِ، كَثِيرًا ما يُحْسِنُونَ مَعْرِفَةَ ما هُوَ المَصْدَرُ الأَصْلِيُّ عَنْد المُحَدِّثِينَ مِن المَصْدَرِ الفَرْعَيِّ، وَلِذَلكَ يُضْحَكُ عَلَيْهِم أَحْيَانًا، يَقُولُ أَحَدُهُم: أَخْرَجَهُ ابنُ حَجَرٍ في بُلُوغ المَرَامِ. ومَثْلُ مَن يَقُولُ في المَسْأَلَةِ الفِقْهِيَّةِ؛ِ وُجُوبِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ لِصِيَامِ رَمَضَانَ، مَثَلًا، مَذْكُورَةٌ في «لِسَانِ العَرَبِ» لَابْنِ مَنْظُورٍ( ) يَقُولُ: ما لَقِيتُ هَذِهِ المَسْأَلَةَ إِلَّا في كِتَابٍ لُغَوِيِ! نَقُولُ: إِنَّ هَذَا مُخْطِئٌ خَطَأً بَعِيدًا.
نُكْمِلُ التَّعْرِيفِ: (مَع بَيانِ دَرَجَتِهِ ومَصَادِر ذِكْرِ الحَدِيثِ) يَعْنِي مَوْضُوعَ المَصَادِر الأَصْلِيَّةِ مَع بَيَانِ دَرَجَتِهِ.
المَقْصُودُ بِبَيَانِ الدَّرَجَةِ أَي الحُكْمُ عَلَى الحَدِيثِ؛ هَلْ هُوَ صَحِيحٌ أَو حَسَنٌ أَو ضَعِيفٌ أَو غَيْرُ ذَلِكَ. وهَذِهِ الدَّرَجَةُ تُعْتَبَرُ مِن أَهَمِّ ثِمَارِ التَّخْرِيجِ، خَاصَّةً في وَقْتِنَا؛ لِبُعْدِ النَّاسِ عَن مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ مِن غَيْرِهِ، فَلَا يَسَعُ طَالِبَ العِلْمِ أَو المُؤَلِّفَ أَنْ يُورِدَ الحَدِيثَ وَلَا يَذْكُرَ الدَّرَجَةَ، لا يُبَيِّنُ لِلنَّاسِ صِحَّةَ الحَدِيثِ، إِلَّا إِذَا كَانَ مِثْلَ شَيْخِنَا الشَّيْخِ ابنِ بَازٍ رَحْمَةُ الله عَلَيْهِ فَقَدْ عَوَّدَنَا أَنَّه لَا يَسْتَدِلُّ بِحَدِيثٍ إِلَّا إِذَا كَان حَدِيثًا صَحِيحًا، وَكَذَلك شَيْخُنَا الشَّيْخُ نَاصِرُ الدِّينِ الالبَانِيُّ، رَحْمَةُ الله علي الجَمِيعِ، لَا يُمْكِنُ أَنْ يُورِدُوا حَدِيثًا إِلَّا وَهُمْ يَقْطَعُونَ بِصِحَّتِهِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
وَهَذَا أَمْرٌ مُهِمٌّ يَا إِخْوَةُ جِدًّا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَن حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يَرَى أَنَّه كَذِبٌ» أَيْ: خَطَأٌ، الكَذِبُ بِمَعْنَى الخَطَأِ «يَرَى أَنَّه كَذِبٌ فَهُو أَحَدُ الكَاذِبِينَ»( ) وَفِي رِوَايَةٍ بِقِرَاءَةٍ عَن أَهْلِ العِلْمِ: «يُرَى» أَي: يَرَِاهُ أَهْلُ العِلْمِ أَنَّهُ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، ورَغْمَ هَذَا يُحْدِّثَ بِهِ، فَهُو أَحَدُ الكَاذِبِينَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ قَالَ فِيهِم النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «مَن كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ»( ) فَلَا تَتَسَاهَلْ في إِيرَادِ حَدِيثٍ إِلَّا إِذَا بَيَّنْتَ دَرَجَتَهُ.
وَلَعَلَّ هَذِهِ الكَلِمَاتِ الَّتِي كُنَّا نَقُولُهَا قَبْلَ قَلِيلٍ هِيَ أَهَمُّ شَيْء أَقَوْلُهُ لَكُم، إِذَا حَفِظْتُم عَنِّي هَذِهِ الفَائِدَةَ فَهِيَ أَهَمُّ؛ أَنَّك لَا تَأْتِي بِحَدِيثٍ عَن النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا وأَنْتَ تَقْطَعُ بِصِحَّتِهِ عَنْهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو يَوقِفُكَ مَن انْتُدِبُ في عِلْمِهِ ومَعْرِفَتِهِ بالسُّنَّة أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ صَحِيحٌ.
لماذا قُلْنَا مَع بَيانِ دَرَجَتَه عَنْدَ الحَاجَةِ؟
أَحْيَانًا يَكُونُ العَزْوُ لِلْكِتَابِ،ِ المَخْرِّجُ لَا يَشْتَرِطُ الصِّحَّةَ، كَالسُّنَنِ والمَسَانِيدِ والمُسْتَخْرَجَاتِ وَكُتُبٍِ كَثِيرَةٍ والأَجْزَاءِ الحَدِيثِيَّةِ، وَأَكْثَرُ الكُتُبِ عَلَى هَذَا النَّحْوِ.
لَكِنْ إِذَا كَانَ الكِتَابُ يَشْتَرِطُ الصِّحَّةَ؛ مَثْلُ البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، فَأَنَا لَا أَحْتَاجُ إِلَى أَن أَقُولَ أَنَّ الحَدِيثَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ، وهُوَ صَحِيحٌ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وهُوَ صَحِيحٌ. لَا أَحْتَاجُ، وَمَن فَعَلَ هَذَا مِن الفُضَلَاءِ مِن أَهْلِ العِلْمِ المُتَأَخِّرِينَ أَو المُتَقَدِّمِينَ فَإِنَّه لَيْسَ يُتْقِنُ عَمَلَهُ، يَعْنِي نَقُولُ إِنَّه صَوَابٌ وَإِنْ كَانَ هُوَ مُجْتَهِدٌ، وهُوَ إِمَامٌ رَحِمَهُ الله تَعَالَى. لَكِنَّنَا لَا نَأْتِي بِبَيَانِ الدَّرَجَةِ إِلَّا إِذَا كَانَ المَصْدَرُ الَّذِي نَعُودُ إِلَيْهِ لَا يَعْتَمِدُ صِحَّةَ الأَحَادِيثِ، أو لَا يُمْكِنُ الجَزْمُ بِأَنَّ الأَحَادِيثَ الَّتِي أَوْرَدَهَا أَحَادِيثُ صَحِيحَةٌ؛ كَسُنَنِ أَبِي دَاودَ والتِّرْمِذِيِّ والنَّسَائِيِّ وابنِ مَاجَهْ ومُسْنَدِ أَحْمَدَ، حَتَّى مُوَطَّأِ الإِمَامِ مَالِكٍ، الصَّحِيحُ أَنَّه لَيْسَ كُلُّهَ عَلَى وَتِيرَةٍ وَاحِدَةٍ، فَالأَحَادِيثُ المَرْفُوعَةُ فِيهِ أَكْثَرُهَا صَحِيحٌ، ويَنْدُرُ فِيهَا الضَّعِيفُ، لَكِنَّ الإِمَامَ مَالِكًا يَرْوِي المَقَاطِيعَ والمَرَاسِيلَ والبَلَاغَاتِ، فَتَنَّبُهوا إِلَى هَذَا.
إذًا قَوْلُنَا (عَنْدَ الحَاجَةِ) نَقْصِدُ بِهِ أَنَّه إِذَا لَم تَكُنْ هُنَاكَ حَاجَةٌ لِبَيَانِ الحُكْمِ عَلَى الحَدِيثِ فَلَا نَحْتَاج إِلَيْهَا.
ما هِيَ الحَالَةُ الَّتِي لَا نَحْتَاجُ الحُكْمَ إِلَيْهَا؟
إِذَا كَانَ الكِتَابُ الَّذِي خَرَّجْنَا مَنْهُ يَشْتَرِطُ الصِّحَّةَ.
ما هِيَ الكُتُبُ الَّتِي تَشْتَرِطُ الصِّحَّةَ؟
الصَّحِيحَانِ فَقَطْ، أَمَّا مَا عَدَاهَا كـ«المُخْتَارَةِ» أَو «صَحِيحِ ابن حِبَّانَ» أَو «صَحِيحِ ابنِ خُزَيْمَةَ» أَو «صَحِيحِ الحَاكِمِ» كُلُّ هَذِهِ لَا حُجَّةَ فِيهَا عَلَى أَنَّ كُلَّ ما ذَكَرُوهُ صَحِيحٌ، فَتَنَبَّهُوا إِلَى هَذَا، فَفِيهَا ضَعِيفٌ لَيْسَ بِالقَلِيلِ.
الآنَ نَبْسُطُ مَسْأَلَةَ المَصَادِرِ.
مَصَادِرُ التَّخْرِيجِ مُمْكِنٌ نُقَسِّمُهَا إِلَى قِسْمَيْن:
مَصَادِرُ أَصْلِيَّةٌ، وتُسَمَّى مَصَادِرَ مُسْنِدَةً، وَهِيَ الكُتُبُ الَّتِي لِمُؤَلِّفِيهَا أَسَانِيدُ مُسْتَقِلَّةٌ بِهِم، كَمَا مَرَّ مَعَنَا.
مِثَالُهُ: كُتُبُِ السُّنَنِ والمَسَانِيدِ والصِّحَاحِ وَغَيْرِهَا، كَالسُّنَنِ الأَرْبَعَةِ ومُسْنَدِ أَحْمَدَ والصَّحِيحَيْنِ، هَذِهِ نُسَمِّيهَا مَصَادِرَ أَصْلِيَّةً.
الثَّانِي: مَصَادِرُ فَرْعِيَّةٌ، مَصَادِرُ غَيْرُ مُسْنِدَةٍ.
النَّوْعُ الأَوَّلُ مِن نَوْعِ المَصَادِرِ الفَرْعِيَّةِ، لِأَنَّهَا كَثِيرَة جِدًّا: ما ذَكَرَ فِيهِ المُؤَلِّفُ الحَدِيثَ بِإِسْنَادِ غَيْرهِ مِن المُصَنِّفِينَ. مِثْلُ أَنْ يُورِدَ ابنُ حَجَرٍ مَثَلًا في كِتَابِهِ «التَّلْخِيصِ الحَبِيرِ» أَسَانِيدَ لِأَئِمَّةٍ مُتَقَدِّمِينَ.
وَهَذَا لَهُ صُوَرٌ:
الصُّورَةُ الأُولَى: أَنْ يُورِدَ أَثْنَاءَ كَلَامِهِ أَسَانِيدَ أَحَادِيثَ، أَصْحَابُهَا مِمَّن نَقَل عَنْهُم كَأَصْحَابِ السُّنَنِ ونَحْوِهَا.
فَمَثَلًا يَأْتِي ابنُ كَثِيرٍ في «تَفْسِيرِهِ»( ) ويُفَسِّرُ مَعْنَى ﴿الضَّالِّينَ﴾ أَنَّهُم النَّصَارَى و﴿المَغْضُوبَ عَلَيْهِم﴾ أَنَّهُم اليَهُودُ، ثُمَّ يُورِدُ حَدِيثَ عُمَرَ رَضِيَ الله عَنْه في السُّنَنِ أَنِّ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: «الضَّالُّون هُم النَّصَارَى، والمَغْضُوبُ عَلَيْهِم هُمُ اليَهُودُ»( ) وَيَسُوقُ إِسْنَادَ أَصْحَابِ السُّنَنِ ومُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، يَسُوقُهَا الإِمَامُ ابنُ كَثِيرٍ بإِسْنَادِهِ، يَقُولُ (قاَلَ أَحْمَدُ) ثُمَّ يَسُوقُ الإِسْنَادَ، ثُمَّ يَأْتِي بِحَدِيثِ عُمَرَ (قَالَ أبُو دَاودَ) ثُمَّ يَسُوقُ الإِسْنَادَ، وَهَذَا كَثِيرٌ عَنْدَ الإِمَامِ ابنِ كَثِيرٍ.
ومِثَالُهُ أيضًا «نَصْبُ الرَّايَةِ لِأَحَادِيثِ الهِدَايَةِ» لِلْحَافِظِ عَبْدِ الله بنِ يُوسُفَ الزَّيْلَعِيِّ، المُتَوَفَّى سَنَةَ 762 هـ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ مِن النَّوْعِ الأَوَّلِ: تَرْتِيبُ أَحَادِيثِ بَعْضِ المَصَادِرِ المُسْنِدَةِ لِبَعْضِ المُصَنِّفِينَ.
هَذَا تَقْسِيمٌ لَمَن شَاءَ مِنْكُم الدِّقَّةَ في التَّأَمُّلِ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ: يَأْتِي إِلَى الكُتُبِ، كَالسُّنَنِ والصَّحِيحَيْنِ، وَيَقُومُ بِتَرْتِيبِ أَحَادِيثِهَا بِتَرْتِيبٍ مُعَيَّنٍ يَخْتَارُهُ، وَيَسُوقُ هَذِهِ الأَسَانِيدَ بِطَرِيقَةٍ يَخْتَارُهَا أَيْضًا. مَثْلُ كِتَابِ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» لِلْمِزِّيِّ( ) الَّذِي سَنَدْرُسُهُ، إِنْ شَاءَ الله تَعَالَى، دِرَاسَةً تَفْصِيلِيَّةً. «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» لِلْمِزِّيِّ جَمَعَ سِتَّةً كُتُبٍِ مَشْهُورَةٍ ولَوَاحِقَهَا، وجَرَّدَهَا وَوَضَعَ مُتُونَهَا، وجَمَعَ أَسَانِيدَهَا ورَتَّبَهَا بِطَرِيقَةٍ غَرِيبَةٍ مُفِيدَةٍ جِدًّا.
فـ«تُحْفَةُ الأَشْرَافِ» فِيهِ أَسَانِيدُ ومُتُونٌ، ومَعَ هَذَا نُسَمِّيهِ مَصْدَرًا فَرْعَيًّا.
لِمَاذَا؟
لِأَنَّ الأَسَانِيدَ الَّتِي أَوْرَدَهَا المِزِّيُّ فِيهِ لَيْسَتْ خَاصَّةً بِهِ، وَلَا عُبِّرَت بِرِوَايَاتِهِ الَّتِي سَاقَهَا في بِدَايَةِ كِتَابِهِ لِهَذِهِ الكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي رَوَاهَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِن العُلَمَاءِ لَهُ أَسَانِيدُ لِهَذِهِ الكُتُبِ، والعِبْرَةُ بِمَا أَوْدَعَهُ في كِتَابِهِ، وسَأُبَيِّنُ هَذَا إِنْ شَاءَ الله في وَقْتٍ بِإِذْنِ اللهِ.
الصُّورَة الثَّالِثَة: تَرْتِيبُ زَوَائِدِ مَصْدَر أَو مَصَادِرَ مُسْنِدَةٍ.
مَثْلُ البُوصَيْرِيِّ( ) في «مِصْبَاحِ الزُّجَاجَةِ في زَوَائِدِ سُنَنِ ابنِ مَاجَهْ» مَاذَا فَعَلَ؟
جَمَعَ الزَّوَائِدَ الَّتِي زَادَهَا الإِمَامُ ابنُ مَاجَهْ عَلَى أَصْحَابِ الكُتُبِ السِّتَّةِ وأَوْدَعَهَا هَذَا الكِتَابَ، وسَمَّاهَا «زَوَائِدَ ابنِ مَاجَهْ» وسَمَّاهُ «مِصْبَاحَ الزُّجَاجَةِ في زَوَائِدِ سُنَنِ ابنِ مَاجَهْ».
ومَثْلُ «مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ في زَوَائِدِ المُعْجَمَيْنِ» لِأَبِي بَكْرٍ الهَيْثَمِيِّ( ) أبُو بَكْرٍ الهَيْثَمِيّ هَذَا مَشْهُورٌ بِكِتَابِ الزَّوَائِدِ، جَاءَ بالمُعْجَمِ الكَبِيرِ والمُعْجَمِ الأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ، واختَصَرَهَا، ووَضَعَ الزِّيَادَات الَّتِي تُوجَدُ فِيهَا ولَا تُوجَدُ في الكُتُبِ السِّتَّةِ، وجَمَعَهَا في كِتَابِهِ «مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ» وَلَه كُتُبٌ كَثِيرَةٌ غَيْرُهُ.
أيضًا الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ لَه كِتَاب اسْمُهُ «المَطَالِبُ العَالِيَةُ بِزَوَائِدِ المَسَانِيدِ الثَّمَانِيَةِ» وهُوَ نَوْعَانِ: نَوْعٌ مُسْنِدٌ، وهُوَ مَطْبُوعٌ، ونَوْعٌ غَيْرُ مُسْنِدٍ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ فِيهِ، وسَنَتَكَلَّمُ عَن القِسْمِ المَطْبُوعِ المَوْجُودِ فِيهِ أَسَانِيدُ.
لَو فَتَحْتَ «المَطَالِبَ العَالِيَةَ» لِابْنِ حَجَرٍ ونَظَرْتَ في الأَسَانِيدِ تَجِدُهَا بَعِيدَةً عَن ابنِ حَجَرٍ تَمَامًا، تَجِدُ الأَسَانِيدَ لِلْقَرْنِ الثَّالِثِ الهِجْرِيِّ، فَهِيَ لَيْسَتْ أَسَانِيدَ ابنِ حَجَرٍ، إِنَّمَا هِيَ أَسَانِيدُ العُلَمَاءِ المُتَقَدِّمِينَ الَّذِينَ اعتَنَى هُوَ بِكُتُبِهِم.
مِثَالٌ فِي «نَصْبِ الرَّايَةِ» لِلزَّيْلَعِيِّ( ): حَدِيثٌ آخَرُ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِن حَدِيثِ أَبِي عِصْمَةَ، عَن مُوسَي بنِ عُقْبَةَ، عَن الأَعْرَجِ، عَن أَبِي جَهْمٍ( ) قَالَ: أَقْبَلَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِن بِئْرِ... إِلَى آخِرِهِ( ).
هَلْ يُوجَدُ إِسْنَادٌ أَمْ لاَ يُوجَدُ إِسْنَادٌ؟ يُوجَدُ.
هَلْ يُوجَدُ حَدِيثٌ أم لَا يُوجَدُ حَدِيثٌ؟ يُوجَدُ حَدِيثٌ.
لَكِنْ هَل هَذَا الإِسْنَادُ يَخُصُّ الزَّيْلَعِيَّ؟
هَذَا الإِسْنَاد لِلدَّارَقُطْنِيِّ، الَّذِي تُوَفِّيَ سَنَةَ 185 هِجْرِيَّةً، فنَقَلَ هُوَ إِسْنَادَ الدَّارَقُطْنِيِّ ووَضَعَهُ في كِتَابِهِ.
إِذًا هَذَا نَمُوذَجٌ لَمِصْدَرٍ فَرْعَيٍّ ذَكَرَ أَسَانِيدَ غَيْرَ خَاصَّةٍ بِهِ، وَاضِحٌ يَا إِخْوَانِي؟
مِثَالٌ آخَرُ: «بُلُوغُ المَرَامِِ» لَابْنِ حَجَرٍ، رَحِمَه اللّهُ، هَذَا مَصْدَرٌ فَرْعِيٌّ، يَنْقُلُ مِن «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» يَقُولُ: حَدَّثَنَا الفِرْيَابِىُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَن عِمْرَانَ البَارِقِىِّ، عَن عَطِيَّةَ، عَن أَبِى سَعِيدٍ( ): قَالَ رَسُول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ... »( ) الحَدِيثِ. لَو رَجَعْنَا إِلَى القَائِلِِ (حَدَّثَنَا) نجده مُؤْلِّفَ الكِتَابِ الَّذِي بَيْنَ أَيْدِينَا، قَالَ: (حَدَّثَنَا) مَن؟ مُحَمَّدُ بنُ عَوُفٍ( ) رَجَعْتُ إِلَى تَلَامِيذِهِ فوَجَدْتُ أََنَّ مُؤْلِّفَ الكِتَابِ هُوَ تِلْمِيذٌ لِهَذَا الشَّيْخِ، إِذًا هَذَا الإِسْنَادُ خَاصٌّ بِمُؤَلِّفِ الكِتَابِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذًا هَذَا مَصْدَرٌ أَصْلِيٌّ.
«تَفْسِيرُ ابنِ كَثِيرٍ» لَيْسَ مَصْدَرًا أَصْلِيًّا لَأَنَّهُ يَذْكُرُ الأَحَادِيثَ بأَسَانِيدَ غَيْرِهَا.
أُبَيِّنُ لَكُم إِشْكَالاً يَقَعُ فِيه حَتَّى بَعْضُ الطَّلَبَةِ المتُخَصِّصِينِ، بَعْضُ المَحَاضِرِ فِيهَا خَلْطٌ بَيِّنٌ، أَنا بَيَّنْتُ أَنَّهُ قَد يَجْتَمِعُ في المَصْدَرِ أَنْ يَكُونَ أَصْلِيًّا وفَرْعِيًّا في آنٍ وَاحِدٍ أَحْيَانًا، حَسَنٌ أَنَا نَبَّهْتُ عَلَى هَذَا، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ هَذِهِ المَسْأَلَةِ لِأَهَمِّيَّتِهَا.
فالمَصَادِرُ أَصْلِيَّةٌ وفَرْعِيَّةٌ.
لَو فَتَحْنَا المَصَادِرَ الفَرْعِيَّةَ لوَجَدْنَاهَا عَلَى قِسْمَيْنِ:
القِسْمُ الأَوَّلُ يُوجَدُ فِيهِ أَسَانِيدُ. والقِسْمُ الثَّانِي لَا يُوجَدُ فِيهِ أَسَانِيدُ أَبَدًا.
القِسْمُ الأَوَّلُ إِذَا فَتَحْنَاهُ وَجَدْنَا الأَسَانِيدَ، ووَجَدْنَاهُم يَتَنَوَّعُونَ في إِيرَادِهَا، فَأَحْيَانًا يُورِدُهَا المُؤَلِّفُ إِذَا كَانَت مُنَاسِبَةً، مَثْلُ ابنِ كَثِيرٍ، كَلَّمَا احْتَاجَ إِلَى تَفْسِيرِ شَيْءٍ يَأْتِي بِإِسْنَادِ أَحْمَدِ، أبُو دَاودَ.
مَاذَ نُسَمِّي هَذَا؟ نُسَمِّيهِ مَصْدَرًا فَرْعَيًّا مِن النَّوْعِ الأَوَّلِ، وهُوَ أَحَدُ صُوَرِهِ، الصُّورَةُ الأُولَى مِنْهُ.
الصُّورَةُ الثَّانِيَةُ يأتي بِأَسَانِيدَ كُتُبٍ ويُرَتِّبُهَا في كِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ بِأَسَانِيدَ خَاصَّةٍ.
الصُّورَةُ الثَّالِثَةُ تُرَتِّبُهَا دَوَاعِي الكُتُبِ.
النَّوْعُ الثَّانِي: هُوَ أَن يُورِد الحَدِيثَ مُجَرَّدًا عَن الإِسْنَادِ أو مُقْتَصِرًا عَلَى جُزْءٍ، كَأَنْ يَقُولَ في الَّذِي مَرَّ مَعَنَا في «بُلُوغِ المَرَامِِ»: عَن أَبِي هُرَيْرَةَ( ) عَن رَسُولِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَذَا. وَأَحْيَانًا يَقُولُ: عَن نَافِعٍ، عَن ابنِ عُمَرَ: نَهَى عَن الشِّغَارِ.
مَن مِنْكُم يَحْفَظُ البُلُوغَ؟ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ دَقِيقٌ جِدًّا، وإِنْ كَانَ لَهُ أَوْهَامٌ مَثْلُ غَيْرِهِ، لَكِنَّهُ لَمَّا يُورِدُ زِيَادَةَ إِسْنَادٍ فَإِنَّهُ دَائِمًا يُرِيدُ بِهَا مَعْنًى هَامًّا جِدًّا خَاصًّا، رَحِمَهُ اللّهُ.
مَاذَا نُسَمِّي هَذَا؟ الزَّوَائِدُ.
وهَذِهِ أَنْوَاعٌ، مِنهَا «مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ»، «جَامَعُ الأُصُولِ»، «جَمْعُ الجَوَامِعِ» لِلسُّيُوطِيِّ، «الجَامَعُ الكَبِيرُ» لِلسُّيُوطِيِّ، «كَنْزُ العُمَّالِ» هَذِهِ كُلُّهَا نُسَمِّيهَا مَصَادِرَ فَرْعِيَّةً؛ لِأَنَّها لَيْسَ فِيهَا أَسَانِيدُ أَصْلًا، إِنَّمَا تَرِدُ فِيهَا أَسْمَاءُ صَحَابَةٍ وأَحَادِيثُ.
تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ: مَتَّى يُعْزَى إِلَى المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ؟ وَمَتَى يُعْزَى إِلَى المَصْدَرِ الفَرْعَيِّ؟
الأَصْلُ أَنْ يَكُونَ العَزْوُ لِلْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ، هَذَا هُوَ الأَصْلُ، الِاسْتِثْنَاءُ يَأْتِي في حَالَاتٍ يَجُوزُ لَكَ أَنْ تَعْزُوَ لِلْمَصْدَرِ الفَرْعِيِّ فِيهَا:
الحَالَةُ الأُولَى إِذَا تَعَذَّر عَزْوُ الحَدِيثِ لِلْمَصَادِرِ الأَصْلِيَّةِ؛ إِمَّا لِفَقْدِ المَصْدَرِ، مَثْلُ «تَفْسِيرِ ابْنِ مَاجَهْ» هَذَا الكِتَابُ غَيْرُ مَوْجُودٍ، مَفْقُودٌ، فَأَنَا لَمَّا أُرِيدُ أَنْ أَعْزُوَ لِتَفْسِيرِ ابْن مَاجَهْ لا أَجِدُهُ إِلَّا في «الدُّرِّ المَنْثُورِ» لِلسُّيُوطِيِّ، فَهُوَ يَأْتِي بِالأَحَادِيثِ ويَقُولُ: الحَدِيثُ أَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ في «تَفْسِيرِهِ» وَسَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ( ) في «تَفْسِيرِهِ». هَذَانِ التَّفْسِيرَانِ مَفْقُودَانِ؛ «تَفْسِيرُ سَعِيدِ بنِ مَنْصُورٍ»، و«َتَفْسِيرُ ابنِ مَاجَه»ْ، كِتَابَانِ أَلَّفَهُمَا العُلَمَاءُ وَفُقِدَا، لَكِنْ وَقَفَ السُّيُوطِيُّ عَلَيْهِمَا، وجَرَّدَهُمَا في مَوَاضِعَ مِن كِتَابِهِ «الدُّرِّ المَنْثُورِ».
فأَنا الآنَ مُحْتَاجٌ لِهَذَا الأَثَرِ الَّذِي رَوَاهُ ابنُ مَاجَهْ، أَو لِهَذَا الحَدِيثِ، ولَم أَجِدْهُ في غَيْرِهِ، والكِتَابُ غَيْرُ مَوْجُودٍ، فَمَاذَا أَصْنَعُ؟ أُخَرِّجُ مِن المَصْدَرِ الفَرْعَيِّ، لَكِنْ بِصِيغَة سَيَأْتِي بَيَانُهَا بَعْدَ قَلِيلٍ.
إِمَّا لِفَقْدِ المَصْدَرِ، أَو تَعَذَّرَ الوُصُولُ إِلَيْهِ.
لِمَاذَا تَعَذَّرَ الوُصُولُ إِلَيْهِ؟
مَثَلًا أَنَتَ تَبْحَثُ عَن مَخْطُوطٍ لِكِتَابٍ مَوْجُودٍ، لَكِنْ نَادِرُ الوُجُودِ، وتَعَذَّرَ الوُصُولُ إِلَى هَذَا الكِتَابِ، يَعْنِي أَنَّكَ طَلَبَتْهُ مِمَّن عِنْدَهُ فَأَبَى عَلَيْكَ، أَو بَعُدَ عَلَيْكَ، أَو طَالَ في المُدَّةِ، أَو ضَاقَ عَلَيْكَ الوَقْتُ، أَو أَيِّ سَبَبٍ مِن الأَسْبَابِ، فَيَجُوزُ لَكُ أَنْ تَعْزُوَ لِلْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ، والحَالَةُ تِلْكَ، لَكِنْ لَا بُدَّ أَن يَكُونَ لَكَ عُذْرٌ مَقْبُولٌ، سَوَاءٌ كَانَ لَكَ أَبْحَاثٌ عِلْمَيَّةٌ أَكَادِيمِيَّةٌ، أَو كَان لَك عِلْمٌ ما في كِتَابٍ تُؤَلِّفُهُ.
أَو عَدَمِ القُدْرَةِ عَلَى الوُصُولِ لِلْحَدِيثِ فِيهَا.
بَعْضُ النَّاسِِ يَبْحَثُ عَن حَدِيثٍ، وهُوَ في «مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدِ» ومَا يُحْسِنُ أَن يُخَرِّجَ الحَدِيثَ مِن «مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ» فيَقُولُ: نَقَلْتُهُ مِن كِتَابِ الشَّيْخِ الالبَانِيِّ، نَقَلْتُهُ مِن كِتَابِ «بُلُوغِ المَرَامِِ» لاِبنِ حَجَرٍ. نَقُولُ: أَنْتَ أَحْسَنُ مِن الَّذِي تَرَكَ الحَدِيثَ ومَا أَخْرَجَهُ نِهَائِيًّا، وَإِنْ كَانَ فِعْلُكَ هَذَا لاَ يَكْفِي؛ لِأَنَّ المَطْلُوبَ مِنْكَ أَن تَسْأَلَ مَن هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ.
هَذِهِ الحَالَاتُ أَغْلَبُ ما وَجَدْتُ أَنَّ العَزْوَ إِلَى المَصْدَرِ الفَرْعَيِّ مَعَهَا مُمْكِنٌ، لَكِنْ لَا يَجُوزُ في حَالَاتٍ أَن نَعْزُوَ إِلَيْهَا إِلَّا إِذَا فُقِدَتْ المَصَادِرُ الأَصْلِيَّةُ أَو تَعَذَّرَ الوُصُولُ إِلَيْهَا، وهَذَا مُهِمٌّ جِدًّا.
وإِذَا وَجَدْنَا فَائِدَةً في المَصْدَرِ الفَرْعِيِّ لَا تُوجَدُ في المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ فَعِنْدَئِذٍ يَنْبَغِي عَلَيَّ أَن أَجَمْعَ بَيْنَ العَزْوِ إِلَى المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ والمَصْدَرِ الفَرْعِيِّ في آنٍ وَاحِدٍ، فَأَقُولَ مَثَلًا: أَخْرَجَهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ (الجُزْءَ والصَفْحَة ورَقَمَ الحَدِيثِ) وأَوْرَدَهُ الهَيْثَمِيُّ في «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» وقَالَ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ.
الآنَ الفَائِدَةُ الَّتِي قَالَهَا الهَيْثَمِيُّ أَنَّ رِجَالَهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ أَلَيْسَتْ مِن مَقَاصِدِ التَّخْرِيج؟ الحُكْمُ عَلَى الحَدِيثِ؟ هَذِهِ الفَائِدَةُ ما وَجَدْتُهَا إِلَّا عَنْدَ الهَيْثَمِيِّ في «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» مَعَ أَنَّ المَصْدَرَ فَرْعِيٌّ، فَأَنَا احْتَجْتُ إِلَيْهَا، وَلِذَلِكَ دَخَلْتُ إِلَى هَذَا الكِتَابِ وَاسْتَخْرَجْتُ مَا أُرِيدُ مَنْهُ، وأَرْدَفْتُهُ تَخْرِيجِي الأَصْلِيَّ، قُلْتُ: أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ (الجُزْءَ والصَفْحَة ورَقَمَ الحَدِيثِ) وَذَكَرَهُ الهَيْثَمِيُّ. أَو: أَوْرَدَهُ الهَيْثَمِيُّ في «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» (الجُزْءَ والصَّفْحَةَ) وقَالَ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيح. أَو: إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ.
مِثَالٌ:
لَو فَتَحْتُم مَثَلًا «سِيَرَ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» لِلذَّهَبِيِّ( ) سَتَجِدُونَ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً جِدًّا، وأَسَانِيدَ كَثِيرَةً أَيْضًا، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟ وَسَتَجِدُونَ أَحَادِيثَ يَخْتِمُ بِهَا الذَّهَبِيُّ التَّرَاجِمَ، يَقُولُ: وَقَد وَقَعَ لِي حَدِيثُهُ بَدَلًا عَالِيًا. أَو: مُوَافِقًا عَالِيًا. أَو: مُسَاوَاةً. أَو: مُصَافَحَةً. ثُمَّ يَسُوقُهَا الذَّهَبِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِسْنَادٍ طَوِيلٍ حَوَالَى 16 رَاويًا حَتَّى يَصِلَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فلَو بَحَثْتَ عَن حَدِيثٍ وَلَم تَجِدْهُ إِلَّا في كِتَابِ الذَّهَبِيِّ وَأَرَدْتَ أَن تُخْرِّجَهُ مِن «سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» فلَا أَحَدَ يَعِيبُ عَلَيْكَ، لِمَاذَا؟ لِأَنَّ «سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» وَإِن كَانَ في الأَصْلِ مَصْدَرًا فَرْعِيًّا إِلَّا أَنَّه في هَذَا الحَدِيثِ يُعَامَلُ عَلَى أَنَّه مَصْدَرٌ أَصْلِيٌّ، لِمَاذَا؟ لِأَنَّ مُؤَلِّفَهُ سَاقَهُ الحَدِيثَ بِإِسْنَادِهِ الخَاصِّ بِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاجْتَمَعَت فِيه أَوْصَافُ المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ في هَذَا الحَدِيثِ بِعَيْنِهِ.
وكَذَلِكَ ابنُ كَثِيرٍ في «تَفْسِيرِهِ» أَوْرَدَ بَعْضَ مَوَاضِعَ قَلِيلَةٍ بِنَفْسِ الطَّرِيقَةِ، لَكِنَّ الأَصْلَ في تَفْسِيرِ ابنِ كَثِيرٍ وفي «سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ» وفِي «تَهْذِيبِ الكَمَالِ» وفِي تَفَاسِيرَ كَثِيرَةٍ وكُتُبٍِ كَثِيرَةٍ، الأَصْلُ فِيهَا أَنَّها مَصَادِرُ فَرْعِيَّةٌ. وكِتَابُ «عُمْدَةُ الأَحْكَامِ» لِعَبْدِ الغَنِيِّ المَقْدِسِيِّ( ) هَذَا مَصْدَرٌ فَرْعَيٌّ، وكِتَابُ «تَارِيخِ الإِسْلَامِ» لِابْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ( ) يُعْتَبَرُ مَصْدَرًا أَصْلِيًّا؛ لِأَنَّ ابنَ جَرِيرٍ الطَّبَرِيَّ مُتَقَدِّمٌ، والرِّوَايَاتُ التَّارِيخِيَّةُ يَسُوقُهَا بِإِسْنَادِهِ الخَاصِّ بِه.
مِثَالٌ آخَرُ:
«مُنْتَقَى الأَخْبَارِ مِن أَحَادِيثِ سَيِّدِ الأَخْيَارِ» لِلْمَجْدِ فِيهِ أَحَادِيثُ وَفِيهِ أَسَانِيدُ، هُوَ مَصْدَرٌ فَرْعِيٌّ، كَيْفَ هَذَا؟ نَعَم، فِيهِ أَسَانِيدُ لَكِنَّهَا غَيْرُ خَاصَّةٍ بِالمَجْدِ ابنِ تَيْمِيَةَ( ) وَهَكَذَا.
«غَرِيبُ الحَدِيثِ» لِلْخَطَّابِيِّ( ) إِذَا فَتَحٍتَهُ سَتَجِدُ الخَطَّابِيَّ، رَحِمَهُ الله تَعَالَى، يَسُوقُ الأَحَادِيثَ بِإِسْنَادِهِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذًا هُوَ مَصْدَرٌ أَصْلِيٌّ.
فَمِن عَلَامَاتِ المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ أَنَّك لَو فَتَحْتَ أَوَّلَ صَفْحَة مِن الكِتَابِ سَتَجِدُ المُؤَلِّفَ يَقُولُ: حَدَّثَنَا كَذَا، قَالَ: حَدَّثَنَا. وأَحْيَانًا يَأْتِي الرَّاوِي تِلْمِيذُ المُصَنِّفِ يَقُولُ: حَدَّثَنَا شَيْخُنَا الإِمَامُ العَلَّامَةُ قِرَاءَةً عَلَيْهِ. هَذَا مَصْدَرٌ فَرْعِيٌّ، فالضَّابِطُ عِنْدَنَا في المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ أَن يَكُونَ القَائِلُ (حَدَّثَنَا) هُوَ مُؤْلِّفَ الكِتَابِ.
نَأْتِي إِلَى عَنَاصِرِ التَّخْرِيجِ، عَنَاصِرُ التَّخْرِيجِ تَهُمُّكُم جِدًّا.
ما المَعْلُومَاتُ الَّتِي تَنْقُلُونَهَا مِن الكُتُبِ الأَصْلِيَّةِ وتَضَعُونَهَا في أَبْحَاثِكُم وفِي كُتُبِكُم وفِي خُطَبِكُم؟
أَوَلًا: تَأْتُون بِاسْمِ المُخْرِّجِ؛ البُخَارِيُّ، أبُو دَاودَ، ابنُ أبي الدُّنْيَا، الحَاكِمُ، البَيْهَقِيُّ.
ثَانِيًا: تَأْتُون بِاسْمِ الكِتَابِ؛ مَثَلًا: أَدَبَ البُخَارِيِّ. أَحْيَانًا لَا يَكُونُ اسْمُ الكِتَابِ مُهِمًّا، وَذِلَك إِذَا كَان المُؤَلِّفُ لَيْسَ لَه إِلَّا مُؤْلَّفٌ وَاحِدٌ، أَو اشْتُهِرَ بكِتَابٍ مُعَيَّنٍ، فَإِذَا قُلْتُ أَنَا (رَوَاهُ البُخَارِيُّ) مَاذَا تَفْهَمُونَ؟ وَإِذَا قُلْتُ (رَوَاهُ الحَاكِمُ) مَاذَا تَفْهَمُونَ؟ بَيْنَمَا لَو جِئْنَا مَثَلًا لِلْبُخَارِيِّ لوَجَدْنَا لَه كُتُبٌِ كَثِيرَةٌ؛ لَه «الأَدَبُ المُفْرَدُ»، و«خَلْقُ أَفْعَالِ العِبَادِ»، و«القِرَاءَةُ خَلْفَ الإِمَامِ»، و«التَّارِيخُ الكَبِيرُ»، و«التَّارِيخُ الصَّغِيرُ» وكُتُبٌِ كَثِيرَةٌ، فَمَتَى يَجِبُ عَلَيَّ أَن أذْكُرَ اسْمَ الكِتَابِ؟ إِذَا صَارَ مُطْلَقُ العَزْوِ لِلْمُخَرِّجِ لَا يُغْنِي عَنْه، فَحِينَ أَقُولُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) إِطْلَاقُ اسْمِ (مُسْلِمٍ) يُغْنِي عَن ذِكْرِ صَحِيحِهِ، لَكِنْ حِينَ أَقُولُ: (رَوَاهُ ابنُ أَبِي الدُّنْيَا) فابنُ أَبِي الدُّنْيَا( ) لَهُ أَكْثَرُ مِن مِائَةِ مُصَنَّف، لَهُ «كِتَابُ الصَّمْتِ»، و«آدَابُ اللِّسَانِ»، و«صِفَةُ الجَنَّةِ»... لَهُ كُتُبٌِ كَثِيرَةٌ، فَلَابُدَّ مِن أَقُولَ (رَوَاهُ ابنُ أَبِي الدُّنْيَا في صِفَةِ الجَنَّة) جَعَلَنَا الله وَإِيَّاكُم مِن أَهْلَهَا.
إِذًا اسْمُ المُخْرِّجِ أَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ؛ إِذَا كَانَ مُطْلَقُ العَزْوِ لِلْمُخَرِّجِ لَا يُغْنِي عَن ذِكْرِ اسْمِ الكِتَابِ.
الثَّالِثُ: اسْمُ الكِتَابِ الفِقْهيِّ. إِذَا كَان الكِتَابُ مُرَتَّبًا عَلَى الكُتُبِ الفِقْهيَّةِ، فالعُلَمَاءُ رَتَّبُوا كُتُبَهُم تَرْتِيبَاتٍ مُخْتَلِفَةً؛ مِنْهُمْ مَن رَتَّبَهَا عَلَى مَسَانِيدِ الصَّحَابَةِ، ومِنْهُمْ مَن رَتَّبَهَا عَلَى الكُتُبِ الفِقْهيَّةِ؛ كِتَابِ الطَّهَارَةِ، كِتَابِ الصَّلَاةِ، كِتَابِ الزَّكَاةِ، كِتَابِ الحَجِّ، كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَهَكَذَا، وَمِنْهُمْ مَن رَتَّبَهَا عَلَى أَنْوَاعٍ أُخْرَى سَيَأْتِي، إِنْ شَاءَ اللهُ، الكَلَامُ عَنْهَا فِيمَا بَعْدُ، وأَكْثَرُ مَصَادِرِ السُّنَّةِ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الكُتُبِ الفِقْهيَّةِ.
الرَّابِعُ حِينَ يَكُونُ الكِتَابُ مُرَتَّبًا عَلَى الكُتُبِ الفِقْهيَّةِ، وَكَذَا الأَبْوَابِ الفِقْهيَّةِ، وهُوَ اسْمُ البَابِ الفِقْهيِّ، فَإِنَّه يَنْبَغِي ذِكْرُ اسْمِ الكِتَابِ الفِقْهيِّ وَاسْمِ البَابِ الفِقْهيِّ، ويَتَأَكَّدُ ذَلِكَ، لِمَاذَا؟ لِأَنَّه مَهْمَا اخْتَلَفَت النُّسَخُ المَوْجُودَةُ بَيْن أَيْدِينَا، مَطْبُوعَةً أو مَخْطُوطَةً، فَإِنَّكَ تَسْتَطِيعُ أَن تَصِلَ لِلْحَدِيثِ بِسُهُولَةٍ، تَقوُلُ: (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الصَّلَاةِ- بابِ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَه خَلَفَ الصَّفِّ) مَثَلًا، لَكِنْ لَو أَعْطَيْتُ الجُزْءَ والصَفْحَة ورَقَمَ الحَدِيثِ فالطَّبَعَاتُ تَخْتَلِفُ؛ التَّرْقِيمُ الَّذِي فِي طَبْعَتِي يَخْتَلِفُ عَن التَّرْقِيمِ فِي طَبْعَةٍ أُخْرَى، وهَذَا يَعْنِي أَنِّي عَدِمْتُ الفَائِدَة، ما اسْتَفَدْتُ شَيْئًا.
وأَنَا أَرَى أَنَّ مِن مُقْتَضَى الأَمَانَةِ العِلْمِيَّةِ ومُقْتَضَى الدِّيَانَةِ أَنْ تَنْصَحَ الأُمَّةَ وَتَنْصَحَ القُرَّاءَ؛ بِأَلَّا تَبْخَلَ عَلَيْهِم، وأَن تُورِدَ لَهُم اسْمَ الكِتَابِ وَالبَابِ الفِقْهِيَّيْنِ؛ لِمَا في ذَلِكَ مِن المَصْلَحَةِ الكَبِيرَةِ جِدًّا مِن وُصُولِ الحَدِيثِ مَهْمَا اخْتَلَفَتْ النُّسَخُ، مَطْبُوعَةً أو مَخْطُوطَةً.
والآنَ لا تُوجَدُ مُشْكِلَةٌ؛ فكُلُّ المَطَابِعِ تُرَقِّمُ بالجُزْءِ والصَّفْحَةِ، وتَخْتُمُ بالجُزْءِ.
بَعْضُ المُجَلَّدَاتُ يَكُونُ فِيهَا جُزْء وَاحِدٌ، وَأَحْيَانًا جِزْءَانِ، وَأَحْيَانًا ثَلَاثَةٌ، وَأَحْيَانًا أَرْبَعَةٌ، عَلَى حَسَبِ ضَخَامَةِ الكِتَابِ وتَقْسِيمِ الطَّابَعِ أَو المُؤَلِّفِ، فَيَنْبَغِي عَلَيْكَ أَنْ تُسَجِّلَ رَقَمَ الجُزْءِ والصَفْحَة والحَدِيثِ، لِأَنَّ كَثِيرًا ما يُسَجَّلُ رَقَمُ الحَدِيثِ فَقَطْ، لِأَنَّ رَقَمَ الجُزْءِ والصَفْحَة والحَدِيثِ تَخْتَلِفُ مِن طَبْعَةٍ لِأُخْرَى، لَكِنَّ دَّقَتَهَا عَلَى الإِحَالَةِ لَيْسَت كَدِقَّةِ ذِكْرِ الكِتَابِ وَالبَابِ الفِقْهِيَّيْنِ أَبَدًا، لِأَنَّكَ في نِهَايَةِ البَحْثِ أو المُؤَلَّفِ تَكْتُبُ المَرَاجِعَ الَّتِي رَجَعْتَ إِلَيْهَا بِطَبَعَاتِهَا، ومَن كَانَت عِنْدَه نَفْسُ الطَّبْعَةِ يَجِدُ بِسُهُولَةٍ رَقَمَ الحَدِيثِ.
بَعْضُ المُتَخَصِّصِينَ أَو الَّذِين يَدْرُسُونَ دِرَاسَات عُلْيَا، أَو ما إِلَى ذَلِكَ، أَحْيَانًا يَحْتَاجُونَ رَقَمَ الإِسْنَادِ، يَحْتَاجُونَ إِلَى ذِكْرِ الإِسْنَادِ تَبَعًا لِلتَّخْرِيجِ، فَيَذْكُرُ الإِسْنَادَ، إِمَّا كَامِلًا كَمَا فَعَلَ العُلَمَاءُ السَّابِقُونَ، كَمَا مَرَّ مَعَنَا، أَو يَذْكُرُ جَزْءًا مِنْهُ حَسَبَ الحَاجَةِ، وأَحْيَانًا يَقُولُ (بِهِ) أَي: بِالإِسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَه المُخَرِّجُونَ هَؤُلَاءِ.
يَعْنِي تَخْتَلِفُ، وهَذِهِ المَسْأَلَة حَتَّى نُوَضِّحَهَا تَحْتَاج إِلَى تَقْسِيمِ التَّخْرِيجِ إِلَى أَقْسَامٍ ثَلَاثَةٍ عَنْدَ المُتَخَصِّصِينَ، ووَقْتُ هَذِهِ الدَّوْرَةِ لَا يَتَّسِعُ لَهَا، والَّذِي يَهُمُّكُم أَنَّكُم إِن اسْتَطَعْتُم تَذْكُرُوا طَرَفَ السَّنَدِ أَو السَّنَدَ كَامِلاً فهَذَا جَيِّدٌ، لَكِنْ تَطْوِيلُ الحَوَاشِي عَلَى النَّاسِ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ.
العُنْصُرُ الأَخِيرُ في عَنَاصِرِ التَّخْرِيجِ: لَا بُدّ أَن تَذْكُرَ المَثَلَ حِينَ تُخَرِّجَ المَتْنَ أَو تَأْتِيَ بِفُرُوقِ المَثَلِ.
مِثَالٌ: البَيْهَقِيُّ، عَلَى جَلَالَةِ قَدْرِهِ، رَحِمَهُ الله تَعَالَى، لَمَّا ذَكَرَ الحَدِيثَ «أَيُّمَا إِهَابٍ دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ» وقَالَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ( ). عَابَ عَلَيْهِ العُلَمَاءُ هَذِهِ الكَلِمَةَ، وقَالُوا إِنَّ مُسْلِمًا لَم يُخَرِّجْ هَذَا النَّصَّ؛ لِأَنَّ هُنَاك فَرْقًا بَيْنَ هَذَا النَّصِّ الَّذِي أَوْرَدَهُ البَيْهَقِيُّ، رَحِمَه اللّهُ، وَبَيْنَ رِوَايَةِ مُسْلِمٍ الَّتِي فِيهَا «إِذَا دُبِغَ الإِهَابُ فَقَدْ طَهُرَ»( ) فَإِنَّ الأَلِفَ وَاللَّامَ هُنَا لِلْعَهْدِ، فَيَخْتَلِفُ الفِقْهُ تَمَامًا؛ لِأَنَّ «أَيُّمَا إِهَابٍ» يُطْلَقُ عَلَى مَأْخُوذِ اللَّحْمِ وغَيْرِ مَأْخُوذِ اللَّحْمِ، والبَيْهَقِيُّ إِمَامٌ جَلِيلُ القَدَرِ، وَمَع هَذَا لَمْ يَسْلَمْ مِن الغَلَطِ وَالخَطَأِ، فكَيْفَ بِنَا! فَإِذَا كانَت عِنْدَكَ قَدْرَةٌ عِلْمِيَّةٌ جَيِّدَةٌ، وكُنْتَ طَالِبَ عِلْمٍ فاهِمًا، فَيَنْبَغِي عِنْدَمَا تَأْتِي بِمَتْنٍ أَنْ تُخَرِّجَهُ لِلنَّاسِ وتَأْتِي بِفُرُوقِ المَتْنِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ لَا يُحْسِنُ.
الآنَ أُخَرِّجُ لَكُم تَخْرِيجًا كَامِلاً، تَقُول: (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الصَّلَاةِ- بابِ صَلَاةِ الرَّجُلِ وَحْدَه خَلَفَ الصَّفِّ، الجُزْءِ الأَوَّلِ، صَفْحَة 20 رَقَمُ الحَدِيثِ 200 مَثَلًا قَالَ: حَدَّثَنَا) وَأسُوقُ إِسْنَادَ البُخَارِيِّ ثُمَّ أَقُولُ (أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ. مِثْلَهُ سَوَاءً) أَي: مَثْلَ الحَدِيثِ الَّذِي أَوْرَدْتُهُ في بَحْثِي أو كِتَابِي مِثْلَهُ سَوَاءً أَو بِلَفْظِهِ. وَ(مِثْلَهُ) تَعْنِي المُطَابَقَةَ لَكِنْ غَيْرَ كَامِلَةٍ، تَخْتَلِفُ أَحْيَانًا شَيْئًا يَسِيرًا، مِثْلُ (قَعَد وَجَلَس) وَنَحْوُهَا مِن الكَلِمَاتِ الَّتِي لَا تُؤَثِّرُ كَثِيرًا.
وأَهْلُ العِلْم تَوَسَّعُوا، فأَحْيَانًا يَقُولُون (مِثْلُهُ، أَو نَحْوُهُ) وهِيَ تَعْنِي المُشَابَهَةَ الكَبِيرَةَ، لَكِنْ غَيْرَ المُطَابَقَةِ القَرِيبَةِ، وأَحْيَانًا يَسْتَخْدِمُونَ كَلِمَةَ (بِمَعْنَاهُ) وَهِي تَعْنِي أَنَّ فَحْوَى الحَدِيثِ الَّذِي أُرِيدُ تَخْرِيجَهُ مَوْجُودٌ عَنْدَ البُخَارِيِّ لَكِنْ لَفَظُهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ.
فَمَثَلًا أُرِيدُ أَنْ أَذْكُرَ أَنِّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ عَنْدَ الدُّعَاءِ، فأُورِدَ حَدِيثَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا لِعَمِّ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ: النَّضِرِ( ) وَرَفَعَ يَدَيْهِ وَدَعَا لَه، أَو دَعَا لِعُبَيْدٍ أبي عَامِرٍ( ) عَمِّ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ( ) فَقَالَ: «اللَّهُمّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ عُبَيْدِكَ عَبْدِ اللهِ بنِ قَيْسٍ... »( ) إِلَى آخِرِ الحَدِيثِ وفِيه رَفْعُ اليَدَيْنِ، وهُوَ سُنَّةٌ في رَفْعِ اليَدَيْنِ في الدُّعَاءِ، المَعْنَى مَوْجُودٌ، وَلَكِنَّ اللَّفْظَ غَيْرُ مَوْجُودٌ، هَذِهِ فُرُوقٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا، لَكِنْ لَا يَسْتَعْمِلُهَا الَّذِي لَا يَفْهَمُهَا.
كَذَلِكَ الزِّيَادَات والإِشَارَاتُ الَّتِي في الحَدِيثِ، أَو الِاخْتِصَارُ أَو التَّطْوِيلُ الَّذِي في الحَدِيثِ، تَقُولُ (رَوَاهُ بِنَحْوِهِ مُخْتَصَرًا، مُطَوَّلًا، وَزَادَ في أَوَّلِهِ كَذَا، وَزَادَ في آخِرِهِ كَذَا، وَذَكَرَ الحَدِيثَ) هَذِهِ نُسَمِّيهَا أَوْصَافَ المَتْنِ، هَذِهِ مُهِمَّةٌ لِلْمُتَخَصِّصِينَ، أَمَّا لِغَيْرِ المُتَخَصِّصِينَ فَيَكْتَفُونَ بِبَعْضِهَا فَقَط.
فَالعَزْوُ قِسْمَانِ:
القِسْمُ الأَوَّلُ لَهُ: العَزْوُ لِلْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ عَزْوًا إِجْمَالِيًّا، وَذَلك بِأَنْ تَقْتَصِرَ عَلَى اسْمِ المُخْرِّجِ أَو اسْمِ المَصْدَرِ الَّذِي تَعْزُو إِلَيْهِ. كَقَوْلِنَا (رَوَاهُ أَحْمَدُ، رَوَاهُ البُخَارِيُّ) وهَذَا تَخْرِيجٌ إِجْمَالِيٌّ، وهَذَا يَصْلُحُ فِي خُطْبَةِ جُمُعَة، أو فِي مَقَالٍ تَكْتُبُهُ، أو فِي مِجَلَّةٍ، أوجَرِيدَةٍ، أو فِي بَحْثٍ مُخْتَصَرٍ لِشَيْخِكَ، يَعْنِي لَيْسَ عَن شَيْءٍ مُهِمٍّ، كَتَوْثِيقِ مَسْأَلَةٍ لِأَحَدِ المَشَايِخِ تَكْتُبُ هَذِهِ المَعْلُومَاتِ. هَذَا تَخْرِيجٌ إِجْمَالِيٌّ، وَالنَّاسُ تَخْتَلِفُ فِيهِ.
الثَّانِي: العَزْوُ التَّفْصِيلِيُّ. وهَذَا الَّذِي يَنْبَغِي عَلَى طُلَّابِ العِلْمِ وطُلَّابِ الجَامِعَةِ العِنَايَةُ بِهِ، وَيَكُونُ ذَلِكَ بِذِكْرِ اسْمِ المَصْدَرِ والكِتَابِ وَالبَابِ الفِقْهِيَّيْنِ والجُزْءِ والصَفْحَة ورَقَمِ الحَدِيثِ المَوْجُودِ، هَذَا في نَظَرِي أَقَلُّ مَا يُمْكِنُ أَنْ يَذْكَرَ عَنْدَ طُلَّابِ العِلْمِ في كُتُبِهِم وأَبْحَاثِهِم الَّتِي يُؤَلِّفُونَهَا ويَكْتُبُونَهَا، هَذَا إِذَا كُنْتَ مِن أَصْحَابِ التَّخَصُّصِ، فَمُقْتَضَى النُّصْحِ لِلْأُمَّةِ أَن تَكْتُبَ وَلَو أَسْطُرًا قَلِيلَةً تُسَاعِدُ عَلَى بَيَانِ هَذَا، وَيُمْكِنُ بَسْطُهُ حَسَبَ الحَاجَةِ والتَّخَصُّصِ، وَذَلِكَ بِذِكْرِ شَيْءٍ مِن السَّنَدِ وفُرُوقِ المَتْنِ وَالفَوَائِد الأُخْرَى، كَتَعْلِيقَاتِ العُلَمَاءِ عَلَى الأَحَادِيثِ وَمَا إِلَى ذَلِكَ. مِثَالٌ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في الصَّلَاةِ، بابِ الصَّلَاةِ في النِّعَالِ، الجُزْءِ الأَوَّلِ، صَفْحَة 494 الحَدِيثِ 386.
صِيغَةُ العَزْوِ
عَرَفْنَا كَيْفَ نَعْزُو، لَكِنْ تُوجَدُ أُمُورٌ تُمَيِّزُ لِي بَيْنَ المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ والفَرْعِيِّ عِنْدَ العُلَمَاءِ:
إِذَا أَخَذْتَ الحَدِيثَ مِن المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ استَخْدِمْ هَذِهِ العِبَارَاتِ الثَّلَاثَةَ (أَخْرَجَهُ، أَو رَوَاهُ، أَو خَرَّجَهُ) هَذِهِ أَكْثَرُ ما اسْتَعْمَلَ أَهْلُ العِلْمِ، وَلَا تَسْتَعْمِلْ غَيْرَهَا مِمَّا لَا يَعْلَمُهُ النَّاسُ، فَإِذَا استَعْمَلْتَ هَذِهِ الكَلِمَةَ فَهَذَا يَعْنِي أَنَّكَ أَخَذْتَ هَذَا الحَدِيثَ مِن مَصْدَرٍ أَصْلِيٍّ، ونُحَاجُّكَ عَلَى ذَلِكَ، وسَيَعْلَمُ القَارِئُ أَنَّك طَالِبُ عِلْمٍ جَيِّدٌ، ومُؤَلِّفٌ جَيِّدٌ.
أَمَّا المَصَادِرُ الفَرْعِيَّةُ فَيَكُونُ العَزْوُ إِلَيْهَا بِقَوْلِنَا: (أَوْرَدَهُ، أَو ذَكَرَه فُلَانٌ وعَزَاهُ إِلَى فُلَانٍ).
مِثَالٌ: تَقُولُ مَثَلًا: (أَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ في «التَّفْسِيرِ» وَسَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ في «التَّفْسِيرِ»، كَمَا عَزَاهُ إِلَيْهِم السُّيُوطِيُّ في «الدُّرِّ المَنْثُورِ») وتَذْكُرُ الجُزْءَ والصَّفْحَةَ، أَو تَقُولُ: (أَوْرَدَهُ السُّيُوطِيُّ في «الدُّرِّ المَنْثُورِ») وتَذْكُرُ الجُزْءَ والصَّفْحَةَ (وعَزَاهُ إِلَى ابنِ مَاجَهْ في «التَّفْسِيرِ» وَسَعِيدِ بنِ مَنْصُورٍ في «التَّفْسِير»).
هَاتَانِ صِيغَتَانِ في العَزْوِ إِلَى المَصَادِرِ الأَصْلِيَّةِ، إِمَّا أَنْ تُقَدِّمَ المُخْرِّجَ الحَقِيقِيَّ وَتُؤَخِّرَ النَّاقِلَ، أوتُقَدِّمَ النَّاقِلَ الَّذِي نَقَلْتَ مَنْهُ وَتُؤَخِّرَ المُخْرِّجَ. وبِهَذَا تَخْرُجُونَ مِن خَطَأٍ ولَا يُعَابُ عَلَيْكُم شَيْءٌ أَصْلاً.
وقَدْ ذَكَرِْنَا عِنْدَ العَزْوِ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّنَا نَقُولُ (أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ في كِتَابِ الصَّلَاةِ- بابِ صَلَاةِ الرَّجُلِِ خَلْفَ الصَّفِّ، أَو بابِ صَلَاةِ الرَّجُلِِ في النِّعَالِ) ونَذْكُرُ الجُزْءَ والصَّفْحَةَ ورَقَمَ الحَدِيثِ، وهُنَا قُلْنَا (أَخْرَجَهُ ابنُ مَاجَهْ، وَأَخْرَجَهُ سَعِيدُ بنُ مَنْصُورٍ) هُنَاكَ فَرْقٌ، فِي الأُولَى اكْتَفَيْتُ فِي المَصْدَرِ الأَصْلِيِّ بهَذَا وَلَم أَنْتَقِلْ إِلَى غَيْرِهِ، بَيْنَمَا فِي المَصَادِرِ الفَرْعِيَّةِ احْتَجْتُ ضَرُورَةً، وَلَيْسَ تَكْمِيلًا، إِلَى أَنْ أقُولَ (كَمَا عَزَاهُ، أَو كَمَا أَوْرَدَهُ) لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي أَفَادَنِي هَذِهِ الحَالَةَ.
فَوَائِدُ التَّخْرِيجِ
فَوَائِدُ التَّخْرِيجِ مُهِمَّةٌ، لَكِنَّ حُضُورَكُم هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّكُم تَعْلَمُونَ فَوَائِدَ التَّخْرِيجِ وأَهَمِّيَّتَهَا، فَسَأَعْرِضُهَا سَرِيعًا حَتَّى نَأْخُذَ الطَّرِيقَةَ الأُولَى مِن طُرُقِ التَّخْرِيجِ اليَوْمَ، ونَسْتَكْمِلُ غَدًا حَتَّى تُحْضِرُوا مَعَكُم كُتُبًا لِنُطَبِّقَ عَمَلِيًّا طَرِيقَةً مُهِمَّةً جِدًّا ومُفِيدَةً، سَأُبَيِّنُهَا لَكُم إِنْ شَاءَ اللهُ.
فَوَائِدُ التَّخْرِيجِ أَنْوْاعٌ: فَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِالإِسْنَادِ، وفَوَائِدُ تَتَعَلَّقُ بِالمَتْنِ، وفَوَائِدُ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الإِسْنَادِ والمَتْنِ. أَوَّلًا: الفَوَائِدُ الإِسْنَادِيَّةُ المُتَعَلِّقَةُ بِالأَسَانِيدِ العِلْمِيَّةِ.
بِوَاسِطَةِ التَّخْرِيجِ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَجْمَعَ أَكْبَرَ عَدَدٍ مِن أَسَانِيدِ الحَدِيثِ، ومِن خِلَالِهَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَحْكُمَ عَلَى الحَدِيثِ.
مِن خِلَالِ جَمْعِ هَذِهِ الأَسَانِيدِ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَعْرِفَ حَالَ الإِسْنَادِ؛ هَل هُوَ مُتَّصِلٌ أَمْ مُنْقَطِعٌ أَمْ مُعْضَلٌ. فمَثَلًا حَدِيثُ: «نَهَى عَن الشِّغَارِ» لِأَسْتَطِيعَ الحُكْمَ عَلَيْهِ لَابُدَّ أَنْ أُخَرِّجَهُ أَوَّلًا، فإِذَا خَرَّجْتُهُ تَبِيَّنَ لِي مِن خِلَالِ الإِسْنَادِ هَل فِيه انْقِطَاعٌ أَمْ لَا، مِن خِلَالِ دِرَاسَةِ الأَسَانِيدِ، الَّتِي لَعَلَّهَا يُعْقَدُ لَهَا دَوْرَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ، إِنْ شَاءَ اللهُ، وَهِيَ عِلْمٌ مُهِمٌّ.
تَقْوِيَةُ الإِسْنَادِ بِطُرُقٍ أُخْرَى لَهُ.
فَمَثلًا: عِنْدِي حَدِيثٌ ضَعِيفٌ، وحَتَّى أَسْتَطِيعَ أَنْ أُقَوِّيَ هَذَا الحَدِيثَ وأَجْعَلَهُ مِن قَبِيلِ الحَسَنِ لِغَيْرِهِ لابُدَّ أَنْ أُخَرِّجَهُ لِأَرَى مَن تَابَعَ هَذَا الرَّاوِيَ الضَّعِيفَ، أو مَن جَبَرَ الانقِطَاعَ.
مَعْرِفَةُ حَالِ الحَدِيثِ؛ صَحِيحٌ أم ضَعِيفٌ. وهَذِهِ وَاضِحَةٌ لِلْجَمِيعِ.
مَعْرِفَةُ أَحْكَامِ العُلَمَاءِ عَلَى الأَسَانِيدِ. كَمَا مَرَّ مَعَنَا مِن قَبْلَ في مِثَالٍ عَن الهَيْثَمِيِّ عِنْدَمَا قَالَ: (رَوَاهُ أَحْمَدُ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ) وسَيَأْتِي في كَلَامِ السُّيُوطِيِّ الحُكْمُ عَلَى أَحَادِيثَ مُعَيَّنٍة بِالصِّحَّةِ وَالضَّعْفِ.
تَمْيِيزُ المُهْمَلِ مِن رُوَاةِ الإِسْنَادِ. أَحْيَانًا تَجِدُ في الأَسَانِيدِ (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) وتُرِيدُ أَنْ تَعْرِفَ مَن سُفْيَانُ هَذَا؛ هَل هُوَ ابنُ عُيَيْنَةَ أَمْ الثَّوْرِيُّ.
فَمَثَلًا حَدِيثٌ عِنْدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، يَقُولُ: (حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا أبُو إِسْحَاقَ السَّبِيعِيُّ، عَن عَلَقَمَةَ، عَن ابنِ مَسْعُودٍ) وأَنَت تُرِيدُ أَنْ تَعْرِفَ مَن سُفْيَانُ، مَن عَلْقَمَةُ، مَن أبو إِسْحَاقَ، وهَذَا لا يُمْكِنُ مَعْرِفَتُهُ إِلَّا بالتَّخْرِيجِ، فَإِذَا خَرَّجْتَ الحَدِيثَ وَجَدْتَ أَنَّ أَبَا دَاودَ أَخَرَجَهُ مِن طَرِيقِ أَحْمَدَ وقَالَ: (حَدَّثَنَا وَكِيعُ بنُ الجَرَّاحِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا...).
مَثَلًا عِنْدَمَا أَتَكَلَّمُ عَن مَشَايخَ مِن أَهْلِ العِلْمِ الَّذِي حَضَرْتُ دُرُوسَهم كُنْتُ أَحْيَانًا أَقُولَ (أَظُنُّ شَيْخَنَا يَقُولُ كَذَا) والنَّاسُ لَا يَدْرُونَ مَن (شَيْخُنَا) لَكِنَّ القَرِيبِينَ مِنِّي يَعْرِفُون أنِّي عِنْدَمَا أَقُولُ (شَيْخُنَا) فَهُوَ ابنُ بَازٍ، فَهَذَا إِبْهَامٌ، لَكِنْ لَو قُلْتُ (شَيْخُنَا ابنُ بَازٌ) أَو (الشَّيْخُ ابنُ بَازٍ) فَسَيُعْرَفُ. وإِذَا قُلْتُ (الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيزٍ) مَن المُرَادُ في كَلَامِي؟ هَل هُوَ (ابنُ بَاز) أم (الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيزِ الرَّاجِحِيُّ) أم (الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيزِ آلِ الشَّيْخ) أم (الشَّيْخُ عَبْدُ العَزِيزِ بنُ صَالَحٍ) وكُلُّهُم شُيُوخِي، فَمَن أَقْصِدُ؟ لَا يُمْكِنُ مَعْرِفَةُ المُرَادُ بِـ(عَبْد العَزِيز) لِأَنَّه اسْمٌ مُبْهَمٌ لم يُقَيَّدْ بِشَيْء وَلَا تَمَيَّزَ عَلَى غَيْرِهِ، لَكِنْ حِينَ أَقُولُ (عَبْدُ العَزِيزِ بنُ بَاز) وَضُحَ، أَلَيْسَ كَذَلِكَ؟
مِثَالٌ آخَرُ عَلَى أَهَمِّيَّتِهِ: في الأُسْبُوعِ المَاضِي كُنَّا نَشْرَحُ حَدِيثَ «الحَجُّ جِهَادٌ، وَالعُمْرَةُ تَطَوُّعٌ» وتَكَلَّمْنَا عَن العُمْرَةِ؛ هَل هِيَ وَاجِبَةٌ أَم غَيْرُ وَاجِبَةٍ؟ والحَدِيثُ رَوَاهُ البَيْهَقِيُّ وَأَحْمَدُ وَغَيْرَهُمَا( ) مِن حَدِيثِ أَبِي صَالَحٍ( ) عَن أَبِي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فبَعْضُ النَّاسِ ظَنُّوا أَنَّ أَبَا صَالَحٍ الَّذِي في الإِسْنَادِ هُوَ السَّمَّانُ الزَّيَّاتُ، وهَوُ إِمَامٌ فَقِيهٌ ثِقَةٌ مِن أَخَصِّ تَلَامِيذِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَشْهُورٌ، فَعِنْدَمَا قَالَ: (أبُو صَالَحٍ عَن أَبِي هُرَيْرَةَ) تَبَادَرَ إِلَى ذِهْنِي أَنَّه أبُو صَالَحٍ الإِمَامُ، لَكِنْ حِينَ خَرَّجْنَا الحَدِيثَ وَجَدْنَا أَنَّ أبَاَ صَالَحٍ هَذَا هُوَ مَاهَانُ الحَنَفِيُّ، ضَعِيفٌ جِدًّا، فَتَغَيَّرَ الأَمْرُ، فالإِسْنَادُ كَان صَحِيحًا أَوَّلاً ثُمَّ صَارَ ضَعِيفًا بِمُجَرَّدِ إِنِّي خَرَّجْتُ الحَدِيثَ، ووَجَدْتُ هَذَا عَنْدَ الشَّافِعَيِّ في المُسْنَدِ، فقَد أَخْرَجَهُ فَقَالَ: (أبُو صَالَحٍ الحَنَفِيُّ مَاهَانُ) فَصَارَ الحَدِيثُ بهَذَا ضَعِيفًا.
ومِن فَوَائِدِهِ تَعْيِينُ المُبْهَمِ كَرَجُلٍ أَو امْرَأَةٍ في الأَسَانِيدِ والمُتُونِ.
أَحْيَانًا يَقُولُ أَحَدُ التَّابِعِين (عَن رَجُلٍ مِن الصَّحَابَةِ) ويَرْوِي آخَرُ عَن هَذَا التَّابِعِيِّ فيَقُولُ (عَن ابنِ عُمَرَ) هُنَا الجَهَالَةُ في الصَّحَابِيِّ سَهْلَةٌ، لَكِنْ حِينَ تكُونُ الجَهَالَةُ وَالإِبْهَامُ في التَّابِعِيِّ هُنَا تَكُونُ مُشْكِلَةٌ، فَعِنْدَمَا يَقوُلُ تَابِعُ التَّابِعِيِّ (حَدِّثَنِي رَجُلٌ عَن ابنِ عُمَرَ) ويَأْتِي آخَرُ فيَقُولُ عَن نَفْسِ هَذَا الرَّجُلِ (عَن مَالِكٍ عَن نَافِعٍ) فَيُسَمِّي الرَّجُلَ (نَافِع) فَنَعْرِفُ أَنَّ الإِسْنَادَ صَحِيحٌ أَو ضَعِيفُ.
والمُبْهَمُ غَيْرُ المُهْمَلِ، المُبْهَمُ رَجَلٌ، امْرَأَةٌ، رَاعِي غَنَمٍ، ذُكِرَ بِوَصْفِهِ وَلَم يُسَمَّ، هَذَا نُسَمِّيهِ مُبْهَمًا.
كَذَلِكَ زَوَالُ إِشْكَالِ رِوَايَةِ المُخْتَلِطِ.
بَعْضُ النَّاسِ فِي آخِرِ عُمُرِهِ اخْتَلَطَ وخَرِفَ، فإِذَا خَرَّجْنَا الحَدِيثَ ووَجَدْنَا أَحَدَ تَلَامِيذِهِ القُدَامَى رَوَى عَنْهُ قَبْلَ الاِخْتِلَاطِ تَقَوَّى الحَدِيثُ، فإِذَا لَم نَجِدْ أَحَدًا مِن تَلَامِيذِهِ القُدَامَى رَوَى هَذَا الحَدِيثَ عَنْهُ يَبْقَى ضَعِيفًا.
فَوَائِدُ مَتْنٍ مُتَعَدِّدَةٌ، مِنْهَا:
مَعْرِفَةُ زِيَادَاتِ الرُّوَاةِ.
تُوجَدُ زِيَادَاتٌ في المُتُونِ مُهِمَّةٌ لَا نَعْرِفُهَا إِلَّا إِذَا جَمَعْنَا طُرُقَ التَّخْرِيج. مَثْلُ المِثَالِ الَّذِي ضَرَبْتُهُ لَكُم (نِكَاحُ الشِّغَار. قَالَ: قَالَ نَافِعٌ) هَذِهِ زِيَادَةُ فِي المَتْنِ مُهِمَّةٌ بَيَّنَتْ أَنَّ الزِّيَادَةَ مِن نَافِعٍ.
مَعْرِفَةُ مَعَانِي مُفْرَدَاتِ الحَدِيثِ.
مَثْلُ حَدِيثِ عَائَشَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَحَنَّثُ اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ العَدَدِ في غَارِ حِرَاءٍ» ( ) رَوَاهُ البُخَارِيُّ مِن طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَن عُرْوَةَ، عَن عَائَشَةَ، وقَالَ فِيهَا: (وَالتَّحَنُّثُ التَّعَبُّدُ) فَعَرَفْتُ مَعْنَى التَّحَنُّثِ لَمَّا خَرَّجْتُ الحَدِيثَ.
بَيَانُ الإِدْرَاجِ الوَاقِعِ فِي الأَحَادِيثِ.
فأَحْيَانًا يُضْطَرُّ الصَّحَابَةُ أَنْ يَأْتُوا بِكَلَامٍ مِن عِنْدِهِم مَع كَلَامِ النَّبِيِّ، أَو يَأْتِي بَعْضُ التَّابِعِينَ أَو بَعْضُ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وبِالتَّخْرِيجِ يُمْكِنُنِي أَنْ أَعْرِفَ هَلْ هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِن كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أو مِن الصَّحَابِيِّ أَو مِن التَّابِعِ أَو مِن غَيْرِهِ.
بَيَانُ النَّقْصِ وَالِاخْتِصَارِ الوَاقِعِ فِي الرِّوَايَاتِ.
فَأَحْيَانًا يُوجَدُ اخْتِصَارٌ فِي الحَدِيثِ، وعِنْدَ تَخْرِيجِهِ تَظْهَرُ الرِّوَايَاتُ مُتَكَامِلَةً، وأَسٍتَطِيعُ أَنْ أَتَعَامَلَ مَعَهَا تَعَامُلاً عِلْمِيًّا صَحِيحًا.
بَيَانُ ما كَانَ مِن الرِّوَايَةِ بِالمَعْنَى أَو بِاللَّفْظِ.
وهَذَا مُهِمٌّ لِطَلَّابِ الفِقْهِ خَاصَّةً الَّذِينَ يَحْتَاجُونَ الِاسْتِدْلَالَ، كَمَا مَرَّ فِي حَدِيثِ «أَيُّمَا إِهَاب دُبِغَ فَقَد طَهُرَ».
بَيَانُ أَزْمِنَةِ وأَمْكِنَةِ الأَحْدَاثِ.
هَذَا مُهِمٌّ لِلتَّرْبَوِيِّينَ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَ فَوَائِدَ تَرْبَوِيَّةً؛ لِمَاذَا فِي هَذَا المَكَانِ تَكَلَّمَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ لِمَاذَا فِي هَذَا الزَّمَانِ تَكَلَّمَ؟ لِمَاذَا لَم يُؤَخِّرْ الِبَيَانَ؟
الفَوَائِدُ المُشْتَرَكَةُ:
مَعْرِفَةُ مَخَارِجِ الحَدِيثِ. أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ أو مُسْلِمٌ.
كَشْفُ أَوْهَامِ وأَخْطَاءِ الرُّوَاةِ الوَاقِعَةِ فِي الأَسَانِيدِ وَالمُتُونِ.
مَعْرِفَةُ أَخْطَاءِ الطَّبَعَاتِ.
أَخْتُمُ مُقَدِّمَةَ التَّخْرِيجِ بمِثَالٍ يَظْهَرُ لَكُم مِن خِلَالِهِ أَهَمِّيَّةُ التَّخْرِيجِ، وَفِي الحَقِيقَةِ عِنْدِي أَكْثَرُ مِن مِثَالٍ، وَلَكَنْ أَكْتَفِي بِمِثَالٍ: حَدِيثُ: «وَضَّأْتُ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فمَسَحَ أَعَلَى الخُفَّيْنِ وَأَسْفَلَهُمَا»( ) هَذَا الحَدِيثُ أَخْرَجَهُ أبُو دَاودَ والتِّرْمِذِيُّ وابنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُم وبِمَعْرِفَةِ إِسْنَادِهِ عَرَفْنَا أَشْيَاءَ.
نَذْكُرُ الأَسَانِيدَ أَوَّلًا.
إِسْنَادُهُ عِنْدَ أَبِي دَاودَ: قَالَ أبُو دَاودَ: (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ، وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِىُّ المَعْنَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ. قَالَ مَحْمُودٌ: أَخْبَرَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ، عَنْ كَاتِبِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ( ) قَالَ...) فَذَكَر مَثَلَهُ سَوَاءً. وقَد وَضَعْتُ (غَزْوَة تَبُوك) بَيْنَ قَوْسَيْنِ لِغَرَضٍ أُبَيِّنُهُ لَكُم بَعْدَ قَلِيلٍ.
وإِسْنَادُهُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وابنِ مَاجَهْ مِثْلُهُ.
انظُرُوا إِلَى إِسْنَادِ أَبِي دَاودَ (حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ مَرْوَانَ وَمَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِىُّ، المَعْنَى، قَالاَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ) مَن هُوَ الوَلِيدُ؟ لَمَّا خَرَّجْتُ الحَدِيثَ وَجَدْتُ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وابنِ مَاجَهْ (قَالَ: حَدَّثَنَا الوَلِيدُ بنُ مُسْلِمٍ) فَبَدَلًا مِن البَحْثِ فِي كُتُبِ الرِّجَالِ أَنْتَقِلُ إِلَى التَّخْرِيجِ كَخُطْوَةٍ أُولَى، وبِهَذَا اختَصَرْنَا الطَّرِيقَ.
وكَذَلِكَ كَاتِبُ المُغِيرَةِ بَيَّنَتْهُ رِوَايَةُ ابنِ مَاجَهْ أَنَّه هُوَ (وَرَّادُ كَاتِبُ المُغِيرَةِ بنِ شُعْبَةَ) بَيْنَمَا فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاودَ والتِّرْمِذِيِّ (عَن كَاتِبِ المُغِيرَةِ) فَقَطْ.
ثُمَّ قَالَ أبُو دَاودَ بَعْدَمَا انْتَهَى مِن سِيَاقِ الإِسْنَادِ: بَلَغَنِي أَنَّ ثَوْرًا لَم يَسْمَعْ هَذَا الحَدِيثَ مِن رَجَاءٍ.
هَذِهِ فَائِدَةٌ تَتَعَلَّقُ بالاِتِّصَالِ والاِنْقِطَاعِ.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَم يُسْنِدْهُ غَيْرُ الوَلِيدِ عَن ثَوْرٍ، وَسَالتُ مُحَمَّدًا (مَن المَقْصُودُ بِمُحَمَّدٍ؟ البُخَارِيُّ، فالتِّرْمِذِيُّ مِن أَخَصِّ تَلَامِيذِ البُخَارِيِّ، وهُوَ رَاوِي كِتَاب العِلَلِ، أَكْثَرُ العِلَلِ لِلتِّرْمِذِيِّ عَن البُخَارِيِّ (وَسَالتُ مُحَمَّدًا أَي البُخَارِيَّ عَنْهُ فقَالَ: لَيْسَ بصَحِيحٍ.
فَاسْتَفَدْتُ أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ لَيْسَ صَحِيحًا.
أَيْضًا بَيَّنَتْ رِوَايَةُ أَبِي دَاودَ أَنَّ هَذَا حَدَثَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكٍ، وغَزْوَةُ تَبُوكٍ مُتَأَخِّرَةٌ، فالمَسْحُ عَلَى الخُفَّيْنِ لَمْ يُنْسَخْ، هَذَا لَو صَحَّ الحَدِيثُ، وقَد صَحَّ بِطُرُقٍ أُخْرَى، لَكِنْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ لا تَصِحُّ.
لاَحَظْتُمْ كَمَّ الفَوَائِدِ الإِسْنَادِيَّةِ والمَتْنِيَّةِ الَّتِي استَفَدْنَاهَا مِن خِلَالِ تَخْرِيجِ حَدِيثٍ وَاحِدٍ من ثَلَاثِ مَصَادِرَ فَقَطْ، فكَيْفَ إِذَا خَرَّجْنَاهُ مِن أَكْثَرِ مِن مَصْدَرٍ! سَتَجِدُونَ فَوَائِدَ غَزِيرَةً جِدًّا.
هَذَا ما يَتَعَلَّق الآنَ بالمقدمات التَّخْرِيج.

دَوْرَةُ الطُّرُقِ العِلْمِيَّةِ فِي تَخْرِيجِ الأَحَادِيثِ
لَا يَخْلُو مَن أَرَادَ تَخْرِيجَ حَدِيثٍ ما مِن إِحْدَى حَالَاتٍ:
إِمَّا أَن يَكُونَ يَحْفَظُ لَفْظَ الحَدِيثِ أَو مَطْلَعَهُ. مَثْلُ حَدِيثِ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ».
أَو قَد لَا يَحْفَظُ أَوَّلَ الحَدِيثِ لَكِنَّهُ يَعْرِفُ جُمْلَةً مِنه. مَثْلُ (الشِّغَار) يَعْرِفُ كَلِمَةَ (شِغَار) لَكِنْ لَا يَدْرِي؛ هَل قَالَ الشَّرْعُ (لَا تَشَاغَرُوا، لَا شِغَارَ في الإِسْلَامِ، نَهَى عَن الشِّغَار) لاَ يَدْرِي، وَلَكِنَّهُ يَحْفَظُ كَلِمَةَ (شِغَار) مِن الحَدِيثِ، فَبِاسْتِطَاعَتِهِ أَيْضًا أَن يُخَرِّجَ الحَدِيثَ بهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.
أو أَنَّهُ يَعْرِفُ صَحَابِيَّ الحَدِيثِ، يَعْرِفُ أَنَّ الصَّحَابِيَّ هَوُ ابنُ عُمَرَ، ولا يَعْرِفُ لَفْظَ الحَدِيثِ، يَسْتَطِيعُ أَيْضًا أَن يَصِلُ لِلْحَدِيثِ بِطُرُقٍ مُعَيَّنَةٍ.
أو أَنَّه يَعْرِفُ مَوْضُوعَ الحَدِيثِ، مَثَلًا، بِالشِّغَارِ، ومَوْضُوعُهُ الأَنْكَحِةُ المُحَرَّمَةُ أَو البَاطِلَةُ. إِذًا يَسْتَطِيعُ أَن يَصِلَ لِلْحَدِيثِ بهَذَا الطَّرِيقِ.
أو أَنَّهُ يَعْرِفُ صِفَةَ الحَدِيثِ خَاصَّةً؛ مُرْسَلٌ، أَو ضَعِيفٌ، أَو قُدْسُيٌّ، مِن كَلَامِ الله عَزَّ وَجَلَّ، أَو حَدِيثٌ مَوْضُوعٌ ويُرِيدُ أَنْ يَعْرِفَ مَن حَكَمَ عَلَيْهِ بِالوَضْعِ، فَيَرْجِعُ إِلَى كُتُبٍ مُعَيَّنَةٍ.
وهَذِهِ الحَالَاتُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا لَهَا طَرِيقَةٌ مِن طُرُقِ التَّخْرِيجِ وَلَهَا كُتُبُهَا.
أَوَّلًا: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِوَاسِطَةِ أَوَائِلِ الحَدِيثِ، يَعْنِي الحُرُوفَ الأُولَى مِن الحَدِيثِ.
وبَعْضُهُم يُسَمِّيهِ مَطْلَعَ الحَدِيثِ، وبَعْضَهُم يُسَمِّيهِ طَرَفَ الحَدِيثِ.
ونَعْنِي بهَذِهِ الطَّرِيقَةِ تَرْتِيبَ الأَحَادِيثِ عَلَى الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ؛ أَلِفٌ بَاءٌ تَاءٌ ثَاءٌ جِيمٌ حَاءٌ... إِلَى آخِرِهِ.
مِثَالُهُ: زَاد، زَار، زَجَر، زَمّلُوهُ.
 (زَاد) الزَّايُ مَع الأَلِفِ مَع الدَّالِ.
(زَار) الزَّايُ مَع الأَلِفِ مَعَ الرَّاءِ. لِأَنَّ الزَّايَ قَبْلَ الرَّاءِ، فقُدِّمَتْ.
(زَجَر) الزَّايُ مَع الجِيمِ، ولَو كَانَتْ (زاجِر) لتَقَدَّمْت عَلَى الذَّالِ؛ لِأَنَّ الجِيمَ قَبْلَ الزَّايِ.
مَزَايَا هَذِهِ الطَّرِيقَةِ:
سَهْلَةُ التَّخْرِيجِ، يَعْني لمَن يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخَرِّجَ مِن الكُمْبُيُوتَرِ.
سُرْعَةُ التَّخْرِيجِ. فمَوْسُوعَةُ أَطْرَافِ الحَدِيثِ لِمُحَمَّدِ السَّعِيدِ بَسْيُونِيّ فِيهَا ما يُقَارِبُ 250 كِتَابًا، ولَكِنْ مِن عُيُوبِهَا قِلَّةُ دِقَّةِ التَّخْرِيجِ، لِأَنَّه غَالِبًا يُعْطِيكَ الجُزْءَ والصَّفْحَةَ الَّتِي وَرَدَ فِيهَا الحَدِيثُ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلَا يَضَعُكَ عَلَى الصَّفْحَةِ مُبَاشَرَةٌ.
كَثْرَةُ الكُتُبِ. فلَا يُوجَدُ كِتَابٌ مَطْبُوعٌ إِلَّا وَلَهُ فَهَارِسُ طَرَفِيَّةٌ، إِمَّا مِن وَضْعِ المُؤَلِّفِ نَفِسِهِ أَو مِن وَضْعِ شَخْصٍ آخَرَ، وَهِي كُتُبٌ لَا حَصْرَ لَهَا، يُمْكِنُ أَنْ تُجْمَعَ في دُولَابٍ كَامِلٍ مِن كَثْرَتِهَا، والكِتَابُ الَّذِي يَجْمَعُهَا كِتَابُ مُحَمَّدٍ الصَّعِيدِيِّ (سُنَنُ أَطْرَافِ الحَدِيثِ) وهُوَ يَشْمَلُ أَكْثَرَ كُتُبِ السُّنَّةِ وَغَيْرِهَا.
وهَذِهِ الخَاصِيَّةُ في هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِن أَهَمِّ ما تَظْفَرُ بِهِ عَن غَيْرِهَا، فَهِيَ خَدَمَتْ كُلَّ كُتُبِ السُّنَّةِ تَقْرِيبًا، بَيْنَمَا الطُّرُقُ الَّتِي سَنَدْرُسُهَا لم تَخْدُمْ إِلَّا بَعْضَ الكُتُبِ فَقَطْ.
لَكِنْ مِن عُيُوبِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّكَ إِذَا لَم تَعْرِفْ أَوَّلَ نَصِّ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ عَدِمْتَ الفَائِدَةَ مِنْهَا.
وإِذَا حَدَثَ أَيُّ تَغْيِيرٍ فِي اللَّفْظِ صَعُبَ عَلَيْكَ الوُصُولُ لِلْحَدِيثِ.
مَثَلًا: حَدِيثُ «إِيَّاكُم وَالكَذِبَ؛ فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ»( ) فإذا سَأَلَكَ أَحَدٌ عَن حَدِيثُ: «لَا تَكْذِبْ فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُور» فذَهَبْتَ تُخَرِّجُ هَذَا اللَّفْظَ لَم تَجِدْهُ، مَع أَنَّ الحَدِيثَ رَوَاهُ البُخَارِيُّ ومُسْلِمٌ.
ولِذَلِكَ مُهِمٌّ جِدًّا أَنْ تَعْرِفَ طُرُقَ التَّخْرِيجِ كُلَّهَا.
ومِن عُيُوبِهَا تَأَثُّرُهَا بِالأَخْطَاءِ المَطْبَعِيَّةِ الوَاقِعَةِ فِي كُتُبِ الأَحَادِيثِ، وَهِي كَثِيرَة جِدًّا، خَاصَّةً كِتَابَ مُحَمَّدِ السَّعِيدِ بَسْيُونِيّ زَغْلُول، وهُوَ أَهُمُّ كِتَابٍ، فِيهِ أَخْطَاءُ كَثِيرَةٌ جِدًّا، مَع أَنَّ فَهْرَسَهُ يَشْمَلُ قَرَابَةَ ثَلَاثَمِائِةِ كِتَابٍ مِن كُتُبِ السُّنَّةِ، في 13 مُجَلَّدًا أَو 11 مُجَلَّدًا، وذَلِكَ لِأَنَّهُ، عَفَا الله عَنْهُ، وَزَّعَ الكُتُبَ عَلَى طَلَبَةٍ صِغَارٍ لِيُفَهْرِسُوهُ، ولَمْ يتَوَلَّ العَمَلَ وَلَا مُبَاشَرَةَ تَجَارِبِ الطَّبْعِ بِنَفْسِهِ.
وتَنْقَسِمُ المُصَنَّفَاتُ الَّتِي تَسْتَخْدِمُ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ قَدِيمًا وحَدِيثًا إِلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
أَوَّلًا: الكُتُبُ الَّتِي رَتَّبَتْ أَحَادِيثَهَا عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ.
رَتَّبَ العُلَمَاءُ المُتَقَدِّمُونَ هَذِهِ الأَحَادِيثَ عَلَى حُرُوف المُعْجَمِ، مِثْلُ (الجَامِعِ الصَّغِيرِ والجَامِعِ الكَبِيرِ لِلسُّيُوطِيِّ، والجَامِع لِلْمُنَاوِيِّ( ) وجَامَع الأَحَادِيث) وَكُتُبٌ كَثِيرَةٌ لِلْمُتَقَدِّمِينَ والمُتَأَخِّرِينَ عَلَى هَذَا النَّحْوِ.
ثَانِيًا: الكُتُبُ المُصَنَّفَةُ في الأَحَادِيثِ المُشْتَهِرَةِ عَلَى الالسِنَةِ.
مِثْلُ «المَقَاصِدِ الحَسَنَةِ» لِلسَّخَاوِيِّ و«تَمْيِيزِ الحَسَنِ مِن الخَبِيثِ» لِابْنِ الدَّيْبَعِ و«الدُّرَرِ المُنْتَثِرَةِ» لِلسُّيُوطِيِّ، و«كَشْفِ الخَفَاءِ» لِلْعَجْلُونِيِّ( ) وَغَيْرُهَا كَثِيرٌ، وكِتَابُ «كَشْفِ الخَفَاءِ» و«مُغِيرِ الالبَاسِ عَمَّا اشْتُهِرَ مِن الحَدِيثِ عَلَى السِنَةِ النَّاسِ» كِتَاب مُهِمٌّ أَنْصَحُكُم بِشِرَائِهِ، هَذَا الكِتَابُ وَاللهِ مُفِيدٌ جِدًّا، فَقَد أَحْضَرَ أَكْثَرَ الأَحَادِيثِ المُشْتَهِرَةِ.
تنبيهات
التَّنْبِيهُ الأَوَّلُ: المُحَلَّى بِالأَلِفِ وَاللَّامِ مِن كُلِّ حَرْفٍ يَكُونُ في آخِرِ الحَرْفِ، أَيْ بَعْدَ الفَرَاغِ مِن ذِكْرِ الحَرْفِ نَفْسِهِ.
التَّنْبِيه الثَّانِي: بَابُ المَنَاهِي (نَهَى عَن كَذَا، نَهَى عَن كَذَا) خَصَّه بَعْضُهُم بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ بَعْدَ الفَرَاغِ مِن حَرْفِ النُّونِ، كَمَا فَعَلَ السُّيُوطِيُّ، أو بَعْدَ الفَرَاغِ مِن جَمِيعِ الحُرُوفِ كُلِّهَا، كَمَا فَعَلَ فِي كِتَابِ الجَامِع الكَبِيرِ، وَبَعْضُهُم جَعَلَهَا في مَوْضِعِهَا في حَرْفِ النُّونِ مَع الهَاءِ.
التَّنْبِيه الرَّابِعُ: الأَحَادِيثُ المَبْدُوءَةُ بِـ(لَا) أَكْثَرُ طُلَّابِ اِلعِلْمِ يُخْطِئُونَ فِيهَا، وفي كُتُبِ المُتَقَدِّمِينَ والمُتَأَخِّرِينَ مَوْضِعُهَا بَعْدَ الوَاوِ وَقَبْلَ اليَاءِ؛ لِأَنَّ تَرْتِيبَ الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ عَنْدَ العَرَبِ: أَلِف... نُون، هَاء، واو، لا، يَاء.
التَّنْبِيه الأَخِير يَخْتَصُّ بِطُلَّابِ العِلْمِ، تَرْتِيبُ الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ فِي كُتُبِ المَشَارِقَةِ يَخْتَلِفُ عَن تَرْتِيبُ المَغَارِبَةِ، وَتَظْهَرُ أَهَمِّيَّةُ ذَلِكَ إِذَا كَانَ البَاحِثُ يُرَاجِعُ كِتَابًا مِن كُتُبِ المَغَارِبَةِ المُرَتَّبَةِ عَلى الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ، كـ «التَّمْهِيدِ» لَابْنِ عَبْدِ البَرِّ، أَو «مَشَارِقِ الأَنْوَارِ» لِعِيَاضٍ ومَشَارِقُ الأَنْوَارِ كِتَابٌ مُهِمٌّ، في غَرِيبِ الصَّحِيحَيْنِ، لَكِنَّ تَرْتِيبَهُ مُخْتَلِفٌ، هُم يُرَتِبُّونَ التَّرْتِيبَ الآتِيَ: كَافٌ لَامٌ مِيمٌ نُونٌ صَادٌ ضَادٌ عَيْنٌ غَيْنٌ تَاءٌ قَافٌ سِينٌ شِينٌ هَاءٌ وَاوٌ يَاءٌ. فَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: ما وَجَدْتُ الحَدِيثَ فِي التَّمْهِيدِ لَابْنِ عَبْدِ البَرِّ، ما لَقِيتُ شَيْخَ مَالِكٍ في التَّمْهِيدِ! فَتَنَبَّهُوا، رَعَاكُم اللّهُ، إِلَى هَذَا العَمَلِ.
