الجمعة، 2 ديسمبر 2011

وصية محمد مهدي شمس الدين



باسمه تعالى
اللهم صل على محمد و آل محمد
أحبتي الأفاضل ، أحببت أن أنقل لكم وصية الإمام الراحل الشيخ محمد مهدي شمس الدين قدس سره ، وهي موجهة الى عموم الشيعة في مختلف الاوطان٠

أوصي أبنائي و إخواني
الشيعة الامامية في كل وطن من اوطانهم وفي كل مجتمع من مجتمعاتهم ، أن يدمجوا أنفسهم في أقوامهم وفي مجتمعاتهم وفي أوطانهم وأن لايميزوا أنفسهم بأي تمييز خاص وأن لا يخترعوا لأنفسهم مشروعاً خاصا يميزها عن غيرهم لأن المبدأ الأساس في الإسلام الذي أقره أهل البيت المعصومون عليهم السلام ، هو وحدة الامة التي تلازم وحدة المصلحة ووحدة الأمة تقتضي الإندماج وعدم التمايز.

وأوصيهم بألا ينجروا وألا يندفعوا وراء كل دعوة تريد أن تميزها تحت أي ستار من العناوين من قبيل إنصافهم ورفع الظلامة عنهم ومن قبيل كونهم أقلية من الأقليات لها حقوق غير تلك الحقوق التي تتمتع بها سائر الاقليات. إن هذه الدعوات كانت ولاتزال شراً مطلقا عادت على الشيعة باسوأ الظروف . الشيعة يحسنون ظروف حياتهم ومشاركتهم في مجتمعهم عن طريق إندماجهم في الإجتماع الوطني العام والإجتماع الاسلامي العام والإجتماع القومي العام ، ولا يجوز ولا يصح أن يحاولوا حتى أمام ظلم الأنظمة أن يقوموا بأنفسهم وحدهم بمعزل عن قوى أقوامهم بمشاريع خاصة للتصحيح والتقويم لأن هذا يعود عليهم بالضرر ولا يعود على المجتمع بأي نفع وقد جرت سيرة وسنة أهل البيت (عليهم السلام) على هذا النهج ووصايا الإمام الباقر والإمام الصادق وغيرهما من الأئمة (عليهم السلام) هي على هذا النهج ٠

فقد ظهرت في العقدين او العقود الاخيرة من السنين ظاهرة في دائرة الشيعة العرب بشكل خاص وبدائرة الشيعة بوجه عام وهي انشاء تكتلات حزبية سياسية بوجه خاص لغرض المطالبة بحقوق الشيعة او اظهار شخصية الشيعة او الدفاع عن حقوق الشيعة . وهذه التكوينات ء بحسب رصدنا لما الت اليه ء لم تؤد الى اية نتيجة تذكر بل ادت الى كثير من الازمات وعمقت الخوف والحذر وسوء الظن والتربص في انفس بقية المسلمين في المجتمع من خصوص طائفة الشيعة وسعت نحو عزلهم بشكل او باخر عن الحياة العامة وعن التفاعل مع نظام المصالح العامة . هذه التكوينات تارة يراد لها ان تكون تكوينات ثقافية محضة وهنا يجب الا يغلب عليها طابع المذهبية التمايزية وانما يجب ان تنطلق من رؤية وحدوية الى الامة تعتمد على الجوامع المشتركة وما اكثرها التي تجمع المسلمين فيما بينهم ولاتركز على خصوصيات التمايز وعلى خصوصيات التباين واما ان تكون تجمعات سياسية او اقتصادية وهذا الامر لايجوز في نظرنا ان يتم بوجه من الوجوه على الاطلاق. وقد ثبت بالتجربة ان التجمعات الشيعية المعاصرة من قبيل حزب الدعوة وغير حزب الدعوة لم تستطع ان تحقق لنفسها بعدا اسلاميا داخل الطوائف والمذاهب الاخرى وانما حققت في احسن الاحوال تعايشاً هشا مشوبا بالشك والحذر .

