الجمعة، 25 نوفمبر 2011

الرد على الشبهة: البخاري قمة تسمو فوق الشبهات

بسم الله الرحمن الرحيم




أولا: الدقة العلمية للإمام البخاري

كثير من الناس لا يعلمون أن تدوين البخاري لكتابه الصحيح سبقه أكثر من مائة وعشرين عملا في تدوين الحديث لغيره من الحفاظ، على رأسهم أيوب السختياني، وسفيان الثوري، وابن جريج، ومعمر بن راشد، وابن طهمان، والليث بن سعد، وعبد الله بن المبارك، ووكيع بن الجراح، ومالك بن أنس، وأبو حنيفة النعمان، والشافعي، وأحمد بن حنبل، وغيرهم، ورغم أن هؤلاء الأعلام بذلوا غاية جهدهم في تدوين المصنفات الحديثية، إلا أن الله تبارك وتعالى كتب لصحيح البخاري الريادة والقبول بين جمهور المسلمين، ولابد لنا من تحليل هذه الظاهرة ومعرفة الأسس التي سمى بها صحيح البخاري على غيره من المصادر.


فالحديث له عدة طرق في التدوين:-


1. التبويب الموضوعي:
الذي يسهل على المسلم الوصول إلى الحديث الذي يتناول موضوعا معينا، وهذا يستوجب عمل تقسيم موضوعي يشمل الموضوعات التي تهم المسلم في دينه ودنياه.

2. ترتيب الأحاديث على المسانيد: بحيث يورد المصنف مرويات كل صحابي متتالية، يحاول من خلال هذا التبويب حصر مرويات كل صحابي ما أمكنه ذلك، وهذه الكتب تسمى المسانيد.

3. التصنيف حسب درجة الحديث: وهو نوع من التبويب حسب درجة الحديث، يندرج تحتها الصحاح، وكتب الأحاديث الموضوعة، وأيضا الضعيفة.

منهج البخاري في كتابه الصحيح:

1. رتب أحاديث كتابه الصحيح موضوعيا.

2. قصد الاقتصار في اختيار الأحاديث، وبالتالي لم يشترط استقصاء الأحاديث الواردة في الباب ، ولم يقصد جمع الأحاديث الصحيحةكلها كما سنذكره فيما بعد مؤكدا بأقواله هو.
3. اشترط صحة الحديث
4. اختار الرواة مشترطا العدالة.
5. اشترط اللقاء والسماع من كل راوي لشيخه في كل ما يختاره من أحاديث على اختلاف بين أهل العلم في هذا الشرط الأخير.


ثانيا: التقييم العلمي الحسابي لدقة البخاري في صحيحه

1. كيف اختار البخاري رجال صحيحه، وما هي مراتبهم؟

بعد أن حصرنا أسانيد صحيح البخاري، وترجمنا للرواة على مستوى أحاديث جوامع الكلم، قمنا بعمل الإحصائية التالية عن رجال صحيح البخاري،

عدد رواة صحيح البخاري في الأحاديث المسنده يبلغ 1675 موزعين كالتالي:
المرتبة --------الطبقة -------- العدد -------- النسبة المئوية %
الأولى -------- عدد الصحابة --------191 -------- 11 %
الثانية --------عدد الثقات الأثبات-------- 255 -------- 15 %
الثالثة -------- عدد الثقات --------912 -------- 54 %
الرابعة -------- الصدوق --------05 -------- 12 %
الخامسة-------- صدوق يخطئ -------- 33 -------- 2 %
السادسة -------- مقبول -------- 62 -------- 4 %
السابعة-------- مجهول الحال -------- 0 -------- 0 %
الثامنة -------- ضعيف -------- 15 -------- 8 %
التاسعة -------- مجهول -------- 2 -------- 1%