الأَسْئِلَةُ
السُّؤَالُ: بَعْضُ مَن يُحَقِّقُ الكُتُبَ يُخَرِّجُ الحَدِيثَ وَيَحْكُمُ عَلَيْهِ ويَكْتَفِي بِقَوْلِه: (ضَعِيفٌ أَو حَسَنٌ) وَلَا يَذْكُر سَبَبَ ضَعْفِهِ أَو تَحْسِينِهِ، مَع أَنَّه يَذْكُرُ مَصَادِرَهُ الأَصْلِيَّةَ، فَمَا رَأْيَكُم في هَذَا الفِعْلِ؟
الجَوَابُ: إِنَّ مَن يَفْعَلُونَ هَذَا تَخْتَلِفُ مَقَاصِدُهُم؛ فبَعْضُهُم عِنْدَهُ القُدْرَةُ عَلَى مَعْرِفَةِ الصَّحِيحِ مِن الضَّعِيفِ وَلَكَنْ يَرَى أَنَّ التَّطْوِيلَ لَا يَصِحُّ مَعَ العَوَامِّ، وَبَعْضُهُم يَرَى أَنَّه لَيْسَ أَهْلًا ويَكْتَفِي بِنَقْلِ كَلَامِ المُتَقَدِّمِينَ، وَقَد أَحَسَنَ، وَبَعْضُهُم عَالَةٌ عَلَى كُتُبِ النَّاسِ، يَنْقُلُ تَضْعِيفَاتٍ دُونَ أَنْ يَنْسُبَهَا إِلَيْهِم، وهَذَا رَاجَعٌ إِلَى أَمَانَةِ الرَّجُلِ العِلْمِيَّةِ.
أَسْأَلُ الله عَزَّ وَجَلَّ بِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلَى أَنْ يَغْفِرَ لَنَا وَلَكُم جَمِيَعًا.

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
وَبَعْدُ:
 تَكَلَّمْنَا عَنْ مُقَدِّمَاتِ التَّخْرِيْجِ، وَتَكلَّمْنَا أَيْضًا عَنْ الطَّرِيْقَةِ الأُوْلَى مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيْجِ، وَقَدْ تَرَكْنَا بَعْضَ الأُمُورِ وَلَكِنْ لَيْسِتْ ذَاتَ أَهَمِّيَّةٍ كَبِيْرَةٍ؛ نَظَرًَا لِضِيْقِ الْوَقْتِ، وَقِلَّةِ الأَيَّامِ الَّتِي فِيْهَا الدَّوْرَةُ سِتَّةُ أَيَّامٍ تَأْخُذُونَ فِيْهَا خَمْسَةَ طُرُقٍ مِنَ طُرُقِ التَّخْرِيْجِ؛ يَعْنِي: أَمْرٌ يَحْتَاجُ إِلَى مَا نَقُوُلُ: مُعْجِزَةٌ، وَلَكِنْ نَقُولُ: يَحْتَاجُ إِلَى جَهْدٍ كَبِيْرٍ جِدًّا، وَوَقْتٍ مُضَاعَفٍ لَكِنَّ هَذِهِ الدَّوْرَةَ المَقْصُودُ بِهَا أَنَّكًمْ تَخْرُجُونَ مِنْهَا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى وَقَدْ اسْتَفَدُّتمْ أَقَلَّ تَقْدِيرٍ سَبْعِيْنَ فِي المَائَةِ 70% بِحَيْثُ إِنَّكَ أَيُّ حَدِيْثٍ الآنَ أُعْطِيْكَ إِيَّاهُ سَيَكُونَ صَعْبًا عَلَيْكَ تَخْرِيْجُهُ لَكِنْ بَعْدَ هَذِهِ الدَّوْرَةِ سَتَجِدَ الفَرْقَ. خُذْ مِثَالاً عَلَى هَذَا: لَوْ أَعْطَيْتُكَ الآنَ حَدِيْثًا مَثلاً: «يَا أَبَا عُمَيْر مَا فَعَل النُّغَيْرُ»( ) أُرِيْدُ تَخْرِيْجَ هَذَا الْحَدِيْثَ، لَوْ قُلْتُ لَكَ: خَرِّجْ هَذَا الحَدِيْثَ نَجِدُ أَنَّ 85% مِنَ الإِخْوَةِ لَنْ يَسْتَطِيْعَ أَنْ يُخَرِّجَ الْحَدِيْثَ، وَلَوْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَكْتَبَةٌ كَبِيْرَةٌ جِدًّا لَكِنْ فِي نِهَايَةِ الدَّوْرَةِ سَتَجِدُ أَنَّكَ أَيَّ حَدِيْثٍ يَخْطُرُ لَكَ عَلَى بَالٍ سَتَسْتَطِيْعُ الْوُصُولَ إِلَيْهِ بِطُرُقِ التَّخْرِيْجِ المُخْتَلِفَةِ هَذِهِ، وَسَتَشْعُرُ بِثَمَرَةِ هَذِهِ الدَّوْرَةِ، وَثَمَرَةُ تَعَلُّمِ التَّخْرِيْجِ، وََقَديمًا قِيْلَ عَنْ عِلْمِ العَرُوضِ: إِنَّهُ عِلْمٌ شَهْرٌ، وَفَخْرُ دَهْرٍ، عِلْمُ العَرُوضِ مَعْرُوفٌ بِالْقَوافَي الشِّعْرِيَّةِ الَّتِي هِي مَوَازِيْنُها، وَكُنْتُ أَقُولُ: إِنَّ عِلْمَ الْفَرَائِضِ عِلْمُ شَهْرٍ وَفخْرُ دَهْرٍ وَالْيَومَ أَقُولُ لَكُمْ وَأَنَا الْعَبْدُ الضَّعِيْفُ: إِنَّ عِلْمَ التَّخْرِيْجِ عِلْمُ أُسْبُوعٍ وَفَخْرٍ يَعْنِي:  مَلِئيًا بِالخَيْرِ -إِنْ شَاءَ الله وَبِإذْنِ الله تَعَالى- نَسْأَلُ الله لِلْجَمِيْعِ التَّوْفِيْقَ وَالسَّدَادَ.
نَبْدَأُ مُسْتَعِينِينَ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ الطَرِيقَةَ الْقَدِيمَةَ وَاضِحَةٌ مَا فِيهَا إِشْكَالٌ طَبْعًا حَتَّى تَسْتَفِيدَ ارْجِعْ إِلَى كِتَابٍ مَوْجُودٍ فِي المَكْتَبَةِ عِنْدَ الْإِخْوَانِ هُنَا كِتَابُ «مَوْسُوعَةِ أَطْرَافِ الحَدِيثِ» وَتَجِيءُ بِأَيِّ حَدِيثٍ مِثْلَ حَدِيثِ: «أَدِّبْهُ سَبْعًا» وِتْرِي الْآن يُرَجِّع الْآن بَعْدَ ما ذَكَرَت يَقُولُ: أَيْنَ «مَوْسُوعَةُ أَطْرَافِ الحَدِيثِ» لِمُحَمَّدِ السَّعِيدِ؟ فَإِنَّهُ سَيَجِدُهُ مَوْجُودًا بِحَرْفِ الهَمْزَةِ مَعَ الدَّالِ مَعَ البَاءِ مَعَ الْهَاءِ سَيَجِدُ (أدِّبْهُ)، كَذَا يُعْطِيكَ المَصَادِرَ تَرْجِعُ إِلَيْهَا تَجِدُ الحُكْمَ. وَتَرْجِعُ إِلَى «كَشْفِ الخَفَاءِ» سَتَجِدُهُ مَوْجُودًا حَيْثُ مَوْجُودٌ فِي «كَشْفِ الخَفَاءِ»، وَإِنْ كَانَ عِنْدِي وَقْتٌ فِي النِّهَايَةِ أُطَلِّعُهَا لَكُمْ عَلَى الكُمْبِيُوتَرْ وَتَرَوْهَا.
 الطَّرِيقَةُ الثَّانِيَةُ لِلتَّخْرِيجِ: التَّخْرِيجُ بِوَاسِطَةِ لَفْظَةِ، أَوْ أَلْفَاظِ الحَدِيِثِ، وَيُخْتَصَرُ فِيهَا الأَصْلُ، يُخْتَصَرُ فِيهَا الْأَسْمَاءُ وَالأَفْعَالُ، أَمََّا الْحُرُوفُ فَلَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إِطْلَاقًا مَثَلًا: «إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»( ) فَـ(إِنَّمَا) لَا تُفِيدُكَ؛ لِأَنَّهَا حَرْفٌ، وَإِنَّمَا تُفِيدُكَ كَلِمَةُ (أَعْمَالٍ) وَكَلِمَةُ (نِيَّاتٍ) يَعْنِي يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْهَا بِهَذِه الطَّرِيقَةِ، وَكُلَّمَا كَانَتِ الْكَلِمَةُ يَقِلُّ اسْتِعْمَالُهَا يَعْنِي غَيْرََ وَارِدَةٍ فِي الْأَحَادِيثِ كَثِيرًا مِثْلَ: كَلِمَةِ (الصَّلَاةِ)، وَكَلِمَةِ (زَكَاةٍ). وَالكَلِمَاتُ الَّتِي تَتَكَرَّرُ كَثِيرًا مِثْلَ: (قَامَ)، (ذَكَرَ)، (قَرَأَ) هَذِهِ كَلِمَاتٌ مَوْجُودَةٌ فِي الأَفْعَالِ، أَوْ مَثَلًا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ مَوْجُودَةٌ فِي الْأَسْمَاءِ هَذِهِ تُكْثِرُ جِدًّا فِي الأَحَادِيثِ. فَكُلَّمَا اسْتَعْمَلْتْ كَلِمَةُ فِي الحَدِيثِ لِتَبْحَثَ عَنْهُ تَكُونُ كَلِمَةً أَقَلَّ اسْتِعْمَالًا؛ كُلَّمَا كَانَ بَحْثُكِ أَسْهَلَ وَأَسْرَعَ، وَأَكَّدَ النَتِيجَةَ تَصِلُ إِلَيْهَا مَثَلًا: «بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا أَوْ غِنًى مُطْغِيًا» لَوْ تَأْخُذُ كَلِمَةَ (بَادِرُوا) أَصْلًا غَيْرََ كَلِمَةِ (أَعْمَالٍ) لِلْبَحْثِ فِي هَذَا المَوْضُوعِ؛ لَأَنَّ كَلِمَةَ (بَادِرُوا) مَا هِيَ كَثِيرَةٌ فِي الحَدِيثِ تَجِدُهَا فِي 15 مَوْضِعًا أَوْ عِشْرِينَ مَوْضِعًا فِي كُتُبِ السُّنَّةِ، لَكِنْ لَو تَأْخُذُ (الأَعْمَالَ) سَتَجِدُ أَحَادِيثَ بِالعَشَرَاتِ؛ فَيَكُونُ الْبَحْثُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ صَعْبٌ عَلَيْكَ. هَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَتَتْ إِلَى الْأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ المَوْجُودَةِ اسْتَعْمَلْتُ أَلْفَاظًا يَقِلُّ اسْتِعْمَالُهَا، وَجَعَلْتُهَا فِي كُتُبٍ، وَجَعَلْتُ تَخْرِيجَ كُلِّ حَدِيثٍ وَرَدْتِ فِيهِ الْكَلِمَةُ قُبَالًا، هَذِهِ الْكَلِمَةُ أَمَامَهَا كَمَا سَيَأْتِينَا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- فِي الأَمْثِلَةِ الآنَ.
مَزَايَا هَذِهِ الطَرِيقَةِ:
أَوَّلًا: هَذِهِ الطَّرِيقَةُ تَمْتَازُ بِسُهُولَةِ التَّخْرِيجِ بِهَا غَالِبًا؛ لَأَنَّ أَكْثَرُ مَنْ دَرَّسْتُ لَهُمْ طُلَّابِي فِي الجَامِعَةِ، أَوْ فِي هَذِهِ الدَّوْرَةِ، يَسْتَفِيدُونَ مِنْ هَذِهِ الدَّوْرَةِ الْيَوْمَ أَكْثَرَ مِنْ أَيِّ يَوِمٍ آخَرَ؛ لِسُهُولَةِ البَابِ، وَلِأَنَّهُ جَاءَ بِأَهَمِّ الْكُتُبِ فِي السُّنَّةِ. فَالدَّرْسُ الْيَوْمَ مُهِمٌّ جِدًّا جِدًّا لَكَثِيرٍ مِنْهُمْ، وَهُوَ سَهُلٌ أُيْضًا مَا هُوَ صَعْبٌ.
ثانيًا: سُرْعَةُ الوُصُولِ لِلْحَدِيثِ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ لِأَنَّهَا سَهْلَةٌ، وَفِي نَفْسِ الْوَقْتِ سَرِيعَةٌ لِلْوُصُولِ لِلْحَدِيثِ. وَأَيْضًا لَيْسَتِ السُّرْعَةُ كَافِيَةً؛ لَأَنَّ السُّرْعَةَ قَدْ يَكُونُ مَعَهَا الْخَلَلُ لَكِنَّ السُّرْعَةَ بِالتَّحْدِيدِ الدَّقِيقِ مِمَّا يُوَفِّرُ الْجَهْدَ وَالْوَقْتَ لِطَالِبِ العِلْمِ.
ثالثًا: أَنَّ مَعْرَفَةَ أَيِّ جَزْءٍ مِنَ الحَدِيثِ تُمَكِّنُ مِنَ الوُصُولِ إِلَيْهِ يَعْنِي: أَنَا الْآنَ الْأَخُ الَّذِي سَأَلَنِي عَنِ الحَدِيثِ قَبْلَ قَلِيلٍ، وَقَدْ سَأَلَنِي أَحَدٌ قَبْلَهُ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ أَقْوَامٌ يُخَضِّبُونَ بِالسَّوَادِ لَا يَرِيحُونَ رَائِحَةَ الجَنَّةِ» هَلْ هَذَا الحَدِيثُ صَحِيحٌ أََمْ ضَعِيفٌ؟ بِمُجَرَّدِ أَنَّهُ يُرَاجِعُ هَذَا الحَدِيثَ بِكَلِمَةِ لَوْ مَا يَحْفَظُ إِلَا كَلِمَةَ (لَا يُخَضِّبُونَ)، أََوْ مَثَلًا كَلِمَةَ (أَدَّبَهُمْ) يَسْتَطِيعُ الوُصُولَ لِلْحَدِيثِ مِنْ خِلَالِهِ لَو نَسِيَ كُلَّ الْأَلْفَاظِ لَكِنْ بَقِيتْ عِنْدَهُ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ، وَهِيَ مِيزَةٌ مُهِمَّةٌ جِدًا جِدًا، الْفَائِدَةُ مُهِمَّةٌ وَفِي غَايَةِ الأَهَمِّيَّةِ، وَأَنَا اسْتَفَدْتُ فِي مُحَاضَرَاتِي فِي دُرُوسٍ كَثِيرَةٍ عِنْدَمَا أَبْدَأُ فِي مُحَاضَرَةِ دُرُوسِي أَفَعَلُ هَذَا العَمَلَ؛ مَا هُوَ؟ إِنَّه مُمْكِنٌ مِنْ خِلَالِهَا جَمَعُ النُّصُوصِ الْوَارِدَةِ فِي مَوْضُوعٍ مُعَيَّنٍ، مِثَالٌ: أَنَا قُلْتُ: أُرِيدُ أَنْ أَبْحَثَ عَنْ مَوْضُوعِ الْخُشُوعِ مَثَلًا أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ عَنِ الْخُشُوعِ فِي الصَّلَاةِ أَنَا الْآنَ لَوْ أُرِيدُ أَنْ أَعْصِرَ ذِهْنِي يُوجَدُ فِيهِ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ أََنَا أَحْفَظُهَا وَأَنْتُمْ تَحْفَظُونَهَا، لَكِنْ مَا تَأْتِينَا فِي الْحَالِ الرَّغْبَةُ فِي كِتَابَةِ أَفْكَارٍ لَكِنْ بِمُجَرَّدِ أَنْ نَسْتَرْجِعَ الْكُتُبَ الَّتِي خُدِمَتْ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَتَرْجِعُ إِلَى الْكَلِمَةِ أَصْلُهَا مِنْ كَلِمَةِ (خُشُوعٍ) سَتَجِدُ أَوْرَدَ عَشَرَاتِ الْأَحَادِيثِ وَرَدَتْ فِيهَا هَذِهِ الكَلِمَةُ، لَوْ تَخْرِّجُ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ سَتَجِدُ شَيْئًا عن (الخُشُوعِ): خُشُوعُ المِيقَاتِ، خُشُوعٌ فِي الصَّلَاةِ، الْخُشُوعُ الَّذِي ذُكِرَ فِي القُرْآَن،ِ يَعْنِي: تَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِهَا وَضْعَ عَنَاصِرَ لِلْمُحَاضَرَةِ، أَوْ لِشَقَّةِ بَحْثٍ أَوْ مَا إِلَى ذَلِكَ مِنْ خِلَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ وَلِهَذَا فَهِيَ طَرِيقَةٌ مُهِمَّةٌ سَهْلَةٌ، وَفِي غَايَةِ الجَوْدَةِ، وَلَكِنْ مَا فِي شَيْءٌ إِلَا لَهُ عُيُوبٌ كَمَا سَيَأْتِينَا، وَكَمَا تَرَوْنَ أَمَامَ عُيُونِكُمْ.
عُيُوبُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ:
 أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْرِفَ البَاحِثُ التَّصْرِيفَ اللُّغَوِيَّ لِلْكَلِمَةِ، وَأَصْلَهَا، وَاشْتِقَاقَهَا، وَنَحْوِ ذَلِكَ. الَّذِينَ رَتَّبُوا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ الْعَلْمَاءَ الْمُتَقَدِّمِينَ (السَّلَفَ)، أَوِ المُتَأَخِّرِينَ، وَمِنْهُمُ المُسْتَشْرِقُونَ كَمَا سَيَأْتِينَا رَتَّبُوا عَلَى الْمِيزَانِ الصَّرْفِيِّ، الْمِيزَانُ الصَّرْفِيُّ كَثِيرٌ مِنْ طَلَبَةِ الْعِلْمِ يَجِدُونَ مِشْقَّةً فِيهِ، هَذِهِ الْمَشَقَّةُ تَزُولُ بِتَعَلُّمِ المِيزَانِ، قَرَاءَتِهِ، وَاسْتِحْضَارِهِ، يَعْنِي: يَزيدُ عَلَيْكَ الْمَشَقَّةَ قَلِيلًا حَتَّى لَوْ مَا كَنْتَ تَعْرِفُ سَيُيَسِّرُ عَلَيْكَ يَعْنِي: كُلُّ النَّاسِ يَعْرِفُونَ الْفِعْلَ المُجَرَّدَ، المَاضِي، المُضَارِعَ، الأَمْرَ، اسْمَ الفَاعِلِ، اسْمَ المَفْعُولِ، الصِّيغَةَ المُشَبِّهَةَ، وَهَكَذَا، وَيَسِيرُ بِالتَّدْرِيجِ المُفْرَدُ، المُثَنَّى، الجَمْعُ، وَهَكَذَا كَمَا سَيَأْتِينَا -إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- فِي شَرْحِ الطَّرِيقَةِ هَذِهِ بِصُورَةٍ أَوْضَحَ.
هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ عُيُوبِهَا: أَنَّهَا لَا تَذْكُرُ الصَّحَابِيَّ فِي الحَدِيثِ الْمَخْرَّجِ غَالِبًا مَا تَذْكُرُ الصَّحَابِيَّ تَذْكُرُ لَكَ اللَّفْظَ وَمَنْ خَرَّجَهُ، وَلَكِنْ هُوَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، مِنْ حَدِيثِ جَابَرٍ مَا تُخْبِرُكَ، إِنَّمَا مَنْ يُخْبِرُكَ كُتُبِ المُتَقَدِّمِينَ، وَلَكِنَّهَا مَحْدُودَةٌ جِدًا، التَّخْرِيجُ فِيهَا مَحْدُودٌ، أَقُلُّ بِكَثِيرٍ مِنْ كُتُبِ المُتَأَخِّرِينَ؛ هَذِهِ المُشْكِلَةُ الأُولَى.
وَالمُشْكِلَةُ الْأُولَى وَلَّدَتْ عِنْدَنَا المُشْكِلَةَ الثَّانِيَةَ، تَذْكُرُ عِنْدَهَا الصَّحَابِيَّ، وَوَلَّدَتْ عِنْدَنَا مُشْكِلَةً أُخْرَى أَعْقَدَ مِنْهَا وَهِيَ: الْخَلْطُ بَيْنَ الرِّوَايَاتِ عِنْدَ تَشَابُهِ الأَحَادِيثِ، فَمَثَلًا حَدِيثُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ» رُوِيَ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ صَحَابِيٍّ، فَلَا يُمَيَّزُ حَدِيثُ صَحَابِيٍّ عَنْ صَحَابِيٍّ، فَوَلَّدَ عَنْ هَذَا الْعَيْبَ الْآخَرَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي عَيْبٍ مُهِمٍّ فِي هَذِهِ سَيَأْتِي -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- خَاصَّة فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» الَّذِي سَتَدْرُسُونَهُ اليَوْمَ، وَهُوَ أَنَّهُمْ مَثَلًا يَأْتِي: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»( ) كَلِمَةُ (يَتَبَوَّأْ) جَاءَ بِأَكْثَرَ مِنْ حَدِيثٍ لَهَا خَرَّجَهُ فِي أَكْثَرَ مِنْ مَوْضِعٍ لَكِنَّ هَذِهِ الْأَحَادِيثَ وَاحِدٌ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»، الحَدِيثُ الثُّانِي: «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ، وَمَنْ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»( ) الحَدِيثُ. الثَّالِثُ: «مَنْ كَذَبَ فِي الرُّؤْيَا مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»، فَالأَحَادِيثُ مُخْتَلِفَةٌ، وَالمَوَاضِيعُ مُخْتَلِفَةٌ لَكِنْ أُورِدُهَا فِي نَفْسِ الْمَوْضِعِ السَّبَبُ أَنَّهُ مَا خَرَّجَ الْأَحَادِيثَ عَنِ الصَّحَابَةِ، وَلَوْ خَرَّجَهَا لَزَالَ هَذَا الإِشْكَالُ.
العَيْبُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنِ اسْتِيعَابِ جَمِيعِ الْكَلِمَاتِ حَتَّى يَكْتَمِلَ التَّخْرِيجُ النِّهَائِيُّ لِلْحَدِيثِ، وَخَاصَّةً فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» الَّذِي سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ الْآنَ -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-.
المُشْكِلَةُ الْأُخْرَى وَالأَخِيرَةُ فِي هَذِهِ الطَرِيقَةُ: أَنَّ كُتُبَهَا قَلِيلَةٌ تُعْتَبَرُ أَقُلَّ التَّخْرِيجِ كُتُبًا إِنْ لَمْ نَقُلْ: إِنَّهَا فِي الدَّرَجَةِ الثَّالِثَةِ فِي القِمَّةِ بَعْدََ كُتُبِ التَّخْرِيجِ عَنْ طَرِيقِ الرَّاوِي بِاعْتِبَارِ وَجْهٍ مُعَيَّنٍ، فَيَقِلُّ كُتُبُهَا مُقَارَنَةً بِالطَّرِيقَةِ الأُولَى. وَقُلْتُ الْكُتُبُ الَّتِي وَرَدَتْ بِوَاسِطَتِهَا لَوْ رَجَعْنَا لِلْكُتُبِ الَّتِي رَتَّبَتِ الْأَحَادِيثَ عَلَى أَصِلِ الْأَلْفَاظِ المَوْجُودَةِ فِي الأَحَادِيثِ؛ لَوَجَدْنَا أَنَّ هَذِهِ الْكُتُبِ قَلِيلَةٌ. وَأَيْضًا قُلْتُ هَذِهِ الْكُتُبُ نَفْسُ الْكُتُبِ الَّتِي خَدَمْتَهَا وَأَحَالَتْنَا عَلَيْهِا كَتَبٌ قَلِيلَةٌ مِثْلُ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ». هَذَا الْكِتَابُ «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ» أَهُمُّ كِتَابٌ، وَمَعَ هَذَا ما خَدَمَ إِلَا ثَلَاثَ كُتُبٍ فَقَطْ، فَكَيْفَ لَوْ جَاءَ وَاحِدٌ وَكَمَّلَ هَذَا البَّحْثَ، وَبَدَّلَ ما كَانَ تِسْعَةَ كُتُبٍ يَكُونُ تِسْعِينَ كِتَابًا تَكُونُ الْخِدْمَةُ أَفْضَلَ بِكَثِيرٍ جِدًا المُؤَلَّفَاتُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ المُؤَلَّفَاتُ أَهُمُّ شَيْءٍ عِنْدَنَا «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ» بِأَلْفَاظِ الحَدِيثِ، وَسَيَأْتِي تَفْصِيلٌ لِأَهَمِّيَّتِهِ بَعْدَ قَلِيلٍ.
الكِتَابُ الثَّانِي: فِهْرِسُ الشَّيْخِ مُحَمَدْ فُؤَادْ عَبْدُ الْبَاقِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَصَحِيحِ مُسْلِمٍ، فَهُوَ الفِهْرِسُ الثَّالِثُ لِلْكِتَابِ. الشَّيْخُ مُحَمَدْ فُؤَادْ عَبْدُ الْبَاقِي مِنَ الَّذِينَ عَمِلُوا مَعَ المُسْتَشْرِقِينَ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» فَاسْتَفَادَ مِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، فَتَطَوَّعَ كِتَابُ «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» عَلَى مُوجِبِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَطْبُوعٌ فِي الطَّبْعَةِ المَوْجُودَةِ فِي خَمْسِ مُجَلَّدَاتٍ، وَهِيَ طَبْعَةُ مُصْطَفَى البَابِيُّ الحَلَبِيُّ، وَالآخَرُ المُجَلَّدُ الخَامِسُ عِبَارَةٌ عَنْ فَهَارِسٍ «فِهْرِسُ صَحِيحِ مُسْلِمٍ» لِمُحَمَّدْ فُؤَادْ عَبْدُ الْبَاقِي هُوَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ يَعْنِي: يَقُولُ لَكَ: حَدِيثُ مُسَلِّمٍ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ تَسْتَطِيعُ مَثَلًا تَحْتَاجُ إِلَى «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» فَتَجِدُ الحَدِيثَ وَاضِحًا وَسَهْلًا جِدًا.
الثَّالِثُ: فِهْرِسُ ابْنِ بَيُّومِيٍّ لَسُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَهِيَ الْأَجْزَاءُ الَّتِي شَرَحَهَا مُحَمَدُ خِطَابُ السُّبْكِيُّ، وَهُوَ الفِهْرِسُ أَيْضًا الرَّابِعُ لِلْكِتَابِ، وَهُوَ قَلِيلٌ مَوْجُودٌ.
الكِتَابُ الرَّابِعُ: «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ لِأَلْفَاظِ الحَدِيثِ النَّبَوِيِّ فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ» يُوسُفَ بْنِ العَشْرِيِّ لَاحِظُوا هَذَا الْكِتَابُ عَلَى نَفْسِ طَرِيقَةِ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» لَكِنْ يَخْدُمُ سُنَنَ الدَّارَقُطْنِيِّ فَقَطْ، فَلَوْ جَاءَ طَالِبُ عِلْمٍ الآنَ، وَنَزَّلَ الْفَوَائِدَ الَّتِي فِي سُنَنِ الدَّارَقُطْنِيِّ عَلَى أَصِلِ الْكِتَابِ وَهُوَ «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ» كَمِثَالٍ أَصْلًا نَحْنُ مَا نَنْصَحُ بِهَذَا، وَلَكَنْ نَقُولُ كَمِثَالٍ.
تَنْبِيهٌ مُهِمٌّ قَلَّ مَنْ نَبَّهَ إِلَيْهِ، وَأُحِبُّ أَنْ أُنَبِّهَ عَلَيْهِ من بَابِ إِحْقَاقِ الحَقِّ، وَهُوَ أَنَّهُ شَاعَ أََنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَوَّلُ مَنِ اخْتَرَعَهَا هُمُ المُسْتَشْرِقُونَ، وَلَكَنْ لِلْأَسَفِ بَعْضُ الَّذِينَ جَاءُوا يَدْرُسُونَ تَكَلَّمُوا وَقَالُوا: إِنَّهَا لِلْمُسْتَشْرِقِينَ وَبَدُءُوا يَمْدَحُونَ المُسْتَشْرِقِينَ بِهَذَا. نَعَمْ المُسْتَشْرِقُونَ بَذَلُوا جُهُودًا؛ وَجُهُودُهُمْ لَمْ تَكُنْ لِخِدْمَةِ دِينِنَا؛ بَلْ لِلْإِضْرَارِ بِدِينِنَا؛ هَذَا الْأَصْلُ عَلَيْهِمْ، وَلَكِنْ إِحْقَاقًا لَلْحَقِّ لَيْسُوا هُمْ مَنِ اخْتَرَعُوا هَذِهِ الطَّرِيقَةَ، وَابْتَكَرَهَا، وَأَوَّلُ مَنْ أَلَّفُوا فِيهَا! بَلْ سَبَقَهُمْ إِلَى هَذَا عُلَمَاءُ مُسْلِمُونَ، وَهُمْ أَخَذُوا الفِكْرَةَ مِنَ الْعَلْمَاءِ الَّذِينَ تَظْهَرُ أَسْمَاؤُهُمْ عِنْدَكُمْ مِنْهُمْ: «غَرِيبُ الحَدِيثِ» لَأَبِي إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمَ الحَرْبِيِّ، وَ«غَرِيبُ الحَدِيثِ» لِلخَطَّابِيِّ، وَ«غَرِيبِ الحَدِيثِ» لَأَبِي عُبَيْدَةَ نَفْسُ التَّرْتِيبِ، وَكَذَلِكَ «النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الأَثَرِ» لِابْنِ الأَثَير أَيْضًا أَوْرِدَ بَعْضَ التَّخْرِيجَاتِ، لَكِنْ هَذِهِ الكُتُبُ التَّخْرِيجَاتُ فِيهَا قَلِيلَةٌ وَلَيْسَتْ كَثِيرَةً، لَكِنَهَا نَبْهَتُهُمْ عَلَى أَصْلِ الفِكْرَةِ الَّتِي رَتَّبُوا كِتَابَهُمْ بِمُوجِبِهَا، فَاسْتَفَادُوا فَائِدَةً كَبِيرَةً جِدًّا، وَهَؤُلَاءِ العُلَمَاء: ابْنُ الحَارِبِيِّ، وَالخَطَّابِيُّ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ، وَابْنُ الأَثِيرِ، وَغَيْرُهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفَتْ مَنَاهِجَهُمْ قَدْ تَخْتَلِفُ مَنَاهِجُ البَعْضِ إِلَّا أَنَّ الفِكْرَةَ وَاحِدَةً، الفِكْرَةُ الَّتِي آمَنُوا بِهَا فِي تَرْتِيبِ المَوَادِ، وَهِيَ التَّرْتِيبُ عَلَى الْمِيزَانِ الصَّرْفِي، وَهِيَ الكَلِمَةُ، وَأَصْلُهَا، وَاشْتِقَاقُهَا.
«المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ»: مُؤَلِّفُ الكِتَابِ هُوَ رَجُلٌ دُكْتُورٌ مُدَّرِسُ اللُّغَةِ العَرَبِيَّةِ فِي هُولَنْدَا اسْمُهُ: واي فنسنك أُسْتَاذُ العَرَبِيَّةُ بِجَامِعَةِ لِيدِنِ مَعَ مَجْمُوعَةِ مِنْ زُمَلَائِهِ المُسْتَشْرِقِينَ، وَبِمُشَارَكَةِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ فُؤَادِ عَبْدِ الْبَاقِي -تَعْرِيبًا كَانَ هُوَ المُتَرْجِمَ- وَكَانَ يُعَرِّبُ فِي بَعْضِ الإِشْكَالَاتِ المَوْجُودَةِ عِنْدَهُمْ، وَاسْتَمَرَّ العَمَلُ فِي كَمْ سَنَةً؟ -انْظُر الجَهْدَ مَا كَانَ لِخِدْمَةِ دِينِنَا- 62 سَنَةً يُؤَلِّفُونَ كِتَابَ مِنْ سَبْعِ مُجَلَّدَاتٍ، أَوْ ثَمَانِ مُجَلَّدَاتٍ؛ مِنْ أَجْلِ أَنْ يَطْعَنُونَ فِي دِينِكُمْ، وَنَحْنُ نَفْهَمُهُ فِي سِتِّ سَاعَاتٍ فِي خِدْمَةِ دِينَكُمْ فَقَطْ 62 سَنَةً مِنْ عَامِ 1916 مِيلَادِيًّا إِلَى 1987 مِيلَادِيًّا يَعْمَلُونَ فِي الْكِتَابِ، مَاتَ مَجْمُوعَةٌ مِنْهُمْ، وَتَقْرَأُ المُقَدِّمَةَ تَتَعَجَّبُ، مَاتَ مَجْمُوعَةٌ وَجَاءَ آخَرُونَ كَمَّلُوا، أَكْثَرُ مِنْ شَخْصٍ مَاتُوا مِنَ المُشْرِفِينَ عَلَى المَشْرُوعِ، مَجْمُوعَةٌ غَيْرُ قَلِيلَةٍ، كُلُّ وَاحِدٍ يَتَوَلَّى الأَمْرَ، وَهَذِهِ هِيَ المُشْكِلَةُ طَوْلَ المُدَّةِ لِكَثْرَةِ الَّذِينَ أَشْتَغَلُوا عَلَيْهَا أَوْرَثَ الْكِتَابُ مُشْكِلَةً. سَأُبَيِّنَ هَذَا فِي عُيُوبِ الكِتَابِ بَعْدَ قَلِيلٍ -إنْ شَاءَ اللَّهُ-.
مَوْضُوعُ الكِتَابِ: فَهْرَسَةٌ لِأَلْفَاظِ الحَدِيثِ النَّبَوَيَّةِ الْوَارِدَة فِي الأَحَادِيثِ، وَأَمَاكِنَ وُرُودِهَا فِي تِسْعَةِ كُتُبٍ.
مَا هِيَ التِّسْعَةُ كُتُبِ الَّتِي اعْتَمَدُوهَا فِي الخِدْمَةِ وَخَدَمُوهَا؟
صَحِيحُ البُخَارِيِّ، صَحِيحُ مُسْلِمٍ، سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ، سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ، سُنَنُ النَّسَائِيِّ، سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ، هَذِهِ نُسَمِّيهَا الْكُتُبَ السِّتَّةَ وَأَضَافُوا إِلَيْهَا مُسْنَدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَمُوَطَّأَ الْإِمَامِ مَالِكٍ، وَسُنَنَ الدَّارِمِيِّ، صَارَتْ تِسْعَة كُتُبٍ، هَذِهِ الْكُتُبُ الَّتِي أَعْتَمَدُوهَا بِجَدَارَةٍ أَهَمُّ كُتُب السُّنَّةِ يَعْنِي: الَّذِي يَحْفَظُ هَذِهِ الْكُتُبُ بِزَوَائِدِهَا هَكَذَا يَكُونُ جَمَعَ السُّنَّةَ كُلَّهَا، وَلَا يَشِذُّ عَنْهَا إِلَّا شَيْءٌ يَسِيرٌ مِنْهَا.
طَرِيقَةُ تَرْتِيبُ الكِتَابِ: رُتَّبَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي: أَوَّلًا: رُتَّبَ عَلَى تَرْتِيبِ الهِجَاءِ فِي الأَفْعَالِ وَالأَسْمَاءِ جَمِيعًا بِدُونِ الزِّيَادَاتِ وَاللَّوَاحِقِ. بِأَنْ يَأْتِيَ إِلَى كَلِمَةِ مَثَلًا (بَادِرُوا) أَصْلُ كَلِمَة (بَادِرُوا) (بَدَرَ)، فَأَصْلُ الْكَلِمَة مُجَرَّدَةٌ (بَدَرَ) سَيَأْتِي بِكَلِمَةِ (بَدَرَ)، ثُمَّ يَأْتِي بَعْدَ الفِعْلِ المُجَرَّدِ بِالمَاضِي (بَادَرَ)، ثُمَّ بِالمُضَارِعِ (يَبْدُرُ)، ثُمَّ بِالْأَمْرِ (ابْدِرُوا) أَوْ (ابْدِرْ) كَذَا، ثُمَّ يَأْتِي مُسَلْسَلٌ فِي الْمِيزَانِ الصَّرْفِي، وَيَبْدَأُ بِالمِيزَانِ الصَّرِفِي لَمْ يَأْخُذْ مِنَّا وَقْتٌ، ثُمَّ بَعْدُ ذَلِكَ إِذَا جَاءَ اسْمُ الفَاعِلِ، اسْمُ المَفْعُولِ، الصِّفَةُ المُشَبَّهَةُ، أَفْعَالُ التَّفْضِيلِ، ثُمَّ بَعْدُ ذَلِكَ إِذَا جَاءُوا إِلَى فِعْلٍ مَثَلًا يَعْنِي: مَاضِي، أَوْ مُضَارِعٌ مَبْنِي لِلمَعْلُومِ أَوْ مَبْنِي لِلمَجْهُولٍ قَدِّمُوا المَبْنِي لِلمَعْلُومِ، ثُمَّ المَبْنِي لِلمَجْهُولِ: مِثْلُ (بَدَرَ) و(بُدِرَ)، (ضَرَبَ) و(ضُرِبَ) مَثَلًا يُقَدِّمُونَ المَبْنِي لِلمَعْلُومِ (ضَرَبَ) عَلَى (ضُرِبَ) المَبْنِي لِلمَجْهُولِ يُقَدِّمُونَ المُجَرَّدَ عَلَى المَجْهُولِ هَذِهِ قَوَاعِدُ. أَيْ فِعْلٍ مُجَرَّدٍ مَا فِيهِ زَوَائِدُ، وَلَا يَلْحَقُهُ لَوَاحِق يُقَدِّمُونَه عَلَى أَي شَيْءٍ مَزِيدٍ، وَلَوْ بِهَمْزَةٍ، أَوْ بِحَرْفِ عِلَّةٍ، أَوْ مَا إِلَى ذَلِكَ. يُقَدِّمُونَ الْمَرْفُوعَ عَلَى المَجْرُورِ، وَالمَجْرُورُ عَلَى المَنْصُوبِ، عَلَى طَرِيقَةِ المَشَايِخِ، طَرِيقَةِ الْكُوفِيِّينَ، وَهَلُمَّ جَرًّا عَلَى نَفْسِ الطَّرِيقَةِ. هَذَا التَّرْتِيبُ المِيزَانُ الصَّرْفِي هَذَا المُهِمُّ أَنْ تَسْتَطِيعَ أَنْ تُخَرِّجَ حَتَّى وَلَمْ تَعْرِفْ المِيزَانَ، لَكِنْ الفَرَقُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَنْ يَعْرِفُ المِيزَانَ أَنَّ الَّذِي يَعْرِفُ المِيزَانَ فِي لَحَظَاتٍ يَقَعُ عَلَى الحَدِيثِ فِي خِلَالِ 15 ثَانِيَةً أَمَّا أَنْتَ فَتَحْتَاجُ إِلَى دَقِيقَةٍ وَنِصْفِ أَوْ دَقِيقَتَيْنِ مَثَلًا، وَإِذَا كَثُرَ الْفَرَقُ يَكُونَ خَمْسَ دَقَائِقَ، وَيَعْتَمِدُ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْكَلِمَةِ فِي الحَدِيثِ. يُقَدِّمُونَ المُفْرِدَ عَلَى المُثَنَّى، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَأْتُونَ بِالجَمْعِ، وَيَذْكُرُونَ تَحْتَ كُلِّ كَلِمَةٍ الْأَحَادِيثَ الَّتِي وَرَدَتْ فِي هَذِهِ الكَلِمَةِ تَحْدِيدًا. يَقُولُ لَكَ: فِي البُخَارِيِّ كَذَا، وَفِي مُسْلِمِ كَذَا وَكَذَا، وَيَسْتَخْدِمُونَ فِي ذَلِكَ رُمُوزًا سَيَأْتِي شَرْحُهَا، الْآنَ اسْتَخْدِمُوا الرُّمُوزَ إِذَا عُرِضَتْ الكَلِمَةُ مَثَلًا كَلِمَةُ (بَادِرُوا) يَأْتُون بِهَا، وَيَضَعُونَهَا، يَأْتُونَ بِـ(بَدَرَ) قَبْلَ (بَادِرُوا) إِذَا جَاءُوا بِكَلِمَةِ (بَادِرُوا) قَالُوا: (خ) بُخَارِيٌّ، مُسْلِمٌ وكَذَا، وَيَذْكُر لَكَ المَوَاضِعَ بِالتَّحْدِيدِ فِي هَذِهِ الكُتُبِ، وَسَتَرُونَّ ثَمَرَةَ هَذَا الْكِتَابِ المُفِيدِ.
مِثَالٌ عَلَى المِيزَانِ: أَخَذْتُهُ مِنْ نَفْسِ المُعْجَمِ نَفْسِ تَرْكِيبِهِ مِنَ المُعْجَمِ لِمَادَةِ (بَرَكَهَا) -جَعَلْنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا- عَلَى حَسَبِ الوُجُودِ (بَرَكَ)، (يُبْرُكُ)، (ابْرِكْ) مَا هُوَ مَوْجُودٌ هُنَا لَا يَبْرُكُ وَلَا يُبْرَكُ، (بَرَكَ) ثُمَّ (بَرِّكْ) مُضَاعَفُ قَدَّمَ الصَّحِيحَ عَلَى مَا فِيهِ تَضْعِيف (بَارَك)، (تَبْرَّك)، (تَبَارَك)، (بَرَك)، (بُرُوك)، (بِرْكة)، (بَرَكَة)، (بِرْكَات)، (مَبْرُك)، (مُبَارَك) الشَّكْلُ هَذَا فَأَنْتَ إِذَا جَاءَ حَدِيثُ مَثَلًا: «جَعَلَكَ اللهُ أَخًا مُبَارَكًا» تُرِيدُ أَنْ تُخْرِّجُهُ إِذَا كُنْتُ لَا تَعْرِفُ المِيزَانَ الصَّرْفِي تَبْدَأُ قَبْلَ ثَلَاثِ صَفْحَاتٍ تَبْحَثُ عَنِ الحَدِيثِ، بِدَايَةُ أَوَّل كَلِمَةٍ وَرَدَتْ فِيهَا: البَاءُ مَعَ الرَّاءِ مَعَ الكَافِ؛ بِسَبَبِ هَذَا يَأْخُذُ مِنْكَ وَقْتٌ لَكِنْ إِذا كُنْتُ تَعْرِفُ المِيزَانَ الصَّرْفِي تَنْتَقِلُ إِلَى الكَلِمَةِ فِي لَحْظَةٍ نَقُولُ: هَذِهِ رُمُوزُ الكِتَابِ تَجِدُونَهَا وَاضِحَةً: (خ) لِلبُخَارِيِّ طَبْعًا هُمْ يَضَعُونَ خَطًّا فَوْقَ الحُرُوفِ هَذِهِ تَمْيِيزٌ عَنْ بَاقِي هَذَا الكَلَامِ، (خ) لِلبُخَارِيِّ، (م) لِمُسْلِمٍ، (د) لَأَبِي دَاوُدَ، (ت) لِلتِّرْمِذِيِّ، (ن) لِلنَّسَائِيِّ، (جه) لِابْنِ مَاجَهْ، (ط) لِمَالِكٍ، (حم) لِأَحْمَدَ، (دي) لِلدَّارِمِيِّ. هَذِهِ الرُّمُوزُ المُسْتَعْمَلَةِ غَيْرُ لَازِمٍ حِفْظهَا؛ لَأَنَّ مِيزَةَ هَذَا الكِتَابِ جَعَلَ هَذِهِ الرُّمُوزَ فِي أَسْفَلَ الكُتُبِ جَعَلَهَا أَسْفَلَ كُلِّ صَفْحَةٍ مَا عِنْدَكَ أَيْ إِشْكَالٍ.
فَهَذِهِ الرُّمُوزُ مَطْبُوعَةٌ فِي كُلِّ صَفْحَةٍ مِنْ صَفَحَاتِ الكِتَابِ فِي مُجَلَّدَاتِهِ الثَّمَانِيَةِ يَعْنِي: تِلْكَ الرِّمُوزُ مَوْجُودَةُ أَمَامَكَ لَكِنْ كَوْنَكَ تَحْفَظُهَا هَذَا جَيِّدٌ لَكِنْ الرُّمُوزُ وَإِنْ كَانَتْ لِنَفْسِ المُسْتَشْرِقِينَ وَلَكَنْ اخْتَلَفَتْ الرُّمُوزُ فِي اسْتِعْمَالَاتِهَا فَمَثَلًا: النَّسَائِيُّ اسْتَعْمَلُوا لَهُ (س) مِنْ (ن)، وَأَحْمَدُ اسْتَعْمَلُوا لَهُ الرَّمْزَ الثَّانِي، وَهَكَذَا ابْنُ مَاجَهْ اسْتَعْمَلُوا (ق) تَخْتَلِفُ الرُّمُوزُ عَنْ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» بِالنِّسْبَةِ «لِلمُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» وَهَذِهِ الرُّمُوزُ تَسِيرُ عَلَى المَوْجُودِ تَحْتَ المَكْتُوبَةِ.
 تَنْبِيهٌ: هَذَا جَانِبٌ مُهِمٌّ جِدًّا يَذْكَرُ بَعْدَ رَمْزِ كُلِّ كِتَابٍ: رَقْمُ الكِتَابِ، ثُمَّ رَقْمُ الْبَابِ الَّذِي وَرَدَ فِيهِ الحَدِيثُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ كُتُبٍ، يَعْنِي: يَقُولُ لَكَ: (خ) يَأْتِيكَ بِعِشْرِينَ، خَمْسَةٍ، أَوْ يَقُولُ لَكَ: (خ) زَكَاةٌ خَمْسَةٌ، (م) صَدَقَةٌ سِتَّةٌ مَثَلًا الرَّمْزُ لِلمُخَرِّجِ، ثُمَّ يَأْتِيكَ بِاسْمِ الْكِتَابِ، مِنْ كِتَابِ صَلَاةٍ، كِتَابِ زَكَاةٍ -بِدُونِ الْأَلِفِ وَاللَّامِ، ثُمَّ رَقْم البَابِ. الرَّقْمُ الَّذِي جَاءَ بَعْدَ اسْمِ الْكِتَابِ كِتَابُ مَثَلًا: أَنْبِياءٌ، رُؤْيَا، زَكَاةٌ، نِكَاحٌ، صَلَاةٌ، بَيْعٌ، الرَّقْمُ الَّذِي بَعْدَهُ دَائِمًا رَقْمُ الْبَابِ دَاخِلُ كِتَابِ الفِقْهِ، كِتَابُ الْفِقْهِ فِيهِ عِشْرِينَ بَابًا، فِيهِ خَمْسِينَ بَابًا، تَرْقِيمَاتُ هَذِهِ الْأَبْوَابِ هِيَ المَعْنِيَّةُ بِالرَّقَمِ الَّذِي بَعْدُ اسْمِ الْكِتَابِ كَمَا سَيَأْتِينَا مِثَالُهُ بَعْدُ قَلِيلٍ -إِنْ شَاءَ اللهُ-.
هَذَا التَّرْقِيمُ يُوجَدُ إِلَّا فِي ثَلَاثَةِ كُتُبِ: فَـ«صَحِيحُ مُسْلِمٍ» الرَّقْمُ الأُوَّلُ الاسْمُ يَأْتِيكَ بِاسْمِ الكِتَابِ، أَمَّا الرَّقْمُ الثَّانِي فَهُو رَقْمُ الحَدِيثِ، اسْمُ الْكِتَابِ بَعْدُهُ الرَّقْمِ فِي هَذَا الْبَابِ إِلَّا فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» الرَّقْمُ رَقْمُ الحَدِيثِ وَلَيْسَ رَقْمُ البَابِ، كَذَلِكَ مُوَطَّأُ مَالَكٍ الرَّقْمُ لِلْحَدِيثِ وَلَيْسَ لِلبَابِ، وَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَا ذَكَرَهُ فِي الكِتَابِ؛ لَأَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ مَا رَتَّبَ كِتَابَهُ عَلَى الأَبْوَابِ الفِقْهِيَّةِ، وَإِنَّمَا رَتَّبَهَا عَلَى مَفَاهِيمِ الصَّحَابَةِ، فَيَذْكُرُونَ فِي الْجُزْءِ وَالصَّفْحَةِ. هَذَا وَاضِحٌ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- وَسَيْتَضِحُ لَكُمْ.
تَنْبِيهٌ: هَذَا تَنْتَبِهُونَ إِلَيْهِ خَاصَّةً فِي المُجَلَّدِ الأُوَّلِ، هَذِهِ الرُّمُوزُ وَالإِحَالَاتُ فِي الكِتَابِ كُلِّهِ إِلَّا فِي المُجَلَّدِ الأَوَّلِ، وَحَتَّى الصَّفْحَةِ 23، أَوَّلُ 23 صَفْحَة مِنَ الْكِتَابِ، الرُّمُوزُ المُسْتَخْدَمَةُ: (ق) لِابْنِ مَاجَهْ، وَ(حل) لِأَحْمَدَ، وَبَاقِي الرُّمُوزِ كَمَا هِيَ. الشَّيْءُ الثَّانِي: أَنَّهُمْ قَامُوا بِالتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّه إِذَا وَرَدَ كَلِمَةٌ وَلَمْ يَرِدْ ذِكْرُهَا هُنَا أَعْطُوكَ إِحَالَةً، قَالُوا: رَاجَعْ كَلِمَةَ كَذَا، أَحَالُوكَ عَلَى مَوْضِعٍ آخِرٍ.
طَرِيقَةُ التَّخْرِيجُ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»:
أَوَّلًا: الطَرِيقَةُ الإِجْمَالِيَّةُ: كَأَنْ تَقُولُ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ كَمَا فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» هَذَا إِجْمَالِي كَمَا أَوْرَدَهُ صَاحِبُ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» وَمَا إِلَى ذَلِكَ، وَالجُزْءُ وَالصَّفْحَةُ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ».
ثَانِيًا: الطَّرِيقَةُ التَّفْصِيلِيَّةُ: وَهِيَ الرُّجُوعُ إِلَى الكُتُبِ الَّتِي أَحَالَ عَلَيْهِا صَاحِبُ المُعْجَمِ. تَرْجِعُ إِلَى البُخَارِيِّ نَفْسِهِ، تَرْجِع إِلَى مُسْلِمٍ نَفَسْهِ مِنْ كِتَابِهِ، وَتَذْكُرُ المَعْلُومَاتِ: اسْمُ الكِتَابِ، وَالبَابُ، وَرَقْمُ الحَدِيثِ، وَرَقْمُ الجُزْءِ، وَرَقْمُ الصَّفْحَةِ، وَالإِسْنَادِ عَلَى حَسَبِ مَا تَحْتَاجُ إِلَيْهِ أَنْتَ مِثْلُ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ فِي الصَّلَاةِ، بَابُ الصَّلَاةِ فِي النِّعَالِ، المُجَلَّدُ الأُوَّلُ صَفْحَةُ رَقْم 33 حَدِيث 354، الطَّبْعَاتُ الَّتِي اسْتُعْمِلَتْ فِي الكِتَابِ، الَّتِي قَامَ المُعْجَمُ بِخِدْمَتِهَا مُهِمَّةٌ أَنْ تَكُونَ عِنْدَكَ نَفْسَ الطَّبْعَاتِ، يُفَضَّلُ أَنْ تَكُونَ نَفْسَ الطَّبْعَاتِ إِنْ اسْتَطَعْتَ، وَإِذَا لَمْ تَسْتَطِعْ فَبِاسْتِطَاعَتِكَ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْ أَيْ طَبْعَةٍ خَاصَّةً فِي الكُتُبِ المُرَتَّبَةِ عَلَى الكُتُبِ مِنَ الأَبْوَابِ الفِقْهِيَّةِ، أَمَّا الَّتِي رُتِّبَتْ عَلَى المَسَانِيدِ فَإِنَّهَا مِنَ الصُعُوبَةِ بِالمَكَانِ الرُّجُوعُ إِلَيْهَا؛ لَأَنَّهُ إِذَا أَخَذَ طَبْعَةً -طَبْعَةُ شُعَيبِ الأَرْنَاؤُوطِيِّ مَثَلًا- لَمُسْنِدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ 30 مُجَلَّدًا أَوْ 40 مُجَلَّدًا هَذِهِ مَا تَسْتَفِيدُ مِنْهَا إِلَّا إِذَا اسْتَفَدْتُ مِنَ الهَوَامِشِ، أَرْقَامُ الطَّبْعَةِ القَدِيمَةِ، البُخَارِيُّ اعْتَمَدُوا عَلَى الطَّبْعَةِ السَّلَفِيَّةِ مُحَمَّد فُؤَادِ عَبْدِ البَاقِي، وَهِيَ مَطْبُوعَةٌ مَعَ «فَتْحِ البَارِي». الْآنَ النُّسْخَةُ بِنَفْسِ التَّرْقِيمَاتِ مَطْبُوعَةٌ مَعَ «فَتْحِ البَارِي»، أَيْضًا المَطْبَعَةُ السَّلَفِيَّةُ وَأَكْثَرُ مَنْ صَوَّرَ عَنِ المَطْبَعَةِ السَّلَفِيَّةِ مُسْلِمٌ طَبْعَةُ مُصْطَفَى البَابِيّ الحَلَبِيّ بِتَرْقِيمِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ فُؤَادِ عَبْدِ البَاقِي، رَقْمُ الكُتُبِ هَذِهِ مِنْ أَجْلِ خِدْمَةِ الكُتُبِ بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ، هُوَ مِنْ وَضْعِ التَّرْقِيمِ. سُنَنُ التِّرْمِذِيِّ الطَّبْعَةُ الَّتِي بِتَحْقِيقِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ شَاكِرٍ، وَإِبْرَاهِيمَ عَطْوَةٍ، وَمُحَمَّدِ فُؤَادِ عَبْدِ البَاقِي، أَحْمَدُ شَاكِرٍ المُجَلَّدُ الأُوَّلُ وَالثَّانِي، وَمُحَمَّدُ فُؤَادِ عَبْدِ الْبَاقِي المُجَلَّدُ الثَّالِثُ، وَلِإِبْرَاهِيمَ عَطْوَةٍ الرَّابِعُ وَالخَامِسُ. وَسُنَنُ أَبِي دَاوُدَ تَحْقِيقُ مُحْيِي الدَّيْنِ عَبْدِ الحَمِيدِ، كُلُّهَا طَبْعَاتٌ قَدِيمَةٌ صُوَّرَةُ الْآنَ مَوْجُودَةٌ فِي المَكْتَبَاتِ. وَالإِشْكَالُ أَنَّ أَكْثَرَ الطَّبْعَاتِ رَدِيئَةٌ، وَالطَّبْعَاتُ الَّتِي فِي السُّوْقِ طَبْعَاتٌ أَحْسَن مِنْهَا لَكِنْ نَحْتَاجُ إِلَيْهَا بِسَبَبِ التَّرْقِيمَاتِ هَذِهِ؛ لِذَلِكَ يَنْبَغِي لَلَّذِي أَخَذَ الكِتَابَ الطَّبْعَةَ الجَدِيدَةَ أَنْ يَعْتَمِدَ الطَّبْعَاتِ القَدِيمَةَ مِثْلَمَا فَعَلَ شُعَيْبُ الأَرْنَاؤُوطِيّ فِي طَبْعَةِ مُسْلِمٍ لَمَّا طُبِعَ مُسْلِمٌ فِي 40 مُجَلَّدًا جَاءَ بِخَطٍّ عَلَى هَامِشِ المَوْضِعِ عَلَى الصَّفْحَةِ 20 مِنَ المُجَلَّدِ الثَّانِي وُضِعَ عَلَيْهَا رَقْمُهُ مِنْ جَدِيدٍ 2/20. تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنَ الطَّبْعَةِ الجَدِيدَةِ كَأَنَّهَا الطَّبْعَةُ القَدِيمَةُ فِي الإِحَالَاتِ. سُنَنُ ابْنِ مَاجَهْ طَبْعَةُ مُصْطَفَى البَابِيِّ الحَلَبِيِّ بِتَرْقِيمِ الشَّيْخِ مُحَمَّدُ فُؤَادِ عَبْدِ البَاقِي. مُوَطَّأُ مَالِكٍ بِتَرْقِيمِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ فُؤَادِ عَبْدِ البَاقِي. تُلَاحِظُونَ الشَّيْخَ مُحَمَّدَ فُؤَادِ عَبْدِ الْبَاقِي مَعَنَا فِي التَّرْقِيمِ؛ لَأَنَّهُ كَانَ أَحَدِ العَامِلِينَ فِي فَرِيقِ العَمَلِ فِي هَذَا الكِتَابِ، وَفِي «مُفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ». سُنَنُ الدَّارِمِيِّ نَخْتِمُ بِهِ تَحْقِيقُ الشَّيْخِ هَاشِمِ اليَمَانِي رَحِمَهُ اللهُ مَطْبُوعٌ فِي مُجَلَّدَينِ صَدَرَتْ الطَّبْعَةُ أَصْلًا مِنْهَا الآنَ، هَذِهِ طَبْعَاتُ الكِتَابِ. مُسْنَدُ الإِمَامِ أَحْمَدَ، الطَّبْعَةُ المَيْمَنِيَّةُ، وَهِيَ الَّتِي صَوَّرَتُهَا دَارَ صَادِقٍ، وَدَارَ الكُتُبِ العِلْمِيَّةِ، وَدَارَ المَعْرِفَةِ، هَذِهِ مَطْبُوعَةٌ فِي سِتَّةِ مُجَلَّدَاتٍ تَجِدُ أَنَّ خَطَّهَا قَدِيمٌ كَأَنَّهَا طَبْعَةٌ حَجَرِيَّةٌ، هِيَ الطَّبْعَةُ المَوْجُودَةُ المُتَاحَةُ، وَهِيَ المَشْهُورَةُ، وَالَّتِي عَلَيْهَا عَزْو أَكْبَرَ مَشَايخَ طُلَّابِ العِلْمِ عَلَى هَذِهِ الطَّبْعَةِ لَكِنْ لَا مَانِعٌ الْآنَ مِنْ شِرَائِهَا الطَّبْعَةُ الجَدِيدَةُ حَوَالِي أَرْبَعِينَ مُجَلَّدًا، وَلَكَنِ اسْتَفِيدُوا مِنَ الإِحَالَاتِ الَّتِي فِي الهَوَامِشِ عَلَى الطَّبْعَةِ القَدِيمَةِ، اسْتَفِيدُوا مِنَ المُعْجَمِ بِأَسَاسِهَا هَذِهِ طَبْعَاتُ الكِتَابِ.
سُؤَالٌ: كَيْفَ رَقَّمُوا الأَحَادِيثَ قَدِيمًا؟
الجَوَابُ: مَا رَقَّمُوهَا وَلَكِنِ اسْتَعْمَلُوا الجُزْءَ وَالصَّفْحَةَ الَّتِي طَبَعُوهَا أَمَّا عِنْدَنَا هُنَا سَيَذْكُرُ لَكَ البَابَ، وَرَقْمَ الكِتَابِ، النَّسَائِيُّ يَقُولُ: 50، وَرَقْمُ الأَبْوَابِ فَقَطْ، لَكِنْ مَا حَقَّقَ الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ الكِتَابَ وَلَا أَخْرَجَهَا سُنَنُ النَّسَائِيِّ؛ لِذَلِك مَا ظَهَرَ مِنَ التَّرْقِيمِ صَارَ وَاضِحًا.
مُمُيِّزَاتُ كِتَابِ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»:
أَوَّلًا: سُهُولَةُ التَّخْرِيجُ مِنْهُ كَمَا تَرَى مَعَنَا.
ثَانِيًا: التَّحْدِيدُ الدَّقِيقُ لِمَوْضِعِ الحَدِيثِ دَقِيقٌ جِدًّا يُوقِفُكَ عَلَى بَابِ مَا فِيهِ حَدِيثٍ، أَوْ حَدِيثَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةِ مَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ.
ثَالِثًا: حَلَّ مُشْكِلَةَ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ هَذِهِ مِنْ أَهَمِّ فَوَائِدِ هَذَا الكِتَابِ كَانَ الإِنْسَانُ يَبْحَثُ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ يَأْخُذُ وَقْتًا طَوِيلًا؛ مَا عِنْدَهُ مِنَ الفَهَارِسِ الطَّرَفِيةِ، أَوْ يَقْرَأُ مُسْنَدًا كَامِلًا لِلصَّحَابِيِّ حَتَّى يَصِلَ إِلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ. فَإِذَا كَانَ مَثَلًا فِي مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ مُجَلَّدٌ كَامِلٌ حَوَالِي 600 صَفْحَةٍ مِنَ القَطْعِ الكَبِيرِ، وَالخَطِّ الصَّغِيرِ لِتَبْحَثَ عَنْ حَدِيثٍ سَيَأْخُذُ مِنْكَ وَقْتًا طَوِيلًا؛ وَلِهَذَا لَمَّا خَرَّجَ كِتَابَ «مُفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» الَّذِي سَنَدْرِسُهُ فِيمَا بَعْدُ. قَالَ بَعْضُ أَهْلِ العِلْمِ مِنْهُمُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ شَاكِرٍ: لَوْ ظَهَرَ هَذَا الكِتَابُ -لِأَنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ كِتَابٌ يَخْدِمُ مُسْنَدَ أَحْمَدَ بَعْد- لِوَفَّرَ عَلَيَّ نَِصْفُ عُمْرِي. الْآنَ مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُخْرِّجُ أَيْ حَدِيثٍ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَتَقِفُ عَلَى الحَدِيثِ بِالجُزْءِ وَالصَّفْحَةِ بِسُهُولَةٍ تَمَامًا.
الرَّابِعُ: قَدْ يُسَاهِمُ فِي البَحْثِ الْمَوْضُوعِ مِثْلُ: حَدِيثُ الرَّحْمَةِ يُرَاجِعُ مُشْتَقَّاتُهَا، وَمَا تَقَدَّمَ مَعَنَا فِي نَفْسِ الطَّرِيقَةِ بِصُورَةٍ عَامَّةٍ.
مَا يُؤْخَذُ عَلَى الْكِتَابِ: أَنَّهُ لَمْ يَسْتَوْعِبْ جَمِيعَ كَلِمَاتِ الحَدِيثِ فَقَدْ يَتْرُكَ بَعْضَهَا مِثْلُ: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبُّ لِأَخِيهِ» فَسَتَجِدُ لِهَذِهِ الكَلِمَاتِ (يُؤْمِنُ)، (أَخِيهِ) (يُحِبُّ)، أَمَّا كَلِمَاتُ (أَحَدُ) وَ(نَفْسُهُ) فَلَا يَجِدُهَا لِمَاذَا؟ لَأَنَّ الَّذِي اشْتَغَلُوا فِي الكِتَابِ عَدَدًا كَبِيرًا، إِدْرَاكُهُمْ يَخْتَلِفُ، نَشَاطُهُمُ العِلْمِي يَخْتَلِفُ، فِهْمُهُمْ يَخْتَلِفُ. لَاحِظُوا الكَلِمَاتِ (يُؤْمِنُ) أَصِلُهَا (أَمِنَ)، (أَخِي) أَصْلُهَا (أَخَا)، (يُحِبُّ) أَصِلُهَا (حَبَّ)، كُلُّهَا وَاحِدَةٌ تَبْدَأُ بِحَرْفٍ مُسْتَقِلٍّ. وَلَمَّا جُمِعَ «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ» الفَرِيقُ اجْتَمَعَ فَقَالَ: يَا عَلِيُّ مَثَلًا قَالَ: يَا فُلَانُ أَنْتَ تَأْخُذُ كَذَا، وَأَنْتَ يَا فُلَانُ تَأْخُذ كَذَا، وَزَّعُوا الحُرُوفَ عَلَى حَسَبِ عَدَدِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِيهَا تَقْدِيرًا، وَكَلُّ وَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ المُسْلِمَيْنَ أَخَذَ فَرِيقَ عَمَلٍ لَهُ، وَاشْتَغَلُوا عَلَى الكِتَابِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ؛ فَمَاتَ مَجْمُوعَةٌ وَجَاءَ بِغَيْرِهِمْ صَارَ فِي اخْتِلَافٍ فِي طُرُقِ العَمَلِ. وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّهُ عَمَلٌ وَعَلَيْهِ أُجْرَةٌ، وَلَيْسَ فِيهِ نِيَّةٌ صَالِحَةٌ لَابُدَّ أَنْ يَكُونَ فِيهِ أَخْطَاءٌ كَثِيرَةٌ. لَكِنْ الكِتَابُ يَبْقَى مُفِيدًا جِدًّا، وَيَبْقَى فِي ذِمَّةِ المُسْلِمَيْنِ أَنْ يُخْرِّجُوا مَا هُوَ أَدَقَّ مِنْهُ، وَأَفْضَلَ مِنْهُ، وَبَلَغَنِي أَنَّ أَحَدَ طُلَّابِ العِلْمِ فِي مِصْرَ قَامَ بِزِيَادَةٍ عَلَى هَذِهِ الكُتُبِ، وَمُرَاجَعَةُ الكِتَابُ فَلَا أَدْرِي عَنْ صِحْةِ هَذِهِ الدّعَايَةِ، العِلْمِ عِنْدَ اللهِ.
يُؤْخَذُ عَلَى الكِتَابِ هَذَا: أَوَّلًا: قَبْلُ قَلِيلٍ بَيَّنْتُ لَكُمْ أَنَّهُ يَذْكُرُ حَدِيثَ مُتَدَاخِلًا، وَيَتَدَاخَلُ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ حَدِيثٍ فِي مَوْضُوعٍ، وَيُوْرِدُهَا فِي كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ، وَهَذَا يُسَبِّبُ إِشْكَالٌ لِطَالِبِ العِلْمِ، مِثْلُ: حَدِيثُ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»( ) ذَكَرَهَا فِي الرُّؤْيَةِ، وَذَكَرَهَا فِي الكَذِبِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَذَكَرَهَا فِي الادِّعَاءِ إِلَى غَيْرِ الأَبِّ.
ثَانِيًا: «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ فِي أَلْفَاظِ الحَدِيثِ» أَيْضًا مِنْ عُيُوبِهِ أَنَّ فِيهِ نُوع تَقْصِيرٍ فِي التَّرْتِيبِ اللُّغَويِّ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يَنْضَبِطْ بِسَبَبِ أَنَّ مُؤَلَّفِينَهُ أَعَاجِمٌ مَا هُمْ دَقِيقِينَ. الثَّانِي: أَنَّهُ أَسْقَطَ بَعْضَ الأَحَادِيثِ أَيْضًا بِالكُلْيَةِ، وَخَاصَّةً عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ يُوجَدُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ مَوْجُودَةٌ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ وَغَيْرُ مَوْجُودَةٍ، فِيهِ سَقَطَتْ.
 ثَالِثًا: إِنَّهُ مُخْتَصَرٌ عَلَى الكُتُبِ التِّسْعَةِ فَقَطْ، وَالسُّنَّةُ أَكْبَرُ مِنْ ذَلِكَ. كُتُبُ السُّنَّةُ كَبِيرَةٌ جِدًّا لَكِنْ مَا اقْتَصَرَ إِلَّا عَلَى التِّسْعَةِ هَذِهِ يُعْتَبِرُ مِنَ العُيُوبِ، وَإِنْ كَانَ التِّسْعَةُ هِيَ أَهَمُّ شَيْءٌ لَكِنَّهُ لَوْ كَمَّلَ، وَأَضَافَ كُتُبًا أُخْرَى مِثْلُ: «سُنَنُ البَيْهَقِيِّ» وَ«مُسْتَدْرَكُ الحَاكِمِ» كَانَتْ هَذِهِ الكُتُبُ فِي غَايَةِ الأَهَمَّيَّةِ لَوْ أَدْخَلُوهَا.
الأَسْئِلَةُ
السُّؤَالُ: ...................
الجَوَابُ: الْغَالِبُ عَلَى المُفَهْرَسِ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ طَرِيقِ أَوَائِلِ الأَلْفَاظِ أَوْ عَنْ طَرِيقِ الكَلِمَةِ هَذِهِ تَعْتَمِدُ عَلَى أَقْوَالِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَرَكَ تَقَرِيرَاتَهُ، وَأَفْعَالَهُ، وَتَصَرِّفَاتَهُ مَا ذَكَرَهُ، وَالسُّيُوطِيُّ رَحِمَهُ اللهُ لَمَّا جَاءَ أَلَّفَ كِتَابًا «الجَامِعَ الكَبِيرَ» قَسَّمَهُ إِلَى قِسْمَيْنِ: قِسْمُ الأَقْوَالِ، وَقِسْمُ الأَفْعَالِ، كَانَ كَانَ كَانَ، ثُمَّ بَعْدُ ذَلِكَ اخْتَصَرَهُ فِي «الجَامِعِ الصَّغِيرِ» جَعَلَهَا قِسْمَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ النَّبْهَانِيُّ وَضَمَّ الزِّيَادَةَ إِلَى «الجَامِعِ».
رَابِعًا: اعْتَمَدُوا عَلَى الأَقْوَالِ النَّبَوِيَّةِ دُونَ غَيْرِهَا غَالِبًا، وَهَذَا نَوْعٌ مِنَ القُصُورِ.
هَذِهِ طَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» مِنَ النَّاحِيَةِ النَّظَرِيَّةِ. انْظُرُوا الْآنَ كَيْفَ سَنُخَرِّجُ مِنْهُ عَمَلِيًّا لَوْ سَأَلَكَ أَحَدٌ وَقَالَ لَكَ: يَا أَخَ الكَرِيمِ، حَدِيثُ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ» أُرِيدُ أَنْ أَعْرِفَ صِحْتَهُ، أَوْ أُرِيدَ أَنْ أَعْرِفَ شَرْحَهُ، عَلَى حَسَبِ الغَرَضِ مِنَ التَّخْرِيجِ. تَسْأَلُهُ هَلْ عِنْدَكَ «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ فِي أَلْفَاظِ الحَدِيثِ» فِي مَكْتَبَتِكَ؟ يَقُولُ: نَعَمْ عِنْدِي، تَقُولُ لَهُ: احْضِرْهُ لِي، ثُمَّ تَأْتِي الْآنَ بِالكَلِمَاتِ المُرَكَّبَةِ مِنَ الحَدِيثِ فَتَسْتَبْعِدُ الأَحْرُفَ، وَاحْرِصْ عَلَى اسْتِبْعَادِ الكَلِمَاتِ المُتَكَرِّرَةِ مِثْلُ: كَلِمَةُ (صَلَاة)، وَ(زَكَاة)، وَ(قَتَلَ) الكَلِمَاتُ المُتَكَرِّرَةُ فِي الحَدِيث النَّبَوِيِّ عَشَرَاتٌ بَلْ مِئَاتُ المَرَّاتِ أَحْيَانًا هَذِهِ تُسَاعِدُكَ، اتْرُكْهَا إِلَى أَنْ تَحْتَاجَ إِلَيْهَا ارْجَعْ إِلَيْهَا، فَتَأْخُذُ الكَلِمَاتِ الَّتِي يَقُلُّ اسْتِعْمَالَهَا فِي الْأَحَادِيثَ النَّبَوِيَّةِ، فَعِنْدَكَ حَدِيثُ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ»( ) الْآنَ كَمْ كَلِمَةً أَسْتَطِيعُ أَنْ أُخَرِّجَ مِنْ خِلَالِهَا فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» ثَلَاثُ كَلِمَاتٍ: (البِرُّ)، وَ(حُسْنُ)، وَ(الخُلُقِ) أَوَّلُ خَطْوَة أَضَعُ خَطُّا تَحْتَ كُلِّ كَلِمَةٍ: (بِرُّ) وَ(حُسْنُ)، وَ(الخُلُقِ)، ثُمَّ يَأْتِي مَنْهَجُ الخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَوْ سِيبَويهِ يَأْتِي بِأَصْلِ كَلِمَةِ (البِرُّ) (بَرّ) وَهِيَ مِنْ تَحْقِيقِ التَّضْعِيفِ (بَرْرَةُ) تَضَعُ كَلِمَةَ (بَرْرَ) فَوْقَ كَلِمَةِ (البِرّ) رَجَّعِ الفِعْلَ المَاضِي المُجَرَّدَ، (حُسْنُ) مَصْدَر فَتَرْجِعُهَا أَنْتَ إِلَى الفِعْلِ المَاضِي المُجَرَّدِ (حَسَنُ) أَلَيْسَ كَذَلِكَ (خُلُق) تَرْجِعُ إِلَى أَصْلِ (خَلَقَ) تَأْتِي بِهَذِه الكَلِمَاتِ، ثُمَّ تَبْدَأُ تُرَاجِعُ «المُعْجَمَ المُفَهْرَسَ» 8 مُجَلَّدَاتٍ، المُجَلَّدُ الثَّامِنُ فِي الأَسْمَاءِ لَوْ جَاءَنَا: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ يَا فَاطِمَةُ» فَكَلِمَةُ (فَاطِمَةُ) اسْمْ تَرْجِعُ لَهُ فِي القِسْمِ الثَّامِنَ مُخَصَّصُ فِي الأَسْمَاءِ مَطْبُوعٌ الآنَ، هَذِهِ الطَّبْعَةُ اشْتَرَيْتُهَا قَدِيمًا، وَالمَوْجُودُةُ عِنْدَ أَكْثَرِ مَشَايخِنَا وَزُمَلَائِنَا مَا فِيهَا المُجَلَّدُ الثَّامِنُ؛ لَأَنَّهُ مَا طُبِعَ إِلَّا قَبْلَ حَوَالِي ثَلَاثِ ، أَوْ أَرْبَعِ، أَوْ خَمْسِ سَنَوَاتٍ طُبِعَ المُجَلَّدُ الثَّامِنُ. لَكِنْ بَاقِي الكَلِمَاتِ المُرَتَّبَةِ عَلَى حَسَبِ المِيزَانِ لِلأَلْفَاظِ النَّبَوِيَّةِ مُرَتَّبَةٌ مِنَ الْأَلِفِ إِلَى اليَاءِ. الكَلِمَاتُ الَّتِي تَبْدَأُ بِحَرْفِ الهَمْزَةِ إِلَى آخِرِ كَلِمَةٍ تَبْدَأُ بِحَرْفِ اليَاءِ مَرْتَبَةٌ تَرْتِيبًا، وَكُلُّ كَلِمَةٍ مُرَتَّبَةٌ عَلَى حَسَبِ مَا يُنَاسِبُهَا.
فَعِنْدِي مَثَلًا كَلِمَةُ (البِرُّ) أَصْلُهَا (بَرَرَةُ) سَأَجِدُهَا فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» فِي المُجَلَّدِ الأَوَّلِ، الْآنَ كِتَابُ «المُعْجَمُ المُفَهْرَسُ» تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنَ المُجَلَّدَاتِ لَوْ تَتَخَيَّلُ أَنْتَ ثَمَانِي مُجَلَّدَاتٍ أَمَامَكَ مَكْتُوبٌ عَلَى ظَهْرِ طَرَفِ المُجَلَّدِ لِإِظْهَارِهَا لَوْ رَأَيْتُ كِتَابًا فِي المَكْتَبَةِ مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ الحُرُوفُ مِنَ الهَمْزَةِ عَلَيْهِ خَطٌّ مَائِلٌ إِلَى الحَاءِ، يَعْنِي: الكَلِمَاتُ الَّتِي تَبْتَدِئ بِحَرْفِ الهَمْزَةِ إِلَى الكَلِمَاتِ الَّتِي تَبْتَدِئ بِحَرْفِ الحَاءِ مَعَ اليَاءِ، أَوْ مَعَ الهَاءِ. بَعْضُ المُجَلَّدَاتِ يَقُولُ: الصَّادُ مَعَ المِيمِ مَثَلًا هَذِهِ مَوْجُودَةٌ. أَيْ كَلِمَةٍ تَبْتَدِئ بِحَرْفِ الهَمْزَةِ، أَوْ البَاءِ، أَوْ التَّاءِ، أَوْ الجِيمِ، أَوْ الحَاءِ، سَتَجِدُهَا فِي المُجَلَّدِ الأُوَّلِ فَعِنْدِي كَلِمَةُ (بِرّ) أَجِدُهَا فِي المُجَلَّدِ الأَوَّلِ، وَ(حُسْنُ) تَجِدُهَا فِي المُجَلَّدِ الأَوَّلِ، وَحَرْفُ الخَاءِ تَجِدَهُ فِي المُجَلَّدِ الثَّانِي؛ لَأَنَّ أَوَّلَ حَرْفٍ فِي المُجَلَّدِ الثَّانِي، لَاحِظُوا هُنَا عِنْدِي (تَبَرَّرَ)، (تَبَارَ)، (بَرَّ)، (أَبْرَار) كُلُّ هَذِهِ مِيزَانٌ صَرْفِي لِلكَلِمَةِ هَذِهِ إِلَى أَنْ تَصِلَ إِلَى كَلِمَةِ (بِرّ)، انْظُرُوا لَكَلِمَةِ (بِرّ) إذًا الكَلِمَةُ مَوْجُودَةٌ تَحْتَ هَذَا العُنْوَانِ المَوْجُودِ عِنْدَكُم (البِرُّ مَا انْشَرَحَ صَدْرَكَ)، (البِرُّ مَا أَطْمَئنَ إِلَيْه القَلْبُ)، (البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ) هَذَا هُوَ الحَدِيثُ لَاحِظُوا الْآنَ طَرِيقَةُ العَزْو عِنْدِي: «البِرُ حُسْنُ الخُلُقِ وَالإِثْمُ مَا حَاكَ فِي نَفْسِكَ»( ) مَاذَا قَالَ هُنَا قَالَ: (ت) يَعْنِي التِّرْمِذِيُّ أَيْنَ جَاءَ بِهَا؟ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ فِي بَابِ رَقْمِ 52. (م) مُسْلِمٌ يَرْمُزُ إِلَى مُسْلِمٍ، المُخَرِّجِينَ وَضَعُوا فَوْقَ هَذَا خَطٌّّ (م) فِي كِتَابِ البَرِّ رَقْمُ الحَدِيثِ 14 ، 15. قُلْنَا: فِي مُسْلِمٍ وَمَالُِكِ الرَّقْمُ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَ اسْمِ الْبَابِ رَقْمُ الحَدِيْثِ، وَلَيْسَ رَقْمُ البَابِ. (دي) الدَّارِمِيُّ فِي بَابِ الرِّقَابِ، بَابِ 73، الحَدِيثُ فَوْقَهُ نَجْمَتَيْنِ فَوْقَ الرَّقْمِ نَجْمَتَينِ هَذِهِ تَعْنِي: أَنَّ الحَدِيثَ مُكَرَّرٌ فِي الصَّفْحَةِ مَرَّتِيْنِ. (حم) يَعْنِي: أَحْمَدَ فِيهِ تَطْبِيْقَاتُ كَثِيْرَةُ هُنَا، الرَّقْمُ رَقْمُ الجُزْءِ، الْجُزْءُ الرَّابِعِ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ المُجَلَّدُ؛ لَأَنَّ مَا فِيهِ أرْقَامَ، صَفْحَةٍ 182، وَلَاحِظُوا هُنَا فَوْقَهُ نَجْمَتِينِ؛ لَأَنَّ الحَدِيثَ مُكَرَّرٌ فِي الصَّفْحَةِ مَرَّتَيْنِ، هَذَا تَخْرِيجُ الحَدِيثِ.
مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ» الْكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ: كَلِمَةُ (حُسْنُ) فِي أَي مُجَلَّدِ أجِدُهَا؟ فِي المُجَلَّدِ الْأوَّلِ، الْآنَّ عِنْدِي عُنْوَانٌ فَوْقَ: مَكْتُوبٌ (حُسْنُ)، الكَلِمَاتُ الَّتِي أَوْرَدَهَا هُنَا (أحْسَن)، (فَلْيُحْسِن)، (احْسِن)، (يُسْتَحْسَن)، كُلُّهَا لَيْسَ لَهَا عِلَاقَةٌ بِالْحَدِيثِ إِلَى هُنَا قَالَ: (حُسْن) مَصْدَرُ، انْظُرْ مَاذَا قَالَ؟ قَالَ: رَاجِعْ (خُلُق) فَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَجِبُ عَلَيْكَ أَنْ تُرَاجَعُ هَذِهِ. كَلِمَةُ (رَاجِع) غَالبًا تُسْتَعْمَلُ فِي الْحُرُوفِ المُتَقَارِبَةِ لِمَاذَا؟ لَأَنَّ فَرِيقَ الْعَمَلِ وَاحِدٌ سَيَذْكُرَهَا (ارْجَع) لَهَا، لَكِنْ إِذَا تَبَاعَدَتِ الحُرُوفُ قَلِيلًا مَا يَقُولُ: (رَاجِعْ) لَيْسَتْ كَثِيْرَةً، لَكِنْ حَرْفُ الحَاءِ مَعَ الخَاءِ مُتَقَارِبٌ جِدًّا وَيَلِيهِ، فَصَارُوا فَرِيقٌ وَاحِدٌ، فَقَالُوا: يُفِيدُ عَنِ المَوَاضِعِ المُتَقَدِّمَةِ، أَوِ المَوَاضِعِ الَّتِي سَتَأتِي، أَوِ المَوْضِعِ هَذَا انْتَهَى الفَرَاغُ مِنْهُ قَبْلُ هَذَا، وَهََكَذَا. إِذَنْ أَنَا أُرَاجِعُ فِي هَذَا الْمِثَالُ أُرَاجِعُ كَلِمَةَ (خُلُق)، (خُلُق) الْآنَ فِي أَي مُجِلَّدٍ أَجِدُهَا؟ المُجَلَّدُ الثَّانِي. 
لَاحِظُوا هَذِهِ الصَّفْحَةُ المَوْجُودَةُ بِنَفْسِ التَرْتِيبِ السَابِقِ لِلكَلِمَةِ الَّتِي نَبْحَثُ عَنْهَا فِي دَاخِلِ الكِتَابِ وَصَلَتْ إِلَيْهَا فَإِذَا بِهَا (خُلَقٌ) و(أخْلاقٌ)، المُفْرَدُ وَالجَمْعُ، قَالَ: رَاجِعْ أَيْضًا (خُلُق) (الخَلْق)، «اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي»( ) نَرْجِعُ لِلبَحْثِ فِي حَدِيثِ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ» هَذَا يَعْنِي: أَنِّي وَصَلَتُ إِلَى (حُسْنُ الخُلُقِ) فَهَذَا هُوَ جُزْءٌ مِنَ الحَدِيثِ مَا كَمَّلَهُ حَتَّى مَا جَاءَ بِكَلِمَةِ (البَِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ) لَمَّا صَارَ أَتَى بِجُزْءٍ مِنَ الحَدِيثِ؛ تُرَتَّبُ عَلَى هَذَا أَنْ يَخَرِّجَ مَجْمُوعَةَ أَحَادِيثَ، انْظُرُوا نَجِدُ أَنَّ (حُسْنُ الخُلُقِ) الْآنَ قَالَ: رَاجِعْ البُخَارِيَّ فِي الأَدَبِ بَابَ: 29 أَوْ 39. مُسْلِمٌ فِي البِرُّ رَقْمُ الحَدِيثِ: 14 ، 15. أَبُو دَاوُدَ فِي الأَدَبِ، البَابُ السَّابِعِ. التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِ البِرُّ، البَابُ رَقْمِ: 62 الحَدِيث، وَفِي كِتَابِ الزُّهْدِ لِلتِّرْمِذِيِّ أَيْضًا البَابُ رَقْمِ: 52. وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ كِتَابِ الزُّهْدِ، البَابُ رَقْمِ: 24، 29. وَفِي سُنَنِ الدَّارِمِيِّ فِي كِتَابِ الرِّقَابِ، بَابُ رَقْمِ: 47 و73. وَمَوَطَّأُ مَالِكٍ فِي (حُسْنُ الخُلُقِ) الحَدِيثُ رَقْمِ: 6، وَفِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ المُجَلَّد الثَّانِي ذَكَرْنَا 177 الصَّفْحَاتُ الأرْبَعَةُ. يُوجَدُ فَرْقٌ كَبِيرٌ فِي التَّخْرِيجِ السَّبَبِ أَنَّهُمْ غَيْرُ دَقِيقِينَ فِي العَمَلِ، لَوْ نَرْجِعُ إِلَى دَاخِلِ هَذِهِ الْكُتُبُ سَنَجِدُ أَنَّ هُنَاكَ أَكْثَر مِنْ حَدِيثٍ ذُكِرَ فِيهِ (حُسْنُ الخُلُقِ) وَهِيَ مُتَبَاعِدَةٌ، فَضَلًا أَنْ تَكُونَ أكْثَرُ مِنْ صَحَابِيٍّ، وَهَذِهِ مِنْ عُيُوبِ الكِتَابِ، وَهَذِهِ لَيْسَتْ مُشْكِلَةً كَبِيرَةً.
السُّؤَالُ: ..............
الجَوَابٌ: (الخَلْق) رَاجَعْ (خَلْق)، (الخَلْق) تَرْجَعُ إِلَى الاسْمِيةِ وَ(الخُلْق) تَرْجَعُ إِلَى الصِّفَةِ النَّفْسِيَّةِ والفِعْلِيةِ. وَإِنَّمَا قَالَ: رَاجِعْ (الخَلْق)؛ لَأَنَّ جَوَابَ الحَدِيثِ: «اللَّهُمَّ أَحْسَنْتَ خَلْقِي فَأَحْسِنْ خُلُقِي» وَهُوَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ طَبْعًا.
السُّؤَالُ: فِي البُحُوثِ هَلْ اكْتَفِي بِالرُّجُوعِ إِلَى كَلِمَةٍ وَاحَدَةٍ؟
الجَوَابُ: نَقُولُ: لَا، أَنْتَ لَا يُمْكِنُ أَنْ تَسْتَوْعِبَ الحَدِيثُ إِلّا إِذَا رَجَعْتَ إِلَى أَكْثَرِ الكَلِمَاتِ، وَبَالتَّجْرُبَةِ الرُّجُوعِ إِلَى كُلِّ الكَلِمَاتِ يُهِيئُ لَكَ الوُصُولُ إِلَى أَكْبَرِ قَدْرٍ مِنَ القَواعِدِ، أَنْتَ لَسْتَ قَصْدَكَ فَقَطْ خُطْبَةُ جُمْعَةٍ، تَتَحَقّقُ مِنْ حَدِيثِ البُخَارِيِّ أَوْ مُسَلِمٍ فَقَطْ، إِذَا كَانَ هَذَا قَصْدُكَ مَا فِيهِ مُشْكِلَةٌ ارْجِعْ لِلْكَلِمَةِ وَإِذَا وَجَدْتَ حَدِيثًا فِي البُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ انْتَهَى بَحْثُكَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى أَنْ تَرْجِعَ لِلكَلِمَةِ الثَّانِيةِ، لَكِنْ لَوْ قَصْدُكَ أَنْ تَشْرَحَ الحَدِيثَ، أَوْ قَصْدُكَ تَتَكلَّمُ عَلَى إِسْنَادِهِ أَيْ مِنَ المَقَاصِدِ المُهِمَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي التَّخْرِيجِ فِي الدَّرْسِ السَّابِقِ، فَإِنَّكَ لَا يُمْكِنُ أنْ تُكَمَّلَ فَائِدَتَكَ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ جَمِيعِ الأَلْفَاظِ، وَبِتَجْرُبَتِي أنَا، وَتَجْرُبِةُ مَنْ سَبَقَنِي، وَتَجْرُبِةُ مَنْ سَيَأتِي بَعْدِي؛ سَيعْرِفُونَ هَذَا وَبِتَجْرُبَتَكُمْ أَنْتُمْ سَتَجِدُونَ أَنَّهُ لَا تَكْمِنُ الْفَائِدَةُ إِلَّا بِتَخْرِيجٍ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ مَوْضِعٍ هَذَا عَيَانًا مِنْ خِلَالِ الأمْثِلَةِ الَّتِي سَتَأْتِي -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-.
السُّؤَالُ: كَيْفَ يَتِمُ التَخْرِيجُ مِنْ مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ؟
الجَوَابٌ: إِذَا ذُكِرَ مُسْنَدُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ يُذْكَرُ الجُزْءُ وَالصَّفْحَةُ، أَحْمَدُ هُنَا الجُزْءُ الثَّالِثِ صَفْحَةُ 365، فِي الطَّبْعَةِ. والطَّبْعَةُ المَيْمَنِيَّةُ الَّتِي صَوَّرَتَهَا المَكْتَبَاتُ الْقَدِيمَةُ هَذِهِ مَا أَكْثَرُهَا لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ تَعْمَلَ عَلَى الطَّبْعَاتِ وَإِلَّا مَا تَسْتَفِيدُ مِنَ الكِتَابِ. طِبْعَاتُهُ مَشْهُورَةُ الحَمْدُ لِلَّهِ مَا فِيهَا مُشْكِلَةٌ، وَتَرْقِيمَاتُهُ مَشْهُورَةٌ حَتَّى عَلَى كُتَبِ المُحَقّقَةِ الجَدِيدَةِ، كَثِيرًا مِنَ التَّرْقِيمَاتِ لِمُحَمَّدِ فُؤَادِ عَبْدِ الْبَاقِي مَوْجُودَةِ عَلَى الْكُتُبِ مَا تَغَيَّرَتْ؛ لَأَنَّ أَكْثَرُ الَّذِينَ طَبَعُوا الْكِتَابَ يَحْرِصُونَ عَلَى نَشْرِ الكُتُبِ هَذِهِ، فَلَوْ غَيَّرُوا فِي الأرْقَامِ مَا وَجَدْنَا أَحَدًا اشْتَرَى النُّسْخَةَ هَذِهِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ فِيهَا مَادَّةٌ عِلْمِيَّةٌ قَوِيَّةٌ؛ لِذَلِكَ حَرَصُوا عَلَى التَّرْقِيمَاتِ القَدِيمَةِ الَّتِي خَدَمَتْها الكُتُبُ السَّابِقَةُ.
مِثَالٌ: حَدِيثُ «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»( ) أَوَّلُ شَيْء تَكْتُبُ الحَدِيثَ حَتَّى تَعْرِفَ الكَلِمَاتَ الَّتِي مِنْ المُمكِنِ تَخْرِيجِ الحَدِيثِ مِنْ خِلَالِهَا، الكَلِمَاتُ: (جُعِلَتْ)، وَ(الأَرْضُ)، وَ(مَسْجِدًا) وَ(طَهُورًا) أَرْبَعُ كَلِمَاتٌ مُمْكِنُ أَجِدُ الحَدِيثَ فِيهَا. الكَلِمَةُ الأُولَى (جُعِلَتْ) مَاذَا تَفْعَلُ؟ تَضَعُ تَحْتَهَا خَطًّا، ثُمَّ تَكْتُبُ فَوْقَهَا الفِعْلَ المَاضِي المُجَرَّدَ مِنْهَا (جُعِلَتْ) أَصْلُهَا (جَعَلَ)، بَعْدُ ذَلِكَ كَلِمَةُ (الأَرْضُ) أَصْلُهَا (أَرَضَ)، وَكَلِمَة (مَسْجِدًا) أَصْلُهَا (سَجَدَ)، وَكَلِمَةُ (طَهُورًا) أَصْلُهَا (طَهَارَة)؛ رجِّعْ هَذِهِ الكَلِمَاتِ، ثُمَّ اسْتَخْرِجْهَا الْآنَ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» أَوَّلُ كَلِمَة (جُعِلَتْ) فِي المُجَلَّدِ الأُوَّلِ ابْحَثُوا عَنْهَا أَوْ اسْتَخْرِجُوهَا مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ، فَالطُّرُقُ كَثِيرَةٌ، كَلِمَةُ (جَعَلَ) مَوْجُودَةٌ فِي: جَعَل رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الرُّمَاةِ يَوِمَ أُحُدِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جُبَيْرٍ، جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ فِي الأُمَّةِ سَعْدًا، كُلُّ مَنْ جَعَلَ بَدَلَةً لِلَّهِ، وَجَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرًا، وَجَعَلَ تَنْقِبُ، وَجَعَلْتُهَا مَشْيًا لَمَّا خَلَقَ الأَرْضَ، قَدْ جَعَلْتُ أَمْرِي إِلَيْكَ، قَدْ جَعَلْتُ يَوْمِي إِلَى عَائِشَةَ، جُعِلْتُ أَنَا وَعَمْرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، لَعَلَّ اللَّهَ يَجْعَلُ فِي ذَلِكَ، لَا يَجْعَلْنَا أَحَدُكُمُ الشَّيْطَانَ لِنَفْسِهِ جُزْءًا، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ فِي صَلَاتِي، حَتَّى تَجْعَلَ لَنَا جُعْلًا، وَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ؛ أَيْنَ الحَدِيثُ؟! هَلْ هُوَ مَوْجُودٌ؟! غَيْرُ مَوْجُودٍ، وَهَذَا مِنْ عُيُوبِ الكِتَابِ مَا قَالَ لَنَا شَيْئًا، وَلَا حَتَّى كَلِمَةِ (رَاجِعْ) سَبَبُ هَذَا التَّفَاوُتُ فِي فِرَقِ العَمَلِ وَإِدْرَاكِهَا مِنَ النَّاحِيَةِ العِلْمِيَّةِ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ؛ لِطُولِ مُدَّةِ العَمَلِ تَحْدُثُ أَشْيَاءٌ كَثِيرَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ فَالكِتَابُ نَافِعٌ جِدًّا، لَكِنَّهُ عَمَلٌ بَشَرِيٌّ يَبْقَى.
الكَلِمَةُ هَذِهِ لَا يُوجَدُ فِيهَا الحَدِيثُ سَوْفَ نَأْخُذُ طَرِيقَةَ الجَدْوَلِ مِنْ أَجْلِ أَنْ تَعْرِفَ مَاذَا تَفْعَلُ؟! بِنَاءً عَلَيْهِ مَا تَخْتَصِرُ عَلَى لَفْظَةٍ؛ لِأَنَّكَ الْآنَ مَا اسْتَنْفَذْنَا طَاقَةَ المُعْجَمِ، إِذَا لَمْ نَجِدْ الحَدِيثُ مِنَ المُمْكِنِ أَنْ نَقُولَ الكَلَامَ هَذَا، لَكِنْ دَعْنَا الْآن نَرَى المُعْجَمَ، وَتَرُوا أَشْيَاءً أَوْضَح لَكُمْ؛ لَأَنَّ بِالفِعْلِ لَابُدَّ أَنْ تَأْتِي عَلَى كُلِّ الأَلْفَاظِ حَتَّى تَتِمَّ الفَائِدَةُ، وَإِلَّا يَكُونُ عِنْدَكَ شَيْءٌ مِنَ النَّقْصِ. نَأْخُذُ الْآنَ الكَلِمَةُ الَّتِي بَعْدَ (جُعِلَتْ لِي) هَلْ مُمْكِنُ نُخَرِّجُ هَذِهِ بِـ(لِي)؟ لَا؛ لَأَنَّهُ حَرْفٌ، وَكَلِمَةُ (الأَرْضُ) أَصْلُهَا كَلِمَةَ (أَرَضَ) الهَمْزَةُ مَعَ الرَّاءِ مَعَ الضَّادِ، تُوجَدُ فِي المُجَلَّدِ الأَوَّلُ، هَذِهِ كَلِمَةُ (أَرْضُ) نَجِدُ (أَرْضُ) وَ(أَرْضُونَ)، ثُمَّ هَذِهِ الأَحَادِيثُ نَبْحَثُ عَنِ الحَدِيثِ دَاخِلِ هَذَا العَمُودِ، وَالعَمُودُ الَّذِي بَعْدُهُ، حَتَّى أَجِدَ حَدِيثَ: «وَجُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» ثُمَّ تَرَوْنَ إِحَالَاتِ الحَدِيثِ قَالَ: البُخَارِيُّ فِي التَّيَمُّمِ، البَابُ الأُوَّلُ هُوَ فِي كِتَابِ الصَّلَاةِ بَابُ: 56، وَفِي الأَنْبِيَاءِ بَابُ رَقْمِ: 40. وَفِي التِّرْمِذِيِّ كِتَابُ الصَّلَاةِ فِي بَابِ رَقْمِ: 119. وَالنَّسَائِيُّ فِي الغُسْلِ بَابُ: 26. وَفِي المَسَاجِدِ بَابُ: 3، وَبَابُ: 42. وَابْنُ مَاجَهْ فِي الطَّهَارَةِ بَابُ: 90. فِي الدَّارِمِيِّ فِي السِّيْرِ بَابُ: 28 وَفِي الصَّلَاةِ بَابُ: 111. الحَدِيثُ مُكَرَّر مَرْتَانِ. أَحْمَدُ فِي المُجَلَّدِ الخَامِسِ صَفْحَةُ 145، 148 إِلَى آخِرِهِ. انْظُرْ الفَرْقَ الْآنَ الكَلِمَةُ الأُولَى مَا وَجَدْنَا شَيْئًا أَبَدًا، الكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ وَجَدْنَا هَذِهِ الفَوَائِدَ كُلَّهَا إِذَنْ نَحْتَاجُ نَخَرِّجُ مِنْ أَكْثَرِ مِنْ مَصْدَرٍ. نَأْخُذُ الكَلِمَةَ الَّتِي بَعْدَهَا: «جُعِلَتْ لِي الأَرَضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» (مَسْجِدًا) مَوْجُودَةٌ أَصْلُ الكَلِمَة (سَجَدَ)، تَرْجِعُ إِلَى مَوْضِعِهَا فِي المُجَلَّدِ الثَّانِي سَتَجِدُ يَقُولُ: (سَجَدَ) وَيُعْطِي لَكَ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ فِيهَا هَذِه الكَلِمَة، ثُمَّ تَجِدُونَ الإِحَالَاتِ عِنْدَكُمْ هُنَا فِي أَعْلَى الصَّفْحَةِ صَفْحَةُ 428 مِنَ المُجَلَّدِ الثَّانِي فِي العَمُودِ الأَيْسَرِ: «وَجُعِلَتْ لِي الأَرَضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»( ) الإِحَالَاتُ هُنَا فِيهَا زِيَادَةٌ أَوْ نَقْصٌ؟ هُنَا فِيهِ زِيَادَةٌ خَاصَّةً فِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِيهَا زِيَادَةٌ عَنِ الكَلِمَةِ الأُولَى، وَبِذَلِكَ تَكُونُ اسْتَفَدْتُ مَوَاضِعَ جَدِيدَةً بِمُجَرَّدِ أَنِّي وَصَلْتُ لِلكَلِمَةِ الأُخْرَى. لِمَاذَا يُوجَدُ اخْتِلَافٌ فِي هَذِهِ الْكَلِمَةِ عَنْ الَّتِي قَبْلَهَا؟ لَأَنَّ الَّذِي اشْتَغَلَ عَلَى هَذِهِ الْكَلِمَةِ حَرْفِ (أ) هَذَا غَيْرَ الَّذِينَ اشْتَغَلُوا عَلَى الْكَلِمَة الْأُولَى حَرْفِ (أ) فِي الدِّقَةِ مَثَلًا اسْتَوعَبُوا مَا لَمْ يَسْتَوْعِبُوهَ العَامِلِينَ فِي الْكَلِمَةِ الْأُولَى، وَزَادُوا عَلَيْهِ المُهِمُ تَرْجِعْ إِلَى كُلِ الْكَلِمَاتِ حَتَّى تَجِدَ بُغْيَتِكَ كَامِلَةً؛ لِأَنَّكَ سَتَجِدُ مَثَلًا فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي ذَكَرَهَا لِأَحْمَد هُنَا سَتَجِدُ فِيهَا فَوَائِدَ إِسْنَادِيَة مَتْنِية مَا تَجِدُهَا فِي الأَولِ، فَلَا تَحْتَكِرْهَا، أَو تُقَلِلُ مِنْ أَهَمْيتِهَا.
مِثَالٌ أَخَذْنَاهُ قَبَْلَ قَلِيْلٍ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ» أَوْلًا إِنْشَأُ الْجَدْوَلَ لِهَذِهِ الْكَلِمَاتِ وَالإِحَالَات مِنْ الْمُعْجَمِ عَلَيْهَا، هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مَأْمُونَة، فِي البِدَايةِ بِدَايَةُ عَمَلِكَ فِي التَّخْرِيجِ إِذًا خَرَجَتْ بِنَفَسِ الطَّرِيقَةِ هَذِهِ؛ يَكُونُ شَغْلُكَ أَدَقُ وَأَحْسَنُ لِمَاذَا؟ لَأَنَّ الْمُكَرَّرَاتُ لَا تَحْتَاجُ إِلَيْهَا، وَالزِّيَادَاتُ تَبْقَى عِنْدَكَ.
مِثَالٌ فِي الْمُكَرَّرَاتِ: عِنْدَنَا كَلِمَةُ. مَاذَا فَعَلَتُ فِي الكَلِمَةِ؟ كَتَبْتُهَا فِي الْعَمُودِ عَلَى أَنَّهَا غَيْرُ مَوْجُودَة فِي الحَدِيثِ (حُسْنُ) و(خُلُقُ)، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ التَّخْرِيجَاتُ. هُنَا الْمَوْضِعُ الْأُوَل أَعْطَانِي إِحَالَاتٌ: لِلتِّرْمِذِيِّ، وَمُسْلِمٍ، وَالدَّارِمِيِّ، وَأَحْمَدَ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، بَيْنَمَا هُنَا قَالَ لِي: رَاجَعْ (خُلُق) لَمَا رَجَعْنَا إِلَى (خُلُق) وَجِدَّنَا فِيهَا: البُخَارِيُّ فِي الْأَدَب 39. وَمُسْلِمٌ فِي الْبَرِّ 14، 15. وَأَبَو دَاودَ فِي الْأَدَبِ الْبَابُ السَّابِعُ. وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْبَرّ 62، فِي الزُّهْدِ 52. هَذِهِ هِي الإِحَالَات جَاءَت بِالمَوضُوعِ الْأُوَل فَأَنَتْ عِنْدَمَا تَعْمَلُ مَاذَا تَفْعَلُ؟ عِنْدَمَا تَكْتُبُ الْجَدْوَلَ هَذَا تَذْهَبُ لَأَكْثَرِ المَعْلُومَاتِ، الْمُرَبَّعِ الَّذِي فِيهِ أُكَثِّرُ مَعْلُومَاتٍ تَجْعَلَهُ الأَصْلُ، وَبَاقِي المُرَبَعَاتِ الْأُخْرَى أَي مَعْلُومَة مُتَكْرِرِةٌ تَحْذِفْهَا فِي النِّهَايَةِ تَبْقَى عِنْدَكَ المُحَصْلِةُ. يَعْنِي: عِنْدِي مَثَلًا مُسْلِمٌ فِي الْبَرِّ هَذَا أُكَثِّرُ مُرَبَّعٍ مَوْجُودٌ فِيهِ مَعْلُومَاتِ اخْتَارَه هَو الْأَصْلُ عِنْدِي، وَأَجِد مُسْلِمٌ فِي الْبَرّ 14 حَدِيثُ 14، 15 وَأَضَعُ خَطًّا عَلَيْهِا يَعْني أَحْذِفُهَا، ثُمَّ أَذْهَبُ إِلَى أَبِي دَاودَ فِي الْأَدَبِ غَيْرُ مَوْجُودَة، التِّرْمِذِيُّ فِي الْبَرّ غَيْرُ مَوْجُودَة، لَكِن التِّرْمِذِيُّ فِي الزُّهْد مَوْجُودَة، ثُمَّ أَضَعُ عَلَيْهِا خَطًّا أَحْذِفُهَا، بَقِي عِنْدَنَا الْآنَ الْمَعْلُومَة هَذِهِ وَهَذِهِ، ثُمَّ أُتِي الدَّارِمِيُّ فِي الرُّقَاقُ مَوْجُودَة 73 لَكِنْ 74 غَيْرَ مَوْجُودَة أَضَعُ عَلَيْهِا خَطًّا أَحْذِفُهَا هَذِهِ الجُمْلَةُ، وَأَتْرُكُ هَذِهِ وَهَذِهِ مَوْجُودَة، أَحَمَدُ المُجَلَدُ الرَّابِعُ صَفْحَةُ 182، المُجَلَدُ الثَّانِي 177، 220، المُجَلَدُ الثَّالِثُ صَفْحَةُ 502 كُلَّهَا غَيْرَ مَوْجُودَةٌ هُنَا، هَذَا الرَّابِعُ 182 مَوْجُودٌ، ثُمَّ أَضَعُ عَلَيْهَا خَطًّا أَحْذِفَهُا إِذَنْ الْمُرَبَّعُ هَذَا كُلَّه عِنْدِي. فِي بَعْضِ الْأَحْيَان مَا يَمْلَأ الْمُرَبَّعَ كُلَّهُ تَبْقَى الْمَعْلُومَةُ هِي بَاقِيةٌ، فَتَذْهَب لِتَنْقَلَهَا لِلمُرَبعِ الأَصْلِيِّ الَّذِي مَا تَزَالُ الْمَعْلُومَةُ غَيْرَ مَوْجُودَة فِيهِ؛ بِهَذَا تَكُونُ عِنْدَكَ قَائِمَةٌ لِلتَّخْرِيجِ مَكْتُوبَة فِي وَرَقَة تَتْرُك المُعْجَمُ، وَتَنْتَقِلُ لَلكُتُبِ السِّتَّةِ -الكُتُبِ التِّسْعَةِ- وَتَخْرُجُ الحَدِيثَ مِنْ خِلَالِهَا هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مَأْمُونَةٌ خَاصَّةُ فِي بِدَايَةِ التَّخْرِيْجِ وَمُفِيدَةٌ.
تَنْبِيهٌ: كِتَابُ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» مِنْ الْكُتُب المُهِمُةُ جِدًّا جِدًّا جِدًّا، وَأَنَا لَا أُنَسَّى مُحَاضَرَةَ أَلْقَاهَا عَلَيْنَا شَيْخِنَا الشَّيْخُ عَبْدُ المُحْسِنِ العَبَّادِي رَحِمَهُ اللَّهُ وَأَعْلَى دَرَجَاتَهُ، أَلْقَاهَا عَلَيْنَا عَام 1405 وَنَحْن طُلَابٌ فِي الْجَامِعَةِ العُثْمَانِيةِ أَلْقَى عَلَيْنَا المُحَاضَرَةَ تَكَلَّمَ عَنْ جُهُودِ الْإِمَامِ المَزِّيِّ فِي كِتَابَيْنِ نَعْتَبَرُهُم مِنْ أُفَضِّلِ مَا أَلِفَ فِي الإِسْلَامِ، وَتُعْتَبَرُ كُلُ طَرِيقَةِ تَأْلِيف المَزِّيِّ رَحِمَه اللَّهُ فِي الْإِسْلَام هِي نَوَاةَ عِلْمِ الكُمْبِيُوتَرِ المَوْجُودَة الْآن، المَزِّيَّ تَوَفَّى سَنَة 732 تَقْرِيبًا فِيمَا أَذْكُرُ، المَزِّيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ سَبَقَ الَّذِينَ وَضَعُوا الكُمْبِيُوتَرَ إِلَى هَذَا العِلْمِ؛ طَرِيقَةُ تَرْتِيب كُتُبِهِ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ كَيْفَ اسْتقَنَاهَا فَكِتَابُ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» سَيَأتِينَا -إنْ شَاءَ اللَّهُ-؛ لَأَنَّهُ كِتَابٌ يَكْتُبُ بِمَاءِ الذَّهَبِ، وَهُو كِتَابٌ عُمْدَةٌ، وَأَصْلٌ، وَفِيهِ فَوَائِدٌ، وَكُنُوزٌ، وَلَو بِيعَ المُجَلَدُ بَأَغْلَى الْأَثْمَانِ لَاسْتَحَقَ أَنْ يُشْتَرَى وَهُوَ 14 مُجَلَدًا وَأَذْكُرُ مِنْ مَشَايخْنَا مَنْ اشْتَرَاهُ فِي بِدَايَةِ طَلَبْنَا العِلَمَ؛ لَأَنَّهُ جَلَسَ سَنِينَ طَوِيلَة يَخْرُجُ فِي المُطَابِقِ. وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْصَّمَدِ رَحِمَهُ اللَّهُ هُوَ مِنْ المُحَقِقِينَ لَهُ، وَكَذَلِكَ بَشَّار عَوَّاد، وَسَوْفَ نَعْرِفُ الْفَرَقَ بَيْنَ نَسْخَةِ بَشَّار وَعَبَدِ الْصَّمَدِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- فِيمَا بَعْدُ.
مِثَالٌ: يُتْمُ تَخْرِيجَهُ مِنْ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلاَّ غَلَبَهُ»( ) وَفِي رِوَايَةٍ «وَلَنْ يُغَالِبُ الدِّيْنَ أَحَدٌ»( ) يَعْنِي: مُمْكِن تَلَقَّاهَا فِي كَلِمَةٍ (يُغَالِبُ) بَدَّلَا من (يُشَادَّ). «إِنَّ الدِّيْنَ يُسْرٌ» أَوَّل كَلِمَةٍ (إِنَّ) مِنْ الْحُرُوفِ مَا تَصْلُحُ فِي البَحْثِ، ثُمَّ كَلِمَةُ (الدِّيْنَ) الْكَلِمَةُ الْأُولَى أَضَعُ تَحْتَهَا خُطًّا، وَأَضَعُ فَوْقَهَا أَصْلُ الكَلِمْةِ، أَصِلُهَا (دَيَنَ) الْفِعْل الْمَاضِي المُجَرَّدُ، دَائِمًا نُرْجِعُ الْكَلِمَةَ إِلَى الْمَاضِي المُجَرَّدِ، فَالأَلِفُ مُنْقَلِبَة عَنْ الْيَاءِ أَصِلُهَا (دَيَنَ)، وَالْكَلِمَةُ الثَّانِيَةُ كَلِمَةُ (يُسْرٌ) أَصْلُ كَلِمَةِ (يُسْرٌ) فِي اللُّغَةِ مُشْتَقْةُ مِنْ (يَسَرَ)، وَالْكَلِمَةُ الرَّابِعَةُ كَلِمَةُ (يُشَادَّ) أَصْلُ الْكَلِمَةِ (شَدَدَ) يَعْني (شَدَّ) بِفَكِ التَّضْعِيفِ، وَ(يُغَالِبُ) الْكَلِمَةُ البَدِيلَةُ عَنْ (يُشَادَّ) أَصْلُهَا (غَلَبَ). فَكَلَّمَت (الدِّينُ) مُكْرَرَةٌ عِنْدَنَا (أَحَدٌ) أَصِلُهَا (وَحَدَ). (غَلَبَهُ) مَرَّة مَعَنَا فِي كَلِمَةِ (يُغَالِبُ) لَكِنْ سَتَجِدَهَا أَيْضًا فِي كَلِمَةِ (غَلَبَهُ)، فَتَرْجِعُ إِلَى أَصْلِهَا كَلِمَةُ (غَلَبَ) ثُمَّ نُنْشِأ الْجَدْوَلَ لِنَفْسِ الحَدِيثِ، أَنْشِأ جَدْوَلًا مُكَوَّنٌ مِنْ خَمْسَةِ مُرَبْعَاتِ، وَكُلُ مَعْلُومَة تَجِدُهَا الْآنَ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» دُوْنَ المَعْلُومَاتِ، وَانْتَقِلُ لِغَيْرِهَا كَمَا فَعَلْنَا فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى تَخْرِيجِ الحَدِيثِ.
تَنْبِيهٌ: بَعْدَ هَذَا الْمِثَالِ سَنَأْخُذُ تَطْبِيقٌ عَلَى الْكُتُبِ السِّتَّةِ، كَيْفَ تَرْجِعُونَ لِلكُتُبِ السِّتَّةِ، وَهُوَ مِنْ أَهُمِ الْأَشْيَاءِ الْخُطْوَة الْأَخِيرَة فِي التَّخْرِيْجِ.
مِثَالٌ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ» نُرِيدُ الْآنَ أَنْ نَأْخُذَ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الْأَدَبِ صَفْحَةُ 39، المُشْكِلَةُ الْآنَ أَنَّكَ إِذَا ذَهَبْتَ إِلَى الْكُتُبِ السِّتَّةِ تَجِدُ الطَّبْعَات مُخْتَلِفَة، فَالمُشْكِلَةُ تَكْمُنُ فِي تَغَايُرِ التَّرْقِيمَ بَيْنَ الطَّبْعَاتِ القَدِيمَة، وَبَيْنَ المَوْجُودَة الْيَوْمَ بَيْنَ تَرْقِيمَاتِ الأَبْوَابِ، فَسَتَجِدُ فِي النُّسْخَةِ مَثَلًا الَّتِي عِنْدَ أَحَمَدَ رَقْم الْبَابِ هُنَا 39 مُنْضَبِطَةٌ تَمَامًا، وَالنُّسْخَةُ الَّتِي عِنْدَ خَالَدَ سَتَجِدُ رَقْم الْبَابِ 36؛ هَذِه المُشْكِلَةُ وَحَلَهَا بِطَرِيقَةِ سَهْلَة جِدًّا، وَهِي إِنَّكَ إِذَا أَعْطَاكَ رَقْم 39، وَلَمْ تَجِدْهُ فِي بَابِ رَقْم 39 مَاذَا تَفْعَلُ؟ تَتَقَدَمُ ثَلَاثَةُ أَبْوَابِ تَبْحَثُ فِي الْبَابِ رَقْم 40 و41 و42، أَو تَنَزَّلَ ثَلَاثَةَ أَبْوَابِ -وَهُوَ الأَكْثَرُ- سَتَبْحَثُ فِي الْبَابِ رَقْم 38 أَو 37 أَو 36. السُّؤَالُ الَّذِي يَفْرِضُ نَفَسَهُ الآَنَ: أَنَا عِنْدِي يَا شَيَخُ، «صَحِيحُ البُخَارِيُّ» أَمَامِي عَشَرَ مُجَلَدَاتٍ، أَو أَرْبَعُ، أَو ثَلَاثَة، أَو مُجَلَدَينِ، أَو مُجَلَدٍ وَاحِدٍ، أَو مَجْمُوعَةُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ؟ أَنَتْ مِنْ المَفْرُوضِ إِذًا تَكُونُ نُسْخَتِكَ المَوْجُود مَعَكَ فِيهَا فِهْرِسٌ، الفِهْرِسُ هَذَا فِي المُجَلَدِ الْأَخِيرِ بِأَسْمَاءِ الكُتُبِ، تَرْجِعُ إِلَى أَسْماءِ الْكُتُبِ تَجِدَه يَقُولُ: كِتَابُ الْأَدَبِ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ يُبْتَدَأ مِنْ صَفْحَةِ كَذَا مِنْ الْكِتَابِ الَّذِي مَعَكَ فِي المُجَلَدِ الفُلَانِي، فَمِنَ المُفْتَرَضِ أَن يَكُونَ عِنْدكَ فِهْرِسٌ. فَالَّذِي عِنْدَه مَجْمُوعَةُ الْكُتُبِ السِّتَّةِ يُوجَدُ فِيهَا فِهْرِسٌ مُهِمُّ جِدًّا، وَهُوَ عِبَارِةٌ عَنْ: سِتُ وَرَقَاتٍ، أَوْخَمْسُ وَرَقَاتٍ، أَو أَرْبَعُ وَرَقَاتٍ، لَكِنَّه مُفِيدٌ لِلغَايَة مُرَتِب أَسْماءَ الْكُتُبِ الفِقْهَيةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ كُلُهُم: البُخَارِيُّ، ومُسْلِمٌ، وأبُو دَاودَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسَائِيُّ، وَابْن مَاجَه، مُرَتِب الْمَجْمُوعَةَ كُلَهَا، الْأَسْمَاءُ كُلَهَا، ثُمَّ رَتَبَ أَسْماءَ هَذِهِ الْكُتُبِ عَلَى الْحُرُوفِ الهِجَائِيةِ: كِتَابُ الْأَدَبِ حُرِّفُ الهَمْزَةِ، كِتَابُ الصّلاةِ حُرِّفُ الصَّادِ، ثُمَّ جَعَلَ إِحَالَاتٍ. رُتِبَت عَلَى الْحُرُوفِ الهِجَائِيةِ ، ثُمَّ قَالَ: كِتَابُ الْأَدَبِ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ يَبْتَدِئ بَصَفْحَةِ 38، وَلَا يُحَالُ إِلَى غَيْرِهِ؛ لَأَنَّه لَا يُرِدُ كِتَابَ الْأَدَبِ إِلَا عِنْدَ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَقَط بِهَذَا الإِسْمُ، كِتَابُ الْأَذَانِ مَوْجُودٌ فِي البُخَارِيِّ صَفْحَة 10 مِنْ المُجَلَدِ الْكَبِيرِ الَّذِي عِنْدَكُم، وَعِنْد النَّسَائِيِّ الصَّفْحَةُ كَذَا، وَابْن مَاجَه الصَّفْحَةُ كَذَا، يَبْتَدِئُ بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ، اسْم الفِهْرِس: مَكْتَبَةُ التَّمَام لِفَهْرَسَةِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ لِطَبْعَةِ دَارِ السَّلَامِ مُفِيْدَةٌ لِلغَايَة. إِذَا أَرَادَ البُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ يَأْتِي بِحَرْفِ الهَمْزَةِ أَدَبُ بُخَارِيّ صَفْحَة 78، لَو فَتْحَتَ صَفْحَة 78 لَوَجَدْتَ الحَدِيثَ بِدَايَةُ كِتَابِ الْأَدَبِ بِدَايَةُ صَفْحَة 78، وَإِذَا كَانَتْ الطَّبْعَةُ هَذِهِ غَيْرُ مَوْجُودَة عِنْدكَ أَو عِنْدكَ أَي طَبْعَة ثَانِيَة سَتَجِدُ فَهَارِسَ لِأَسْمَاءِ الْكُتُبِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدكَ فِي آخَرِ المُجَلَدِ، تَرْجِعُ لَآخِرِ المُجَلَدِ، وَتُخْرِجُ كِتَابَ الأَدَبِ. وَهَذَا لَيْسَ بِالْأَمْرِ الصَّعْبِ عَلَيْكُم إِطْلَاقًا.
مُمْكِن تَخْرِجُ بِأَيِّ طَرِيقَةِ يَعْنِي: أَنَا عِنْدِي الطَّبْعَةُ الَّتِي بَيْنَ يَدَي الآَنَ، مُمْكِن بِمُجَردِ إِنِّي أَفْرِزُهَا مِنْ فَوْقَ العِنْوَانِ الْأَعَلَى أَسْتَطِيعُ أَنْ أَطَّلَعَ كِتَابَ الْأَدَبِ بِسُهُولَةٍ. فَعِنْدَكَ الْآنَ بِدَايَةِ كِتَابِ الْأَدَبِ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ مُبَوبٌ، فَهَذَا كِتَابُ الْأَدَبِ الْبَابُ الْأُوَلِ فِيهِ مَكْتُوبٌ بَابُ رَقْم 1 النُّسْخَة هَذِهِ فِي صَحِيحِ البُخَارِيِّ تَبْحَثُ حَتَّى تَصِلَ لِلبَابِ رَقْم 39 حَتَّى لَو مَا عِنْدكَ هَذِه الطَّبْعَة أَي طَِْعَة الْآنَ تَبْحَثُ عَنْ بَابِ رَقْم 39 سَتَجِدُ حَدِيثَكَ مَوْجُودٌ فِيهَا. بَابُ رَقْم 39 بَابُ حَسَّن الْخَلَقِ وَالسَّخَاءِ وَمَا يَكْرَهُ مِنَ البُخْلِ؛ هَذَا تَبْوِيبُ البُخَارِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ وَقَالَ اِبْن عَبَّاس كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ، لَيْسَ حَدِيث. وَسَمِعَتُ جَابَرَ رَضِي اللَّه عَنْهُ مَا سُئِلَ عَنْ رَسُول اللَّه قَطٌ، فَقَالَ: لَا لَم يَكُن رَسُولُ اللهِ فَاحِشًا، وَلَا مُتَفَحِشًا( )؛ هَذَا لَيْسَ حَدِيث، كُلُ مَا لَدَيْكَ لَيْسَ حَدِيثًا؛ لَأَنْ مَا قَالَه هُو رَقْم الْبَابِ فَقَط فِي البُخَارِيِّ مَا أَعْطَانِي رَقْم الحَدِيثِ دَاخِلَ البَابِ، ثُمَّ أَبْحَثُ حَتَّى أَصِلَ إِلَى حَدِيثِي.
الآَنَ هَلْ الحَدِيثُ الَّذِي نَبْحَثُ عَنْه مَوْجُودٌ؟ لَيْسَ مَوْجُودٌ، وَهَذَا مِنْ عِيُوبِ الْكِتَابِ المُفْتَرضُ أَنْ «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ» الَّذِي أَعْطَاكَ إِيَّاهَا فِي الصَّفْحَةِ هَذِهِ تَكُونُ مَوْجُودَة، لَكِن هُنَا غَيْرَ مَوْجُودَة ؛ لَأَنَّه اعْتَمَدَ عَلَى الْمَعْنَى، فَجَاء بِمَعْنًى الحَدِيثِ. وَمُسْلِمٌ فِي كِتَابِ البِرِّ؛ سَتَجِدُونَ غَالِبًا أَنَ الحَدِيثَ غَيْرَ مَوْجُود نَفَسُ الشَّيء، لَكِن فِي أَحَادِيثٍ ذَكَرَ فِيهَا (حُسْنُ الخُلُقِ) وَلَكَن لَيْسَ هُوَ حَدِيثَنَا هَذَا «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ»، هَذِا يُعَكْرُ عَلَى الطَّالِبِ؛ وَلِذَلِكَ لاَبُدَ مَنِ اخْتِيَارِ الْكَلِمَةِ المُؤَثْرَة غَالِبًا فِي الْحَكَمِ عَلَى حَدِيثِكَ الَّتِي لَا تَشْتَرِك فِيهَا غَيْرَهَا مِنَ الأَحَادِيثِ، فـ(حُسْنُ الخُلُقِ) أَحَادِيث كَثِيرَة، لَكِن (البِرّ) لَيْسَ كَلِمَة كَثِيرَة فِي الأَحَادِيثِ؛ وَلِذَلِكَ قَلَّ التَّخْرِيْجُ هُنَا، وَكَثُر هُنَاكَ. لَو الْآنَ رَجَعْنَا لِلتِّرْمِذِيِّ كِتَابُ الزُّهْدِ بَابُ 52 الزُّهْدُ آخَرُ الْأَبْوَابِ المَوْجُودَة عِنْدَنَا، وَجِدَّنَا أَنَّهُ قَالَ: بَابُ مَا جَاءَ فِي الْبَرِّ وَالإِثْمِ، وَسَاقَ حَدِيثَ عَبْدِ الرَحَّمَنِ بْنِ الجُبَيرِ بْنْ النَّفِير الحَضْرَمِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانِ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ الرَّسُولَ عَلَيْهِ الصّلاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ الْبَرِّ وَالإِثْمِ، فَقَالَ النَّبِيُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَمَ: «البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ»( ) هُو حَدِيثَنَا.
تَنْبِيهٌ: خُذْ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» الْكَلِمَةُ الَّتِي احْتَمَالَ اقْتِرَانُ الْأَحَادِيثِ بِهَا قَلِيلٌ أُفَضْلُ لَكَ مِنْ اخْتِيَارِ كَلِمَةَ فِيهَا أَحَادِيثَ تَشْتَرِك؛ مَثَّلَ الْمِثَالِ الَّذِي مَثْلَنَاهُ فِي بِدَايَةِ المُحَاضَرِةِ، وَقُلْنَا فِيهَا: «فَلْيَتَبَّوأ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ»( )، وَجِدَّنَا أَنْ حَدِيثَ «مَنْ اِدَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ» «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ»، «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ»، لَكِن لَو أَخَذَتَ أَنَتَ كَلِمَةً مِنْ حَدِيثِ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ» أَخَذَتَ كَلِمَةَ (كَذَبَ) مَا اسْتُشْكِلَتْ عَلَيْكَ، أَو كَلِمَةَ (ادَّعَى) مَا اسْتُشْكِلَتْ عَلَيْكَ، مَا دَخَلَ عَلَيْكَ حَدِيثٌ ثَانِي، لَكِن مَا تَكْمُنُ الْفَائِدَةَ إِلَا مَا تَحْقَقَتَ مِنْ الكَلِمَاتِ، وَالأَلْفَاظِ الأُخْرَى.
مِثَالٌ: «جُعِلَتْ قُرَّتُ عَيْنَي فِي الصَّلَاةِ»( ) أَوْلًا أَنْشِأ جَدْوَلَ لِلْحَدِيثِ بَعْدَ مَا حَدَدَة الكَلِمَات: (جُعِلَتْ)، وَ(قُرَّةُ)، و(عَيْنِي)، و(الصَّلَاة) هُنَا الْعَمُودُ الْأُوَلُ كَتَبْنَا اللَّفْظَ، وَالإِحَالَاتِ، وَمَوْضُوعِ الْمُعْجَمِ حَتَّى لَو صَارَ عِنْدكَ إِشْكَالٌ فِي النَّقْلِ مَا تَرْجِعُ مَرَّةً ثَانِيَةً لِلبَحْثِ عَنْهُ؛ لَأَنَّ بَعْضَ النَّاسِ يُخْطِأُ فِي النَّقْلِ، ثُمَّ نَقْسِمُ المُجَلَدَ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» إِذَا أَرَادَ أَنْ يَرْجِعُ إِلَيْهِ مَرَّةً ثَانِيةً، وَيَقُولُ لَكَ خَطَأ يَبْحَثُ فِي الْكَلِمَةِ مَرَّةً ثَانِيةً، لَكِن إِذَا وَضَعْتَ إِحَالَة فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» صَارَ عِنْدكَ نَوْعُ مِنْ الْأَمَانِ فَأَنَتَ تَحْتَاجُ بِسُرْعَةٍ أَنْ تَرْجِعُ إِلَيْهَا. فَالكَلِمَاتُ تَعْرِفُونَهَا (جُعِلَتْ) أَصِلُهَا (جَعَلَ)، الحَدِيثُ غَيْرَ مَوْجُود فِيهِ، لَكِنْ كَلِمَةُ (قُرَّة) تَجِدُ الحَدِيثَ قَالَ: (ن) -النَّسَائِيُّ- بَابُ رَقْم 1. وَأَحْمَدَ 199 المُجَلَدُ الأَولُ، وَالمُجَلَدُ الثَّانِي صَفْحَة 128. النَّسَائِيُّ فِي كِتَابِ عِشْرَةِ النِّسَاءِ، بَابُ رَقْم 1. لَو أَخَذْنَا سَنَنَ النَّسَائِيَّ هُنَا لَوَجَدْنَا الحَدِيثَ مَوْجُودٌ فِيهِ بِسُهُولَةٍ. وَهَكَذَا.
تَنْبِيهٌ: كَلِمَةُ (الصَّلَاة) هُنَا مَا حَاولتُ أَنْ أُخَرِّجُ بِهَا؛ لِأَنَّهَا كَثِير لَا يُسْتَفادُ مِنْهَا تَحْتَاجُ إِلَى وَقْتٍ طَوِيلٍ حَتَّى تَسْتَخْرِّجَ المُوْضُوعَ، وَيُمْكِنُ أَن تَكُون نَفَسُ الْمَوَاضِع الَّتِي تَتَشَابَه عَلَيْكَ، وَتُسَبِّبُ لَكَ إِشْكَالٌ فَتَرَكْتَهُ.
مِثَالٌ: حَدِيثُ «جُعِلَتْ لِىَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» فَـ(جَعَلَ) غَيْر مَوْجُودَة أَمَّا (الأَرْضُ) مَوْجُودَة فِي: البُخَارِيِّ فِي التَّيَمُّمِ بَابُ رَقْم 1، وَفِي الصَّلَاةِ بَابُ رَقْم 56، وَفِي الْأَنْبِيَاءِ بَابُ رَقْم 40. وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الصَّلَاةِ بَابُ 119. وَالنَّسَائِيُّ فِي الْغَسْلِ بَابُ 26. وَابْن مَاجَهَ بَابُ رَقْم 3، وَبَابُ 42، وَابْن مَاجَهَ أَيْضًا فِي الطَّهَارَةِ 90، وَالدَّارِمِيُّ فِي السَّيْرِ إِلَى آَخِرِهِ. وَمَنْ خِلَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ نَبْحَثُ عَنْ هَذَا الحَدِيثَ، لَكِن قَبَّلَ مَا نَبْدَأُ بَعْدَ مَا اسْتَخْرَاجْنَا الْكَلِمَاتِ كُلَّهَا نَنَشِأ الجَدْولَ، ثُمَّ نَضَعُ خَطًّا عَلَى الْكَلِمَاتِ المُكَرَرَةِ نَحْذِفُهَا؛ حَتَّى تَسْهُلُ عَلَيْنَا الطَّرِيقَةُ: البُخَارِيُّ فِي التَّيَمُّمِ تَكْرَرَ مَعِي هُنَا، وَفِي الصَّلَاةِ تَكْرَرَ مَعِي هُنَا؛ أَضَعُ عَلَيْهِا خَطًّا هُنَا. وَمُسْلِمٌ فِي الْمَسَاجِدِ غَيْرَ مَوْجُودٍ هُنَا. وَأَبَو دَاودَ فِي الصَّلَاةِ غَيْرَ مَوْجُودٍ هُنَا. التِّرْمِذِيُّ فِي الْمَوَاقِيتِ مَوْجُودٌ فِي الصَّلَاةِ فَقَط، وَلَا يُوجَدُ فِي السِّيرِة. النَّسَائِيُّ فِي الْغَسْلِ مَوْجُودٌ رَقْم 26 هُنَا. ابْنُ مَاجَه فِي الطَّهَارَة مَوْجُود هَذَا الْكِتَابِ 90. وَأَحْمَدَ إِلَى آَخِرِهِ. الْآنَ نُحَاولُ أَنْ نَرْجِعَ إِلَى الكُتُبِ. فَالطَّرِيقَةُ سَهْلَة جِدًّا. إِذَا وَجَدَتَ خِلَافٌ فِي الرَّقْمِ مَاذَا تَفْعَلُ؟ أَي طَبْعَة فِي البُخَارِيِّ تَرْجِعُ إِلَى الْبَابِ الأَوَلِ مِنْ كِتَابِ التَّيَمُّمِ سَتَجِدُ حَدِيثَكَ مَوْجُودٌ فِيهِ. فَالمُعْجَمُ سَهُلٌ جِدًّا جِدًّا، و«تُحْفَةُ الأَشْرَافِ» هُوَ كِتَابٌ فِي غَايَةِ الأَهَمْيِةِ خَاصَةً لِطَلَبِةِ الْعَلَمِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- وَطَبْعَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ شَرَفِ الدِّينِ هِي 14 مجلدا وَسَوْفَ نُوَضِحُ لَكُم تَرْتِيبَ الكِتَابِ، وَطَرِيقَةُ الوصُولِ لِلْحَدِيثِ دَاخِلَهُ؛ لِأَنَّهَا طَرِيقَةٌ صَعْبَةٌ جِدًّا فِيهَا صُعُوبَةٌ عَلَى الطَّلَابَةِ. وَالإِشْكَالَاتُ الَّتِي فِي الْمُعْجَمِ مِنْ المُمْكِن حَلَّهَا بِالرُّجُوعِ إِلَيْه سَتَجِدَهَا، وَأَمَّا الإِشْكَالُ فِي التُّحْفَةِ فَصَعْبٌ حَلَهَا.
السُّؤَالُ: يَقُولُ السَّائِلُ هَلْ مِنَ الْعَزْوِ لِلْمَصَادِرِ الْفَرْعِيَةِ عَزْوُ بَعْضِ البَاحِثِيْنَ مِنْ «الصَّحِيْحِ الْجَامِعِ» وَ«صَحِيْحِ التِّرْمِذِيّ» للشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ، وَهَلْ يُعَدُّ مِنَ الْخِيَانَةِ الْعِلْمِيَّةِ فِعْلُ ذَلِكَ يَعْنِي؟ أَوْ مِنْ فَتْحِ الْبَارِي هَذَا السُّؤَالُ الأَوَّلُ؟
الجَوَابٌ: الْعزْوُ لِلْمَصَادِرِ الْفَرْعِيَّةِ: نَحْنُ اشْتَرَطْنَا أَنْ يَكُونَ فِي حَالاتٍ: فِي حَالِ فَقْدِ الْمَصْدَرِ، أَوْ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ إِلَيْهِ، أَوْ تَعَذُّرِ الْوُصُولِ لِلْحَدِيْثِ دَاخِلِهِ، أَوْ وُجُودِ فَائِدَةٍ لا تُوْجَدُ إِلاَّ فِي الْمَصْدَرِ الْفَرْعِيِّ؛ وَعِنْدَئِذٍ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ الأَخِيْرَةِ يَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ وَالْفَرْعِيِّ الّذِيْنَ يَعُزُونَ إِلَى «صَحِيْحِ الْجَامِعِ» لِلشَّيْخِ نَاصِرِ بْن الأَلْبَانِيِّ رَحِمَهُ الله عَلَى دَرَجَتِهِ، وَ«صَحِيْحِ التِّرْمِذِيِّ» فَإِنْ كَانَ يَعْنِي عَلَى طَرِيْقَتِنَا مَعَاشِرَ الْمُحَدِّثِيْنَ فَنَعِيْبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ، فَنَقُولَ: إِنَّ هَذَا القُصُورَ قُصُورٌ مِنْكَ أَنْ تَفْعَلَ هَذَا لَكِنْ إِنْ كَانَ يَكْتُبُ فِي مَجَلَّةٍ، أَوْ يَكْتُبُ فِي جَرِيْدَةٍ، أو في مثلًا بَحْثٍ  وَمَا إِلَى ذَلِكَ قُدْرَتُهُ لا تُحْتَملُ. فَكَوْنُهُ يَعْزُو إِلَى كِتَابٍ، وَلَوْ فَرْعِيٍّ، وَيَكُونُ فِيْهِ فَائِدَةٌ، وِهِيَ حٌكْمٌ الشَّيْخِ نَاصِرِ عَلَى الْحَديْثِ، فَلا مُشَاحَّةَ عَلَيْهِ الْحَالَةُ، هَذِهِ يَعْنِي: يَكُونُ هُوَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رَاجِعٌ عَلَى الْمَصْدَرِ الْفَرْعِيِّ بِنَاءً عَلَى حَاجَتِهِ لِمَعْرِفَةِ صِحَّةِ الْحَدِيْثِ، وَعِنْدَئِذٍ وُجُودُهُ لا إِشْكَالَ فِي هَذَا. وَإِنْ كَانَ الأَفْضَلَ وَالأَكْمَلَ أَنْ يَعْزُو إِلَى مَصْدَرٍ أَصْلِيٍّ، ثُمَّ يُرْدِفُهُ بِتَصْحِيْحِ الشَّيْخِ الأَلْبَانِيّ، فَمَثلًا: يَقُولُ: أَخْرَجهُ أَبُو دَاُودَ، وَالنَّسَائِيُّ يَذْكُرُ مثلًا رَقْمَ الْحَدِيْثِ عَلَى أَقَلِّ تَقْدِيْرٍ، ثُمَّ يَقُولُ وَصَحَّحَهُ الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ فِي «صَحِيْحِ الْجَامِعِ» رَقْمَ كَذَا لا يُكَلِّفُهُ شَيءٌ، وَهُوَ عمََلٌ دَقِيْقٌ خَاصَةً لِلَّذِي يَرِجِعُ إِلَى «صَحِيْحِ الْجَامِعِ» يَجِدُ رِمُوزَ التَّخْرِيْجِ مَوْجُودةً بَيْنَ يِدَيْهِ، وُهُوَ أَنَّ الشَّيْخَ مِثْلَ السِّيُوطِيَ صَاحِبَ الْكِتَابِ يَرْمُزُ إِلَيْهِ: بـِ (د) لأَبِي دَاوُدَ، (ت) لِلتِّرْمِذِيّ، (س) لِلنَّسَائِيّ، وَهَكَذَا فَيَقُولَ: رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيّ. وَقَالَ الشَّيْخُ نَاصِرُ: كَذَا هَذَا فِي الْكُتُبِ الْمُخْتَصَرةِ أَمَّا البُحُوثُ الْجَامِعِيَّةُ -الْكُتُبُ الْمُؤَلَّفَةُ- فَمِنَ المُعِيْبِ جِدًّا لِطَالِبِ الْعِلْمِ أَنْ يَعْزُوَ إِلَى مَصْدَرٍ فَرْعِيٍّ وَيَتْرُكَ الأُصُولَ كَمَا اتَّفَقْنَا وَقَرَّرْنَاهُ بِالأَمْسِ.
السُّؤَالُ الثَّانِي كَذَلِكَ «فَتْحُ البَارِي» إِنْ كَانَ الْعَزْوُ إِلَى الْحَدِيْثِ فَمَثَلُهُ سَوَاءٌ بِسَوَاءٍ، فَأُحِبُّ أَنْ أُعْطِيْكُمْ فَائِدةً تَسْتَفِيْدُونَ مِنْهَا خَاصَةً لِمَنْ مِنْكُمْ يَعْرِفُ صِحَّةَ الأَحَادِيْثِ: الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ لاَ شَكَّ أَنَّهُ عَالِمٌ مِنَ العُلَمَاءِ الْفُحُولِ الْكِبَارِ، وَهُوَ يُصِيْبُ وَيُخْطِئُ مِثْلَ غَيْرِهِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ عَرَفَ أَنَّ العُلَمَاءَ بَشَرٌ، وَأَنَّهُمْ يُصِيْبُونَ وَيُخْطِئُونَ اطْمَأَنَّتْ نَفْسُهُ لا يُحَاكِيْهُمْ وَلا يُقَلِّدُهُمْ إِلاَّ فِي الأَمْرِ الَّذِي يَعْرِفُ أَنَّ العُلًَمَاءَ أَكْثَرُهُمْ عَلَى هَذَا الرَّأْيِّ، أَوْ عَلَى هَذا الْقَوْلِ. لَكِن لَوْ اخْتَلَفَ فِي قَوْلٍ، أَوْ شَكَّ فِي قَوْلٍ يَقُولُ: غَفَرَ الله لَهُ، عَفَا الله عَنْهُ، وَلا يُقَلِّدُهُ فِي خَطَئِهِ؛ وَلِهَذَا أَنَا دَائِمًا أَقُولُ لأبْنَائِي، وَأَقُولُ لِطُلَّابِي أَقُولُ لَهُمْ أَثَرًا مُهِمًّا جِدًّا لِبَعْضِ الشَّبَاب الَّذِي يُقَلِّدُونَ فُلَاناً مِنَ النَّاسِ فِي مَسْأَلَةٍ يَقُولُ: إِنَّ الشَّيْخَ أَفْتَى فِيهَا بِكَذَا، وَيُقَلِّدُهُ، وَيُصِرُّ عَلَى هَذَا القَوْلِ، وَهُوَ يَرَى أَنَّ عَامَّةَ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى خِلَافِ هَذِهِ السُّنَّةِ فَنَقُولُ لَهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْمَبَارَكِ( ) لَمَّا سَمِعَ ابْنَهُ يُنْشِدُ الشِّعَرَ فِي المَسْجِدِ، فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، لَا تُنْشِدِ الشِّعْرَ فِي المَسْجِدِ! -هَذَا رَأْيُ ابْنِ المُبَارَكِ- فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ: يَا أَبْتِي، إِنَّ الحَسَن( ) وَابْنَ سِيرِينَ( ) كَانَا يُنْشِدَانِ! الحَسَن البَصْرِيَّ، وَمُحَمَّدَ بْنَ سِيرِينَ، وَأَئِمَّةً تَابِعِينَ، فَمَاذَا قَالَ لَهُ رَحِمَهُ اللهُ؟! -وَاللهِ احْفَظُوا هَذَا الْكَلَامَ النَّفِيسَ جِدًّا- قَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ، إِنَّكَ إِنَّ أَخَذْتَ بِشَرِّ مَا فِي الحَسَنِ، وَبِشَرِّ مَا فِي ابْنِ سِيرِينَ اجْتَمَعَ فِيكَ الشَّرُّ كُلُّهُ. يَعْنِي: إِذَا أَخَذْنَا مِثَالًا لِرَأْيِ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ بِمَسْأَلَةٍ أَخْطَأَ فِيهَا، وَرَأْيُ الشَّيْخِ ابْنِ بَازٍ فِي مَسْأَلَةٍ أَخْطَأَ فِيهَا، وَرَأْيُ الأَلْبَانِيِّ فِي مَسْأَلَةٍ أَخْطَأَ فِيهَا، وَرَأْيُ ابْنِ عُثَيْمِينَ فِي مَسْأَلَةٍ أَخْطَأَ فِيهَا؛ انْظُرُوا مَاذَا يَصِيرُ؟ اجْتَمَعَ فِيهِ شَرٌّ فَاتْنَبِهُوا لِهَذَا -رَعَاكُمُ اللهُ- كُلٌّ يُؤْخَذُ بِرَأْيِِهِ وَيُتْرَكُ إِلَا نَبِيُّنَا الْكَرِيمُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ جَمَاعَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ السَّلَفِ، وَكَانَ مِنْ أَشْهَرِهِمْ مَالَكُ رَحِمَهُ اللَّهُ.
السُّؤَالُ: مَا هِيَ أَفْضَلُ طَبَعَاتِ تُحْفَةِ الأَشْرَافِ؟
الجَوَابٌ: سَيَأْتِي الْكَلَامُ عَنْ تُحْفَةِ الْأَشْرَافِ يَوْمِيِ الْأَرْبِعَاءِ وَالْخَمِيسِ -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- أَمَّا غَدًا وَبَعْدَ غَدٍ -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى- سَيَكُونُ مَعَكُمُ الشَّيْخُ الدُّكْتُورُ خَالَدُ سَيَشْرَحُ لَكُمُ الطَّرِيقَتَيْنِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَعُودُ أَنَا إِلَيْكُمْ -إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى-.
السُّؤَالُ: هَل تقصد لَفْظَة (به) بِالْقَوْل عَلَى الإِسْنَادِ دُون المتن؟
الجَوَابٌ: رَأَيْنَا البَعْضَ يَسْتَعْمِلُهَا، فَالأَصْلُ فِي كَلِمَةِ (بِهِ) عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ أَنَّهَا تُقَالُ: فِي الإِسْنَادِ يَعْنُونَ بِهَا الإِسْنَادِ، وَيَسْتَعْمِلُونَهَا فِي الإِسْنَادِ فَقَطْ، أَمَّا إِذَا أَرَادُوا تَأْدِيَةَ الْمَتْنِ فَإِنَّهُمْ يَسْتَعْمِلُونَ لَهَا عِبَارَاتٍ أُخْرَى كَأَنْ يَقُولُ فِي الإِسْنَادِ: (بِهِ)، ثُمَّ يُرْدِفُ مِثْلَهُ سَوَاءً بِلَفْظِهِ بِنَحْوِهِ بِمَعْنَاهُ عِبَارَاتٌ كَثِيرَةٌ يَسْتَعْمِلُونَهَا.
السُّؤَالُ: يَقُولُ: إِذًا وَجَدْتَ بِالْكِتَابِ أَسَانِيدَ خَاصَّةً بِصَاحِبِ الكِتَابِ، وَأَسَانِيدَ غَيْرَ خَاصَّة بِهَا فَكَيْفَ يَحْكُمُ عَلَى الْكِتَابِ أَنَّهُ أَصْلِيُّ أَوْ فَرْعِيُّ، وَجَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا؟
الجَوَابٌ: هَذَا تَقَدَّمَ مَعَنَا الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الدَّرْسِ السَّابِقِ، وَقُلْنَا: إِنَّهُ يُعْتَبَرُ أَصْلِيًّا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي أَوْرَدَهَا بِإِسْنَادِهِ، وَفَرْعِيًّا فِي الْأَحَادِيثِ الَّتِي لَمْ يَرُدَّهَا بِإِسْنَادِهِ، وَالْحَكَمُ لِلْغَالِبِ يَعْنِي: فِي التَّسْمِيَةِ الْعَامَّةِ فَإِذَا كَانَ أَكْثَرُ الْأَحَادِيثُ أَوْرَدَهَا بِإِسْنَادِهِ، فَنَقُولُ: إِنَّ هَذَا مَصْدَرٌ أَصْلِيٌّ، وَلَا عُبِّرَتْ فِي الْعِشْرِينَ حَدِيثًا، وَالخَمْسِينَ حَدِيثًا يَرُدُّهَا بِدُونِ إِسْنَادٍ؛ وَلَكِنْ إِذَا كَانَ العَكْسُ؛ فَإِنَّ الْأَصْلَ يَكُونُ فَرْعِيًّا، وَمَا فِيهِ مِنَ الْأَحَادِيثِ بِأَسَانِيدَ خَاصَّةٍ بِالمُؤَلِّفِ تُعْتَبَرُ مِنَ المَصَادِرِ الأَصْلِيَّةِ.
السُّؤَالُ: يَقُولُ: اذْكُرْ مِثَالاً لِاجْتِمَاعِ الْمَصْدَرِ الفَرْعِيِّ وَالأَصْلِيِّ مَعًا؟
الجَوَابٌ: ذَكَرْنَا نَحْنُ أَمْسِ بِسَيْرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ وَأَيْضًا مِثَالُهُ أَيْضًا تَهْذِيبُ الْكَمَالِ لِلْمَزِّيِّ نَفَسَ الطَرِيقَةِ فَإِنَّهُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوْرَدَ فِي التَّرَاجِمِ عَدَدًا مِنَ الصَّحَابَةِ أَحَادِيثَ وَقَعَتْ لَهُ بِأَسَانِيدَ عَالِيَةٍ، بَعْضُهَا يُقَارِبُ أَسَانِيدَ النَّسَائِيِّ فِي العَدَدِ. فَرَغْمَ أَنَّ المَزِّيِّ تُوَفِّيَ فِي الْقَرْنِ الثَامِنِ الْهَجَرِيِّ لَكِنْ مَعَ هَذَا عِنْدَهُ أَسَانِيدُ عَالِيَةٌ جِدًّا سَاوَى فِيهَا أَو صَافَحَ فِيهَا النَّسَائِيَّ.
السُّؤَالُ: مَا أَنْوَاعُ العُلُوِّ؟
الجَوَابٌ: أَنْوَاعُ الْعُلْوُّ نَشْرَحُهَا الْآنَ: الْعُلْوُّ النِّسْبِيُّ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ عِنْدَهُمْ: عُلْوُّ المُوَافَقَةِ، وَالمُسَاوَاةُ، وَالبَدَلُ، وَالمُصَافَحَةُ، أَقَلُّهَا الْمُصَافَحَةُ هِيَ أَبْعَدُهَا عِنْدَنَا إِسْنَادًا فَهُوَ وَافَقَ حَتَّى النَّسَائِيُّ فَيُرِيدُهَا بِأَسَانِيدَ كَذَلِكَ يَعْنِي: فِي سِيرَةِ ابْنِ كَثِيرٍ يَقُولُ: أَحَادِيثَ مُعَيَّنَةً وَقَعَتَ لَهُ بِأَسَانِيدَ عَالِيَةً.
السُّؤَالُ: يَقُولُ: الحَدِيثُ الضَّعِيفُ يُعْمَلَ بِهِ أَمْ لَا؟
الجَوَابٌ: الحَدِيثُ إِمَّا قَالَهُ الرَّسُولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ لَمْ يَقُلْهُ لَكِنْ بالِِاخْتِصَارِ الَّذِي قَرَّرَهُ الْعَلْمَاءُ المُحَقِّقُونَ: أَنَّ الْأَحَادِيثَ الضَّعِيفَةَ لَا يُعْمَلُ بِهَا. وَأَمَّا كَلَامُ الْإِمَامِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ لَا يُرِيدُونَ الضَّعِيفَ الَّذِي نَحْنُ نُرِيدُهُ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ الضَّعِيفَ ضَعْفًا مُنْجَبِرًا يُسَمَّى: الحَسَن لَغَيْرِهِ لَهُ طُرُقٌ، إِنَّ كَثِيرًا الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ يَحْسِّنُ لَهُ، يَبْقَى الحَسَنُ لِلْشَيْخِ الأَلْبَانِيِّ هُوَ ضَعِيفٌ ضَعْفًا مُنْجَبِرًا.
السُّؤَالُ: يَقُولُ: هَلْ يَصِحُّ قَوْلُنَا: مَثَلًا انْظُرْ فِي «سِلْسِلَةِ الْأَحَادِيثِ الصَحِيحَةِ» وَالبَعْضُ يُعْزِي لِلْمَصَادِرِ الأَصْلِيَّةِ؟ يَعْنِي: هَلْ صِيغَةُ (انْظُرْ) صَحِيحَةٌ؟
الجَوَابٌ: نَعَمْ صِيغَةُ (انْظُرْ) عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ هِيَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي وَقَعَتْ عِنْدَ المُتَأَخِّرِينَ، وَإِذَا كَانَ النَّقْلُ لَيْسَ بِالحَرْفِ أَوْ بِاللَّفْظِ، فَإِنَّهُمْ يُشِيرُونَ بِقَوْلِ: (انْظُرْ). فَمَثَلًا أَنَا أَنْقُلُ كَلَامًا لِلشَّيْخِ الأَلْبَانِيِّ أَوِ ابْنِ حَجََرٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَأَكُونُ بَعْدَ مَا أَنْقُلُ قَدْ فَرَّطْتُ فِي هَذَا اخْتَزَلْتُ الكَلَامَ، أَوِ اخْتَصَرْتُ، أَوْ مَا إِلَى ذَلِكِ أَقُولُ فِي النِّهَايَةِ: انْظُرِ «السِّلْسِلَةَ الصَّحِيحَةَ» لِلْأَلْبَانِيِّ، انْظُرْ «فَتْحَ البَارِي». كَلَّمَةُ (انْظُرْ) لَا تَعْنِي أَنَّ المَنْقُولَ بَيْنَ يَدَيِّ أَنَّهُ نَصٌّ مَا قَالَهُ المُؤَلِّفُ بِخِلَافٍ عِنْدَمَا أَضَعُ رَقْمًا وَأَضَعُ فِي الْحَاشِيَةِ إِحَالَةً عَلَى الْكِتَابِ مَعْنَاهُ: أَنَّ هَذَا نُقِلَ مِنَ الْكِتَابِ بِحَرْفِهِ، هَذَا الأَصْلُ، وَهِيَ مِنَ الْأَشْيَاءِ الَّتِي صَنَعَهَا المُتَأَخِّرُونَ لَمْ تَكُنْ عِنْدَ أَسْلَافِهِمْ. الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي الْفَائِدَةِ الَّتِي كُنْتُ أَقُولُهَا لَكُمْ عَنِ «الفَتْحِ» حَتَّى لَا أَنْسَاهَا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اشْتَرَطَ فِي كِتَابِهِ «الفَتْحُ» أَنَّ أَيَّ حَدِيثٍ يُورَدُ فِي الشَّرْحِ وَيُسْكَتُ عَلَيْهِ أَنَّهُ صَالِحٌ وَأَقَلُّ أَحْوَالِهِ أَنَّهُ جَيِّدٌ مِنَ المُمْكِنِ أَنْ يُحْتَجَّ بِهِ فَأَنْتَ إِذَا وَجَدْتَ أَيَّ حَدِيثٍ احْتُجَّ بِهِ، أَوْ ذَكَرَهُ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «فَتْحِ البَارِي» وَسَكَتَ عَنْهُ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ مَا قَالَ: إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، أَوْ فِيهِ كَذَا، أَوِ انْقِطَاعٌ، أَوْ فِيهِ كَذَا، فَتَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُولَ: إِنَّ الشَّيْخَ الْحَافِظَ ابْنَ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى احْتَجَّ بِهَذَا الحَدِيثِ أيْ: جَعَلَهُ فِي قِسْمِ المُحْتَجِّ بِهِ هَذِهِ تَسْتَفِيدُ مِنْهَا فِي الْحُكْمِ عَلَى الحَدِيثِ.
السُّؤَالُ: هَلْ وَرَدَ هَذَا الْأَثَرُ «لَاعِبْهُ سَبْعًا وَصَاحِبْهُ سَبْعًا وَأَدِّبْهُ سَبْعًا» عَنْ أَحَدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ؟ وَأَيْنَ أَجِدُهُ فِي كُتُبِ الحَدِيثِ؟
الجَوَابٌ: هَذَا أَثَرٌ مَشْهُورٌ عَنْ عَلِيٍّ رَضْيِ اللَّهُ عَنْهُ وَهَذِهِ الدَّوْرَةُ تُفِيدُكَ فِي تَخْرِيجِ هَذَا الْأَثَرِ لَكِنْ نُرْجِئُهَا إِلَى الْكَلَامِ عَلَى آخِرِ يَوِمٍ فِي التَّخْرِيجِ عَنْ طَرِيقِ الرَّاوِي تَبْحَثُ عَنْ مَا نُقِلَ عَنْ عَلِيٍّ.
السُّؤَالُ: يَقُولُ: لَو تَكَرَّمْتَ يَا شَيْخُ تُعَرِّفُنَا عَلَى الجَمْعِيَّةِ السُّعُودِيَّةِ مَتَى نَشَأَتْ، وَعَدَدُ أعْضَائِهَا، وَمَنْ رَئِيسُهَا وَمَقَرُّهَا؟
الجَوَابٌ: فِي آخِرِ يَوِمٍ -إِنْ شَاءَ اللَّهُ- الْإِخْوَانُ يُكَلِّمُونَكُمْ عَنْ هَذَا تَسْتَفِيدُوا مِنْهُ -إنْ شَاءَ اللَّهُ- وَيَسْتَفِيدُ الجَمِيعُ.
السُّؤَالُ: كَيْفَ أَعْرِفُ أَنَّ هَذَا الحَدِيثَ بِهَذَا السِّنْدِ مِنْ سَنَدِ مُؤَلِّفِ الْكِتَابِ أَوْ سَنَدٍ لَغَيْرِهِ وَأَنَا قَلِيلُ الخِبْرَةِ بِالأَسَانِيدِ؟
الجَوَابٌ: أَقُولُ يَعْني بَادِئُ ذِي بَدْءٍ الْأَفْضَلُ أَنْ يُوقِفَكِ وَاحِدٌ مِنْ طُلَّابِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ هَذَا مَصْدَرٌ أَصْلِيٌّ مِنْ أَجْلِ عَدَمِ التَّعَبِ تَتَعَرَّفُ أَنْتَ عَلَى المَصَادِرِ الأَصْلِيَّةِ مِنْ نَفْسِكَ عَنْ طَرِيقِ أَحَدِ الْمَشَايِِخِ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ، ثُمَّ تَتَدَرَّبُ تَدْرِيجِيًّا عَلَى مَا تُرِيدُ الوُصُولَ إِلَيْهِ. نَحْنُ ذَكَرْنَا أَوْصَافَ الْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ؛ هَذِهِ الْأَوْصَافُ وُجُودُ حَدِيثٍ فِيهِ إِسْنَادٌ، وَالمُهِمَّةُ الْأَخِيرَةُ وَهِيَ أَنْ يَكُونَ هَذَا الإِسْنَادُ خَاصٌّ بِالمُؤَلِّفِ هَذِهِ الْفَائِدَةُ يَا إِخْوَانِي، هَذِهِ الْأَخِيرَةُ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَعَرِفَ أَنَّها الإِسْنَادُ، هَذَا لِلْمُؤَلِّفِ أَوْ غَيْرِهِ، إِذَا قَرَأْتَ تَرْجَمَةَ أَوَّلِ وَاحِدٍ وَرَدَ عِنْدكَ فِي السِّنْدِ فِي كُتُبِ الرِّجَالِ سَتَجِدُ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا مِنْ تَلَامِيذِهِ مُؤَلَّفَاتِهِ يَعْنِي: مَثَلًا قَالَ البُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أبِي إِلْيَاسٍ، انْظُرْ أَنَا هَلْ هَذَا الْكِتَابُ الَّذِي عِنْدِي «التَّارِيخُ الكَبِيرُ» لِلْبُخَارِيِّ؟ هَلْ هُوَ مَصْدَرٌ أَصْلِيٌّ وَلَا فَرْعِيٌّ؟ ارْجِعْ إِلَى تَرْجَمَةِ آدَمِ بْنِ أَبِي إِلْيَاسٍ فَأَجِدُ أَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى أَنَّ مِنْ تَلَامِيذِهِ البُخَارِيُّ، إِذَنْ حِينَ يَكُونُ البُخَارِيُّ مِنْ تَلَامِيذِهِ، وَيَقُولُ: حَدَّثَنَا؛ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذَا الإِسْنَادَ خَاصٌّ بِالبُخَارِيِّ.
السُّؤَالُ: كَيْفَ يُرَتِّبُ المُخَرِّجُونَ، وَعَلَى أَيِّ أَسَاسٍ هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِسَنَدِ الوَفَاةِ؟
الجَوَابٌ: هُنَاكَ تَرْتِيبُ التَّخْرِيجِ الْأَصْلِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ عَامَّةُ أَهَلِ الْعِلْمِ أَنَّهُمْ يُرَتِّبُونَ عَلَى حَسَبِ الوَفَيَاتِ؛ لَكِنْ يُقَدِّمُونَ الْكُتُبَ السِّتَّةَ ابْتِدَاءً بِالبُخَارِيِّ، فَالتَّرْتِيبُ بَيْنَ العُلَمَاءِ: البُخَارِيُّ، مُسْلِمٌ، أَبُو دَاودَ، التِّرْمِذِيُّ، النَّسَائِيُّ، ابْنُ مَاجَهْ. وَمِنْهُمْ مَنْ يُقَدِّمُ أَحَمَدَ عَلَى هَؤُلَاءِ السِّتَّةِ، ثُمَّ يُرْدِفُ السِّتَّةَ. وَمِنْهُمْ مَنْ َيُقَدِّمُ السِّتَّةَ، وُيُسَبِّعُ بِأَحْمَدَ، ثُمَّ يُثَمِّنُ بِأَقْدَمِ النَّاسِ وَفَاةً. وَلَوْ كَانَ الْإِمَامُ مَالَكُ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ 179، وَالْإِمَامُ أَحَمَدُ 241 وَمَعَ هَذَا يُقَدِّمُونَ أَحَمَدَ عَلَيْهِ، وَالشَّافِعِيَّ 204 وَمَعَ هَذَا يُقَدِّمُونَ أَحَمَدَ عَلَيْهِ، وَكُلُّهُمْ يُعْتَبَرُونَ مِنْ طَبَقَةِ شُيُوخِهِ، أَوْ شُيُوخِ شُيُوخِهِ، وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ يُقَدِّمُونَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ فَلَا مَشَاحَةَ، لَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يُقَدِّمَ التَّرْتِيبَ عَلَى حَسْبِ الوَفَيَاتِ.
السُّؤَالُ: هَلْ يُعْزَى لِلْمَصْدَرِ الفَرْعِيِّ إِذًا وُجِدَ فِيهِ زِيَادَةُ عِلْمٍ أَرْجُو التَّمْثِيلِ عَلَى ذَلِكَ بِمِثَالٍ وَاضِحٍ؟
الجَوَابٌ: نَعَمْ يُعْزَى لِلْمَصْدَرِ الفَرْعِيِّ، وَقُلْنَا: إِنَّهُ يَجِبُ العَزْوُ لِلْمَصْدَرِ الفَرْعِيِّ عَلَى أَنْ تَعْزُوَ لِلْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ؛ لِأَنَّكَ لَمْ تَقْصِدْ بِالمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ هُنَا تَخْرِيجَ الحَدِيثِ مِنْ خَارِجَهِ، وَإِنَّمَا قَصَدْتُ الْفَائِدَةَ الَّتِي فِيهِ، وَضَرَبْنَا مِثَالًا عَلَى ذَلِكَ فِي «الزَّوَائِدِ» لِلْهَيْثَمِيِّ بِالْأَمْسِ «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» لِلْهَيْثَمِيِّ يَأْتِي بِالأَحَادِيثِ فِي مُسْنَدِ أَحَمَدَ فِي مَعَاجِمِ الطَّبَرَانِيِّ الثَّلَاثِ، ثُمَّ يَقُولُ: رَوَاهُ أَحَمَدُ فِي الطَّبَرَانِيِّ فِي «الكَبِيرِ» وَرِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ. كَلِمَةُ (رِجَالُهُمَا رِجَالُ الصَّحِيحِ) مُفِيدَةٌ لَكَ، وَلَكِنْ حِينَمَا تَعْزُو لِأَحْمَدَ وَالطَّبَرَانِيِّ عَنْ طَرِيقِ الْمَجْمَعِ تَكُونُ قَدْ أَخْطَأَتَ هُنَا خَطَأً؛ بَلِ الْوَاجِبُ عَلَيْكَ أَنَّكَ تَعْزُو لِأَحْمَدَ مُبَاشَرَةً، وَالطَّبَرَانِيِّ مُبَاشَرَةً؛ لِوُجُودِ الكِتَابَيْنِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ الْكَلِمَةُ الَّتِي أَنْتَ خَرَّجْتَ عَلَيْهَا، وَهِيَ قَوْلُهُمْ: رِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ، أَوْ إِسْنَادُهُ الصَّحِيحُ، أَوْ عِبَارَةٌ تَأْتِي أَنْ تَقُولَ: وَقَالَ الهَيْثَمِيُّ فِي «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» كَذَا، أَوْ إِنْ كَانَ الْمَصْدَرُ الَّذِي نَقَلْتَ مِنْهُ مَفْقُودٌ؛ لَأَنَّ عِنْدَنَا «المُعْجَمُ الكَبِيرُ» لِلطَّبَرَانِيِّ مَفْقُودٌ جَزْءٌ مِنْهُ مَوْجُودٌ عِنْدَ الهَيْثَمِيِّ كَانَ مَوْجُودًا فَفِي أَحَادِيثٍ ما نَجِدُهَا فِي «المُعْجَمِ» المَطْبُوعِ لَكِنْ نَجِدُهَا فِي «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» لِلْهَيْثَمِيِّ فَعِنْدَئِذٍ الْآنَ صَارَ الحَدِيثُ غَيْرََ مَوْجُودٍ فِي «المُعْجَمِ الكَبِيرِ» لِلطَّبَرَانِيِّ كَمَا اضْطُرِرْتُ اضْطِرَارًا إِلَى أَنْ أعْزُوَ إِلَى «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» مَعْ كَوْنِهِ فَرْعِيًّا لِعَدَمِ وُجُودِ الحَدِيثِ فِي الْمَصْدَرِ الأَصْلِيِّ الَّذِي أَنَا كَنْتُ أَبْحَثُ فِيهِ، فَأَقُولُ؛ عَزَاهُ كَمَا تَقَدَّمَ بِالْأَمْسِ أَوْرَدَهُ الهَيْثَمِيِّ فِي «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» وَعَزَاهُ إِلَى الطَّبَرَانِيِّ فِي «الكَبِيرِ»، أَوْ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي «الكَبِيرِ» كَمَا فِي مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ.
أَسْألُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمُ التَّوْفِيقَ وَالسَّدَادَ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ.

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبَهِ أَجْمَعِينَ. أَمَّا بَعَدُ:
سَنَتَدَارَسُ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى إِحْدَى طُرُقِ التَّخْرِيجِ، وَهِيَ تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِمَعْنَاه أَوْ بِمَوْضُوعِهِ، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تُعْدُ أَصْعَبُ طَرَقِ التَّخْرِيجِ مُطْلَقًا لِمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ بَيَانَهُ.
وَتَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِمَوْضُوعِهِ أَوْ بِمَتْنِهِ يَنْقَسِمُ إِلَى قسمين:
القِسْمُ الأَوَّلُ: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِأَوَّلِ أَلفَاظِ المَتْنِ.
القِسْمُ الثَّانِي: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِلَفْظٍ مِن أَلفَاظِ المَتْنِ. وهَذَا النَّوْعُ مُتَعَلِقُ بِجُزْأٍ مِنَ المَتْنِ.
وَالقِسْمُ الثَّانِي الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِمَوْضُِوعِ الحَدِيثِ -هُوَ تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِمَتْنِهِ أَوْ مَعْنَاه-، يَنْقَسِمُ إِلَى نَوعَينِ:

النَّوْعُ الأَوَّلُ: تَخْرِيجُهُ بِالمَوْضُوعِ.
وَالنَّوْعُ الثَّانِي: بِجُزْءٍ مِنَ المَتْنِ إِمَّا بِأولِهِ أَوْ بِأَحَدِ أَلفَاظَهِ.
وَسَنَتَدَارَسُ هَذِهِ الطريقة فِي ضَمَّنِ النقاطِ الأَرْبَعَةِ التَالِيةِ:
النَّقْطَةُ الأَوْلَى: مَتَى يَلْجَأُ البَاحِثُ أَوْ طَالِبُ العَلَمِ إِلَى تَخْرِيجِ الحَدِيثِ بِمَوْضُوعِهِ؟
النُّقْطَةُ الثَّانِيَةُ: فِي بَيانِ أَهْمِيةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَمَزَايَاهَا وَبَعْضُ المَآخِذِ الَّتِي عَلَيْهَا.
النُّقْطَةُ الثَّالِثَةُ: فِي أَنْوَاعِ المُؤلَفَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِخْدَامَهَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مَعَ التَّمْثِيلِ وَالتَّطْبِيق عَلَى بَعْضَهَا.
النُّقْطَةُ الرَّابِعَةُ: فِي خُطُوَاتِ التَّخْرِيجِ العَامَّةِ باستخدامِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ، وَهِيَ: تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِمَوْضُوعِهِ أَوْ بِمَعْنَاهُ.
النُّقْطَةِ الأُولَى:
وَهِيَ مَتَى يَلْجَأُ البَاحِثُ أَوْ طَالبُ العَلَمِ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ؟
فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ يَلْجَأُ إِلَيْهَا البَاحِثُ فِي أَحَدِ الأَحْوَالِ التَّالِيةِ:
أَوَلًا: إِذَا لَمْ يَكُنْ بِاسْتِطَاعَتِهِ اسْتِخْدَامُ شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ الأُخْرَى. فَإِذَا كَانَ البَاحِثُ لَا يَعْرِفُ إِسْنَادَ الحَدِيثِ فَلَنْ يَسْتَطِيعَ تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِوَاسِطَةِ رَاوِيهِ الأَعَلَى، وَهوَ الصَّحَابِيُ، وَهِيَ تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِوَاسِطَة رَاوِيهِ الأَعَلَى -يَعْنِي: الصَّحَابِيُ رَاوِي الحَدِيثَ- فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَ البَاحِثِ أَوْ طَالبِ العَلَمِ إِسْنَادُ الحَدِيثِ فَإِنَّهُ لَنْ يَسْتَطِيعَ تَخْرِيجَهُ بطُرِقِ التَّخْرِيجِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِرِوَاةِ الإِسْنَادِ كَالرَّاوِي الأَعَلَى أَو الرَّاوِي الأَدْنَى أَو أَحَدُ رُوَاةِ الإِسْنَادِ كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ.
الحَالَةُ الثَّانِيَةُ: كَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَكُن البَاحِثُ ضَابِطًا لَأَوَّلِ المَتْنِ فَإِنَّهُ كَذَلِكَ لَنْ يَسْتَطِيعَ تَخْرِيجَ الحَدِيثِ بِوَاسِطَةِ اسْتِعْمَالِ أَوَّلِ مَتْنِ الحَدِيثِ، وَأَنَّ عَدَمَ ضَبْطِ أَوَّلِ المَتْنِ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ عَدَمُ الوُصُولُ إِلَى الحَدِيثِ بِاسْتِخْدَامِ طَرِيقَةِ التَّخْرِيجِ بِأَوَّلِ المَتْنِ، كَذَلِكَ إِذَا كَانَ البَاحِثُ لَا يَحْسُنُ تَصْرِيفَ الكَلِمَةِ منْ حَيْثُ اللُّغَة وَهَذَا أَمَرٌ تعتمدُ عَلَيْهِ الكُتُبُ الَّتِي صُنِّفَتْ فِي تَخْرِيجِ الحَدِيثِ بِاسْتِعْمَالِ أَحَد أَلفَاظِهِ فَإِنَّهَا تَعْتَمِدُ اعْتِمَادًا كُلِيًا عَلَى تَصَارِيفِ الكَلِمَةِ إِعَادَةُ الكَلِمَةِ إِلَى أَصِلِهَا اللُّغَويُ وَمَا يَتَصَرَّفُ عَنْهَا فَمَنْ لَا يَحْسُنُ تَصْرِيفَ الكَلِمَةِ وَإِعَادَتِهَا إِلَى أَصْلِهَا اللُّغَويُ فَإِنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ اسْتِعْمَال مَثَّل «المُعْجَمُ المُفَهْرسُ بِأَلفَاظِ الحَدِيثِ».
إذًا، إِذَا كَانَ البَاحِثُ لَا يُمْكِنَُهُ اسْتِعْمَالَ طُرُقِ التَّخْرِيجِ الأُخْرَى فَلَيْسَ أَمَامَهُ إِلَا أَنْ يَلْجَأَ إِلَى تَخْرِيجِ الحَدِيثِ بِوَاسِطَةِ مَوْضُوعِهِ أَوْ مَعْنَاهُ، طَبْعًا نَغْفَلُ هُنَا اسْتِعْمَالَ الحَاسِبِ الآَلِي أَوْ بَرَامِجِ الحَاسِبِ الآَلِيِ.
الحَالَةُ الثَّالِثَةُ: الَّتِي يَلْجَأُ فِيهَا البَاحِثُ إِلَى اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ إِذَا أَرَادَ جَمَعَ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي بَابٍ مُعَينٍ، لِنَفْرِضُ أَنَّكَ تُرِيدُ أَنْ تَجْمَعَ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ فِي صِفَةِ وَضَوْءِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ فِي صِفَةِ صَلَاتَِِهِ عَلَيْهِ الصّلاةُ وَالسَّلَامُ وَنَحْوِ ذَلِكَ فهُنَا سَتَحْتَاجُ إِلَى مَوْضُوعِ الحديثِ، أَوْ تُرِيدُ أَنْ تَجْمَعَ ما جَاءَ عنِ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمُ فِي ذكرِ أَحْوَالِ القِيَامَةِ أَو إِذَا أَرَدْتَ مَثَلًا أَنْ تَجْمَعَ ما جَاءَ عن النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمُ فِي رُؤْيَةِ البَارِي جَلَّ وَعَلَا هُنَا أَنَتَ تَحْتَاجُ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ؛ لِأَنَّكَ تَنْظُرُ إِلَى المَوْضُوعِ. هَذِهِ الأَحْوَال الَّتِي يَلْجَأُ فِيهَا البَاحِثُ إِلَى اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ.
النُّقْطَةُ الثَّانِيَةُ:
فِي بَيانِ أَهْمِيةِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَمَزَايَاهَا وَبَعْضُ المَآَخِذِ الَّتِي عَلَيْهَا:
فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ تَعْتَبِر مُهِمَةٌ جِدًّا إِذَ يَدْخُلُ تَحْتَ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ جُمْلَةٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا مِنْ كَتَبِ السُّنَّةِ المُرَتَبَةِ عَلَى الأَبْوَابِ، وَلِهَذَا تَمْتَازُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ بِمَا يَلِي:
أَوَلًا: لَا يَحْتَاجُ المُخرِّجُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِهَا أَو اسْتِخْدَامِهَا إِلَا إِلَى مَعْنَى الحَدِيثِ وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى لَفَظَهِ مِنْ حَيْثُ التَّأَكُدِ مِن أَوَّلِ مَتْنِهِ مَثَلًا، وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى رَاوِيهِ الأَعَلَى وَلَا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَحْسُنَ تَصْرِيفِ الكَلِمَةِ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ هُوَ يَحْتَاجُ فَقَط إِلَى مَعْنَى الحَدِيثِ، سَوَاء المَعْنَى العَام الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ الحَدِيثِ أَو المَعَانِي الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا هَذَا الحَدِيثُ إِذَا كَانَ قَد اشْتَمَلَ عَلَى مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
الأَمْرُ الثَّانِي الَّذِي تَتَمْيزُ بِهَا هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَيْضًا: أَنَّهَا تُرَبِي فِي المُخرِّجِ الَّذِي يُكَثِّرُ فِي اسْتِعْمَالِهَا مَلَكَةٌ فِي فَقِّهِّ الحَدِيثِ وَاسْتِنْبَاطِ مَعْانِيهِ؛ لَأَنَّهُ أَوَلًَا يُحْاولُ أَنْ يَسْتَنْبِطَ مِنْ هَذِهِ الأَحَادِيثِ أَوْ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ الَّذِي يُرِيدُ تَخْرِيجَهُ مَعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ حَتَّى يُمْكِنَ أَنْ يَتَوافَقَ وَصَاحِبِ الكِتَابِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُخَرِّجَ مِنْهُ فِي أَحَدِ هَذِهِ المَعَانِي المُسْتَنْبَطةِ الَّتِي قَدْ يَكُونُ هَذَا المَعْنَى هُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ صَاحَبُ الكِتَابِ فَأَخْرَجَ الحديثَ تَحْتَهُ كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ بِالأَمْثِلَةِ.
الأَمْرُ الثَّالِثُ مِمَّا تَتَمَّيزُ بِهِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَيْضًا: أَنَّ المُخرِّجَ يُمْكِنَه بِوَاسِطَتِهَا أَنْ يَقِفَ عَلَى أَحَادِيثِ بَابٍ مَعِينٍ أَوْ مَوْضُوعٍ مَعِينٍ، مِمَّا يُمْكِنَه مِن الوُصُولِ إِلَى حَكَمٍ شَرْعِيٍ مِدْعَم بأدلةٍ مُتَوَافِرةٍ وَلَا شَكَّ أَنَّ الأَحْكَامَ الشَّرِعِيِةَ تَتَفَاوَتُ فَلَيْسَ حَكَمُ الصّلاةِ مَثَلًا، الَّتِي أَبْدَى الشَّارِعُ فِيهَا وَأَعَادَ كَحُكْمِ إِمَاطَةُ الأَذَى عَن الطَّرِيقِ فالبَاحِثُ الَّذِي يَجْمَعُ مَوْضُوعًا مَعِينًا تَوافَرَتْ عَلَيْهِ الأَدِلَّة لَا شَكَّ أَنْ هَذَا الحَكَمُ سَيَكُونُ مُدَعْمًا بِأَدِلةٍ مُتَوافْرِةٍ.
الأَمْرُ الرَّابِعُ الَّذِي تَتَمَّيزُ بِهِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: أَنَّهَا تُمَكِنُ المُحدِّثَ مِن إِزَالَةِ كَثِيرٍ مِن المُشْكِلَاتِ الَّتِي قَدْ تَكُونُ فِي بَعْضِ الأَحَادِيثِ؛ لَأَنَّ الحَدِيثَ يُبِينُ بَعْضَهُ بَعْضًا فَمَا جَاءَ فِي بَعْضِ أَلفَاظِ الحَدِيثِ مُشْكِلًا تَبَيَّنَه رِوَايَة أُخْرَى، وَهَذِه الطَّرِيقَةُ اعْتَمَدَ عَلَيْهَا كَثِيرٌ مِن أَهَلِ العَلَمِ وَمَن أَبْرَزِ مَن اعْتَمَدَ مَثَّل هَذَا الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «فَتْحِ البَارِي» وَمَنْ يَقْرَأْ فِي هَذَا الكِتَابِ يَجِدُ أَنَّ ابنَ حَجَر يَعْتَمِدُ كَثِيرًا عَلَى بَيانِ الحَدِيثِ بَعْضَه لِبَعْضٍ فَمَا يَأْتِي مُشْكِلًا فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ تَبَيَّنَه رِوَايَة أُخْرَى، كَذَلِكَ بَيانُ المُهْمَلَاتِ الَّتِي تَقَعُ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ وَأَسْبَابُ وُرُودِ الحَدِيثِ وَهُوَ السَّبَبُ الَّذِي لأجلِهِ قَالَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الحَدِيثَ، هَذَا تَعْريفُهُ عِنْدَ أَهَلِ هَذَا الفَنُِّ سَبَب وُرُودِ الحَدِيث هُوَ السَّبَبُ الَّذِي لأجلِهِ قَالَ النَّبِيُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الحديثَ -يَعْني مَا الَّذِي حَمَلَه صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّم عَلَى أَنْ يَقولَ هَذَا الحَدِيثَ- وَكَذَلِكَ أَسْبَابُ إيرادِهِ وَهَذِه تَتَعَلَّقُ بالصَّحَابِيُ أَوْ مَنْ دُونَهِ -يَعْني لِمَاذَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ هَذَا الحديث أَوْ من دُونَهِ من الرُّوَاةِ وَنَحْو ذَلِكَ مِنَ الفَوَائِدِ الحَدِيثيةِ المُهِمَّةِ- هَذِهِ بَعْض مَزَايَا هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ عَلَيْهَا بَعْضُ المَآخِذِ.
مِنَ المَآخِذِ المُهِمَّةِ الَّتِي عَلَيْهَا:
الأَوَّلُ: أَنَّهُ قَدْ يَخْفَى مَعْنَى الحَدِيثِ عَلَى المُخرِّجِ، فَعِنْد ذَلِك لَا يُمْكِنَه تَخْرِيجَ الحَدِيث بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.
الثَّانِي: هَذِهِ الطَّرِيقَةُ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ تَعْتَمِدُ الكُتُبُ المُرَتَبَةُ عَلَى الأَبْوَابِ، وَمَا يَضَعَه صَاحَبُ الكِتَابِ من التَّبْويبِِ اجْتِهَادًا مِنْهُ فِي فَهُمِ الحَدِيثِ، لَيْسَ التَّبْويبُ الَّذِي يَذْكُرُهُ صَاحَبُ الكِتَابِ مِنْ جُمْلَةِ النَّصِّ إِنَّمَا هُوَ فَهْمُهُ لَهَذَا الحَدِيثِ فَيُبوبُ عَلَيْهِ وَيُورِدُ تَحْتَهُ هَذَا الحَدِيثِ.
وَمَا يَسْتَنبِطُهُ المُؤلِفُ مِنْ مُعَانِ الحَدِيثِ قَدْ لَا يَتَّفِقُ مَعَ مَا يَفْهَمُه المُخرِّجُ مِنَ الحَدِيثِ وَهَذَا لَا يُمْكِنَه أَنْ يَهْتَدِيَ لَلْمَوْضِعِ الَّذِي خرَّجَ صَاحَبُ الكِتَابِ هَذَا الحَدِيثِ فِيهِ فَعَدَمُ التَّوافِقِ فِي فَهُمِ الحَدِيثِ بَيْنَ المُخرِّجِ وَبَيْنَ صَاحَبِ الكِتَابِ يَنْبَنِي عَلَيْهِ خَفَاءُ مَوْضِع الحَدِيثِ فِي الكِتَابِ الَّذِي تَبْحَثُ فِيهِ هَذَا إِنْ كَانَ المُؤلِفُ قَدَ أَخَرَجَ الحَدِيثَ فِيهِ.
مِمَّا يُؤَخَّذُ أَيْضًا عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّهَا تَحْتَاجُ إِلَى تَأْمُلٍ وَتَأنِي عِنْدَ النَّظَرِ فِي مَعْنَى الحَدِيثِ وَكَذَلِكَ تَحْتَاجُ إِلَى تَأنٍ عِنْدَ الكَشْفِ عَنْهُ فِي الكِتَابِ الَّذِي تَبْحَثُ فِيهِ وَهَذَا لَاشَكَّ أَنَّهُ يَسْتَغْرِقُ وَقْتًا وَلِهَذَا نَجِدُ أَنْ كَثِيرًا مِنْ طَلَبَةِ العَلَمِ حَتَّى المُخْتَصِينَ بِالسُّنَّةِ يَضْرِبُونَ عَنِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَحْيَانِ لِمَا تَحْتَاجُ إِلَيْه مِنَ الوَقْتِ وَأَصْبَحَ كَثِيرٌ مِنْ طَلَبَتِ العَلَمِ يَلْجَئونَ إِلَى اسْتِعْمَالِ بَرَامِج الحَاسِبِ الآَلِي.
النُّقْطَةُ الثَّالِثَةُ: فِي أَنْوَاعِ المُؤلَفَاتِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِخْدَامُهَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ، أَذَكَرُ شَيْئًا قَلِيلًا عَن التَّصْنِيفِ عِنْدَ أَهَلِ الحديثِ، التَّصْنِيفُ عِنْدَ أَهَلِ الحَدِيث يَخْتَلِفُ وَيَتَنْوعُ إِلَى أَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَهُنَاكَ ما يُسَمِّيهِ أَهَلُ الحَدِيثِ بِالجَوَامِعِ، وَهُنَاكَ مَا يُسَمَّى بِالسُّنَنِ، وَهُنَاكَ مَا يُسَمَّى بَالمُصَنَّفَاتِ، وَالمَسَانَيدِ وَالمَعَاجِمِ وَالأَجْزَاءِ الحَدِيثيةِ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ هَذِهِ المُصَنَّفَاتِ شَرَطٌ يَخُصُّه عِنْدَه فَلِلجَامِعِ شَرَط يَخُصُّه وَلِلكِتَابِ المُسَمَّى بِالسُّنَنِ شَرَط يَخُصُّه وَمِنَ أَحَسَنِ الكُتُبِ الَّتِي اخْتَصَّتْ بِجَمْعِ أَنْوَاعِ التَّصْنِيفِ عِنْدَ أَهَلِ الحَدِيثِ مَعَ التَمْثِيلِ بجُمَلةٍ صَالِحَةٍ وَهوَ كِتَابٌ أَنْصَحُ أَنْ يَكُونَ فِي مَكْتَبةِ كُلِ طَالبِ عَلَّمٍ فَضْلًا عَمَّن يُرِيدُ الاخْتِصَاصَ بِدِرَاسِةِ السُّنَّةِ هُوَ كِتَاب الكِتْانِي: «الرِّسَالَةُ المُسْتَطرَفةُ فِي بَيانِ مَشْهُورِ كُتُبِ السُّنَّةِ المُشْرِفَة» لِمُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَر الكِتْانِي، فَمَن أَنْوَاعِ الكُتُبِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِعْمَالِهَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَفِي الجُمْلَةِ فَكُلُ كِتَابٍ مرتبٍ عَلَى الأَبْوَابِ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُه فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ وَبِالتَّفْصِيلِ مِنَ أَنْوَاعِ الكُتُبِ.
أَوْلًا: الجَوَامِعُ
وَالجَامِعُ عِنْدَ أَهَلِ الحَدِيث هُوَ الكِتَابُ الَّذِي اشْتَمَلَ عَلَى أُكَثِّرِ أَبْوَابِ الدِّينِ فَإِذَا اشْتَمَلَ عَلَى أَبْوَابِ الإِيمَانِ وَالعِبَادَاتِ بِأَنُواعِهَا وَالمُعَامَلَاتِ وَالفَضَائلِ وَالسِّيَرِ وَالتَّوحِيدِ وَسِيرَةِ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَفَضَائلِهِ وَفَضَائِلِ أَصْحَابِهِ هَذَا الكِتَابِ وَالفِتَن أَجَارَنَا اللهُ وَإِيَّاكُم إِذَا اشْتَمَلَ هَذَا الكِتَابُ عَلَى جُمْلَةِ أَبْوَابِ الدِّينِ يُسَمَّى عِنْدَهُم بِالجَامِعِ وَمَن أَمْثِلةِ هَذَا النَّوْعُ: «جَامَعُ الإِمَامُ البُخَارِي رَحِمَهُ اللهُ» سَيَأْتِي الكَلَامُ عَلَيْهِ، وَ «جَامَعُ الإِمَامِ مُسْلِمٍ» وَ «جَامَعُ الإِمَامِ التِّرْمِذِيّ» وَهُوَ مِنَ الجَوَامِع لَا مِنَ السُّنَن وَإِنَّمَا يُسَمَّى بِالسُّنَنِ إِذَا أُضِيفَ مَعَ السُّنَنِ الثَّلَاثَة «سُنَنِ أَبِي دَاودَ» وَالنَّسائِي وَابْنِ مَاجَة سُمِّي بِالسُّنَنِ تغليبًا وَإِلَّا هُوَ مِنْ كُتُبِ الجَوَامِعِ لَا مِنْ كُتُبِ السُّنَنِ، كَذَلِكَ كِتَابُ الإِمَامِ ابنِ خُزَيْمَةَ هُوَ مِنَ الجَوَامِعِ.
النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ أَنْوَاعِ الكُتُبِ: هِي السُّنَن، وَالسُّنَنُ هِي الكُتُبُ الَّتِي تَعْتَنِي بِجَمْعِ أَحَادِيثِ الأَحْكَام، -يَعْني الأَحَادِيث الَّتِي يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكَمٌ- وَلِهَذَا لَا نَجِدُ فِي كُتُبِ السُّنَنِ مَا يَتَعَلَّقُ بَالفَضَائلِ وَلَا بِتَفْسِيرِ القُرْآنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَمَنَ الأمثلةِ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا النَّوْعِ «سُنَنِ أبِي دَاودَ» وَالنَّسَائي «الصُّغْرَى» المَعْرُوفةُ بـ «المُجْتَبَى» أَمَّا السُّنَنُ الكُبْرَى فَهِي عَلَى شَرَطِ الجَوَامِع، كَذَلِكَ «سُنَنِ ابْنِ مَاجَةَ» وَالدَّارَقُطْنِي وَالبِّيهَقِي سَوَاء «السُّنَنُ الكُبْرَى» أَوْ «الصُّغْرَى» هَذَا النَّوْعُ الثَّانِي مِنَ الكُتُبِ الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِعْمَالِهَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ كُتُبِ السُّنَنِ.
النَّوْعُ الثَّالِثُ: المُصَنَّفَاتُ يَنْتَبِهُ إِلَى أَنَّ كُتُبِ السُّنَنِ يُجْرَدُ فِيهَا الحَدِيثُ المَرْفُوعُ إِلَى النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَقَط فَلَا نَجِدُ فِيهَا مَا يَتَعَلَّقُ بِآثَارِ الصَّحَابَةِ إِلَا أَنْ يَذَّكَّرَ اسْتِطْرَادًا لَكْنَّهَا فِي الأَصْل مُصَنَّفَةٌ لِتَجْرِيدِ الحَدِيثِ المَرْفُوعِ إِلَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم إِذَا كَان يَنْبَنِي عَلَيْهِ حُكُمٌ وَهَذَا الفَرَقُ بَيْنهُ وَبَيْنَ النَّوْعِ التَّالِي: المُصَنَّفَاتُ.
فَالمُصَنَّفَاتُ هِيَ كَالسُّنَنِ لَكِنَّهُم يَتَوسَعُونَ فِيهَا فَيَدْخُلُونَ فِيهَا مَا جَاءَ عَنِ أَصَحَابِ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وَمَنْ بَعْدَهُم مِنَ التَّابِعِينَُ وَمَنْ دُونَهُم إِلَى زَمَن المُؤلِفِ فَيُوردُ فِيهَا المُؤلفُ المَرْفُوعَ إِلَى النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم مَعَ فَتَاوَى الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَتَابِعِِيهِم إِلَى عَصْرِه هُوَ، وَمَنَ الأَمْثِلَةِ عَلَى هَذَا النَّوْعُ«مُصَنَّف عَبْدِ الرَّزَاقِ بْنِ هَمَّام الصَّنْعَانِيّ» وَ «مُصَنَّف أَبِي بَكْرِ عَبْدُ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ العَبْسِيّ الكُوفِيّ».
النَّوْعُ الرَّابِعُ مِنَ الكُتُبِ: المُوطَآتُ، مَثَّل «مُوطأُ الإِمَامِ مَالَكِ بْنِ أَنسٍ»، وَ «مُوطأُ عَبْدِ اللهِ بْنِ وَهَبٍ».
النَّوْعُ الخَامِسُ: كَتَبُ الزَّوَائِدِ، مَثَّل «مَجْمَعُ الزَّوَائِدِ» وَ «كَشْفُ الأَسْتَارِِ» وَ «مَوَاردُ الظَّمْآن» وَكُلُّهَا لِلهَيْثَمِي.الهَيْثَمِي بِالثَّاءِ، وَمِنْهُ أَيْضًا مِنْ هَذَا النَّوْعُ جَمْعُ الفَوَائِدِ مِنْ جَامَعِ الأُصُولِ وَ «مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ» للِمَغْرِبِي، وَهَذَا الكِتَاب أَيْضًا كُل هَذِهِ الكُتُب مَطْبُوعَةٌ كَذَلِكَ «جَمَع الفَوَائِد مِنْ جَامَعِ الأُصُولِ وَمُجَمِّعِ الزَّوَائِدِ» أَيْضًا مَطْبُوعٌ فِي ثَلَاثَةِ أَجْزَاءٍ.