============================== =============

عدد الرواة دون الصحابة = 1675 – 191 = 1484 راوي
عدد الرواة الثقات = 255 + 12 = 1167 راوي
نسبة الثقات في رجال الصحيح = 1167 / 1484 = 78.6 %
نسبة العدول في رجال الصحيح = (1675 – 17) / 1675 = 98.9 %
عدد الرواة المجروحين = 15 + 2 = 17 راوي
عدد المجروحين في رجال الصحيح = 17 / 1484 = 1.14 %
نسبة المجروحين إلى جملة رواة الصحيح = 17 / 1675 = 1.01 %
1. كم تبلغ دقة البخاري بالنسبة إلى عدد الأحاديث
يبلغ عدد أحاديث صحيح البخاري = 7032 حديث
تبلغ جملة مرويات المجروحين = 23 حديث
دقة البخاري في اختيار الأحاديث = 7023 – 23 / 7023 = 99.6 %




2.هل لأحاديث المجروحين في صحيح البخاري متابعات؟

بالنظر إلى أسانيد الأحاديث التي رواها المجروحون، وعددها 23 حديثا، نجد أن 21 حديثا منها أورد له البخاري طريقا آخر، رجاله عدول،
وكأن البخاري يورد الحديث من الطريق القوي،
ثم يضيف إليه إسنادا يضم الراوي المجروح لبيان انتفاء العلة أو الضعف في رواية الراوي المجروح،
وهو بهذا يعزز مرتبة الراوي الضعيف، ولبيان أن الراوي الضعيف ليس معناه أن كل مروياته ضعيفة.


إذن لم يبق من 23 حديثا من أحاديث المجروحين سوى حديثين فقط ، وهما ليسا من أصول الكتاب.

وبذلك ترتفع دقة البخاري إلى (7023 – 2) / 7023 = 99.97 %

3. دراسة متن أحاديث المجروحين من رجال الصحيح

الراوي الأول: أبي بن العباس بن سهل بن سعد، ورتبته ضعيف، قال عنه علماء الجرح والتعديل الأقوال التالية:-

ابن حجر العسقلاني قال في التقريب : فيه ضعف
البخاري ليس بالقوي
الدارقطني ضعيف
الذهبي ضعفوه
أبو أحمد بن عدي الجرجاني يكتب حديثه، وهو فرد المتون والأسانيد
أبو بشر الدولابي ليس بالقوي
أبو جعفر العقيلي له أحاديث لا يتابع علي شيء منها
أبو حاتم بن حبان ذكره في الثقات
أحمد بن حنبل منكر الحديث
أحمد بن شعيب النسائي ليس بالقوي

يحيى بن معين ضعيف

وليس لأبي بن العباس في

صحيح البخاري سوى حديث واحد بلا متابعة، ونص الحديث هو:

حدثنا علي بن عبد الله بن جعفر حدثنا معن بن عيسى حدثنا أبي بن عباس بن سهل عن أبيه عن جده قال كان للنبي في حائطنا فرس يقال له اللحيف، قال أبو عبد الله وقال بعضهم اللخيف.

ليس لمتن هذا الحديث أي قيمة علمية تخص العقيدة أو العبادات أو المعاملات، أو الأخلاق والآداب، فهو يعرفنا اسم فرس للنبي ،
وربما لم يجد البخاري سوى هذا الحديث في باب اسم الفرس والحمار.

وهو ليس من أقوال النبي بل هو منسوب للصحابة
.


الراوي الثاني: أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني الواسطي،
ورتبته ضعيف، قال عنه علماء الجرح والتعديل:

ابن حجر العسقلاني قال في التقريب : ضعيف

أبو حاتم الرازي شيخ ليس بالمشهور
أبو حاتم بن حبان كان ممن يروي عن الثقات المقلوبات حتى إذا سمعها مَن الحديث صناعته لم يشك
أنها مقلوبة لا يجوز الرواية عنه لما أكثر من مخالفة الثقات فيما يروي عن الأثبات
أبو داود السجستاني ضعيف