النَّوْعُ السَّادِسُ من الكُتُبِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ: الكُتُبُ الَّتِي أُعِيدَ تَرْتِيبُ أَحَادِيثَها عَلَى الأَبْوَابِ، مَثَّل كِتَابُ «الإِحْسَان» لَابْن بِلْبَان وَهُوَ تَرْتِيبٌ لِكِتَاب ابْنِ حَبَّانَ التَّقَاسَيمُ وَالأَنَّوْاعُ، فَكِتَابُ ابْنُ حَبَّانَ فِي الأَصْلِ صَنْفَهُ ابْنُ حَبَّانَ عَلَى طَرِيقَةٍ مبتكرةٍ لَم يُسْبَق إِلَيْهَا وَسَمَّاه بِالتَّقَاسَيمِ وَالأَنَّوْاعِ، وَالوُصُولُ إِلَى الحَدِيث فِي الكِتَابِ الأَصْلِ فِيهِ عُسْر وَلِهَذَا أَعَاد ابن بِلْبَان تَرْتِيبَ أَحَادِيثِ هَذَا الكِتَاب عَلَى الأَبْوَاب وَسَمَّاه: «الإِحْسَان» وَهُوَ المَطْبُوعُ المُتَدَاوَلَ بَيْن أَيْدِي طَلَبِةِ العَلَم مُنْذُ زَمَنٍ، وَمِنْهُ أَيْضًا تَرْتِيب «مُسْنَدِ الشَّافِعَيّ» للسِنْدِي وَ «مِنْحَةُ المَعْبٌودِ فِي تَرْتِيبِ مُسْنَدِ أبِي دَاودَ» وَهُوَ أَبُو دَاودَ الطَّيَالِسِيُّ، وَ «الفَتْحُ الرَّبَّانِيُّ فِي تَرْتِيبِ مُسْنَدِ الإِمَامِ أبي عَبْدِ اللهِ أَحَمَد بن حَنْبَل الشَّيْبَانِي» وَكِلَاهُمَا للبنا، وَمَن هَذَا أَيْضًا «المحصلُ فِي تَرْتِيبِ مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحَمَد» للقرعاوي، وَغَيْر ذَلِك.
هُنَاكَ كُتُبٌ مُتَعَدِّدَةٍ هِي فِي الأَصْلِ لَيْسَت مَرْتَبَةٌ عَلَى الأَبْوَابِ اجْتَهَدَ بَعْضُ أَهَلِ العَلَمِ فِي إِعَادَةِ ترتِيبها عَلَى الأَبْوَاب كالأمثلةِ الَّتِي ذَكَرْتُهَا قَبَّل قَلِيل.
النوعُ السَّابِعُ من الكُتُبِ الَّتِي تَدْخُلُ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ: هِي الكُتُبُ الَّتِي تَجْمَعُ أَحَادِيثَ أُكَثِّرَ من كِتَابٍ مَثَّل: «جَامَع الأُصُول» لَابْن الأثيرِ، وَسَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ الكَلَامُ عَلَيْهِ تفصيلًا، وَ «كَنَز العَمَّال» للمتقي الهِنْدِيّ، ف «جَامَع الأُصُول» تَرْتِيب لِأَحَادِيث الكُتُب السِّتَّة كَمَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُه، وَ «كَنَز العَمَّال» تَرْتِيبٌ لِكِتَابِ السَّيُوطِي «الجَامِع الكَبِير» عَلَى الأَبْوَاب، فَكِتَابُ «الجَامِع الكَبِير» لَعَلَّه سَبَقَت الإِشَارَة إِلَيْه، هُوَ كِتَاب يَنْقَسِم إِلَى قِسْمَينِ قَسَّمٌ رتبَ فِيه السَّيُوطِيُ الأَحَادِيثَ عَلَى أَوَائِلِ المُتُونِ، وَالقِسْمُ الثَّانِي أَعَاد فِيه تَرْتِيب نَفَس الأَحَادِيث لَكِن عَلَى مسانيدِ الصَّحَابَةِ فَجَاءَ المُتَقِي الهِنْدِيّ وَرَتَبَ أَحَادِيثَ هَذَا الكِتَابِ «الجَامِع الكَبِير» رتبَهُ عَلَى الأَبْوَابِ،
النَّوْعُ الثَّامِنُ الَّذِي يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُه فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ: الكُتُبُ الَّتِي أَفْرَدْت فِي بابٍ مَعِينٍ مَثَّل كُتُبُ الزُّهْدِ كـ «الزُّهْد» لِهَنَّادِ بْنِ السَّرِيّ وَ «الزُّهْد» لِوَكِيع بن الجِرَاح، وَقَبْلَهُمَا «الزُّهْد» لَعَبْد اللّه بن المَبَارَك، وَ «الزُّهْد» لِلْإِمَام أَحَمَد، وَ «الزُّهْد» لَأَبِي دَاود السِّجِسْتَانِيّ صَاحَبُ السُّنَنِ إِلَى غَيْر ذَلِك أَيْضًا كُتُبُ الإِيمَان، مَثَّل كِتَاب «الإِيمَان» لَابْن أبي شيبة كِتَاب «الإِيمَان» لَأَبِي عَبَيْد القَاسِم بن سَلَام، كَذَلِكَ كُتُبُ الشَّمَائِل وَالفَّضَائِل تَدْخُل أَيْضًا أَوْ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالِهَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ.
النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالأَخِيرُ: كُتُبُ الفُنُونِ الأُخْرَى الَّتِي تَرْوِي بِالإِسْنَادِ، كَالكُتُبِ المُصَنَّفَةِ فِي التَّفْسِيرِ لَكِن يَرْوِي صَاحِبَهَا الحَدِيث الَّذِي يُرِيدُه بإسنادِهِ إِلَى النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كـ «جَامَع البَيَان» لِلطَبَري وَ «تَفْسِير القُرْآن العَظِيم» لَابْن أبي حَاتِم الرَّازِيّ وَنَحْو ذَلِك كَذَلِكَ كُتُبُ الفِقْه الَّتِي تَرْوِي بِالإِسْنَادِ كَكِتَابِ «الأَوْسَط» لَابْن المُنْذِر مَثَلًا كَذَلِكَ كُتُبُ الأُصُولِ وَالعَقَائِدِ مَثْلَ « السُّنَّةِ » لَعَبْد اللّه بن الإِمَام أَحَمَد، «السُّنَّةِ» لَابْن أَبِي عَاصِمٍ، «شَرْحُ أَصُولِ الاعْتِقَادِ» لِلالكَائِي وَنَحْو هَذِهِ الكُتُب «الشَّرِيعَة» لِلأَجُرِي، وَنَحْو هَذِهِ الكُتُبُ الَّتِي يَرْوِي فِيهَا أَصْحَابُهَا الحَدِيث بِإِسْنَادِهِم عَنِ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فَتُعْتَبَرُ كُتُبٌ أَصَلَّيْت يُمْكِنُ التَّخْرِيجُ مِنها، مَصَادِر أَصَلِية.
فَيُلاحَظُ مِمَّا تَقَدَّم أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ يَدْخُلُ تَحْتَهَا جُمْلَةٌ وَافِرةٌ مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ فَنَحْنُ عَدَدُنَا أَنْواعًا، فَإِذَا نَظَرَتَ إِلَى أَفْرَادِ المُؤلَفَاتِ فِي كُلِ نَوْعٍ مِنَ الأَنْوَاعِ السَّابِقَةِ سَتَجِدُ كَمًَا كَبِيرًا من كُتُبِ السُّنَّةِ، بَعْضَهَا خُدِمَ من خِلَال إِدْخَالِهِ فِي بَعْضِ الكُتُبِ الَّتِي صُنِّفَتْ عَلَى بَعْضِ طُرُقِ التَّخْرِيجِ، التَّخْرِيجُ بِأَوَّلِ المَتْن أَوِ التَّخْرِيجُ بِاسْتِعْمَالِ الرَّاوِي الأَعَلَى كَمَا سَيَأْتِيكُم إِنْ شَاءَ اللهُ فِي كِتَابِ «تُحْفَة الأَشْرَاف» وَ«إِتْحَافُ الخِيَرَة» لَابْن حَجَر وَنَحْو ذَلِك، فَإِهْمَالُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ وَعَدَمُ العِنَايَةِ بِهَا يُفُّوتُ قَدَرًا كَبِيرًا مِنَ الكُتُبِ المُصَنَّفَةِ فِي السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ.
النُّقْطَةُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ خُطُوَاتُ التَّخْرِيجِ العَامَّةِ بِاسْتِعْمَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ: هُنَاكَ خُطُوَاتٌ عَامَّةٌ تَنْطَبِقُ عَلَى أَي كِتَابٍ من الكُتُبِ الَّتِي تَدْخُلُ تَحْت هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ أَوْ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالِهَا فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ، قَبَّلَ أَنْ نَذْكُرَ الخُطُواتِ العَامَّةَ هَذِهِ، أُنَبِّهُ عَلَى أَمْرَيْن يَنْبَغِي أَنْ يرَُاعِيهَا البَاحِثُ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ:
الأمرُ الأَولُ: أَنَّ بَعْض الأَبْوَابِ يَحْصُلُ فِي تَسْمِيتِهَا تَرَادُفٌ، عِنْدَ بَعْض الأَئِمَّةِ فَمَثَلًا كِتَابُ الحَجِّ يُسَمِّيه بَعْضُ الأَئِمَّةِ كِتَابَ المَنَاسِكِ هَذَا التَّرَادُفُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي ذِهْنِِ البَاحِثِ عِنْدَ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، كِتَابُ الزُّهْدِ يُسَمِّيه بَعْضُ الأَئِمَّةِ بِالرِقَاقِ كَمَا صَنَعَ الإِمَامُ البُخَارِيُّ رَحِمَه اللهُ فِي «الصَّحِيح» كِتَابُ الدِّيَاتِ يُسَمِّيه بَعْضُ الأَئِمَّةِ بِالعُقُولِ، وَنَحْو ذَلِكَ هَذَا التَّرَادُفُ فِي التَّسْمِيَةِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَبِه إِلَيْهِ مَنْ يَسْتَعْمِلُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ.
الأَمرُ الثَّانِي الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُرَاعَىَ: أَنَّ بَعْضَ المُصَنِّفِينَ قَد يَرَى تَعْلُقَ بَعْضِ الأَبْوَابِ بِكِتَابٍ مَعِينٍ فَلَا يُفْرِدُهَا بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ، بَيْنَمَا قَد يُفْرِدُهَا آخَرُونَ بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ فَمَثَلًا: الوَصَايَا. بَعْضُ الأَئِمَّةِ يُفْرِدُونَهَا بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ، كِتَاب الوَصَايَا، وَبَعْضُ الأَئِمَّةِ يُلحقُونهَََا بِكِتَابِ الجَنَائِز لِلْارْتِبَاط بَيْن الوَصِيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِالمَوْتِ وَأَحْكَامِهِ. كِتَابُ الِاسْتِئْذَانِ يُفْردُهُ بَعْضُ الأَئِمَّةِ وَبَعْضَُهُم يُلْحِقُُهُ بِكِتَابِ الأَدَبِ. فَضَائِلُ الحَجِّ قَد يُفْرِدُهَا بَعْضُ الأَئِمَّةِ بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ وَبَعْضُ الأَئِمَّةِ يُلحقُونهَََا بِكُتُبِ الحَجِّ فَلَا تَفَرَّد بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُرَاعِي البَاحِثُ هَذَيْن الأَمْرَيْن: مَوْضُوع التَّرَادُفِ فِي التَّسْمِيَةِ. وَالأَمَر الثَّانِي أَنَّ بَعْضَ الأَئِمَّةِ قَد يُفْرَد بَعْض الأَبْوَاب بِكِتَابِ مُسْتَقِلّ وَبَعْضَهُم يُلْحِقُها بِكِتَابٍ آخَرٍ، لِمَا يَرَى مِنَ الِارْتِبَاط الوَثِيقِ بَيْن هَذِهِ الأَبْوَابِ وَبَيْنَ هَذَا الكِتَابِ الَّذِي عَقَدَه مَثَلًا كَالأَمْثِلةِ الَّتِي تَقَدَّمْت.
أَمَّا الخُطُواتِ العَامَّة فَهِي كَمَا يَلِي:
أَولًا: تَأْمَّل مَعْنَى الحَدِيث الَّذِي تُرِيدُ تَخْريجَهُ بِتَأنٍ وَحَاولَ أَنْ تَسْتَنْبِطَ مَعْنَاه العَام الَّذِي يَدُورُ عَلَيْهِ الحديثُ، أَوِ المَعَانِي الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الحَدِيث إِذَا كَان قَد اشْتَمَلَ عَلَى مُعَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ.
ثَانيًا: تَأْمَّل أَسْماءَ الكُتُبِ الَّتِي وَضَعَهَا صَاحَبُ الكِتَابِ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تخرِّجَ مِنْهُ وَأْي هَذِهِ الكُتُب يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ تَحْتَهَا الحَدِيث بِنَاءً عَلَى المَعَانِي الَّتِي اسْتَنْبطَهَا أَنَتَ فِي الخَطْوَةِ الأُولَى.
ثَالِثًا: عِنْدَ تَحْدِيدِ اسْم الكِتَابِ أَوِ الكُتُب انْظُرْ فِي أَبْوَابُهَا، وَتَأمَّلَهَا لِتَعْرِِفَ أَقْرَبَ هَذِهِ الأَبْوَابِ لِمَعَانِيِ الحَدِيثِ الَّتِي اسْتَنْبطَهَا أَنَتَ.
الخُطْوِةُ الرَّابِعَةُ: عِنْدَ تَحْدِيدِ الأَبْوَابِ اقْرَأْ مَا تَحْتَ كُلِ بابٍ مِنَ الأَحَادِيثِ حَتَّى تَقِفَ عَلَى الحَدِيثِ الَّذِي تُرِيدُ تَخْرِيجَهُ، أَوِ الَّذِي تَبْحَثُ عَنْه، فَإِنْ لَم تَجِدَْه تَحْتَ هَذَا البَابِ فَحَاولْ مَعَ بَابٍ آخَرٍ أَوْ مَعَ كِتَابٍ آخَرٍ أَوِ انْتَقِلَ إِلَى مُؤْلَفٍ آخَرٍ؛ لَأَنَّه لَيْسَ بِالضَّرُورةِ أَنْ تَجِدَ الحَدِيث مَثَلًا فِي «صَحِيحِ البُخَارِي» لَيْسَ بِالضَّرُورةِ أَنْ تَجِدَه فِي مُسْلِمٍ فَإِذَا لَم تَجِدَه فِي البُخَارِي سَتَنْتَقِلُ إِلَى «صَحِيح مُسْلِمٍ» إِذَا لَم تَجِدَْه فِي «صَحِيح مُسْلِمٍ» سَتَنْتَقِلُ إِلَى «جَامَعِ التِّرْمِذِيِّ» وَهَكَذَا تَنْتَقِلُ من كِتَابٍ إِلَى كِتَابِ حَسَبِ الخُطُواتِ السَّابِقَةِ.
إِذًا الخُطْوَةُ الأُولَى تَأْمُلُ مَعْنَى الحَدِيث أَوِ المَعَانِي الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الحَدِيث إِذَا تَعْدَدَتْ.
ثَانيًا: تَتَأَمَلُ أَسْماءَ الكُتُبِ الرَّئِيسَةِ الَّتِي عَقْدِهَا المُؤلِفُ فِي هَذَا الكِتَابِ الَّذِي تَبْحَثُونَ فِيه وَلْنَفْرِضْ فِي «صَحِيحِ البُخَارِيِّ».
الخُطْوِةُ الثَّالِثَةُ: إِذَا وَقَفَتَ عَلَى كِتَابٍ تَرَى أَنَّ تَسْمِيَتَِه قَرِيبَةٌ من حَيْثُ تَعْلِقِها بِالمَعَانِي الَّتِي اسْتَنْبطَهَا تَنْظُرُ فِيمَا تَحْت هَذَا الكِتَابِ من أَبْوَابٍ، لِتَنْظُرَ أَقْرَبَ هَذِهِ الأَبْوَاب إِلَى المَعَانِي الَّتِي عِنْدك أَوِ الَّتِي اسْتَنْبطَهَا أَنَتَ مِنَ الحَدِيثِ.
الخُطْوِةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا وَقَفَتَ عَلَى بابٍ تَرَى مُنَاسِبتَه لِلمَعَانِيِ الَّتِي اسْتَنْبَطَهَا مِنَ الحَدِيثِ تَقْرَأ ما تَحْت هَذَا البَابِ من الأَحَادِيثِ فَقَد تَقِفُ عَلَى حَدِيثَك إِنْ لَمْ تَقِفْ عَلَيْهِ تَنْتَقِلَ إِلَى بابٍ آخَرٍ أَوِ إِلَى كِتَابٍ آخَرٍ أَوْ تَنْتَقِلُ إِلَى مُؤْلَفٍ آخَرٍ وَتَتْرُكُ هَذَا الكِتَابِ الَّذِي بَيْن يَدَيْك وَلنَفْرِضْ كَـ«صَحِيحِ البُخَارِيِّ».
سَنُمَثلُ بِكِتَابٍ وَاحِدٍ من الكُتُبِ المُصَنَّفَةِ عَلَى الأَبْوَابِ وَهُو «صَحِيح الإِمَامِ البُخَارِيِّ» رَحِمَه اللهُ ثم نَنْتَقِلُ إِلَى كِتِابِينِ مُهِمِّينِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ وَهُو كِتَابُ «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ» وَكِتَابُ «جَامَعِ الأُصُولِ» لَابْنِ الأَثِيرِ.
صَحِيحُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ اسْمُهُ: «الجَامِعُ المُسْندُ الصَّحِيحُ المُخْتَصرُ مِنَ أُمُورِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَنِهِ وَأيَامِهِ».
وَطَرِيقةُ تَخْرِيج الإِمَامِ لِلْحَدِيثِ فِي هذه الكُتُبِ تَنْقَسِمُ إِلَى قَسْمَينِ:
القِسْمُ الأَولُ وَهُو الأَصْلُ: الأَحَادِيثُ الَّتِي يَرْوِيَهَا بإسنادِهِ إِلَى النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا هُوَ الأَصْلُ فِي هَذَا الكِتَابِ.
وَالقِسْمُ الثَّانِيُ ما يَذْكُرَه بِلَا إِسْنَاد وَهو ما تَعَارَفَ أَهَلُ العَلَمِ عَلَى تَسْمِيَتِه بِالمُعَلَقَاتِ، وَهَذِه المُعَلَقَاتُ لَهَا أَقْسَامٌ يُمْكِنُ لَمَنْ شَاءَ لِلفَائِدةِ أَنْ يُرَاجَعَ «مُقَدِّمَةَ فَتْحِ البَارِي» قَدْ فَصَّلَ الحَافِظُ ابنُ حَجَرٍ فِي أَنْوَاعِ المُعَلَقَاتِ عِنْدَ البُخَارِي وَأَفْرَدَ كِتَابًا فِيهَا سَمَّاه: «تَغْلِيقُ التَّعْلِيق» وَهُوَ مَطْبُوعٌ فِي خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ.
أَمَّا طَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ مِنَ «الصَّحِيحِ» بِاسْتِعْمَالِ المَوْضُوعِ فَإِنَّنَا نَتْبَعُ الخُطُواتِ السَّابِقَةَ: وَهِي خُطُوَاتٌ عَامَّةٌ كَمَا تَقَدَّمَ تَنْطَبِقُ عَلَى كُلِ كِتَابٍ مُرَتْبٍ عَلَى الأَبْوَابِ، فَإِذَا وَجَدَتَ الحَدِيثَ فِيه الحَدِيث الَّذِي تَبْحَثُ عَنْه وَجَدَتَ أَنَّ البُخَارِيَ خَرَّجَه فِي «الصَّحِيحِ» فَإِنَّك تَنْقُلُ هَذَا بِالعِبَارةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ عِنْدَ أَهَلِ هَذَا الفَنِ، مَعَ ذكر اسْمِ الكِتَابِ وَالبَابِ وَرَقَمِ الجُزْءِ وَالصَّفْحَةِ وَرَقَمِ الحَدِيثِ. وَالعِبَارةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ هِي كَمَا يَلِي: تَقُولُ: الحَدِيثَ أَخْرَجََهُ البُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ» كِتَابِ كَذَا باب كَذَا ثم تَذْكُرُ الجُزْءَ وَالصَّفْحَةَ وَرقمَ الحَدِيثِ. قَالَ: وَتَنْقلُ الحَدِيث بِإِسْنَادِهِ وَمَتْنِهِ. هَذِهِ العِبَارَةُ الِاصْطِلَاحِيَّةِ الكَامِلَة، يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَصرَ مِنْ هَذَا ذكرِ اسْمِ الكِتَابِ وَاسْمِ البَابِ، هَذَا يُمْكِنُ حَذفُهُ، يُمْكِنُكَ أَيْضًا أَنْ تَحْذَفَ الجُزْءَ وَرقمَ الصَّفْحَةَ تَقْتَصِرُ فَقَط عَلَى رَقْمِ الحَدِيث. تَقُولُ: الحَدِيث أَخْرَجَه البُخَارِيُّ بِرَقمِ كَذَا بِحَسَبِ اصْطِلَاحُك فِي البَحْثِ الَّذِي تكتبُهُ أَوْ بِحَسَبِ طَرِيقَتِكَ أَنَت فِي صَياغَةِ التَّخْرِيجِ لَكِن العِبَارةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ الكَامِلَة وَالَّتِي يَنْصَحُ بِاسْتِخْدَامِها لَاسِيمَا فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ خَاصَّة؛ لِأَنَّهَا المَرَاجِعُ الرَئِيسةُ فِي حَدِيثِ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَاسِيمَا مَعَ اخْتِلَافِ طَبْعَاتِ هَذِهِ الكُتُب حَتَّى يَسْتَفِيدَ الآخَرُونَ من جَهَِدَك فِي تَخْرِيجِ الحَدِيث، فَالأُولَى أَنْ تَذْكُرَ التَّخْرِيجَ بِاسْتِعْمَالِ هَذِهِ العِبَارَةِ الكَامِلَةِ، تَذْكُرُ اسْمَ الكِتَابِ وَاسْمَ البَابِ -يَعْني تَبْويبِ الإِمَام الَّذِي وَضَع الحَدِيث تَحْتَهُ- ثم رَقْمَ الجُزْءِ وَرَقَمَ الصَّفْحَةِ وَرَقَمَ الحَدِيثِ ثم تَنْقُلُ الحَدِيثَ بإسنادِهِ وَمتنِهِ هَذِهِ العِبَارةُ الِاصْطِلَاحِيَّةِ، نَأْخُذُ بَعْضَ الأَمْثِلةِ مِنْ «الصَّحِيحِ»:
المِثَالُ الأَولُ: قَوْلُه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ»( ).
مَا المَعَانِي الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِنْبَاطُهَا مِنْ هَذَا الحديثِ:
 فَضَائِلُ الأَنَصَارِ.
عَلَامَاتُ الإِيمَانِ.
هَذِهِ مَعَانِي يُمْكِنُ أَنْ نُجَمِّلَهَا فِيمَا يَأْتِي:
أَولًا: أَنَّ حَبَّ الأَنَصَارِ عَلَامَةٌ من عَلَامَاتِ الإِيمَانِ، وَبُغْضُ الأَنَصَارِ عَلَامَةٌ من عَلَامَاتِ النِّفَاقِ.
المَعْنَىُ الثَّانِيُ: أَنَّ لِلْإِيمَانِ وَالنِّفَاقِ عَلَامَاتٌ:
المَعْنَىُ الثَّالِثُ: فَضَّلُ الأَنَصَارِ؛ لَأَنَّ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم جَعَلَ حُبُّهُم عَلَامَةَ عَلَى الإِيمَانِ وَبُغْضَُهُم عَلَامَةَ عَلَى النِّفَاقِ.فَهَذَا يَدُلّ عَلَى فَضْلَِهُم.
نَعْرِفُ من خِلَالِ قَرَاءَةِ سَابِقة: أَنَّ كِتَابَ «الصَّحِيحِ» مُرَتبٌ عَلَى أَبْوَابٍ فَالبُخَارِي رَحِمَه الله بَدَأ بِكِتَابِ بَدْءِ الوَحْي إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ثم عَقَدَ كِتَابًا سَمَّاه: كِتَاب الإِيمَانِ ثم بَعْدَه عَقَدَ كِتَابًا سَمَّاه: كِتَاب العَلَمِ ثم عَقَدَ بَعَدَ ذَلِكَ كِتَاب الوَضُوءِ وَهَكَذَا، إِذَا تَبْلُغُ جُمْلَةُ الكُتُبِ الرَّئِيسِةِ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا.
لَاحِظُوا مَثَلًا هَذِهِ أَسْماءُ الكُتُبِ المَوْجُوَدةِ فِي «صَحِيحِ البُخَارِيِّ» أَوَلًَا: كِتَابُ بَدْءُ الوَحْيِ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم كِتَابُ الإِيمَانِ، كِتَابُ العَلَمِ، كِتَابُ الوَضُوءِ، كِتَابُ الغُسْلِ، كِتَابُ الحَيْضِ، كِتَابُ التَّيَمُّمِ إِلَى آخِرَِه، إِذَا تأملْنَا أَسْماءَ هَذِهِ الكُتُبِ إِذَا قَرَأْتَهَا نَجِد أَقْرَبُهَا لِلمَعَانِيِ الَّتِي تَقَدَّمْت كِتَابُ الإِيمَانِ، هُنَاكَ كِتَابٌ سَمَّاه: فَضَائِلُ أَصَحَابُ النَّبِيِ صَلَّى اللّه عَلَيْهِ وَسَلَّم، وَكِتَابًا سَمَّاه: كِتَابُ مَنَاقِبُ الأَنَصَارِ، هَذِهِ أَقْرَبُ هَذِهِ الكُتُب للمعانِ السَّابِقَةِ هَذِهِ الخُطْوِةُ الثَّانِيَة. قُلْنَا أَوَلًَا: الخُطْوِةُ الأُولَى أَنْ تَنْظُرَ فِي مَعْنَى الحَدِيث أَوِ المعانِ الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الحديثُ.
الخُطْوَةُ الثَّانِيَةُ، أَنْ تَتَأمَّلَ أَسْماءَ الكِتَابِ الَّتِي عَقْدَِهَا صَاحَبُ الكِتَابِ، كَمَا هُنَا عِنْدَ الإِمَامِ البُخَارِيِّ، هَذِهِ أَسْماءُ الكُتُبِ المَوْجُوَدةِ فِي «الصَّحِيحِ» وَتَبْلُغ 97 كِتَابًا أَقْرَب هَذِهِ الكُتُب -يَعْني يَطُولُ الوَقْتُ إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَقْرَأَ عَنَاوِينَ كُل هَذِهِ الكُتُبِ كُلَِّهَا-.
فَأَقْرَبُ هَذِهِ الكُتُبُ هِي الكُتُبُ الثَّلَاثَةُ السَّابِقَةُ: كِتَابُ الإِيمَانِ، كِتَابُ فَضَائِلُ أَصَحَابِ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّم، كِتَابُ مَنَاقِبُ الأَنَصَارِ.
الخُطْوِةُ الثَّالِثَةُ كَمَا تَقَدَّمَ: أَنْ نَتَأَمَّلَ ما عَقَدَه الإِمَامُ رَحِمَه اللهُ تَحْت هَذِهِ الكُتُبِ الثَّلَاثَةِ من الأَبْوَابِ، هَذَا الفِهْرِسُ وَضَعَه طَابَعَ الكِتَابِ «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ» كَتَقْرِيبٍ لِلكُتُبِ المَوْجُوَدةِ الكُتُب الرَّئِيسَةِ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، لَكِن ما تَحْت كُل كِتَابٍ من تَبْويبٍ غَيْر مَوْجُودٍ فَيَنْبَغِي أَنَّك تَبْحَثُ فِي كِتَابِ «الصَّحِيحِ» نَفَسَِه، إِذَا تأملْتَ كِتَابَ الإِيمَانِ وَمَا تَحْتَهُ من أَبْوَابِ سَتَجِد أَنَّ الإِمَامَ رَحِمَه اللهُ عَقَدَ بَابًا قَالَ فِيهِ: بابُ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حَبُّ الأَنَصَارِ.
هَلْ هَذَا التَّبْويبُ قَرِيبٌ مِنَ المَعَانِ السَّابِقَةِ أَمْ لَا؟
قَرِيبٌ إِذَا هُوَ مَظِنَّةُ لِوجُودِ الحَدِيثِ تَحْتَهُ.
الخُطْوِةُ الرَّابِعَةُ: أَنْ تَقْرَأَ ما تَحْت هَذَا البَابِ من أَحَادِيثِ، فَإِذَا قَرَأْنَا مَا تَحْت هَذَا البَابِ مِن أَحَادِيثِ نَجِدُ أَنَّه خرَّجَ هَذَا الحَدِيثَ فِي هَذَا البَابِ، فَنَنْقِلُ الحَدِيثَ بِالعِبَارَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ السَّابِقَةِ نَقُولُ: الحَدِيثُ أَخْرَجَه البُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ» كِتَابُ الإِيمَانِ بابُ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حَبُّ الأَنَصَارِ، ثم تَضَعُ الجُزْءَ وَالصَّفْحَةَ وَرَقَمَ الحَدِيث بِحَسَبِ الطَّبْعَةِ الَّتِي أَمَامَك قَد تَكُونُ نُسْخَة «الصَّحِيحِ» الَّتِي تَقْرَأُ فِيهَا لَيْسَت مُقَسَمَةٌ إِلَى أَجْزَاءٍ.
أَنَت بِالخِيَارِ إِمَّا أَنْ تَذْكَُرَ مَعْلُومَاتِ الكِتَابِ أَوَّل وُرُودِهِ فِي البَحْثِ فِي الحَاشِيَةِ أَوْ تُؤَخَّرُ هَذَا كُلَّه إِلَى فِهْرِسِ المَصَادِرِ وَالمَرَاجِعِ إِلَى آخَرِ البَحْثِ. هَذَا يَتَعَلَّقُ بِطَرِيقَةِ كِتَابَةِ البَحْثِ العِلْمِيِ، لَكِن أَقْصُدُ أَنَّهُ يَخْتَصِرُ من ِالعِبَارَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ مَا لَيْسَ أَمَامَك، فَإِذَا كَان نُسْخَة «الصَّحِيحَ» الَّتِي أَمَامَك لَيْسَت مُقَسَمَةٌ إِلَى أَجْزَاءٍ فَتُحْذَفُ رَقْمَ الجُزْءِ تَذْكُرُ رَقْمَ الصَّفْحَةِ وَرَقَمَ الحديثِ، مَثَّل النُّسْخَةُ الَّتِي بَيْن يَدَي بَعْض الأَخَوَانِ الآن فَنَقُولُ الحَدِيث أَخْرَجَه البُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ» كِتَابُ الإِيمَانِ بابُ عَلَامَةُ الإِيمَانِ حَبُّ الأَنَصَارِ ثم تَذْكُرُ الجُزْءَ وَرَقَمَ الصَّفْحَةِ وَرَقَمَ الحَدِيثِ بِحَسَبِ الطَّبْعَةِ الَّتِي أَمَامَك ثم تَقُولُ: قَالَ ... وَتنقلُ الحَدِيث بإسنادِهِ وَمَتنِهِ.
حدثنا مُسْلِمُ بن إِبْرَاهِيم قَالَ حدثنا شُعُبَةٌ عن عبدِ اللهِ بن عبدِ اللهِ بن جَبْر عن أَنس بن مَالَك رَضِي اللّه عَنْه عن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قالَ: «آيَةُ الإِيمَانِ حَبُّ الأَنَصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ».
أحسنتَ جَزَاكَ اللهُ خَيْر.
هَذَا الحَدِيث كَمَا هُوَ أَيْضًا أَمَامَكُم فِي الشاشةِ.
المَوْضِعُ الثَّانِي كِتَابُ فَضَائِلُ أَصَحَابُ النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إِذَا نَظَرْنَا فِيه وَمَا تَحْتَهُ من أَبْوَابٍ نَجِد أَنَّه لَا يُوجَدُ فِي هَذِهِ الأَبْوَابِ ما هُوَ قَرِيب مِنَ المَعَانِ السَّابِقَةِ فَلَا نَجِدُ هَذَا الحَدِيث مَخْرَجًا فِي هَذَا الكِتَابِ.
نَنتَقِلُ إِلَى الكِتَابِ الثَّالِثِ، وَهو كِتَابُ مَنَاقِبُ الأَنَصَارِ فِي كِتَابِ مَنَاقِبُ الأَنَصَارِ نَجِدُ الإِمَامَ رَحِمَه اللهُ عَقَدَ بَابًا قَالَ فِيهِ: بابُ حَبُّ الأَنَصَارِ من الإِيمَانِ، هَذَا التَّبْويبُ مَظِنَّةُ أَوْلَى، إِذَا ما قَرَأْنَا تَحْت هَذَا البَابِ من أَحَادِيثِ سَنَجِدُ الإِمَامَ رَحِمَه اللهُ خَرَجَ هَذَا الحَدِيث أَيْضًا تَحْت هَذَا البَابِ فَنَنقِلُهُ بِالعِبَارَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ السَّابِقَةِ نَقُولُ: أَخْرَجَه الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ» كِتَابُ مَنَاقِبُ الأَنَصَارِ، بابُ حَبُّ الأَنَصَارِ من الإِيمَانِ ثم الجُزْءَ وَالصَّفْحَةَ وَرَقمَ الحَدِيث. قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَبْرٍ عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «آيَةُ الإِيمَانِ حُبُّ الأَنْصَارِ وَآيَةُ النِّفَاقِ بُغْضُ الأَنْصَارِ» جَاءَ لَفَظُ الجَلَّالَةِ فِي أَوَّلِ السَّطْرِ وَبَعْدَِه كَلِمْة عَلَيْهِ، هَذِهِ الطَّرِيقَةُ فِي الكِتَابَةِ نَهَى عَنْهَا أَئِمَّةُ هَذَا الفَنِ، كَذَلِكَ يُلَاحِظ فِي الأَسْمَاءِ المُعَبَّدَةِ: عبدُ اللهِ عبدُ الرَحَّمَنِ نَهَى أَهَلُ هَذَا العَلَم عن أَنْ يَأْتِيَ اسْمُ اللهِ عَزَّ وَجَلَ فِي أَوَّلِ السَّطْرِ، ثم تَأْتِي بَعْدَه كَلَّمَت بن مَثَلًا، فَتَكُونُ العِبَارَةُ كَذَا من أَسْماءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَ بن فُلَان، فَتَوْهَم مَعْنَى فَاحِشًا، فَيَنْبَغِي لِطَالِبِ العَلَمِ عِنْدَ الكِتَابِ أَنْ يَنْتَبِه إِلَى مَثَّل هَذَا، كَذَلِكَ مَثَّل هَذَا الآن وَيَكْثُرُ فِي طَبْعَاتِ الكُتُبِ تَأْتِي عِبِارَةُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بِمِثْلِ هَذِهِ الصُّورَة، لَفَظ الجَلَّالَةِ فِي أَوَّلِ السَّطْرِ وَكَلِمْة عَلَيْهِ بَعْدَهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَكْتُبَ بِمِثْلِ هَذِهِ الصُّورَةِ يُمْكِنُ لَمَن شَاءَ الفَائِدَةَ أَنْ يُرَاجَعَ «مُقَدِّمَةَ ابن الصَّلَاحِ» فِي صِفَةِ كِتَابَةِ الحديثِ.
هَذَا مِثَالٌ لِتَخْرِيجِ الحَدِيث من «الصَّحِيحِ».
قَد يُخرِّجُ الإِمَامُ الحَدِيث الكِتَابَ فِي أُكَثِّرِ من مَوْضِعٍ، فَأَنَت إِذَا كَنَتَ تُرِيدُ مَعْرَفَةَ صِحْتَ الحَدِيث يَكْفِيك العَزْو إِلَى مَوْضِعٍ وَاحِدٍ مِنْ «الصَّحِيحِ» لَكِن عِنْدَمَا تَخْرُجُ تَخْرِيجًا مُوسَعًا لَاسِيمَا فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ أَوْ تَخْرِيجًا مُتَوسِطًا، فَيَنْبَغِي أَنْ تُشِيرَ إِلَى مَوَاضِعِ الحَدِيث الأُخْرَى فَتَقُولُ: أَخْرَجَه فِي كِتَابِ الإِيمَانِ، وَأَخْرَجَه أَيْضًا فِي كِتَابِ فَضَائِلُ أَوْ مَنَاقِبُ الأَنَصَارِ، تَسْتَوْفِي مَوَاضِعَ الحَدِيث فِي «الصَّحِيحِ» تُشِيرُ إِلَيْهَا كُلَّهَا نَعَم حَتَّى فِي البُخَارِيِّ.
نَأَخُذُ مِثَالًا ثَانِيًا: كَتَطْبِيقِ عَلَى «الصَّحِيحِ»: حَدِيثُ: «إِنَّ مِنَ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ»( ).
مَا المَعَانِي الَّتِي يُمْكِنُ اسْتِنْبَاطُهَا مِنْ هَذَا الحَدِيثِ؟
أَشْرَاطُ السَّاعَةِ
رَفْعُ العِلْمِ
الفِتَنُ
كَثْرَةُ النَّسَاءِ وَقُلْتُ الرِّجَالِ
انْتِشَارُ شَرِبُ الخَمَرِ وَظُهُورُ الزِنَا
نَعُودُ إِلَى الخُطْوِةُ الأُولَى، هَذِهِ الخُطْوِةُ الأُولَى: المَعَانِي الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الحديث. الخُطْوِةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ نَتَأَمَّلَ أَسْماءَ الكُتُبِ الَّتِي عَقْدِهَا الإِمَامُ فِي «الصَّحِيحِ».
مَا الكُتُبُ الَّتِي تَنَاسَبُ الإِخْوَانَ الَّذِين أَمَامَهُم....؟
مَا الكُتُبُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ الإِمَامُ هَذَا الحَدِيث تَحْتَهَا بِنَاء عَلَى المَعَانِ السَّابِقَةِ:
كِتَابُ العَلَمِ.
هَلْ فِي «الصَّحِيحِ» كِتَابٌ اسْمَه كِتَابُ أَشْرَاطُ السَّاعَةِ؟
يَنْبَغِي أَنْ تَتَقِيدَ بِعَنَاوينِ الكُتُبِ الَّتِي عَقْدِهَا الإِمَامُ.
تَقَدَمَ كِتَابَ العَلَمِ، الفِتَنِ.
هَذِهِ مِنَ المَآَخِذِ الَّتِي تَقَدَّمْت الإِشَارَةُ إِلَيْهَا أَنَّ هَذِهِ الطَرِيقَةَ تَأْخُذُ وَقْتًا.
الأَشْرِبَة
كِتَابُ النِّكَاحِ
كِتَابُ الحُدُودِ
هَل هُنَاك كِتَابٌ اسْمَه الكَبَائِر فِي «الصَّحِيحِ»؟
كِتَابُ الطَّلَاقِ
إذًا الكُتُبُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَدْخُلَ الحَدِيث تَحْتَهَا بِحَسَبِ المَعَانِي الَّتِي ذَكَرْنَاهَا قَبَّلُ، (كَتَابُ العَلَمِ، كِتَابُ النِّكَاحِ، كِتَابُ الأَشْرِبَةِ، كِتَابُ الفِتَنِ، كِتَابُ الحُدُودِ)، هَذِهِ الكُتُبُ الَّتِي هِي مَظِنَّةُ لَهَذَا الحديثِ.
الخُطْوِةُ الثَّالِثَةُ: كَمَا تَقَدَّمَ أَنْ نَتَأَمَّلَ مَا تَحْت هَذِهِ الكُتُبِ مِنْ تَبْوِيبٍ، نَبْدَأُ مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ نَجِد أَنَّ الإِمَامَ رَحِمَه اللهُ عَقَدَ تَحْتَ هَذَا الكِتَابِ بَابًا قَالَ فِيه: بابُ يَقُلُ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النَّسَاءُ. أَمَّا نُسْخَة «الصَّحِيحِ» كِتَابُ النِّكَاحِ عَقَدَ بَابًا، قَالَ فِيه: بابُ يَقُلُ الرِّجَالُ وَيَكْثُرُ النَّسَاءُ..
نَجِدُ أَنْ هَذَا البَابَ مَظِنَّةُ لِوجودِ الحَدِيث كَمَا تَقَدَّم بِنَاء عَلَى المعانِ السَّابِقَةِ فَنَقْرَأ ما تَحْت هَذَا البَاب من أَحَادِيثٍ. نَجِد أَنَّ الإِمَام خَرَّجَ هَذَا الحَدِيثَ تَحْت هَذَا البَابِ فننقلُهُ بِالعِبَارَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ الَّتِي تَقَدَّمَْتْ.
ِالعِبَارَةُ الِاصْطِلَاحِيَّةُ نَقُولُ: الحَدِيث أَخْرَجَه البُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ» كِتَابُ كَذَا بابُ كَذَا ثم الجُزْءُ وَالصَّفْحةُ وَرَقمُ الحَدِيث ثم قَالَ: فننقلُ الحَدِيث بإسنادِهِ وَمَتنِهِ.
قَالَ الإِمَامُ رَحِمَه اللهُ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ الحَوْضِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَأُحَدِّثَنَّكُمْ حَدِيثًا سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يُحَدِّثُكُمْ بِهِ أَحَدٌ غَيْرِي، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ مِنَ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ: أَنْ يُرْفَعَ العِلْمُ، وَيَكْثُرَ الجَهْلُ، وَيَكْثُرَ الزِّنَا، وَيَكْثُرَ شُرْبُ الخَمْرِ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ، وَيَكْثُرَ النِّسَاءُ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ»
هَذَا مَوْضِعٌ وَهو الَّذِي فِي كِتَابِ النِّكَاحِ نَنْتَقِلُ إِلَى كِتَابٍ آخَرِ:
كِتَابُ الأَشْرِبَةِ. بِتَأَملِ الأَبْوَابِ الَّتِي عَقْدَِهَا الإِمَامُ رَحِمَه اللهُ تَحْت هَذَا الكِتَابِ نَجِدُ أَنَّه بَوَّبَ بَابًا قَالَ فِيه:
بابُ قَوْلُ اللّه تَعَالَى ﴿إِنَّمَا الخَمْرُ وَالمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ﴾.
فَنَقْرَأُ ما تَحْت هَذَا البَابِ من أَحَادِيثِ فَنَجِدَ الإِمَامَ خَرَّجَ هَذَا الحَدِيث أَيْضًا تَحْت هَذَا البَابِ فَننقلُهُ بِالعِبَارَةِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ المُتَقَدِّمَةِ:
الجُزْءُ الرَّابِعُ صَفْحَةُ 1777 قَالَ: قَالَ الإِمَامُ رَحِمَه اللهُ فِي هَذَا المَوْضِعِ: حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنِ إِبْرَاهِيم قال: حَدَّثَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَة، عَنْ أَنسٍ رَضِي اللّه عَنْه قَالَ: سَمَعَتُ من رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم حَدِيثًا إِلَى آخِرَه....
هَذَا المَوْضِعُ الثَّانِي.
قَلْنَا مِنَ المَظَانِ بِحَسَبِ عَنَاوِينُ الكُتُبِ، كِتَابُ العَلَم.
إذًا خَرَّجَه أَيْضًا فِي كِتَابِ العَلَمِ قَالَ: بابُ رَفَعُ العِلَْمِ وَظُهُورُ الجَهْلِ، فَهَذَا التَّبْوِيبُ قَرِيبٌ جِدًّا لِلمَعَانِي السَّابِقَةِ لَمَّا قَرَأْنَا مَا تَحْتَهُ منِ أَحَادِيثِ وَجِدَّنَا الحَدِيث تَحْت هَذَا البَابِ أَيْضًا.
بِقِي كِتَابُ وَهو كِتَابُ الحُدُودِ.
فِي كِتَابِ الحُدُودِ وَهو بَعِيد قَلِيلًا من المَعَانِي السَّابِقَةِ، عَقَدَ فِي كِتَابِ الحُدُودِ بابٌ قَالَ فِيهِ: بابُ إِثْمُ الزُّنَاةِ، أَوْرِدَ تَحْت هَذَا البَابِ عِدَّة أَحَادِيثِ وَذَكَرَ هَذَا الحَدِيث مَعَهُ، وَيُنْتَبَهُ إِلَى أَنَّ «صَحِيحَ البُخَارِي» بِالذَاتِ أَصْعَبُ منَ الكُتُبِ الأُخْرَى؛ لَأَنَّ الإِمَامُ رَحِمَهُ اللهُ دَقِيقٌ فِي اسْتِنْبَاطِهِ لِلمَعَانِي، وَلِهَذَا اشْتُهِرَ بَيْن أَهَلِ العَلَمِ أَنَّهُم كَانُوا يَقُولُونَ: فَقِّهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي تَبْوِيبهِ، وَأَحْيَانًا يَكُونُ المَعْنَى الَّذِي اسْتِنْبَطَهُ الإِمَامُ لَما يَدُلُّ عَلَيْهِ الحَدِيث مُبَاشَرَةَ، إِنَّمَا هُوَ بِتَظَافِرِ أَدِلةِ رِوَايَاتٍ أُخْرَى لَهَذَا الحَدِيثِ، رُبَّمَا لَمْ يُخْرِجَهَا هُوَ أَصْلًا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَت عَلَى شَرَطَِهِ لَكِنَّهُ يُشِيرُ إِلَيْهَا إِشَارَة التَّبْوِيبِ هَذَا، أَشَارَ إِلَيْهِ ابنُ حَجَر فِي أُكَثِّرِ من مَوْضِعٍ فِي «الفَتْحِ» أَنَّ الإِمَامَ رَحِمَهُ اللهُ يُبْوِبُ التَّبْوِيبَ وَيَذْكُرُ الحَدِيث تَحْتَهُ مَعَ أَنَّه لَيْسَ فِي الحَدِيثِ بِاللَّفْظِ الَّذِي خَرَّجَهُ هُوَ ما يُشِيرُ إِلَى هَذَا المَعْنَى، لَكِن إِذَا تَتَبَّعْتَ طَرَقَ الحَدِيث الأُخْرَى وَرِوَايَاتِهِ تَجِدُ أَنَّ فِي بَعْضِ رِوَايَاتِهِ إِشَارَةٌ إِلَى هَذَا المَعْنَى، لَكِن الإِمَامُ لَم يُخْرِجَه؛ لَأَنَّ الحَدِيثَ بِهَذَا اللَّفْظِ الَّذِي فِيهِ هَذِهِ الإِشَارَةِ لَيْسَ عَلَى شَرَطَهِ، فَاكْتَفَى بِالإِشَارَةِ فِي التَّبْوِيبِ وَذَكَرَ الحَدِيث بِاللَّفْظِ الَّذِي يُوَافِقُ شَرَطَهُ هُوَ فِي «الصَّحِيحِ».
نَنَتَقِلُ إِلَى مِثَالِ ثَالِثِ أَوْ هَذَا الحَدِيث الَّذِي برقم 6808 هُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ الحُدُودِ، بابُ إِثْمُ الزُّنَاةِ
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ: حدثنا دَاودُ بن شَبِيب، قال: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَة قال: أَخْبَرَنَا أَنس قال: لَأُحَدِّثَنَّكُم حَدِيثًا إِلَى آخِرَه..
نَنَتَقِلُ إِلَى مِثَالٍ ثَالِثٍ: قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاةَ الصُّبْحِ بِالحُدَيْبِيَةِ فِي إِثْرِ السَّمَاءِ كَانَتْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: «هَلْ تَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «قَالَ: أَصْبَحَ مِنْ عِبَادِي مُؤْمِنٌ بِي وَكَافِرٌ. فَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ فَذَلِكَ مُؤْمِنٌ بِي كَافِرٌ بِالكَوْكَبِ. وَأَمَّا مَنْ قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي مُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ»( ).
مَا المَعَانِيُ الَّتِي تُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ؟
الحديثُ مَشْهُورٌ مَعْروفٌ أَنَّ النَّبِيَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بِالنَّاسِ الصُّبْحَ وَهو بالحُدَيْبِيَةِ عَلَى إِثْرِ سَمَاءٍ كَانَت من اللَّيْلِ -يَعْنيِ أَمْطَرَت من اللَّيْلِ- فَتَحَدَّثَ النَّاسُ بَعْضَُهُم قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْلِ اللهِ وَرَحِمْتُهِ وَبَعْضَُهُم قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَا انْفَتَلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من صَلَاةِ الصُّبْحِ قالَ: «هَل تَدْرُونَ ما قَالَ رَبَّكُمُ اللَّيْلَة؟» قَالُوا: اللهُ وَرَسُولَهُ أُعَلِّمُ قال: «قالَ: أَصَبْحَ من عِبَادِي مُؤْمَنٌ بِي وَكَافِرٌ. أَمَّا من قَالَ: مُطِرْنَا بِفَضْل اللهِ وَرَحِمْتهِ فَذَلِكَ مُؤْمَنٌ بِي وَكَافِرٌ بِالكَوْكَبِ. وَأَمَّا من قَالَ: مُطِرْنَا بِنَوْءِ كَذَا وَكَذَا فَذَلِكَ كَافِرٌ بِي وَمُؤْمِنٌ بِالكَوْكَبِ».
هُوَ من أَحَادِيثِ كِتَابُ التَّوْحِيدِ.
مَا المَعَانِي الَّتِي تُسْتَنْبَطُ مِنْ هَذَا الحَدِيثِ؟
كِتَابُ الصّلاةِ، صَلَاةُ الجَمَاعَةُ مَثَلًا لَما هُوَ لَم يُصَلِّ بِالنَّاسِ الِاسْتِسْقَاءَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى بَهْمُ الصُّبْحَ فَلَمَا انْفَتَلَ ذكرَ لَهم هَذَا.
الإِيمَانُ
الرِّدَّةُ
تَحْرِيمُ الِاسْتِسْقَاءُ بِالنُّجُومِ
التَّوْحِيدُ
المَغَازِي؛ لَأَنَّ الحَدِيث كَان فِي الحُدِيبِيةِ
الاسْتِسْقَاءُ وَهُوَ: أَنَّ طَلَبَ الغَيْثِ من اللهِ عَزّ وَجَل المَعْنَى لَا بَأَس بِهِ فِي الحديثِ...
الذِّكْرُ عِنْدَ نُزُولِ المَطَرِ أَوِ أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَ يَتَكَلَُّمُ؛ لَأَنَّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَتَدْرُونَ مَاذَا قَالَ رَبَّكُمُ اللَّيْلَةَ»؟
الشِّرْكُ
الطِّيرَةُ
هَذِهِ مُعَان مُتَعَدِّدَةٍ.
الخُطْوِةُ الثَّانِيَةُ: يُمْكِنُ أَنْ نَقُولَ أَنَّ المَعَانِي الَّتِي يَدُورُ عَلَيْهَا الحديثَ، أَوَلًَا ذكرُ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِغَزْوِةِ الحُدَيْبِيَةِ. فَفِيمَا يَتَعَلَّقُ بِصَلَاةِ الجَمَاعَةِ؟ إِقْبَالُ الإِمَامُ عَلَى النَّاسِ إِذا انْصَرَفَ من صَلَاتَِِه، فَلَا يَبْقَى مُسْتَقْبَل القُبْلَة، إِنَّمَا يَسْتَقْبِلُ المَأَمُومِينَ، المَعْنَى الثَّالِثُ: نِسْبَةُ المَطَرِ أَوْ نَعْمَةُ المَطَرِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَ.
عِدَةُ مُعَانٍ أَيْضًا تَعَلَّقَت بِتَوْحِيدِ اللهِ عَزَّ وَجَلَ وَبِإِثْبَاتِ الكَلَامُ لَه سُبْحَانَه وَتَعَالَى. فَالمَعَانِيُ تَدُورُ عَلَى هَذِهِ الأُمُورِ الأَرْبَعَةِ.
الخُطْوِةُ الثَّانِيَةُ: كَمَا قُلْنَا أَنْ نَتَأَمَّلَ أَسْماءَ الكُتُبِ الَّتِي عَقْدَهَا البُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ».
مَا الَّذِي يُنَاسِبُ المَعَانِ السَّابِقَةِ مِنْ كُتُبِ «الصَّحِيحِ»؟
 كِتَابُ المَغَازِي
كِتَابُ التَّوْحِيدِ، وَكَمَا هُوَ مَعْلُومُ آخَرُ كِتَابٍ فِي «الصَّحِيحِ».
كِتَابُ الصَّلَاةِ
كِتَابُ الإِيمَانِ
كِتَابُ الِاسْتِسْقَاءِ، هُنَاكَ كِتَابٌ قَالَ كِتَابُ الِاسْتِسْقَاءِ كَمَا هُنَا رَقَمُهُ 15.
هَذِهِ الخُطْوِةُ الثَّانِيَةُ.
الخُطْوِةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ نَتَأَمَّلَ ما تَحْت كُلِ كِتَابٍ مِنَ أَبْوَابِ نَبْدَأُ مَثَلًا بِالمَغَازِيِ.
هَلْ هُنَاكَ تَبْوِيبٌ يُنَاسِبُ المَعَانِ السَّابِقَة..؟
نَعم..عَقَدَ بَابًا فِي كِتَابِ المَغَازِي قَالَ: بابُ غَزَوةُ الحُدَيْبِيَةِ، هَذَا التَّبْوِيبُ مَظِنَّةُ لِوجُودِ الحَدِيث؛ لَأَنَّ القَصَّةُ وَقَعَت فِي الحُدَيْبِيَةِ نَقْرَأُ ما تَحْت هَذَا البَابِ من أَحَادِيثِ فَهَل نَجِدُ الحَدِيث فِيِهِ؟
قَالَ: أَخْرَجَه البُخَارِيُّ فِي «الصَّحِيحِ» كِتَابُ المَغَازِي بابُ غَزَوْةُُ الحُدَيْبِيَةِ صَفْحَةُ 705 حَدِيث 4147 قالَ:...
الحديثُ مَشْهُورٌ مَعْروفٌ هَذَا فِي كِتَابِ المَغَازِي..
كِتَابٌ آخرٌ؟
يُنْتَبَهُ إِلَى أَنْ ما يَتَعَلَّقُ بِصِفَةِ الصّلاةِ الحَقَهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ بِكِتَابِ الأَذَانِ. كِتَابٌ الآذَان أَدَخَلَ فِيه ما يَتَعَلَّقُ بِصِفَةِ الصّلاةِ.
أَخْرَجَه فِي كِتَابِ الأَذَانِ بابُ يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ..رَقْمُ الحَدِيث 846 أَظُنُّ فِي بَعْضِ النُّسَخِ 845 لَا بَأْسَ..هَذَا فِي كِتَابِ الأَذَانِ بابُ يَسْتَقْبِلُ الإِمَامُ النَّاسَ إِذَا سَلَّمَ..
كِتَابُ الِاسْتِسْقَاء بابُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ﴾ الجُزْء، الصَّفْحَة 81، رَقْم الحَدِيث 1038.
كِتَابُ التَّوْحِيدِ بابُ قَوْلُ اللهِ تَعَالَى: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلَامَ اللهِ﴾ حَدِيثُ رَقْمُ 7503، صَفْحَةُ 625 حَسَبُ هّذِهِ النُّسْخَة.
هَذِهِ أَمْثِلةٌ عَلَى «الصَّحِيحِ» وَيُمَكِّنُ أَنْ تَسِيرَ فِي كُلِ حَدِيثِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَيْضًا كَمَا نَبَّهْتُ من قَبَّلُ: تَبْوِيبُ الإِمَامُ أَحْيَانًا رُبَّمَا يَكُونُ دَقِيقًا، وَهَذَا مَوْضِعُ صُعُوبَةُ بِالنِّسْبِةِ لـ«صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِي» بِخِلَافِ الكُتُبِ الأُخْرَى فَالتَّبْوِيبُ الَّذِي يَذْكُرَُه العَلْمَاءُ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» كَمَا هُوَ مَعْلُوم هَذَا التَّبْوِيبُ الَّذِي فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» لَيْسَ من وَضَعَه هُوَ الَّذِي وَضَعَه الإِمَامُ، فَقَط أَسْماءَ الكُتُبِ قال: كِتَابُ الإِيمَان، كِتَابُ الغُسْل، كِتَابُ الصّلاة، كِتَابُ الزَّكَاة، عَنَاوِينُ هَذِهِ الكُتُبُ من وَضَعِ الإِمَامِ مُسْلِم، أَمَّا ما يَذَّكَّرَ تَحْت الكُتُبِ من تَبْوِيبِ، فَهَذِه لَيْسَت من صَنِيعِ الإِمَامِ مُسْلِم، إِنَّمَا هِي من صَنِيعِ شُرَّاحُ الكِتَابِ، وَلِهَذَا نَجِدُ أَنَّ هَذَا التَّبْوِيبَ يَخْتَلِفُ من شَرَحٍ إِلَى آخَرٍ بِحَسَبِ اجْتِهَادُ صَاحَبُ الشَّرْحِ، فَنَجِدُ عِنْدَ القَاضِي عِيَاض تَيْويبًا، وَعِنْد القُرْطُبِيِّ تَبْوِيبًا، وَنَجِدُ عِنْدَ النَوَوَي تَبْوِيبًا وَهَكَذَا.
التَّبْوِيبُ المَذْكُورُ فِي «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» أَوِ الكُتُبِ الأُخْرَى مَثَّل «جَامَعُ التِّرْمِذِيّ» أَوْ «سُنَن أبِي دَاودَ» وَابْنِ مَاجَةَ وَالنَّسَائِي نَجِدُ أَنَّ الأَبْوَابَ مَعَانِيهَا ظَاهِرَةٌ لَيْسَ الاِسْتِنْبَاطُ فِيهَا دَقِيقًا كَمَا هُوَ الشَّأْنُ فِي «صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِي» وَلِهَذَا التَّخْرِيجِ مِنْ هَذِهِ الكُتُبِ غَيْر بَقِيت الكُتُبِ السِّتَّة غَيْر «صَحِيحِ الإِمَامُ البُخَارِي» أَسْهَلُ من التَّخْرِيجِ من «صَحِيحِ البُخَارِي»؛ لِأَنَّهُم رَحِمَهُم اللهُ أَوْرَدُوا الحَدِيث تَحْت أَبْوَابِ ظَاهِرة بِخِلَافِ الإِمَامِ البُخَارِي فَإِنَّه كَان رُبَّمَا قَطَّعَ الحَدِيث فِي أُكَثِّرِ من مَوْضِعٍ؛ لَأَنَّه كَان يُسْتَنْبِطُ مَعْنَى مَا مِنْ كُلِ مَوْضِعٍ، هَذَا المَعْنَى يَجْعَلُ لَه تَبْوِيبًا يَدْخُلُ الحَدِيث تَحْتَهُ، وَقُلْنَا مِنْ جَوَانِبِ الصُّعُوبةِ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنَّ هَذَا الفَهْم لِمَعْنَى الحَدِيث أَوِ المَعْنَى الَّذِي يَسْتَنْبِطُهُ الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي الحَدِيثِ، قَدْ لَا تَهْتَدِي أَنْتَ عَلَيْهِ وَقَدْ لَا تَتَوافَقُ مَعَه فِي المَعْنَى الَّذِي اسْتَنْبَطَهُ، وَلِهَذَا لَا تَصِلُ إِلَى الحَدِيث بِحَسَبِ تَبْوِيبِ الإِمَامِ البُخَارِي، لَكِن فِي الطَّبْعَاتِ الحَدِيثَةِ لِلصَّحِيحِ، هُنَاكَ عِدةُ أُمُورٍ تُسَاعِدُ عَلَى الوصُولِ إِلَى بَقِيتِ المَوَاضِعِ كَمَا فِي بَعْضِ طَبْعَاتِ الكِتَابِ تُوضَعُ أَطْرَافُ الحَدِيث فِي المَوَاضِعِ الأُخْرَى من «الصَّحِيحِ» فَإِذَا وَقَفَْتَ عَلَيْهِ فِي مَوْضِع دَلَتْ لَكَ الأرقامُ المَوْجُوَدةُ إِلَى المَوَاضِعِ الأُخْرَى، كَذَلِكَ أَيْضًا إِذَا وَقَفَْتَ عَلَى الحَدِيث فِي مَوْضِعٍ من «الصَّحِيحِ» فَقَدَ وَقَفَْتَ عَلَى إِسْنَادَِهِ، فُيُمْكَنُكَ بَعَد هَذَا أَنْ تَنْتَقِلَ إِلَى اسْتِعْمَالِ طَرِيقَةِ أُخْرَى مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ، وَهِي تَخْرِيجُ الحَدِيث بِوَاسِطَةِ إِسْنَادَه كَالرَاوِي الأَعَلَى، فَمَثَلًا فِي هَذَا الحَدِيث يُمْكِنُ أَنْ نَخَرِجَ الحَدِيث مَثَلًا من رِوَايَةِ أَنس الَّذِي تَقَدَّمَ فِي رَفَعِ العَلَمُ وَظُهُورُ الجَهْلُ، بِحَسَبِ الإِسْنَادِ السابقِ الَّذِي مَرَّ أَوْ عَرَفة أَوَّل لَفَظِ المَتْنِ، فَتَسْتَعْمِلُ تَخْرِيجُ الحَدِيث بِوَاسِطَةِ أَوَّل المَتْنِ كَالطَّرِيقَةِ الَّتِي تَقَدَّمَتْ مَعَ فَضِيلَةِ د/عَادِل، هَذَا التَّطْبِيق بِحَسَبِ ما يَتْسِعُ لَه الوَقْتُ عَلَى «صَحِيحِ الإِمَامِ البُخَارِيِّ».
مَاذَا لَو يُوجَدُ أُكَثِّرُ من كِتَابٍ؟
الآنَ البُخَارِيُّ يُبْوِبُ عَلَى الحَدِيثِ تَبْوِيبًا، وَمَثَلًا التِّرْمِذِيُّ يُبْوِبُ عَلَيْهِ تَبْوِيبًا، وَأَبَو دَاودَ يُبْوِبُ عَلَيْهِ تَبْوِيبًا، كُلٌ بَوَّبَ مِنَ الحَدِيثِ بِحَسَبِ ما فَهِمَهُ هُوَ، فَأَمَامُكَ ثَرْوَةٌ من فُهُومِ أَهَلِ العَلَمِ لِلْحَدِيثِ.
وَالاسْتَنْبَاطُ مِنْهُ، هَذَا المَعْنَى إِذَا سَبَقَكَ إِليْهِ إِمَامٌ كَالبُخَارِيُّ وَكَأَبِي دَاودَ فَقَدْ سَبَقَكَ إِليْه جِبَلٌ مِنْ جِبَالِ العِلْمِ،
احْتَرِاز مِنَ الكُتُبِ الأُخْرَى، هُنَاكَ مَثَلًا كِتَابُ رَفَعِ اليَدَيْنِ، كِتَابُ القِرَاءَةُ خَلَفُ الإِمَامِ، قَدْ تَحْتَرِسُ مَثَلًا مِمَّا يُخْرِجَه فِي «التَّارِيخِ الكَبِيرِ» أَوْ «الأَوْسَطِ» إِذَا قُلْنَا أَخْرَجَه البُخَارِيُّ بِهَذِهِ ِالعِبَارَةُ مَا الَّذِي يَتَبَادَرُ إِلَى الذِّهْنِ الآنَ كُتُبُ البُخَارِي كُلَّهَا، هُوَ الأَصْلُ أَنْ تَخْرِيجَ الحَدِيث مِنْ «الصَّحِيحِ» وَلِهَذَا قُلْنَا أَنَّ ِالعِبَارَةَ الِاصْطِلَاحِيَّةِ التَّامَّةَ هَذِهِ يُمْكِنُ أَنْ تَخْتَصِرَها بِطَرِيقَتِكَ أَنَت فِي الصِّيَاغةِ -يَعْني لَيْسَت إِلزَامِيةٌ-.
يَجِبَ أَنْ تُبَيِن الطَّبْعةُ الَّتِي اعْتَمَّدَتَ عَلَيْهَا فِي فِهْرسِ المَصَادرِ فَإِذَا اتفقْتُ أَنا مَعَكَ عَلَى اسْتِعْمَالِ نَسَخة وَاحِدَة ستريحيني بَدَّلًَا من أَن أَبْذَلَ جَهْدًا آخَر بَعَد الجَهْد الَّذِي بذلْتَهُ أَنَتَ، أَنَت أَعْطَيْتَنِي رَقْمَ الجُزْءِ والصفحةِ ورقمَ الحَدِيثِ هَذَا وَفَر عليَّ وَقْتًا.
الَّذِي يُفَيدُ عِنْدَ اخْتِلَافِ الطَّبْعَاتِ هُوَ ذكرٌ لِلكِتَابِ وَالبَابِ فَلَيْسَت بِالضَّرُورةِ أَنْ تَتَفِقَ الطَّبْعَاتِ فِي الجُزْءِ والصَّفْحَةِ، فَرُبَّمَا أَنْ تَخْتَلِفَ أَيْضًا فِي التَّرْتِيبِ، مِثَالٌ هُنَا مَثَلًًا الطَّبْعةُ الَّتِي عِنْدِي مَثَلًا رَقْمُ الحَدِيث فِيهَا 45 وَمَعَ آَخْر 46 قَد يَخْتَلِفُ التَّرْتِيبُ، تَخْتَلِفُ الصَّفْحَاتُ بِحَسَبِ الطِبَاعةِ.
هَذَا رَقْمُ الحَدِيث كَمَا تَقَدَّمَ قَد يَخْتَلِفُ مِنْ طَبْعةٍ إِلَى أُخْرَة وَلِهَذَا إِذَا أُحِلْت عَلَيْهِ بِرَقمِ وَالتَّرْقِيمِ فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدِي لَيْسَت كَالتَّرْقِيمِ الَّذِي عِنْدكَ سأبذلُ جَهْدًا أَيْضًا فِي البَحْثِ عَنْه.
الإمامُ رَحِمَهُ اللهُ لَم يَجْمَعْ كُلَ حَدِيثٍ صَحِيحٍ، وَلَا مُسْلِم وَلَا ادَّعَيَا ذَلِكَ وَلِهَذَا يَقُولُونَ: مَنِ اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا اسْتَدْرَكَ عَلَيْهِمَا مَا لَا يلزمُهما؛ لِأَنَّهُمَا لَم يدعِيا جَمَعَ الصَّحِيحِ..
نعم هُوَ سَمَّاهُ أَيْضًا: «الجَامِع الصَّحِيح المُسْنَد المُخْتَصر».
نَنَتَقِلُ إِلَى كِتَابٍ مُهِمِّ فِي هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرقِ التَّخْرِيجِ وَهوَ كِتَابُ «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ» هَذَا الكِتَابُ أَلَّفَهُ أَحِّدُ المُسْتَشْرِقِينَ وَاسْمَهُ: وَيْنسِنك وَبَعْضَهُم يُسَمِّيهِ: هَنْسِنْك وكان يَعْمَلُ أُسْتَاذًا للُّغَاتِ بِجَامِعةِ لَايِبن بِهُولَنْدَا، وَاسْتَغْرَقَ فِي العَمَلِ عَلَيْهِ عَشَر سَنَوَاتٍ وطُبِعَ بِاللُّغِةِ الهُولَنْدِيةِ أَوَّل مَرَّة، ثم عَمَلَ عَلَيْهِ الأُسْتَاذُ مُحَمَد فُؤَاد عبد البَاقِي رَحِمَهُ اللهُ، عَمَل عَلَى نَقَلَهِ إِلَى العَرَبِيَّةِ، وَاسْتَغْرَقَ فِي تَعْرِيبِهِ أَرْبَعَ سَنَوَاتٍ، هَذَا الرجلُ وَينسنك كَانَت لَهُ جُهُودٌ أَيْضًا فِي عَمَلِ كِتَابٍ آخَرٍ مُهِمٍّ وَهوَ «المُعْجَمُ المُفَهْرسُ لِألفَاظِِ الحديثِِ» وطُبِعَ الجُزْءُ الأولُ مِنْهُ فِي حَيَاتَهِ ثم هَلَكَ هَذَا المُسْتَشْرِقُ وَخَرَجَ الكِتَابُ بَعَد هَذَا كَمَا سَيَأْتِيكُم تَفْصِيلُهُ إِنْ شَاءَ اللهُ مَعَ د/عَادِل وَفِقْهُ اللهُ، هَذَا الكِتَابُ مُهِمٌّ؛ لَأَنَّهُ فِهْرسٌ مَوضُوعيٌ لِأَرْبَعَةِ عَشَر كِتَابًا من كُتُبِ الحَدِيث وَالسِّيَرةِ وَالمَغَازِي، فَهُو عَلَى اخْتِصَارِهِ، لَكِنَّهُ كَثِيرُ الفَائِدَةِ، وَالكُتُبُ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا هَذَا الكِتَابُ هِي الكُتُبُ التَالِيةُ، وَجَعَلَ المُؤلِفُ وَهو وَينسنك لِكُلِّ كِتَابٍ رَمْزًا.
هَذِهِ رِسَالَةٌ مِنْ وَينسنك إِلَى مُحَمَدِ فُؤَادِ عبد البَاقِي تَتَعَلَّقُ بِتَعْرِيبِ الكِتَابِ يُمْكِنُ أَنْ تَقْرَؤُوهَا؟
هَذِهِ أَسْماءُ الكُتُبِ ورمزُ كُلُ كِتَابٍ والرموزُ أَيْضًا المُسْتَعْمَلةُ دَاخِلُ الكِتَابِ، فالكتابُ الأَولُ هُوَ «صَحِيحُ الإِمَامُ البُخَارِيُ» ورمزَ لَهُ (ب خ).
أُنبِهُ هُنَا إِلَى أَنَّ بَعْضَ الأَخَوَانِ يَنْطِقُونَ هَذِهِ الرُمُوزَ كَكَلِمةٍ وَهَذَا لَيْسَ سَلِيمًا فَيَقُولُون مَثَلًا: رَمزُ البُخَارِيِّ (بخ)، رمزُ مُسْلِمٍ (مس)، هَذَا لَيْسَ سَلِيمًا نَقُولُ رمزَ البُخَارِي (خ)، مُسْلِم (م س)، أبو دَاود بـ(د)، فَلَا تَنْطِق كَأَنَّهَا كَلَّمَت إِذَا الكِتَابُ الثَّانِي هُوَ «صَحِيحُ مُسْلِم»، رمزهُ (م س)، الكِتَابُ الثَّالِث «سُنَنِ أبي دَاود» ورمزهُ بـ(د)، الكِتَابُ الثَّالِثُ «سُنَنُ التِّرْمِذِيّ» قُلْنَا الصَّحِيحُ أَنَّهُ قَالَ: «جَامَعُ التِّرْمِذِيّ» (ت ر)، «سُنَنُ النَّسَائِيّ» الَّتِي تَدْخُلُ فِي هَذَا الكِتَابِ هِي «السُّنَنُ الكُبْرَى» المعروفةُ «المُجْتَبَى» وَلَيْسَت الكُبْرَى ويرمزُ لَهَا (ن س)، ثم «سُنَنُ ابن مَاجَه» ورمزُها (م ج)، الكِتَابُ السَّابِع «سُنَنُ الدَّارِمِيّ» ويرمزُ لَهَا بـ(م ي)، الثامنُ «موطأُ الإِمَامُ مَالَك» ويرمزُ لَهُ بـ(م أ)، الكِتَابُ التَّاسِعُ هُوَ «مُسْنَدُ زيدٌ بن علي بن الحُسَين بن علي بن أبي طَالب» الكِتَابُ المعتمدُ عِنْدَ الزيديةِ، يرمزُ لَه بـ(ز)، ثم «طَبَقَاتُ ابنُ سَعِد» ويرمزُ لَهَا بـ(ع د)، الكِتَابُ العَاشِرُ هُوَ «مُسْنَدُ الإِمَامُ أَحَمَد» ويرمزُ لَه بـ(ح م)، كِتَابُ الحَادِي عَشَر «مُسْنَدُ الطَّيَالِسِيّ» ويرمزُ لَهُ بـ(ط)، الثَّانِي عَشَر «سيرةُ ابنُ هِشَام» ويرمزُ لَه بـ(هـ ش)، الكِتَابُ الأَخِيرُ هُوَ «مَغَازِي الواقدي» ويرمزُ لَه بـ(ق د).
هذِهِ الكُتُبُ الَّتِي اشْتَمَلَ عَلَيْهَا هَذَا الفِهْرِسُ المَوْضُوعِي وَهُوَ «مِفْتَاحُ كُنُوزُ السُّنَّةِ» وَهِي إِذَا أَخَذْنَا كُتُبَ الحَدِيث خَاصَّة فَهِي كُتُبُ الأُصُول الكُتُبُ السِّتَّةُ و«مسندُ أَحَمَدُ» و«موطأُ الإِمَامُ مَالَك» و«سُنَنُ الدَّارِمِيُّ» و«مسندُ الطَّيَالِسِيُّ»، طبعًا مُسْنَدُ زيد بن علي لَا تَثْبُتُ نسبته عَلَى التحقيقِ لِزَيْدٍ رَحِمَهُ اللّه، كِتَابُ طَبَقَات ابن سَعِد لَاشَكَّ أَنَّهُ من الكُتُبِ المهمةِ جِدًّا فِي التراجمِ وَالسِّيَرِ وَمَغَازِي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهوَ مُؤْلَف مُتَقَدِّم تُوَفِّي سَنَة 231هـ وَ«مَغَازِي الوَاقِدِي» كِتَاب مُهِمّ عَلَى مَا فِي الوَاقِدِي مِنَ الضَّعْفِ الشَّدِيدِ وَهو مَتْرُوكٌ لَكِن أَهَل العَلَم يَسْتَأْنِسُون بمروياتهِ فِي هَذَا البَابِ فِي الوفياتِ فِي مواليدِ النَّاسِ.
هُنَاكَ رُمُوزٌ أُخْرَى مستعملةٌ فِي هَذَا الكِتَابِ يَنْبَغِي أَنْ تُعرفَ:
الرَّمْزُ الأَولُ: هُوَ حَرْفُ (ك) وَيُرَادُ بِهِ الكِتَابُ، الرمزُ الثَّانِي: حَرْفُ (ب) وَيُرَادُ بِهِ البَابَ، الرمزُ الثَّالِثُ: هُوَ حَرْفُ (ح) وَيُرَادُ بِهِ الحَدِيثَ، الرمزُ الرَّابِعُ: (ص) وَيُقْصَدُ بِهِ الصَّفْحَةَ، و(ج) يَقْصِدُ بِهِ الجُزْءُ، و(ق) يُرَادُ بِهِ القَسَمَ؛ لَأَنَّ طَبْعَات سَابِقْة كَانَت بَعْضُ الأَجْزَاءِ تُقَسَّمُ إِلَى قِسْمَينِ، فَمَثلًا طَبَقَاتُ ابنُ سَعِد النُّسْخَةُ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا هَذَا المُسْتَشْرِقُ وَهِي طَبْعَةٌ قَدِيمَةً لَا تَزَالُ عِنْدَ بَعْضِ كِبَارِ المَشَايِخِ مِنَ الرَعِيلِ الأولِ، كَذَلِكَ إِذَا لَاحَظْتُم فِي تَخْرِيجَاتِ مَثْلَ العَلَامَة المُعَلَّمي رَحِمَهُ اللهُ وَفِي عَزْوِهِ، وَكَذَلِكَ الشَّيْخُ الالبَانِيُ رَحِمَهُ اللهُ تَجِدُونَ أَنَّهُ عِنْدَ العَزْوِِ مَثَلًا فِي تَارِيخِ الإِمَامِ البُخَارِي «التَّارِيخ الكَبِير» أَوْ «الجَرْح وَالتَّعْدِيل» تَجِدُونَ أَنَّهُم يَذْكُرُونَ حَرْفَ (ق) يَقُولُونَ: وَاحِد تقسيمَ (ق 1) تقسيم الصفحة هَذَا مَعْنَاه أَنَّ الجُزْءَ الأولَ لَمَّا طَبَعَ «التَّارِيخَ» وَ«الجُرْحَ وَالتَّعْدِيلَ» الجُزْءُ الأولُ كَانَ مَقْسُومُ إِلَى قِسْمَينِ إِلَى مُجَلَدينِ وَلِهَذَا يُميزونَ القَسَمَ يَقُولُونَ: القَسَمُ الأولُ الجُزْءُ الأولُ لَكِن لَمَّا أُعِيدَ طَبْعُ هَذِهِ الكُتُبُ مَرَّةً أُخْرَى الغِي هَذَا التَّقْسِيمَ، فَهَذَا التَّقْسِيمُ مَوْجُودٌ فِي بَعْضِ الطبعاتِ القَدِيمَةِ للكُتُبِ كَطَبْعَةِ «طَبَقَاتِ ابنِ سَعد» الَّتِي اسْتَعْمَلْت فِي هَذَا الكِتَابِ، حَرْفُ (ق أ) تَعْنِي قَابِل هَذِهِ الرِّوَايَة بِمَا بَعْدَهَا، كَذَلِكَ حَرْفُ (م المُكْرَرُ) م م م تَعْنِي أَنَّ الحَدِيث مُكْررٌ فِي هَذِهِ الصَّفْحَةِ.
 عِنْدَ الإِحَالَةِ تُوجَدُ هَذِهِ (م المُكْرَرُ) تَعْنِي أَنَّ هَذَا الحَدِيث مُكَررٌ فِي هَذِهِ الصَّفْحَةِ مَثَلًا عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ لَو أَخَذْنَا الصَّفْحَةَ 18 نُلَاحِظُ أَنَّ فِي طَبْعَةِ الكتابِ كُلُ صَفْحَةِ قُسِّمَت إِلَى ثَلَاثَةٍ أَعْمِدة كَمَا تُلَاحِظُونَ الآنَ فِي كُلِ صَفْحَةِ فِي 18 عَشَرَةِ فِي العَمُودِ الأولِ، هُنَاكَ مَوْضُوعٌ بِاسْمِ أبو عَامر الرَّاهِبِ، تَحْتَهُ مَوْضُوعٌ قَالَ: تَرْهَبُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ، وَقِتَالُه لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ يَرْمُزُ لِلنَّبِيّ بِحَرْفِ (ص) وَهَذَا مَنْهِيٌ عَنْهُ نُلَاحِظُ فِي الإِحَالَةِ الثَّانِيَةِ قال (هـ ش) ص 561 تَقَدَّمَ أَنَّ (هـ ش) لِسِيرةِ ابن هِشَام قَالَ ص 561 ص رمزُ للصَّفْحَةِ كَمَا تَقَدَّمَ ثم قَالَ: (ق أ) يُرِيدُ قَابِل هَذِهِ الصَّفْحَةِ بِمَا قَبَّلَهَا وَبِمَا بَعْدَهَا هَذَا مَثَلًا نَمُوذَج عَلَى اسْتِعْمَالِ هَذَا الرَّمْزُ.
كَذَلِكَ مَثَلًا إِذَا أَخَذْنَا الصَّفْحَةَ 19 العَمُود الأول مَثَلًا تَحْتَ عُنْوانِ أبو هُرَيْرَة وَاضِح فِي آخَرِ العَمُودِ الأولِ تَحْتَ عُنْوانِ حَفِظَه لِلْحَدِيث قال (بخ) تَقَدَّمَ أَنَّهُ البُخَارِي (ك) الكِتَاب (34)، كَيْف تَعَرَّف ما اسْمُ الكِتَابُ المَقْصُودُ؟
نَعُودُ إِلَى الصَّفَحَاتِ الأُولَى الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا من قَبَّلُ فِي «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» مُفَهْرَسًا لِأَسْمَاءِ الكُتُبِ السِّتَّةِ فَتَذْهَبُ للكِتَابِ رَقْم 34 كِتَابُ البُيُوعُ ثم قَالَ: (ب) البَاب رَقْم 1 ثم قَالَ: قَابِل مَعَ الحَدِيث المَوجُودِ فِي الكِتَابِ رَقْم 41 باب رَقْم 21.
هَذَا نَمُوذَجٌ لاِسْتِعْمَالِ هَذَا الرَّمزُ وَهوَ (ق أ) وَقُلْنَا المَقْصُودُ بِهِ وَهو المُقَابَلَة مُقَابَلَة الرِّوَايَة هَذِهِ، إِمَّا مَعَ رِوَايَةِ قَبَّلَهَا أَوْ بَعْدَهَا أَوْ فِي مَوْضِعٍ آخَرٍ للكتابِ الَّذِي يُشِيرُ فِيهِ الإِحَالةَ، أَمَّا الرَّمزُ (م م) المُكررةُ فِي الصفحةِ 18 العَمُودُ الثَّالِثُ هُنَاكَ مَوْضُوعُ بِاسْم أبو لَهَب، قال فِي عُنْوَانٍ فَرْعِيٍ سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللهُ كَيْفِيَّةُ تَرْتِيبُ هَذَا الكِتَابُ، تَأْلِيبِهِ النَّاسَ عَلَى النَّبِيِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثم قال: (حم) وَهو رمزُ لـ«مُسْنِدِ الإِمَامِ أَحَمَد» ثَالِث هَذَا الجُزْء، يُشِيرُ إِلَى رَقْمِ الجُزْءِ بِالكَلِمَة فَيَقُولِ ثَالِث -يَعْني الجُزْء الثَّالِث- السَّادِس -يَعْني الجُزْء السَّادِس- قال: ثَالِث صَفْحَة 492 ثم قال: (م م)، -يَعْني أَنَّ الحَدِيث مكررٌ فِي هَذِهِ الصفحةِ فِي مَعْنَى تَأْلِيب أبي لَهَب لِلنَّاسِ عَلَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مكررٌ فِي هَذِهِ الصَّفْحَةِ المَقْصُودُ بِهَذَا الرمزِ، وَهو المِيمُ المكررةُ، أَحْيَانًا بَدَّل هَذِهِ المِيم المكررة قَد يُوضَعُ رَقْمُ وَهَذَا الرَّقْمُ بِحَسَبِ الرَّقْمِ الَّذِي وَضَع إِذَا كَانَ وَضَع رَقْم 2 فَالمَعْنَى: أَنَّ الحَدِيثَ مكررٌ مَرَّتَيْنِ، إِذَا وَضَع 3 أَنَّ الحَدِيثَ مكررٌ 3 مرات، وَهَذَا بِكَثْرَةٍ مَوْجُودٌ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرسِ» كَمَا سَيَأْتِيكُم إِنْ شَاء اللهُ مَعَ فَضِيلَةِ د/عَادِل..
أَمَّا الرُّمُوزُ قُلْنَا إِنْ شَاء اللهُ لَا إِشْكَالَ.
 نَنْتَقِلُ إِلَى طَرِيقَةِ تَرْتِيبِ الكِتَابِ. المُؤلِفُ هُوَ هَذَا المُسْتَشْرِقُ وَيْنسنك لَمَّا طَبَع فِهْرِسَ «المُعْجَمَ المُفَهْرسَ» فهرس «المُعْجَم» نَفَسَهُ هُوَ طَبَع فِي 7 أَجْزَاءِ ثم طَبَعَ الجُزْءَ 8 وَهو فَهَارِسُ «المُعْجَمُ» تَأَخَّرْت طِبَاعتهُ قَالُوا وَيْنَسِنك رَحِمَهُ اللّه وَهَذَا الرجل لَم يُسَلَّم.
طريقةُ تَرْتِيبُ الكِتَابِ. المُؤلِفُ قَامَ بِتَرْتِيبِ أَحَادِيثِ هَذَا الكِتَابِ عَلَى مَوْضُوعَاتِ فَهُو فهرسٌ موضوعيٌ، ثم رَتْبَ هَذِهِ الموضوعاتِ أَيْضًا عَلَى حُرُوفِ «المُعْجَمِ» -يَعْني نَفَس المَوْضُوعِ- المَوْضُوعَاتُ نَفَسُهَا رُتبت عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ.
وَهُوَ يُفَصَّلُ كُل مَوْضُوعٍ رَئِيسٍ إِلَى مَوْضُوعَاتٍ أَصْغَر مُتَفَرِّقَةٌ، وَتَحْت كُلِ مَوْضُوعٍ فَرْعِيٍ يَجْمَعُ ما يَتَعَلَّقُ بِهَذَا المَوْضُوعِ فِي هَذِهِ الكُتُبِ المُتَقَدِّمَةِ، يَمْتَازُ هَذَا الكِتَابُ بميزةِ لَا تُوجَدُ فِي الكُتُبِ الأُخْرَى عَلَى صِغَرِ حَجَمَهِ، وَهو أَنَّ الكِتَابَ يَشْتَمِلُ عَلَى فِهْرِسٍ لِلمَوْضُوعَاتِ: كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالزَّكَاةِ وَالحَجِّ إِلَى آخِرَهِ، وَيَشْتَمِلُ أَيْضًا عَلَى الأَشْخَاصِ كَمَا فِي الصَّفْحَةِ الَّتِي أَمَامَنَا: أبو عَامَر الرَّاهِب هَذَا شَخَصٌ، أبو عَبِيدَة بن الجِرَاح تَحْتَهُ هُنَا أبو عَبِيدَة بن الجِرَاح، فِي العَمُودِ الثَّالِثِ أبو لُبَابَة ابن عبد المُنْذِر، أبو لَهَب، أبو مَحْذُورَة، أبو مُوسَى الأَشْعَرِيّ، إِذَا المَوْضُوعَاتُ وَالأَشْخَاصُ، كَذَلِكَ يَشْتَمِلُ أَيْضًا عَلَى الأَحْدَاثِ مَثَّلُ: غَزَوْةِ بدرٍ تَجِدُ عُنْوَانًا رَئِيسًا غَزَوْةُ بَدرٍ، غَزَوْة أُحُدٍ، الخَنْدَق، كَذَلِكَ يَشْتَمِلُ عَلَى الأَمَاكِنِ مَثَّل: الحَجَر الأَسْوَد، الكَعْبَة، وَنَحْو هَذَا.
فَالكِتَابُ يُفِيدُكَ فِي التَّخْرِيجِ بِوَاسِطَةِ هَذِهِ الأُمُور الأَرْبَعَة كُلَّهَا، الحَدِيث قَد يَشْتَمِلُ عِنْدكَ عَلَى مَوْضُوعٍ، هَذَا مَوْضُوعُ الكِتَابِ الرَّئِيسِ وَهو الَّذِي نَتَدَارَسُ هَذَا الكِتَابُ بِسَبَبِهِ إِنَّهُ فِهْرِسٌ مَوْضُوعِيٌ، لَكِن قَد يَمُرُ مَعَكَ فِي الحَدِيثِ ذكرُ شَخَصِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ الصّلاة وَالسَّلَام، أبو هُرَيْرَة، أبو لُبَابَة، أبو عَبِيدَة فَيُمَكِّنُ أَنْ يُفِيدَكَ الكِتَابُ أَيْضًا فِي الوصُولِ إِلَى هَذَا الحَدِيث بِالعِلْمِ المَوجُودِ فِي الحَدِيثِ.
هذِهِ مِيزةٌ لَا تُوجَدُ فِي الكُتُبِ الأُخْرَى، إِذَا مَرَّ فِي الحَدِيثِ ذِكْرُ مَوْضِعٍ مَا أَوْ مَكَان كَالحَدِيثِ الَّذِي تَقَدَّم فِي الحُدَيْبِيَة، سَتَجِدُ فِي الكِتَابِ الحُدَيْبِيَة تَحْتَهُ إِشَارَة إِلَى مَوْضُوعِ هَذَا الحَدِيثِ أَوْ ذكرُ مَكَانٍ مَا، الحُدَيْبِيَة إِمَّا كَحَدَثٍ من نَاحِيَةِ أَنَّها غَزَوْة أو كَمَكَان، المَوْضِع المُسَمَّى بِالحُدَيْبِيَةِ أَوِ إِذَا مَرَّ فِي الحَدِيثِ ذِكْرُ الكَعْبَةِ أَوْ ذِكْرُ الحَجَرِ الأَسْوَدِ أَوْ ذِكْرُ بَيْتِ المُقَدَّسِ وَنَحْو هَذَا، الكِتَابُ يفيدُكَ من حَيْثُ هَذِهِ الأُمُورِ الأَرْبَعَةِ: الأَشْخَاصُ، الأَمَاكِنُ، الأَحْدَاثُ، وَلِهَذَا الكِتَابِ مفيدٌ جِدًّا عَلَى اخْتِصَارِهِ يَمْتَازُ هَذَا الكِتَابُ بِالمَزَايَا التَّالِيةِ:
 أَوَلَا: أَنَّهُ يُعِينُ البَاحِثَ فِي جَمَعِ أَحَادِيثِ مَوْضُوعٍ مَعِينٍ كَمَا تَقَدَّمَ، مَثَلًا إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَكْتُبَ بَحْثًا مَثَلًا عن غَزَوْةِ بَدْرٍ سَتَجِدُ تَحْتَ عُنْوَانِ بَدْرٍ ما يَتَعَلَّقُ بِهَا فِي هَذِهِ الكُتُبِ كُلَّهَا الكُتُبُ الأَرْبَعَةُ عَشَرَة السَّابِقَة.
إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَكْتُبَ حَدِيثًا عَنِ الجَنَّة سَتَجِدُ تَحْتَ مَوْضُوعٍ رَئِيسٍ اسْمَهُ: الجَنَّة هُوَ مُفَرْعٌ؛ لَأَنَّهُ كَبِيرٌ يُفَرِعُهُ المُؤلِفُ إِلَى مَوْضُوعَاتٍ أَصْغَرِ، سَتَجِد تَحتُّهُ إِحَالَاتٍ إِلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِالجَنَّةِ تَحْت هَذَا المَوْضُوعِ الرَّئِيسِ، فَهُوَ يُعِينُكَ عَلَى جَمْعِ الأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِي مَوْضُوعٍ مُعَينٍ، مِنْ مَزَايَا هَذَا الكِتَابِ أَنَّهُ جَمَعَ عَدَدًا من الكُتُبِ لَا بَأْس بِهِ، وَهِي فِي الحَقِيقَةِ أُمَّهَاتُ كُتُبِ السُّنَّةِ الَّتِي يُكَثِّرُ وُرُودُ الحَدِيث فِيهَا: الكُتُب السِّتَّة وَالمُسْنَد وَالمُوطَأ وَسُنَنَ الدَّارِمِيّ، يُؤَخَّذُ عَلَى الكِتَابِ ما يَلِي:
أَولًا: وُقُوعُ بَعْضُ الأَخْطَاءِ اللُّغَوِيةِ فِيهِ، وَهَذَا بِسَبَب أَنَّ وَاضِعَهُ فِي الأَصْل لَيْسَ عَرَبِيًّا.
أَيْضًا: يُؤَخَّذُ عَلَيْهِ سُقُوطُ جُمْلَةٍ من الأَحَادِيثِ، وَهَذَا يُمْكِنُ أَنْ يَرْجِع إِمَّا بِسَبَب كَثُرَةُ الأَحَادِيثِ -يَعْني شَخَصٌ يَتَعَامَلُ مَعَ الأَحَادِيثِ المَوْجُوَدةِ فِي هَذِهِ الكُتُبِ كُلِّهَا- فَلَاشَكَّ أَنَّ العَدَدَ كَبِيرَ جِدًّا فَوقُوعَ بَعْضُ الأَحَادِيثِ وَزُهُول المُؤلِفُ عَنْهَا أَمَرٌ وَارِدٌ لَاشَكَّ، أُنَبِّهُ هُنَا إِلَى كِتَابٍ مُفِيدٍ فِي اسْتَدْرَاكِ السِّقْطِ المَوْجُودِ فِي هَذَا الكِتَابِ وَكِتَابِ «المُعْجَمِ المُفَهْرسِ» اسْمَهُ «مِمَّا يُلَاحِظُ عَلَى كِتَابِي مِفْتَاحُ كُنُوزُ السُّنَّةِ وَالمُعْجَمُ المُفَهْرسُ لِألفْاظِ الحَدِيثِ»، الكِتَابُ عُنْوَانُهُ هَكَذَا، لِمُحَمَّدٍ بن عبد اللهِ حَيَّانِي، هَذَا الكِتَابُ طُبِعَ قَدِيمًا قَبَّل 15 سَنَة تَقْرِيبًا، وَلَا أَعْرِفُ إِنْ كَان لَا يَزَالُ مُتْوفِرًا فِي المَكْتَبَاتِ لَكِن لَعَلَّهُ يَكُونَ عِنْدَ الأَخَوَانِ هُنَا فِي مَكْتَبَةِ ابن القَيِّمِ، وَإِلَّا يُمْكِنُ أَنِ أُعْطِيَكُم نَسَخَةٌ مِنْهُ تُصَوِرُوهُ، الكِتَابُ مُفِيدٌ فِي اسْتَدْرَاكِ السِّقْطِ فِي هَذَيْنِ الكِتَابَيْنِ كِتَابُ «المِفْتَاحُ» وَكِتَابُ «المُعْجَمُ المُفَهْرسُ لِألفَاظِ الحديثِ»، جَزْءٌ صَغِيرٌ.
كِتَابُ الحَيَّانِي، اسْتَدْرَاكُ الأَحَادِيثِ الَّتِي سَقَطَت من الكِتَابَيْنِ.
هذِهِ مَزَايَا هَذَا الكِتَابُ وَالمَآخِذُ الَّتِي عليهِ.
أَسْأَلُ اللهَ لِلْجَمِيعِ العَلَمَ النَّافِعَ وَالعَمَلَ الصَّالِحَ وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِه وَصَحِبَهِ وَسَلَّم.

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ العَالَمِينَ، وَالصَّلَاةُ والسَّلَامُ عَلَى أَشْرَفِ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحِبَهِ أَجْمَعِينَ.

وَقَفْنَا عَلَى التَّطْبِيقِ عَلَى كِتَابِ «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ»، وَكُنْتُ ذَكَرتُ طَرِيقَةَ مُؤَلِّفِهِ بِتَرْتِيبِهِ وَقُلْنَا: إِنَّ الَمُؤَلِّفَ رَتَّبَ هَذَا الَكِتَابَ عَلَى مَوْضُوعَاتٍ وَرَتَّبَ عَنَاوِينَ هَذِهِ المَوْضُوعاتِ، مُرَاعِيًا تَرْتِيبَهَا عَلَى حُرُوفِ الهِجَاءِ، ثُمَّ بَعْضُ الَمَوْضُوعَاتِ الكَبِيرَةِ أَوِ الوَاسِعَةِ قَسَّمَهَا إِلَى مَوْضُوعَاتٍ فَرْعِيَّةٍ فَمَثَلًاً تُلَاحِظُونَ أَمَامَكُمْ هُنَا أَوَّلُ عُنْوَانٍ فِي هَذَا الَكِتَابِ: قَالَ: آدَمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، هَذَا العُنْوَانُ الرَّئِيسُ، بَدَأَ بِهِ، مَعْرُوفٌ أَنَّ الهَمْزَةَ بَعْدَهَا أَلِفٌ هِيَ أَوَّلُ الحُرُوفِ، ثُمَّ قَسَّمَ هَذَا الَمَوْضُوعَ، يَعْنِي مَا يَتَعَلَّقُ بِآدَمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ فِي السُّنَّةِ كَثِيرٌ، فَقَسَّمَهُ إِلَى مَوْضُوعَاتٍ فَرْعِيَّةٍ، الَمَوْضُوعَاتُ الفَرْعِيَّةُ يَضَعُ أَمَامَهَا نَجْمَةً.
الَمَوْضُوعُ الأَوَّلُ: قَالَ: احْتِجَاجُ آدَمُ وَمُوسَى، ثُمَّ الَمَوْضُوعُ الفَرْعِيُّ الَّذِي بَعْدَهُ: آدَمُ فِي السَّمَاءِ الأُولَى، ثُمَّ مَا كَانَ مِنْ عَذْبِ الأَرْضِ فِي خَلْقِهِ وَمَا كَانَ مِنْ مَالِحِهَا، مَوْضُوعٌ بَعْدَهُ: كَيْفَ صَنَعَ اللهُ بِطِينَتِهِ، المَوْضُوعُ الَّذِي بَعْدَهُ هُنَا: فِي يَوْمِ جُمُعَةٍ خُلِقَ آدَمُ وَأُسْكِنَ الجَنَّةَ وأُهْبِطَ مِنْهَا، وَمَوْضُوعٌ بَعْدَهُ: طُولُ قَامَتِهِ، وَهَكَذَا.
فَكُلُّ مَوْضُوعٍ كَبِيرٍ يُقَسِّمُهُ الَمُؤَلِّفُ إِلَى مَوْضُوعَاتٍ فَرْعِيَّةٍ، لَكِنَّ الَمُرَتَّبِ عَلَى حُرُوفِ الهِجَاءِ هِيَ عَنَاوينُ الَمَوْضُوعَاتِ الرَّئِيسِيَّةِ فَقَطْ، هِيَ الَّتِي تَأْتِي هَكَذَا بَيْنَ قَوْسَيْنِ (آدَم عَلَيْه السَّلَام).
لَوْ ذَهَبْنَا إِلَى الصَّفْحَةِ التَّالِيَةِ، يَأْتِي الَمَوْضُوعُ الرَّئِيسُ بَعْدَهُ، آدَمِي قَالَ: انْظُرِ الإِنْسَانُ، يَعْنِي رَاجِعْ مَوْضُوعَ الإِنْسَانِ، ثُمَّ بَعْدَهُ: آل مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَهَكَذَا فالَمَوْضُوعَاتُ الرَّئِيسَةُ هِيَ الَّتِي تُوضَعُ بَيْنَ قَوْسَيْنِ.
قُلْنَا: الَمُؤَلِّفُ كَمَا تَقَدَّمَ يَعْتَنِي بِأَرْبَعَةِ أَشْيَاءٍ فِي هَذَا الَكِتَابِ: الَمَوْضُوعَاتُ، والأَشْخَاصُ، والأَمَاكِنُ، والأَحْدَاثُ، وَهَذَا الَكِتَابُ عَلَى صِغَرِهِ لَا يُوجَدُ لَهُ مَثِيلٌ بِالنِّسْبَةِ لِمُرَاعَاةِ هَذِهِ الأُمُورِ، عَلَى اخْتِصَارِهِ ومَا جَمَعَهُ مِنَ الَكُُتُبِ، مَعَ التَّنْبِيهِ عَلَى مَا قُلْتُهُ بِالأَمْسِ: أَنَّهُ سَقَطَتْ مِنْهُ بَعْضَ الأَحَادِيثِ، نَبَّهْتُ عَلَى كِتَابِ الحَيَّانِي - مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الحَيَّانِي - وأَنَا أَحَضَرْتُ الَكِتَابَ مَعِيَ اليَوْمَ، كَانَ أَحِّدُ الإخْوَانِ أَيْضًا هَذَا الَكِتَابُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِالأَمْسِ، لَكِنِ الَكِتَابَ أَنَا أَحَضَرْتُهُ مِنْ أَجْلِ مَنْ أَرَادَ تَصْوِيرَهُ عَنْ طَرِيقِ الإِخْوَانِ، لَكِنَّ الإِخْوَانَ اعْتَذَرُوا نَظَرًا لأَنَّ الَكِتَابَ كَبِيرٌ نَوْعًَا مَا، فَيُمْكِنُ لِمَنْ شَاءَ الَاسْتِفَادَةُ مِنْ هَذَا الَكِتَابِ أَو الاطِّلَاعُ عَلَيْهِ، تُوجَدُ مِنْهُ نٌسْخَةٌ فِي مَكَتَبَةِ ابْنِ القَيِّمِ.
نَنْتَقِلُ إِلَى كَيْفِيَّةِ التَّخْرِيجِ مِنْ هَذَا الَكِتَابِ:
أَولَاً: وَهِيَ نَفَسُ الخُطُوَاتِ السَّابِقَةِ: تَأَمَّلِ الَمَوْضُوعَاتِ، مَعْنَى الحَدِيثِ، ثُمَّ تَأَمَّلِ العَنَاوِينِ الرَّئِيسَةِ المَذْكُورَةِ فِي هَذَا الَكِتَابِ مَعَ مُلَاحَظَةِ أَنَّهَا مُرَتَّبَةٌ عَلَى الحُرُوفِ، إِذا وَجَدَّتَ الَمَوْضُوعَ الرَّئِيسِ الَّذِي يُمْكِنُ دُخُولُ الحَدِيثِ الَّذِي تَبْحَثُ عَنْهُ تَحْتَهُ - تَحْتَ هَذَا الَمَوْضُوعِ - فَابْحَثْ فِي الَمَوْضُوعَاتِ أَو العَنَاوينِ الفَرْعِيَّةِ، ثُمَّ تَنْظُرُ إِذا وَجَدْتَ عُنْوانًا فَرْعِيًا قَرِيبًا مِنْ مَعَنَى الحَدِيثِ الَّذِي تَبْحَثُ عَنْهُ، فَرَاجِعِ الِأَحَادِيثِ الَّتِي أَحَالَكَ عَلَيْهَا، فَيُنْتَبَهُ هُنَا إِلَى أَنَّهُ لَا تُوجَدُ نُصُوصُ أَحَادِيثَ هُنَا فِي الَكِتَابِ، إِنَّمَا هِيَ إحَالَاتٌ عَلَى مَوَاضِعَ ذُكِرَ فِيهَا هَذَا الَمَعَنى فِي الرِّوايَاتِ، فَهَذَا يَأْخُذُ مِنَ البَاحِثِ وَقْتًا؛ لأَنَّهُ سَيَرْجِعُ إِلَى الرِّوَايَةِ الَّتِي أَحَالَ إِلَيْهَا قَدْ تَكُونُ هَذِهِ الرِّوَايَةِ هِي الَّتِي يَبْحَثُ عَنْهَا وقَدْ لَا تَكُونُ، وإِنْ وَجَدَهَا قَدْ تَكُونُ مِنْ رِوَايَةِ نَفَسِ الصَّحَابِيِّ الَّذِي يُرِيدُ تَخْرِيجَ حَدِيثِهِ، وقَدْ تَكُونُ مِنْ رِوَايَةِ صَحَابِيٍّ آخَرٍ.
لِنَفْرِضْ أَنَّك تُخَرِّجُ حَدِيثًا عَنْ أَبَي هُرَيْرَةَ، والإحَالةُ عَلَى حَدِيثٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُمَرَ، سَتَبْحَثُ عَنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالذَّاتِ، هَذَا الإشْكَالُ أَيْضًا مَوْجُودٌ فِي المُعْجَمِ المُفَهْرِسْ، هَذِهِ الإحَالَاتُ نَظَرًا لِحَذْفِ اسْمِ الصَّحَابِيِّ مِنَ الإحَالَةِ تَأْخُذُ وَقْتًا، سَتُراجِعُ جَمِيعَ الإحَالَاتِ إِذا كُنْتَ تَبْحَثُ عَنْ حَدِيثِ صَحَابِيٍّ مُعَيَّنٍ بِالذَّاتِ، مَثَلًا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ إِذا كُنْتَ تُرِيدُ الَمَعْنَى فَقَطْ فَهَذَا لَا إِشْكَالَ.
نَبْدَأُ بِالأمْثِلَةِ التَّطْبِيقِيَّةِ، لِنَأْخُذْ مَثَلاً:
حَدِيثُ: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»( ).
مَوْضُوعُ الحَدِيثِ الرَّئِيسُ مَا هُوَ؟
الحُبُّ فِي اللّهِ، الأُخُوَّةُ، الإِيمَانُُ.
مَا أَقْرَبُ الَمَوْضُوعَاتِ؟
الحُبُّ فِي اللهِ.
الحُبُّ يَبْدَأُ بِمَاذَا؟ بِأَيِّ الحُرُوفِ؟
الحَاءُ طَبْعًا (ال) مُهْمَلَةٌ لَا اعْتِبَارٌ لَهَا، فَنَذْهَبُ إِلَى حَرْفِ الحَاءِ، قُلْنَا: إِنَّ المَوْضُوعَاتِ مُرَتَّبَةٌ عَلَى الحُرُوفِ، إِذَا ذَهَبْنَا إِلَى حَرْفِ الحَاءِ نَجِدُ أَنَّهُ مِنَ المَوْضُوعَاتِ الَّتِي عَقََدَهَا تَحْتَ هَذَا الحَرْفِ مَوْضُوعُ الحُبِّ، تَرَوْنَه أمَامَكُمْ، الحُبُّ.
تَحْتَ هَذَا المَوْضُوعِ الرَّئِيسِ عِدَّةُ مَوْضُوعَاتٍ:
المَوْضُوعُ الأَوَّلُ قَالَ: "مِنَ الإِيمَانِ كَوْنُ اللهِ وَرَسُولهِ أَحَبَّ إِلَى المَرْءِ مِمَّا سِوَاهُمَا".
ثُمَّ عَقَدَ مَوْضُوعًا قَالَ: "حُبُّ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الإِيمَانِ".
الَمَوْضُوعُ الثَّالِثُ: "لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبُّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ."
هَذَا هُوَ الَمَعْنَى الَّذِي نَبْحَثُ عَنْهُ فِي هَذَا الحَدِيثِ.
بَعْدَ أَنْ وَقَفْنَا عَلَى أقْرَبِ الَمَعَانِي إِلَى الحَدِيثِ الَّذِي نَبْحَثُ عَنْهُ، نَنْظُرُ فِي الإحَالَاتِ.
ذَكَرَ هُنَا مِنَ الإحَالَاتِ قَالَ: (بخ) (باء خاء) قُلْنَا: هَذَا رَمْزٌ للبُخَارِيِّ، و(ك)، يَعْنِي بِهِ الَكِتَابَ، و(ب) للبَابِ، ثُمَّ الأرْقَامُ الَّتِي بَعْدَهَا.
أُرِيدُ أَنْ تَنْتَبِهُوا، فِي كِتَابِ «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ»، وَكَذَلِكَ فِي «المُعْجَمُ المُفَهْرِسُ»، الإحَالَةُ فِي جَمِيعِ الكُتُبِ السِّتَّةِ هِيَ عَلَى الَكِتَابِ وَرَقْمِ البَابِ، هَذَا يَا إِخَوَانُ بِالتَّجْرِبَةِ، بَعْضُ الإخْوَانِ إِذَا أَغْفَلَهُ ضَاعَ عَلَيْهِ وَقْتٌ كَثِيرٌ، لَاسِيَّمَا مَعَ الاخْتِبَارَاتِ العَمَليَّةِ فِي الكُلِّيَةِ، بَعْضُ الإخْوَانِ يُضِيعُ عَلَيْهِ الَوَقْتُ بِسَبَبِ أَنَّهُ يَنْسَى هَذَا، الإحَالَةُ فِي جَمِيعِ الكُتُبِ السِّتَّةِ عَدَا مُسْلِمٌ وَمُوَطَّأِ الإمَامِ مَالِكٍ، أَو فِي جَمِيعِ الكُتُبِ، هَذَا فِي الكُتُبِ الَّتِي تُرَتِّبُ عَلَى الأَبْوَابِ، وَهِيَ البُخَارِيُّ، وسُنَنِ أَبَي دَاودَ، والتِّرْمِذِيُّ، والنَّسَائِيُّ، وابَنُ مَاجَه، الإِحَالَةُ عَلَى الَكِتَابِ ورَقْمِ البَابِ، الأرْقَامُ الَّتِي تَأْتِي بَعَدَ حَرْفِ البَاءِ يُرَادُ بِهَا رَقْمَ البَابِ، أمَا الإحَالَةُ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَمُوَطَّأِ الإمَامِ مَالِكٍ فَهِيَ عَلَى الَكِتَابِ ورَقْمِ الحَدِيثِ.
بَقِيتِ الكُتُبُ السِّتَّةُ، وسُنَنُ الدَّارِمِيُّ، الإحَالَةُ فِيهِ عَلَى الَكِتَابِ ورَقْمِ البَابِ، لَاحِظُوا هُنَا قَالَ: (بَاء خَاء) فِي الكِتَابِ الثَّانِي، البَابُ السَّابِعُ إِلَى التَّاسِعِ، وَالرَّابِعُ عَشْرَ، ثُمّ قَالَ: الَكِتَابُ رَقْمُ (78) البَابُ (42)، والَكِتَابُ (89) البَابُ الأَولُ، لَمَّا جَاءَ إِلَى إحَالَةِ مُسْلِمٍ قَالَ: كِتَابُ (1)، حَدِيثُ (66)، (71)، كَذَلِكَ إِذا كَانَتِ الإحَالَةُ عَلَى المُوَطَّأِ لَاحِظُوا المُوَطَّأِ هُنَا.
لَو أَخَذْنَا أَيَّ إِحَالَةٍ عَلَى المُوَطَّأِ، مَثَلًا هُنَا فِي صَفْحَةِ (140) مَوْضُوعٌ: الحُبُّ والإِيمَانُ، قَالَ: "لَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا"، فِي هَذَا المَوْضُوعِ فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى المُوَطَّأِ، لَاحِظُوا: (ميم أَلِف) الَكِتَابُ (51) حَدِيثٌ مِنْ (13-16)، فَالإحَالَةُ دَائِمًا فِي «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ»، وفِي «المُعْجَمِ المُفَهْرِسِ» بِالنِّسْبَةِ للكُتُبِ المُرَتَّبَةِ عَلَى الأَبْوَابِ، فِي جَمِيعِ الكُتُبِ إلَا مُسْلِمٌ و«مُوَطَّأِ الإمَامِ مَالِكٍ» عَلَى الَكِتَابِ ورَقْمِ البَابِ، أمَا فِي مُسْلِمٍ والمُوَطَّأِ فَالإحَالَةُ عَلَى الَكِتَابِ ورَقْمِ الحَدِيثِ.
عِنْدَنَا الآنَ البُخَارِيُّ، قَالَ: الَكِتَابُ الثَّانِي، البَابُ مِنْ (7-9) والبَابُ (14)، نُرِيدُ أَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْ هَذِهِ الإحَالَةِ.
إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نَعْرِفَ مَا هُوَ الَكِتَابُ الثَّانِي، قُلْنَا: فِي أَوَّلِ الَمِفْتَاحِ هُنَاكَ فِهْرِسٌ للكُتُبِ فِي «صَحِيحِ البُخَارِيِّ» وفِي مُسْلِمٍ وفِي أَبَي دَاودَ... الخ، أمَامَ كُلِّ كِتَابٍ رَقْمُهُ بِحَسَبِ تَرْتِيبِه فِي هَذَا الَكِتَابِ، فـ«صَحِيحُ البُخَارِيِّ» الَكِتَابُ الثَّانِي هُوَ بِحَسَبِ الفِهْرِسِ أمَامَكُمْ كِتَابُ الإِيمَانِ.
إِذَا وَقَفَتَ عَلَى الَكِتَابِ وَعَرَفَتَ مَا هُوَ، تَعُودُ إِلَى تَبْوِيبِ هَذَا الَكِتَابِ فَتَذْهَبُ إِلَى البَابِ السَّابِعِ.
الإِخْوَانُ اللَّذِيْنَ مَعَهُمُ الصَّحِيحَ، إِذَا وَقَفْنَا عَلَى الَكِتَاب الآن، الَكِتَابُ الثَّانِي هَوَ كِتَابُ الإِيمَانِ، البَابُ السَّابِعُ، الإحَالَةُ عَلَى البَابِ السَّابِعِ نَذْهَبُ إِلَى البَابِ السَّابِعِ، نَجِدُ بَابًا: البَابُ السَّابِعُ عَقَدَهُ الإمَامُ فَقَالَ: "بَابٌ مِنَ الإِيمَانِ أَنْ يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ".
قَالَ رَحِمَهُ اللّهُ: حَدَثَنَا مُسَدَّدٌ قَالَ: حَدَثَنَا يَحْيَى، عَنْ شُعُبَة،َ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ( ) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وعَنْ حُسَينِ المُعَلِّمِ قَالَ: حَدَّثَنَا قَتَادَةُ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنه عَنِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ»( ).
هَذَا الحَدِيثُ فِي البَابِ السَّابِعِ، فِي البَابِ الثامَنِ، الإخْوانُ مَعَهُمُ الصَّحِيحَ أَو مَوْسُوعَةِ الكُتُبِ السِّتَّةِ.
بَابٌ حُبُّ الرَسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الإِيمَانِ.
نَقْرَأُ الحَدِيثَ، هُوَ نَفْسُ هَذَا الحَدِيثِ، حَدِيثُ أَنَسٍ:
«لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ».
البَابُ التَّاسِعُ (قَرَاءَةٌ مِنْ طَالِبٍ).
البَابُ الرَّابِعُ عَشْرَ (قَرَاءَةٌ مِنْ طَالِبٍ).
البَابُ السَّابِعُ هَوَ الَّذِي قَرَأْتُهُ أَنَا.
المُهِمُّ فِيهِ نَفْسُ هَذَا المَعْنَى.
الإحَالَةُ الثَّانِيَةُ: قَالَ: الَكِتَابُ (78) بَابٌ (42)، الَكِتَابُ (78) مَا هُوَ بِحَسَبِ الفِهْرِسِ أمَامَكُمْ: كِتَابُ الأَدَبِ.
نَذْهَبُ إِلَى البَابِ (42)، البَابُ (42) مَا هَوَ؟
هَكَذَا قَالَ: "بَابُ الحُبِّ فِي اللّهِ".
مَوْجُودٌ الحَدِيثُ فِيهِ؟
هَكَذَا بَقِيَّتُ الإحَالَاتِ يَا إخْوَانُ.
بِالنِّسْبَةِ لِمَا ذَكَرَهُ هُنَا فِي هَذَا الحَدِيثِ، «لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ»، أَو هَذَا الَمَوْضُوعُ: هَوهُنَا لَا يُعَنْوِنُ، لَا يَقَصُدُ حَدِيثًا بِعَيْنِهِ، إِنَّمَا يَقْصُدُ هَذَا المَعَنَى، الَمَوْضُوعُ.
نَأْخُذُ مِثَالَاً آخَرَ: حَدِيثُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ»( ).
مَا المَوْضُوعُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الحَدِيثِ؟
صِلَةُ الرَّحِمِ.
إِذا أَرَدْنَا: صِلَةَ الرَّحِمِ كَمَوْضُوعٍ أَيْنَ يُوجَدُ بِحَسَبِ التَّرْتِيبِ الهِجَائِيِّ؟
بِحَسَبِ مَوْضُوعاتِ المِفْتَاحِ.
صِلَةُ الرَّحِمِ.. الصَّادُ.
هَلْ فِي حَرْفِ الصَّادِ عُنْوَانُ صِلَةِ الرَّحِمِ؟
طَبْعًا يُسْتَفَادُ مِنَ المِقَصِّ المَوْجُودِ فِي رُؤُوسِ الصَّفَحَاتِ.
هَذَا يُسَمِّيهِ أهَلُ الَعَلَّمِ مِقَصُّ الصَّفْحَةِ. حَتَّى يُوَفِّرُ شَيْئًا مِنَ الوَقْتِ.
صِلَةُ الرَّحِمِ، صَفْحَةُ (283)
فِي أَيِّ عَمُودٍ؟
العَمُودُ الثَّانِي.
لَاحِظُوا هُنَا قَال: صِلَةُ الأَرْحَامِ، انْظُر الرَّحِمَ. فَنَعُودُ إِلَى حَرْفِ الرَّاءِ.
صَفْحَةُ (206) آخَرُ العَمُودِ الثَّانِي.
لَاحِظُوا أَنَّ الرَّحِمَ مَوْضُوعٌ كَبِيرٌ فِي السُّنَّةِ، وَلِهَذَا قَسَمَهُ إِلَى مَوْضُوعَاتٍ فَرْعِيَّةٍ، نَحْنُ نَبْحَثُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَجْرِ صِلَةِ الرَّحِمِ ألَيْسَ كَذَلِكَ؟
عِنْدَنَا فِي صَفْحَةِ (207)، آخَرِ العَمُودِ الثَّالِثِ، قَالَ: أَجْرُ مَنْ وَصَلَ رَحِمَهُ.
طَبَعًا هَذَا مَوْضُوعٌ، ذَكَرَ لَكَ إحَالَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ، فِيهَا أَجْرُ مَنْ وَصََلَ رَحِمَهُ، فأَنْتَ الآنَ تُجَرِّبُ جَمِيعَ هَذِهِ الإحَالَاتِ، تَعُودُ إِلَى البُخَارِي الكِتَابُ (34) البَابُ (13) و (98)، الكِتَابُ (37) البَابُ (12)، الكِتَابُ (41) البَابُ (13) وهَكَذَا.
قَدْ يُوجَدُ الحَدِيثُ هَذَا وقَد لَا يُوجَدُ، لَكِنْ هَذِهِ الإحَالَاتِ فِيهَا أَجْرُ مَنْ وَصَلَ، أَحَادِيثٌ تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الَمَعَنى، لَكِنْ هَلْ هُوَ الحَدِيثُ الَّذِي تَبْحَثُ عَنْهُ أَوْ لَا.. هَذَا أَمَرٌ آخَرُ..
«مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِى رِزْقِهِ»
نَفَسُ هَذَا الحَدِيثِ الَّذِي مَعَنَا؟
مُمْكِنْ تُخَّرِجُه يَا شَيْخُ بِالعِبَارَةِ الَاصْطِلَاحِيَّةِ الَّتِي ذَكَرْنَا أَمْسِ.
اسْتَعْمَلْتَ أَيَّ الإحَالَاتِ حَتَّى يُتَابِعُ الإخْوانُ مَعَنَا؟
أَيُّ الكُتُبِ؟
عِنْدَنَا أكْثَرُ مِنْ إحَالَةٍ عَلَى صَحِيحِ البُخَارِيِّ.
الشَّيْخُ هُنَا اسْتَعْمَلَ الحَالَةَ الأَولَى، الَكِتَابُ (34)، لَمَّا رَجَعَنَا إِلَيْهِ فِي الفِهْرِسِ وَجَدْنَا أَنَّه كِتَابُ البُيُوعِ، ثُمَّ البَابُ (13) بَابُ مَاذَا؟
خَرِّجْ بِالعِبَارَةِ الاصْطِلَاحِيَّةِ الَّتِي ذَكَرنَا أَمْسِ؟
إِذًا الصَّفْحَةُ (322)، (2067).
نَنْتَقِلُ إِلَى حَدِيثٍ آخَرٍ «نَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن قَتَل الضَّفَادِعِ».
مَوْضُوعٌ بِعُنْوانِ الضَّفَادِعِ فِي الَكِتَابِ.
هُنَا فِي حَرْفِ الضَّادِ.
أَيُّهُمْ أقْرَبُ؟
نَبْحَثُ فِي الصَّيْدِ، يَعْنِي الَمِفْتَاحُ يُفِيدُ فِي هَذِهِ الحَيْثِيَّةِ، قُلْنَا: لَاحِظُوا الأَمَاكِنَ، الأشْخَاصَ، الأَمْكِنَةَ.
هُنَا فِي حَرْفِ الضَّادِ عَقَدَ عُنْوَانًا قَالَ: الضَّفَادِعُ.
تُلَاحِظُونَ يَا أَخَوَانُ هُنَا فِي العَمُودِ الثَّانِي، ص: (297)، تَحْتَهُ عُنْوَانٌ فَرْعِيٌ قَالَ: "النَّهْيُ عَنْ قَتْلِ الضِّفْدِعِ "، ثُمَّ أَحَالَ عَلَى النَّسَائِيِّ، ومُسْنَدِ الإمَامِ أَحَمَدَ.
أَحَدٌ عِنْدَهُ النَّسَائِيَّ مِنْ مَوْسُوعَةِ الكُتُبِ السِّتَّةِ؟
هَذِه نُسْخَةٌ مِنَ النَّسَائِيِّ، الَكِتَابُ (42) عَندَ النَّسَائِيِّ هُوَ كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ الإحَالَةُ عَلَى البَابِ (36) قَالَ: بَاب (36 ).
فِي كِتَابِ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، عَقَدَ النَّسَائِيُّ -رَحِمَهُ اللّهُ- بَابًا قَالَ: «الضِّفْدَعُ»، وَبِالعِبَارَةِ الاصْطِلَاحِيَّةُ نَقُولُ: الحَدِيثُ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ فِي السُّنَنِ، كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ، بَابُ الضِّفْدَعِ، ص: (606)، الحَدِيثُ رَقْمُ: (4360)، قَالَ: أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِى فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِى ذِئْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ خَالِدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ( ) أَنَّ طَبِيبًا ذَكَرَ ضِفْدَعًا فِى دَوَاءٍ عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهِ»( ).
هَذِهِ الإحَالَةُ إِحْدَى الإحَالَاتِ فِي هَذَا الَمَوْضُوعِ مِنْ خِلَالِ هَذَا الَكِتَابِ.
لِنَأْخُذْ مَثَلًاً حَدِيثَ «مَا أَقَلَّتِ الغَبْرَاءُ وَلاَ أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ مِنْ رَجُلٍ أَصْدَقَ مِنْ أَبِى ذَرٍّ»( ).
 أَبو ذَرٍّ( )، قُلْنَا: إِنَّ الَمُؤْلَفَ يُرَاعِي الأَسْمَاءَ، فَإِذَا وَرَدَ فِي لَفَظِ الحَدِيثِ اسْمٌ فَهُوَ مَظَنَّةٌ لِأَنْ يَعْقَِدَ لَهُ بَابًا، أَوْ عُنْوانًا فِي مَوْضُوعَاتِ هَذَا الَكِتَابِ.
أَبُو ذَرٍّ يَكُونُ فِي أَيِّ الحُرُوفِ؟
فِي الهَمْزَةِ.. أَبُو..
فَإِذَا ذَهَبْنَا إِلَى حَرْفِ الهَمْزَةِ، بَعْدَ الهَمْزَةِ المَمْدُودَةِ، هُنَا: أَبُو بَكْرٍ، أَبُو الدَّرْدَاءِ، أَبُو ذَرٍّ ... فِي الصَّفْحَةِ (16) ... العَمُودُ الأَوَّلُ.
عَقَدَ عُنْوَانًا: أَبُو ذَرٍّ، ثُمَّ أَحَالَ هُنَا، يَعْنِي: هَذِهِ مَوْضِعُ تَرْجَمَةِ أَبِي ذَرٍّ مِنْ طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ( )، قَالَ: (ع د) الجُزْءُ الرَّابِعُ، القِسْمُ الأَوَّلُ.
شَرَحتُ بِالأَمْسِ مَا الَمَقْصُودُ بـ (ق1) فِي بَعْضِ الكُتُبِ، فِي الطَبَعَاتِ القَدِيمَةِ، الجُزْءُ الرَّابِعِ مَثَلًاً فِي هَذِهِ الطَّبْعَةِ مَقْسُومٌ إِلَى قِسْمَيْنِ، فالجُزْءُ الرَّابِعُ القَسَمُ الأَوَّلُ، يعَني القِسْمَ الأَوَّلَّ مِنَ الجُزْءِ الرَّابِعِ، ص (161) هَذِه تَرْجَمَةُ أَبَي ذَر رَضِيَ اللهُ عَنه، فِي كِتَابِ طَبَقَاتِ ابْنِ سَعِدٍ.
ثُمَّ عَقَدَ عُنْوَانًا فَرْعِيَّا قَالَ: مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ ولَا أَقَلْتِ الغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍ.
هُنَا الإحَالةُ، تَارَةً إحَالةٌ إِلَى التِّرْمِذِيِّ، الَكِتَابُ (46) البَابُ (35) ثُمّ (م ج)، ابْن مَاجَه، المُقَدِّمَةُ، يَعْنِي مُقَدِّمَةُ السُّنَنِ البَابُ (11)، (ع د)، تَقَدَّمتْ ابْنُ سَعْدٍ، (ح م)، قَالَ: ثَانِي، وَقُلْنَا: يُرَادُ بِهَا الجُزْءُ، صَفْحَةُ (163) إِلَى آخِرِهِ، خَامِسُ صَفْحَةٍ كَذَا، سَادِسُ صَفْحَةٍ كَذَا.
نُجَرِّبُ مَعَ الإحَالَةِ الأُولَى إِنْ شِئْتُمُ الإحَالَةُ عَلَى التِّرْمِذِيِّ.
هَذِهِ نُسْخَةُ جَامِعِ التِّرْمِذِيِّ ... الكِتَابُ رَقْمُ (46) كِتَابُ مَاذَا؟
المَنَاقِبُ، أَبْوَابُ المَنَاقِبُ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَابٌ رَقْمُ (35(.
هَذِهِ الطَّبَعَاتِ امْتَازَتْ بأَنَّهُمْ يُرَاعُونَ التَّرْقِيمَ المُحَالُ عَلَيْهِ فِي المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ، وَهُوَ كَذَلِكُ يُوَافِقُ مَا فِي «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» فَعِنْدَنَا البَابُ رَقْمُ (35) قَالَ: بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنه. (862 (.
فِي هَذَا البَابِ إِذَا أَرَدْنَا بِالعِبَارَةِ الَاصْطِلَاحِيَّةِ تَخْرِيجَ هَذَا الحَدِيثِ نَقُولُ: الحَدِيثُ مِنْ خِلَالِ الاسْتِفَادَةُ مِنَ الإحَالَةِ الأُولَى، الحَدِيثُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الجَامِعِ، كِتَابُ المَنَاقِبِ، بَابُ مَنَاقِبِ أَبِي ذَرٍّ الغِفَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، صَفْحَةُ (862)، وإِنَّ هَذِهِ نُسْخَةٌ غَيْرُ مُجَزَّأَةٍ: رَقْمُ (3801) قَالَ: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غيلَان قَال: حَدَثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَيْرٍ -هُوَ أَبُو اليَقْظَانِ- عَنْ أَبِي حَرْبِ بْنِ أَبِي الأَسْوَدِ الدِّيْلِيّ، عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو( ) رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا أَظَلَّتِ الخَضْرَاءُ ولَا أَقَلْتِ الغَبْرَاءُ أَصْدَقَ مِنْ أَبِي ذَرٍّ».
نَنْتَقِلُ إِلَى الَكِتَابِ الثَّالِثِ الَّذِي نُرِيدُ التَّطْبِيقَ عَلَيْهِ فِي مَوْضُوعِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ، وهِي تَخْرِيجُ الحَدِيثِ بِالمَعْنَى.
هَذَا الَكِتَابُ مُهِمٌّ ومُفِيدٌ جِدًّا وهُو: «جَامِعُ الأُصُولِ فِي أَحَادِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
مُؤَلِّفُهُ هُوَ: مَجْدُ الدِّينِ أَبُو السَّعَادَاتِ المُبَارَكُ بْنُ مُحَمَّد بْنِ الأثِيرِ الجَزَرِيُّ( ) المُتَوَفَّى سَنَة 606هـ.
وبالمُنُاسُبَةِ ابْنُ الأَثِيرِ يُطْلَقُ عَلَى ثلَاثَةِ إخْوَةٍ: الأَوَّلُ هُوَ هَذَا مَجْدُ الدِّينِ أَبُو السَّعَادَاتِ المُبَارَكِ، وَلَمْ يَكُنِ الحَدِيثُ هُوَ فَنُّه الَّذِي اخْتَصَّ بِهِ، إِنَّمَا أكْثَرُ اشْتِغَالِهِ بِاللٌّغَةِ، وَهُوَ مُصَنِّفُ «النِّهَايَةُ فِي غَرِيبِ الحَدِيثِ».
أمَّا أَخُوهُ المُحَدِّثُ فَهُوَ: عِزُّ الدِّيْنِ أَبُو الحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ( )، صَاحِبُ كِتَابِ «أُسْدِ الغَابَةِ»، و«اللُّبَابُ فِي تَهْذِيبِ الأَنْسَابِ»، وهُوَ أَيْضًا صَاحِبُ «الكَامِلُ فِي التَّارِيخِ».
أمَّا أَخُوهُمُ الثَّالِثُ فَهُوَ: ضِيَاءُ الدَّيْنِ أَبُو الفَتْحِ نَصْرُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ( )، هَذَا الرَّجُلُ كَانَ أَدِيبًا، وأكْثَرُ حَيَاتِهِ كَانَ اشْتِغَالِهِ بِالوِزَارَةِ، كَانَ وَزِيرًا لِآلِ أيُّوبَ، وَوَزِيرًا لِصَلَاحِ الدَّينِ، ثُمَّ لَابْنِهِ، كَانَ وَزِيرًا لِدَولَةِ آل أيُّوبَ.
بَعْضُ طَلَبَةِ العِلْمِ يَخْلِطُونَ بَيْنَ مَجْدُ الدِّينِ أَبِي السَّعَادَاتِ المُبَارَكِ صَاحِبُ جَامِعِ الأُصُولِ، وَبَيْنَ أَخِيهِ صَاحِبُ أُسْدِ الغَابَةِ والكَامِلُ ومُخْتَصَرُ الأَنْسَابِ.
هَذَا مُؤَلِّفُ الَكِتَابِ.
سَبَبُ تَأْلِيفِهِ لِهَذَا الكِتَابِ: جَامِعِ الأُصُولِ، ذَكَرَهُ فِي مُقَدِّمَةِ كِتَابِهِ، فَقَدْ ذَكَرَ أَنَّهُ وَقَفُ عَلَى كِتَابِ رَزِينِ بْنِ مُعَاوِيَةَ السَّرَقُسْطِيِّ( )، المُسَمَّى: «التَّجْرِيدُ للصِّحَاحِ السِّتَّةِ»، هَذَا الَكِتَابُ مَشْهُورٌ فِي القَرْنِ السَّادِسِ والسَّابِعِ، لَكِنَّهُ لَا يُعْرَفُ لَهُ وُجُودٌ الآنَ، ولَعَلَّهُ مِنَ الكُتُبِ الَّتِي ذَهَبَتِ فِي الفِتَنِ، أَجَارَنَا اللهُ وإيَّاكُمْ، الَّتِي وَقَعَتْ فِي الأَنْدَلُسِ، ثُمَّ مَا جَرَّهُ التَّتَارُ عَلَى المُسْلِمِينَ.
هَذَا الَكِتَابُ وَقَفَ عَلَيْهِ ابْنُ الأثِيرِ، وذَكَر أَنَّهُ رَأَى فِيهِ إعْوَازًا واخْتِلَالًا فِي تَرْتِيبِ الأَحَادِيثِ عَلَى الأَبْوَابِ، وذَكَرَ أَنَّ رَزِينَ أَدْخَلَ بَعْضَ الأَحَادِيثَ فِي هَذَا الَكِتَابِ ولَيْسَتْ مِنْ أَحَادِيثِ الكُتُبِ السِّتَّةِ، فَرَأَى أَنَّ الكِتَابَ بِحَاجَةٍ إِلَى تَهْذِيبٍ، ثُمَّ بَدَا لَه ألَّا يَتَقَيَّدَ بِكِتَابِ رَزِينِ السَّرَقُسْطِيِّ، بَلْ يُؤَلِّفُ كِتَابًا يَبْتَكِرُ هُوَ مَنْهَجَهُ فِيهِ عَلَى طَرِيقَةٍ يَبْتَكِرُهَا هُوَ، فَأضْرَبَ عَنِ العِنَايَةِ بِكِتَابِ رَزِينِ السَّرَقُسْطِي، وابْتَدَأَ هَذَا الَكِتَابَ مِنْ جَدِيدٍ وَهُوَ جَامِعُ الأُصُولِ.
أمَّا الكُتُبُ الَّتِي اشْتَمَلَ الَكِتَابُ عَلَى أَحَادِيثِهَا، فَهِي الكُتُبُ السِّتَّةُ لَكِنْ بَدَلَ «سُنَنِ ابْنِ مَاجَه» أَدْخَلَ «المُوطَّأ» للإمَامِ مَالَكٍ، وَهَذَا رأَيٌ لِبَعْضِ أهْلِ العِلمِ فِي الكتُبِ السِّتَّةِ.
فِي الكتُبِ السِّتَّةِ ثلَاثةُ مَذَاهبٍ، لِأَهْلِ العِلْمِ فِيهَا ثَلَاثَةُ مَذَاهِبٍ:
الَمَذْهَبُ الأَولُ: وهُوَ المَشْهُورُ وهُوَ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ العَمَلُ، بَعَدَ أَنْ ألَّف الإمَامُ الحَافِظُ شَيْخُ الإسلَامِ وإمَامُ أهْلِ السُّنَّةِ فِي وَقْتِهِ عَبْدُ الغَنِيّ الَمقَدِسِي -رَحِمَه اللّه- كِتَابَهُ «الكَمَالُ فِي أسْمَاءِ الرِّجَالِ»، جَعَلَ الكُتُبَ السِّتَّةِ هِيَ الكتُبُ بِتَعَدَادِهَا المَعْروفِ، «صَحِيحُ البُخَارِي» و«صَحِيحُ مُسلَمٍ»، والسُّنَنُ الأرْبَعَةُ المَعْرُوفَةُ.
ذَهَبَ بَعْضُ أهَلِ العِلْمِ إِلَى وَضْعِ المُوطَّإ بَدَلَ «سُنَنِ ابنِ مَاجَه»، فَيَكُونُ هُوَ سَادِسُ الكُتُبِ السِّتَّةِ؛ لتَقَدُّمِ مُؤَلِّفِهِ وإمَامَتِهِ وانْتِقَائِهِ لِحَدِيثِهِ رَحِمَهُ اللّهُ.
ومَذْهَبٌ ثَالِثٌ اخْتَارَهُ بَعْضُ أهْلِ العلْمِ: وهُوَ أَنْ يُسْتبَدَلَ كِتَابُ «السُّنَنِ» لابْنِ مَاجَه، بِكِتَابِ «السُّنَنِ» للدَارِمِي.
فَهَذِه ثَلَاثَةُ مَذَاهِبٍ.
المَذْهَبُ المَشْهُورُ الَّذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ العَمَلُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ هُوَ: مَا هُوَ مُتَعَارَفٌ عَلَيْهِ الآن، لَكِنْ مَذْهَبُ ابنِ الأثِيرِ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ فِي هَذَا الَكِتَابِ: بَدَلَ ابْنَ مَاجةَ سُنَنُ الدَّارِمِيّ.
طَبْعًا الرُّمُوزُ الَّتِي اسْتَعْمَلَهَا الَمُؤَلِفُ فِي هَذَا الكِتَابِ هِي البُخَارِي رَمَزَ لَهُ بـ (خ) وصَحِيحِ مُسْلمٍ رَمَزَ لَه بـ (م)، هَذِه ِأَيْضًا الرُّمُوزُ المَشْهُورَةُ الآن، المُوَطَّأ رَمَزَ لَهُ بـ (ط) جَامُِع التِّرْمِذِيّ رَمَزَ لَهُ بِحَرْفِ (ت)، سُنَنُ أَبِي دَاوُدَ رَمَزَ لَهُ بِحَرْفِ (د) وسُنَنُ النَّسَائِيّ رَمَزَ لَهُ بِحَرْفِ (س)، طَبْعًا السُّنَنُ: سُنَنُ النَّسَائِيّ الَّتِي أَدْخَلَهَا فِي هَذَا الَكِتَاب هِي الصُّغْرَى لَا الكُبْرَى.
هَذِه الكُتُبُ الَّتِي اشْتَمَلَ هَذَا الَكِتَابُ جَامِعُ الأُصُولِ عَلَى أَحَادِيثِهَا.
يَهُمُّنَا يَا إخْوَانُ التَّرْكِيزُ عَلَى فَهْمِ مَنْهَجِ المُؤَلِّفِ فِي هَذَا الَكِتَابِ، هَذَا الكِتَابُ كَثِيرُ الفَائِدَةِ، والَمُؤَلِّفُ لَهُ فِيهِ مَنْهَجٌ أَبَانَهُ بِدِقَّةٍ فِي مُقََدِّمَتِهِ، فَالكِتَابُ قَسَمَه المُؤَلِّفُ إِلَى ثلَاثَةِ أَقْسَامٍ سَمَّاهَا أرْكَانًا:
فَالرُّكْنُ الأَوَّلُ: سَمَّاهُ المَبَادِئُ، ويَشْتَمِلُ عَلَى مَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْهَجِهِ فِي الَكِتَابِ وأَنْوَاعٌ مِنْ عُلُومِ الحَدِيثِ، هُنَاكَ مُقَدِّمَةٌ نَافِعَةٌ فِي عُلُومِ الحَدِيثِ مَوْجُودَةٌ فِي الجُزْءِ الأَولِ مِنْ هَذَا الَكِتَابِ: جَامِعِ الأُصُولِ، وهِيَ مُقَدِّمَةٌ مُفِيدَةٌ فِي عِلمِ الحَدِيثِ، تَتَعَلَّقُ بِمَبَاحِثِ المُصْطَلَحِ.
إذًا الرُّكْنُ الأَوَّلُ الَّذِي سَمَّاهُ المُؤَلِّفُ المَبَادِئُ يَشْتَمِلُ عَلَى مَنْهَجِهِ وَمُقَدِّمَةٌ فِي مُصْطَلَحِ الحَدِيثِ، أَو فِي عُلُومِ الحَدِيثِ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: سَمَّاهُ المَقَاصِدُ، ويَشْتَمِلُ عَلَى الكُتُبِ الَّتِي رَتَّبَ وِفْقَهَا أَحَادِيثَ الكِتَابِ: كِتَابُ الإِيمَانِ، كِتَابُ الإِحْسَانِ، كِتَابُ البُيُوعِ، الجِهَادِ... إِلَى آخَرهِ، وهُوَ أكبَرُ الأَقْسَامِ الثلَاثَةِ: المَقَاصِدُ، يَعْنِي هُوَ الرُّكْنُ الأسَاسِ فِي هَذَا الَكِتَابِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: سَمَّاهُ الخَوَاتِيمُ، ويَشْتَمِلُ عَلَى ثلَاثةِ أَقْسَامٍ:
القِسْمُ الأَولُّ: الأَحَادِيثُ الَّتِي فِي فَهْمِ مَعْنَاهَا نَوْعُ اضْطِرَابٍ أَو اشْتِبَاهٌ، فذَكَرَ مِنْ كُلِّ حَدِيثٍ كَلِمَةً بَارِزَةً فِيهِ، بِحَيْثُ تَكُونُ هَذِهِ الكَلِمَةُ دِلَالَةً عَلَى بَاقِي الحَدِيثِ، وَهَذَا القِسْمُ مُفِيدٌ جِدًا.
القِسْمُ الثَّانِي: فِي الأسْمَاءِ والكُنَى فَقَدْ يَشْتَمِلُ الحَدِيثُ عَلَى اسْمٍ أَو كُنْيَةٍ، فَهُوَ يَقُولُ الاسْمُ الفُلَانِي جَاءَ فِي الحَدِيثِ كَذَا انْظُرْ بَابَ كَذَا كِتَابَ كَذَا يُحِيلُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابَهِ.
القِسْمُ الثَّالِثُ: وَضَعَ فِيهِ المُصَنِّفُ فِهْرِسًا لِجَمِيعِ مَا فِي كِتَابَهِ، يعَنِي هَو فِهْرِسٌ لِكِتَابَهِ بِنَفْسِهِ.
إذًا الَكِتَاب مَقْسُومٌ إِلَى ثلَاثَةِ أرْكَانٍ:
الرُّكْنُ الأَولُ: فِي مَنْهَجِ المُؤَلِّفِ الَّذِي سَمَّاهُ المَبَادِئُ، ومُقَدِّمَةٌ فِي عُلُومِ الحَدِيثِ، أَو مُصْطَلَحِ الحَدِيثِ.
الرُّكْنُ الثَّانِي: سَمَّاهُ المَقَاصِدُ وهُوَ فِي الكُتُبِ الَّتِي رَتَّبَ عَلَى وِفْقِهَا أَحَادِيثَ هَذِهِ الكُتُبِ السِّتَّةِ.
الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الَّذِي سَمَّاهُ الخَوَاتِيمُ قُلْنَا يَشْتَمِلُ عَلَى ثلَاثَةِ أَقْسَامٍ:
القِسْمُ الأَولُّ: وهُوَ مُهِمٌ جِدًا فِي الِأَحَادِيثِ الَّتِي قَدْ يُشْكِلُ مَعْنَاهَا أَو يَشْتَبِهُ مَعْنَاهَا فَيَذْكُرُ مِنْ كُلِّ حَدِيثٍ كَلِمَةً تَدُلُّ عَلَى بَاقِي المَتْنِ، ثُمَّ يَذْكُرُ لَكَ كَلِمَةَ كَذَا فِي الحَدِيثِ الفُلَانِي تَقَدَّمَتْ انْظُر الحَدِيثَ تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ كَذَا بَابِ كَذَا.
القِسْمُ الثَّانِي: فِي الأسْمَاءِ والكُنَى يَعْنِي إِذَا وَرَدَ فِي لَفْظِ الحَدِيثِ اسْمٌ أَوْ كُنْيَةٌ فَيُحِيلَكَ عَلَى مَوْضِعِه مِنْ كِتَابِهِ هُوَ.
القِسْمُ الثَّالِثُ: وهُوَ فِهْرِسٌ تَفْصِيلِيٌّ لِجَمِيعِ مَا فِي كِتَابِهِ.
هَذَا تَقْسِيمُ الكِتَابِ بِشَكْلٍ عَامٍ.
السُّؤَالُ: بَعْضُ الأَحَادِيثِ قَدْ يَخْفَى مَعْنَاهَا ألَيْسَ كَذَلِكَ؟
الجَوَابُ: فَهُوَ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنَ الأَحَادِيثِ يذْكُرُ كَلِمةً تَدُلُّ عَلَى بَاقِي الحَدِيثِ، يَعْنِي تَكُونُ بَارِزَةً فِي الحَدِيثِ، فَيَقُولَ لَكَ مَثَلاً: الحَدِيثُ الَّذِي كَذَا، مِنْ خِلَالِ هَذِه الكَلِمَةِ الَّتِي ذِكْرُهَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ كَذَا بَابِ كَذَا...
نُطَبِّقُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللهُ بَعْدَ قَلِيلٍ.
ثَانِيًا: الَمُؤَلِّفُ رَتَّبَ أَحَادِيثَ الكِتَابِ عَلَى الكُتُبِ، وفَصَّل هَذِهِ الكُتُبَ إِلَى أَبْوَابٍ وَفُصُولٍ وأَنْواعٍ وفُرُوعٍ وأَقْسَامٍ بِحَسَبِ حَالِ الِأَحَادِيثَ كَثْرَةً وَقِلَّةً.
فَإِذَا أَخَذْنَا كِتَابَ الصَّلَاةِ، كِتَابٌ كَبِيرٌ فِي السُّنَّةِ؟ صَحِيحٌ؟
فَهُوَ قَسَّمَ هَذَا الَكِتَابَ إِلَى أَبْوَابٍ، والأَبْوَابُ قَسَّمَهَا إِلَى فُصُولٍ، والفُصُولُ قَسَّمَهَا إِلَى أَنْواعِ، والأَنْوَاعُ قَسَّمَهَا إِلَى فُرُوعٍ؛ لأَنَّهُ كِتَابٌ كَبِيرٌ يَحْتَاجُ إِلَى تَقْسِيمٍ؛ لِكَثْرَةِ الَمَعَانِي الَّتِي جَاءَتْ فِي السُّنَّةِ المُتَعَلِّقَةُ بِالصَّلَاةِ وَأَحْكَامِهَا.
ثَالِثًا: المُؤَلِّفُ يُرَاعِي فِي تَقْسِيمِهِ للأَحَادِيثِ عَلَى الأَبْوَابِ، أَنَّهُ يُفْرِدُ كُلَّ حَدِيثٍ اشْتَمَلَ عَلَى مَعَنىً ظَاهَرٍ بِبَابٍ خَاصٍّ، هَذَا مَنْهَجُهُ فِي التَّقْسِيمِ عَلَى الأَبْوَابِ، إِذا كَانَ فِي الحَدِيثِ مَعَنىً ظَاهَرًا فَإِنَّهُ يُفْرِدُ هَذَا الحَدِيثَ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ.
أمَّا إِذَا اشْتَمَلَ الحَدِيثُ عَلَى عَدَّةِ مَعانٍ لَكِنْ أَحَدُهَا أَظْهَرُ مِنَ الآخَرِ، فَإِنَّهُ يُفْرِدُ هَذَا الَمَعْنَى الأَظْهَرُ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ، ويُغْفِلُ الَمَعَانِي الأُخْرَى.
أمَّا الِأَحَادِيثُ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى عَدَّةِ مَعَانٍ ولَيْسَ فِي أَحَدِ هَذِهِ الَمَعَانِي مَا هُوَ أَظْهَرُ مِنَ المَعَانِي الأُخْرَى، فَإِنَّهُ لَا يُفْرِدُهُ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ، هَذَا النَوْعُ مِنَ الأَحَادِيثِ، عَقَدَ لَهُ كِتَابًا خَاصًا سَمَّاهُ: اللَّوَاحِقُ، ذَكَرَهُ فِي آخَرِ الرُّكْنِ الثَّانِي: المَقَاصِدُ، بَعْدَ أَنْ انْتَهَى مِنَ الكُتُبِ قَالَ: كِتَابُ اللَّوَاحِقِ.
إذًا كَيْفَ يُبَوِّبُ ابْنُ الأثِيرِ فِي هَذَا الكِتَابِ؟
إِذَا كَانَ الحَدِيثُ اشْتَمَلَ عَلَى مَعَنىً وَاحِدٍ فَإِنَّهُ يُفْرِدُهُ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ، وإِذَا اشْتَمَلَ عَلَى عَدَّةِ مَعَانٍ لَكِنْ أَحَدُ هَذِهِ المَعَانِي أظْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَيْضًا يُفْرِدُهُ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ.
وإِذَا اشْتَمَلَ عَلَى عَدَّةِ مَعَانٍ لَكِنْ لَيْسَ فِي أَحَدِهَا مَعَنىً أَظْهَرُ مِنَ المَعَانِي الأُخْرَى وَضَعَهُ فِي كِتَابِ اللَّوَاحِقِ.
التَّبْوِيبُ عِنْدَ ابْنِ الأَثِيرِ، الحَدِيثُ لَهُ ثلَاثَةُ أَحْوَالٍ:
إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى مَعَنىً ظَاهِرٍ يُفْرِدُهُ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ
وإِذَا اشْتَمَلَ الحَدِيث عَلَى عَدَّةِ مَعَانٍ لَكِنْ أَحَدُ هَذِهِ المَعَانِي أظْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ أَفْرَدَهُ أَيْضًا بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ.
أمَّا إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى عَدَّةِ مَعَانٍ لَكِنْ لَيْسَ أَحَدُ هَذِهِ المَعَانِي أَظْهَرُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنَّهُ لَا يُفْرِدُ هَذَا الحَدِيثَ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ بَلْ يَجْعَلُهُ فِي كِتَابِ اللَّوَاحِقِ.
مَوْضُوعُ ظُهُورِ المَعْنَى، كَوْنُ فِي الحَدِيثِ مَعْنَى ظَاهِرٌ، أَو إِذَا اشْتَمَلَ عَلَى عِدَّةِ مَعَانٍ وأَحَدُهَا أَظْهَرُ مِنَ الآخَرِ هَذَا أَمْرٌ نِسْبِيٌ، هَذَا أَمْرٌ يَنْبَغِي الانْتِبَاهُ لَهُ، قَدْ يَقْرَأُ بَعْضُكُمْ بَعْضَ هَذِهِ الِأَحَادِيثَ المَوْجُودَةِ فِي كِتَابِ اللَّواحِقِ وَيَرَى بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ أَنَّ فِي هَذَا الحَدِيثِ مَعَنَىً ظَاهَرًا، كَانَ يَنْبَغِي لابْنِ الأَثِيرِ أَنْ يُفْرِدَهُ بِبَابٍ مُسْتَقِلٍّ، فَيُنْتَبَهُ إِلَى أَنَّ هَذَا الَمَوْضُوعُ، مَعَنَى الحَدِيثُ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لَكْ لَكِنَّهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ بِالنِّسْبَةِ لابْنِ الأثِيرِ، هَذِه مَسْأَلَةٌ نِسْبِيَّةٌ، مِثْلُ مَسْأَلَةِ التَّرْجِيحِ فِي المَسَائِلِ، مَا يَتَرَجَّحُ لَكَ لَيْسَ بِالضَّرُورَةِ هُوَ مَا يَتَرَجَّحُ لِآخَرٍ، فَهِيَ مَسْأَلَةٌ نِسْبِيَّةٌ.
رَابِعًا: مِنْ مَنْهَجِ المُؤَلِّفِ أَنَّهُ يُرَتِّبُ الكُتُبَ فِي كِتَابِهِ هَذَا جَامِعُ الأُصُولِ مُرَاعِيًا حُرُوفَ الهِجَاءِ، أَو يُرَتِّبُهَا عَلَى الحُرُوفِ، فمَثَلاً الإِيمَانُ، والإسْلَامُ، والإيلَاءُ، والَاعْتِصَامُ، كُلُّهَا فِي حَرْفِ الهَمْزَةِ مَثْلُ مَا تَقَدَّمَ مَعَنَا فِي «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ».
كِتَابُ البُيُوعِ فِي أَي الحُرُوفِ؟ البَاء،
الجِهَادُ فِي الجِيمِ،
النِّكَاحُ فِي النُّونِ،
إذًا هُوَ يُرَاعِي الحُرُوفَ فِي تَرْتِيبِ الكُتُبِ.
خَامِسًا: رَأَى المُصَنِّفُ أَنَّ بَعْضَ الكُتُبِ قَدِ انْقَسَمَتْ إِلَى أَبْوابَ عَدِيدَةٍ، ولَو أَنَّهُ أَفْرَدَ بَعْضَ هَذِهِ الأَبْوَابِ بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ فَيَتَرَتَّبُ عَلَى هَذَا أَنْ تَتَفَرَّقَ أَحَادِيثُ هَذَا الكِتَابِ إِلَى مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ، فَجَمَعَ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بأَحَادِيثِ هَذَا الَكِتَابِ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ، ثُمَّ إِذَا جَاءَ إِلَى مَوْضِعِ الكِتَابِ الثَّانِي أَحَالَ عَلَيْهِ.
لِنَأْخُذْ عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ كِتَابُ الجِهَادِ.
هُنَاكَ عِدَّةُ أَبْوَابٍ يُمْكِنُ أَنْ تُفْرَدُ فَتَكُونَ كِتَابًا مُسْتَقِلَّاً، مَثَلاً مَا يَتَعَلَّقُ بِالفَيْءِ والغُلُولِ، يُمْكِنُ أَنْ يُفْرَدَ بِكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ، مَا يَتَعَلَّقُ بِالغَنَائِمِ يُمْكِنُ أَنْ يُفْرَدَ بكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ، لَكِنْ هُوَ رَأَى إِذَا أَفْرَدَ الغَنَائِمَ بكِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ تَفَرَّقَتْ أَحْكَامُ كِتَابِ الجِهَادِ إِلَى مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ.
مَا يَتَعَلَّقُ بالجِهَادِ فِي حَرْفِ الجِيمِ،
مَا يَتَعَلَّقُ بِالغَنَائِمِ يَكُونُ فِي حرْفِ الغَيْنِ،
مَا يَتَعَلَّق بالفَيْءِ يَكُونُ فِي حرْفِ الفَاءِ،
فَنَظَرًا حَتَّى لَا تَتَشَتَّتَ هَذِهِ الأَحْكَامُ فِي كُتُبٍ مُتَفَرِّقَةٍ، رَأَى أَنْ يَجْمَعَ الجَمِيعَ فِي كِتَابِ الجِهَادِ فِي حَرْفِ الجِيمِ، ثُمَّ إِذَا جَاءَ إِلَى الغَنَائِمِ فِي آخَرِ حَرْفِ الغَيْنِ يَقُولُ: الغَنَائِمُ انْظُر الجِهَادَ.
وهُوَ فِي نِهَايَةِ كُلِّ حَرْفٍ يَعْقِدُ مِثْلَ التَّذْكِرَةِ.. يَقُولُ فِي نِهَايَةِ كُلِّ حَرْفٍ، يَعْقِدُ تَرْجَمَةً بِهَذِهِ الصُّورَةِ يَقُولُ: تَرْجَمَةُ الأَبْوَابِ، مَثَلاً فِي حَرْفِ الهَمْزَةِ قَالَ: تَرْجَمَةُ الأَبْوَابِ الَّتِي أَوَلهَا الهَمْزَةُ ولَيْسَتْ فِي حَرْفِ الهَمْزَةِ.
الاحْتِكَارُ، قَالَ: فِي كِتَابِ البَيْعِ.
إِذَا جِئْتَ مَثَلاً إِلَى حَدِيثِ: «لَا يَحْتَكِرُ إلَّا خَاطِئٌ»( ) مَوْضُوعُهُ مَاذَا؟
الاحْتِكَارُ، سَتَبْحَثُ عَنِ الاحْتِكَارِ أَيْنَ؟
فِي حَرْفِ الهَمْزَةِ صَحِيحٌ؟ أَو الأَلِفِ..
إِذا جِئْتَ إِلَى حرْفِ الأَلِفِ لَا تَجِدُ كِتَابًا بِعُنْوَانِ الاحْتِكَارِ، فَتَعُودَ إِلَى مِثْلِ هَذِهِ التَّذْكِرَةِ الَّتِي عَقَدَهَا فِي نِهَايَةِ كُلِّ حرْفٍ، الأَبْوَابُ الَّتِي تبَدَأُ بِهَذَا الحَرْفِ لَكِنَّهَا لَيْستْ مَوْجُودةً فِيهِ، فَيُبَيِّنُ لَكَ ابْنُ الأثِيرِ أَيْنَ تَجِدُ مَا يَتَعَلَّقُ بالاحْتِكَارِ، يَقُولُ: انْظُرْ كِتَابَ البُيُوعِ، أَو كِتَابَ البَيْعِ، يَقولُ: مِنْ حَرْفِ البَاءِ.
الأمَانُ: قَالَ: فِي كِتَابِ الجِهَادِ، إِذًا جِئْتَ إِلَى حَدِيثٍ يَتَعَلَّقُ بالأمَانِ سَتَذْهَبُ، مَوْضُوعُ الأمَانِ يَكُونُ فِي حَرْفِ الأَلِفِ أَو الهَمْزَةِ، إِذَا ذَهَبَتَ إِلَى حَرْفِ الهَمْزَةِ لَا تَجِدُ كِتَابًا بعَنْوانِ كِتَابِ الأمَانِ، فتَعُودَ إِلَى هَذِهِ التَّذْكِرَةِ المَوْجُودَةِ فِي آخِرِ حَرْفِ الهَمْزَةِ، تَجِدْهُ يَقولُ: الأمَانُ فِي كِتَابِ الجِهَادِ، وهَكَذَا..
سَادِسًا: مِنْ مَنْهَجِ المُؤَلِّفِ أَنَّهُ قَامَ بِحَذْفِ أَسَانِيدِ الأَحَادِيثِ، لَا يَذْكُرُ المُؤَلِّفُ -ابْنُ الأثِيرِ- أَسَانِيدَ الأَحَادِيثِ، ورَمَزَ لِأَصْحَابِ الكُتُبِ الَّذِينَ أَخَرَجُوا هَذَا الحَدِيثَ.
عَلَى سَبِيلِ المِثَالِ مَثَلاً هَذَا الحَدِيثُ الَّذِي أمَامَكُم رَقْمُ (68) قَالَ (د ك) المِقْدَامُ بنُ مَعْدِ يْكَرِبَ رَضِيَ اللهُ عَنه( ) قَالَ: رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «ألا هلْ عَسَى رجلٌ يَبْلُغُهُ الحديثُ عنِّي»( )، يَقْصِدُ بِالرَّمْزِ مَنْ أَخْرَجَ هَذَا الحَدِيثَ مِنْ أَصَحَابِ الكُتُبِ السِّتَّةِ (د) رَمْزٌ لأَبِي دَاودَ كمَا تَقَدَّمَ، و(ت) رَمْزٌ للتِّرْمِذِيِّ، فَهُوَ حَذَفَ الأَسَانِيدَ كَمَا هُنَا، لَا يَذْكُرُ أَسَانِيدَ هَذَا الحَدِيثِ عِنْدَ التِّرْمِذِيّ وأَبِي دَاودَ، ويَذْكُرُ اسْمَ الصَّحَابِيّ قَبْلَ الحَدِيثِ كَمَا هُنَا: المِقْدَامُ بنُ مَعْدِ يْكَرِبَ، لَكِنِ ابْنَ الأثِيرِ احْتَرَزَ مِنْ مَسْأَلَةِ دُخُولِ التَّصْحِيفِ عَلَى الرُّمُوزِ وَهَذَا كَثِيرٌ، لَاسِيَّمَا قَديمًا، حَتَّى حَدِيثًا بَعْضُ الطَّبَعاتِ السَّيِّئَةِ يَحْصُلُ فِيها تَصْحِيفٌ فِي الرُّمُوزِ، فَرَأَى أَنْ يُعِيدَ ذِكْرَ مَنْ أَخَرَجَ الحَدِيثَ وَيَنُصَّ عَلَيْهِ صَرَاحَةً دُونَ رَمْزٍ، فِي آخَرِ الحَدِيثِ نَجِدُهُ يَقوُلُ:
بَعْدَ أَنْ سَاقَ الحَدِيثَ -حَدِيثُ المِقْدَامُ بنُ مَعْدِ يْكَرِبَ- فِي صَفْحَةِ (281) فِي وَسَط الرِّوَايَةِ، لَاحِظُوا بَعْدَ أَن انْتَهَتِ الرِّوَايَةُ قَالَ: هَذِهِ رِوَايَةُ التِّرْمِذِيّ، ورِوَايَةِ أَبَي دَاودَ: ثُمَّ سَاقَهَا، لِوُجُودِ الاخْتِلَافِ فِي اللَّفْظِ قَلِيلَاً.
مَثَلاً فِي الحَدِيثِ هَذَا قَال: (م) هُو رَمْزٌ لِمُسْلِمٍ، أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ( ) أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ... »( ) الحَدِيثُ، ثُمَّ قَالَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، فَهُوَ يُعِيدُ عَزْوَ الحَدِيثِ لَكِنْ بَلَفَظٍ صَرِيحٍ دُونَ رَمْزٍ، عَقِبَ كُلِّ حَدِيثٍ.
السُّؤَالُ: تَمُرُّ فِي هَذَا الكِتَابِ أَحَادِيثٌ لَيْسَ أمَامَهَا رُمُوزٌ، هَذِه الِأَحَادِيثُ هِي الَّتِي ذَكَرَ أَنَّ رَزِينَ بْنَ مُعَاوِيَةَ السَّرَقُسْطِي أَدْخَلَهَا فِي كِتَابَهِ ولَيْسَتْ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ.
الجَوَابُ: ابْنُ الأثِيرِ أحَسَنَ حِينَ لَمْ يَحْذِفْ هَذِهِ الِأَحَادِيثَ؛ لأَنَّ بَعْضَ الكُتُبِ تَخْتَلِفُ نُسَخُهَا لَاسِيَّمَا نُسَخُ الكِتَابِ بَيْنَ رِوَايَةِ المَشَارِقَةِ ورِوَايَةِ المَغَارِبَةِ، فَتَقَعَ فِي بَعْضِ الرِّوايَاتِ أَحَادِيثٌ لَيْسَتْ فِي رِوَايَاتٍ أُخْرَى فَرَأَى ابْنُ الأثِيرِ أَنْ يُبْقِي هَذِهِ الأَحَادِيثَ كَمَا هِي ولَا يَحْذِفَهَا ولَا يَذْكُرَ أمَامَهَا رَمْزًا، وَعَلَّلَ لِذَلِكَ قَالَ: لَعَلَّ أَحِّدًا يَأْتِي بَعْدَه فَيَقِفُ عَلَى هَذِهِ الأَحَادِيثَ وَيَذْكُرُ مَوَاضِعَهَا.
سَابِعًا: مِنْ مَنْهَجِ المُؤَلِفِ فِي هَذَا الكِتَابِ أَنَّهُ ذَكَر مَا يَتَعَلَّقُ بِغَرِيبِ الحَدِيثِ وَشَرْحِ مَعْنَاهُ فِي آخَرِ كُلِّ كِتَابٍ، يَعَني إِذَا انْتَهَى الكِتَابُ بِتَمَامِهِ، كِتَابُ الصَّلَاةِ بِتَمَامِهِ، أَو كِتَابُ الحَجِّ بِتَمَامِهِ، أَو البُيُوعِ بِتَمَامِهِ، يَذْكُرُ مَا وَقَعَ فِي أَحَادِيثِ هَذَا الكِتَابِ مِنَ الأَلفَاظِ الغَرِيبَةِ ويُبَيْنُ مَعْنَاهَا.
تَرْتِيبُ الَكِتَابِ فِي أَصِلِ وَضْعِ المُؤَلِّفِ، لَكِنَّ مُحَقِّقَ الكِتَابِ لَمَّا أَرَادَ أَن يَطْبَعَ الكِتَابَ غَيَّرَ طَرِيقَةَ المُؤَلِّفِ، فوَضَعَ شَرْحَ الغَرِيبِ لِكُلِّ حَدِيثٍ عَقِبَ كُلِّ حَدِيثٍ مُبَاشَرَةً.
لَكِنْ أَي مِثَالٍ أمَامَكُمُ.
مَثَلاً هُنَا هَذَا الحَدِيثُ فِي صَفْحَةِ (513) حَدِيثُ (987) قَالَ (خ م) البُخَارِيّ ومُسْلِمٌ، أَبُو سَعيدٍ الخُدْرِيّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ( ) أَن نَبِي اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ فِيمَنْ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْسًا...» ( ) الحَدِيث، لَمَّا انْتَهَى مِنْهُ ذَكَر الرِّوَايَاتِ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهِ، اخْتِلَافُ الرِّوَايَاتِ لَهَذَا الحَدِيثِ فِي الكُتُبِ، قَالَ: هَذَا العُنْوَانُ طَبْعًا مِنَ المُحَقِّقُ، مَا بَيْنَ المَعْقُوفَيْنِ، شَرْحُ الغَرِيبِ.
قَالَ ابْنُ الأثِيرِ: نَاءَ بِصَدْرِهِ: نَاءَ بِالشَّيْءِ إِذَا نَهَضَ بِهِ، والمُرَادُ أَنَّه مَالَ بِصَدْرِهِ... إِلَى آخَرهِ.
طَبْعًا هَذِهِ كَمَا تَقَدَّم فِي أَصِل وَضْعِ المُؤَلِّفِ مَوْجُودَةٌ فِي آخَرِ الكِتَابِ، لَكِنَّ المُحَقِّقُ تَصَرَّفَ فِيهِ فَقَدَّمَ شَرْحَ غَرِيبِ كُلِّ حَدِيثٍ عَقِبَهُ مُبَاشَرَةً، هَذَا مِنْ تَصَرُّفِ مُحَقِّقُ الكِتَابِ.
هَذَا الَكِتَابُ لَهُ مُخْتَصَرٌ مَطْبُوعٌ اسْمُهُ «تَيْسِيرُ الوُصُولِ إِلَى جَامِعِ الأُصُولِ» لابْنِ الدَّيْبَعِ الشَّيْبَانِي( ).
لَكِنَّ الأَصْلَ أُكْثَرُ فَائِدَةً.
يُشَابِهُ جَامِعِ الأُصُولِ مِنْ حَيْثُ الوَضْعَ تَقْرِيبًا كِتَابٌ اسْمُهُ: «التَّاجُ الجَامِعُ للأصُولِ فِي أَحَادِيثِ الرَّسُولِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» للشَّيْخِ مَنْصُورُ عَلِيُّ نَاصِفٍ، وَهُوَ مِنْ عُلَمَاءِ الأَزْهَرِ.
طُبِعَ هَذَا الكِتَابُ مَعَ شَرْحِ المُؤَلِّفِ نَفْسُهُ عَلَيْهِ وسَمَّاهُ: «شَرْحُ التَّاجُ الجَامِعُ للأصُولِ» مَطْبُوعٌ فِي خَمْسَةِ أَجْزَاءٍ، «تَيْسِيرُ الوُصُولِ إِلَى جَامِعِ الأُصُولِ».
طَبْعًا طَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ مِنْ هَذَا الَكِتَابِ هِيَ نَفَسُ الخُطُواتِ السَّابِقَةِ، تَتَأْمَّلُ مَعْنَى الحَدِيثَ، ثُمَّ الكُتُبُ الَّتِي عقَدَهَا المُؤَلِّفُ تَنْظُرُ أقْرَبَهَا إِلَيْهِ، إِذَا كَانَ الكِتَابُ قَسَّمَهُ المُؤَلِّفُ: أَبْوابٌ وفُرُوعٌ وَفُصُولٌ... إِلَى آخِرِ التَّقْسِيمِ، فَتُرَاجِعُ هَذِهِ التَّقْسِيمَاتِ حَتَّى تَنْظُرَ أقرَبَهَا إِلَى مَعَنى الحَدِيثِ الَّذِي تَبْحَثُ عَنْهُ.
طَبْعًا يُسْتَفَادُ مِنَ الفِهْرِسِ الَّذِي وَضَعَهُ الَمُؤَلِّفُ لِكِتَابَهِ نَفْسِهِ، المَوْجُودُ فِي آخِرِ الكِتَابِ - الرُّكْنُ الأَخَيْرُ- .
طَبْعًا الكِتَابُ لَهُ فَهَارِسٌ عَلَى الحُرُوفِ، طَبْعًا لَا يُنْصَحُ بِالتَّطْبِيقِ الآن عَلَى التَّخْرِيجِ بالمَعْنَى، فآمُلُ مِنَ الإخْوانِ الَّذِينَ مَعهُم هَذَا الجُزْءَ لَا يَسْتَعْمِلُوهُ فِي الأمْثِلَةِ القَادِمَةِ؛ لأَنَّنَا نُرِيدُ التَّخْرِيجَ بِالمَعْنَى، ولَا يُمْكِنُ التَّخْرِيجُ مِنْ خِلَالِ هَذَا الفِهْرِسِ بِأَوَّلِ اللَّفْظِ.
لِنَأْخُذْ مَثَلاً حَدِيثَ: «إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ...»( ).
هُنَاكَ أكْثَرُ طَبَعَاتِ الكِتَابِ يُنْتَبَهُ إِلَى أَن الرُّكْنَ الثَّالِثَ مِنَ الكِتَابِ سَاقِطٌ، الرُّكْنُ الَّذِي سَمَّاهُ المُؤَلِّفُ بِالخَوَاتِيمِ، هَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ الطَبَعَاتِ، وَلِهَذَا اسْتُدْرِكَ فِي مُجَلَّدَيْنِ بِعُنْوَان: «تَتِمَّةُ جَامِعِ الأُصُولِ»، طُبِعَ مُفْرَدًا فِي مُجَلَّدَيْنِ، فالإخوانُ الَّذِينَ عِنْدَهُمْ طَبْعَةُ الكِتَابِ، تَقْرِيبًا فِي أَحَدَ عَشَرَ جُزْءًا، هَذَا القِسْمُ الثَّالِثُ أَو الرُّكْنُ الثَّالِثُ مِنَ الكِتَابِ سَاقطٌ فِي هَذِه الطَّبْعَةِ، فِيَنْبَغِي أَن يُتِمُّوا الكِتَابَ بِشِرَاءِ هَذِينِ المُجَلَّدَيْنِ بِعُنْوَان «تَتِمَّةُ جَامِعِ الأُصُولِ» وهِي الَّتِي تَحْتَوي عَلَى الرُّكْنُ الثَّالِثُ، الَّذِي سَمَّاهُ المُؤَلِّفُ: بِالخَوَاتِيمِ. فِيهِ الفَصْلُ الَّذِي كُنْتُ أُرِيدُ أَن تَعْرِفُوهُ، وهُوَ إحَالَةُ المُؤَلِّفِ بِلَفْظِةِ مِنْ أَلفَاظِ الحَدِيثِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِهِ.
نُطَبِّقُ بَعْضَ الأمْثِلَةِ عَلَى هَذَا الكِتَابِ.
حَدِيثُ: «إِنَّ اللهَ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ...».
مَا المُتَعَلِّقُ بِهَذَا الحَدِيثِ مِنَ المَعَانِي؟
التَّوْبَةُ..
رَحْمَةُ اللهِ عَزّ وَجَلَّ..
إِثْبَاتُ الصِّفَةِ، صِفَةُ اليَدِّ..
لَكِن هَذِهِ المَعَانِي، مَا الَّذِي يَتَنَاسَبُ مَعَ تَبْوِيبِ المُؤَلِّفِ؟
كِتَابُ التَّوْبَةِ..
هُنَاكَ كِتَابٌ عَقَدَهُ المُؤَلِّفُ، التَّوْبَةُ، تَكُونُ فِي أَي الحُرُوفِ؟
التَّاءُ..
إذًا نَذْهَبُ إِلَى حَرْفِ التَّاءِ، نَجِدُ كِتَابًا عَقَدَهُ المُؤَلِّفُ بِعُنْوان كِتَابُ التَّوْبَةِ.
هَذَا الحَدِيثُ هُنَا فِي الجُزْءِ الثَّانِي، صَفْحَة (513) بِرَقْم (986) قَالَ (م) وَهُوَ مُسْلِمٌ، أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِيّ، هَذَا صَحَابِيّ الحَدِيثِ، أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِىءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا». ثُمَّ قَالَ: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
نَأْخُذْ مِثَالا آخَرَ...
حَدِيثُ: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ ولَا مُنْتَهِبٍ ولَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ»( ).
مَا المُتَعَلِّقُ بِهَذَا الحَدِيثِ مِنَ المَعَانِي؟
الحُدُودُ...
الخِيَانَةُ...
الاختِلَاسُ...
الانْتِهَابُ...
هَذِهِ مَعَانِي الحَدِيثِ.
الحُدُودُ، أَو إِن كَانَ عَقَدَ كِتَابًا يَتَعَلَّقُ بالاخْتِلَاسِ، والخِيَانَةِ، والانْتِهَابِ، هَذِه المَعَانِي.
الخُطْوَةُ الثَّانِيةُ كَمَا قُلْنَا: أَن نَنْظُرَ فِي الكُتُبِ الَّتِي عقَدَهَا المُؤَلِّفُ، مَا الَّذِي يَتَنَاسَبُ مَعَ هَذِهِ المَعَانِي السَّابِقَةِ؟
الإِخْوَانُ الَّذِينَ مَعَهُمُ الجُزْءَ الأَولَ، لَعَلَّ أَحَدَكُمْ يُرَاجِعُ التَّذْكِرَةَ الَّتِي عقَدَهَا المُؤَلِّفُ لأسْمَاءِ الكُتُبِ الَّتِي تَبْدَأ بالهَمْزَةِ ولَيْسَتْ فِي حَرْفِ الهَمْزَةِ...
مَن عِنْدَهُ الأَولُ؟
هَذِه التَّذْكِرَةُ آخِرُ حَرْفِ الهَمْزَةِ.
لَا، هَذَا فَهْرَسَةُ أَوَائِلِ المُتُونِ.. لَا تَسْتَعْمِلْهُ.. خَرِّجْ بِالمَعْنَى لَا بِأَوَّلِ المَتْنِ..
انْظُرْ فِي فِهْرِسِ المَوْضُوعَاتِ.
هُنَا يَا إخَوَانُ لِمَنْ مَعَهُ الكِتَابُ فِي صَفْحَةِ (395) قَالَ المُؤَلِّفُ: تَرْجَمَةُ الأَبْوَابِ الَّتِي أَوَلُهَا هَمْزَةٌ ولَمْ تَرِدْ فِي حَرْفِ الهَمْزَةِ. هَذِه التَّذْكِرَةُ مُفِيدَةٌ جِدًا، قَالَ هُنَا: الاحْتِكَارُ فِي كِتَابِ البَيْعِ مِنْ حَرْفِ البَاءِ، الأمَانُ فِي كِتَابِ الجِهَادِ مِنْ حَرْفِ الجِيمِ، الإِحْرَامُ فِي كِتَابِ الحَجِّ مِنْ حَرْفِ الحَاءِ، الأُضْحِيَةُ فِي كِتَابِ الحَجِّ، الإهَلَالُ فِي كِتَابِ الحَجِّ، الإِفْرَادُ فِي كِتَابِ الحَجِّ.
نَحْنُ نُرِيدُ الاخْتِلَاسَ - الانْتِهَابَ.
هَلْ عَقَدَ شَيْئًا هُنَا؟
إذَا لَا يُوجَدُ عِنْدَهُ كِتَابٌ بِعُنْوانِ الاختِلَاسِ أَو الانْتِهَابِ.
فَنُجَرِّبُ مَعَ الحُدُودِ..
كِتَابُ الحُدُودِ فِي أَيِّ الحُرُوفِ؟
الحَاءُ..
فِي كِتَابِ الحُدُودِ هَل هُنَاكَ تَبْوِيبٌ يَنَاسِبُ مَعَنَى الحَدِيثِ؟
هَذَا الحَدِيثُ يَتَعَلَّقُ بِأَيّ نَوْعٍ مِنْ أَنْواعِ الحُدُودِ؟
السَّرِقَةِ..
إذًا نَنْظُرُ فِي الأَبْوَابِ المُتَعَلِّقَةِ بالسَّرِقَةِ..
كِتَابُ الحُدُودِ فِي الجُزْءِ الثَّالِثِ.
الَمُؤَلِّفُ يُقَسِّمُ كُلَّ كِتَابٍ إِلَى أَبوابٍ، والأَبْوَابُ إِلَى فُصُولٍ..
كِتَابُ الحُدُودِ.. بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ.. الفَصْلُ الثَّانِي قَالَ: فِيمَا لَا يُوجِبُ القَطْعَ.
فِي كِتَابِ الحُدُودِ.. عَقَدَ بَابًَا قَالَ: بَابُ حَدِّ السَّرِقَةِ، هَذَا هُو الأقرَبُ لِمَعْنَى الحَدِيثِ الَّذِي مَعَنَا.
فِي بَابِ الحُدُودِ عَقَدَ الفَصْلَ الأَولَ.
الفَصْلُ الأَوَّلُ فِي مُوجِبِ القَطْعَ،
الفَصْلُ الثَّانِي فِيمَا لَا يُوجِبُ القَطْعَ،
أَيُّهُمَا أقرَبُ؟
الثَّانِي طَبْعًا؛ لأَنَّ هُنَا قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ ولَا مُنْتَهِبٍ ولَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ».
فَنَجِدُ أَنَّهُ أَخْرَج َأَو ذَكَرَ هَذَا الحَدِيثَ تَحْتَ هَذَا الفَصْلِ مِنْ بَابِ حَدِّ السَّرِقَةِ مِنْ كِتَابِ الحُدُودِ.
قَالَ (ت) رَمْزٌ للتِرْمِذِيِّ (د) رَمْزٌ لأَبِي دَاودَ (س) للنَّسَائِيِّ، ثُمَّ اسْمُ صَحَابِيّ الحَدِيثِ رَاوِيهِ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا( )، أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: «لَيْسَ عَلَى خَائِنٍ ولَا مُنْتَهِبٍ ولَا مُخْتَلِسٍ قَطْعٌ».
الإخْوانُ وَضَعُوا الصَّفْحَةَ هُنَا الجُزْءُ الثَّالِثُ ص (569) حَدِيثُ (1886).
نَأْخُذُ هَذَا المِثَالَ:
حَدِيثٌ: إنَّ أهْلَ نَجْرَانَ قَالَوا للمُغِيرَةِ بْنِ شُعُبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنه( ): إِنَّكُمْ تَقْرَؤُونَ ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾.. وَمُوسَى قَبْلَ عِيْسَى.. فلَمَّا رَجَعَ سَأَل النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقَالَ: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأسْمَاءِ أَنَبِيَائِهِمْ»( ).
المَعْنَى: أَنَّ نَصَارَى أهْلِ نَجْرَانَ كأَنَّهُمْ يَقولُونَ فِي كِتَابِكُمْ تَنَاقُضٌ تَقْرَؤُونَ ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾، وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بأزمَانٍ فَكَيْفَ تَقُولُونَ لَها ﴿يَا أُخْت هَارُون﴾، فلَمَّا رَجَعَ سَأَلَ المغَيْرةُ رَضِيَ اللهُ عَنه النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذلِكَ قَالَ: «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأسْمَاءِ أَنْبِيَائِهِمْ».
مَا الأقْرَبُ إِلَى هَذَا الحَدِيثِ؟
التَّفْسِيرُ..
التَّفْسِيرُ فِي أَيِّ الحُرُوفِ؟
فِي التَّاءِ.
فِي كِتَابِ التَّفْسِيرِ.. الكِتَابُ مُرَتَّبٌ عَلَى السُّوَرِ.. فهَذِه الآيَةُ مِنْ سُورَةِ مَرْيَمَ..
كِتَابُ التَّفْسِيرِ فِي حَرْفِ التَّاءِ، كِتَابُ التَّفْسِيرِ رَتَّبَهُ المُؤَلِّفُ عَلَى سُوَرِ القُرْآنِ.
فِي سُورَةِ مَرْيَمَ.. ذَكَرَ هَذَا الحَدِيثَ..
الإحَالَةُ: الجُزْءُ الثَّانِي ص (236) حَدِيثُ رَقْمِ (714) قَالَ (م) مُسْلِمٌ، (ت) التِّرْمِذِيّ، ثُمَّ رَاوِي الحَدِيثِ: الَمغَيْرةُ بْنُ شُعُبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنه قَالَ: لَمَّا قَدِمْتُ نَجْرَانَ سَأَلُونِى فَقَالُوا إِنَّكُمْ تَقْرَءُونَ يَا أُخْتَ هَارُونَ وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا. فَلَمَّا قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَالتُهُ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ «إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ بِأَنْبِيَائِهِمْ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ».
أَذْكُرُ ونَحْنُ فِي المَرْحَلَةِ الثَّانَوِيَّةِ بَعْضُ النَّاسِ أَظْهَرُوا لُغْزًا قَالُوا مَا القَرَابَةُ بَيْنَ مُوسَى وهَارُونَ عَلَيْهُمُ الصلَاةُ والسَّلَامُ وعِيسَى؟
فكَانَ الحَلُّ: أَنَّ مُوسَى وهَارُونَ -عَلَيْهُم الصلَاة والسَّلَامُ- أَخْوَالٌ لعِيسَى عَلَيْهِ الصلَاةُ والسَّلَامُ.
نَأْخُذُ مِثَالَيْنِ آخَرَيْنِ ونَقِفُ.
سُؤَالٌ مِنْ طَالِبٍ؟
إِذَا كَانَ للحَدِيثِ أكْثَرُ مِنْ رَاوِي يُبَيِّنُهُ.
سُؤَالٌ مِنْ طَالِبٍ؟
لَا قَدْ يَرْوِي الحَدِيثَ أكْثَرُ مِنْ صَحَابِيّ، فَهُو يَذْكُرُ مَنْ رَوَاه مِنْ أَصَحَابِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُنَا فِي الاسْمِ مَعَ المُغِيِرَةِ بْنِ شُعُبَةَ يَذْكُرُ أَيْضًا الصَحَابِيَّ الآخَرَ..
نَأْخُذُ هَذَا المِثَالَ.
حَدِيث: «أَنَّ دِيَةََ الأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ»( ).
الدِّيَاتُ.. وَاضِحٌ..
الدِّيَاتُ فِي حَرْفِ (د).
الدِّيَاتُ فِي الجُزْءِ الرَّابِعِ.
فِي أَيِّ صَفْحَةٍ؟
صَفْحَةُ (418).
فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ عَقَدَ فَصْلَاً قَالَ: فَصْلٌ فِي دِيَةِ الأَعْضَاءِ.. ثُمَّ فِي هَذَا الفَصْلِ عَقَدَ عُنْوانًا قَالَ: الأَضْرَاسُ.. فَذَكَرَ هَذَا الحَدِيثَ فِيهِ: «أَنَّ دِيَةََ الأَسْنَانِ خَمْسٌ خَمْسٌ».
نَأْخُذ هَذَا الَمِثَال:
حَدِيثٌ: «نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ»( ).
يَعْنِي لَا يُوجَدُ شَيْءٌ يَحْجِزُهُ، بَعْضُ النَّاسِ يَتَقَلَّبُ وهُوَ يَنَامُ، فإِذَا لَمْ يَكُنِ للسَّطْحِ حَاجِزٌ فَيَسْقُطُ مِنْ أَعْلَى البَيْتِ، وَلِهَذَا نَهَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ هَذَا، أَنْ يَنَامَ فِي سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ.
حِفْظُ النَّفْسِ..
آدَابُ النَّوْمِ..
إذًا يَكُونُ فِي الآدَابِ..
الأَخذُ بالأسْبَابِ..
فِي أَيْشٍ هَذَا.. أَيْشٍ يَكُونُ الَكِتَابُ..
التَّوَكُّلُ مَثَلاً..
جَرَّبْنَا هَذِهِ الكُتُبَ الَّتِي ذَكَرُوهَا الإخْوانُ.. التَّوكُّلُ.. حِفْظُ النَّفْسِ.. أَوِ الآدَابِ لَا نَجِدُ هَذِهِ الأَبْوَابِ.
المُؤَلِّفُ عَقَدَ كِتَابًا هُنَا فِي جَامِعِ الأُصُولِ سَمَّاهُ: كِتَابُ النَّوْمِ، ذَكَرَ فِيهِ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بالنَّوْمِ..
النَّوْمُ فِي أَيِّ الحُرُوفِ؟
النُّونِ.
هَذَا الَكِتَابُ لَا يَكُونُ التَّطْبِيقُ عَلَيْهِ بِالفَائِدَةِ المَرْجُوَّةِ إلَا إِذَا كَانَتِ النُّسْخَةُ مُكْتَمِلَةٌ أمَامكَ، وكَانَ أمَامكَ فِهْرِسٌ للكِتَابِ بِشَكْلٍ مُتَكَامِلٍ، وهُوَ الَّذِي قُلْنَا أَنَّ الَمُؤَلِّفَ عَقَدَهُ بِنَفْسِهِ فِي آخِرِ الرُّكْنِ الثَّالِثِ، وهُوَ الخَوَاتِيمُ..
المَنَاهِي..
مُمْكِنُ، إِذَا عَقَدَ كِتَابًا سَمَّاهُ المَنَاهِي..
كِتَابُ النَّوْمِ..
أَحَدٌ مَعَهُ الجُزْءُ الحَادِي عَشَرَ؟
الَكِتَابُ السَّادِسُ فِي النَّوْمِ وهَيْئَتِهِ وَالقُعُودِ.. فِي الجُزْءِ (11) (565) برَقْم (9177)، قَالَ (ت) التِّرْمِذِيّ، جَابَر بَن عَبد اللّه رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ" ثَمّ قَالَ: أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ..
نَأْخُذُ مِثَالا أخَيْرًا:
حَدِيثٌ: «البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ»( ).
اللِّبَاسُ..
أَو الالبِسَةُ..
أَيُّ اللَّفْظَيْنِ أقْرَبُ إِلَى اسْتِعْمَالِ أهْلِ العِلْمِ؟
اللِّبَاسُ..
جَرِّبِّ الالبِسَةَ فِي الهَمْزَةِ وَاللِّبَاسَ فِي اللَامِ..
أَحَدٌ مَعَهُ العَاشِرُ؟
العَاشِرُ فِي مَاذا؟.. مُمْكِن تَقْرَأَ للإخْوَانِ عَنَاوينَ الفُصُولِ..
الفَصْلُ الأَوَّلُ بِعُنْوانِ كِتَابِ اللِّبَاسِ..
كَمَا قُلْتُ لَكُمْ مِنْ قَبْلُ المُؤَلِّفُ يُقَسِّمُ كُلَّ كِتَابٍ إِلَى فُصُولٍ، والفُصُولُ إِلَى أَبْوَابٍ، والأَبْوَابُ إِلَى فُرُوعٍ، بِحَسَبِ مَا تَحْتاجُ إِلَيْهِ أَحَادِيثُ هَذَا الَكِتَابِ مِنْ تَقْسِيمٍ..
فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ قَسَّمَ الكِتَابَ إِلَى سَبْعَةِ فُصُولٍ،
الفَصْلُ الأَولُ.. قَالَ فِي آدَابِ اللُّبْسِ وهَيْئَتِهِ، ثُمَّ قَسَّمَ هَذَا الفَصْلَ إِلَى عَشَرَةِ أَنواعٍ..
الفَصْلُ الثَّانِي.. فِي أَنْوَاعِ اللِّبَاسِ وفِيهِ خَمْسَةُ أَنواعٍ..
الفَصْلُ الثَّالِثُ فِي ألَوانِ الثِّيَابِ..
هَذَا أقْرَبُ أَو مَا تَقَدَّمَ؟
هَذَا؛ لأَنَّ الحَدِيثَ يَتَعَلَّقُ بِلَوْنِ الثَّوْبِ وهُوَ البَيَاضُ..
هَذَا الفَصْلُ فِيهِ تَقْسِيمٌ؟
قَسَّمَ هَذَا الفَصْلَ بِحَسَبِ اللَّونِ قَالَ: الأَبْيَضُ، والحَدِيثُ عِنْدَنَا: البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ.. فهَذَا الفَرْعُ هُوَ المَظِنَّةُ للحَدِيثِ..
هَذَا الفَصْلُ كمَا تَرَوْنَ يَا إخَوَانُ الفَصْلُ الثَّالِثُ قَالَ: فِي ألوَانِ الثِّيَابِ، ثٌمَّ الأَبْيَضُ، ذَكَر هُنَا الجُزْءَ العَاشِرَ، صَفْحَةُ (668) عِدَّةُ أَحَادِيثٍ، نَحْنُ نَبْحَثُ عَنْ هَذَا اللَّفْظَ: البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، ذَكَر هُنَا الحَدِيثَ الأَولَ قَالَ: التِّرْمِذِيّ وأَبو دَاودَ والرَاوِي عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا( ) أَن رَسُول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:«البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ». أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ... الخ
ذَكَر أَيضًا حَدِيثًا آخَرَ عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدَبٍ ( )، فِيهِ طَرَفُ الحَدِيثِ الأَولِ البَسُوا مِنْ ثِيَابِكُمُ البَيَاضَ، فِي رِوَايَةٍ هُنَا عِنْدَ النَّسَائِيّ، تَشْتَمِلُ عَلَى نَفْسِ المَعْنَى قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِالبَيَاضِ مِنَ الثِّيَابِ فَلْيَلْبَسْهَا أَحْيَاؤُكُمْ وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ فَإِنَّهَا مِنْ خَيْرِ ثِيَابِكُمْ»( ).
يَكْفِي إِن شَاءَ اللّهُ.

أَسْئِلَةٌ
السُّؤَالُ: إِنْ كَانَ الحَدِيثُ خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ مَثَلًا فِي أُكَثِّرِ مِنْ مَوْضِعٍ، وَلَكَنْ سَبَبُ تَخْرِيجِ الحَدِيثِ هُوَ تَخْرِيجُهُ لِأَحَادِيثِ الإِيمَانِ، فَهَلْ أَذَكُرُ جَمِيعَ المَوَاضِعِ، أَوْ أَقْتَصِرُ عَلَى الَمَوْضِعِ الَّذِي يَخُصُّنِي، وَهُوَ كِتَابُ الإِيمَانِ؟
الجَوَابُ: هَذَا أَشَرْتُ إِلَيْهُ بِالأَمْسِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى مَنْهَجِ البَاحِثِ فِي بَحْثِهِ، فَإِنْ كَانَ يُخَرِّجُ تَخْرِيجًا مُخْتَصَرًا يُمْكِنُهُ الِاكْتِفَاءُ بِمَوْضِعٍ وَاحِدٍ، وَإِنْ كَانَ تَخْرِيجًا متوَسَطًا فَيُشِيرُ إِلَى المَوَاضِعِ الأُخْرَى يَقُولُ مَثَلًاً: خَرَّجَهُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الإِيمَانِ: كَذَا وَكَذَا وَلَهُ فِي الصَّحِيحِ مَوَاضِعُ أُخْرَى، أَوْ أَخْرَجَهُ فِي مَوَاضِعَ أُخْرَى وَيَضَعُ أَرْقَامَهَا وَهَذَا يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ مَنْهَجِ البَاحِثِ نَفَسُهُ.