يحيى بن معين لا أعرف حاله

وأبو مروان هذا له خمسة أحاديث رواها له البخاري، أربعة منها لها متابعات، ولم يبق إلا حديث واحد ليس لإسناده متابعات أخرى،

ونصه:

حدثني محمد بن حرب حدثنا يحيى بن أبي زكرياء الغساني عن هشام عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال ما تشيرون علي في قوم يسبون أهلي ما علمت عليهم من سوء قط وعن عروة قال لما أخبرت عائشة بالأمر قالت يا رسول الله أتأذن لي أن أنطلق إلى أهلي فأذن لها وأرسل معها الغلام وقال رجل من الأنصار سبحانك ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم".
"]
ومن المعلوم أن حادثة الإفك لها روايات متعددة كثيرة، وبالتالي فالحديث لا يقدم ولا يؤخر في قيمة صحيح البخاري ؛ لأن البخاري أورد حديث الإفك من طرق أخرى كثيرة في أعلى درجات الصحة ، وبتفصيل أكثر مما هو موجود في تلك الرواية الموجزة ،
فكأنه لم يوردها إلا بعد أن اطمأن إلى صحتها من الطرق الأخرى ،

والله أعلم .



رابعا: تحقيق هدف البخاري من صحيحه


لقد اختار البخاري اسما لكتابه الصحيح يعبر عن هدفه من تصنيفه الجامع،

وهذا الاسم هو: الجامع الصحيح المسند من حديث رسول الله وسننه وأيامه، وقد انتخب أحاديثه من بين مائة ألف حديث صحيح كان يحفظها، ضمن ستمائة ألف حديث.

إلا أنه لم يقصد حصر الصحيح من الأحاديث،
وقد قال البخاري: ما أدخلت في كتابي الصحيح إلا ما صح، وتركت من الصحيح حتى لا يطول".


كان الاعتبار الأول الذي يحكم تبويبه لكتابه الصحيح، هو تيسير وصول المسلم إلى الحديث الصحيح الذي يريده ليعمل به، وقد انعقدت نيته لتصنيف كتابه الصحيح عندما سمع شيخه إسحاق بن راهويه يقول لتلاميذه وبينهم البخاري: لو جمعتم كتابا مختصرا لصحيح سنة النبي .

ولما شرع في تصنيف صحيحه، اختار أعلى الرواة مرتبة، ثم اشترط في السند شرطا أساسيا، وهو سماع الراوي من شيخه، ثم قسم كتابه ليس على الكتب الفقهية كما في معظم كتب السنن،

وإنما أضاف إلى التبويب الفقهي مجموعة من الأبواب منها: التوحيد والمغازي والسير، والجهاد، الأخلاق والآداب،
كما أضاف كتابا يعد من أكبر كتبه وهو كتاب تفسير القرآن الكريم، كما أنه وضع عددا من الأبواب ولم يدرج تحتها أحاديث حيث لم يجد فيما يحفظ حديثا محققا لشروطه حتى يضمه إلى الصحيح.


وقد تتبع الدارقطني أحاديث صحيح البخاري، ووجه نقدا لثمانين حديثا ليست على شرط البخاري، وذلك في كتاب الإلزامات والتتبع، إلا أن ابن حجر درس أقوال الدارقطني،
وناقشها في هدي الساري، وصل إلى نتيجة صواب البخاري في كل منها ،
علما بأن انتقادات الدارقطني – رحمه الله – في مجملها لا تتعلق بصحة الحديث ،
وإنما يعترض على إيراده لها لأنها ليست على شرطه ، فيما يراه الدارقطني ،
وقد رد ابن حجر على ذلك كما ذكرنا .

ألف حديث صحيح، وقد أدخل في الصحيح ما يتجاوز سبعة آلاف حديث فقط، ويقول وتركت من الصحيح حتى لا يطول، يقول الشيعة أن البخاري ضيع بضعا وتسعين ألف حديث صحيح،

والجواب على ذلك:

إن ما تركه البخاري ليست متونا صحيحة، وإنما هي طرق رواية وأسانيد يحفظها تبلغ مائة ألف طريق لنفس المتون، والدليل على ذلك تصرف البخاري نفسه، فقد روى في صحيحه 2362 حديث، ذكرها فيما يزيد عن سبعة آلاف موضع، فالحديث الواحد في البخاري يتكرر ثلاث مرات في المتوسط، ولو كان البخاري يحفظ مائة ألف متن صحيح ليس فيها تكرار، فكيف يصنف كتابا جامعا شاملا يتضمن فقط 2 % مما يحفظ.

2. رب قائل يقول إن البخاري يحفظ مائة ألف متن ليس فيها تكرارات، وأنه ما أثبتها في الصحيح خشية الإطالة، والجواب على ذلك: أنه لو خشي الإطالة ما كرر أحاديث الصحيح، وكان الأولى أن يذكر سبعة آلاف متن صحيح من المائة ألف التي يحفظها، وبهذا تتضاعف فائدة كتابه ثلاثة مرات، عن أن يكرر المتن الواحد ثلاثة مرات.

3. ويصمم القائل على رأيه، فنقول له: لو كان رأيك صوابا فبرر لنا لم اكتفى بتدوين 2 % مما يحفظ في الجامع الصحيح، وما الذي منعه من تدوين باقي ما يحفظ وهو 98 % حسب زعمكم في مصنفات أخرى؟ خاصة وقد ترك لنا عددا من المصنفات في موضوعات أقل أهمية من الأحاديث التي يحفظها.

أيحرص على كتابة: "قرة العينين برفع اليدين، والقراءة خلف الإمام، والتاريخ الكبير، والتاريخ الصغير، والضعفاء الصغير،،،" .

4. ونزيد القائل بيانا فنقول: إن تلاميذ البخاري لا يحصون كثرة من المحدثين، فلماذا لم يمل عليهم ما حفظه وضاع حسب مزاعم الشيعة، ولماذا لم يسجل لنا أحدهم ما كان يحفظه شيخه البخاري من الأحاديث الصحيحة.

5. لماذا صنف الإمام مسلم وهو ممن تلقى عن البخاري صحيحه ويحصر نفسه في 60 % مما رواه البخاري في صحيحه، أما كان من الأجدر أن يصنف فيما يحفظه عن البخاري وهو صحيح، ولم يدونه البخاري في صحيحه.

6. لماذا صنف الترمذي أيضا كتابه السنن، ودون فيه نسبة تزيد على 40 % من أحاديثه أخرجها البخاري في صحيحه، ولا تكاد تخلوا صفحة من كتاب سنن الترمذي دون أن يرجع فيها لسؤال البخاري عن حديث أو رجل، فلماذا أعرض عما يحفظه البخاري من أحاديث صحيحة ولم يدرجها في صحيحة؟

ويمكن الرد على تلك الشبهة بما يلي :

1. إن مراد علماء الحديث عن عدد ما يحفظونه من أحاديث ليس متونا جديدة، وإنما هي طرق رواية لنفس المتون، وبالتالي فإن كثيرا من هذه الأعداد مكرر بكثرة الطرق دون المتون.
2. أنه خاف السآمة والملل وطول الكتاب وصعوبة حفظه وكبر حجمه فاكتفى بما أورد اعتمادا على جهود إخوانه من العلماء الآخريين التي وقف عليها يقينا مثل الموطأ والمسند لشيخه الإمام أحمد وغيرهما .
3. أن له آراء في الحكم على الأحاديث أورد بعضها الترمذي وأبو داود .

وفي النهاية لم يكن مطلوبا منه جمع السنة كلها في كتاب واحد فذلك أمر يضيق عنه جهد فرد واحد ، والله أعلم.



الشيخ أبو جهاد الأثري حفظه الله

موقع الإلوكة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..