السُّؤَالُ: مَاذَا تَعْنِي تَوْظِيفِ عِبَارَاتِ مُقَارَنَةِ الحَدِيثِ، مَا مَعَنَاهَا؟
الجَوَابُ: المَقْصُودُ أَنَّكَ إِذًا خَرَّجْتَ حَدِيثًا تُقَارِنُ بَيْنَ اللَّفْظِ الَّذِي عِنْدَكَ -الَّذِي تُخَرِّجُهُ- وَبَيْنَ الالفَاظِ الَمَوْجُودَةِ فِي كُتِبِ السُّنَّةِ الأُخْرَى، فَهِيَ إِمَّا أَنْ تَتَمَاثَلُ -يَكُونُ اللَّفْظُ نَفَسُهُ- فَتَقُولُ: أَخْرَجَهُ فُلَانٌ بِمِثْلِهِ، وإِنْ اخْتَلَفَتْ فَتَقُولُ: بِنَحْوِهِ، بِمَعْنَاهُ، وَنَحْوِ هَذَا.
السُّؤَالُ: كِتَابٌ لِطَرَق تَخْرِيج الحَدِيث؟
الجَوَابُ: فِي نَظَرِي أَنَّ كِتَابَ الدُّكْتُورِ عَبْدِ المُهْدِي بْنِ عَبْدِ القَادِرِ بْنِ عَبْدِ الهَادِي (طَرَق تَخْرِيج حَدِيث رَسُول اللّه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كِتَابٌ جَيِّدٌ مَعْ كَثْرَتِ التَّطْبِيقِ عَلَى أَنْوَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ مِنَ الكُتُبِ.
السُّؤَالُ: مَاذَا عَنْ بَرْنَامَجِ الجَامِعِ الكَبِيرِ؟
الجَوَابُ: أَنَا اسْتَعْمَلْتُ بَرْامِجَ التُّرَاثِ لَكِنْ هَذَا البَرْنَامَجُ بِالذَّاتِ (الجَامِعُ الكَبِيرُ) لَمْ أَسْتَعْمِلْهُ، فَلَا أَعْرِفُ عَنْهُ شَيْئًا.
السُّؤَالُ: مَاذَا عَنْ جُهُودِ المُسْتَشْرِقِينَ، وَقَالَ: الجَمِيعُ يَعْلَمُ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الخِيَانَةِ وَدَسِّ السُّمِّ فِي العَسَلِ لَكِنَّ النَّاظِرَ فِي كُتُبِهِمِ المُهْتَمَّةِ بِالسُّنَّةِ يَجِدُ أَنَّهُمْ يَهْتَمُّونَ بِالدِّقَّةِ والتَّحْقِيقِ، وَهَذَا خِلَافُ مَا بَنَوْ عَلَيْهِ مَنْهَجُهُمْ، أُرِيدُ مِنْكَ التَّحَدُّثُ عَنْ مَدَى مَا اسْتَفَادُوهُ هُمْ مِنْ هَذِه الأعْمَالِ، حَيْثُ أَنَّ النَّاظِرَ يَحْتَارُ فَهِيَ أَعْمَالٌ اسْتَغْرَقَتْ عَشَرَاتِ السِّنِيْنَ، هَلِ اسْتَفَادُوا هُمْ مِنْ هَذِه الأعْمَالِ؟
الجَوَابُ: اسْتَفَادُوا مِنْهَا فِي بُحُوثِهِمْ هُمْ ومَا يُحَقِّقُونَهُ، لَكِنْ مَثَلَاً مَنْ عَمِلُوا عَلَى الَمُعْجَمِ المُفَهْرِسِ، أَنَا لَا أَعْرِفُ وَاحِدًا مِنْهُمْ أَسْلَمَ.
قَدْ أَخْبَرَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «أَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَنْصُرُ هَذَا الدَّيْنَ بِالرَّجُلِ الفَاجِرِ»( ).
السُّؤَالُ: مَاذَا عَنْ عِبَارَةِ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ وَنَحْوِ هَذَا؟
الجَوَابُ: هَذَا مَوْضُوعٌ طَوِيلٌ أَعْتَذِرُ عَنِ الجَوَابِ عَنْهُ الآنَ.
السُّؤَالُ: مَا هَوَ قَصْدُ المُسْتَشْرِقِينَ مِنْ تَأْلِيفِ هَذِهِ الكُتُبِ؟
الجَوَابُ: هُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُقَرِّبُوا السُّنَّةَ إِلَيْهِمْ حَتَّى بِزَعْمِهِمْ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُظْهِرُوا مَا يُرِيدُونَ بِهِ الطَّعْنَ فِي دِينِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، يَعَنِي لَيْسَ مَقْصُودٌ بِهَذِهِ الجُهُودُ خِدْمَةََ هَذَا الدَّيْنَ ولَا خِدْمَةَ أهْلِهِ.
السُّؤَالُ: الجَامِعُ! مَا أَعْرِفُ أَنَّهُ أَدْخِلَ فِي أَحِدِ البَرَامِجِ الحَاسُوبِيَّةِ هَذِهِ، لَكِنْ فِي الجَامِعِ الكَبِيرِ، هَذَا البَرْنَامَجُ الأَخِيْرُ مَا أَدْرِي إِذَا كَانَ أَدْخَلُوهُ أَو لَا !
الجَوَابُ: كُنُوزُ السُّنَّة كِتَابُ تَخْرِيجٍ لَا يُدْخِلُونَهُ فِي البَرْمَجَةِ .
السُّؤَالُ: هُمْ أَحيَانًا يَرْمُزُونَ بـ (ص) وَأحْيَانًا يَرْمُزُونَ بـ (صلعم) اخْتِصَارًا لـ«صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أَوائِلُ الحُرُوفِ.
الجَوَابُ: هَذَا جَرَى عَلَيْه بَعْضُ المُسْلِمِينَ يَسْتَعْمِلُونَ هَذَا أَيضًا فِي الرَّمْزِ، وقَدْ نَهَى عَنْهُ أَئِمَّةُ الحَدِيثِ، وكَانَ سَمَاحَةُ الشَّيْخِ عَبْدُ العَزِيزِ بْنِ بَازٍ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ أَخَرَجَ أَيْضًا فَتْوى فِي هَذَا، فِي عَدَمِ جَوَازِ اسْتِعْمَالِ الرَّمْزِ عِنْدَ ذِكْرِ الصَّلَاةِ والسَّلَامِ عَلَى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
أسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ أكُونَ وُفِّقْتُ فِي بَيَانِ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، واللهُ عَزَّ وَجَلَّ يَرْزُقُنَا وإيَّاكُمُ العِلْمَ النَّافِعَ والعَمَلَ الصَّالِحَ، وَصَلَّى اللهُ عَلَى نَبِيَّنَا مُحَمَّدٍ وعَلَى آلِهِ وَصَحِبِهِ.

الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ، نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
وَبَعْدُ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ، فَبَادِئ ذِي بَدْءٍ أَدْعُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَ مَا نُقَدِّمَهُ جَمِيَعًا فِي مَوَازِينَ حَسَنَاتِنَا، وَأَنْ يُسْهِلَ لَنَا بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِِ.
مَسْأَلَةُ التَّصْوِيرِ: نَحْنُ كُلُّنَا وَالإِخْوَةُ القَائِمِينَ عَلَى الجَمْعِيَّةِ وَالشَّيْخُ أَبُو بَدْرٍ فَهْد وَالإِخْوَةُ جَمِيَعًا كُلُّنَا لَا نُحِبُّ هَذَا. وَأَنَا لَمَّا قِيلَ لِي، قُلْتُ لَهُمْ: أَنَا مَا أَرْغَبُ وَلِي أُسْوَةٌ فِي مَشَايخِي، وَلَكَنْ لَا آمُرُكُمْ وَلَا أَنْهَاكُمْ؛ لِأَنَّ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ –مَشَايخِنَا- مِثْلُ الشَّيْخِ صَالِح الفَوْزَانِ مَنْ قَالَ ذَلِكَ. وَأَذْكُرُ كَانَ شَيْخُنَا الشَّيْحُ ابْنُ بَازٍ رَحِمَهُ اللهُ يَقُولُ عَنِ الخُرُوجِ فِي التِّلِيفُزْيُونِ: مَنْ رَأَى مِنَ المَشَايِخِ المَصْلَحَةَ فَلَا بَأْسُ بِالخُرُوجِ؛ لِأَنَّ المَصْلَحَةَ رُبَّمَا تَكُونُ أُكْبَرَ مِنَ المَفْسَدَةِ خَاصَّةً وَأَنَّ التَّصْوِيرَ بِالطَّرِيقَةِ الَّتِي تَرَوْنَهَا يُعْتَبَرُ تَصْوِيرٌ مَا هُوَ تَصْوِيرٌ سِينِمَائِيٌّ يَعْنِي: الصُّورَةُ تَظْهَرُ بِالشِّرِيطِ، يَكُونُ أَشْبَهُ بِمَا تُسَمُّونَهُ المَوْجَاتِ الكَهْرُومَغْنَاطِيسِيةَ يَعْنِي: غِيْرُ مَقْرُوءَةِ. عَلَى كُلِّ الأَحْوَالِ نَحْنُ لَا نُحِبُّ هَذَا، وَلَكَنْ ذَكَرَ لِي الشَّيْخُ فَهْدٌ أَنَّهُمْ يَرْغَبُونَ فِي تَوْثِيقِ هَذِهِ المُحَاضَرَةِ؛ لِأَنَّهَا رُبَّمَا سَتُبَثُ فِي إِحْدَى القَنَوَاتِ الفَضَائِيَّةِ الخَيِّرَةِ قَرِيبًا -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى-، حَتَّى يَنْتَفِعَ بِهَا خَلَقٌ كَثِيرٌ مِمَّنْ لَا يَسْتَطِيعُ الوُصُولَ لِلْجَامِعِ؛ مِمَّنْ يَبْعَدُ دَارَهُ أَوْ بَلَدَهُ أَوْ مَا إِلَى ذَلِكَ، فَنَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا وَلَكُمْ حُسْنَ القَصْدِ، وَأَلَّا نَخْلِطُ عَمَلَنَا الصَّالِحَ بِعَمَلٍ دُونَ ذَلِكَ.
أَجِدُ أَنَّ أَكْثَرَ الأَسْئِلَةِ كَانَ أَكْثَرَ مَدَارِهَا عَلَى تَصْحِيحِ أَحَادِيثَ وَتَضْعِيفِهَا أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ أَوْ ضَعِيفَةٍ، وَلِعَلِي -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- سَوْفَ نَسْتَقْبِلُ الأَسْئِلَةَ الَّتِي يَرْغَبُ بِالفِعْلِ الإِنْسَانُ مَعْرَفَةَ صِحْة الحَدِيثِ مِنْ ضَعْفِهِ، فَنَحْنُ فِي خِدَمَةِ سُنَّةِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِدْمَةِ الإِخْوَةِ البَاحِثِينَ؛ لِأَنَّ مَهْمَا عَلَا قَدْرَ الإِنْسَانِ فَإِنَّهُ يَحْتَاجُ إِلَى مَنْ يُوقِفُهُ عَلَى الأَحَادِيثِ وَصِحْتِهَا، لَكِنْ أَحْيَانًا تَقَعُ إِشْكَالَاتٌ عِنْدَ بَعْضِ طُلَّابِ العِلْمِ فَمَا فِي ذَلِكَ حَرَجٌ، فَالإِنْسَانُ يَسْأَلُ وَيَسْتَفِيدُ وَيُفِيدُ. إِنْ كَانَ بَقِيَ عِنْدَنَا وَقْتٌ -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- سَأَتَكَلَّمُ لَكُمْ عَنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ بِالحَاسِبِ الآلِيِّ، يَعْنِي: المَوْسُوعَاتُ الحَدِيثِيَّةُ المَوْجُودَةُ فِي السُّوْقِ مَا هِيَ المُمَيِّزَاتُ، وَلَكِنِّي أَشُكُّ فِي ذَلِكَ وَالسَّبَبُ: ضِيقُ الوَقْتِ؛ وَلِأَنَّ التَّخْرِيجَ عَنْ طَرِيقِ الحَاسُوبِ عَلَى أَهَمَيَّتِهِ يَحْتَاجُ مِنَّا إِلَى وَقْتٍ طَوِيلٍ يَكُونُ فِيهَا تَعْرِيفُ بِالمَوْسُوعَاتِ: كُتُبُهَا، وَالمُلَاحَظَاتُ عَلَى كُلِّ مَوْسُوعَةٍ، وَالأَخْطَاءُ، وَالإِشْكَالَاتُ المَوْجُودُة فِيهَا، وَسَوْفَ يَتَمُّ تَطْبِيقُ عَمَلِي عَلَى كُلِّ مَوْسُوعَةٍ بِحَيْثُ الَّذِي عِنْدَهُ مَثَلًا: مَوْسُوعَةُ التُّرَاثِ يَسْتَفِيدُ مِنْهَا –الأَلْفِيَّةِ-، وَمَوْسُوعَةُ العَرِيسِ وَمَوْهِبَةِ الجَزِيرَةِ -المَكْتَبَةُ الشَّامِلَةُ-، مَوْسُوعَةُ حَرْفٍ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ –الأُفُقُ-، وَمَوْسُوعَاتٌ كَثِيرَةٌ فِي السَّوْقِ الآنَ يَتَسَابَقُونَ إِلَيْهَا، فَإِنْ كَانَ بَقِيَ وَقْتٌ يُمْكِنُ أَنْ أُعْطِيَكُمْ نَمُوذَجًا بَسِيطًا، وَإِلَّا لَعَلَّهَا -إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- في دَرْسٌ قَادِمٌ فِي هَذَا الجَامِعِ المَبَارَكِ -إِن شَاءَ اللهُ- أَوْ فِي غَيْرِهِ بِحَوْلِ اللهِ وَقُوَّتِهِ وَأَعْتَذِر إِلَيْكُمْ يَا إِخْوَانِي؛ لِأَنَّ الحَقِيقَةَ شَرْحُ طُرُقِ التَّخْرِيجِ لَيْسَ بِالأَمْرِ السَّهْلِ وَلِضِيقِ الوَقْتِ أَتْرُكُ مَعْلُومَاتٍ نَظَرَيَّةً كَثِيرَةً؛ لِأَنِّي أَعْرِفُ أَنَّ لَوْ قَرَأْتُم هَذِهِ مَا تَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا لَكِنْ مَا يَتَعَلَّقُ بِالتَّنْبِيهَاتِ الَّتِي لَا تَجِدُونَهَا بِالكُتُبِ، أَوْ لَوْ وَجَدُوتُهَا مَا انْتَبَهْتُمْ إِلَيْهَا هَذِهِ هِيَ المُهِمَّةُ بِالنِّسْبَةِ لِي، وَلِكُلِّ مَنْ يُلْقِي بِمِثْلِ هَذِهِ الدُّرُوسِ. هَذَا مَا يَتَعَلَّق بِالأَسْئِلَةِ. 
أَمَّا مَا يَتَعَلَّقُ بِطَبَعَاتِ الكُتُبِ، وَالكُتُبُ المَوْجُودَةُ، وَالإِشْكَالَاتُ الَّتِي وَجَدْتُ فِي الطَّرِيقَتَيْنِ السَّابِقَتَيْنِ. فَبَعْضُ الإِخْوَةِ اسْتَشْكَلُ وُجُودَ بَعْضَ الأَشْيَاءِ، قَالَ لِي: أَنَا مَا وَجَدْتُ: «جُعِلَتْ لِي الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا»( ) مَا وَجَدْنَاهَا. وَكَتَبَ لِي أَخٌ:  إِنِّي وَجَدْتُهَا فِي حَرْفِ الوَاوِ: (وَجُعِلَتْ) فَأَنَا فِي الحَقِيقَةِ نَسِيتُ أَنْ أُرَاجِعَ الكَلِمَةَ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَس»، فَإِنْ كَانَ الأَمْرُ كَمَا ذَكَرَ الأَخُ وَهُوَ -إِنْ شَاءَ اللهُ- ثِقَةٌ لَنْ يَكْتُبَ شَيئًا غِيْرَ صَحِيحٍ. فَهَذَا يَدُلُّنَا عَلَى أَنَّ «المُعْجَمَ المُفَهْرَسَ» فِيهِ عَوَجٌ وَنَقَصٌ؛ لِأَنَّ الوَاوَ لَيْسَتْ أَصَلَّيْتُ فِي الفِعْلِ (جَعَلَ) أَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا الوَاو حَرْفُ عَطْفٍ أَوْ اسْتِئْنَافِيَّة عَلَى حَسَبِ مَوْقِعِهَا، فَهُنَا نَقُولُ: إِنَّ هَذَا مِنَ الأَخْطَاءِ المَوْجُودَةِ فِي «الجَامِعِ» لَكِنْ -إِنْ شَاءَ اللهُ- سَأَتِيكُمْ بِمِثَالٍ سَأَعْرِضُهُ عَلَيْكُمْ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» وَ«مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» لِشَرْحِ الدُّكْتُورِ خَالَدٍ، وَ«تُحْفَةِ الأَشْرَافِ»، وَسَأَشْرَحُ لَكُمْ فَقَطْ التَّخْرِيجَ مِنْ مَوْسُوعَةِ الكُتُبِ السِّتَّةِ غَالِبًا، وَسَأَعْطِيكُمْ النَّتَائِجَ مِنَ الكُتُبِ المُسْتَخْدَمَةِ فِي التَّخْرِيجِ، وَسَوْفَ تَخْرُجُونَ بِوَاسِطَةِ الكِتَابِ نَفْسِهِ كَتَطْبِيقٍ عَمَلِيٍّ، سَتَرَوْنَ أَنَّكُمْ سَتَسْتَفِيدُونَ كَثَيرًا لَكِنِ المَطْلُوبُ مِنْكُمْ أَنَّ الكُتُبَ الَّتِي هِيَ تَعْتَبِرُ أَدَوَاتٍ لِلْوُصُولِ لِلْأَحَادِيثِ سَوْفَ تَتقِنُونَ العَمَل عَلَيْهَا إِذَا فَهِمْتَ الفِكْرَةَ. طَبِّقْ عِشْرِينَ مِثَالًا فِي حَيَاتِكَ كُلِّهَا لَا تَنْسَاهَا -بِإِذْنْ اللهِ تَعَالَى- عِشْرِينَ مِثَالًا فَقَطْ، وَلَيْسَ تِسْعَةَ عَشَرَ بَلْ عِشْرِينَ.
كَانَ الشَّيْخُ ابْنُ عُثَيْمِينَ عَلَيْهِ رَحِمَةُ اللهِ إِذَا وَاعَدَ أَحَدًا يَقُولُ: بَعَدُ ثَلَاثِ دَقَائِقِ وَنِصْفِ، مَا يَقُولُ: خَمْسُ دَقَائِقِ لِمَاذَا؟ خَمْسُ دَقَائِقِ يَعْنِي: عِنْدَ النَّاسِ خَمْسُونَ دَقِيقَةً الشَّيْخ يَقُولُ: بَعَدُ ثَلَاثِ دَقَائِقِ وَنِصْفِ -إِنْ شَاءَ اللهُ- سَأَتِّصِلُ عَلَيْكَ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ تَكَلَّمْتُ عَنِ الحَدِيثِ، وَخَرَّجْتُهُ، وَحَكَمْتُ عَلَيْهِ عَنْ طَرَيقِ كَلَامِ أَهْلِ العِلْمِ طَبْعًا، أَوْ نَادِرًا لَمْ أَجِدْ أَحَدًا تَكَلَّمَ عَلَيْهِ أَعْطِيهِ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنِّي، أَوْ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنِّي مِنَ المَشَايِخِ الكِبَارِ أَوْ غَيْرِهِمْ، وَنَسْأَلُُهْ عَنْهُ، وَنَعْطِيكُمْ الإِجَابَةَ هَذَا مِنْ بَابِ الدِّفَاعُ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. لَكِنْ أُرِيدُ أَنْ تَحْفَظُوا عَنِّى كَلِمَةً وَاحِدَةً وَأَنْصَحُكُمْ نَصِيحَةً وَأَقُولُ: إِنَّهَا وَاجِبَةٌ وَلَيْسَتْ مُسْتَحَبَّةً، إِذَا جَاءَكَ أَي حَدِيثٍ فِي الجَوَّالِ أَوْ أَي قَوْلٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنَهُ، إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تُرْسِلَهُ إِلَى أَحَدٍ حَتَّى تَتَوَثَّقَ مِنْ صِحَّتِهِ، نَصِيحَةً وَاجِبَةً، هَذِهِ وَاجِبَةٌ عَلَيَّ بَيَانُهَا وَوَاجِبَةٌ عَلَيْكَ العَمَلُ بِهَا شَرْعًا.
بَيَّنْتُ لَكُمْ هَذَا لَوْ لَمْ تَسْتَفِيدُوا مِنْ هَذِهِ الدُّرُوسِ إِلَّا أَنَّكُمْ تَهَابُوا أَنْ تَتَكَلَّمُوا، أَوْ تَنْقِلُوا شَيْئًا عَنْ سَيِّدِ الخَلْقِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَّا وَأَنْتُمْ وَاثِقُونَ وَإِلَّا -نَسْأَلُ اللهَ أَنْ يُعَافِينَا وَإِيَّاكُمْ مِنَ البَلَاءِ- تَكُونُ مِمَّنْ كَذِبَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَعَرَ أَوْ لَمْ يَشْعُرْ؛ لِأَنَّ الكَذِبَ فِي لُغَةِ قُرَيشٍ الخَطَأُ فَيَشْمَلُ الخَطَأُ، وَيَشْمَلُ التَّعَمْدُ الاخْتِلَاقَ -وَالعِيَاذُ بِاللهِ- هَذَا مَا عِنْدِي.
سُؤَالٌ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ أَعْتَمِدَ فِي التَّخْرِيجِ عَلَى كِتَابِ «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» فَقَطْ؟
الجَوَابُ: أَنَّكَ إِذَا خَرَّجْتُ مِنْ «كِتَابِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» فَقَطْ. مَا يُغَنِي أَبَدًا. كِتَابُ «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ» -حَفَظَنَا اللهُ وَإِيَّاكُمْ- التَخْرِيجُ فِيهِ مَخُوفٌ؛ لِأَنَّهُ عَلَى طَرِيقِ المَوْضُوعَاتِ عَلَى فَهْمِ المُسْتَشْرِقِينَ، فَهُوَ يُعْطِيكَ مَثَلًا: «مَنْ خَشِيَ»، فَيَأْتِيكَ بِالأَحَادِيثِ الَّتِي ظَنَّ أَنَّهَا بَابَ لِلْخَشِيةِ، وَيَتْرُكُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً بِخِلَافِ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» لَا يَسَعُهُمْ يَتْرُكُونَهَا؛ لِأَنَّ الكَلِمَةَ أَمَامَهُ سَيَأْتِي بِهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلهَا ضَعِيفٌ كَمَا فِي بَعْضِ الأَحْرُفِ وَقَعَتْ فِيهَا نَقَصٌ، يَعْنِي: الآنَ التَّخْرِيجُ عَنْ طَرِيقِ «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» عَنْ طَرِيقِ المَوْضُوعِ العَامِ لِلْحَدِيثِ، الحَدِيثُ فِي الصَّلَاةِ تَأْتِي فِي أَبْوَابِهِ الدَّاخِلِيَّةِ مَثَلًا: فِي صَلَاةِ الجَمَاعَةِ يَأْتِيكَ بِالأَحَادِيثِ الوَارِدَةِ فِيهَا يَقُولُ: المُسْتَشْرِقُونَ تَرَكُوا عَشَرَاتَ الأَحَادِيثِ فِي هَذَا المَوْضُوعِ تَرَكُوهَا مَا أَتَوْا بِهَا؛ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُمْ مَا فَهَمُّوا مِنْ هَذَا الحَدِيثِ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى صَلَاةِ الجَمَاعَةِ، بَيْنَمَا لَمَا تَأْتِي إِلَى «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» تَبْحَثُ عَنْ كَلِمَةِ جَمَاعَةِ تَجِدُ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِالجَمَاعَةِ مَوْجُودَةَ فِيهَا. لَكِنْ قَدْ يَكُونُ فِي «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» مَا لَيْسَ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» بِاعْتِبَارِ أَنَّ بَعْضَ الَّذِينَ اشْتَغَلُوا عَلَى بَعْضِ الأَحْرُفِ عِنْدَهُمْ أَنَّهُمْ كَانَ عِنْدَهُمْ التَّخْرِيجُ بِوَاسِطَةِ مَعْنَى الحَدِيثِ، أَي: يَكُونُوا أَتَوْا بِأَحَادِيثَ فِي صَلَاةِ الجَمَاعَةِ لَا تُوجَدُ فِيهَا كَلِمَةُ جَمَاعَةِ، فَيَزِيدُونَ بِهَذَا، فَلِذَلِكَ خُذُوا مِثَالًا: أَنَا كَانَ عِنْدِي أَمْسُ مُحَاضَرَةٍ جَلَسْتُ بَعْدَ العَصْرِ أَوْ بَعْدَ الظُّهْرِ لَمَّا رَجَعْتُ مِنَ الجَامِعِ قَرَأْتُ «مُفْتَاحَ كُنُوزِ السُّنَّةِ» أُرَاجِعُ بِمَا كَانَ فِي مُحَاضَرَاتِي، وَأَسْتَفِيدُ فِي أَوْقَاتِ كَثِيرَةٍ مِنْهُ، وَكَذَلِكَ «المُعْجَمَ المُفَهْرَسَ فِي أَلْفَاظِ القُرْآنِ» الإِنْسَانُ قَدْ يَكُونُ حَافِظًا، وَلَكِنْ يَنْسَى بَعْضُ الآيَاتِ عِنْدَمَا يَسْتَشْهِدُ بِهَا جِئْتُ أَسْتَشْهِدُ بِـ«المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ فِي أَلْفَاظِ القُرْآنِ»، وَكَانَ عِنْدِي مَوْضُوعٌ عَنِ الفِتَنِ مُحَاضَرَةٌ عَنِ الفِتَنِ فَجَمَعْتُ كُلَّ الآيَاتِ الوَارِدَةِ بـِ«المُعْجَمِ المُفْهَرْسِ» الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِالفِتْنَةِ فَاسْتَفَدْتُ أَنِّي وَجَدْتُ الفِتْنَةَ ذُكِرَتْ فِي القُرْآنِ عِدَّةَ مَرَّاتٍ: مَرَّةٌ بِالكُفْرِ، مَرَّةٌ بِالشِّرْكِ، مَرَّةٌ بِالقَتْلِ، مَرَّةٌ بِالحَبْسِ، مَرَّةٌ بِكَذَا، أُمُورٌ كَثِيرَةٌ اسْتَفَدْتُهَا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ لَمَّا دَخَلْتُ إِلَى «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» فِي الفِتْنَةِ حَرْفِ الفَاءِ مَعَ التَّاءِ؛ وَجَدْتُ ذِكْرًا لِلْأَحَادِيثِ فَاسْتَفَدْتُ مِنْهُ: أَفْضَلُ النَّاسِ فِي الفِتَنِ، مَوْقِفُ المُسْلِمَيْنَ مِنَ الفِتْنَةِ، النَّجَاةُ مِنَ الفِتَنِ، الفِرَارُ مِنَ الفِتَنِ، عَنَاوِينُ جَمِيلَةٌ صَارَتْ عَنَاصِرَ عِنْدِي فِي المُحَاضَرَةِ. وَالأَحَادِيثُ أَمَامِي مَوْجُودَةٌ سَهْلَةٌ، لَمَّا رَجَعْتُ إِلَى «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» وَجَدْتُ أَحَادِيثَ كَثِيرَةً جِدًّا أَكْثَرَ مِمَّا ذَكَرَ «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ»، فَكَتَبْتُهَا عِنْدِي فِي دَفْتَرٍ، بَدَأْتُ أَشْتَغَلُ عَلَيْهَا أَسْتَخْرِجُ الأَحَادِيثَ وَأَكْتُبُهَا، وَبَدَأْتُ أَتَكَلَّمُ مِنْ عِنْدِي، أَوْ إِذَا كَانَ فِي كَلَامٍ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ عَلَيْهَا. وَفِي خِلَالِ دَقَائِقِ بَسِيطَةِ اسْتَفَدْتُ فِي جَمْعِ مَادَّةٍ عِلْمِيَّةٍ مُتَطَوِّرَةٍ فِي هَذَا البَابِ؛ لِأَنَّهَا كُتُبَ أُصُولِ الإِسْلَامِ مَعَ الأَصْلِ، وَهُوَ كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَرَجَعْتُ إِلَى تَفْسِيرِ ابْنِ كَثِيرٍ فَجَمَعْتُ لِي مَنَّه مَادَّةً عِلْمِيَّةً جَاهِزَةً لِلْمُحَاضَرَةِ فَأَنَا أَنْصَحُكُمْ دَائِمًا بِهَذِه الطَّرِيقَةِ لِلْجَمِيعِ سَوَاء مُعَلِّمِينَ، أَوْ أَئِمَّةِ جَوَامِعَ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ. ابْدَأْ بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ وَمَعَ الوَقْتِ سَتَكُونُ عِنْدَكَ مَلَكَةٌ، وَيَكُونُ عِنْدَكَ أَبْحَاثٌ جَمِيلَةٌ فِي مَوَاضِعِ جَمِيلَةٍ جِدًّا، وَخُذْ خَبْرَةَ غَيْرِكَ، بَعْضُهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَأْخُذَ بَعْضَ الكُتُبِ المُفِيدَةِ فِي جَمْعِ بَعْضِ المَوَادِ فِي الأَخْلَاقِ وَالآدَابِ مِثْل: كِتَابِ «مَوْسُوعَةِ نَظَرَةِ النَّعِيمِ» يَأْخُذَهَا وَمَا يَرَى أَمَامَهُ، لَا لِأَنَّ الَّذِينَ وَضَعُوا «نَظَرَةَ النَّعِيمِ» فَاتَهُمْ أَشْيَاءً، فَأَنْتَ حَاوَلُ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ حَيْثُ أَخَذْنَا، وَكَيْفِيِّةُ الاسْتِفَادَةُ مِنَ الكُمْبِيُوتَرِ فِي تَكْمِيلِ المُحَاضَرَةِ –إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى- أَوْ نَجْعَلُهَا مَعَ دَوْرَةِ الكُمْبِيُوتَرِ. أَسْتَعِينُ بِاللهِ عَزَّ وَجَلَّ.
الطُّرُقُ العِلْمِيَّةِ فِي تَخْرِيجِ الأَحَادِيثِ النَّبَوِيَّةِ:
الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ لِلتَّخْرِيجِ: التَّخْرِيجُ عَنْ طَرِيقِ مَعْرِفَةِ الرَّاوِي الأَعْلَى لِلحَدِيثِ.
الرَّاوِي الأَعْلَى لِلْحَدِيثِ: مَا المَقْصُودُ بِالرَّاوِي الأَعْلَى لِلحَدِيثِ؟ هُوَ الصَّحَابِيُّ رَاوِي الحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوِ التَّابِعِيُّ إِذَا كَانَ الحَدِيثُ مُرْسَلًا، أَي: سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ الصَّحَابِيِّ، هَذَا الرَّاوِي الأَعْلَى يَجِبُ أَنْ تَعْرَفُوهُ، فَالرَّاوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِ مَعْرِفَةُ اسْمِ الصَّحَابِيِّ أَنْ تَصِلَ إِلَى الحَدِيثِ الَّذِي تُرِيدُ، أَوْ إِذَا كَانَ أَيْضًا الحَدِيثُ رَوَاهُ التَّابِعِيُّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَهُوَ الَّذِي نُسَمِّيهِ: الحَدِيثَ المُرْسَلَ، وَهُوَ مَا أَضَافَهُ التَّابِعِيُّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -هَذَا أَحَدُ التَّعْرِيفَات-، أَوْ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ الصَّحَابِيِّ. وَالتَّعْرِيفُ الأُوَّلُ أَدَّقُ. إِذَا عَرِفَ البَّاحِثُ، أَوْ مُخَرِّجُ الحَدِيثِ الرَّاوِيَ الأَعْلَى؛ فَإِنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَعُودَ إِلَى مُؤَلِّفَاتِ رُتِّبَتْ فِيهَا الأَحَادِيثُ عَلَى أَسْمَاءِ الرُّوَاةِ الأَعْلِينَ سَوَاءً كَانَ التَّرْتِيبُ وَاضِحًا بِالنِّسْبَةِ لَهُ، مِنْ أَوَّلِ مَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي مِثَالُهُ وَعَرْضُهُ عَلَى الشَّاشَةِ، أَوْ أَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ لَكِنْ سَيَجِدُ فِي الكِتَابِ الَّذِي يَنْظُرُ فِيهِ فِي هَذِهِ المَوْسُوعَاتِ الَّتِي نُعَرِّفُ بِهَا أَنَّهُ يَجِدُ أَحَادِيثَ كُلِّ صَحَابِيٍّ مَوْجُودَةَ عَلَى حِدَةٍ. فَبِمُجَرَّدِ أَنْ يَعْرِفَ حَدِيثًا مِثْلَ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»( ) مَنْ الصَّحَابِيُّ؟ عُمَرُ أَلَيْسَ كَذَلِكَ يَأْتِي لِيَفْتَحَ مُسْنَدَ عُمَرَ فِي هَذَا الكِتَابِ مِنَ المُفَهْرَسِ، فَيَجْرُدُ الأَحَادِيثَ خَمْسَةَ، عَشَرَةَ، عِشْرِينَ، ثَلَاثِينَ عَلَى حَسَبِ العَدَدِ المَوْجُودِ فَيَقِفُ عَلَى أَحَادِيثَ مُبَاشَرَةٍ فِي الكِتَابِ المُرَادِ. هَذِهِ مَقْصُودُ التَّخْرِيجِ فَبِمُجَرَّدِ أَنْ تَعْرِفَ اسْمَ الصَّحَابِيِّ، أَوْ التَّابِعِيِّ المُرْسَلِ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصِلَ إِلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ. قَدْ يَقُولُ قَائِلٌ: يَا شَيْخُ، أَجْرُدُ أَحَادِيثَ الصَّحَابِيِّ؛ لِكَي أَصِلُ إِلَى أَحَادِيثَ مِنْ كِتَابٍ وَاحِدٍ أَقُولُ: نَعَمْ أَحْيَانًا تَحْتَاجُ إِلَى هَذَا فِي حَالَتَيْنِ:
الحَالَةُ الأُولَى: أَنْ يَكُونَ لَا يُوجَدُ عِنْدَكَ إِلَّا كِتَابٌ مُرَتَّبٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ مِثْلُ: مُسْنَدُ الإِمَامِ أَحْمَدَ مَثَلًا مَا عِنْدَكَ فِي البَيْتِ إِلَّا هَذَا الكِتَابُ، وَأَنْتَ تُرِيدُ أَنْ تَتَحَقَّقَ مِنَ الحَدِيثِ هَذِهِ الحَالَةُ الأُولَى فَمَا عِنْدَكَ «مِفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ»، وَلَا مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»، وَلَا أَطْرَافُ الأَحَادِيثِ بِشَيْءٍ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ أَنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصِلَ إِلَى الحَدَيثِ.
الحَالَةُ الثَّانِيةُ: أَنَّكَ يَبْلُغْكَ عَنِ الحَدِيثِ أَنَّهُ أَخْرَجَهُ –مَثَلًا- الطَّيَالِسِيّ فِي مُسْنَدِهِ، أَوْ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي مُسْنَدِهِ، أَوْ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، وَلَكَنْ إِذَا رَجَعْتُ إِلَى المَوْسُوعَاتِ هَذِهِ «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ»، «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» لَمْ تَجِدْهَا وَتَجِدُ أَنَّ –مَثَلًا- أَحَدَ الأَئِمَّةِ مِثْلُ ابْنِ تَيْمِيَّةَ( ) عَزَّاهُ إِلَى أَحْمَدَ، أَوْ عَزَّاهُ إِلَى عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ أَنْتَ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَجْزِمَ أَنَّ الحَدِيثَ غَيْرَ مَوْجُودٍ فِي أَحْمَدَ لِمَاذَا؟ لِأَنَّكَ لم تُخَرِّجْ عَلَى «المُعْجَمِ»، أَوِ «المِفْتَاحِ» أَلَيْسَ كَذَلِكَ فَأَنْتَ حَتَّى تَقْطَعَ، وَتَقُولَ: لَمْ أَجِدْهُ، وَهَذَا دِيْنٌ تَكْتُبُ عَنْهُ، فَمَاذَا تَفْعَلُ؟ تَقُومُ بِجَرّدِ المُسْنَدِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى حَدِيثَكَ، أَوْ تَكُونُ مُتَيَقِّنًا أَنَّهُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي النُّسْخَةِ المَطْبُوعَةِ بَيْنَ أَيْدِينَا. هَذِهِ أَهَمِّيَةُ مَعْرِفَة هَذِهِ الطَّرِيقَةِ. مِنْ جِهَةٍ قَدْ يَسْأَلُ البَعْضُ مَا دَامَتْ أَكْثَرُ هَذِهِ الكُتُبِ مَوْجُودَة بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ فَلَا بَأْسٌ.
الأَمْرُ الثَّالِثُ: أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ تَخْدُمُ كُتُبًا مَا خَدَمتَهَا الطُّرُقُ الَّتِي دَرَسْتُوهَا إِلَّا الطَّرِيقَة الأُولَى الَّتِي ذَكَرْنَا لَكُمْ عُيُوبَهَا.
هَذِهِ ثَلَاثَةُ حَوَافِزٍ تَجْعَلُكُمْ تَهْتَمُّونَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.
أَشْرَحُهَا بِصِيغَةٍ أُخْرَى: أَوَّلًا: إِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ إِلَّا كِتَابٌ مُرَتَّبٌ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ فَلَا مَجَالٌ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْهَا، فَيَجِبُ أَنْ تَتَعَلَّمَ كَيْفِيِّةَ البَحْثِ فِيهَا.
ثَانِيًا: إِذَا وَجَدْتُ أَحَدًا مِنَ العُلَمَاءِ الكِبَارِ أَحَالَ إِلَى أَحَدِ الكُتُبِ الَّتِي رُتِّبَتْ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ، وَلَكِنْ وَجَدْتُ مَنْ نَسَبَ وُجُودَ الحَدِيثِ فِيهَا، أَوْ لَمْ يَذْكُرْ وُجُودَ الحَدِيثِ فِيهَا فَلَا يَجُوزُ لَكَ الاعْتِمَادُ عَلَى نَفِيهِ، وَلَا عَلَى قَوْلِهِ حَتَّى تَتَأَكَّدَ بِنَفْسِكَ بِجَرْدِ الكِتَابِ المَطْلُوبِ.
ثَالِثًا: أَنَّ فِيهَا كُتُبٌ كَثِيرَةٌ مَا خُدِمَتْ بِأَي طَرِيقَةٍ إِلَا بِوَاسِطَةِ الطَّرِيقَةِ الأُولَى، وَالطَّرِيقَةُ الأُولَى مَخُوفَةٌ؛ لِأَنَّهَا لَوْ تَغَيَّرُ اللَّفْظُ تَغَيَّرُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَثِيرٌ لَوْ اخْتَلَفَ لَفْظٌ مَعَ لَفْظٍ كَمَا ذَكَرْنَا فِي عُيُوبِ الطَّرِيقَةِ الأُولَى.
مَزَايَا هَذِهِ الطَّرِيقَةِ:
 أَوَّلًا: سُهُولَةُ التَّخْرِيجِ بِهَا أَحْيَانًا وَلَيْسَ دَائِمًا، وَذَلِكَ يَرْجَعُ إِلَى شَيْئَيْنِ: إِلَى خِبْرَةِ البَّاحِثِ وَتَمَرُّسِهِ فِي الكُتُبِ، وَالثَّانِي: وَهُوَ نَوْعُ الكِتَابِ كُلَّمَا كَانَ عِنْدَكَ خِبْرَةٌ أَكْبَرُ كُلَّمَا كُنْتُ أَسْرَعَ لِلْوُصُولِ إِلَى المُرَادِ.
ثَانِيًا: كَثُرَتْ فَوَائِدَهَا، فِيهَا كُتُبٌ، فِيهَا فَوَائِدٌ غَزِيرَةٌ كَمَا سَنَدْرُسُ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فِي كِتَابِ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» اليَوْمَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى فِيهِ فَوَائِدٌ كَثِيرَةٌ فِي الكِتَابِ لَا تَجِدُهَا فِي بَعْضِ الكُتُبِ الأُخْرَى، أَوْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الكُتُبِ. هَذِهِ فَائِدَةٌ مُهِمَّةٌ أَوْ مَزِيَّةٌ مُهِمَّةٌ. دِقَّةُ الإِحَالَةِ بِشَكْلٍ وَاضِحٍ وَكَبِيرٍ فِي بَعْضِ الأَحْيَانِ خَاصَّةً عِنْدَ المُقِلِّينَ - الصَّحَابَةُ الَّذِينَ قَلَّتْ أَحَادِيثِهِمْ لَيْسُوا مُكْثِرِينَ، لَيْسَتْ أَحَادِيثُهُمْ كَثِيرَةٌ- فَإِنَّك تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصِلَ خِلَالَ دَقِيقَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى مَا تُرِيدُ بِسُهُولَةٍ كَبِيرَةٍ جِدًّا جِدًّا جِدًّا فَهَلْ هَذَا وَاضِحٌ.
عُيُوبُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ:
العَيْبُ الأَوَّلُ: لَا يُمَكَنُ الاسْتِفَادَةُ مِنْهَا إِلَّا بِمَعْرِفَةِ الرَّاوِي الأَعْلَى، إِذَا مَا عَرَفْتُ الرَّاوِيَ الأَعْلَى فَالكِتَابُ هَذَا لَا تَسْتَفِيدُ مِنْهُ إِلَّا فِي طَرِيقَةٍ ثَانِيَةٍ؛ وَلِذَلِكَ كَانَ مِنْ مُمَيِّزَاتِ «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّة»، وَمُمَيِّزَاتِ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» أَنَّهُ حَلَّ مُشْكِلَةَ مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ؛ إِذْ أَنَّهُ خَرَّجَ مِنْهَا لَكِنْ أَنَا شَخْصِيًا إِذَا سَأَلَتَنِي عَنْ خِبْرَتِي فِي العِلْمِ هَذَا أَقُولُ لَكُمْ: أَنَا لَا أَثِقُ لَا فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»، وَلَا فِي «مِفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» بِالقَطْعِ بِأَنَّ الحَدَيثَ غَيْرُ مَوْجُودٍ أَبَدًا إِطْلَاقًا لَا أَثِقُ حَتَّى فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ عَنْ تَجْرِبَةٍ جَرَّبْنَاهَا فِي أَحَادِيثَ.
العَيْبُ الثَّانِي: تَرْتِيبُ الأَحَادِيثِ فِي هَذِهِ الكُتُبِ تَحْتَ الرَّاوِي الأَعْلَى فِيهِ بُعْدٌ وَعَدَمُ وُضُوحٍ لِلْبَاحِثِ -أَنَا دَخَلْتُ حَقِيقَةً فِي المَزَايَا وَالعُيُوبِ- الطَّرِيقَةُ هَذِهِ أَنْ يَأْتِيَ التَّرْتِيبُ عَلَى الرَّاوِي الأَعْلَى أَنْ يَأْتِيَ عَالِمٌ مِنَ العُلَمَاءِ، وَيُرَتِّبُ الأَحَادِيثَ عَلَى أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ كُلَّ صَحَابِيٍّ يُرَتِّبُ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ عِنْدَهُ، وَيَنْتَهِي مِنْهُ يَأْتِي لِلصَّحَابِيِّ الآخَرَ.
تَرْتِيبُ الصَّحَابَةِ فِي كُتُبِ هَؤُلَاءِ الأَئِمَّةِ المُتَقَدِّمِينَ غَالِبًا فِيهِ شَيْءٌ مِنَ البُعْدِ يَعْنِي: لَا رُتِّبَ هِجَائِيًا، لَا رُتِّبَ عَلَى حَسَبِ البِلَادِ، لَا رُتِّبَ عَلَى حَسَبِ الأَفْضَلَيَّةِ بِدَقَّةٍ؛ لِأَنَّ غَالِبَ الَّذِينَ صَنَّفُوا لِلمَسَانِيدِ أَرَادُوا جَمْعَ السُّنَّةِ فَقَطْ، وَحِفْظُهَا لَلْمُسْلِمِينَ بِخِلَافِ مَنْ رَتَّبُوا عَلَى الكُتُبِ، وَالأَبْوَابِ، أَرَادُوا انْتِفَاعَ النَّاسِ بِهَذِهِ الأَحَادِيثِ فِيمَا بَوَّبُوا عَلَيْهِ؛ وَلِذَلِكَ أَدْخَلُوا كَلَامَهُمْ عَلَى كَلَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: بَابٌ فِي وُجُوبِ كَذَا وَكَذَا، (بَابٌ) بِأَنَّهُ يَجُوزُ كَذَا وَكَذَا أَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَنَقَلُوا كَلَامًا، وَنَقَلُوا كَلَامَ بَعْضِ التَّابِعِينَ قَالَ الحَسَنُ: إِذَا أَمَرَتْهُ أُمُّهُ بِأَن لَا يُصَلِّي العِشَاءَ لَمْ يُطِعْهَا مَثَلًا، وَهَلُمَّ جَرًّا. قَصَدُوا اسْتِفَادَةَ النَّاسِ مِنَ الفِقْهِيَّاتِ.
أَوَّلًا: أَمَّا الَّذِينَ رَتَّبُوا فِي المَسَانِيدِ قَصْدَهُمْ جَمْعَ السُّنَّةِ.
ثَانِيًا: سُهُولَةُ الحِفْظِ عَلَى مَنْ أَرَادَ حِفْظَ المَسَانِيدِ.
إِذَا كَانَ الرَّاوِي الأَعْلَى مُكْثِرًا، يَعْنِي: عِنْدَهُ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، مِثْلُ: أَبُو هُرَيْرَةَ عِنْدَهُ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعَةِ آلَافِ حَدِيثٍ، إِذَا كَانَ مُكْثِرًا يَكُونُ الوُصُولُ لِلْحَدِيثِ شَيْءٌ صَعْبٌ جِدًّا خَاصَّةً إِذَا كَانَ وَاحِدٌ يَقْرَأَ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الطَّبْعَةِ المَيْمَنِيَّةِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»، فِي سِتِّ مُجَلَّدَاتٍ تُبَاعُ، فِي طَبْعَةٍ مُهِمَّةٍ؛ لِأَنَّ مِنْ أَكْثَرِ إِحَالَاتِ البَاحِثِينَ عَلَيْهَا فِي الكُتُبِ القَدِيمَةِ لَكِنْ العَمَلُ فِيهَا مُتْعِبٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ حَوَالِي مُجَلَّدٍ وَثُلُثِ المُجَلَّدِ فِي مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَطْ تَخَيَّلْ أَنْ تَقْرَأَ حَوَالِي سَبْعِمِائَةِ صَفْحَةٍ بِالقَطْعِ الكَبِيرِ، وَبِالخَطِّ الصَّغِيرِ، وَبِالطِّبَاعَةِ الرَّدِيئَةِ حَتَّى تَصِلَ إِلَى حَدِيثِ طُولِهِ سَطْرٍ وَاحِدٍ، كَمْ سَيَأْخُذُ مِنْكَ! وَلِهَذَا نُقِلَ عَنْ بَعْضِ العُلَمَاءِ مِثْل: أَحْمَدَ شَاكِرٍ وَغَيْرِهِ قَالُوا: لَوْ أَنَّ كِتَابَ «مِفْتَاحَ كُنُوزِ السُّنَّةِ» ظَهَرَ قَبْلَ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ؛ لَوَفَّرْتُ نِصْفَ عُمْرِي؛ لِأَنَّهُ كَانَ يَقْضِي وَقْتًا طَوِيلًا حَتَّى يَبْحَثَ عَنْهُ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ. الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ لَمَّا كَانَ يَطَّلِعُ عَلَى مُسْنَدِ أَحْمَدَ جَعَلَ لِنَفْسِهِ مُسْنَدًا خَاصًّا بِهِ سَنَذْكُرُهُ لَكُمْ -إِنْ شَاءَ اللهُ- فِيمَا بَعْدُ بِحَوْلِ اللهِ وَقُوتِهِ.
هَذِهِ المُشْكِلَةُ مَوْجُودَة فِي أَكْثَرِ الكُتُبِ الَّتِي رُتِّبَتْ خَاصَّةً فِي رِوَايَةِ المُكْثِرِينَ إِلَّا فِي كُتُبِ الأَطْرَافِ، بِشَرْطِ وُجُودِ طَرَفِ الإِسْنَادِ عِنْدَكَ كَمَا سَيَأْتِينَا. المُهِمُّ أَنْ تَعْرِفَ الرَّاوِي المُكْثِرَ لَابُدَّ أَنْ تَعْرِفَ مَنْ رَوَى عَنْهُ كَمَا سَنَذْكُرُ فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» بَعْدُ قَلِيلٍ المُؤَلَّفَاتُ عَلَى هَذِهِ الطَّرِيقَةِ. وَمَزَايَاهَا وَعُيُوبُهَا وَاضِحَةٌ.
الكُتُبُ الَّتِي صُنِّفَتْ عَلَيْهَا: هُنَاك ثَلَاثُ مَجْمُوعَاتٍ:
المَجْمُوعَةُ الأُولَى: كُتُبُ المَسَانِيدِ.
المَجْمُوعَةُ الثَّانِيَةُ: المَعَاجِمُ.
المَجْمُوعَةُ الثَّالِثَةُ: كُتُبُ الأَطْرَافِ.
هَذِهِ المَجْمُوعَاتُ الَّتِي رُتِّبَتْ فِيهَا الأَحَادِيثُ عَلَى الرَّاوِي الأَعْلَى مَا تَجِدُ كِتَابٌ فِي الدُّنْيَا إِلَّا يَشْمَلُ هَذِهِ الأَقْسَامَ الثَّلَاثَةَ الَّتِي فِي الطَّرِيقَةِ.
المَجْمُوعَةُ الأُولَى: كُتُبُ المَسَانِيدِ:
تَعْرِيفُ المَسَانِيدِ بِاخْتِصَارٍ: هِيَ الكُتُبُ الَّتِي رُتِّبَتْ فِيهَا الأَحَادِيثُ عَلَى أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَإِذَا قَالُوا مُسْنَدًا لَا يَكُونُ إِلَّا عَنْ صَحَابِيٍّ، أَي: لَا مَقْطُوعٌ وَلَا مُرْسَلٌ. إِذًا التَّرْتِيبُ عَلَى أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَهَذَا ظَاهَرٌ وَاضِحٌ، مِثَالُهُ: مُسْنَدُ الإِمَامِ أَحْمَدَ، مُسْنَدُ الطَّيَالِسِيِّ، مُسْنَدُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، مَسَانِيدٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا.
أَنْوَاعُ المَسَانِيدِ:
المَسَانِيدُ: تَنْقَسِمُ إِلَى قِسْمَيْنِ:
القِسْمُ الأَوَّلُ: مَسَانِيدُ مُخْتَصَّةٌ: وَنَقْصِدُ بِهَا هِيَ الَّتِي جَمَعَتْ أَحَادِيثَ صَحَابَةٍ مُعَيْنِينَ: كَمُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لَأَبِي بَكْرٍ المَرْوَزِيِّ جَمَعَ أَحَادِيثَ أَبِي بَكْرٍ فَقَطْ؛ لِذَلِكَ سُمِّيَ مُسْنَدَ أَبِي بَكْرٍ؛ فَهَذَا نُسَمِّيهِ مُسْنَدًا مَخْتَصًّا لِهَذَا المَعْنَى، أَوْ مُسْنَدِ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ لَأَبِي يَعْقُوبِ بْنِ شَيْبَةَ، أَوْ مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْفَى لَابْنِ صَائِدٍ؛ هَذِهِ نُسَمِّيهَا مَسَانِيدَ مُخْتَصَّةً، اخْتَصَّتْ بِاسْمِ صَحَابِيٍّ مُعَيَّنٍ وَلَوْ اخْتَصَّتْ بِمَجْمُوعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ مِثْلُ: مُسْنَدُ أَهْلِ البَيْتِ، مُسْنَدُ الحِجَازِيِّينَ، مُسْنَدُ الشَّامِيِّينَ لِلطَّبَرَانِيِّ.
القِسْمُ الثَّانِي: مَسَانِيدُ غَيْرُ مُخْتَصَّةٍ، يَعْنِي: مَسَانِيدُ سُنِدَتْ لَكِنْ لَمْ تَخْتَصَّ بِطَائِفَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلَا بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ، وَلَا بِأَهْلِ بَلَدٍ مُعَيَّنٍ؛ بَلْ جَمَعَتْ كُلَّ الصَّحَابَةِ، وَجَعَلَتْ الأَحَادِيثَ الَّتِي جَمَعْتُهَا فِي كِتَابٍ، وَأَشْهَرُهَا: كِتَابُ مُسْنَدِ الإِمَامِ المُبَجَّلِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، وَهُوَ دِيوَانُ الإِسْلَامِ، الَّذِي قَالَ لِابْنِهِ عَبْدِ اللهِ: يَا بُنَيَّ، احْفَظْ هَذَا الكِتَابَ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِلنَّاسِ إِمَامًا، انْظُرُوا حُسْنَ الظَّنِّ بِاللهِ تَعَالَى؛ رَجُلٌ اجْتَهَدَ، وَلَمْ يَأْتِيهِ الشَّيْطَانَ مِنْ قَبْلِ، اجْتَهَد حتى فِي آخَرِ عُمْرِهِ؛ فَلِهَذَا قَالَ لِابْنِهِ: احْفَظْ هَذَا الكِتَابَ فَإِنَّهُ سَيَكُونُ لِلنَّاسِ إِمَامًا، وَهَكَذَا المُؤْمِنُ يَرَى بِنُورِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ. فَالإِمَامُ أَحْمَدُ تُوَفِّي سَنَةَ 241 هـ، وَالطَّيَالِسِيُّ تَوَفِّي سَنَةَ 204 هـ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ تُوَفِّي سَنَةَ 249 هـ. وَالمَسَانِيدُ هَذِهِ عَامَّةٌ لِكُلِّ الصَّحَابَةِ.
التَّخْرِيجُ مِنَ المَسَانِيدِ:
سُؤَالٌ: كَيْفَ تُخَرِّجُ مِنَ المَسَانِيدِ؟
الجَوَابُ: مَثَلًا لَوْ قُمْتَ بِزِيَارَةِ زَمِيلِكَ، أَوْ أَقَارِبِكَ أَوْ أَهْلِكَ، وَاتَّصَلَ عَلَيْكَ وَاحِدٌ حِينَئِذٍ، وَقَالَ لَكَ: خَرَّجْ حَدِيثَ أَنَسٍ لَمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَخٍ لِي صَغِيرٍ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ»( )، وَلَمْ تَجِدْ فِي مَكْتَبَةِ البَيْتِ المَوْجُودِ أَنْتَ فِيهِ إِلَّا مُسْنَدَ الإِمَامِ أَحْمَدَ مَاذَا تَفْعَلُ؟ تَجِيءُ بِمُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ، ثُمَّ تَبْحَثُ عَنْ مُسْنَدِ أَنَسٍ، وَتَتَصَفَّحُ أَحَادِيثَ أَنَسٍ حَتَّى تَجِدَ الحَدِيثَ. لَكِنِ المُشْكِلَةُ أَنَّ أَحَادِيثَ أَنَسٍ كَثِيرَةٌ فَوْقَ الأَلْفِ حَدَيثٍ فِي المُسْنَدِ فَتَبْحَثُ فِي أَلْفِ حَدِيثٍ حَتَّى تَجِدَ حَدِيثَ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ» هَذَا صَعْبٌ عَلَى البَاحِثِ لَكِنِ الحَاجَةُ أَمُّ الصَّبْرِ تُعَلِّمُ الإِنْسَانَ الصَّبْرَ. هَذِهِ طَرِيقَةٌ فِي التَّخْرِيجِ مِنْهِ.
 المَجْمُوعَةُ الثَّانِيَةُ: المَعَاجِمُ:
المَعَاجِمُ: تُشْبِهُ المَسَانِيدَ تَمَامًا إِلَّا أَنَّ التَّرْتِيبَ فِيهَا أَفْضَلُ مِنَ التَّرْيبِ فِي المَسَانِيدِ؛ لِأَنَّهَا غَالِبًا -وَهُوَ الأَصْلُ فِيهَا- أَنَّهَا تُرَتِّبُ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ تُسَهِّلُ لَكَ العُثُورُ عَلَى الحَدِيثِ؛ لِذَلِكَ لَا تُوجَدُ عِنْدَكَ مُشْكِلَةٌ. بَيْنَمَا المَسَانِيدُ لَا، فَمَثَلًا: تَبْحَثُ عَنْ أَنَسٍ فِي حَرْفِ الأَلِفِ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ مَا تَجِدَهُ، وَتَبْحَثُ عَنْهُ فِي أَهْلِ بَدْرٍ مَا تَجِدُ أَنَسٌ مَا تَدْرِي أَيْنَ تَجِدُهُ؟! فَالإِمَامُ أَحْمَدُ لَهُ طَرِيقَةٌ فِي التَّرْتِيبِ مَا عَرَفْنَاهَا إِلَى الآنَ. فأَكْثَرُ المَسَانِيدِ بِالطَّرِيقَةِ فَهِيَ فِي التَّرْتِيبِ مَا نَدْرِي مَا طَرِيقَةَ تَرْتِيبهَا؛ لِذَلِكَ البَحْثُ فِيهِ عَنِ الصَّحَابِيِّ صَعْبٌ. فَالإِمَامُ الأَلْبَانِيُّ رَحِمَهُ اللهُ كَانَ يَقْضِي وَقْتًا طَوِيلًا فِي البَحْثِ عَنِ المُسْنَدِ؛ لِكَي يَجِدُ الجُزْءَ وَالصَّفْحَةَ الَّتِي يُوجَدُ فِيهَا مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَوْفَى. يَقْضِي وَقْتًا طَوِيلًا فِي البَحْثِ عَلِيهِ وَلَا يَجِدَهُ. وَالمَشْطَاوِيُّ رَحِمَهُ اللهُ قَامَ بِعَمَلِ فَهْرَسٍ لِمُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ بِنَفَسِهِ أَخَذَ المُجَلَّدَ الأُوَّلَ، وَبَدَأَ يُسَجِّلَ لِكُلِّ مُسْنَدٍ الجُزْءِ وَالصَّفْحَةِ الَّتِي يَبْدَأَ مِنْهَا وَيَنْتَهِي فِيهَا، وَاسْتَمَرَّ عَلَى هَذَا حَتَّى انْتَهَى مِنَ الكِتَابِ قَامَ بِعَمَلِ الفَهْرَسِ فِي يَوِمٍ، وَبِذَلِكَ وَفَّرَ سَاعَاتٍ طَوِيلَةً مِنَ البَحْثِ. وَقَدْ تَمَّ طَبْعُ الفَهْرَسِ فِي المَكْتَبِ الإِسْلَامِي لِلمُسْنَدِ، الطَّبْعَةُ المِيدَانِيَّةُ سِتُّ مُجَلَّدَاتٍ فَهْرَسَهَا الشَّيْخُ الأَلْبَانِيُّ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
مَزَايَا المَعَاجِمِ: أَنَّهَا رَتَّبَتِ الصَّحَابَةَ تَرْتِيبًا وَاضِحًا، وَالرُّوَاةُ الَّذِينَ فِيهَا رُتِّبُوا تَرْتِيبًا وَاضِحًا. هَذِهِ المَعَاجِمُ مِنْهَا مَا رُتِّبَ عَلَى أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ، وَمِنْهَا مَا رُتِّبَ عَلَى أَسْمَاءِ الشُّيُوخِ.
فالَّذِي رُتِّبَ عَلَى أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ: «المُعْجَمُ الكَبِيرُ» للطَّبَرَانِيِّ، وَأَمَّا الَّذِي رُتِّبَ عَلَى أَسْمَاءِ الشُّيُوخِ فَهُوَ «المُعْجَمُ الأَوْسَطُ»، وَ«الصَّغِيرُ» لِلطَّبَرَانِيِّ، وَ«مُعْجَمُ الصَّحَابَةِ» لَأَبِي نُعَيمٍ. مِثَال: «المُعْجَمُ الكَبِيرُ» لِلطَّبَرَانِيِّ قَالَ: «مَنْ يُسْبِغُ ...»، قِسْمُ ابْنِ عَبَّاسٍ ومَا أَسْنَدُ إِلَى قِسْمِهِ، وَجَاءَ بِالحَدِيثِ وَأَحَادِيثهِ كُلّهَا. وَهُوَ عِنْدَنَا يَأْتِي بِاسْمِ الصَّحَابِيِّ عَلَى تَرْتِيبِ حُرُوفِ المُعْجَمِ مِثْلُ: حَرْفُ القَافِ (قَيْسُ) يَسُوقُ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ فِيهِ، وَفِي الصَّفْحَةِ التَّالِيَةِ مَنِ اسْمُهُ القَعْقَاعُ. هَذَا مِثَالٌ لِلمُعْجَمِ المُفَهْرَسِ.
وَمِثَال لِمُسْنِدِ مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ: يَقُولُ: أَبُو ذَرٍّ الغِفَارِيُّ، أَبُو سَلَمَةَ فَكُلُّ وَاحِدٍ يَذْكُرُهُ يَسُوقُ لَهُ حَدِيثًا. فَمِيزَةُ مُسْنَد الطَّيَالِسِيِّ أَنَّهُ مُخْتَصَرٌ -مُجَلَّدٌ وَاحِدٌ-؛ لِذَلِكَ الأَحَادِيثُ فِيهِ قَلِيلَةٌ، وَهَذِهِ مِيزَةٌ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي المَسَانِيدِ الأُخْرَى، وَسَوْفَ نَتَحَدَّثُ فِيمَا بَعْدُ عَنْ مُمَيِّزَاتِ المَسَانِيدِ وَالمَعَاجِمِ الأُخْرَى. هَذِهِ أَمْثِلَةٌ لِـ«لمُعْجَمِ الكَبِير»، وَ«المُعْجَمِ الصَّغِيرِ» لِلطَّبَرَانِيِّ، وَ«مُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ».
كُتُبُ الأَطْرَافِ:
 هِيَ كُتُبٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا، وَالحَقِيقَةُ مَا أَدْرِي أَنَا مُعْجَب بِالكِتَابِ أَم أَنَّ مَشَايخَنَا -رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِمْ وَالحَيُّ مِنْهُمْ أَعَانَهُ اللهُ عَلَى كُلِّ خَيْرٍ- تَرَكُوا فِينَا أَثَرًا فِي مَحَبَّةِ هَذِهِ الكُتُبِ الكَبِيرَةِ العَظِيمَة وَهِيَ بِالفِعْلِ فَوَائِدُهَا كَبِيرَةٌ جِدًّا، وَخَاصَّةً لِمَنْ يَهْتَمُّ مِنْكُمْ بِالأُصُولِ الكَبِيرَةِ.
تَعْرِيفُهَا: كُتُبُ الأَطْرَافِ يُقْصَدُ بِهَا: الكُتُبُ الَّتِي تَجْمَعُ أَحَادِيثَ كِتَابٍ أَوْ أَكْثَرِ فَتَذْكُرُ أَحَادِيثَ كُلِّ صَحَابِيٍّ عَلَى حِدَةٍ مُقْتَصِرِينَ عَلَى اسْمِ إِسْنَادِ الحَدِيثِ، وَطَرَفِ المَتْنِ الدَّالُّ عَلَى بَقِيَّتِهِ، يَعْنِي: كُتُبُ الأَطْرَافِ جَاءَتْ مَقْصُودَهَا: اخْتِصَارُ الأَسَانِيدِ، وَحَذْفُ التِّكْرَارِ فِيهَا، وَجَمْعُهَا فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ، وَلَيْسَ قَصْدَهَا المُتُونُ بِالدَّرَجَةِ الأُولَى، لَكِنْ قَصْدُهَا: جَمْعُ الأَسَانِيدِ، وَوَضْعُهَا فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ بِحَيْثُ إِنَّ الإِنْسَانَ لَوْ يُرِيدُ مَعْرِفَةَ صِحَّةِ هَذَا الحَدَيثِ يَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِ هَذَا الكِتَابِ مَعْرِفَةَ مَوَاضِعِ الِاتِّفَاقِ، وَمَوَاضِعِ الاخْتِلَافِ، وَمَا إِلَى ذَلِكَ.
فَكُتُبُ الأَطْرَافِ اعْتَمَدَتْ اعْتِمَادًا كَبِيرًا عَلَى الأَسَانِيدِ؛ وَلِذَلِكَ تَجِدُونَ الأَسَانِيدَ فِيهَا كَثِيرَةً جِدًّا، وَلَكِنْ مَا اغْفَلَتْ المُتُونَ. فَأَتَتْ بِالمُتُونِ لَكِنْ مَا جَاءَتْ بِهَا كُلَّهَا بَلْ يَأْتِيكَ وَيَقُولُ: حَدِيثُ الجَسَّاسَةِ( ) -حَدِيثُ الجَسَّاسَةِ حِدَيثُ تَمِيمِ-، ثُمَّ يَأْتِيكَ بِمَنْ أَخْرَجَهُ. يَقُولُ: حَدِيثُ الإِفْكِ( )، ثُمَّ يَأْتِيكَ بِمَنْ أَخْرَجَهُ، وَإِسْنَادُهُ عِنْدَهُ. فَهُوَ لَمْ يَأْتِنَا بِالمَتْنِ، وَإِنَّمَا جَاءَ بِطَرَفِ المَتْنِ، وَلَكِنْ اعْتَنَى بِالأَسَانِيدِ، وَالفَوَائِدُ المُهِمَّةُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِكَلَامِ أَهْلِ العِلْمِ وَالأَسَانِيدِ وَالاخْتِلَاطِ وَالانْقِطَاعِ كُلُّ هَذَا يُوجَدُ فِي كُتُبِ الأَطْرَافِ.
كِتَابُ الأَطْرَافِ يَعْتَنِي بِهِ المُتَخَصِّصُونَ لَكِنْ مِيزَةُ هَذَا الكِتَابِ أَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ شَّيْئًا مِنَ الكُتُبِ السَّتَّةِ إِذَا اسْتُعْمِلَتْ هَذِهِ الكُتُبُ اسْتِعْمَالًا جَيِّدًا بِالإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ هُنَاكَ كُتُبًا أُخْرَى كُتِبَتْ بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ. فَكَثِيرٌ مِنْ كُتُبِ السُّنَّةِ المُهِمَّةِ كُتِبَتْ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.
مِثَال: يَأْتِي صَاحِبُ كِتَابِ الأَطْرَافِ يَقُولُ: أَحَادِيثُ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ العَدَوِيِّ القُرَشِيِّ عِنْوَانٌ كَبِيرٌ فِي وَسَطِ الصَّفْحَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: حَدِيثُ: «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ»( )، هُوَ جَزْءٌ مِنَ الحَدِيثِ، ثُمَّ يَأْتِيكَ الآنَ بِرُمُوزِ التَّخْرِيجِ وَالأَسَانِيدِ يَقُولُ: رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي الإِيمَانِ كَذَا إِلَى آخِرِهِ، يَسُوقُ إِسْنَادَ البُخَارِيِّ، وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الإِيمَانِ عَنْ كَذَا، عَلَى حَسَبِ طَرِيقَةِ صَاحِبِ كِتَابِ الأَطْرَافِ. بَعْضُهُمْ يَسْتَعْمِلُ الرُّمُوزَ، وَبَعْضُهُمْ مَا يَقُولُ: رَوَاهُ أَبَدًا. عَلَى حَسَب اخْتِلَافِهِمْ فِي الطِّرِيقَةِ.
هَذَا إِذَا كَانَ الكِتَابُ يَشْتَمِلُ عَلَى أَطْرَافِ كُتُبٍ مُعَيَّنَةٍ، أَمَّا إِذَا كَانَ الكِتَابُ وَاحِدًا يَعْنِي: طَرَفُ الكِتَابِ وَاحِدٌ فَإِنَّهُ يُكْتَفَى بِذِكْرِ إِسْنَادِهِ، أَوْ طَرَفِ إِسْنَادِهِ، أَوْ جُزْءٍ مِنَ المَتْنِ فِي الغَالِبِ.
مِثَالُ ذَلِكَ: كِتَابُ «إِطْرَافُ المُسْنِدِ المُعْتَلِي بِأَطْرَافِ المُسْنَدِ الحَنْبَلِيِّ» لِابْنِ حَجَرٍ، أَوَ كِتَابُ «أَطْرَافُ الصَّحِيحَيْنِ» لِخَلَفِ بْنِ حَمْدُونَ، أَوَ كِتَابُ «أَطْرَافُ الصَّحِيحَيْنِ» لِأَبِي مَسْعَودٍ الدِّمَشْقِيِّ؛ يَأْتِي بِأَحَادِيثَ لِلطَّرِيقَةِ هَذِهِ، ثُمَّ يَجْمَعُ أَطْرَافًا فَقَطْ لِكِتَابٍ مُعَيَّنٍ، أَوْ كِتَابَيْنِ عَلَى حَسَبِ الحَاجَةِ الَّتِي يُرِيدُهَا.
مُؤَلَّفَاتُ الأَطْرَافِ: مُؤَّلَفَاتُ الأَطْرَافِ كَثِيرةٌ جِدًّا.
وَابْتَدَأَ تَصْنِيفُهَا تَقْرِيبًا مِنْ بِدَايةِ القَرْنِ الرَّابِعِ الهِجْرِيِّ.
أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِيهَا فِيمَا نَعْلَمُ: أَبُو مَسْعَودٍ الدِّمَشْقِيُّ تُوُفِّي سَنَةَ 400 هـ، وَيَلِيهِ خَلَفُ بْنُ حَمْدُونَ الوَاسِطِيُّ المُتَوَفَّى بَعْدُهُ بِسَنَةٍ، وَيَلِيهِ أَبُو الفَضْلِ مُحَمَّدُ بْنُ طَاهِرٍ المَقْدِسِيُّ تُوُفِّي سَنَةَ 507هـ هَذَا أَوَّلُ مَا صَنَّفَ –يَعْنِي أَوَّلُ كِتَاب أَلَّفَهُ-، ثُمَّ جَاءَ بَعْدُ ذَلِكَ ابْنُ عَسَاكِرٍ وَصَنَّفَ كِتَابَ «الأَشْرَافِ بِمَعْرِفَةِ الأَطْرَافِ» لِأَطْرَافِ السُّنَنِ الأَرْبَعَةِ فَقَطْ. فَهَذَا لِأَطْرَافِ الصَّحِيحَيْنِ، وَهَذَا لِلكُتُبِ السِّتَّةِ كُلّهَا، وَهَذِهِ لِلسُّنَنِ الأَرْبَعَةِ فَقَطْ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ. لَكِنِ انْظُرُوا الآنَ كُلُّ هَذِهِ الكُتُبِ عَلَيْهَا إِشْكَالَاتٌ، وَعَلَيْهَا مُلَاحَظَاتٌ، وَفِيهَا نَقْصٌ، وَفِيهَا كَلَامٌ -هَذَا طَبِيعَةُ العَمَلُ البَشَرِيّ- إِلَى أَنْ جَاءَ هَذَا الفَحْلُ، وَهَذَا الإِمَامُ المِزِّيُّ؛ فَجَمَعَ هَذِهِ الكُتُبَ، وَخَاصَّةً الكِتَابُ الأُوَّلُ وَالثَّانِي وَالرَّابِعُ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا لأَبِي مَسْعَودٍ، وَخَلَفِ بْنِ حَمْدُونَ، وَأَيْضًا ابْنِ عَسَاكِرٍ؛ جَمَعَهَا، وَهَذَّبَهَا وَزَادَ عَلَيْهَا، وَأَتْقَنَ صَنْعَتَهَا إِتْقَانًا بَاهِرًا بَهَرَ العُقُولِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تُوُفِّي فِي القَرَنِ السَّابِعِ الهَجْرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، أَوْ فِي بِدَايَةِ القَرْنِ الثَّامِنِ الهَجْرِيِّ تَقْرِيبًا سَنَةُ 734هـ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، هَذَا مَا يَتَعَلَّق بِـ«تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» سَيَأْتِي الكَلَامُ عَلَيْهِ تَفْصِيلًا.
 وَيُوجَدُ كِتَابٌ مُهِمٌّ جِدًا فِي الأَطْرَافِ: «إِتْحَافُ المَهَرَةِ لِأَطْرَافِ العَشَرَةِ» لِابْنِ حَجَرٍ. إِذَا جَمَعْتُ هَذَا الكِتَابَ وَكِتَابَ المِزِّيِّ «تُحْفَةَ الأَشْرَافِ» فَتَكُونُ بِذَلِكَ جَمَعْتُ أَهَمَّ المَسَانِيدِ وَالمَعَاجِمِ المَوْجُودَة. فَابْنُ حَجَرٍ أَخَذَ كِتَابَ مَالِكٍ «المُوطَّأَ»، وَ«مُسْنَدَ الشَّافِعَيِّ» الَّذِي جَمْعَهُ الرَّبِيعُ، وَ«مُسْنَدَ أَحْمَدَ»، وَ«سُنَنَ الدَّارِمِيِّ» الَّتِي تُسَمَّى مُسْنَدٌ، وَ«صَحِيحَ ابْنِ خُزَيْمَةَ» وَ«المُنْتَقَى» لِابْنِ الجَارُودِ، وَ«صَحِيحَ ابْنِ حِبَّانٍ» وَ«صَحِيحَ الحَاكِمِ» وَ«مُسْنَدَ أَبِي عَوَانَةَ» وَ«شَرْحَ مَعَانِي الآثَارِ» لِلطَّحَاوِيِّ، وَ«سُنَنَ الدَّارَقُطْنِي» هَذِهِ كُتُبٌ فِي غَايَةِ الأَهَمَيَّةِ بَعْدُ الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَقَامَ ابْنُ حَجَرٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِعَمَلِ أَطْرَافٍ كَمَا فَعَلَ المِزِّيُّ تَمَامًا لَهَا.
كِتَابُ «تُحْفَةُ الأَشْرَافِ»:
مُؤَلِّفُهُ: جَمَالُ الدَّيْنِ أَبُو الحَجَّاجِ يُوسُفُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ القُضَاعِيُّ الكَلْبِيُّ الدِّمَشْقِيُّ الشَّافِعَيُّ المُتَوَفَّى سَنَة 742هـ.
مَوْضُوعُ الكِتَابِ: أَطْرَافُ الكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَوَاحِقِهَا، أَطْرَافُ المُتُونِ وَالأَسَانِيدِ.
سُؤَالٌ: ما المقصود باللواحق؟
الجَوَابُ: هَيِ: مُعَلَّقَاتُ البُخَارِيِّ، وَكِتَابُ «العِلَلُ» لِلتِّرْمِذِيِّ المَوْجُودُ فِي آخِرِ «الجَامِعِ»، و«سُنَنُ النَّسَائِيِّ الكُبْرَى»؛ لَأَنَّهُ إِذَا قَالُوا: النَّسَائِيّ المَوْجُودُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ كَانَ المَقْصُودِ بِهَا السُّنَنَ الَّتِي تُسَمَّى «المُجْتَبَى»، وَأَيْضًا «فَضَائِلُ عَلِيّ» لِلنَّسَائِيِّ -رَحِمَ اللهُ الجَمِيعَ-.
الرُّمُوزُ فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ»: الرَّمْزُ (ع) يَرْمُزُ لِلجَمَاعَةِ، وَالبُخَارِيُّ (خ)، وَتَعْلِيقُ البُخَارِيِّ (خت)، وَمُسْلِمٌ (م)، وَأَبُو دَاوُدَ (د)، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الجَامِعِ (ت)، وَفِي الشَّمَائِلِ (تم)، وَالنَّسَائِيُّ (س)، وَفِي اليَوْمِ وَاللَّيْلَةِ (سي)، وَابْنُ مَاجَه (ق)، وَ(ز) الزِّيَادَاتُ الَّتِي زَادَهَا عَلَى مَنْ سَبَقَهُ مِنَ الكُتُبِ لَخَلَفِ، وَأَبِي مَسْعَودٍ، وَابْنِ عَسَاكِرٍ، وَأَيْضًا (ك) المُسْتَدْرَكَات الَّتِي اسْتَدْرَكَهَا عَلَيْهِمْ أَوْهَامٌ وَقَعُوا فِيهَا مَا تَقَدَّمَ عَلَيْهَمْ مِنَ العُلَمَاءِ -رَحِمَ اللهُ الجَمِيعَ-.
فَوَائِدُ الكِتَابِ: هَذَا الكِتَابُ مُفِيدٌ لِلغَايةِ، وَفِيهِ فَوَائِدٌ كَثِيرَةٌ، وَقَدْ ذَكَرْتُ فِي بِدَايَةِ كَلَامِي فَائِدَةٌ: أَنَّ التَّحْقِيقَ فِي كَلَامِ اخْتِلَافِ نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ: حَسَن صَحِيح، وَكَذَا تَرْجَعُونَ لَهَا. وَمِنْ أَهَمِّ فَوَائِدِ الكِتَابِ: هِيَ التَّخْرِيجُ مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَوَاحِقِهَا بِدِقَّةٍ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُخَرِّجَ بِدِقَّةٍ خَاصَّةً مِنْ الرُّوَاةٍ المُقِلِّينَ.
مَثْلُ: حَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ حَدِيثُ سَيِّدِ الاسْتِغْفَارِ( )، وَتَنْظُرُ فِي مُسْنَدِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» يُخَرِّجُ لَكَ الحَدِيثُ، وَالرُّمُوزُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، وَأَسَانِيدُهُ، وَكَلَامُ العُلَمَاءِ عَلَيْهِ، يَعْنِي: الكِتَابُ فِي غَايَةِ الدِّقَّةِ.
وَقَدْ تَنَاوَلُ مُرَاجَعَة الكِتَابِ فُحُولُ العُلَمَاءِ حَتَّى إِنَّهُمْ إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَجْزِمُوا أَنَّ الحَدِيثَ لَيْسَ لَهُ وُجُودٌ فِي البُخَارِيِّ قَالُوا: وَلَمْ يُعِزَّهُ المِزِّيُّ إِلَى البُخَارِيِّ مِنْ دِقَّةِ المِزِّيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.
الفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ «تُحْفَةَ الأَشْرَافِ» يُعْتَبَرُ نُسْخَةً أُخْرَى لِأَسَانِيدِ الكُتُبِ السِّتَّةِ فَعِنْدَ الشَّكُّ فِي شَيْءٍ مِنْهَا يُرْجِعُ إِلَيْهَا. فَالَّذِينَ يَشْتَغِلُونَ فِي الأَسَانِيدِ وَالمَخْطُوطَاتِ إِذَا شَكَّ فِي إِسْنَادٍ عِنْدَ ابْنِ مَاجَه، مَاذَا يَفْعَل؟ يَرْجَعُ إِلَى «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» لِيَتَأَكَّدَ مِنَ الإِسْنَادِ الَّذِي نَقَلَهُ فَإِذَا وَجَدَ نَفْسَ الإِسْنَادِ الَّذِي عِنْدَهُ تَأَكَّدَ، وَإِلَّا صَوَّبَ وَمَا أَكْثَرُ التَّصْوِيبِ.
فَوَائِدُ إِسْنَادِيَّة أَوْ تَعْلِيقَاتٌ نَفِيسَةٌ مِنَ المِزِّيّ عَلَى الأَسَانِيدِ: هَذِهِ فَائِدَةٌ لَا تُوجَدُ فِي أَي كِتَابٍ آخَرٍ، يُمْكِنُ مِنْ خِلَالِهِ مَعْرِفَةُ مَا لِكُلِّ صَحَابِيٍّ مِنْ أَحَادِيثَ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَوَاحِقِهَا.
مِثَال عَلَى ذَلِكَ: فِي مُسْنَدِ الصَّحَابِيِّ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ تَعْرَفُ كَمْ أَخْرَجَ لَهُ أَصْحَابُ الكُتُبِ السِّتَّةِ لَا دَاعِي بِأَنْ تَقُومُ بِالعَدَدِ، إِنَّمَا كُلُّ مَا عَلَيْكَ فِعْلُهُ أَنْ تَفْتَحَ «تُحْفَةَ الأَشْرَافِ» وَتَبْحَثُ عَنْ مُسْنَدِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ، وَتَرَى عَدَدَ الأَحَادِيثِ المُرَقَّمَةِ أَمَامَكَ، وَتَرَى عَدَدَ الأَحَادِيثِ الَّتِي خُرِّجَتْ لِشَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ أَمَامَكِ. هَذِهِ فَوَائِدُ الكِتَابِ، وَهُنَاكَ فَوَائِدُ أُخْرَى، وَلَكِنِّي اخْتَصَرْتُ لِضِيقِ الوَقْتِ.
التَّرْتِيبُ العَامُّ لِلكِتَابِ: الكِتَابُ لَمَّا جَاءَ المِزِّيُّ لِتَرْتِيبِهِ جَاءَ بِالكُتُبِ السِّتَّةِ وَرَتَّبَ عَلَيْهَا، ثُمَّ قَامُ بِعَمَلِيَّةِ فَهْرَسَةِ لِجَمِيعِ الرُّوَاةِ الأَعْلَيْنَ فِي هَذِهِ الكُتُبِ سَوَاءٌ كَانُوا صَحَابَةً، أَوْ تَابِعِينَ فَرَتَّبَهُمْ كُلَّهُمْ تَرْتِيبًا هِجَائِيًّا دَقِيقًا، لَكِنْ إِذَا كَانَ الصَّحَابِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي اسْمِهِ ذَكَرَهُ فِي الأَسْمَاءِ. وَإِذَا كَانَ الصَّحَابِيُّ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ مُخْتَلِفٌ فِي اسْمِهِ، ذَكَرَهُ فِي الكُنَى.
مِثَال عَلَى ذَلِكَ: أَبُو مَوسَى الأَشْعَرِيُّ اسْمُهُ: عَبْدُ اللهِ بْنُ قَيْسٍ لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ، ذَكَرَهُ فِي حَرْفِ العَيْنِ، بَيْنَمَا أَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُخْتَلِفٌ فِي اسْمِهِ عَلَى أَرْبَعَ عَشَرَةَ طَرِيقَةً، فَلَمْ يَذْكُرْهُ بِالأَسْمَاءِ، وَذَكَرَهُ بِالكُنَى، هَذَا مِنْ دِقَّتِهِ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى، فَقَامَ بِتَرْتِيبِ الأَسْمَاءِ كُلِّهَا وَوَضَعَهَا، ثُمَّ جَاءَ بِكُلِّ وَاحِدٍ فِي التَّرْتِيبِ الَّذِي عِنْدَهُ الآنَ، وَبَدَأَ يَسْتَخْرِجُ أَحَادِيثُهُ، وَيُرَتِّبُ أَسَانِيدَهُ بِطَرِيقَةٍ بَدِيعَةٍ سَنَعْرِضُهَا بَعْدَ قَلِيلٍ، لَكِنَّهَا تُفِيدُ المُتَخَصَّصِينَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ وَسَنُشِيرُ إِلَيْهَا فِيمَا بَعْدُ.
قَامَ المُؤَلِّفُ بَعْدَ ذَلِكَ بِتَقْسِيمِ هَذِهِ الأَسْمَاءِ الَّتِي عِنْدَهُ إِلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ، مَثَلًا: الأَسْمَاءُ الَّتِي وُجِدَتْ عِنْدَهُ أَلْفَ اسْمٍ مَا بَيْنَ اسْمِ صَحَابِيٍّ وَصَحَابِيَّةٍ، وَتَابِعِيٍّ وَتَابِعَيَّةٍ قَامَ بِتَرْتِيبِهَا عَلَى سَبْعَةِ أَقْسَامٍ:
القِسْمُ الأَوَّلُ: أَسْمَاءُ الصَّحَابَةِ الرِّجَالِ.
القِسْمُ الثَّانِي: هُمُ الصَّحَابَةُ الرِّجَالُ: الاسْمُ: عَبْدُ اللهِ، أَحْمَدُ، عَلِيٌّ، وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَالكُنَى مَا سَبَقَ بِأَبِيهِ: أَبِي قُحَافَةَ، أَبِي بَكْرٍ، أَبِي عَلِيٍّ، وَهَكَذَا.
القَسْمِ الثَّالِثُ: المُبْهَمِينَ مِنَ الصَّحَابَةِ يَعْنِي: رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارُ، لَا نَعْرِفُ اسْمَ هَذَا الرَّجُلِ، مِثْلُ: «امْرَأَةٌ كَانَتْ تَقُمُّ المَسْجِدَ فِي عَهِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»( ) مَا اسْمُهَا؟ مَا نَدْرِي، يَعْنِي مُبْهَمَةٌ فَأَيْضًا مَا أَرْسَلَهُ مَثَلًا: فِي أَحَادِيثَ عِنْدَنَا مَوْجُودَة فِي كُتُبِ السُّنَّة عَنِ الحَسَنِ البَصْرِيِّ( ) عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ كَذَا وَكَذَا؛ هَذَا مَوْجُودٌ فِي الأَحَادِيثِ، جَاءَ وَرَتَّبَ الأَحَادِيثَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.
سُؤَالٌ: هَلْ هَذَا القِسْمُ يَضُمُّ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ مَعًا؟
الجَوَابُ: لَا الرِّجَالُ فَقَطْ، فَالمِزِّيُّ رَحِمَهُ اللهُ يَعْمَلُ بِطَرِيقَةِ الفَصْلِ بَيْنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ؛ لَأَنَّ الاخْتِلَاطَ مَمْنُوعٌ لِتَعْرَفُوا أَنَّهَا سُنَّةٌ مُتَّبَعَةٌ عَلَى خِلَافِ مَا يَدْعُو إِلَيْهِ أَهْلُ الشَّرْقِ.
القِسْمُ الرَّابِعُ: أَسْمَاءُ النِّسَاءِ الصَّحَابِيَّاتِ.
القِسْمُ الخَامِسُ: هَنَّ النِّسَاءُ الصَّحَابِيَّاتُ.
القِسْمُ السَّادِسُ: المُبْهَمَاتُ مِنَ الصَّحَابِيَّاتِ.
القِسْمُ السَّابِعُ: أَسْمَاءُ التَّابِعِينَ وَالتَّابِعِيَّاتِ الَّذِينَ أَرْسَلُوا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَكُلُّ قِسْمٌ مِنَ الأَقْسَامِ السَّبْعَةِ رُتِّبَ تَرْتِيبًا جَدِيدًا عَلَى الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ، يَعْنِي: جَاءَ بِأَسْمَاءِ النِّسَاءِ، فَبَدَأَ بِحَرْفِ الأَلِفِ: أَسْمَاءَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى البَاءِ: بَرِِيرَةَ، ثُمَّ انْتَقَلَ إِلَى حَرْفِ الجَيمِ: جُوَيْرِيَةَ، وَهَلُمَّ جَرًّا.
وَلِلمِزِيِّ كِتَابٌ مُهِمٌّ أَيْضًا وَهُوَ: «تَهْذِيبُ الكَمَالِ فِي أَسْمَاءِ الرِّجَالِ» فَهَذَانِ الكِتَابَانِ عَظِيمَانِ لِلمِزِيِّ.
مِثَالٌ: (قَالَ رَجُلٌ) هَذَا نُسَمِّيهِ مُبْهَمًا فِي المَتْنِ، وَالمُبْهَمَاتُ فِي المَتْنِ لَهَا كُتُبٌ تَرْجِعُونَ إِلَيْهَا، مِثْلُ: كِتَابُ «المُسْتَفَادُ مِنْ مُبْهَمَاتِ المَتْنِ وَالإِسْنَادِ»، وَسَتَجِدُونَ المُرَادَ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
تَرْتِيبُ المِزِّيِّ لِلأَحَادِيثِ:
 كَيْفَ رَتَّبَ المِزِّيَّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الأَحَادِيثَ؟ هَلْ رَتَّبَ الأَحَادِيثَ لِكُلِّ صَحَابِيٍّ عَلَى حِدَةٍ تَرْتِيبًا مُعَينًا، أَمْ هَلْ رَتَّبَهَا عَلَى حَسَبِ المُخَرَّجِينَ؟
الحَقِيقَةُ هَذِهِ مُشْكِلَةٌ فِي كِتَابِ المِزِّيِّ؛ لأَنَّهُ لَمَّا جَاءَ بِحَدِيثِ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ فِي حَرْفِ الشِّينِ مِنْ أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ فِي القِسْمِ الأُوَّلِ، مَا رَتَّبَ هَذَا فِي كِتَابِ الطَّهَارَةِ أَوْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، أَوْ عَلَى التَّرْتِيبِ الهِجَائِيِّ لِلمُتُونِ، بَلْ جَاءَ التَّرْتِيبُ عَلَى حَسَبِ عَدَدِ المُخَرِّجِينَ لِلحَدِيثِ.
مِثَالٌ على ذلك: حَدِيثُ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ «سَيِّدِ الاسْتِغْفَارِ»( ) أخْرَجَهُ السِّتَّةُ بَدَأَ بِهِ، وَحَدِيثٌ آخَر خَرَّجَهُ الخَمْسَةُ فَقَطْ ثَنَّى بِهِ، وَهَكَذَا، حَتَّى يَصَلَ إِلَى حَدِيثَ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ لَمْ يَرْوهُ إِلَّا وَاحِدٌ مِنْ أَصْحَابِ الكُتُبِ، لَكِنْ هَذَا لَا يَخْدِمُنَا فِي الحَقِيقَةِ؛ لِأَنَّهُ مُجَرَّدُ تَرْتِيبٍ لَهُ هُوَ لَكِنْ نَحْنُ مَا يُدْرِينَا أَنَّ الحَدِيثَ لَمْ يُخَرَّجْهُ إِلَّا وَاحِدٌ أَوْ اثْنَيْنِ إِلَّا مِنْ خِلَالِ المُتَابَعَةِ، فَيَلْزَمُنَا عَلَى هَذَا أَنْ نَبْحَثَ فِي كُلِّ مُسْنَدٍ لِهَذَا الرَّجُلِ فِي كُتُبِ الأَطْرَافِ حَتَّى نَصِلَ إِلَى مَا نُرِيدَ.
 مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ: أَبْيَضُ بْنُ حَمَّالٍ الحِمْيَرِيُّ المَأْرِبِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: هَذَا أَوَّلُ صَحَابِيٌّ مَوْجُودٌ فِي الفَصْلِ الأُوَّل مِنْ كِتَابِ المِزِّيِّ، قَالَ المِزِّيُّ فِي عِنْوَانٍ جَانِبِي: (أَبْيَضُ بْنُ حَمَّالٍ الحِمْيَريُّ المَأْرِبِيُّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ)، ثُمَّ جَاءَ بِرُمُوزٍ التَّخْرِيجِ، كَتَبَهَا بِالمَخْطُوطَةِ فَوْقَ كَلِمَةِ حَدِيثٍ -يَكْتُبُ كَلِمَةَ حَدِيثٍ بِخَطِّ اليَدِ وَيُمِدُّهَا بِخَطٍ كَبِيرٍ إِلَى حَدٍّ مَا، وَيَضَعُ هَذِهِ الرُّمُوزُ فَوْقَ الكَلِمَةِ، لَكِنْ المُحَقَّقُ الَّذِي طَبَعَ الكِتَابَ وَضَعَهَا فِي الأَمَامِ حَتَّى تَكُونَ أَحْسَنَ فِي التَّرْتِيبِ وَأَفْضَلَ، فَقَالَ: أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَه.
الحَدِيثُ: أَنَّهُ وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْطَعَهُ المِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبٍ ....» ( ) الحَدِيثُ.
بَعْدَ مَا انْتَهَى مِنَ التَّخْرِيجِ الإِجْمَالِي، وَالدَّلَالَةِ عَلَى المَوَاضِعِ بَدَأَ يُفَسِّرُ قَالَ: (د) فِي الخَرَاجِ عَنْ قُتَيْبَةَ، ثُمَّ سَاقَ إِسْنَادَ أَبِي دَاوُدَ، ثُمَّ قَالَ: (ت) –يَعْنِي التِّرْمِذِيُّ-، ثُمَّ سَاقَ إِسْنَادَ التِّرْمِذِيِّ، ثُمَّ قَالَ: (س) –يَعْنِي النَّسَائِيُّ- ثُمَّ سَاقَ إِسْنَادَ النَّسَائِيِّ فَلَمَّا انْتَهَى قَالَ: وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
حَدَّدَ لَكَ كُلَّ مُخَرِّجٍ، وَمَوْضِعُ ذَكْر الحَدَيثِ فِيهِ: مِثْلُ: فِي الخَرَاجِ، وَفِي البُيُوعِ، وَفِي كَذَا، وَفِي كَذَا، بِالإِضَافَةِ إِلَى أَسَانِيدٍ وَفَوَائِدٍ كَثِيرَةٍ فِي هَذَا.
 هَذَا إِذَا كَانَ الصَّحَابِي مُقِلًّا.
 مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ: لَوْ قُلْتُ: خَرِّجْ لِي مُسْنَدَ ثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ، أَوْ حَدِيثٌ أَوْرَدَهُ لثُمَامَةَ بْنِ أُثَالٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ حَدِيثٌ لعُكَّاشَةَ بْنِ مِحْصَنٍ مِنْ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» مَاذَا تَفْعَلُ؟ أَوَّلًا: الكِتَابُ مُرَتَّبٌ كُلُّهُ عَلَى التَّرْتِيبِ الهِجَائِيِّ، ثُمَّ تَبْحَثُ عَنْ حَرْفِ العَيْنِ مِنَ الفَصْلِ الأُوَّلِ مَعَ الكَافِ، ثُمَّ تَعْثُرُ عَلَى عُكَّاشَةَ تَفْتَحُ الصَّفْحَةَ تَجِدُ حَدِيثَ عُكَّاشَةَ أَمَامَكَ، مَا فِي أَي مُشْكِلَةٍ، وَتَجِدُ التَّخْرِيجَاتَ أَمَامَكَ وَالأَرْقَامَ الَّتِي وَضَعَهَا المُحَقَّقَانِ: الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ، وَبَشَّارُ عَوَّاد رَحِمَهُمُ اللهُ وَسَتُعْطِيكَ إِحَالَاتٍ سَرِيعَةً إِلَى الكُتُبِ بِالتَّفْصِيلِ. هَذِهِ الطَّرِيقَةُ سَهْلَةٌ مَا فِيهَا مُشْكِلَةٌ.
فَالمُشْكِلَةُ: إِذَا كَانَ الرَّاوِي مُكْثِرًا: أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَسٌ، جَابِرٌ، ابْنُ عُمَرَ، عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَائِشَةَ، مَاذَا تَفْعَلُونَ؟
هَذَا الكِتَابُ خَدَمَ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ لَكِنْ قَالَ: أَطْلُبُ مِنْكَ شَرْطًا وَاحِدًا إِذَا حَقَّقْتُهُ سَاعَدْتُكَ وَخَدَمْتُكَ خِدْمَةً كَبِيرَةً؛ فَمَا هُوَ الشَّرْطُ؟
قَالَ: ائْتِينِي بِاسْمِ الرَّاوِي الَّذِي رَوَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، إِذَا أَتَيْتُ بِاسْمِهِ سَاعَدْتُكَ أَوْ فِي الغَالِبِ سَأُسَاعِدُكَ، فَقَطْ لَنْ أَطْلُبَ مِنْكَ غَيْرَ ذَلِكَ، هَذَا بِنِسْبَةِ 85% سَأُعْطِيكَ نَتِيجَةً دَقِيقَةً، مِنْ هُنَا تَبْدَأُ الصُّعُوبَةُ -هِيَ سَهْلَةٌ لَكِنِّي أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَعْبَةً عَلَى بَعْضٍ مِنْكُمْ لِمَنْ لَمْ يَعْرِفْ التَّخْرِيجَ- جَاءَهُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِأَسْمَاءِ المُكْثِرِينَ فِي مَوَاطِنٍ، وَوُرُودَهُمُ الطَّبِيعِي فِي الكِتَابِ، فَجَاءَ مَثَلًا إِلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، فَهُوَ مُكْثِرٌ فَلَمَّا رَأَى عَدَدَ أَحَادِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ كَثِيرَةً قَالَ: الآنَ البَاحِثُ الَّذِي سَيَبْحَثُ عَنِ الحَدِيثِ سَيَجِدُ صُعُوبَةً، فَقَامَ بِتَقْسِيمِ أَحَادِيثِ أَنَسٍ عَلَى أَسْمَاءِ تَلَامِيذِهِ، وَرَتَّبَ التَّلَامِيذَ عَلَى الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ كَمَا فَعَلَ مَعَ الصَّحَابَةِ بِنَفْسِ الفُصُولِ السَّبْعَةِ، فَتَعَامَلَ مَعَ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ فِي التَّرْتِيبِ كَأَنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَجَعَلَ تَلَامِيذَ أَنَسٍ مِثْلَ الصَّحَابَةِ فِي التَّرْتِيبِ، فَإِذَا أَرَدْتُ أَنْ تَبْحَثَ عَنْ حَدِيثِ: «يَا أَبَا عُمَيْرٍ مَا فَعَلَ النُّغَيْرُ»( )، الَّذِي رَوَاهُ ثَابَتٌ البُنَانِيُّ عَنْ أَنَسٍ سَتَأْتِي إِلَى الفَهْرَسِ فِي كِتَابِ المِزِّيِّ أَوْ الفَهَارِسِ الَّتِي خَدَمَتِ الكِتَابَ جِدًّا، وَهِيَ مُهِمَّةٌ سَأَشْرَحُهَا الآنَ فَتَبْحَثُ فِي حَرْفِ الثَّاءِ مِنْ تَلَامِيذِ أَنَسٍ الَّذِينَ يَتْبَعُونَ أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ، تَحْتَ اسْمِ أَنَسٍ، يَكْتُبُ اسْمَ أَنَسٍ بِخَطٍّ بَارِزٍ، وَالتَّلَامِيذَ بِخَطٍّ أَصْغَرَ مِنْهُ أَسْفَلَ الاسْمِ.
سُؤَالٌ: هَلْ تَرْتِيبُ الأَحَادِيثِ دَاخِلُ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» تَتَعَارَضُ مَعَ مَنْ يُقَسِّمُ أَحَادِيثَ الصَّحَابِيِّ المُكْثِرِ عَلَى حَسَبِ التَّلَامِيذِ؟
الجَوَابُ: نَقُولُ: لَا، مَا يَتَعَارَضُ؛ لَأَنَّهُ لَمَّا قَسَّمَ لِفُلَانٍ تَعَامَلَ مَعَ هَذَا التَّابِعِيِّ كَأَنَّهُ صَّحَابَيٌّ فَقَسَّمَ أَحَادِيثَهُ بِنَفْسِ الطَّرِيقَةِ، فَصَارَ تَقْسِيمٌ دَاخِلَ تَقْسِيمٍ.
مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ: فَالاسْمُ الَّذِي قَبْلَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو وَهُوَ عَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ الرُّوَاةُ عَنْهُ فِي الكُنَى ثُمَّ انْتَهَى مِنْ أَبِي غُطَيْفٍ الهُذَلِيِّ، ثُمَّ إِلَى أَبِي الفَضْلِ إِلَى أَنْ انْتَهَى مِنَ الكُنَى، ثُمَّ قَالَ: (عَنْ رَجُلٍ) إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى (مَنْ بَلَغَ مِنَ الصَّحَابَةِ مَنْ سَمِعَ ابْنُ عُمَرَ)، ثُمَّ قَالَ: رُقَيَّةُ بِنْتُ عَمْرٍو. حَتَّى عَلَى اسْمِ الصَّحَابِيِّ قَسَّمَ السَّبْعَةَ أَقْسَامٍ.
مِثَال ذَلِكَ: مُسْنَدُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ نَجِدُ أَنَّ عَدَدَ أَحَادِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ 378 حَدِيثًا -هَذَا الفَهْرَسُ مِنْ وَضْعِ المُحَقَّقِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ رَحِمَهُ اللهُ خِدْمَةٌ لِلكِتَابِ-، لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ 378 حَدِيثًا إِذَا جِئْتُ بِحَدِيثِ: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنْ صُدُورِ النَّاسِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ»( ) كَيْفَ تَخْرُجُ هَذَا؟ تَبْحَثُ فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» فَتَبْحَثُ فِي 378 حَدِيثًا يَعْنِي حَوَالِي 400 حَدِيثٍ؛ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ تَبْدُو صَعْبَةً لَكِنْ مُجَرَّدُ أَنْ تَعْرِفَ التَّابِعِيَّ الَّذِي رَوَى عَنْهُ تَعْثُرُ عَلَيْهِ، فَنَجِدُ إِبْرَاهِيمَ: (أ ب ر)، أَسْعَدَ: (أ س ع)، إِسْمَاعِيلَ: (أ س م)، مُرَتَّبٌ عَلَى حَسَبِ حُرُوفِ الهِجَاءِ. فَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ هُوَ صَحَابِيٌّ لَكِنْ حِينَ رَوَى عَنْ صَحَابِيٍّ آخَر عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَلَهُ عَلَى أَنَّهُ فِي طَبَقَةِ التَّابِعِينَ فِي الرِّوَايَةِ. ثُمَّ قَالَ: أَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الرِّبْعِيُّ إِلَى أَنْ قَالَ: ثَابِتُ بْنُ أَسْلَمَ البُنَانِيُّ -هَذَا التَّرْتِيبُ مُنَظَّمٌ- ثُمَّ نَجِدُ نَجْمَةً فَوْقَ الاسْمِ -مِنْ وَضْعِ المُحَقَّقِ- وَأَرْقَامَ الصَّفَحَاتِ -سَنَأْخُذُهَا بَعْضَ قَلِيلٍ- وَأَرْقَامَ الأَحَادِيثِ، يَعْنِي: جَابِرُ بْنُ وَهْبٍ: يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصٍ، وَهُوَ وَهْمٌ يَعْنِي: صَفْحَاتُهُ غَيْرُ مُرَقَّمَةٍ. جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ الحَضْرَمِيُّ صَحَابِيٌّ: رَوَى عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى ثَلَاثَةَ أَحَادِيثَ. جُنَادَةُ بْنُ أَبِي أُمَيَّةَ السَّدُوسِيُّ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ رَوَاهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَتَى بِكُلِّ مَنْ روى حَدِيثًا عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، وَهَكَذَا إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى آخِرِ مَنْ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً؛ فَكَلُّهُمْ يَحْمِلُونَ نَجْمَةً وَاحِدَةً. بَعْدُ ذَلِكَ نَجِدُ الرُّوَاةَ يَحْمِلُونَ نَجْمَتَيْنِ لِمَاذَا؟ لِأَنَّ مَثَلًا: شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رَوَاى عَنْهُ وَلَدُهُ عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ؛ هَذِهِ السِّلْسِلَةُ: شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ، يَعْنِي: هَذَا حَفِيدُ عَبْدُ اللهِ بْنِ عَمْرٍو صَاحِبُ المُسْنَدِ الَّذِي نَتَكَلَّمُ عَلَيْهِ. رَوَى 175 حَدِيثًا عَنْ جَدِّهِ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، يَعْنِي أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ، ثُمَّ قَامَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بِتَقْسِيمِ تَلَامِيذِ شُعَيْبٍ هَذَا مِثْلَمَا قَسَّمَ تَلَامِيذَ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو عَلَى الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ، وَقَامَ المُحَقَّقُ بِوَضْعِ نَجْمَتَيْنِ عَلَى أَسْمَائِهِمْ فَمَنْ يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ هُوَ تِلْمِيذ مَنْ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً، فَكُلُّ هَؤُلَاءِ المَذْكُورِينَ –الَّذِينَ يَحْمِلُونَ نَجْمَتَيْنِ- هُمْ تَلَامِيذُ لَهَذَا الرَّجُلِ شُعَيْبٍ، وَالمُشْكِلَةُ لَيْسَتْ فِي هَذَا، المُشْكِلَةُ فِي أَنَّ عَمْرَو بْنَ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَوَى 173حَدِيثًا، لِأَحَادِيثَ كَثِيرَةٍ؛ فَقَامَ بِتَقْسِيمِ التَّلَامِيذِ عَلَى الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ فَالمِزِّيّ رَحِمَهُ اللهُ كَأَنَّ فِي جَبِينِهِ يَعْرَقُ، وَهُوَ يَكْتُبُ وَيَبْحَثُ رَحْمَةُ اللهِ عَلَيْهِ.
عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ: رَوَى 173 حَدِيثًا؛ فَلِذَلِكَ قَسَّمَ التَّلَامِيذَ، وَقَامَ المُحَقَّقُ بِإِعْطَاءِ أَسْمَاءِهِمْ ثَلَاثَة نُجُومٍ. إِذًا بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ فِي التَّقْسِيمِ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَخْتَصِرَ 378 حَدِيثًا؛ بِمُجَرَّدِ أَنْ عَرَفْنَا أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ هُوَ حَفِيدُهُ –يَعْنِي: شُعَيْبٌ- اخْتَصَرَ العَدَدَ إِلَى 185 حَدِيثًا، وَبِمُجَرَّدِ أَنْ عَرَفْنَا أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ شُعَيْبٍ هُوَ عَمْرٍو اخْتَصَرَ عِنْدَنَا العَدَدَ إِلَى 173 حَدِيثًا، وَبِمُجَرَّدِ أَنْ عَرَفْنَا أَنَّ الرَّاوِي عَنْ عَمَرِو بْنِ شُعَيبٍ هَذَا هُوَ أُسَامَةُ اخْتَصَرَ العَدَدَ عِنْدَنَا إِلَى سَبْعَةٍ، وَإِسَحَاقُ إِلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ؛ فِي وَقْتٍ قَلِيلٍ جِدًّا فِي 400 حَدِيثٍ تَقْرِيبًا اخْتَصَرْتُهَا فِي نَظْرَةٍ وَاحِدَةٍ إِلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ، لَكِنْ بِشَرْطٍ: أَنْ أَحْفَظُ مَنْ رَوَى عَنِ الصَّحَابِيِّ أَحْيَانًا، وَأَحْيَانًا عَمَّنْ رَوَى عَمَّنْ رَوَى عَنِ الصَّحَابِيِّ، وَأَحْيَانًا عَمَّنْ رَوَى عَمَّنْ رَوَى عَمَّنْ رَوَى عَنِ الصَّحَابِيِّ.
وَعَمْرُو بْنُ شُعَيْبِ بْنِ مُحَمَّدٍ هَذَا رَوَى 173 حَدِيثًا، وأُسَامَةُ يَرْوِي عَنْ عَمْرٍو سَبْعَةَ أَحَادِيثَ. فَهَذَا دَاوُدَ يَرْوِي عَنْ عَمَرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ يَرْوِي عَنْ أَبِيهِ شُعَيْبٍ، وَشُعَيْبٍ يَرْوِي عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللهِ الصَّحَابِيِّ.
فَطَرِيقَةُ الثَّلَاثَةُ نُجُومٍ اسْتَمَرَّتْ مَعَنَا فِي هَذِهِ الصَّفْحَةِ كُلَّهَا، وَهَؤُلَاءِ يَرْوُونَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ كُلُّ هَؤُلَاءِ التَّلَامِيذِ لِعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، لَا لِشُعَيْبٍ وَلَا لِجَدِّهِ عَبْدِ اللهِ. 
 أَمَّا الصَّفْحَةُ الأَخِيرَةُ: اسْتَمَرَّتْ هَذِهِ النُّجُومُ الثَّلَاثَةُ فِي الصَّفْحَةِ الَّتِي بَعْدُهَا، ثُمَّ اخْتَفَتْ النُّجُومُ كُلُّهَا، وَأَصْبَحَتْ نَجْمَةً وَاحِدَةً. هَذَا: شُفْعَةُ السَّمْعِيُّ الشَّأْمِيُّ -وَيُقَالُ: الشَّامِيُّ- هَذَا يَرْوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً، إِذًا لَوْ عِنْدَكَ حَدِيثٌ مِنَ 378 حَدِيثًا يَرْوِيهِ شَهَرُ بْنُ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَخْتَصِرَ هَذَا فِي وَقْتٍ قَلِيلٍ جِدًّا، وَتَصِلُ إِلَيْهِ؛ لَأَنَّهُ لَا يُوجَدُ تَقْسِيمَاتٌ عَلَيْهِ.
صُهَيْبٌ الحَذَّاءُ: يَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو، فَبِمُجَرَّدِ أَنْ تَعْرِفَ اسْمَ الَّذِي رَوَى عَنِ الصَّحَابِيِّ اخْتَصَرْتُ، لَكِنْ فِي بَعْضِهِمْ مِثْلُ شُعَيب مَا اسْتَطَعْنَا وَاحْتَجْنَا أَنْ نَبْحَثَ حَتَّى وَصَلْنَا إِلَى الطَّبَقَةِ الثَّانِيَةِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ.
مِثَالٌ آخَر: أَبُو هُرَيْرَةَ مُكْثِرٌ جِدًا مِنَ الرِّوَايَةِ، رَوَى عَدَدًا ضَخْمًا مِنَ الأَحَادِيثِ حَوَالِي أَكْثَرَ مِنْ 4000 حَدِيثٍ لَهُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ، فَرَتَّبَ الرُّوَاةَ عَنْهُ عَلَى حُرُوفِ المُعْجَمِ، فَإِذَا كَانَ الرَّاوِي مُقِلًّا ذَكَرَ حَدِيثَهُ فِي مَكَانِهِ، أَمَا إِذَا كَانَ مُكْثِرًا مِثْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ يُقَسِّمُ رِوَايَاتِ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى تَلَامِيذِهِ كَأَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَيَذْكُرُ الأَحَادِيثَ الَّتِي رَوَاهَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِذَا كَانَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ -كَمَا هُوَ وَاضِحٌ- مُكْثِرًا مِنَ الرِّوَايَة عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَتَعَامَلُ مَعَهُ كَمَا تَعَامَلَ مَعَ شُعَيْبِ مَعَ عَبْدِ اللهِ يُقَسِّمُ تَلَامِيذَ أَبِي سَلَمَةَ -حَسَبَ التَّقْسِيمِ السَّابِقِ- سَبْعَةَ فُصُولٍ، وَهَكَذَا حَتَّى يَصِلَ إِلَى التَّالِي.
مِثَال ذَلِكَ: أَبُو هُرَيْرَةَ يَرْوِي عَنْهُ أَبُو سَلَمَةَ، وَأَبُو سَلَمَةَ يَرْوِي عَنْهُ الزُّهْرِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ يَرْوِي عَنْهُ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، فَالرَّاوِي الأَعْلَى أَبُو هُرَيْرَة لَوْ كَانَ مُقِلًّا لَوَجَدْنَا الحَدِيثَ مُبَاشَرَةً فِي وَسَطِ الكِتَابِ -سَهْلُ العُثُورُ عَلَيْهِ- لَكِنَّهُ مُكْثِرٌ فَاضْطَرَّ أَنْ يُقَسِّمَ عَلَى أَسْمَاءِ التَّلَامِيذِ، كُلُّ التَّلَامِيذِ يَحْمِلُونَ نَجْمَةً. قُلْنَا: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ مُكْثِرٌ لَمَّا وَصَلْنَا إِلَى أَبِي سَلَمَةَ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً قَسَّمَ تَلَامِيذَ أَبِي سَلَمَةَ حَسَبَ الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ إِلَى أَسْمَاءٍ حَتَّى وَصَلَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ فَجَعَلَ لَهُ نَجْمَتَيْنِ، ثُمَّ جَاءَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزُّهْرِيُّ -مُكْثِرٌ جِدًّا- فَقَسَّمَ تَلَامِيذَهُ عَلَى الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ حَتَّى وَصَلَ إِلَى سُفْيَانَ. سَتَجِدُونَ 4645 حَدِيثًا تَقْرِيبًا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِمُجَرَّدِ أَنْ عَرَفْنَا أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبَا سَلَمَةَ، وَأَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ هُوَ الزُّهْرِيَّ، وَأَنَّ الرَّاوِيَ عَنِ الزُّهْرِيِّ سُفْيَانَ؛ اسْتَطَعْنَا أَنْ نَخْتَصِرَ العَدَدَ اخْتِصَارًا كَبِيرًا جِدًّا وَنَصِلُ إِلَى سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا بِمُجَرَّدِ أَنْ عَرَفْنَا الإِسْنَادَ.
وَقَدْ شَرَحْتُ قَبْلَ قَلِيلٍ: أَنَّ المُحَقَّقَ رَحِمَهُ اللهُ زَادَ الأَمْرَ وُضُوحًا بِوَضْعِ فَهَارِسَ فِي مُقَدِّمَةِ كُلِّ مُجَلَّدٍ؛ يُوَضِّحُ أَسْمَاءَ الصَّحَابَةِ، وَكُتِبُوا بِخَطٍّ أَسْودَ بَارِزٍ، وَأَسْمَاءَ الرُّوَاةِ مِنَ التَّابِعِينَ عَنْهُمْ، وَوَضَعَ أَمَامَ كُلِّ وَاحِدٍ نَجْمَةً صَغِيرَةً عَنْ يَمِينِهِ، وَأَسْمَاءَ أَتْبَاعِ التَّابِعِينَ، وَوَضَعَ أَمَامَ أَسْمَائِهِمْ نَجْمِتَيْنِ، وَهَكَذَا أَسْمَاءُ التَّابِعِينَ رَتَّبَهُمْ، وَمَنْ بَعْدَهُمْ وَضَعَ أَمَامَ أَسْمَائِهِمْ ثَلَاثَ نَجْمَاتٍ كُلُّ ذَلِكَ لِتَسْهِيلَ الأُصُولُ فِي طَرَفِ الإِسْنَادِ المَطْلُوبِ.
طَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ: طَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ مِنْ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» تَكُونُ إِجْمَالِيَّةً، وَتَكُونُ تَفْصِيلِيَّةً. مِثْلَمَا فَعَلْنَا مَعَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»، وَمَثْلَمَا فَعَلْنَا فِي «مُفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ». وَقَدْ شَرَحْنَا فِي حَدِيثِ أَبْيَضَ بْنِ حَمَّالٍ المَأْرِبِيِّ( ) قَالَ: (د ت س ق) عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَابْنِ مَاجَه؛ أَصْحَابِ السُّنَنِ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَقُولَ حَدِيثُ: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْطَعَ أَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ المِلْحَ الَّذِي بِمَأْرِبٍ ....» أَخْرَجَهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ. كَمَا فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» جَزْءٌ وَصَفْحَةٌ إِنْ كَانَ ضَاقَ عَلَيْكَ الوَقْتُ مَا عِنْدَكَ قُدْرَةٌ أَنْ تَرْجَعَ لِهَذِهِ الكُتُبِ؛ لَأَنَّ «تُحْفَةَ الأَشْرَافِ» كَمَا قُلْنَا فِي بِدَايَةِ الشَّرْحِ: مَصْدَرٌ فَرْعِيٌّ وَلَيْسَ أَصْلِي، وَإِنْ وَجَدْتُ فِيهَا أَسَانِيدَ. هَذِهِ طَرِيقَةُ التَخْرِيجِ الإِجْمَالِيَّةُ.
أَمَّا الطَّرِيقَةُ التَّفْصِيلِيَّةُ: فَلَابُدَّ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى الكُتُبِ الَّتِي عَادَ إِلَيْهَا صَاحِبُ التُّحْفَةِ، وَتُخَرِّجُ بِالطَّرِيقَةِ التَّفْصِيلِيَّةِ: اسْمِ الكِتَابِ، وَالبَابِ، وَالجُزْءِ، وَالصَّفْحَةِ، وَإِنْ كَانَ جُزْءٌ مِنَ السَّنَدِ وَجُزْءٌ مِنَ المَتْنِ.
تَرْتِيبُ أَسْمَاء الصَّحَابَةِ: بِمُجَرَّدِ أَنْ تَعْرِفَ اسْمَ الصَّحَابِيِّ تَجِدَهُ؛ لَأَنَّ الكِتَابُ مِنْ أَوَّلِ مُجَلَّدٍ إِلَى آخِرِ مُجَلَّدٍ مُرَتَّبٌ تَرْتِيبًا هِجَائِيًّا دَقِيقًا، وَمَوْجُودٌ عَلَى غِلَافِ كُلِّ كِتَابٍ بِدَايَة المُجَلَّدِ وَنِهَايَتهُ. فَمَثَلًا: عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعَودٍ مَوْجُودٌ فِي بِدَايَةِ المُجَلَّدِ الثَّالِثِ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ فِي المُجَلَّدِ التَّاسِعِ، وَهَكَذَا.
فَتَرْتِيبُ الأَسْمَاءِ عَلَى حَسَبِ الحُرُوفِ الهِجَائِيَّةِ مِثْلُ: عَبْدُ اللهِ، أَبُو هُرَيْرَةَ، سَعْدٌ، سَعِيدٌ، عَمَرٌو، عُمَرَ، رَجُلٌ، مَيْمُونَةُ، أَمُّ حَبِيبَةَ، فَتَرْتِيبُ هَذِهِ الأَسْمَاءِ كَالآتِي: الأَوَّلُ حَسَبُ التَّرْتِيبِ الهِجَائِيِّ هُوَ: سَعْدٌ، ثُمَّ سَعِيدٌ، ثُمَّ عَبْدُ اللهِ بْنِ مَسْعَودٍ، ثُمَّ عُمَرَ، ثُمَّ أَبُو هُرَيْرَة، انْتَهَتْ أَسْمَاءُ الصَّحَابَةِ وَدَخَلَ فِي الكُنَى؛ لَأَنَّ مَا بَقِيَ إِلَّا أَسْمَاء مُبْهَمَاتٍ وَأَسْمَاءُ نِسَاءٍ، فَقَالَ: أَبُو هُرَيْرَةَ -دَخَل فِي الكُنَى-.
كِتَابُ: «مُعْجَمُ المَسَانِيدِ كُتُبِ الحَدِيثِ» لسَامِي التُّونِيِّ وَهُوَ: رَجُلٌ شَابٌّ مِنَ الأُرْدُنِ، وَهَذَا الكِتَابُ لَهُ فَوَائِدُ مُهِمَّةٌ. فَقَدْ جَاءَ بِالمَسَانِيدِ المَوجُودَةِ وَالمَسَانِيدِ المُهِمَّةِ، وَ«تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» وَ«جَمْعِ الجَوَامِعِ» المُرَتَّبَة عَلَى أَسْمَاءِ الصَّحَابَةِ، ثُمَّ قَامَ بِتَرْتِيبِ الأَسْمَاءِ مِثْلَمَا فَعَلَ الأَلْبَانِيُّ فِي مُسْنَدِ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَتَّبَ كُلَّ الصَّحَابَةِ، وَجَمَعَهُمْ كُلَّهُمْ فِي مَوْطِنٍ وَاحِدٍ، وَوَضَعَ أَمَامَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَوْضِعَ وُجُودِهِ فِي هَذِهِ الكُتُبِ. فمُسْنَدُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، مُسْنَدُ الشَّاشِيِّ، مُعْجَمُ الطَّبَرَانِيِّ الكَبِيرِ، مُسْنَدُ الإِمَامِ أَحْمَدَ، مُسْنَدُ الطَّيَالِسِيِّ، جَمْعُ الجَوَامِعِ، تُحْفَةُ الأَشْرَافِ، هَذِهِ الكُتُبُ كُلُّهَا جَمَعَهَا فِي هَذَا الكِتَابِ الَّذِي سَمَّاهُ: «مُعْجَمَ المَسَانِيدِ» تَأْتِيكُمُ الإِحَالَاتِ، وَكُلُّ اسْمٍ يَأْتِي بِهِ يَضَعُ كُلَّ حَرْفٍ فِي مَوْضِعِهِ حَسَبَ التَّرْتِيبِ الهِجَائِيّ مِثْلُ دَلِيلُ الهَاتِفِ تَمَامًا، وَيُعْطِيكَ الإِحَالَاتِ
مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ: شِهَابُ بْنُ المَجْنُونِ قَالَ عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ فِي المُجَلَّدِ السَّابِعِ صَفْحَة 313، وَفِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» فِي المُجَلَّدِ الرَّابِعِ الصَّفْحَةِ 156، العُثُورُ عَلَيْهِ سَهْلٌ جِدًّا بِمُجَرَّدِ فَتْح الجُزْءِ الرَّابِعِ صَفْحَةِ 156 تَعْثُرُ عَلَيْهِ إِلَّا إِذَا كَانَ مُكْثِرًا مَا تَسْتَفِيدُ مُبَاشَرَةً، لَكِنْ تَسْتَفِيدُ مِنَ المُجَلَّدِ.
مِثَالٌ عَلَى ذَلِكَ: شُعْبَةُ مَوْلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ( ) قَالَ: عِنْدَ الطَّيَالِسِيِّ فِي صَفْحَةِ كَذَا فِي التُحْفَةِ.
شُعْبَةُ بْنُ الحَجَّاجِ( ) يَبْدَأُ كَذَا، وَشُعَيْبُ بْنُ عَمَرٍو يَبْدُأُ عِنْدَ الطَّبَرَانِيَّ كَذَا. وَبِالنِّسْبَةِ لِلصَّحَابِيِّ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو تَرْجَعُ إِلَى حَرْفِ العَيْنِ مِنْ هَذَا الكِتَابِ، -وَهُوَ مُجَلَّدٌ صَغِيرٌ- ارْجَعْ إِلَى عَبْدِ اللهِ بْن عَمْرٍو -مِثْلُ دَلِيل الهَاتِفِ تَمَامًا- أَجِدُهُ يُعْطِينِي كَلِمَةَ (تُحْفَةِ) لَوْ أَعْطَانِي كَلِمَةَ (تُحْفَةِ) أَرْجِعُ إِلَى الإِحَالَةِ فِيهَا، وَأَبْحَثُ حَتَّى أَجِدَ الصَّحَابِيَّ مُبَاشَرَةً فِي التُّحْفَةِ -13 أَو 14 مُجَلَّدًا وَ14 عُبَارَةُ عَنْ فَهَارِسَ يُفِيدُكَ فِي البَحْثِ اخْتَصَرَ 13 مُجَلَّدًا -التُّحْفَة- فِي وَقْتٍ قَلِيلٍ جِدًّا وَصَلَت إِلَيْهِ.
مَا هِيَ مِيزَةُ كِتَاب سَامِي التُّونِيّ؟
فَهْرَس لِمُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَلِمُسْنَدِ الطَّيَالِسِيِّ، وَلِمُعْجَمْ الطَّبَرَانِيِّ، وَلِمُسْنَدِ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَلِلشَّاشِيِّ، وَلِجَمْعِ الجَوَامِعِ لِلسُّيُوطِيِّ هَذِهِ كُتُبٌ مُهِمَّةٌ جِدًّا فِي التَّخْرِيجِ. فَبِمُجَرَّدِ أَنْ أَعْطِيكَ مِثَالًا سَتَرْجِعُ إِلَى هَذَا الكِتَابِ وَسَتَجِدُ حَدِيثَكَ مُبَاشَرَةً بِدُونِ أَيْ تَعَبٍ.
مِثَالٌ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ البُجَلِيُّ قَالَ: عِنْدَ أَحْمَدَ فِي المُجَلَّدِ الرَّابِعِ صَفْحَةِ 357 عِنْدَ الحُمَيْدِيِّ كَذَا، عِنْدَ الطَّيَالِسِيِّ كَذَا، عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ كَذَا، عِنْدَ أَبِي يَعْلَى كَذَا، فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» كَذَا، فِي «جَمْعِ الجَوَامِعِ» كَذَا، فَهُوَ كِتَابٌ مُفِيدٌ جِدًّا. لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ جَاءَ بِالمَسَانِيدِ المَطْبُوعَةِ، وَأَخَذَ كِتَابَ التُّونِيِّ هَذَا وجَعَلَهُ أَصْلًا، وَزَادَ عَلَيْهِ زِيَادَاتِ مَسَانِيد مَطْبُوعَةٍ لَمْ يُدْخِلْهَا التُّونِيُّ أَوْ كُتُب رُتِّبَتْ عَلَى الرَّاوِي الأَعْلَى مِثْلُ: كِتَابُ ابْنِ حَجَرٍ «أَطْرَافُ المُعْتَلَى» جَعَلَ الإِحَالَةُ عَلَيْهِ فَبِذَلِكَ يَكُونُ أَكْمَلُ الكِتَابَ مِثْلَمَا كَمَّلَ المِزِّيُّ كِتَابَ خَلَفِ بْنِ حَمْدُونَ، وَأَبِي مَسْعَودٍ، وَابْنِ عَسَاكِرٍ، كَمَّلَ وَجَاءَ بِزِيَادَاتٍ. وَلَكِنْ لَابُدَّ أَنْ يُشْرِفَ عَلَيْهِ وَاحِدٌ ذِي خِبْرَةِ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ، أَوْ طَلَبْةِ العِلْمِ، أَوْ المَشَايخِ. هَذَا المَوْضُوعُ عَنْ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ».
طَرِيقَةُ التَّخْرِيجِ مِنْهُ: إِذَا وَقَفْتُ عَلَى اسْمِ الصَّحَابِي فِي الفَهْرَسِ المُرْفَقِ فِي فَهْرَسِ التُّونِيِّ هَذَا أَوْ فِي أَوَّلِ كُلِّ مُجَلِّدٍ، الَّذِي كُتِبَ بِخَطٍّ أَسْودَ بَارَزٍ انْظُرُ إِلَى الرَّقْمِ المَوْجُودِ عَنْ يَسَارِ الاسْمِ هَذِهِ الآنَ الطَّرِيقَةُ الابْتِدَائِيةِ كَأَنَّنَا نُعِيدُ مِنْ جَدِيدٍ لَكِنْ بِأَسْلُوبٍ سَهْلٍ أَوَّلُ مَا تَفْتَحُ صَفْحَةَ الفَهَارِسِ فِي بِدَايَةِ المُجَلَّدِ، وَتَنْظُرُ فِي اسْمِ الصَّحَابِيِّ إِذَا وَجَدْتَهُ، وَتَنْظُرُ فِي الرَّقْمِ الَّذِي عَلَى يَسَارِ اسْمِ الصَّحَابِيِّ فَإِنْ كَانَ العَدَدُ كَبِيرًا مِنَ الرُّوَاةِ المُكْثِرِينَ، فَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الصَّحَابِيَّ مُكْثِرٌ وَعَلَيْهِ فَسَتَجِدُ أَنَّ المُحَقَّقَ ذَكَرَ أَسْمَاءَ الرُّوَاةِ مُرَتَّبِينَ حَسَب تَرْتِيبِ المِزِّيِّ لَهُمْ لَكِنْ زَادَ عَلَيْهِمْ أَنَّهُ وَضَعَ بِجَانِبِ كُلّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَجْمَةً صَغِيرَةً، ثُمَّ إِذَا كَانَ التَّابِعِيُّ ذَا النَّجْمَةِ الوَاحِدَةِ مُكْثِرًا سَتَجِدُ عَنْ يَسَارِ اسْمِهِ عَدَدًا كَبِيرًا مِنَ الأَحَادِيثِ، وَعَلَيْهِ فَإِنَّ تَلَامِيذَهُ سَيَكُونُونَ مُرَتَّبِينَ عَلَى حُرُوفِ الهِجَاءِ، وَيَحْمِلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَجْمَتَيْنِ -هَذَا شَرَحْنَاهُ فِيمَا تَقَدَّم فِي الكِتَابِ-، وَهَكَذَا إِذَا كَانَ تَابَعُ التَّابِعِيِّ مُكْثِرًا فَإِنَّكَ سَتَنْتَقِلُ إِلَى تَلَامِيذِهِ الَّذِين يَحْمِلُونَ ثَلَاثَ نَجْمَاتٍ أَمَامَ اسْمِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ فِيهِ، ثُمَّ يَتَوَقَّفُ البَحْثُ هُنَا فَتَنْظُرُ فِي رَقْمِ الصَّفْحَةِ الَّتِي عَنْ يَمِينِهِ، وَتَنْتَقِلُ لَهَا فِي مَوْضِعِهَا مِنَ الكِتَابِ، وَحِينَئِذٍ سَتَجِدُ عِنْوَانَ هَذِهِ الصَّفْحَةِ يُمَثِّلُ الإِسْنَادَ الَّذِي تَبْحَثُ عَنْهُ، ثُمَّ تَسْتَتْبِعُ حَدِيثَكَ دَاخِل هَذَا العِنْوَانِ حَتَّى تَجِدَهُ، وَالغَالِبُ أَنَّ العَدَدَ يَكُونُ قَلِيلًا جِدًّا إِلًّا مَا قَلَّ.
مِثَالٌ: مُسْنَدُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عَدَدُ أَحَادِيثِهِ حَوَالِي 65 فِي الحَقِيقَةِ لَيْسَ بِالكَثِيرِ لَكِنْ أَنَا اسْتَفَدْتُ مِنْ تَقْسِيمَاتِ المِزِّيِّ لِتَلَامِيذِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَوَجَدْتُ: أَسْلَمُ بْنُ زَيْدٍ هُوَ أََوَّلُ وَاحِدٍ، أَمَّا الرَّاوِي عِنْدِي عَنْ أَبِي بَكْرٍ فِي الكِتَابِ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ يَرْبُوعٍ فَبَحَثْتُ فِي الرُّوَاةِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ نَجْمَةً فِي مُسْنَدِ أَبِي بَكْرٍ فَوَجَدَتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَرْبُوعٍ لَهُ حَدِيثًا وَاحِدًا يَبْدَأُ بِصَفْحَةِ 298 مُبَاشَرَةً، فَهُوَ حَدِيثٌ وَاحِدٌ. الآنَ أَنْتَقِلُ إِلَى دَاخِلِ الكِتَابِ الَّذِي فِيهِ نَفْس الفَهَارِسِ وَأَفْتَحُ صَفْحَةَ 298 أَجِدُ نَفْسَ الإِسْنَادِ أَمَامِي: عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَرْبُوعٍ المَخْزُومِيَّ عَنْ أَبِي بَكْرٍ هُوَ نَفْسُ الإِسْنَادِ الَّذِي عِنْدِي. إذًا فَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ صَحِيحَةٌ، وَصَلْتُ بِهَا إِلَى الحَدِيثِ.
مِثَالٌ آخَر: حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي وَلَا تُعَنْ عَلَيَّ»( )، هَذَا الحَدِيثُ لَوْ بَحَثْتُ فِي كِتَابِ مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، بِدَايَةُ فَهْرَس مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ صَفْحَة 13، ثم تَفْتَحُ المُجَلَّدَ الرَّابِعَ فَهْرَسَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ يجد 1243 حَدِيثًا لِعَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، هَذِهِ مِنْ فَوَائِدِ التُّحْفَةِ أَنْ يَعْرِفَ كَمْ حَدِيثًا لِابْنِ عَبَّاسٍ فِي الكُتُبِ السِّتَّة 1243 حَدِيثًا فِي المُجَلَّدِ الرَّابِعِ.
تَسْتَطِيعُ تَخْرِيجَ -بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ- حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي وَلَا تُعَنْ عَلَيَّ» تَجِدُ صُعُوبَةً، لَكِنْ لَو قُلْتُ لَكَ الآنَ: هَذَا الحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ طُلَيْقِ بْنِ قَيْسٍ الحَنَفِيِّ الكُوفِيِّ( ) عِنْهُ ابْحَثْ فِي بِدَايَةِ المُجَلَّدِ الخَامِسِ لَهُ حَدِيثٌ وَاحِدٌ، افْتَحْ صَفْحَةَ 31 تَجِدُ حَدِيثًا وَاحِدًا.
طُلَيْقُ بْنُ قَيْسٍ الحَنَفِيُّ الكُوفِيُّ أَخُو ابْنِ أَبِي صَالَحٍ الحَنَفِيِّ عَبْدُ الرَّحْمَنِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ يَرْوِي مُبَاشَرَةً مَا لَهُ إِلَّا حَدِيثٌ وَاحِدٌ فَلِطُلَيْقٍ نَجْمَةٍ وَاحِدةٍ؛ لَأَنَّهُ يَرْوِي عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُبَاشَرَةً.
مِثَالٌ آخَر: فِي مُسْنَدِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمَرَ فِي المُجَلَّدِ الخَامِسِ أَيْضًا -انْظُرْ فِي بِدَايَةِ الفَهْرَسِ-، لَعَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ 1979 حَدِيثًا لِابْنِ عُمَرَ مَوْجُودَة فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ أَيْ حَوَالِي 2000 حَدِيثٍ فَتَبْحَثُ فِي 2000 حَدِيثٍ تَقْرِيبًا عَنْ حَدِيثِ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا قَفَلَ مِنْ غَزْوٍ أَوْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ كَذَا، يَقُولُ: كَذَا وَكَذَا( ) تَخْرِيجُهُ صَعْبٌ جِدًّا، لَكِنْ أَقُولُ: الرَّاوِي عَنْهُ سَالِمٌ( ) ابْنُهُ -سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ- إِذًا البَحْثُ فِي سَالِمٍ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً وَيَرْوِي عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، لَهُ 301 حَدِيثٍ يَرْوِيَهَا عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ لَهُ 1979 حَدِيثًا، نَبْحَثُ عَنْ تَلَامِيذِهِ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ نَجْمَة وَاحِدَةً وَيَبْدَءونَ بِحَرْفِ السِّينِ هُنَا -سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ- فَكُلُّ التَّلَامِيذِ الَّذِين هُنَا يَحْمِلُونَ نَجْمَةً -صَفْحَة 31- ثُمَّ نَسْتَمِرُّ بِالبَحْثِ حَتَّى نَصِلَ إِلَى حَرْفِ السِّينِ فَنَجِدُ سَالِمًا، ثُمَّ نَنَظُرُ فِي الرَّقمِ المُفَهْرَسِ لَهُ نَجِدُ 300 حَدِيثٍ؛ إذًا سَنَحْتَاجُ إِلَى رَاوِي عَنْ سَالِمٍ، وَهُوَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ( )، هَؤُلَاءِ يَحْمِلُونَ نَجْمَتَيْنِ تَحْتَ سَالِمٍ؛ وَبِذَلِكَ تَكُونُ اخْتَصَرْتُ 2000 حَدِيثٍ تَقْرِيبًا -يَعْنِي: اخْتَصَرْتُ 1979- إِلَى حَدِيثٍ وَاحِدٍ فِي بُرْهَةٍ بَسِيطَةٍ مِنَ الزَّمَنِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ البَدِيعَةُ لِلمِزِّيِّ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ نَطَلِقَ عَلَيْهَا اسْمُ الكُمْبِيُوتَريَّةِ.
لَوْ رَجَعْتُمْ الآنَ لِلصَّفْحَةِ 354 مِنَ الأَصْلِ وَجَدْتُمْ الحَدِيثَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي: صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ أَبُو مُحَمَّدٍ الحَنَفِيُّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ هُوَ نَفْسُ إِسْنَادِ الحَدِيثِ الَّذِي مَعَنَا؛ حَدِيث: كَانَ إِذَا قَفَلَ مِنْ حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ أَوْ غَزْوٍ فَأَوْفَى عَلَى فَدْفَدٍ مِنَ الأَرْضِ قَالَ: «عَائِدُونَ تَائِبُونَ عَابِدُونَ لِرَبِّنَا حَامِدُونَ»( )، ثُمَّ قَالَ: (خ س) أَيْ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ -تَمَّ التَّخْرِيجُ بِسُرْعَةٍ.
يُوجَدُ إِحَالَاتٌ أُخْرَى سَنَدْرسُهَا فَيمَا بَعْدُ، نَأَخْذُ مِنْهَا مِثَالٌ الآنَ:
مُسْنَدُ أَبِي هُرَيْرَةَ المُجَلَّدُ التَّاسِعُ حَدِيثُ: «لاَ حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ ....» ( )، فَأَبُو هُرَيْرَةَ مُكْثِرٌ لَوْ أَرَدْتُ أَنْ تُخَرّجَ حَدِيثًا لَأَبِي هُرَيْرَةَ لَابُدَّ أَنْ تُخَرّجَ عَدَدًا ضَخْمًا جِدًّا مِنَ الأَحَادِيثَ 3343 حَدِيثًا، لَكِنْ بِمُجَرَّدِ أَنْ يَقُولُ: إِنَّ هَذَا الحَدَيثَ يَرْوِيهِ أَبُو صَالِحٍ( )، هَذَا المِثَالُ فِيهِ إِشْكَالٌ، وَهُوَ أَنَّ الرَّاوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَبَا صَالِحٍ، لَكِنْ سَتَبْحَثُونَ عَنْ ذَكْوَانَ السَّمَّانِ؛ لَأَنَّ هَذَا اسْمَ أَبِي صَالِحٍ، وَلَمْ يُخْتَلفْ فِي اسْمِهِ؛ لِذَلِكَ ذَكَرَهُ فِي الأَسْمَاءِ، وَلَيْسَ فِي الكُنَى. فَتَبْحَثُونَ فِي تَلَامِيذِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ نَجْمَةً وَاحِدَةً، وَاسْمُهُ يَبْدَأُ بِحَرْفِ الذَّالِ نَجِدُ 588 حَدِيثًا لَهُ فَهُوَ تَابِعٌ لِأَبِي هُرَيْرَةَ. انْظُرُوا الآنَ: هَذَا ذَكْوَانُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانِ 588 حَدِيثًا يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً، وَتَابِعٌ لَِأَبِي هُرَيْرَةَ لَكِنْ الَّذِي بَعْدَهُ يَحْمِلُونَ نَجْمَتَيْنِ أَيْ: هُمْ تَلَامِيذ لِذَكْوَانَ السَّمَّانِ، ثُمَّ أَبْحَثُ حَتَّى أَصِلَ إِلَى سُلَيْمَانَ بْنِ مِهْرَانَ الأَعْمَشِ( ) هَذَا لَقَبٌ لَهُ، اسْمُهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ، وَيَرْوِي عَنْ ذَكْوَانَ -يَحْمِلُ نَجْمَةً، وَيَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِالمُسْنَدِ الأَصْلِي- الآنَ ذَكْوَانُ أَبُو صَالِحٍ السَّمَّانِ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَيَرْوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ هَذَا، وَذَكْوَانُ هَذَا تِلْمِيذُهُ يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ وَاسْمُهُ: سُلَيْمَانُ بْنُ مِهْرَانَ الأَعْمَشُ لَهُ 224 حَدِيثًا، وَسُلَيْمَانُ بْن مِهْرَانَ تَلَامِيذُهُ يَحْمِلُونَ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ، وَتِلْمِيذُهُ هُنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ( ) يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ؛ فَأَصْبَحَ العَدَدُ الَّذِي كَانَ 3343 أَصْبَحَ 26 حَدِيثًا.
وَلِلتَأَكْدِ أَنَّ تَخْرِيجِي صَحِيحٌ أَوْ أَنَّ عِنْدِي دِقَّةً فِي العَمَل؛ أَنْ يَكُونَ الإِسْنَادُ المَوْجُودُ أَمَامِي الآنَ فِي المِثَالِ لَابُدَّ أَنْ يَتَطَابَقَ مَعَ مَا فِي التُّحْفَةِ عَلَيْهِ، يَعْنِي: الصَّفْحَةُ الَّتِي أَعْطَانِي إِيَّاهَا لِابْنِ جَرِيرٍ صَفْحَةُ 348، فإِذَا فَتَحْتُ هَذِهِ الصَّفْحَةُ 348 لَابُدَّ أَنْ أَجِدَ نَفْسُ الإِسْنَادَ هَذَا عِنْوَانًا كَبِيرًا بخَطٍّ أَسْودَ وَهُوَ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الحَمِيدِ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -مُطَابِقٌ لِتَخْرِجِنَا-. إذًا تَخْرِيجِي صَحِيحٌ بِوُصُولِي إِلَى المُسْنَدِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ. يَبْقَى البَحْثُ عَنِ الحَدِيثِ فَقَطْ فِي 26 حَدِيثًا لِجَرِيرٍ أَبْحَثُ فِيهَا. وَقَلِيلًا مَا تَجِدُ أَكْثَرَ مِنْ 30 حَدِيثًا فِي التُّحْفَةِ فَتَجِدُ خَمْسَةَ، أَرْبَعَةَ، ثَلَاثَةَ، فَالعَدَدُ الكَبِيرُ هَذَا نَادِرٌ مَا تَجِدُهُ. هَذَا الحَدِيثُ: «لَا حَسَدَ إِلَّا فِي اثْنَتَيْنِ ...» قَالَ: أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
هَذِهِ خُلَاصَةُ الطَّرِيقَةِ، طَرِيقَةٌ سَهْلَةٌ وَاضِحَةٌ تَحْتَاج إِلَى تَدْرِيبٍ.
مِثَالٌ آخَر: حَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ فِرَّةٌ»( )؛ الرَّاوِي الأَعْلَى أَبُو هُرَيْرَةَ لَهُ 3343 حَدِيثًا -يَبْدُو صَعْبٌ عَلَيْنَا التَّخْرِيجُ-، فَنَبْحَثُ عَنِ الرَّاوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فَنَجِدُ أَنَّهُ: صَالِح مَوْلَى التَّوْأَمَةِ( )؛ ثُمَّ نَبْحَثُ عَنْ تَلَامِيذِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ نَجْمَةً وَاحِدَةً، وَاسْمِهِ صَالِحٍ مَوْلَى التَّوْأَمَةِ فِي مُسْنَدِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي المُجَلَّدِ العَاشِرِ، وَهَكَذَا حَتَّى تَحْصُلَ عَلَى تَخْرِيجِ الحَدِيثِ.
 مِثَالٌ آخَر: حَدِيثٌ يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خَصْلَتَانِ لَا تَجْتَمِعَانِ فِي مُنَافِقٍ: حُسْنُ سَمْتٍ وَلَا فِقْهٌ فِي الدِّينِ»( ) يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينِ( )، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي المُجَلَّدِ العَاشِرِ.
مِثَالٌ آخَر: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «يُوشِكُ أَنْ تَضْرِبَ النَّاسُ أَكْبَادَ الإِبِلِ يَطْلِبُونَ العِلْمَ فَلَا تَجِدُونَ أَحَدًا أَعْلَمَ مِنْ عَالِمِ الْمَدِينَةِ»( ) مِنْهُمْ مَالِكٌ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كَمَا ذَكَرَ ذَلِكَ أَكْثَرُ أَهْلِ العِلْمِ اجْتِهَادًا مِنْهُمْ، هَذَا الحَدِيثُ يَرْوِيهِ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ يَرْوِيهِ أَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ -ذَكَرْنَاهُ قَبْلَ قَلِيلٍ- الرَّاوِي عَنْهُ أَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ وَاسْمُهُ: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ أَبُو الزُّبَيْرِ المَكِّيُّ الحَدِيثُ عِنْدِي رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ، فَالرَّاوِي هُوَ: أَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ الرَّاوِي عَنْهُ هُوَ: مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ تَدْرُسَ المَشْهُورُ بِأَبِي الزُّبَيْرِ المَكِّيِّ أَخْرَجَ الحَدِيثَ التِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ.
مِثَال آخَر: حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ: «خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُمِائَةٍ»( ) يَرْوِيهِ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ( )، فالرَّاوِي اسْمُهُ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَالتَّابِعِيُّ اسْمُهُ: عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ يَرْوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ الجَلِيلِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ، وَالصَّحَابِيُّ يَرْوِي عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَلِعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ الهُذَلِيِّ 38 حَدِيثًا؛ لِذَلِكَ قَسَّمَ الرُّوَاةَ عَنْهُ، فَالرَّاوِي عَنْهُ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمِ بْنِ شِهَابٍ الزَّهْرِيُّ صَفْحَةُ 57 فَالطَّرِيقَةُ سَهْلَةٌ.
التَّطْبِيقُ: تَأَخْدُ أَيْ كِتَابٍ مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ المَوجُودَة عِنْدَكَ، وَافْتَحْ مِنْهَا أَيْ حَدِيثٍ لِأَي صَحَابِيٍّ، وَجِرِّبْ اسْتِعْمَالَ التُّحْفَةِ بِشَرْطٍ أَنْ يَكُونَ الكِتَابُ مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ طَبّقْ عَلَى عَشَرَةِ أَحَادِيثَ ثِقْ تَمَامًا أَنَّكَ إِذَا طَبّقْتُ اليَوْمَ عَلَى عَشَرَةِ وَغَدًا أَيْضًا سَتَصْبِحُ مَاهِرًا بِالتَّخْرِيجِ بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى.
تَنْبِيهٌ: يُوجَدُ عِلْمٌ آخَرُ اسْمُهُ عِلْمُ دِرَاسَةِ الأَسَانِيدِ يَحْتَاجُ لِلشُّرُوعِ فِيهِ إِلَى عِلْمِ الرُّوَاةِ، وَعِلْمِ الجَرْحِ وَالتَّعْدِيلِ.
الأَسْئِلَةُ
السُؤَالُ: هَلْ كُلُّ المَسَانِيدِ فِي «التُّحْفَةِ» مَرْفُوعَة إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
الجَوابُ: نَعَمْ، فِي «التُّحْفَةِ» كُلُّ المَسَانِيدِ مَرْفُوعَة إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
السُؤَالُ: مَا مَعْنَى مُصْطَلَحٍ لَيْنٍ؟
الجَوَابُ: يَعْنِي: ضَعِيفٌ جِدًّا.
السُؤَالُ: أَيْنَ الضَّابِطُ فِي كِتَابِ التُّحْفَةِ؟
الجَوَابُ: إِذَا وَصَلْتُ لِلبُخَارِيِّ، أَوْ لِمُسْلِمٍ، أَوْ لِأَبِي دَاوُدَ، الضَّابِطُ يُعْطِيكَ المِزِّيُّ اسْمَ الكِتَابِ: الحَجُّ، الصَّلَاةُ، الزَّكَاةُ، لَكِنْ المَوْضِعُ الدَّقِيقُ اخْتُلِفَ فِيهِ.
السُؤَالُ: لِمَاذَا يُوجَدُ اخْتِلَافٌ فِي تَرْقِيمِ الأَحَادِيثِ؟
الجَوَابُ: فَتَرْقِيمُ الأَحَادِيثِ مُخْتَلِفٌ فِيهِ؛ لِاخْتِلَافِ عَدَدِ الأَحَادِيثِ فِي الصَّحَابَةِ فَمَثَلًا: التَّرْقِيمُ عِنْدَ مُسْلِمٍ لِمُحَمَّد فُؤَادِ عَبْدِ البَاقِي مُخْتَلَفٌ عَنْ تَرْقِيمِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ تَرْقِيمُ البُخَارِيِّ مُخْتَلِفٌ؛ لَأَنَّ بَعْضَهُمْ يَجْعَلُ المَقْطُوعَ لَهُ رَقْمٌ، وَالمُرْسَلَ لَهُ رَقْمٌ، وَالمَرْفُوعَ لَهُ رَقْمٌ، وَبَعْضَهُمْ يَجْعَلُهَا كُلَّهَا مُتَسَلْسِلَةً.
الصَّحِيحُ: أَنَّ الحَدِيثَ بِأَي نَوْعٍ مَقْطُوع أَوْ مُرْسَل أَوْ مُنْقَطَع أَوْ غَيْر ذَلِكَ يُعْطَى رَقَمًا مَا لَمْ يَكُنْ هَذَا أَثَرٌ عَنِ الصَّحَابِي، أَمَّا الَّذِي يَذْكُرُ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ مُرْسَلًا أَوْ كَذَا يُوضَعُ لَهُ تَرْقِيمٌ مُتسَلْسَلٌ مَعَ المَرْفُوعَاتِ وَالمُرْسَلَاتِ.
السُؤَالُ: إِذَا وَرَدَ عَنِ الصَّحَابِيِّ رَاوِي بِالكُنَى، وَهَذِهِ الكُنْيِةُ مَشْهُورَة لِأَكْثَرِ مِنْ رَاوِي فَكَيْفَ تَعْرِفُ اسْمَ الرَّوَاي عَنْهُ؟
الجَوَابُ: هَذَا إِذَا تَعَدَّدَتْ الكُنَى هُنَاكَ كُتُبٌ تَرْجعُ إِلَيْهَا مِثْلُ: «تَقْرِيرُ التَّهْذِيبِ» لِابْنِ حَجَرٍ، وَ«الكَاشِفُ» لِلذَّهَبِيِّ يُحَدِّدُ لَكَ هَذَا الرَّاوِي المَذْكُور بِكُنْيَتِهِ، وَفِي طُرُقٍ أُخْرَى نُمَيِّزُهَا فِيمَا بَعْدُ، لَكِنْ إِذَا أُشْكِلَ عَلَيْكَ شَيْءٌ لَابُدَّ مِنَ الرُّجُوعِ إِلَى أَهْلِ الخِبْرَةِ. وَهَذَا إِشْكَالٌ يُوَاجِهُ كُلَّ طُلَّابِ العِلْمِ مَنْ هُوَ أَبُو صَالِحٍ؟ مَنْ هُوَ أَبُو سَعِيدٍ؟ نَقُولُ: هُنَاكَ كُتُبٌ تَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ إِلَيْهَا مِثْلُ: «تَقْرِيبُ التَّهْذِيبِ» وَ«الكَاشِفُ» لِلذَّهَبِيِّ يُسَاعِدَانِكَ فِي مَعْرِفَةِ مَنْ يُسَمَّى أَبُو صَالِحٍ، فَتَرْجِعُ إِلَى أَسْمَائِهِمْ، وَتُحَدِّدُهَا فِي آخِرِ «التَّقْرِيبِ»، وَآخِرِ «الكَاشِفِ»؛ لَأَنَّهُ مُصَنّفُ رِجَالِ الكُتُبِ السِّتَّةِ فِي آخِرِ التَّقْرِيبِ فَصْل الكُنَى تَجِدُهُ يَقُولُ: أَبُو صَالِحٍ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ، أَبُو صَالِحٍ كَذَا، تَرْجِعُ إِلَى هَذِهِ الأَسْمَاءِ فِي دَاخِلِهَا تَجِدُ الحَدِيثَ.
السُؤَالٌ: مَاذَا يَقْصِدُ الإِمَامُ التِّرْمِذِيُّ بِقَوْلِهِ: (حَسَنٌ غَرِيبٌ)؟
الجَوَابُ: هَذَا السُّؤَالُ يَتَعَلَّقُ بِعِلْمِ المُصْطَلَحِ، لَكِنْ بِمَا أَنَّهُ لَهُ عِلَاقَةٌ بِالأَسَانِيدِ فَلَيْسَ هُنَاكَ إِشْكَالِيَّة. فالتِّرْمِذِيُّ لَهُ اصْطِلَاحٌ خَاصٌّ فَكَلِمَةُ: (حَسَنٌ وَغَرِيبٌ) هَذِهِ مِمَّا أَشْكَلَ عَلَى العَلْمَاء حَلّهَا؛ لِأَنَّ الحَسَنَ: عَرَّفَهُ هُوَ بِمَا جَاءَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ، وَالغَرِيبَ: مَا جَاءَ مِنْ وَجْهٍ وَاحِدٍ، فَكَيْفَ يَجْتَمِعُ ضِدَّانِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ؟! لَكِنْ وَجْهُ هَذَا العِلْمِ، وَأَفْضَلُ مَنْ تَكَلَّمَ عَنْ هَذَا العِلْمِ الحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي «النُّكَتِ»، وَمَعَ كَلَامِ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ أَيْضًا عَلَيْهِ مُلَاحَظَاتٌ فَبَقِيَ اصْطِلَاحُ التِّرْمِذِيِّ لَا يَزَالُ مَشْكَلَ لِسَبَبَيْنِ:
الأَوَّلُ: وُجُودُ التَّهَاتُرِ وَالتَّضَادِ فِي بَعْضِهِ.
الثَّانِي: اخْتِلَافُ النُّسَخِ عَنْ التِّرْمِذِيِّ نَفَسِهِ؛ وَلِهَذَا سَيَأْتِينَا أَنَّ مِنْ فَوَائِدِ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» سَنَدْرُسُهَا: أَنَّ اعْتِمَادَ المِزِّيِّ عَلَى أَفْضَل نُسَخِ التِّرْمِذِيِّ، وَإِذَا شَكَكْتُ فِي نُسْخَةِ التِّرْمِذِيِّ.
السُّؤَالُ: هَلْ قَالَ المزي: حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَحَسَنٌ غَرِيبٌ، وَصَحِيحٌ غَرِيبٌ، وَغَيْرُهَا؟
الجَوَابُ: تَرْجِعُ إِلَى «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ»، وَتَرَى المِزِّيَّ مَاذَا قَالَ؟! نَقَلَ عَنِ التِّرْمِذِيُّ فَالنَّقْلُ عَنِ المِزِّيِّ هُوَ أَوْثَقُ النُّقُولِ عَلَى الإِطْلَاقِ.
السُّؤَالُ: مَا الكُتُبُ المَوْجُودَة فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»؟
الجَوَابُ: كُتُبُ السُّنَّةِ، وَمُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَمُوطَأُ مَالِكٍ فِي «المَعْجَمِ المُفَهْرَسِ»، وَلَا يُوجَدُ فِيهِا سُنَنُ الدَّارِمِيِّ.

أَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَفْتَحَ عَلَى قُلُوبِنَا وَيَهْدِينَا وَيَهْدِي بِنَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ أَشْهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ أَسْتَغْفِرُكَ وَأَتُوبُ إِلَيْكَ.

الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَصَلَّى اللّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولَهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ، وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
ثُمَّ أَمَّا بَعْدُ، أَيَّهَا الإِخْوَةُ فَنَحْمَدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَنَا وَلَكُمْ عَلَى فَضْلِهِ وَإِحْسَانِهِ فِي إِتْمَامِ هَذِهِ الدَوْرَةِ الَّتِي أَسْأَلُ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَجْعَلَهَا فِي مَوَازِينِ حَسَنَاتِ المُنَظِّمِينَ وَالحَاضِرِينَ وَالمُلْقِينَ إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ، وَأَنْ لَا يُحْبِطَ لَنَا عَمَلًا، وَلَا يَجْعَلَ حَظَّنَا مِنْ أَعْمَالِنَا مَدْحًا، أَو مِنْحَةً نَأْخُذُهَا.
قَبْلَ أَنْ نَبْدَأَ بَالتَّطْبِيقَاتِ أُحِبُّ أَنْ أُشِيرَ إِلَى أَسْئِلَةٍ كَثُرَتْ جِدًا وَهِيَ مَا يَتَعَلَّقُ بـ«تُحْفَةِ الأَشْرَافِ بِمَعْرِفَةِ الأَطْرَافِ» لِلْحَافِظِ الكَبِيرِ المِزِّيِّ رَحِمَهُ اللّهُ تَعَالَى وَأَعْلاهُ دَرَجَةً فِي الفِرْدَوْسِ «التُّحْفَةُ» طُبِعَتْ طَبْعَتَانِ وَهِيَ طَبْعَتَانِ اللَّتَانِ عَلَيْهَا المُعَوَّلُ وَالكَلَامُ وَصُوِّرَتْ وَأُخِذَتْ بِصُوَرٍ أُخْرَى وَطَبَعَاتٍ أُخْرَى لَكِنْ أَهُمُّ طَبْعَتَيْنِ لـ«تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» هُمَا نُسْخَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ شَرَفِ الدِّينِ، وَالَّتِي طُبِعَتْ قَدِيمًا وَهِيَ الَّتِي فِي أَيْدِي مَشَايِخِنَا وَعَلَيْهَا إِحَالَاتُ كَثِيرٍ مِنَ الكُتُبِ وَالرَّسَائِلِ العِلْمِيَّةِ وَالجَامِعِيَّةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَهِيَ نُسْخَةٌ مُتْقَنَةٌ إِلَى حَدِّ كَبِيرٍ مَا اسْتَطَاعَ المُحَقِّقُونَ بِإِشْرَافِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ التَّوَصُّلُ إِلَيْهِ مِنْ عُلُومٍ فِيهَا أَوْ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ مَعْلُومَاتٍ.
وَهَذِهِ النُّسْخَةُ تَمْتَازُ بِالإِحَالاتِ الَّتِي عَلَيْهَا، يَسْتَطِيعُ الإِنْسَانُ أَنْ يَسْتَفِيدَ مِنْهَا عَلَى أَيِّ نُسْخَةٍ مَوْجُودَةٍ وَلَو كَانَتْ نُسْخَةً خَطِّيَّةً لِأَنَّ الإِحَالَةَ إِلَى الكِتَابِ فِيهَا بِإِمْكَانِكَ أَنْ تَعُدَّ الأَبْوَابَ مِنْ خِلَالِ الأَرْقَامِ الَّتِي وَضَعَهَا الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ وَتَسْتَفِيدَ مِنْهَا كَمَا سَأَعْرِضُ لَكُمْ بَعْدَ قَلِيلٍ بِإِذْنِ اللّهِ تَعَالَى.
المَيْزَةُ الأُخْرَى لِكِتَابِ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» نُسْخَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ أَنَّ فِيهَا كِتَابٌ آخَرٌ، كِتَابٌ مُهِمٌّ جِدًا مُضَافٌ إِلَى النُّكَتِ المُضَافَةِ لِلتُحْفَةِ وَهُوَ اسْمُهُ: «النُّكَتُ الظِّرَافُ عَلَى تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» لابْنِ حَجَرٍ، مَطْبُوعٌ فِي حَاشِيَةِ الكِتَابِ، وَهُوَ كِتَابٌ مُهِمٌّ فِي الحَقِيقَةِ وَفِيهِ فَوَائِدٌ مِنَ الحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ وَضَعَهَا عَلَى كِتَابِهِ «النُّكَت» عَلَى «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» فَيَأْتِي بِفَوَائِدٍ فِي «النُّكَتِ الظِّرَافِ» تَسْتَفِيدُونَ مِنْهَا بِفَوَائِدٍ وَتَنْبِيهَاتٍ مِنْ هَذِهِ النُّسْخَةِ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ عَلَيْهَا الكَثِيرُ مِنَ الإِحَالاتِ، المَيْزَةُ مِنَ المُمَيِّزَاتِ فِيهَا أَنَّ أَكْثَرَ الإِحَالاتِ فِي الكُتُبِ المَطْبُوعَةِ اليَوْمَ إِلَى وَقْتٍ قَرِيبٍ مِنْ عَامَيْنِ تَقْرِيبًا كُلُّ الإِحَالاتِ عَلَي هَذِهِ النُّسْخَةِ، وَبَدَلا مِنْ أَنْ تَشْتَرِي النُّسْخَةَ وَلا تَنْتَشِرُ إِلا بَعْدَ سَنَوَاتٍ وَلَيْسَ فِيهَا إِضَافَاتٌ كَبِيرَةٌ عَلَى نُسْخَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ وَهِيَ نُسْخَةُ: (بَشَّار عَوَّاد)، نُسْخَةٌ جَيِّدَةٌ يَعْنِي حَقَّقَ النُّسْخَةَ بِخُطَّةٍ وَقَعَتْ لَه جَدِيدَةٍ وَفِيهَا مَيْزَةٌ غَيْرُ مَوْجُودَهٍ فِي كِتَابِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ تَحْقِيقُهُ، وَهُوَ أَنَّ بَشَّار عَوَّاد وَضَعَ فِي الكِتَابِ نَفْسِهِ أَرْقَامَ الأَحَادِيثِ بَدَلَ الأَرْقَامِ المَوْجُودَةِ.
فَنَحْنُ عِنْدَنَا مَثَلاً نُسْخَةُ عَبْدِ الصَّمَدِ فِيهَا مُشْكِلَةٌ حَلَّهَا بَشَّار عَوَّاد لَكِنَّ حَلَّهَا يَعْتَمِدُ عَلَى الإِنْسَانِ إِذْ لَمْ يَشْتَرِ الكُتُبَ السِّتَّةِ نَسْتَطِيعُ أَنْ نَقُولَ بِاخْتِصَارٍ: أَنَّ الَّذِي لَمْ يشترِ الكُتُبَ السِّتَّةِ فَاسْتَطَاعَ أَنْ يَشْتَرِي نُسْخَةَ بَشَّار عَوَّاد ثُمَّ يَشْتَرِي النُّسَخَ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا بَشَّار عَوَّاد فِي تَحْقِيقِ الكِتَابِ والإِحَالاتِ الَّتِي عَلَيْهَا هِيَ «تُحْفَةُ الأَشْرَافِ» تَخْدُمُ الكُتُبَ السِّتَّةِ.
 قَالَ عَبْدُ الصَّمَدِ مَثَلاً (د س ي ق) قَالَ: أَبُو دَاودَ فِي الصّلاةِ، هَذَا كَلَامُ المُنْذِرِي وَلَيْسَ مِنْ كَلَامِ المُحَقِّقِينَ، الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ وَضَع قَوْسَيْنِ، وَضَعَ رَقْمَ البَابِ وَرَقْمَ الحَدِيثِ دَاخِلَ البَابِ مِنْ كِتَابِ الصَّلاةِ، هَذِهِ الأَرْقَامُ كَثِيرًا مَا يَقَعُ فِيهَا إِشْكَالٌ عَلَى طُلَّابِ العَلَمِ فَيَبْحَثُونَ فِي رَقْمِ البَابِ هَذَا فَلَا يَجِدُونَ الحَدِيثَ دَاخِلا، كَمَا سَنُطَبِّقُ إِنْ شَاءَ اللّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ، سَتَكُونُ فِي مَشَاكِلٍ مُعَيَّنَةٍ، وَلِذَلِك الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ أَدْرَكَ أَنَّ فِيهَا مُشْكِلاتٌ فَقَامَ بِوَضْعِ مُجَلَّدٍ مُسْتَقِلٍّ أَرْدَفَهُ فِي كِتَابِهِ «تُحْفَةُ الأَشْرَافِ» فِي 13 مُجَلَّدًا وَجَعَل المُجَلَّدَ 14 سَمَّاهُ: «الكَشَّافُ عَلَى تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» فَأَعْطَى لَكَ الأَرْقَامَ الَّتِي وَضَعَهَا هَوَ فِي نُسْخَتِهِ وَوَضَعَ لِكُلِّ رَقْمٍ اسْمَ البَابَ الحَقِيقِيِّ.
مَثَلاً يَأْتِي وَيَقُولُ لَكَ بَابٌ: 361 هَذَا كِتَابٌ، بَابُ مَثَلاً: صَلَاةُ الرَّجُلِ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ، يَعْنِي أَعْطَى لَكَ اسْمَ البَابِ، لَو عِنْدَكَ أَيَّ نُسْخَةٍ وَلَو خَطِّيَةً تَسْتَطِيعُ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى كِتَابِ الصَّلاةِ مِنْ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» إِلَى اسْمِ البَابِ المَوْجُودِ فِيهَا وَسَتَجِدُ الحَدِيثَ مُبَاشَرَةً بِدُونِ أَيِّ تَعِبٍ أَوْ جَهْدٍ.
الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ بَذَلَ جُهُودًا كَبِيرَةً وَجَلَسَ سَنِينَ طَوِيلَةً يُحَقِّقُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَخَدَمَ الكِتَابَ خِدْمَةً جَيِّدَةً.
بَشَّار عَوَّاد خَدَمَ الكِتَابَ حَقِيقَةً، وَإِنَّهُ لَا يَزَالُ مُعَاصِرًا، وَإِنَّهُ فِي مَكَانٍ طُبِعَتْ فِيهِ كُتُبٌ كَثِيرَةٌ، عِرَاقِيّ وانْتَقَلَ إِلَى الشَّامِ وَفِي فَتْرَةِ المِحْنَةِ الَّتِي مَرَّتْ فِي العِرَاق، وَفِي الفَتْرَةِ هَذِهِ وُجِدَتْ كُتُبٌ مُتَدَاوَلَةٌ بَيْنَ أَيْدِي طُلَّابِ العِلْمِ، تَرْقِيمَاتٌ مِثْلُ مُحَمَّد فُؤَاد عَبْدِ البَاقِي الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا فِي تَحْقِيقِ كِتَابِ «كُنُوزِ السُّنَّةِ» وَ«المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» طَبَعَاتٌ مَشْهُورَةٌ لـ«سُنَنُ النَّسَائِيِّ» طَبَعَاتٌ مَشْهُورَةٌ لـ«سُنَنِ التِّرْمِذِيِّ» بِتَحْقِيقِ أَحْمَد شَاكِر تَرْقِيم مُحَمَّد فُؤَاد عَبْدِ البَاقِي وَإِبْرَاهِيم عَطْوَة.
إِنَّ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ الَّتِي أَشَرْتُ إِلَيْهَا فِي نُسْخَةِ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» الكُتُبُ والطَّبَعَاتُ الَّتِي رَجَعُوا إِلَيْهَا قَالُوا: إِنَّ «المُعْجَمَ» مُعْتَمِدٌ عَلَى هَذِهِ الطَّبَعَاتِ تَقْرِيبًا وَ«مُفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ» مُعْتَمِدٌ تَقْرِيبًا عَلَى هَذِهِ الطَّبَعَاتِ، فَحَذَفَ الأَرْقَامَ الَّتِي وَضَعَهَا الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ وَوَضَعَ فِي وَسْطِهَا رَقْمَ    الحَدِيثِ بِحَيْثُ أَنَّك مُبَاشَرَةً عِنْدَمَا تَقْرَأُ الحَدِيثَ: رَوَاهُ أبُو دَاودَ فِي الصَّلاةِ يَأْتِي لَكَ بِرَقْمِ الحَدِيثِ مُبَاشَرَةً الَّذِي اسْتَنَدَ إِلَيْهِ بِدُونِ أَيِّ تَعِبٍ وَبِدُونِ أَيِّ عَنَاءٍ، لَكِنِ الآنَ سَتَجِدُ مَشَقَّةً فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ فَمَنْ يَجِدُ صُعُوبَةً فِي فَهْمِهِا يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَعَهُ «الكَشَّافَ» كُلَّهُ لِكَي يَسْتَفِيدَ مِنْهُ أَوْ الَّذِي مَعَهُ نُسْخَةُ الكُتُبِ السِّتَّةِ طَبْعَةُ دَارِ السَّلَامِ؛ لَأَنَّ الكُتُبَ كُلَّهَا بِهَا الأَرْقَامُ الفِعْلِيَّةُ لـ«التُّحْفَةِ» كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللّهُ.
هَذَا الحَدِيثُ «اللَّهُمَّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ»( ) تَنْظُرُ فِي «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» فَلَا تَجِدُ الرَّقْمَ هَذَا مَكْتُوبًا فِي النُّسْخَةِ الَّتِي عِنْدَكُمْ، أَنَا عِنْدِي نُسْخَةٌ كَبِيرَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَى رَأْسِ كُلِّ بَابٍ فِي غَيْرِ البُخَارِيِّ فَقَطْ «التُّحْفَةُ» وَعَلَى اليَسَارِ «المُعْجَمُ» فِي كُلِّ بَابٍ مَوْجُودٍ فِي النُّسْخَةِ الكَبِيرَةِ مُبَاشَرَةً لَا تَجِدُ تَرْقِيمَ بَشَّار عَوَّاد، بِمُجَرَّدِ أَنْ تَصِلَ إِلَى الرَّقْمِ هَذَا تَجِدْهُ فِي التُّحْفَةِ مُطَابِقٌ 100% يَعْنِي لَا تَحْتَاجُ أَنْ تَشْتَرِيَ نُسْخَةَ بَشَّار لَوْ عِنْدَكَ نُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَخْرِجَ نُسْخَةَ عَبْدِ الصَّمَدِ بِإرْتِيَاحٍ بِدُونِ أَيِّ إِشْكَالٍ عَلَيْهَا. هَذِهِ قَضِيَّةُ المُشْكِلَةِ فِي نُسْخَةِ دَارِ السَّلَامِ.
عِنْدَمَا اشْتَغَلُوا فِي نُسْخَةِ البُخَارِيِّ وَوَجَدُوا مَشَاكِلا تَرَكُوا كِتَابَ البُخَارِيِّ بِلَا تَرْقِيمٍ مِثْلَ «التُّحْفَةِ» رَقْمَ كَذَا و«المُعْجَمُ» رَقْمَ كَذَا؛ لأَنَّهُ هُنَاكَ مَشَاكِلٌ عَلَيْهِ.
فَنُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ تَسْتَفِيدُ مِنْها فِي نُسْخَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ وَفِي نُسْخَةِ بَشَّار تَسْتَفِيدُ مِنْهَا، بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ البَحْثُ فِي البُخَارِيِّ.
إِذَا كَانَ البَحْثُ فِي البُخَارِيِّ فَكَيْفَ تَتَفَادَى المُشْكِلَةُ؟
فَالمُشْكِلَةُ إِمَّا بَسِيطَةٌ أَوْمُعَقَّدَةٌ.
مُشْكِلَةٌ مُعَقَّدَةٌ: هَذِهِ تَحْتَاجُ إِلَى أَنْ تَعُودُوا إِلَى «الكَشَّافِ» وَسَأَشْرَحُ لَكُمُ الطَّرِيقَةَ فِي «الكَشَّافِ»، يَجِبُ أَنْ تُفْهَمْ نَظَرِيًا لِأَنِّي إِذَا أَرَدْتُ أَنْ أَعْرِضَهَا عَلَى الشَّاشَةِ سَتَحْتَاجُ تَقْرِيبًا مُصَوَّرٌ لَا يَقِلُّ عَنْ 30 صَفْحَةً.
إِجَابَتِي عَلَى هَذَا السُّؤَالِ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ قَدِ اشْتَرَى نُسَخَ الكُتُبِ السِّتَّةِ، فَلْيَشْتَرِي نُسْخَةَ الشَّيْخِ بَشَّار عَوَّاد وَيَشْتَرِي الكُتُبَ الَّتِي اسْتَنَدَ عَلَيْهَا مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ.
أَمَّا مَنْ كَانَ عِنْدَهُ نُسَخَ الكُتُبِ السِّتَّةِ وَلَوْ نُسَخًا قَدَيمَةً فَلْيَسْتَنِدْ لِنُسْخَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ فَهِيَ بِالنِّسْبَةِ لِي أَفَضَلُ.
أَوِ الَّذِي عِنْدَه نُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ سَوَاءً كَانَتْ مَطْبُوعَةً فِي مُجَلَّدٍ أَوْ فِي أَكَثَرَ مِنْ مُجَلَّدٍ فِي سِتَّةِ مُجَلَّدَاتٍ فَكَذَلِكَ يَشْتَرِي نُسْخَةَ عَبْدِ الصَّمَدِ لِأَنَّهَا أَرْخَصُ ثَمَنًا بِالنِّسْبَةِ لِطُلَّاب العِلْمِ عَامَّةً مِنَ الضُّعَفَاءِ.
ثَانِيًا: أَنَّ فِيهَا كِتَابَانِ لَيْس كِتَابًا وَاحِدًا «النُّكَتُ الظِّرَافُ» و«تُحْفَةُ الأَشْرَافِ».
ثَالِثًا: فِيهَا مُقَدِّمَاتٌ كَبِيرَةٌ وَفَوائِدٌ كَثِيرَةٌ إِلَى آخِرِ الفَوَائِدِ الَّتِي يَمْتَازُ بِهَا كِتَابٌ عَنْ كِتَابٍ وَهِيَ أَنَّكَ تَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِ نُسْخَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ أَنْ تَرْجُوهُ وَلَوْ كَانَتِ النُّسْخَةُ خَطِّيَةً؛ لَأَنَّهُ وَضَعَ كِتَابًا سَمَّاهُ «الكَشَّافَ» لَكِنْ بَشَّار لَمْ يَضَعْ هَذَا الكِتَابَ، لِذَلِكَ لَا يُمْكِنْ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْ نُسْخَةِ بَشَّار إِلَّا إِذَا صَارَتْ عِنْدَكَ طَبْعَةُ بَشَّار.
 نُرِيدُ الآنَ أَنْ نَفْهَمَ «التُّحْفَةَ» ثُمَّ أُعْطِيكُمْ نُسَخًا مَطْبُوعَةً لِلْكُتُبِ السِّتَّةِ جَيِّدَةً، وَنُطَبِّقُ عَلَيْهَا عِدَّةَ كُتُبٍ.
لَكِنْ نَشْرَحُ الآنَ المَعْلُومَاتِ الدَّاخِلِيَّةِ.
افْتَرِضُوا أَنَّ الحَدِيثَ الَّذِي جَاءَنَا فِي البَحْثِ عَنْهُ، وَسَيَأْتِي تَطْبِيقَاتٌ عَلَيْهِ عَنْ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ الحَنَفِيِّ الكُوفِيِّ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلى اللّه عليه وسلم كَانَ يَدْعُو: «اللَّهُمَّ أَعِنِّي وَلَا تُعِنْ عَلَيَّ»( ) بَحَثْنَا عَنْ طَرِيقِ الفَهَارِسِ، اسْتَخْرَجْنَا مُسْنَدَ ابْنِ عَبَّاسٍ أَوَّلاً ثُمَّ نَظَرْنَا إِلَى مَنْ يَحْمِلُونَ نَجْمَةً وَاحِدَةً تَحْتَ مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِينَ يَبْتَدِيُ اسْمُهُمْ بِحَرْفِ الطَّاءِ حَتَّى وَصَلْنَا إِلَى طَلِيقٍ فَوَجَدْنَا أَنَّهُ يُعْطِينَا إِحَالَةً عَلَى يَمِينِ الصَّفْحَةِ تَمَامًا إِلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فِي المُجَلَّدِ السَّابِعِ وَطَاوُسِ بنِ كَيَسَانَ اليَمَانِي( ) فِي المُجَلَّدِ الخَامِسِ يَحْمِل نَجْمَةً وَاحِدَةً، هَذَا مِنْ تَلامِيذِ مَنْ؟
ابْنُ عَبَاسٍ.
إِذًا سَنَبْحَثُ بِاسْمِ مَنْ؟
طَلِيقٌ وَيَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً، الأَرْقَامُ هَذِهِ كُلُّهُمْ يَحْمِلُونَ نَجْمَتَيْنِ إِلَى أَنْ وَصَلْنَا إِلَى طَلْحَةَ يَحْمِلُ نَجْمَةً بَعْدَ طَلِيقِ بْنِ قَيْسٍ الحَنَفِيِّ يَحْمِلُ  نَجْمَةً وَاحِدَةً، الَّذِي يَرْوِي عَنْ مَنْ؟
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مُبَاشَرَةً إِذًا افْتَحِ الصَّفْحَةَ رَقْمَ 31 وَسَأَجِدُ حَدِيثِي بِالنَّحْوِ الَّذِي كَانَ قَبْلَ قَلِيلٍ، هَذَا طَلِيقُ بْنُ قَيْسٍ الحَنَفِيِّ الكُوفِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ إِذًا إِجَابَتِي صَحِيحَةٌ، وَهَذَا الحَدِيثُ الَّذِي أَبْحَثُ عَنْهُ وَاضِحٌ جِدًا.
انْظُرْ إِلَى الرُّمُوزِ الَّتِي وَضَعَهَا المِزِّيُّ فَوْقَ كَلِمَةِ حَدِيثٍ فِي المَخْطُوطَةِ وَالمُحَقِّقُ وَضَعَهَا تَحْتَ الرَّقْمِ. هَذَا التَّرْقِيمُ تَسَلْسُلِيٌّ لِأَحَادِيثِ الكِتَابِ كَامِلَةً لَيْسَ لَهَا عَلَاقَةٌ بِالصَّحَابِيِّ هَذَا تَرْقِيمٌ تَسَلْسُلِيٌّ لِأَحَادِيثِ الكِتَابِ مِنْ رَقْمِ وَاحِدٍ حَدِيثِ ابْنِ حَمَّادِ الَّذِي عَرَضْنَاهُ إِلَى آخِرِ حَدِيثٍ فِي الكِتَابِ.
الرَّقْمِ الَّذِي أَتَى بِهِ 64 وَأَتَى مَثَلاً 63 وَهَكَذَا يُوَافِق فِي أَرْقَامٍ كَثِيرَةٍ لَا يُخْطِئُ فِيهَا الطُّلَّابُ.
 الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ رحمه اللّه عَمَلَ تَصْوِيبَاتٍ لِكُلِّ مُجَلَّدٍ مِنْ عِنَايَتِهِمْ جَزَاهُمُ اللّهُ خَيْرًا حَتَّى لَا يُتْعِبُوا المُصَوِّرَ، يَأْتِي بِالصَّفْحَةِ 400 مَثَلا الصَّفْحَةُ 31 السَّطْرُ 11 تَسْتَفِيدُ مِنْ رَقْمِ 10 لَكِنَّهَا سَبَّبَتْ مُشْكِلَةً لِلطُّلَّابِ، لِمَاذَا؟
لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يَقْرَأُوا بِالطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ، الرَّقْمُ تَابِعٌ لـ65 يَعْنِي خَمْسَةٌ فِي البَابِ رَقْمِ خَمْسَةٍ يَذْهَبُ يَبْحَثُ فِي البَابِ رَقْمِ خَمْسَةٍ وَلَوْ أَبْعَدُوهَا قَلِيلًا لَكَانَتْ غَيْرَ وَاضِحَةٍ.
المُشْكِلَةُ كَانَتْ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ لِأَنَّهَا مُشْكِلَةٌ كَبِيرَةٌ جِدًّا؛ لِأَنَّ الرَّقْمَ قَرِيبٌ جِدًّا مِنَ السَّطْرِ أَحْيَانًا، الرَّقْمُ هَذَا يَأْتِي مَعَ الَّذِي بَعْدَهُ تَمَامًا.
أُرِيدُ أَنْ أُكْمِلَ المَعْلُومَاتِ المَوْجُودَةِ هُنَا لِكَي أُضِيفَ.
إِذًا هَذِهِ الرُّمُوزُ رُمُوزُ مَنْ؟
 المِزِّيُّ.
المُحَقِّقُ حَذَفَهَا مِنْ فَوْقِ كَلِمَةِ حَدِيثٍ وَوَضَعَهَا فِي «التُّحْفَةِ» ثُمَّ يَأْتِي المِزِّيُّ بِطَرَفِ المَثَلِ ثُمَّ.... الحَدِيثَ ثُمَّ يَبْدَأُ يَقُولُ (د) هَذِهِ الرُّمُوزُ الَّتِي اسْتَعْمَلَهَا المِزِّيُّ سَهْلَةٌ جِدًا، مَوْجُودَةٌ فِي أَسْفَلِ كُلِّ صَفْحَةٍ مِنَ الكِتَابِ، الصَّفْحَةُ هَذِهِ مَوْجُودَةٌ لِلتِّرْمِذِيِّ فِي «الشَّمَائِل» النَّسَائِيُّ فِي «عَمَلِ اليَوْمِ وَاللِيلَةِ» (ق) ابْنِ مَاجَةَ.
الصَّفْحَةُ الَّتِي بَعْدَهَا. مثلًا: فِي الصَّفْحَةِ اليُمْنَى وَفِيهَا (ع) الجَمَاعَةُ و(خ) البُخَارِيُّ (خت) لِلْبُخَارِيِّ تَعْلِيقًا (م) لِمُسْلِمِ بْنِ الحَجَّاجِ (د) لَأَبِي دَاودَ (ت) لِلتِّرْمِذِيِّ, كُلُّ صَفْحَةٍ مِنْ صَفَحَاتِ الكِتَابِ بِمُجَلَّدَاتِهِ 13 مَوْجُودَةٌ، يَعْنِي لَا تَحْتَاجُ أَنْ تَحْفَظَ الرُّمُوزَ الَّتِي أُشْكِلَتْ عَلَيْكَ خَاصَّةً وَأَنَّ الرُّمُوزَ اخْتَلَفَتْ مِنْ كِتَابٍ إِلَى كِتَابٍ. فَإِذَا حَفِظْتَهَا يَكُونُ شَيْءٌ جَيِّدٌ، مَوْجُودَةٌ عِنْدَكَ لَوْ حَفِظْتَهَا تَجِدْهَا مُبَاشَرَةً لَا تَعَبَ عَلَيْكَ.
نَعُودُ مَرَّةً ثَانِيَةً قَالَ: (د) فِي الصَّلاةِ 361 هَذَا الآنَ الَّذِي بَيْنَ قَوْسَيْنِ مِنْ زِيَادَاتِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ رحمه اللّه 361 ثُمَّ نُقْطَتَيْنِ 6 الرَّقْمُ الأُوَلُ رَقْمُ البَابِ دَاخِلَ اسْمِ الكِتَابِ الَّذِي سَمَّاهُ لَنَا: كِتَابَ الصَّلاةِ هَذَا رَقْمُ البَابِ رَقْمُ 361 مِنْ كِتَابِ الصَّلاةِ مِنْ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ». هَذَا الرَّقْمُ لِلْحَدِيثِ رَقْمُ 6 دَاخِلَ البَابِ فَيُصْبِحُ عِنْدِي فِي الطَّرِيقَةِ الثَّانِيَةِ، نَقُولُ: أَخْرَجَهُ أبُو دَاودَ فِي الصَّلاةِ بَابُ رَقْمِ 361 الحَدِيثُ السَّادِسُ لَكِنْ أَنَتَ سَمِعْتَ تَخْرِيجَ الصِّيغَةِ العِلْمِيَّةِ لابُدَّ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى اسْمِ البَابِ وَرَقْمِ الحَدِيثِ التَّسَلْسُلِيِّ بِالكِتَابِ.
هَذِهِ المَعْلُومَاتُ بَعْدَ أَنْ يَأْتِي بِإِسْنَادِ أَبِي دَاودَ يَقُولُ: إِنَّ أَبَا دَاودَ رَوَاهُ عَنْ شَيْخِهِ مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ الحَارِثِ عَنْهُ. أَيْ عَنْ مَنْ؟
عَنْ طَلِيقٍ بِالإسْنَادِ الَّذِي ذَكَرَهُ. مَاذَا قَالَ: عَنْهُ بِهِ -أَيْ بَاقِي الإِسْنَادِ- يَعْنِي بِهِ، رَمَزَ لِبَاقِي الإِسْنَادِ، يَأْتِي أَحْيَانًا عِنْدَنَا عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، إِذَا وَصَلَ لِلزُّهْرِيِّ أَيْ إِذَا وَصَلَ إِلَى تِلْمِيذِهِ قَالَ عَنْهُ، وَلَا يَقُولُ عَنْهُ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ لَا يَأْتِي بِهَذَا الإِسْنَادِ يَقُولُ بِهِ، يَعْنِي بِبَاقِي الإِسْنَادِ المَعْرُوفِ عَنْهُ.
 هَذَا مِثَالٌ تَوْضِيحِيٌّ لِسَالِمِ بْنِ أَبِي الجَعْدِ الغَطَفَانِيِّ الكُوفِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: خَرَّجَهُ النَّسَائِيُّ فِي «عِشْرَةِ النِّسَاءِ فِي الكُبْرَى» فِي البَابِ رَقْمِ 33 /16 عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ عَنْ عَبْدِ الرَحَّمَنِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْهُ، عَنْ مَنْ؟
عَنْ سَالِمٍ بِهِ أَيْ بِبَاقِي الإِسْنَادِ هَذَا -أي تَكْمِلَةِ الإِسْنَادِ- لَكِنَّ المِزِّيَّ رحمه اللّه لَمْ يَشْتَرِطْ فِي كِتَابِهِ ذِكْرُ المُتُونِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ قَصْدُهُ المُتُونَ؛ لِأَنَّهُ يَجْمَعُ الأَسَانِيدَ، لَوْ كَانَ قَصْدُهُ المُتُونَ، لَقَالَ عَنْهُ، بِهِ، مِثْلَهُ، نَحْوِهِ، بِمَعْنَاهُ، وَزَادَ وَاخْتَصَرَ الحَدِيثَ كَمَا يَفْعَلُ مُسْلِمٌ كَثِيرًا، لَكِنْ قَصْدُهُ جَمْعَ الأَسَانِيدِ لِلْكُتُبِ السِّتَّةِ «تُحْفَةُ الأَشْرَافِ بِمَعْرِفَةِ الأَطْرَافِ» أَيْ أَطْرَافَ مَسَانِيدِ الكُتُبِ السِّتَّةِ، لَكِنْ أَصَبْحَ كِتَابَ تَخْرِيجٍ بِاعْتِبَارِ لَا نَصِلُ إِلَى المُتُونِ إِلَا بِالأَسَانِيدِ.
الآنَ طَرِيقَةُ تَرْتِيبِ الكِتَابِ نُسْخَةُ بَشَّارٍ لَيْسَ فِيهَا أَقْوَاسٌ وَفِيهَا رَقَمَيْنِ اثْنَيْنِ، نُسْخَةُ بَشَّارٍ طَبْعَتُهَا أَجْمَلُ. مَا عِنْدَنَا نَكْتُبُ بَيْنَ قَوْسَيْنِ (رَقَمٌ فَقَط) يُوجَدُ بَرْنَامَجٌ عَنِ «التُّحْفَةِ» بَرْنَامَجٌ يَعْرِضُ نُسْخَةَ بَشَّارٍ وَعَبْدِ الصَّمَدِ والنُّسَخَ الخَطِّيَةَ كُلَّهَا لـ«التُّحْفَةِ».
أَمْثِلَةٌ تَطْبِيقِيَّةٌ لِلتَّخْرِيجِ مِنَ «التُّحْفَةِ».
المِثَالُ الأُوَلُ: عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ قُرْطٍ الأَزَدِيِّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى اللّه عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: «إِنَّ أُعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللّهِ يَوْمُ النَّحْرِ»( ) خَرِّجِ الحَدِيثَ مُسْتَخْدِمًا «التُّحْفَةَ».
عَبْدُ اللّهِ بْنُ قُرْطٍ الأَزَدِيِّ رضي الله عنه صَحَابِيٌّ قَدْ يَكُونُ قُرْطٌ، وَقَد يَكُونُ قِرْطٌ فَهَذَا الصَّحَابِيُّ لَيْسَ لَهُ إِلَا حَدِيثٌ وَاحِدٌ عَنِ النَّبِي صَلَّى اللّه عليه وسلم فَسُهُولَةُ التَّخْرِيجِ كَبِيرَةٌ.
أُرِيدُ الفَوَائِدَ الَّتِي اسْتَفَدْتَهَا مِنْ وُصُولِكَ السَّرِيعِ إِلَى «التُّحْفَةِ» وَانْظُرِ التَّخْرِيجَ: قَالَ فِي «التُّحْفَةِ» : (د) فِي الحَجِّ و(س) فِي المَنَاسِكِ يَعْنِي أَخْرَجَهُ أبُو دَاودَ والنَّسَائِيُّ فِي المَنَاسِكِ.
لَكِنِّي عِنْدَمَا خَرَّجْتُهُ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» مَا وَجَدْتُهُ أَحَالَ إِلَّا إِلَى أَبِي دَاودَ فَقَطْ «التُّحْفَةُ» فِي الحَجِّ قَالَ: أَبُو دَاودَ فِي الحَجِّ وَالنَّسَائِيُّ فِي المَنَاسِكِ مِن «الكُبْرَى». «المُعْجَمُ المُفَهْرَسِ بِأَلفَاظِ الحَدِيثِ» لَمْ يُحِلْ إِلَى أَبِي دَاودَ مَعَ أَنَّ الحَدِيثَ بِنَفْسِ اللَّفْظِ هَوَ مَوْجُودٌ فِي «المُعْجَمِ» تَمَامًا وَمَوْجُودٌ فِي النَّسَائِيِّ.
فِي «المُعْجَمِ» قُصُورٌ فَأَنَتَ إِذَا سَدَّدْتَ هَذَا القُصُورَ لَا تَسْتَخْدِمُ طَرِيقَةَ التَّخْرِيجِ الثَّانِيَةِ.
نَعْمَلُ عَلَى الكُتُبِ السِّتَّةِ أَبُو دَاودَ فِي كِتَابِ الحَجِّ. قُلْتُ: إِنَّ مَوْسُوعَةُ الكُتُبِ السِّتَّةِ فِيهَا فَهْرَسَةٌ.
هَذِهِ سُنَنُ أَبِي دَاودَ عِنْدَمَا أَفْتَحُ الكِتَابَ، المُفْتَرَضُ فِي البِدَايَةِ عِنْدَمَا أَفْتَحُ الغُلافَ المَتِينَ الثَّقِيلَ المُجَلَّدَ، أَفْتَحُ وَرَقَةً فِيهَا أَسْماءُ الكُتُبِ وَبِدَايَةُ كُلِّ صَفْحَةٍ مِنْهَا، كِتَابُ الطَّهَارَةِ، يَبْدَأُ مَثَلاً هَذَا الآنَ مُقَدِّمَةُ صَفْحَةِ كَذَا كِتَابُ الطَّهَارَةِ يَبْدَأُ فِي الصَّفْحَةِ 13 هَوَ مَوْجُودٌ فِي الخَلْفِ لَكِنْ حَتَّى تَجِدَهُ فِي الخَلْفِ يَأْخُذُ مِنْكَ وَقْتٌ لِأَنَّهُ مُمْكِنٌ الحَلُّ غَيْرُ وَاضِحٍ.
«تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» الَّذِي عِنْدَهُ نُسْخَةُ الكُتُبِ الكَبِيرَةِ، الفِهْرِسُ العَامُّ كِتَابُ الطَّهَارَةِ، لِمَاذَا لَمْ يَضَعْ فِهْرِسًا لِأَسْمَاءِ الكُتُبِ مُسْتَقِلَّةً؟
النُّسْخَةُ الكَبِيرَةُ مَوْجُودٌ مِثْلُ الَّتِى عِنْدِي، مُرِيحَةٌ، تَفْتَحُ الفِهْرِسَ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» وَتُكْتَبُ أَسْمَاءُ الكُتُبِ وَبِدَايَةُ الصَّفْحَةِ أَهُمُّ شَيْءٍ أَنْ تَكُونَ الصَّفْحَةُ الَّتِي تُوَافِقُهَا أَصْغََرَ مِنَ الكِتَابِ لِكَيْ لَا تُخْطِئُ الصَقْ بِالصَّمْغِ عَلَى الغُلافِ الفَارِغِ مِنَ الدَّاخِلِ فَإِذَا أَرَدْتَ تَخْرِيجَ حَدِيثٍ بَعْدَ عَشْرِ سَنَوَاتٍ مَثَلا كِتَابُ أبِي دَاودَ فِي الحَجِّ لَحَظَاتٌ قَلِيلَةٌ لَا تَحْتَاجُ أَنْ تَبْحَثَ مَرَّةً ثَانِيَةً فِي الكِتَابِ
افْتَحْ كِتَابَ الحَجِّ يُسَمَّى المَنَاسِكُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ يَقولُ لَكُ البَابُ رَقْمُ 19 مِنْ كِتَابِ المَنَاسِكِ فِي صَفْحَةِ 259 مِنَ المُجَلَّدَاتِ المُفْرَدَةِ أَمَّا النُّسْخَةُ الكَبِيرَةُ مَكْتُوبٌ عِنْدِي «المُعْجَمُ» رَقْمُ 19 بَابٌ ثُمَّ كِتَابٌ «التُّحْفَةِ» مَعَ الطَّهَارَةِ قَالُوا لِي: الآنَ مَكْتُوبٌ «المُعْجَمُ» 18 «التُّحْفَةُ» رَقْمُ 19 أَنَتَ سَتَتْبَعُ الكَلِمَةَ إِنْ كُنْتَ تُخَرِّجُ مِنَ «التُّحْفَةِ» سَتَتْبَعُ الرَّقْمَ الَّذِي بَيْنَ قَوْسَيْن، مَاذَا كُتِبَ عَلَيْهِ؟
«التُّحْفَةُ» إِنْ كُنْتَ أَخَذْتَ المَعْلُومَةَ مِنَ «المُعْجَمِ» سَتَتْبَعُ الرَّقْمَ.
حَدِيثُ: «إِنَّ أُعْظَمَ الأَيَّامِ عِنْدَ اللّهِ يَوْمُ النَّحْرِ» ( ) هُنَا لاحِظُوا مَعِيَ البَابَ رَقْمَ 19 فِي «المُعْجَمِ» مُتَطَابِقٌ بِوُجُودِ الحَدِيثِ   فَالحَدِيثُ مَوْجُودٌ مُتَطَابِقٌ فِي بَابِ 19 مِنَ «المُعْجَمِ» و«التُّحْفَةِ» مَا وَضَعَ رَقْمًا -يَعْنِي أَنَّهُ يَتْبَعُ البَابَ الَّذِي قَبْلَهُ-.
بَابُ الهَدْيِ إِذًا عَقَّبَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ، مَكْتُوبٌ عِنْدِي «التُّحْفَةُ» 17 عِنْدَمَا بَحَثْتُ فِي هَذَا البَابِ لَمْ أَجِدْ حَدِيثِي انْتَقَلَ لِلْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ وَأَنَا أُعْطِيكَ طَرِيقَةً وَقَدْ قُلْتُهَا لَكُمْ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ».
قُلْت لَكُم: أَيُّ إحَالَةٍ عَلَى أَيِّ رَقْمِ بَابٍ فِي «المُعْجَمِ» فِي «كُنُوزِ السُّنَّةِ» فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» إِذَا أَعْطَى لَكَ بَابَ 19 اذْهَبْ إِلَى بَابِ 19 فِي أَيِّ كِتَابٍ مِنْهَا إِذَا لَمْ تَجِدِ الحَدِيثَ مَاذَا تَفْعَلُ؟
سَتَتَقَدَّمُ ثَلَاثَةَ أَبْوَابٍ أَوْ تَتَأَخَّرُ ثَلَاثَةَ أَبْوَابٍ، سَتَجِدُهُ قَطْعًا إِلَا فِي حَالاتٍ قَلِيلَةٍ سَأُبَيِّنُهَا بِالأَمْثِلَةِ الآتِيَةِ:
مِثَالٌ: فِي الجِنَايَاتِ حَدِيثُ رَقْمِ 4 لَوْ تَعُدُّ الأَحَادِيثَ الآنَ تَجِدُ أَنَّ الحَدِيثَ هَوَ رَقْمُ 4
مِثَالٌ آخَرٌ: عَنْ أَبِي ذَرٍ قَالَ: «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ»( ) الحَدِيثُ هَلْ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تُخَرِّجُوا مِنْ رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍ 144 لَكِنِ الَّذِي أَعْرِفُهُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ جُبَيرِ بْنِ نُفَيْرٍ، ارْجِعْ لِرِوَايَةِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ عَنْهُ.
هَذِهِ نُسْخَةُ المُجَلَّدِ الَّذِي فِيهِ أَبُو ذَرٍ.
كَمْ حَدِيثٌ لَأَبِي ذَرٍ؟
114 حَدِيثًا.
الحَدِيثُ مِنْ رِوَايَةِ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، تَجِدُ نَجْمَةً وَاحِدَةً تَحْتَ اسْمِ الصَّحَابِيِّ المَكْتُوبِ بِخَطٍّ كَبِيرٍ، تَبْحَثُ أَيْنَ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ هَذَا؟
كَمْ حَدِيثًا لَهُ؟
ثَلَاثَةُ أَحَادِيثٍ اخْتَصَرْتَ 114 لِثَلَاثَةِ أَحَادِيثٍ تَفْتَحُ صَفْحَةَ 157 إِذَا فَتَحْنَا الصَّفْحَةَ وَجَدْنَا حَدِيثَنَا مُبَاشَرَةً، عَزَاهُ إِلَى مَنْ؟
عَزَاهُ إِلَى أَبِي دَاودَ والتِّرْمِذِيِّ وَابْنِ مَاجَةَ، أَصَحَابُ السُّنَنِ انْظُرِ الإِحَالاتِ الَّتِى أَحَالَهَا صَاحِبُ «التُّحْفَةِ» قَالَ: (د) فِي الصَّلاةِ الصَّلاةُ 319 (س) 691 النَّسَائِيُّ يَعْنِي (ق) ابْنُ مَاجَةَ 212 هَذِهِ أَرْقَامُنَا، إِذَا أَعْطَاكَ رَقْمًا وَاحِدًا بَيْنَ قَوْسَيْنِ وَلَمْ يُعْطِكَ رَقْمَيْنِ مَاذَا يَعْنِى؟
مَعْنَاهَا أَنَّهُ لَا يُوجَدُ فِي البَابِ إِلَا حَدِيثًا وَاحِدًا فَلِذَلِكَ لَم يَضَعْ لَكَ رَقْمَيْنِ. يَكْتَفِي بِالرَّقْمِ لِلْبَابِ.
اخْتَبِرْ قُدْرَتَكَ خِلَالَ نِصْفِ دَقِيقَةٍ.
ارْجِعْ إِلَى مَا فِي «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» كِتَابِ الصَّلاةِ أَيُّ نُسْخَةٍ مَعَنَا مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ نَسْتَطِيعُ أَنْ نُخَرِّجَ مِنْهَا،  أُرِيدُكَ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْْ أَيِّ نُسْخَةٍ عِنْدَكَ، وَمَنْ لَيْسَ عِنْدَهُ أَيَّ نُسْخَةٍ مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» يَبْحَثُ فِي بِدَايَةِ كِتَابِ الصَّلاةِ مِنْ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» ثُمَّ يَتَتَبَّعُ أَرْقَامَ الأَبْوَابِ حَتَّى يَصِلَ لِلرَّقْمِ 319 «صُمْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَمَضَانَ فَلَمْ يَقُمْ بِنَا شَيْئًا مِنَ الشَّهْرِ حَتَّى بَقِيَ سَبْعٌ» عِنْدَ الرَّقْمِ كَمْ؟
كِتَابُ الصَّلاةِ انْتَهَى فِي «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» فِي كِتَابِ رَقْمِ 318 الَّذِي عِنْدَهُ نُسْخَةُ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» تَتَبَّعْ أَرْقَامَ الأَبْوَابِ فِي كِتَابِ الصَّلاة وَجَدَ أَنَّ كِتَابَ الصَّلاةِ فِي «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» يَنْتَهِي عِنْدَ البَابِ 318 أَيْنَ البَابِ 19 فِي نُسْخَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ رحمه اللّه؟
الأَبْوَابُ قِيَامُ رَمَضَانَ عِنْدَكُمْ فِي «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» المَلْغِيَّةُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ، بَابُ شَهْرِ رَمَضَانَ، كِتَابُ شَهْرِ رَمَضَانَ هَذَا تَابِعٌ لِلْكِتَابِ الَّذِي قَبْلَهُ، هَذَا العُنْوَانُ غَيْرُ مَوْجُودٍ فِي نُسْخَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ، فَتَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ أَرْقَامَ الأَبْوَابِ تَسْتَمِرُّ فِي التَّسَلْسُلِ فَأَنَتَ مَاذَا تَفْعَلُ الآنَ؟
فِي هَذِهِ الحَالَةِ تُرِيدُ الرَّقْمَ 1 تَنْزِلُ لِلْبَابِ الأَوَّلِ مِنَ الكِتَابِ الَّذِي بَعْدَ هَذَا مُبَاشَرَةً، انْزِلْ لِأَوَّلِ بِابٍ مِنْ قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ كِتَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ وابْحَثْ فِي الحَدِيثِ الخَامِسِ الذِي عِنْدَهُ نُسْخَةُ «التُّحْفَةِ» نُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ أَوِ المُرَقَّمَةُ بِنَفْسِ التَّرْقِيمِ؟
مَاذَا تَرَوْنَ فِي القَوْسِ الَّذِي عَلَى اليَمِينِ أَوْ عَلَى اليَسَارِ؟
مَكْتُوبٌ 319 مُطَابِقٌ لِلْبَابِ الَّذِي وُجِدَ فِيهِ الحَدِيثُ مُطَابِقٌ، فَهَذِهِ مَيْزَةُ هَذِهِ النُّسَخُ، إِنَّهَا تَتْبَع «التُّحْفَةَ» و«المُعْجَمَ» تَتَبَّعْ كَلِمَةَ تُحْفَةٍ إِذَا كُنْتَ تَشْتَغِلُ بـ «التُّحْفَةِ» وَتَتَبَّعْ كَلِمَةَ مُعْجَمٍ إِذَا كُنْتَ تَشْتَغِلُ فِي «المُعْجَمِ» لَكِنِ الَّذِي عِنْدَهُ النُّسْخَةُ هَذِهِ يَبْحَثُ فِي كِتَابِ الصَّلاةِ ثُمَّ يَتَسَلْسَلُ فِي الأَرْقَامِ حَتَّى يَصِلَ لِآخِرِ رَقْمٍ يَنْتَهِي عِنْدَهُ التَّسَلْسُلُ يَبْدَأُ فِي تَسَلْسُلٍ مَرَّةً أُخْرَى فَإِنْ كَانَ الرَّقْمُ كَمَا هَوَ الحَالُ عِنْدَنَا فِي هَذَا المِثَالِ زَائِدًا 1 يَزِيدُ هَوَ 1 ، وَإِنْ كَانَ زَائِدًا 5 يَزِيدُ 5 وَإِنْ كَانَ زَائِدًا 10 يَزِيدُ 10، زَائِدًا 40 يَزِيدُ 40.
كَيْفَ تَعْرِفُ إِنَّهُ زَائِدٌ أَرْبَعِينَ؟
تَقُومُ بِطَرْحِ الرَّقْمِ الَّذِي أَعْطَاكَ إِيَّاهُ عَبْدُ الصَّمَدِ بَيْنَ قَوْسَيْنِ هَذَا 319 مثلاً، لَوْ قُلْنَا: 419 مَثَلاً مَاذَا تَفْعَل؟
تَطْرَحُ 419 مِنْ 318 الَّذِي هُوَ التَّرْقِيمُ الفِعْلِيِّ فِي نُسْخَتِكَ الَّذِي فِي كِتَابِ الصَّلاةِ، كَمْ يَكُونُ؟
101، سَيَكُونُ حَدِيثُكَ فِي البَابِ رَقْمِ 101 فِي كِتَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ.
مَيْزَةُ نُسْخَةُ بَشَّارٍ إِنْ كَانَ عِنْدَكَ النُّسَخُ الَّتِي تَرْجِعُ إِلَيْهَا مَا يُخْطِئُكَ أَبَدًا، يُوقِفُكَ عَلَى الحَدِيثِ أَفْضَلُ يُعْطِيكَ الرَّقْمَ الَّذِي فِي نُسْخَتِكَ تَمَامًا، هَذِهِ أَكْبَرُ مَيْزَةً فِيهِ، أَفْضَلُ شَيْءٍ الَّذِي عِنْدَهُ نُسْخَةُ بَشَّارٍ الآن، و النُّسَخُ الَّتِي رَاجَعَ عَلَيْهَا بَشَّارٌ.
تَرْقِيمُ مُحَمَّد فُؤَاد عَبْدِ البَاقِي الَّتِي طُبِعَتْ مَعَ فَتَحِ البَارِي، وَالكُتُبُ كَثِيرَةٌ، كُلُّ فَتَرَةٍ يُطْبَعُ كِتَابٌ للتِّرْمِذِيِّ آخَرٌ.
الَّذِي مَعَهُ نُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخَرِّجَ مِنَ «التُّحْفَةِ» وَمِنْ «المُعْجَمِ» مَهْمَا اخْتَلَفَتِ الأَرْقَامِ إِلَا فِي البُخَارِيِّ لَمْ يُرَقِّمْهُ.
وَمِثَالُ هَذَا: المِثَالُ الحَيُّ بَيْنَ أَيْدِيَنَا الآنَ، الَّذِي عِنْدَهُ النُّسَخُ العَادِيَّةُ، كِتَابُ الصَّلاةِ فِي نُسَخِهِمْ بـ«سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» فِي سَنَةِ 118 هَذَا فِي التَّخْرِيجِ غَيْرُ مَوْجُودٍ، بَيْنَمَا الَّذِي عِنْدَهُ نُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ يَجِدُ أَنَّ الرَّقْمَ عَلَيْهِ، أَصَبْحَ الكَلَامُ تَحْتَ التُّحْفَةِ مُطَابِقٌ لِلْحَدِيثِ الَّذِي عِنْدَه بِدُونِ إِشْكَالٍ.
الَّذِينَ لَا يَحْمِلُونَ هَذِهِ النُّسَخَ وَعِنْدَهُمْ نُسَخٌ، وَرِثَهَا مِنْ أَبِيهِ أَوْ مِنْ جَدَّهِ أَوْ أُهْدِيْتْ لَهُ نَقُولُ لَهُ: اشْتَرِي نُسْخَةً ثَانِيَةً، تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَفِيدَ، كَيْفِيَّةُ الإِسْتِفَادَةِ عَلَى نَحْوَيْنِ:
إِنْ كَانَ الرَّقْمُ قَرِيبًا، يَعْنِي قَالَ لَكَ أَبُو دَاودَ 325 مَاذَا تَفْعَلُ؟ تُكْمِلُ العَدَّ أَنَتَ يَدَوِيًا، يَعْنِي تَلْغِي مُسَمَّيَاتِ الكُتُبِ الجَدِيدَةِ.
تَعْمَلُ عَلَى الأَبْوَابِ وَمَا عَلَيْكَ مِنِ اسْمِ الكِتَابِ: شَهَرُ رَمَضَانَ، مَا عَلَيْكَ مِنْهُ مَا دَامَ الرَّقْمُ انْتَهَى عِنْدَكَ وَلَمْ يَنْتَهِي أَنْ تَصِلَ إِلَى البَابِ المَطْلُوبِ تَرْقِيمُهُ اتْرُكْهُ وَأَكْمِلِ العَدَّ، فَتَعُدُّ أَوَّلَ بَابٍ مِنْ كِتَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ، كَمْ يُصْبِحُ رَقْمُكَ ؟
319 البَابُ الَّذِي بَعْدَهُ 320 فَلَوْ كَانَ الرَّقْمُ الَّذِي عِنْدَهُ 325 سَوْفَ تَنْزِلُ 6 أَبْوَابٍ، سَيَكُونُ حَدِيثُكَ فِي البَابِ رَقْمِ 6 مِنْ كِتَابِ شَهْرِ رَمَضَانَ، يُوَجِّهُ ذَلِكَ أَنَّ نُسْخَةَ عَبْدِ الصَّمَدِ لَا يُوجَدُ فِيهَا عُنْوَانٌ اسْمُهُ: كِتَابُ شَهْرِ رَمَضَانَ، الأَبْوَابُ حَتَّى كِتَابَ شَهْرِ رَمَضَانَ تَابِعَةٌ لِلْكِتَابِ الَّذِي قَبْلَهُ وَهُوَ كِتَابُ الصَّلاةِ لِذَلِكَ صَارَ العَدُّ تَسَلْسُلِيًا عِنْدَهُ.
إِنْ قَالَ شَخْصٌ: وَجَعْتَ رُؤُسَنَا يَا شَيْخٌ، أَلا تُوجَدُ طَرِيقَةٌ أَصْعَبُ مِنْ هَذِهِ؟
فِي هَذِهِ الحَالَةِ إِذَا مَا كَانَتْ عِنْدَكَ القُدْرَةُ أَنْ تَسْتَفِيدَ إِلَا أَنْ تَرْجِعَ إِلَى كِتَابِ «الكَشَّافِ» وَهَذَا الكِتَابُ فِيهِ فَهْرَسٌَة لِكُتُبِ وَأَسْمَاءِ الأَبْوَابِ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ الَّتِي خَدَمَتْهَا «التُّحْفَةُ» كُلَّهَا وَافْتَحْ عَلَى فِهْرِسِ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» فِي أَوَّلِ الفِهْرِسِ فِي كِتَابِ الصَّلاةِ يَبْتَدِئُ بِصَفْحَةَ 184 مِنْ هَذَا الكِتَابِ افْتَحْ صَفْحَةَ 184 يَقولُ لِي: كِتَابُ الصَّلاةِ أَبْوَابُهُ فِي نُسْخَةِ عَبْدِ الصَّمَدِ شَرَفِ الدِّينِ 368 بَابًا... إِذًا الرَّقْمُ الَّذِي أَعْطَانِي إِيَّاهُ فِي «التُّحْفَةِ» مُطَابِقٌ مَوْجُودٌ فِيهِ أَمْ غَيْر مَوْجُودٍ؟
مَاذَا أَفَعَلُ؟ أَفْتَحُ كِتَابَ الصَّلاةِ وَأَبْحَثُ فِي الرَّقْمِ الَّذِي عَلَى اليَمِينِ مَكْتُوبٌ رَقْمَ 319 البَابُ الَّذِي نَبْحَثُ عَنْهُ 319 قَالَ لِي: بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ. أَذْهَبُ إِلَى فِهْرِسِ نُسْخَتِي الَّتِي بَيْنَ يَدَيَّ وَلَوْ أَنَّها غَيْرُ مُرَقَّمَةٍ وَلَوْ أَنَّهَا خَطِّيَّةٌ أُخْرِجُ كِتَابَ الصَّلاةِ وَأَبْحَثُ فِي هَذَا البَابِ بَابٌ فِي قِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ بِالاسْمِ وَأَفْتَحُ الصَّفْحَةَ سَأَجِدُ حَدِيثِي مُبَاشَرَةً، أَيُّ نُسْخَةٍ لَيْسَتْ صَعْبَةٌ، خَاصَّةً إِنْ عَلِمْنَا أَنَّ أَكْثَرَ التَّرْقِيمَاتِ بِنِسْبَةِ 85% مُطَابِقَةً، إِنَّ أَكْثَرَ مِنْ 85% مِنَ التَّرْقِيمَاتِ الَّتِي يُعْطِيكَ إِيَّاهَا الشَّيْخُ عَبْدُ الصَّمَدِ مُطَابِقَةٌ لِأَيِّ نُسْخَةٍ مَوْجُودَةٍ غَالِبًا، وَمَا عَلَيْكَ إِلا أَنْ تَتَقَدَّمَ ثَلَاثَةَ أَبْوَابٍ أَوْ تَتَأَخَّرَ ثَلَاثَةَ أَبْوَابٍ، لَكِنِ احْفَظْ هَذَا: القَاعِدَةُ هَذِهِ أَيُّ نُسْخَةٍ مَطْبُوعَةٍ فِي السَّوْقِ لَكِنْ فِي 15% وَأَكْثَرُهَا وَقَع فِي البُخَارِيِّ وَقَلِيلٌ جداً فِي مُسْلِمٍ وَفِي أَبِي دَاودَ وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ، هَذِهِ وَقَعَ فِيهَا إِشْكَالاتٌ بِسَبَبِ اخْتِلَافِ نُسْخَةِ الشَّيْخِ عَبْدِ الصَّمَدِ مَعَ نُسْخَتِنَا، نَحْنُ نُسَخُنَا مَطْبُوعَةٌ الأَخِيرَةُ هَذَا فَقَطْ أَدِّي الإِشْكَالُ فِيهَا.
نُسْخَةُ بَشَّارٍ لَيْسَ فِيهَا إِشْكَالٌ، وَخُذِ النُّسَخَ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا بَشَّارٌ اشْتَرِيهَا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَأرِحْ نَفْسَكَ، لَكِنِ المُشْكِلَةُ إِنَّ نُسْخَةَ بَشَّارٍ فِي التِّرْمِذِيِّ مَثَلاً هِيَ مُمْكِنٌ لَأَبِي دَاودَ مَثَلاً النُّسْخَةُ الَّتِي رَاجَعَ عَلَيْهَا أَصَحَابُ «المُعْجَمِ» و«مُفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» تُخْطِئُ، ثُمَّ تُرِيدُ أَنْ تَذْهَبَ لِلْقَوْسِ مَرَّةً ثَانِيَةً فَكُنْ عَلَى نُسَخٍ مَعْرُوفَةٍ مُتَدَاوَلَةٍ، والإِحَالاتُ إِلَيْهَا فِي السَّوْقِ كَثِيرَةٌ.
هَذِهِ وِجْهَةُ نَظَرِي، أُفَضِّلُ هِيَ قَابِلَةٌ لِلتَّغْيِرِ، أُعْطِيكَ نُسَخَ الكُتُبِ السِّتَّةِ.
الخُلاصَةُ: أَنْتَ الآنَ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:
إِمَّا أَنْ تَحْمِلَ نُسْخَةَ الكُتُبِ السِّتَّةِ لِدَارِ السَّلَامِ أَوْ نَحْوَهَا المُرَقَّمَةِ تَرْقِيمًا مَكْتُوبٌ عَلَيْهِ «التُّحْفَةُ»  و«المُعْجَمُ»  فَتَرْجِعُ إِلَى هَذَا الرَّقْمِ مِنْ خِلَالِ كِتَابِ الصَّلاةِ مِنْ كَلِمَةِ تُحْفَةٍ الَّتِي وَضَعُوهَا عَلَى هَامِشِ كُلِّ بَابٍ وَيَنْتَهِي الإِشْكَالُ.
أَوْ إِنَّكَ تَرْجِعُ إِلَى أَيِّ نُسْخَةٍ مِنَ النُّسَخِ، فَإِذَا انْتَهَى عِنْدَكَ الرَّقْمُ مِنْ كِتَابِ الصَّلاةِ قَبْلَ هَذَا الرَّقْمَ تُكْمِلُ العَدَّ حَتَّى تَصِلَ إِلَى البَابِ الَّذِي أَنَتَ فِيهِ.
انْظُرِ التِّرْمِذِيَّ الآنَ لَيْسَ فِيهِ مُشْكِلَةٌ رَاجِعُوا الحَدِيثَ الَّذِي فِي التِّرْمِذِيِّ، كِتَابُ الصَّوْمِ، البَابُ 81.
 ابْنُ مَاجَهَ كِتَابُ الصَّلاةِ أَيْنَ فِي التُّحْفَةِ، الصَّلاةُ البَابُ رَقْمُ 212 الحَدِيثُ الثَّانِي بِالضَّبْطِ حَتَّى النُّسَخَ الَّتِي لَهُ نُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ تَجِدُونَه بِالضَّبْطِ هُوَ نَفَسُهُ فِي النَّسَائِيِّ مَا فِيهِ صُعُوبَةٌ أبدًا قَدْ تَحْتَاجُ إِلَى تَمَرُّسٍ بَسِيطٍ.
بَعْضُ النَّاسِ يَقولُ لِي: يُوجَدُ بَرْنَامَجٌ لـ«التُّحْفَةِ» أَرِحْنَا وَأَعْطِنَا بَرْنَامَجَ التُّحْفَةِ بِالكُمْبُيُوتَرِ.
أَنْصَحُكُمْ نَصِيحَةً أَنَّكَ إِذَا اعْتَمَدْتَ عَلَى البَرَامِجِ الحَاسُوبِيَّةِ سَتَفْقِدُ القُدْرَةَ عَلَى التَّخْرِيجِ يَوْمًا بَعْدَ يَوْمٍ، بِمُجَرَّدِ أَنْ تَنْتَهِي البَطَّارِيَّةُ، أَوْ يُصِيبُ الجَهَازَ فَيْرُوسٌ، أَو تَكُونُ بَعِيدًا عَنْ جِهَازِكَ وَلَو كُنْتَ فِي مَكْتَبَةِ جَامِعِ ابْنِ القَيِّمِ، جَامِعِ المَكْتَبَةِ العَامِرَةِ لَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تُخَرِّجَ حَدِيثًا، تَبْقَى كَالأبْكَمِ الأَصَمِّ الأَعْمَى الَّذِي لَا يُبْصِرُ وَلَا يَرَى، وَلَكَنْ تَعَلَّمْ عَلَى الكُتُبِ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِك يُمْكِنُكَ أَنْ تَخْتَصِرَ إِنْ كُنْتَ مُتَعَجِّلا بِالحَاسِبِ الآلِيِّ.
 أُعْطِيَكُم مِثَالا آخَرَ.
سُؤَالٌ: هَلِ اهْتَمَّ المِزِّيُّ رحمه اللّه بِأَلفَاظِ المُتُونِ؟
الجَوَابُ: المِزِّيُّ رحمه اللّه عَالِمٌ بَحْرٌ لَمْ يَهْتَمَّ بِاخْتِلافِ الفَاظِ المُتُونِ وَإِنَّمَا مَعْنَى الحَدِيثِ وَاحِدٌ، وَاخْتَلَفَتِ الالفَاظُ عِنْدَهُ وَإِنَّمَا اعْتَمَدَ بِالأَسَانِيدِ والتَّدْقِيقِ فِيهَا فَلِذَلِكَ يُعْطِيكَ مَجَالٌ لِلتَّخْرِيجِ وَلَوْ بِالمَعْنَى بِخِلَافِ أَصَحَابِ «مُفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» وَهَذَا نُمُوذَجٌ.
أَنَا مُخَرِجٌ «مُفْتَاحَ كُنُوزِ السُّنَّةِ» أُخَرِّجُ لَكُمْ بِالمَعْنَى الآنَ.
مَنْ يَذْكُرُونَ الحَدِيثَ وَلَيْسَ بِحَدِيثِ الَّذِي خَرَّجُوهُ، هَذَا الحَدِيثُ عِنْدَنَا مِثَالٌ الآنَ الَّذِي عِنْدَهُ «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» المُجَلَّدُ الخَامِسُ والسَّادِسُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُخَرِّجَ الحَدِيثَ مِنْ خِلَالِه: «إِذَا وُضِعَ عَشَاءُ أَحَدِكُمْ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَابْدَءُوا بِالعَشَاءِ»( ) رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ وَالرَّوِاي عَنْهُ نَافِعٌ وَالرّاوِي عَنْ نَافِعٍ عُبَيْدُ اللّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ حَمَادُ بْنُ أُسَامَةَ، هَذِهِ نُسْخَةُ ابْنِ عُمَرَ، انْظُرُوا الآنَ هَذَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ هَذِهِ بِدَايَتُهُ وَعَدَدُ الأَحَادِيثِ 1979 حَدِيثًا، نَذْهَبُ الآنَ بِالتَّسَلْسُلِ مِنَ الرَّاوِي عَنْ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ: نَافِعٌ، نَبْحَثُ مَنِ اسْمُهُ نَافِعٌ وَيَرْوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَبْحَثُ عَنْ مَنْ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً، أَثْنَاءَ البَحْثِ فِي الَّذِينَ يَحْمِلُونَ نَجْمَةً وَاحِدَةً سَنَجِدُ أَكْثَرَ مِنْ شَخْصٍ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ تَتَغَيَّرُ عِنْدَ النَّجْمَةِ الوَاحِدَةِ وَيَبْدَأُ بِحَرْفِ النُّونِ أَمْشِي بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ حَتَّى أَصِلُ إِلَى مَا أُرِيدُ، نَافِعٌ فِي المُجَلَّدِ السَّادِسِ، لَكِنْ كَمْ  نَجْمَةً تَجِدُونَ أَمَامَهُ ؟
نَجْمَتَيْنِ، هَلْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الرَّاوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ؟
إِذًا الَّذِي وَصَلَ إِلَى نَافِعٍ وَقَال هُوَ مُخْطِأٌ لَازِمٌ أَنْ تَصِلَ لِنَافِعٍ وَلَوْ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثِ نُجُومٍ مَا عَلَيْكَ مِنْهَا، نَجْمَتَيْنِ ثَلَاثٌ، وَمَا عَلَيْكَ مِنْهَا حَتَّى تَصِلَ إِلَى الَّذِي يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاسْمُهُ نَافِعٌ فِي المُجَلَّدِ رَقْمِ 6 أَنَا أُرِيدُ الآنَ أَنْ نَصِلَ إِلَى «التُّحْفَةِ».
طَرِيقَةٌ مُخْتَصَرَةٌ: أَوَّلُ شَيْءٍ تَبْحَثُ عَنْ مَنْ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً تَحْتَ اسْمِ ابْنِ عُمَرَ، اسْمُهُ نَافِعٌ، إِذًا وَصَلْتَ لَابْنِ عُمَرَ، يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً سَتَجِدُ مُبَاشَرَةً أَكْثَرَ مِنْ يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ، الَّذِي خَلْفَهُ مُبَاشَرَةً وَالرَّقْمُ الَّذِي عَلَى يَسَارِهِ عَدَدٌ كَبِيرٌ، إِذًا ابْحَثْ فِي الَّذِي يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ وَاسْمُهُ: عُبَيْدُ اللّهِ، ابْنُ عُمَرَ الرَّاوِي عَنْ نَافِعٍ فَإِذَا وَصَلْتُمْ إِلَى عُبَيْدِ اللّهِ الَّذِي يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ سَتَجِدُ أيضاً عَلَى يَسَارِهِ رَقْمٌ كَبِيرٌ وَالَّذِي تَحْتَهُ يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ، انْزِلْ حَتَّى تَصِلَ إِلَى الَّذِي يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ، اسْمُهُ مَاذَا؟
حَمَّادُ بْنُ أَسَامَةَ.
إِذًا هَذِهِ الطَّرِيقَةُ إِذَا وَصَلْتُمْ إِلَيْهَا سَتَجِدُونَ الإِحَالاتِ الثَّانِيَةِ فِي «التُّحْفَةِ» قَالَ لِي فِي «التُّحْفَةِ» (خ) فِي الصَّلاةِ 193 يَعْني رَوَاهُ البُخَارِيُّ فِي كِتَابِ الصَّلاةِ البَابُ رَقْمُ 193 انْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ البَابَ 193 غَيْرَ مَوْجُودٍ حَتَّى فِي نُسْخَةِ دَارِ السَّلَامِ، نَذْهَبُ لِلْبَابِ فِي كِتَابِ الصَّلاةِ فِي «صَحِيحِ البُخَارِي» انْتَهَى عِنْدَ البَابِ رَقْمِ كَمْ؟
109، مَوْجُودٌ؟
تَحْتَاجُ إِلَى أَنْ تَصِلَ حَتَّى تَصِلَ إِلَى البَابِ 193 تَطْرَحُ 193 مِنْ 109 كَمِ النَّاتِجُ؟
84 الكِتَابُ الَّذِي بَعْدَ كِتَابِ الصَّلاةِ فِي «صَحِيحِ البُخَارِي» كَمْ بَابٌ؟
  إِطْرَحْ 84 مِنْ 41،النَّاتِجُ 43 الكِتَابُ الثَّالِثُ الآنَ البَابُ رَقْمُ 41 مِنَ الكِتَابِ الَّذِي بَعْدَهُ مَوْجُودٌ، إِذًا مَا وَجَدْتَهُ تَقَدَّمَ 3 أَبْوَابٍ وَتَأَخَّرَ 3 أَبْوَابٍ.
لَكِنْ هَذِهِ الطَّرِيقَةُ طَرِيقَةُ لَا يُخْطِأُ الوَاحِدُ فِي الحِسَابِ. وَالأَسْهَلُ أَنْ يُرَجَعَ إِلَى كِتَابِ «الكَشَّافِ» يَقُولُ لَكُمُ اسْمَ الكِتَابِ فِي لَحَظَاتٍ 193 هَوَ البَابُ: بَابُ إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، يَتْبَعُ أَيَّ كِتَابٍ؟
سَتَجِدُونَهُ فِي كِتَابِ الأذَانِ بَيْنَ فِي بَابِ إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ. كَيْفَ تَعْرِفُ إِذَا أَرَدْتَ مَعْرِفَةَ رَقْمِ البَابِ؟
تَطْرَح ُ193 مِنْ أَوَّلِ بَابٍ مَوْجُودٍ عِنْدَكَ فِي كِتَابِ الأَذَانِ152 يَكُونُ عِنْدَكَ النَّاتِجُ رَقْمُ البَابِ، أَوِ إِبْحَثِ فِي الفِهْرِسِ الَّذِي فِي دَاخِلِ الكِتَابِ وَأَرِحْ نَفْسَكَ فَسَتَجِدُهُ فِي كِتَابِ الأَذَانِ بَابٌ إِذَا حَضَرَ الطَّعَامَ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، يَعْنِي هَذَا الفِهْرِسُ سَهْلٌ الوُصُولَ لَهُ جِدًا، يَعْنِي وَلَوْ عَلَى نُسْخَةٍ خَطِّيَّةٍ تَسْتَطِيعُ الاسْتِفَادَةَ مِنَ الكِتَابِ.
مَا هُوَ أَوَّلُ بَابٍ مِنْ كِتَابِ الأَذَانِ؟
فِي التَّرْقِيمِ هَذَا يَخْرُجُ لَكَ الرَّقْمَ وَإِلَّا تَتَّبِعُهُ بِاسْمِهِ فِي الفِهْرِسِ وَهُوَ سَهْلٌ الآنَ، مُسْلِمٌ سَهْلٌ جِدًا، الَّذِي عِنْدَهُ نُسْخَةُ دَارِ السَّلَامِ أَوِ الَّذِي عِنْدَهُ أَيُّ نُسْخَةٍ أُخْرَى، انْظُرُوا مُسْلِمٌ لَمَّا أَخْرَجَهُ قَالَ: فِي الصَّلاةِ هَوَ هَكَذَا مَوْجُودٌ فِي النُّسْخَةِ 69 الحَدِيثُ رَقْمُ 4 وَجَدْتُمُوهُ؟
سَهْلٌ، السُّهُولَةُ هَذِهِ فِي 85% مِنَ الكِتَابِ مَوْجُودَةٌ، بَلْ رُبَّمَا فِي 90% مِنَ الكِتَابِ، يَعْنِي لَا تَخَافُوا، السُّهُولَةُ مَوْجُودَةٌ إِلَى هَذَا القَدْرِ لَكِنِ المَشَاكِلُ هَذِهِ يَحُلُّهَا لَكُمْ هَذَا الكِتَابُ «الكَشَّافُ» وَالَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ هَذِهِ النُّسْخَةَ يَشْتَرِي نُسْخَةَ بَشَّارٍ والكُتُبَ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا بَشَارٌ.
أُعْطِيكُمْ مِثَالا آخَرَ.
مُسْلِمٌ كِتَابَ الصَّلاةِ وَابْحَثْ فِي البَابِ رَقْمِ 69 فِي كِتَابِ الصَّلاةِ حَتَّى لَوْ أَيَّ نُسْخَةٍ، فِي حَالَةِ أَنَّكَ لَمْ تَجِدْهُ مَاذَا تَفْعَلُ؟ تَتَقَدَّمُ 3 أَبْوَابٍ أَوْ تَتَأَخَّرُ 3 أَبْوَابٍ.
مِثَال ٌآخَرٌ.
«مُفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ» الإِحَالَةُ الَّتِي قَبْلَ قَلِيلٍ لاحِظُوا كَمْ؟
كِتَابَيْنِ فَقَطْ، الإِحَالَةُ الَّتِي تَخْدُمُ «كُنُوزِ السُّنَّةِ» انْظُرُوا كَمْ كِتَابٌ؟
هَذَا رَاجِعٌ لِسَبَبَيْنِ:
السَّبَبُ الأُوَلُ: أَنَّ «مُفْتَاحَ كُنُوزِ السُّنَّةِ» اعْتَمَدَ عَلَى كُتُبٍ غَيْرِ مَوْجُودَةٍ فِي «تُحْفَةِ الأَشْرَافِ» خَدَمَهَا يَعْنِي كـ«الدَّارِمِيِّ»، «مُوَطَأ مَالِكِ»، «أَحْمَدِ» هَذِهِ الكُتُبُ كَذَلِكَ عِنْدِي ثَلَاثُ كُتُبٍ هَذِهِ الغُوهَا مِنْهَا: «ابْنُ مَاجَهُ»، «النَّسَائِيُّ»، «التِّرِمِذَيُّ»، «أَبُو دَاودَ»، هَذِهِ مَا كَانَتْ مَوْجُودَةٌ قَبْلَ قَلِيلٍ عِنْدِي فِي التَّخْرِيجِ.
هَلْ يُعْقَلُ أَنَّ المِزِّيَّ فَاتَتْهُ؟
لَا لَو رَجَعْنَا لِهَذِهِ الكُتُبِ إِمَّا أَنْ نَجِدَهَا لَيْسَتَ أحَادِيثَنَا، يَعْنِي فِيهَا مَعْنًى الحَدِيثِ فَقَطْ، أَوْ أَنَّ الرَّاوِي الأَعْلَى يَخْتَلِفُ.
وَمِنْ هُنَا أُحِبُّ أَنْ أُنَبِّهُكُمْ إِلَى قَضِيَّةٍ هَامَّةٍ جدًّا جدًّا جدًّا، وَهِي أَنَّ المُخَرِّجِينَ يَخْتَلِفُونَ بِاخْتِلافِ رَغْبَتِهِمْ لِلتَّخْرِيجِ فَإِذَا كَانَ وَاحِدٌ يَعْمَلُ عَلَى مَخْطُوطَةٍ يُخَرِّجُ حَدِيثَ ابْنَ عُمَرٍ خَاصَّةً هَذَا فَلَا يَصِحُّ لَهُ أَثْنَاءَ التَّخْرِيجِ يَحْمِلُ صَحِيحَ ابْنِ عُمَرٍ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بِغَيْرِهِ، مَمْنُوعٌ هَذَا، وَهَذَا غَلَطٌ حَتَّى عِنْدَ المُتَقَدِّمِينَ مِنَ السَّلَفِ.
يَعْنِي شَخْصٌ يَعْمَلُ عَلَى مَخْطُوطَةٍ أَوْ شَخْصٌ طَلَبَ مِنْهُ أُسْتَاذُهُ أَوْ طَلَبَ مِنْ أَحَدٍ أَنْ يُخَرِّجَ حَدِيثَ صَحَابِيٍّ بِعَيْنِهِ لَا يَجُوزُ لَهُ بِحَالٍ مِنَ الأَحْوَالِ إِذَا جَاءَ يُخَرِّجُ يَأْتِي لَهُ بِعِشْرِينَ مَصْدَرًا لَكِنْ نَجِدُ ثَلَاثَةً مِنْهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَخَمْسَةً مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ وَسِتَّةَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ لَا!
بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُخَرِّجَ عَلَى نَفَسِ الصَّحَابِيِّ هَذَا هَوَ الأَصْلُ عِنْدَ السَّلَفِ وَعِنْدَنَا لَكِنْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُخَرِّجَ عَلَى حَسَبِ المَوْضُوعِ فَليُخَرِّجْ أَحَادِيثَ الصَّحَابَةِ كُلِّهِمْ لَكِنْ يُمَيِّزُ فِي التَّخْرِيجِ، يَقُولُ رُوِيَ فِي هَذَا البَابِ سِتَّةُ أَحَادِيثٍ عَنْ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ، أَمَّا حَدِيثُ فُلَانٍ فَأَخْرَجَهُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، وَحَدِيثُ فُلَانٍ أَخْرَجَهُ فُلَانٌ، يُمَيَّزُ، وَلَا إِشْكَالَ فِي ذَلِكَ فَتَخْتَلِفُ بِاخْتِلافِ مَقَاصِدِ المُخَرِّجِينَ.
فَهُنَا هَؤُلَاءِ المُسْتَشْرِقِينَ اهْتَمُّوا بِالمَعْنَى.
أَيْنَ نَجِدُ هَذَا الحَدِيثَ؟  
فِي الصَّلاةِ، أَيْنَ؟
ما بَيْنَ الأَذَانِ وَالإِقَامَةِ، أَيْنَ سَنَجِدُهُ؟
فِي صَلَاةِ الجَمَاعَةِ.
يَعْنِي فِقْهٌ صَحِيحٌ، لَكِنْ عَلَى أَيِّ حَالٍ لَا يَخْطُرُ عَلَى بَالِ البَاحِثِ فِي طَبِيعِ الفَائِدَةِ فِي «مُفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَسْنُودٌ بِنَفْسِ إِسْنَادِ هَذَا لَيْسَ بِالحَدِيثِ الَّذِي بَيْنَ أيْدِيكُمُ الآنَ لَيْسَ بِنَفْسِ هَذَا أبدًا مَوْجُودٌ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، نَعَمْ، مَوْجُودٌ عِنْدَ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقٍ أَخَرٍ.
مِثَالٌ أَخَرٌ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَبْدِ الرَّحْمَنِ هُرْمُزْ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَاحِدَةً، عَبْدُ اللّهِ بْنُ ذَكْوَانَ نَجْمَتَيْنِ، لَيْثُ بْنُ سَعْدٍ يَحْمِلُ ثَلَاثَةَ نُجُومٍ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ هُرْمُزٍ يَرْوِي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ 350 حَدِيثًا أَمْ لَا؟
300 مِنْ أَسْفَلٍ مُقَسَّمِينَ إِلَى أَنْ نَصِلِ إِلَى مَنْ؟
إِلَى عَبْدِ اللّهِ بْنِ ذَكْوَانَ، عَبْدُ اللّهِ بْنُ ذَكْوَانَ يَرْوِي كَمْ حَدِيثًا؟
هَذَا عَبْدُ اللّهِ بْنُ ذَكْوَانَ مَوْجُودٌ فِي التِّرْمِذِيِّ.
عَلَى كُلِّ الأَحْوَالِ العَمَلُ فِي «التُّحْفَةِ» شَيِّقٌ وَمُمْتِعٌ وَمُفِيدٌ وَمُثْمِرٌ وَمَعَ الوَقْتِ تَكُونُ «التُّحْفَةَ» عِنْدَكَ فِي خِلَالِ 3 دَقَائِقٍ تَصِلُ لِلْحَدِيثِ مِنْ خِلالِهَا، يَعْنِي لَوْ تُعْطِيَنِي الآنَ أَيَّ حَدِيثٍ أَنَا وَمُمْكِنِ الفَقْرَةُ الَّتِي خَرَّجْتُ مِنْها خِلَالَ نِصْفِ دَقِيقَةٍ وَأَرْجِعُ فِي دَقِيقَةٍ إِلَى الكُتُبِ أُخْرِجُ لَكَ أَقَلَّ شَيْءٍ مِنْ كِتَابٍ أَوْ كِتَابَيْنِ لِمَاذَا؟
الَّذِي عِنْدِي بِالضَّرُورَةِ يَصِلُ إِلَيْكُمْ بِالتَّعَوُّدِ، لَكِنْ مَثَلُ الَّذِي يَعْمَلُ بِالكُمْبُيُوتَرِ لَا يَطْبَعُ إِلَا صَفْحَةً وَاحِدَةً فِي الأُسْبُوعِ وعِنْدَمَا يَتَعَلَّمُ يَطْبَعُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ صَفَحَاتٍ، مَا يَمُرُّ عَلَيْهِ إِلَا بَعْدَ شَهْرٍ إِلَا وَهُوَ بَارِعٌ فِي الطِّبَاعَةِ مَاهِرٌ إِلَا بِإِذْنِ اللّهِ تَعَالَى وَهَكَذَا.
أنَا خَرَجَتُ مِنَ «التُّحْفَةِ» هَذِهِ الإِحَالاتُ أَحَالَ إِلَى هَذَيْنِ الكِتَابَيْنِ قَالَ (م) مُسْلِمٌ و(ت) التِّرْمِذِيُّ جَمِيعًا، أَيْ كِلَاهُمَا فِي البُيُوعِ مُسْلِمٌ فِي بَابِ رَقْمِ 29 الحَدِيثِ رَقْمِ 3 فِي لَحَظَاتٍ سَتَجِدُونَهُ لأَنَّ التَّرْقِيمَ لَيْسَ فِيهِ مُشْكِلَةٌ فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ».
إِنْ فَتَحْتُمْ «كُنُوزِ السُّنَّةِ» يُعْطِيكَ رَقْمَ الحَدِيثِ فِي مُسْلِمٍ بَيْنَمَا فِي «التُّحْفَةِ» يُعْطِيكَ رَقْمَ البَابِ وَالحَدِيثِ. كِتَابُ البُيُوعِ مِنْ صَحِيحِ مُسْلِم عِنْدَكُمْ، انْظُرِ الكِتَابَ الَّذِي  بَعْدَهُ 8 أَبْوَابٍ.
 سَتُواجِهُونَ بَعْدَ قَلِيلٍ إِنَّ الرَّقْمَ لِلتِّرْمِذِيِّ رَقْمَ 44 مَثَلاً سَتَجِدُونَ حَدِيثَهُمْ غَيْرَ مَوْجُودٍ، يَعْنِي تَتَقَدَّمُوا 3 أَبْوَابٍ أَوْ تَتَأَخَّرُوا 3 أَبْوَابٍ تَقَعُ عَلَيْهِ مُبَاشَرَةً وَهَكَذَا كُلُّ النُّسَخِ لَهَا مَيْزَةٌ، يُوجَدُ فِي كِتَابٍ مُعَيَّنٍ فِي بَابٍ مُعَيَّنِ لَكِنْ مَا يَسْلَمُ الجَمِيعُ مِنَ المَشَاكِلِ.
عِنْدَكُمْ رَقْمٌ تَسَلْسُلِيٌّ لِأَحَادِيثِ الكِتَابِ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» كَامِلَةً «صَحِيحِ مُسْلِمٍ» كَامِلَةً وَفِيهِ تَرْقِيمٌ بِأَحَادِيثِ كِتَابِ البُيُوعِ خَاصٌ وَفِيهِ تَرْقِيمٌ لِأَحَادِيثِ البَابِ هَذَا يَعْني ثَلَاثُ تَرْقِيمَاتٍ تُسَبِّبُ مُشْكِلَةً، لِذَلِكَ إِنْ كَرَّرْتَ أَنِ أَتْرُكُكَ مِنَ الأَرْقَامِ هَذِهِ.
التِّرْمِذِي لَيْسَ فِيه إِشْكَالٌ هَذِهِ الإِحَالاتُ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» زَادَتْ عِنْدِي الزِّيَادَةُ كَبِيرَةٌ جِداً لَمْ يُخَرِّجْ بِهَا مِنْ مُسْلِمٍ والتِّرْمِذِيِّ زَادَ عِنْدِي البُخَارِيَّ زَادَ عِنْدِي أبي دَاودَ زَاد عِنْدِي النَّسَائِيَّ زَادَ عِنْدِي ابْنَ مَاجَةَ وأيضاً أَحَمَدَ، هَذَا الكِتَابُ اعْتَنَى بَهِ صَاحِبَ «المُعْجَمِ».
مِنْ فَوَائِدِ الكِتَابِ لَوْ رَجَعْنَا لَهَذِهِ الأَحَادِيثِ الزَّائدَةِ لَوَجَدْنَاهَا إِمَّا أَنَّهَا مِنْ أَحَادِيثٍ غَيْرِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، أَوْ أَنَّهَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَكِنَّهَا مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الإِسْنَادِ الَّذِي عِنْدِي، فَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ، أَوْ يَكُونَ وَجَدَ فِيهِ كَلِمَةً مَثْلَ كَلِمَةَ الحَدِيثِ هَذِهِ، حَضَرَ الإِنَاءَ لَكِنَّهُ لَيْسَ هَوَ حَدِيثَنَا المُرَادُ كَمَا مَثَّلْنَا لَكُمْ بِحَدِيثِ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»( ) قُلْنَا فَلْيَتَبَوَّأْ وَرَجَعْنَا إِلَيْهَا وَجِدْنَا خَطَئًا مِنْ أَطْرَافِ الحَدِيثِ «فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» فِي حَدِيثِ «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ»، وَحَدِيثِ «لَيْسَ مِنْ رَجُلٍ ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمُهُ إِلَّا كَفَرَ، وَمَنِ ادَّعَى قَوْمًا لَيْسَ لَهُ فِيهِمْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»( ) وَحَدِيثِ «مَنْ تَحَلَّمَ بِحُلْمٍ لَمْ يَرَهُ»( ) جَمَعَهُمْ كُلَّهُمْ وَأَعْطَانِي لَهُمْ حَالَةً كَامِلَةً وَاحِدَةً بَيْنَمَا هِيَ أَحَادِيثٌ مُخْتَلِفَةٌ عَنْ صَحَابَةٍ مُخْتَلِفِينَ، فَهُنَا يُحْتَمَلُ نَفَسُ المُشْكِلَةِ، لَكِنْ أَنَا لَمْ أَسْتَطِعْ أَنْ أَحْكُمَ بِالطَّعْنِ.
نَخْتِمُ بِمِثَالٍ أَخْيَرٍ هَذِهِ الإِحَالاتُ «مُفْتَاحُ كُنُوزِ السُّنَّةِ» لَوْ قَارَنَّا الإِحَالاتِ هَذِهِ الآنَ، حَفِظْتُمُ الإِحَالاتِ؟
كَانَ الشَّافِعَيُّ رحمه اللّه يَضَعُ يَدَهُ اليُسْرَى عَلَى الصَّفْحَةِ اليُسْرَى خَشْيَةَ أَنْ يَحْفَظَهَا قَبْلَ اليُمْنَى، يَقُولُونَ صَحِيحٌ.
 وَحَفِظَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَصِيدَةً مِنْ مِائَتَيْ بَيْتٍ.
وَلَوْلَا ضِيقُ الوَقْتِ لَحَدَّثْتُكُمْ بِقِصَّةٍ عَجيبَةٍ وَقَعَتْ لِبَعْضِ المَشَايِخِ أُحْدِّثُكُمْ عَنْهَا لَو كَانَ هُنَاكَ وَقْتٌ.
يَقُولُ قَائِلٌ القَصَصُ تَرْفَعُ الهِمَمَ، أَقُولُ مَا رَأَيْتُ مَا شَاءَ اللّهُ مَثْلَ المِزِّيُّ، هَذَا الكِتَابُ كَأَنَّهُ حَاسِبٌ أَلِيٌّ وَضَعَهُ، كَمْ قَرَنٌ؟ قُرَابَةَ سِتَّةَ قُرُونٍ أَكْثَرُ فِي القَرْنِ الثَّامِنِ قَبْلَ سِتِّمِائَةِ سَنَةٍ، اكْتَشَفَ الكُمْبُيُوتَرُ قُدْرَةً انْتِقَالِيَّةً، لَكِنِ الطَّرِيقَةُ اكْتَشَفَهَا هَوَ رحمه اللّه تعالى، لَكِنْ عَلَى مَا ذَكَرْنَا، بَعْضُ القَصَصِ مُفِيدَةٌ وَبَعْضُهَا ذُكِرَ فِي القُرْآنِ، بَعْضُ القَصَصِ، أَمَّا الإِكْثَارُ فَلَيْسَ مِنْ طَرِيقَةِ أَهْلِ العِلْمِ.
أَنَا حَضَرَتُ سِنِينَ طَوِيلَةً عِنْدَ الشَّيْخِ ابْنِ بَازٍ رحمة اللّه عليه مَا أَذْكُرُ أَنَّهُ ذَكَرَ قِصَّةً وَاحِدَةً مِنْ عَامِ 1408 إِلَى أَنْ تُوُفِّىَ الشَّيْخُ.
الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ العُثَيْمِينِ رحمه اللّه مَا أَذْكُرُ أَنَّهُ ذَكَرَ قِصَّةً إِلَا نَادِرًا جِداً وَلَيْسَ فِي أَيِّ وَقْتٍ.
أَمَّا الشَّيْخُ الالبَانِيُّ فَقَرِيبٌ مِنَ الشَّيْخِ ابْنِ بَازٍ تَمَاماً.
كُلُّنَا لَا نَأْتِي بِقَصَصٍ إِلَّا نَادِرًا، وَقَصَصٌ كَمَا لَخَّصْتُ لَكُمْ مُفِيدَةٌ لَكِنْ إِنْ شَاءَ اللّهُ سَوْفَ أَقُولُهَا لَكُمْ فِي آخِرِ الدَّرْسِ.
الإِحَالاتُ مِنْ كِتَابِ «كُنُوزِ السُّنَّةِ» تَخْتَلِفُ عَنِ الإِحَالاتِ الَّتِي فِي «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» فِيهِ اخْتِلافَاتٌ، ابْنُ مَاجَةَ 19 ابْنُ مَاجَةَ هُوَ نَفْسُ الكِتَابِ، مُسْلِمٌ كِتَابُ 22 مُسْلِمٌ كِتَابُ 37 اخْتَلَفَ مَعَ أَنَّهُمْ نَفْسُ المُشْتَغِلِينَ فِي الكِتَابِ، اخْتَلَفَ لِمَاذَا؟
لِأَنَّ الَّذِي اشْتَغَلَ فِي «المُعْجَمِ» لَيْسَ بِدَقِيقٍ، أَوِ الَّذِي اشْتَغَلَ فِي «المِفْتَاحِ» لَيْسَ بِدَقِيقٍ، وَاحِدٌ مِنْهُمْ لِأَنَّ المُفْتَرَضُ أَنْ يَكُونَ فِي الإِثْنَيْنِ، كَيْفَ نَفَسُ النُّسَخِ هُمَا رَاجَعُوهَا وَهُمْ نَفْسُ فَرِيقِ المُسْتَشْرِقِينَ، هَذَا المُشْرِفُ هَذَا هُوَ المُشْرِفُ عَلَى المَشْرُوعِ لَكِنِ العَامِلِينَ فِي فَرِيقِ العَمَلِ مَعَهُ اخْتَلَفَتْ قُدُرَاتُهُمْ.
البُخَارِيُّ قَالَ فِي الشُّرْبِ 2 والحِيَلِ بَابُ رَقْمُ 5 هُنَا البُخَارِيُّ قَالَ 42 و10 و52 يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ، لَكِنِ انْظُرُوا أَكْثَرُ مِنْ إِحَالَةٍ هُنَا مُحْتَمَلٌ نَفَسُ الحَدِيثِ   مُحْتَمَلٌ أَحَادِيثَ أُخْرَى، وَهَلُمَّ جَرَّا.
أُعْطِيكُمْ مِثَالاً مَوْجُودًا فِي هَذَه الكُتُبْ: عَنْ سُهَيلِ بْنِ أبِي صَالَحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عليه وَسَلَّم قَالَ: «إِذَا تَبِعْتُمُ الجَنَازَةَ فَلَا تَجْلِسُوا حَتَّى تُوضَعَ»( ).
سُهَيْلُ بْنُ أبِي صَالَحٍ، أَبُو صَالَحٍ اسْمُهُ ذَكْوَانُ السَّمَّانُ الحَدِيثُ سُهَيْلٌ. أَبُو صَالَحٍ اسْمُهُ ذَكْوَانُ.
مَرَّةً سَأَلَنِي طَالبٌ فِي الكُلِّيَةِ، قُلْتُ لَهُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَبِيهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللّه عليه وَسَلَّم أَنَّهُ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ لِي مَنْ أبُو سَالِمٍ؟ قُلْتُ: يَا أَخِي أَقَرَأْ جيدًا: سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهم عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَنْ هُوَ أَبُوهُ؟ فَقُلْتُ لَهُ: مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانٍ مَا اسْمُ أَبِيهَا؟ قَالَ مَا أَدْرِي، قُلْتُ لَهُ: مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانٍ مَا اسْمُ أَبِيهَا؟
قُلْتُ: لَا يَعْرِفُ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ مَا اسْمِ أَبِيهِ.
 مِثَالٌ أَخَرٌ: حَدِيثٌ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا»( ) رَوَاهُ ابْنُ عُمَرَ، والرَّاوِي عَنِ ابْنِ عُمَرَ نَافِعٌ وَعَنْ نَافِعٍ عُبَيْدُ اللّهِ وَعَنْ عُبَيْدُ اللّهِ ابْنُ أبِي زَائِدَةَ، كَيْفَ الَّذِي رَوَى عَنْ نَافِعٍ عُبَيْدُ اللّهِ، يَعْنِي ابْنُ أبِي زَائِدَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللّه عليه وَسَلَّم «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ» الرَّاوِي عَنْ نَافِعٍ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ وَالرَّاوِي عَنْ نَافِعٍ عُبَيْدُ اللّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ عُبَيْدِ اللّهِ بْنِ أبِي زَائِدَةَ، نَافِعٌ مَوْلى ابْنُ عُمَرَ، زَائِدَةُ اسْمُهُ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أبِي زَائِدَةَ، إِحَالَةُ يَحْيَى بْنِ زَكَرِيَّا بْنِ أبِي زَائِدَةَ فِي الحَدِيثِ 171 نَعَمْ قَدْ عِزَا هَذَا الحَدِيثَ إِلَى مُسْلِمٍ وَأَبِي دَاودَ مُسْلِمٍ فِي البُيُوعِ 14، الحَدِيثُ رَقْمُ 18 وَأَبَو دَاودَ 19
لَفْظُ الحَدِيثِ «نَهَى عَنْ بَيْعِ الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ» عِنْدَكُمْ فِي «التُّحْفَةِ» مَكْتُوبٌ النَّخْلُ، هَذَا يَدُلُّكُمْ أَنَّ المِزِّيَّ يَتَصَرَّفُ بِالمَتْنِ بِاخْتِصَارٍ.
يَسْألُ سَائِلٌ: إِذَا كَانَ الصَّحَابَةُ مُرَتَّبِينَ حُرُوفًا أَبْجَدِيَّةً فَأَيْنَ الكُنَى؟
قُلْنَا لَهُ: لَوْ كَانَ الصَّحَابِيُّ أبُو مَوسَى أَوْ أبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ كَيْفَ أَعْرِفُ اسْمَهُ؟
أَقُولُ لَكَ: المِزِّيُّ رحمه اللّه إِذَا جَاءَهُ مِنْ مَوْضِعِهِ فِي الكُنَى ذَكَرَهُمْ ثُمَّ وَضَعَ كَلِمَةَ يُسَاوِي وَرَجَعَكَ عَلَى الأَسْمَاءِ. وَسَأُبَيِّنُ لَكُمْ: يَقُولُ مَثَلاً:
أَبُو الدَّرْدَاءِ يُسَاوِي عُوَيْمِرٌ.
 أَبُو جُحَيْفَةَ يُسَاوِي وَهَبٌ.
يَعْني تَرْجِعُ إِلَى حَرْفِ الوَاوِ، تَرْجِعُ بِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ، والقَاعِدَةُ الَّتِي ذَكَرْتُهَا لَكَ، الصَّحَابِيُّ المَشْهُورُ والتَّابِعِيُّ المَشْهُورُ بِكُنْيَتِهِ وَلَمْ يُخْتَلَفْ فِي اسْمِهِ مَثْلَ عَبْدِ اللّهِ بْنِ قَيْسٍ أَوْ أبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ أَوْ غَيْرُهُمْ، يَذْكُرْهُمْ فِي الأَسْمَاءِ.
لاحِظْ أبُو ذَرٍ اسْمُهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَا يُعْرَفُ فَذَكَرَهُ بِالكُنَى أَبُو ذَرٍ مَا حَقَّقَ الِاسْمَ، حَقَّقَ الكُنْيَةَ جَاءَ بِهِ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْروفٍ اسْمُهُ تَحْدِيداً وَجَعَلَه بِالكُنْيَةِ هَؤُلَاءِ أَبُو خَمِيرٍ أَبُو الحَمْرَاءِ كُلُّ هَذِهِ كُنَاهُمْ مَضْبُوطَةٌ مَشْهُورِينَ وَلَا تُعْرَفُ أَسْمَاءُهُمْ، لَكِنْ أَبُو الدَّرْدَاءِ اسْمُهُ عُوَيْمِرٌ فَوَضَعَهُ فِي حَرْفِ العَيْنِ وَهَكَذَا، الحَدِيثُ لَيْسَ بِالضَّرُورَةِ أَنَّهُ يَكُونُ نَفَسَ اللَّفْظِ لِمَاذَا؟
إِذَا كَانَ السِّنْدُ صَوَابًا تُقَدِّمُ بَابَيْنِ أَوْتُأَخِّرُ بَابَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةَ أَبْوَابٍ لَا تَنْشَغِلَ بِالمَتْنِ، عَلَيْكَ بِالسَّنْدِ الآنَ قُلْتُ حَتَّى تَعْرِفَ الإِجَابَةَ أَوِ الوُصُولَ الصَّحِيحَ لَا بُدَّ أَنْ تَصِلَ إِلَى نَفْسِ السَّنَدِ الَّذِي أَعْطَاكَ إِيَّاهُ كَيْفَ إِذَا لَمْ تَعْرِفَ الرَّاوِي عَنِ الصَّحَابِي، إِنْ كَانَ الصَّحَابِيُّ غَيْرَ مُكْثِرٍ وَهُمْ أَكْثَرِيَّةٌ مِنَ الصَّحَابَة تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَعْمِلَ «التُّحْفَةَ» بِفَوَائِدَ كَبِيرَةٍ جِداً أَمَّا إِنْ كَانَ الصَّحَابِيُّ مُكْثِرًا فَلَا بُدَّ أَنْ تَعْرِفَ الرَّاوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ وَفِي أَحْيَانٍ لَا بُدَّ أَنْ تَعْرِفَ مَنِ الرَّاوِي عَنِ الرَّاوِي عَنِ الصَّحَابِيِّ وَفِي أَحْيَانٍ قَلِيلَةٍ كَمَا هُنَا تَحْتَاجُ أَنْ تَعْرِفَ مَنِ الرَّاوِي عَنِ الرَّاوِي عَنِ الرَّاوِي عَنِ الصَّحَابِي، كَيْفَ تَعْرِفُونَ هَذَا الإِسْنَادَ؟
هَذَا السُّؤَالُ سَأَلَهُ كَثِيرٌ مِنَ الإِخْوَانِ: مَا اخْتَلَفْنَا هَذَا مَوْضُوعٌ مُهِمٌّ لَكِنْ كَيْفَ أَعْرِفُ الإِسْنَادَ؟ كَيْفَ أَعْرِفُ أَن الرَّاوِي فُلَانٌ بْنُ فُلَانٍ؟
أَقُولُ: فِي هَذِهِ الحَالَةِ لَا بُدَّ أَنْ تَسْتَعْمِلَ طَرِيقَةً مِنْ طُرُقِ التَّخْرِيجِ الأَرْبَعَةِ السَّابِقَةِ، وَتُخَرِّجُ الحَدِيثَ مِنْ خِلالِهَا، فَإِذَا وَصَلْتَ مَثَلاً إِلَى فَهَارِسِ قَواعِدِ أَحَادِيثِ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» وَجَدْتَ حَدِيثَ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ»، تَبْحَثُ بِالإِسْنَادِ هَذَا عَلَى «التُّحْفَةِ» يُحِيلُكَ إِلَى كُتُبٍ أُخْرَى فِي بَرْنَامَجٍ فِي الحَاسِبِ الآلِّي وَقَدْ طَبَعَتْهُ مُؤَسَّسَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَن ِالفِرْيَانِ رحمه اللّه الخَيْرِيَّةُ، يَعْنِي تَبَرَّعَ بِهِ أَبْنَاءُهُ يُوَزِّعُونَهُ مَجَّاناً، بَرْنَامَجٌ حَاسُوبِيٌّ لَكِنِ الإِشْكَالِيَّةُ فِي أَنَّهُ يَخْدُمَ «التُّحْفَةَ» فَقَطْ، تَكْتُبُ اسْمَ الإِسْنَادِ أَوْ تَكْتُبُ المَتْنَ وَتَضْغَطُ عَلَى زِرٍّ يَخْرُجُ لَكَ الَّذِي فِي «التُّحْفَةِ» وَيُعْطِيكَ الإِحَالاتِ دَقِيقَةً، وَلَيْسَ فِيهَا إِشْكَالٌ لَكِنْ أَقُولُ: وَإِنْ كَانَ البَرْنَامَجُ طِيِّبٌ وَجَزَى اللّهُ خَيْرًا مَنْ سَاهَمَ فِي نَشْرِهِ، لَكِنِ البَرَامِجُ الحَاسِبِيَّةُ الأُخْرَى تُغْنِي عَنْ هَذَا البَرْنَامَجِ فِي وِجْهَةِ نَظَرِي مَا هَذَا بِذِي أَهَمِّيَّةٍ بَالِغَةٍ لَكِنْ مَنْ يُرِيدُ هَذِهِ النُّسْخَةَ فَلْيَحْتَفِظْ بِهَا، فَإِنَّهَا مُفِيدَةٌ تَسْتَفِيدُ مِنْهَا فِي الثَّلَاثِ مَشَاكِلٍ.
 «التُّحْفَةُ» عَلَى كُلِّ حَالٍ فِيهَا بَعْضُ الإِشْكَالاتِ وَالإِشْكَالُ الأَكْبَرُ فِي الوصُولِ لِلْكُتُبِ وَأَنَا لَا أُرِيدُ أَنْ أُدْخِلَكُمْ فِي بَعْضِ القَضَايَا الصَّعْبَةِ قَلِيلًا هِي تُشَكِّلُ 4% مِنَ الكِتَابِ، لَكِنْ مَعَ الوَقْتِ أَنَتَ تَسْتَفِيدُ مِنْهَا، كَيْفَ تَسْتَفِيدُهَا؟
تُحَاوِلُ أَنْ تُخَرِّجَ خَمْسَ أَمْثِلَةٍ، عَشَرَةَ أَمْثِلَةٍ، عِشْرِينَ مِثَالاً، سَتَجِدُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الأَمْثِلَةِ فِيهِ إِشْكَالٌ، إِتَّصِلْ عَلَيَّ، أَوْ عَلَى أَيِّ شَخَصٍ مُخْتَصِّ، يُوَضِّحُ لَكَ مَا هَوَ الإِشْكَالُ، وَكَيْفَ تَحُلُّهُ.
مِثْلُ الخَطَأِ الَّذِي نَبَّهْنَا عَلَيْهِ أَنَّ نَافِعًا لَمْ يَكُنْ يَحْمِلُ نَجْمَةً وَكَانَ يَحْمِلُ نَجْمَتَيْنِ، فَالخَطَأُ هَذَا لَا يُمْكِنُ أَنْ تَقَعَ فِيهِ مَرَّةً ثَانِيَةً وَبِالطَّرِيقَةِ هَذِهِ تَتَفَادَى شَيْئاً كَثِيرًا بِإِذْنِ اللّهِ.
بِهَذَا نَكُونُ انْتَهَيْنَا مِنَ الأَمْثِلَةِ.
أُحِبُّ أَنْ أُنَبِّهَ الإِخْوَانَ أَن أَحَدَكُمْ تَكَلَّمَ عَنْ مَسْأَلَةِ التَّصْوِيرِ مَرَّةً أُخْرَى وَأَنَا قُلْتُ لَكُمْ: وَاللَّهِ أَنَا كَارِهٌ، وَأَوَّلُ مَرَّةٍ فِي حَيَاتِي أُصَوِّرُ، وَحَتَّى أَبْنَائِي يَعْرِفُونَ أَنَّنِي لَا أُصَوِّرُ وَلَا بِالجَوَّالِ، لَكِنِ الأِخْوَةُ لَهُمْ وِجْهَةُ نَظَرٍ.
وَبِالمُنَاسَبَةِ أَهْدَانِي أَحَدُ الأِخْوَةِ طَلَبَةُ العِلْمِ بِالأَمْسِ كِتَابًا، وَكُنْتُ أَقَرَأُهُ وَأَنَا أُرَاجِعُ فِي السَّيَّارَةِ، أَقَرَأُ الفَوَائِدَ مِنْ كَلَامِ شَيْخِنَا ابْنِ بَازٍ فَكَانَ مِنْ ضِمْنِ الفَوَائِدِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّصْوِيرِ؟
فَقَالَ لَا بَأْسَ بِالتَّصْوِيرِ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ فِيهِ مَا هِيَ بِثَابِتَةٍ، وَخَاصَّةً إِذَا كَانَ فِيهَا مَصْلَحَةٌ لَا بَأْسَ بِهِ، لَا حَرَجَ فِي ذَلِكَ. كَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ بَازٍ، وَالكِتَابُ مَوْجُودٌ، فَتَاوَي الشَّيْخِ رحمه اللّه، وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنِ الشَّيْخِ فِي آخِرِ سِنِينِ عُمُرِهِ، كَانَ يَقُولُ المَصْلَحَةُ تَقْتَضِي ذَلِكَ لَا حَرَجَ، خَاصَّةً أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ صُوَرٌ تُرَى، لَيْسَ فِيهِ صُوَرٌ يَرَاهَا الرَّائِي، هَذَا رَأْيُ شَيْخِنَا رَحْمَةُ اللّهِ عَلَيْهِ.
السُّؤَالُ: كَيْفَ تَقُولُ يَا شَيْخُ إِنَّ صَاحِبَ «فَتْحِ البَارِي» إِذَا أَتَى بِحَدِيثٍ وَلَمْ يَتَكَلَّمْ عَنْهُ إِنَّهُ يَكُونُ حَدِيثًا أَقَلَّ أَحْوَالِهِ أَنَّهُ حَسَنٌ، إِنَّهُ يَحْتَجُّ بِهِ؟
 الجَوَابُ: أَنَا مَا أَقُولُ أَنِّي أُحَسِّنُهُ وَلَا يُحَسِّنُهُ العُلَمَاءُ الآخَرِينَ، أَقُولُ إِنَّ ابْنَ حَجَرٍ التَزَمَ أَنْ لَا يَأْتِي بِحَدِيثٍ إِلَا وَهُوَ مُحْتَجٌّ بِهِ، فَإِذَا وَجَدْتَ حَدِيثًا سَكَتَ عَنْهُ ابْنُ حَجَرٍ فَعَلَى شَرْطِهِ الَّذِي شَرَطَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِهِ، واللَّازِمُ أَنْ تَقُولَ أَنَّ ابْنَ حَجَرٍ احْتَجَّ بِهِ، أَمْ لَا يَلْزَمُ ابْنَ حَجَرٍ سَكَتَ عَنْ أَحَادِيثٍ هِي وَاهِيَةٍ فِيهَا ضَعِيفَةٌ لَكِنْ أَنَا ذَكَرْتُ هَذَا الكَلَامَ فِي مَعْرِضِ كَلَامِي عَنْ فَوَائِدِ التَّخْرِيجِ وَأَنَّكَ مِنْ خِلَالِهِ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَفِيدَ، تَعَرِفُ التَّصْحِيحَاتِ للْأَئِمَّةِ عَلَى الأَحَادِيثِ.
السُّؤَالُ: هَلْ يُمْكِنُ الاسْتِدْلالُ بِالحَدِيثِ الضَّعِيفِ؟
الجَوَابُ: القَوْلُ الحَقُّ عِنْدَ أَئِمَّةِ السُّنَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الاسْتِدْلالُ بِالحَدِيثِ الضَّعِيفِ.
السُّؤَالُ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِوُجُودِ كُلِّ الأَطْرَافِ أَنْ نَأْتِي كُلَّ الكُتُبِ المَوْجُودَةِ بِالأَطْرَافِ؟
 الجَوَابُ: نَعَمْ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ نَفَسِ الكُتُبِ.
السُّؤَالُ: لَوْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى كِتَابٍ وَاحِدٍ فِي التخريجِ، يَأْخُذُ «المُعْجَمَ» مثلاً أَوِ «التُّحْفَةَ» مَثَلاً أَو ما إِلَى ذَلِكَ، فَهَلْ هَذَا يَكْفِي؟
 الجَوَابُ: نَعَمْ يَكْفِي إِلَى حَدٍّ ما، لَكِنْ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَجْمَعَ الفَوَائِدَ كُلَّهَا وَيَقِفُ عَلَى أَحَادِيثٍ فِي كُتُبٍ كَثِيرَةٍ أَوْ شُرُوحٍ كَثِيرَةٍ فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى هَذِهِ الكُتُبِ كُلِّهَا.
السُّؤَالُ: نَحْنُ طُلَّابُ العِلْمِ فِي حَاجَةٍ مَاسَّةٍ إِلَى البَرَامِجِ الإِلِكْتُرُونِيَّةِ وَالمَوْسُوعَاتِ الحَدِيثِيَّةِ الآنَ، لَا سِيَّمَا كَثِيرٌ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ وَالبَاحِثِينَ يَعْتَمِدُونَ عَلَيْهَا فَلَا بُدَّ مِنَ الإِشَارَةِ لَهَذِهِ البَرَامِجِ حَتَّى نَعْلَمَ مَا هُوَ الجَيِّدُ والرَّدِيءُ، وَاللَّهُ يَحْفَظُكُمْ وَيَرْعَاكُمْ.
الجَوَابُ: البَرَامِجُ الحَاسُوبِيَّةُ كَثِيرَةٌ فِي السَّوقِ، أَشْهَرُهَا بَرَامِجُ مَوْسُوعَةُ الالفِيَّةِ مَكْتَبَةُ التُّرَاثِ، هَذِهِ مِنْ أَشْهَرِهَا وأَيْضًا مَوْسُوعَةُ حَرْفٍ الكُتُبُ السِّتَّةُ الَّتِي كَانَتْ صَخْرٌ سَابِقاً، وأيْضاً مَوْسُوعَةُ العَرِيسِ، وَمَوْسُوعَةُ هِبَةُ الجَزِيرَةِ، وَمَوْسُوعَةُ الآفَاقِ لِلْبَرْمَجِيَّاتِ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي مِصْرَ أَخِيراً، وَمَْوسُوعَةُ المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ، وَهُنَاكَ أَيْضًا مَوْسُوعَاتٌ أُخْرَى مَوْجُودَةٌ لَكِنْ لَيْسَتْ بِالحَجْمِ الكَبِيرِ، كُلُّ مَوْسُوعَةٍ لَهَا مَيْزَةٌ وَلَهَا سَلْبِيَّةٌ، لَنْ أَسْتَطِيعَ أَنْ أُلَخِّصَ لَكُمْ هَذَا فِي لَحَظَاتٍ.
سَأُعْطِيكَ أَمْثِلَةٌ قَدْ وَقَفْتُ عَلَيْهَا، إِنِّي أَطْلُبُ تَخْرِيجَ وَيُوجَدُ فِي مَوْسُوعَةٍ وَتُوجَدُ بِنَفَسِ الكَلَامِ فِي غَيْرِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ تَفَاوَتٍ فِي العَمَلِ، كَمَا تَفَاوَتَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» و«مُفْتَاحِ كُنُوزِ السُّنَّةِ» فِي الدِّقَّةِ. الأَخْطَاءُ المَطْبَعِيَّةُ كَثِيرَةٌ فِيهَا أَيْضًا.
أَنَا عِنْدَمَا أَوْصِي لِطُلَّابِ العِلْمِ بِمَوْسُوعَةِ المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ، فِيهَا عَيْبٌ كَبِيرٌ، أَنَا أُرِيدُ لِلْبَاحثِ أَنْ يَرَى المَعْلُومَاتِ أَيْنَ مَوْجُودَةٌ مَوْسُوعَةُ المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ مَيْزَتُهَا أَنَّهَا وَقْفِيَّةٌ مَجَّانِيَّةٌ وَفِيهَا كُتُبٌ كَثِيرَةٌ جِداً وَتَخْدُمُ أَهَمَّ الكُتُبِ الحَدِيثِيَّةِ، وَهِي مَوْجُودَةٌ عَلَى عَدَدٍ مِنَ المَوَاقِعِ، مِثْلَ: مُلْتَقَى أَهْلِ الحَدِيثِ وَغَيْرِهِ، وَتُوَزَّعُ أَقْرَاصٌ مَجَّانِيَّةٌ أَيْضًا، أَنَا أَنْصَحُكُمْ بَادِرُوا بِالإِسْتِفَادَةِ مِنْهَا، لَكِنْ فِيهَا عَيْبٌ كَبِيرٌ وَهُوَ أَنَّ البَاحِثَ الَّذِي يُرِيدُ إِحَالَةً إِلَى الصَّفَحَاتِ والأَجْزَاءِ لَا يَسْتَطِيعُ الوصُولَ إِلَى الأَجْزَاءِ وَالصَّفَحَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ أَحَالُوا إِلَى الكُتُبِ الإِلِكْتُرُونِيَّةِ مَبْذُولَةً فِي السَّاحَةِ العَالَمِيَّةِ لِلإنْتَرْنِتْ، بَيْنَمَا مَوْسُوعَةِ التُّرَاثِ مَثَلاً لِلالفِيَّةِ اعْتَمَدُوا عَلَى المَطْبُوعَاتِ، فَأَنْتَ مِنْ خِلَالِ رُجُوعِكَ إِلَى الالفِيَّةِ، تَسْتَطِيعُ الرُّجُوعَ إِلَى المَطْبُوعَاتِ بِنَفَسِ الرَّقْم الَّذِي عِنْدَكَ، وَإِنْ كَانَتِ الأَخْطَاءُ عِنْدَهُمْ كَبِيرَةً جداً جداً جداً جداً الأَخْطَاءُ المَطْبَعِيَّةُ عِنْدَهُم لَا تَكَادُ تذْكرُ فِي الصَّفْحَةِ الوَاحِدَةِ كَيْفَ أَجِدُهَا بِالإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ التَّرْقِيمَ أَحْيَانًا فِيهِ أَخْطَاءٌ، تَرْقِيمُ الأَجْزَاءِ والصَّفَحَاتِ، خَسَارَةٌ، مِثْلَ مَوْسُوعَةُ الحَدِيثِ لِبَسْيُونِي زَغْلُول الَّتِي قُلْتُ لَكُمْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا مُهِمَّةٌ فِي الأَطْرَافِ النَّبَوِيَّةِ إِلَا أَنَّهَا كَثِيرَةُ الأَخْطَاءِ فِي الِانْتِفَاعِ بِهَا؛ وَلِأَنَّ الَّذِينَ عَمِلُوا فِيهَا كَثِيرِينَ وَكَانُوا يُنْزِلُونَ الكُتُبَ بِالمَاسِحِ الضَّوْئِيِّ كَمَا نَزَّلُوا الصُّورَ هَذِهِ وَتُعَالَجُ بِالحَذْفِ، هَذَا أَخَذُوا كُتُبًا مُحَقَّقَهً وَكُتُبًا غَيْرَ مُحَقَّقَةِ المُتَاحَةِ لَهُمْ هُمْ وَغَيْرِهِمْ، لَكِنْ حَتَّى الآنَ لِلأسَفِ الجِهَاتُ العِلْمِيَّةُ لَمْ تَقُمْ بِخِدْمَةِ السُّنَّةِ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ خِدْمَة عِلْمِيَّةً مُتَأَنِّيَةً، أَفْضَلُ هَذِهِ المَوْسُوعَاتِ بِدِقَّةِ الإِحَالَةِ وَقِلَّةِ الأَخْطَاءِ هِيَ مَوْسُوعَةُ حَرْفٍ لِلْكُتُبِ التِّسْعَةِ الَّتِي كَانَتْ تُسَمَّى صَخْرًا، وَأَنْصَحُكُمُ الآنَ بِاقْتِنَاءِ هَذِهِ النُّسْخَةِ، بَعْدَ الشَّامِلَةِ نُسْخَةُ حَرْفٍ لِلْكُتُبِ التِّسْعَةِ الَّتِي كَانَتْ تُبَاعُ سَابِقاً بِاسْمِ صَخْرٍ، اشْتَرَوْهَا مِنْهُمْ لِأَنَّهُ عَمَلَ عَلَيْهَا مَجْمُوعَةٌ مِنْ طُلَّابِ العِلْمِ وَدُقِّقَتْ وَحُرِّرَتْ إِلَى حَدِّ 95% مِنْهَا دَقِيقَةٌ جِداً، وَهِي مُطَابِقَةٌ لِلْكُتُبِ التِّسْعَةِ فِي الَّتِي خِدْمَةٌ فِي المَكْتَبِ مِنَ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ»، بِالإِضَافَةِ إِلَى أَنَّ فِيهَا مَيْزَةً أَنَّهَا صَوَّرَتْ شَجَرَةَ الإِسْنَادِ كَأَنَّ طَرِيقَةَ الإِسْنَادِ تَرْبُطُكَ بِالأَسَانِيدِ، تُعْطِيكَ تَرَاجِمَ لِلرُّواةِ،أَحْكَامٌ عَلَى الأَحَادِيث، فِيهَا فَوَائِدٌ كَثِيرَةٌ جِداً، فَأَنَا أَنْصَحُكُمُ الآنَ بَادِئَ ذِي بِدْءٍ بِاقْتِنَاءِ مَوْسُوعَةِ حَرْفٍ لِلْكُتُبِ التِّسْعَةِ بِالإِضَافَةِ إِلَى المَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ لِتَكْمِيلِ الفَائِدَةِ فَقَط.
وَإِنْ شَاءَ اللّهُ إِنْ فَتَحَ اللّه لَنَا وَلَكُمْ فِي الأَجَلِ وَأَعَانَنَا عَلَى أَنْفُسِنَا عَقَدْنَا دَوْرَةً لِمُدَّةِ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ عَرَضْنَا لَكُمْ نَمَاذِجَ بِالحَاسِبِ بِالشَّاشَةِ كَيْفَ تَسْتَفِيدَ مِنْ كُلِّ الأَشْيَاءِ، فِيهَا طُرُقٌ بَحْثِيَّةٌ رَاقِيَةٌ أَنَتَ تَقْدِرُ أَنْ تَبْحَثَ بِجَذْرِ الكَلِمَةِ بِأَوَّلِهَا، بِنُصُوصِ الصَّحَابِيِّ، بِطَرَفِ الإِسْنَادِ، تَبْحَثُ بِالعُنْوَانِ، تَبْحَثُ بِالمَوْضُوعِ، كَيْفَ تَسْتَفِيدُ مِنْهَا؟ كَيْفَ تَقُصُّ وَتَنَسَخُ عَلَى الوورْدِ؟ كَيْفَ تَرْجِعُ؟ كَيْفَ تُورِدُ مَلَفَّاتٍ فِيهَا خَدَمَاتٍ وَضَعْنَاهَا أَمَامَكَ لِأَنَّهَا مُفِيدَةٌ جِدًّا، تَسْتَطِيعُ أَنْ تَسْتَفِيدَ مِنْهَا، لَكِنْ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أشْرَحَهَا لَكُمْ فِي خَمْسِ دَقَائِقٍ وَلَا عَشَرَةٍ.
السُّؤَالُ: نَوَدُّ مِنْكُمْ ذِكْرَ بَعْضِ المُؤَلَّفَاتِ فِي فَهْرَسَةِ أَلفَاظِ القُرْآنِ الكَرِيمِ.
الجَوَابُ: لَيْسَ لِي عَلَاقَةٌ بِهَا.
السُّؤَالُ: هَلْ سُنَنُ النَّسَائِيِّ الكُبْرَى مَطْبُوعٌ أَمْ لا؟
الجَوَابُ: مَطْبُوعَةٌ.
السُّؤَالُ: هَلْ هُنَاكَ مَوَاضِعٌ لُوحِظَ عَلَى صَاحَبِ كِتَابِ «المُعْجَمِ المُفَهْرَسِ» مُخَالِفٌ فِيهَا قَوَاعِدَ الإِسْلَامِ؟
الجَوَابُ: اللّهُ أَعْلَمُ، وَإِنْ كَانُوا نَصَارَى وَهَمْ أَعْدَاءٌ لَنَا كَفَانَا اللّهُ شَرَّهُمْ، إِلَا أَنَّ اللّهَ أَمَرَنَا بِالعَدْلِ حَتَّى مَعَ أَعْدَائِنَا، وَالقُرْآنُ لَمَّا ذَكَرَ اليَهُودَ شِرَارَ الخَلْقِ قَالَ ﴿وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ﴾ وَيَقْصِدُ اليَهُودَ، وَإِنْ كَانُوا هُمُ الَّذِينَ فِي الزَّمَنِ النَّبَوِيِّ ﴿وَمِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ﴾( ) الشَّيْءُ الكَثِيرُ يَعْنِي يُؤَدِّيهِ إِلَيْكَ ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ﴾( ) إِلَيْكَ، قَسَمَهُمْ قِسْمَيْنِ ثُمَّ جَعَلَ القِسْمَ الثَّانِي قَسَمَهُ أَيْضًا قِسْمَيْنِ قَالَ ﴿إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِمًا﴾ بَعْضُهُمْ إِذَا الحَحْتَ عَلَيْهِ طَلَبَ الدَّيْنَ الَّذِيِ عَلَيْهِ يَدْفَعُ، وَبَعْضُهُمْ لايَدْفَعُ، انْظُرِ الدِّقَّةَ فِي العَدْلِ ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا﴾( ).
السُّؤَالُ: هَلْ أَكْثَرُ الحَدِيثِ الغَرِيبِ ضَعِيفٌ أَوْ مَظَنَّةُ الضَّعْفِ؟
الجَوَابُ: نَعَمْ الأَحَادِيثُ الغَرَائِبُ كَانُوا يَكْرَهُونَهَا، غَرَابَةَ اللَّفْظِ أَوْ غَرَابَةَ الإِسْنَادِ كُلَّهَا مَظَنَّةَ الضَّعْفِ.
بِالنِّسْبَةِ لِطَبَعَاتِ الكُتُبِ السِّتَّةِ كَثِيرٌ مِنْكُمْ يَسْأَلُ عَنْهَا، أَحَسَنُ طَبْعَةٍ لـ«صَحِيحِ البُخَارِي» هِيَ الطَّبْعَةُ السُّلْطَانِيَّةُ، لَكِنِ المُشْكِلَةُ أَنَّهَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ وَلَكِنَّهَا صُورَةٌ وَرَقْمُهَا رَجَلٌ اسْمُهُ: زُهَيْرُ النَّاصِرُ بِالمَدِينَةِ رَقْمُهُ صُورَةٌ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ، إِذَا اسْتَطَعْتُمُ الحُصُولَ عَلَيْهَا فَهَذِهِ أَفْضَلُ طَبْعَةٍ، أَرْبَعُ مُجَلَّدَاتٍ كِبَارٍ فَإِذَا لَمْ تَجُدُوا هَذِهِ فَخُذُوا النُّسْخَةَ الَّتِي رَقَّمَهَا مُحَمَّد فُؤَاد عَبْدِ البَاقِي فِي طَبَعَاتٍ أَفْضَلَ مِنْهَا طَبْعَةُ الغُلافِ القَدِيمَةِ هَذِهِ نَادِرَةٌ لَيْسَتْ مَوْجُودَةٌ أبدًا حَتَّى نَحْنُ لَمْ نَحْصُلْ عَلَيْهَا، «صَحِيحُ مُسْلِمٍ» أَوَّلُ نُسْخَةٍ الَّتِي اعْتَمَدَ عَلَيْهَا وَرَقَّمَهَا مُحَمَّد فُؤَاد عبْدِ البَاقِي مَطْبُوعَةٌ فِي أَرْبَعِ مُجَلَّدَاتٍ وَفِي آخِرِهَا فِهْرِسٌ مُجَلَّدٌ خَامِسٌ. ////«سنن الترمذي» مُصْطَفى البَابِي الحَلَبِيّ الَّتِي حَقَّقَ الجُزْءَ الأُوَلَ مِنْهَا وَالثَّانِي أَحَمَد شَاكِر وَالثَّالِثُ وَالرَّابِعُ مُحَمَّد فُؤَاد عَبْدِ البَاقِي والخَامِسُ إِبْرَاهِيم عَطْوَة، فَهِيَ خَمْسَةُ مُجَلَّدَاتٍ مُصْطَفى البَابِي الحَلَبِيّ طَبْعَةٌ مِصْرِيَّةٌ «سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ» هُنَاكَ نُسْخَةٌ تَحْقِيقُ عِزَّت عَبِيد وعَادِل السَّيِّد تَحْقِيقُهُمْ دَارُ المَأْمُونِ، عِبَارَةٌ عَنْ خَمْسِ مُجَلَّّدَاتٍ هِي جَيِّدَةٌ، ظَهَرَتْ نُسْخَةٌ لِمُحَمَّد عَوَّامَة أَيْضًا نُسْخَةٌ مُرَقَّمَةٌ وَجَيِّدَةٌ وَمَحَقَّقَةٌ «سُنَنُ النَّسَائِيِّ» نُسْخَةُ مَكْتَبَةِ إِحْيَاءِ التُّراثِ فِيهِ تَرْقِيمَاتٍ رَقَّمَهَا أبو غدَّة عَلَيْهَا التَّرْقِيمَاتُ تُفِيدُكُمْ فِي الكُتُبِ هَذِهِ وَقُلْنَا بِالنِّسْبَةِ لـ«سنن ابن ماجه» فَإِمَّا تَأْخُذُونَ نُسْخَةَ مُحَمَّد فُؤَاد عَبْدِ البَاقِي، تَرْقِيمُهُ مُجَلِّدَيْنِ لَكِنْ فِيهِ أَخْطَاءٌ حَقِيقَةٌ لَكِنْ مَيْزَتُهَا مُطَابِقَةٌ لِلأرْقَامِ المَوْجُودَةِ فِي الكُتُبِ، أَوِ الأَفْضَلُ تَأْخُذُونَ نُسْخَةَ بَشَّار عَوَّاد فِي «سنن ابن ماجه» أَظُنُّهَا مُجَلَّدَيْنِ.
السُّؤَالُ: نَرْجُوا أَنْ تَقُولَ لَنَا مَا هِيَ الجَمْعِيَّةُ السُّعُودِيَّةُ؟
الجَوَابُ: الجَمْعِيَّةُ السُّعُودِيَّةُ هِيَ جَمْعِيَّةٌ تُعْنَى بِنَشْرِ السُّنَّةِ وَخِدْمَةِ سُنَّةِ النَّبِي صلى اللّه عليه وسلم، قَائِمٌ عَلَيْهَا بَعْضُ الإِخْوَانِ الطَّيِّبِينَ يَلْتَمِسُونَ الأَجْرَ وَالثَّوَابَ مِنَ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ، أَعِينُوهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالنَّصِيحَةِ الَّتِي أَوْجَبَ اللّهُ عَلَى الجَمِيعِ وَبِالدُّعَاءِ لَهُمْ بِظَهْرِ الغَيْبِ بِالتَّثْبِيتِ والإِعَانَةِ.
السُّؤَالُ: كَيْفَ نَعْرِفُ نَفْسَ الصَّحَابِيِّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَمُخْتَلَفٌ فِيهِ مِثْلَ أَبِي ذَرٍ؟
الجَوَابُ: طَبْعًا هَذَا يَعْتَمِدُ عَلَى مَعْرِفَتِكَ بِأَسْمَاءِ الرُّوَاةِ، أَنَتَ إِذَا وَجَدَتَ أَيَّ مُشْكِلَةٍ تَرْجِعُ إِلَى كِتَابِ «تقريب التهذيب» لَابْنِ حَجَرٍ فِي مُجَلَّدٍ أَوْ إِلَى «الكاشف» لِلذَّهَبِي فِي مُجَلَّدَيْنِ وَفِي آخِرِ الكِتَابِ تَصِلُ لِفَصْلِ الكُنَى يَذْكُرُ لَكَ أَسْمَاءَ الكُنَى المَوْجُودَةُ فِي الكُتُبِ السِّتَّةِ كُلِّهَا، وَضَعَ لَكَ اسْمَهَا بِدُونِ أَيِّ إِشْكَالٍ، فِي أَيِّ كِتَابٍ مِنَ الكُتُبِ السِّتَّةِ وَجَدْتَ كُنْيَةً سَتَجِدُهَا فِي آخِرِ «التقريب» أَوْ آخِرِ «الكاشف» أَيُّ اسْمٍ فِي أَيِّ إِسْنَادٍ هَوَ تَابِعِيٌّ أَوْ تَابِعُ تَابِعِيٍّ أَوْ صَحَابِيٌّ تَجِدْهُ فِي هَذَا.
أَسْأَلُ اللّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِأَسْمَائِهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلْيَا أَنْ يَكْتُبَ لَنَا الأَجْرَ جَمِيعًا، وَأَنْ يَغْفِرَ لَنَا هَزْلَنَا وَخَطَئَنَا، وَيَهْدِينَا وَيَهْدِي بِنَا، إِنَّهُ جَوَادٌ كَرِيمٌ، وَصَلَّى اللّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَى عَبْدِهِ وَرَسُولِهِ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..