في هذا الصدد فان وصيتي الثابتة للشيعة العرب في كل وطن من اوطانهم وللشيعة غير العرب خارج ايران (ايران هي دولة قائمة بنفسها) اوصي الشيعة في كل مجتمع من مجتمعاتهم وفي كل قوم من اقوامهم وفي كل دولة من دولهم الا يفكروا بالحس السياسي المذهبي ابدأ والا يبنوا علاقاتهم مع اقوامهم ومع مجتمعاتهم على اساس التمايز الطائفي وعلى اساس الحقوق السياسية والمذهبية . المطلوب من الانظمة التي تضم مجموعات متنوعة ان تعترف بالهوية الدينية والمذهبية لكل مجموعة من المجموعات واما بالنسبة الى الموضوع السياسي فاكرر وصيتي الملحة بان يتجنب الشيعة في كل وطن من اوطانهم شعار حقوق الطائفة والمطالبة بحصص في النظام . واوصيهم وصية مؤكدة بالا يسعى اي منهم الى ان ينشء مشروعا خاصا للشيعة في و طنه ضمن المشروع العام لا في المجال السياسي او الاقتصادي او التنموي اوصيهم بان يندمجوا في نظام المصالح العام وفي النظام الوطني العام وان يكونوا متساوين في لائهم للنظام والقانون وللسلطات العامة المحترمة ترتكب مظالم بطبيعة الحال من بعض الانظمة في حق فئات الشيعة هذه المظالم يجب ان تدار وتساس بحكمة لا اوافق ولا ارجح ان تقوم حركات احتجاجية شيعية محضة كل حركة سياسية احتجاجية او مطلبية للشيعة تكون محققة يجب ان يبحثوا بكل السبل عن ان يكون لهم شركاء فيها من اقوامهم وشعوبهم والجماعات السياسية التي ينتمون اليها واكرر وصيتي لهم الا ينشئوا اية مواجهة امنية او سياسية مع اي نظام من الانظمة .

من الاخطار التي تحيق بوجود المسلمين الشيعة على مستوى الامة الاسلامية او على مستوى كل دائرة اقليمية ونتحدث خاصة على مستوى العالم العربي هو ايقاع الشيعة في هذا الفخ هو اشعارهم بانهم يمثلون اقلية في المسلمين وانهم مضطهدون هنا وهناك لانهم اقلية وان عليهم ان يجتمعوا وينظموا صفوفهم ويبلوروا مصالحهم على اساس انهم اقلية وان يستعينوا بالاجانب في الدول الاجنبية او بالمؤسسات التي انشأتها القوى العظمى في نطاق الامم المتحدة او غيرها لاجل رعاية ما يسمى حقوق الاقليات ونعلم انه منذ سنتين او ثلاث سنوات بدأت الولايات المتحدة تسن قوانين خاصة بها تعطيها السلطة والصلاحية للتدخل بصورة منفردة في هذه الحالات ومنها قانون حرية الاديان وما الى ذلك ومن هنا نحن وضعنا قاعدة نتمسك بها وهي ان الشيعة ليسوا اقلية في العالم الاسلامي وليسوا اقلية في الوطن العربي وكذلك هو شأن المسيحيين ايضا في العالم العربي لذلك فان اية دعوة لحماية الاقليات وانصاف الاقليات هي مخاطرة كبرى لايجوز السير فيها وينبغي التوقف عندها . وهنا قد تثار قضايا الاضطهاد والحرمان التي يتعرض لها الشيعة في كثير من اوطانهم في العالم العربي وغيره ونقول : نعم ان هذه المظالم موجودة وان هذا الحرمان موجود ولكن التغلب عليه لايكون بالاستجابة لدعوات حقوق الاقليات وانما يكون بالعمل السياسي الانساني الدائم لتوثيق عرق الاندماج بجميع سبل الاندماج في الحياة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية في اوطانهم وفي توثيق نظام المصالح العام وفي زيجات مختلطة وفي كل شيء يمكن ان ينشىء شبكة مصالح عامة للمجتمع يكون الشيعة جزأ من نسيجها لا ينفصم . وها نحن امام تجربة شيطانية نحاربها وتحاربنا فنرى كيف تعمل اسرائيل لتندمج مع محيطها ولتكون جزأً منه ولئلا تكون شاذة عنه فهي بعد جميع حروبها لجات اخيرا الى طريق الذي لاطريق غيره وهو الاندماج في نظام المصالح العام لكل وطن عربي ولمجموع الاوطان العربية لتكون جزأ لايستغنى عنه في عملية سيرورة الحياة والتنمية ٠وصيتي الى ابناء الشيعة في سائر العالم العربي وصيتي لهم الا يقعوا في هذا الفخ ابدأ وان يرفضوا اية دعوة لاعتبار انفسهم اقلية تحت اي اغراء من الاغراأت او سمة من السمات لانهم لن ينتفعوا اطلاقا بهذه الدعوة بل سيكونون سببا لاضعاف البنية الوطنية لكل مجتمع يجتمعون اليه ، وفي اضعاف وحدة الامة الاسلامية على المستوى العربي العام ، وعلى المستوى الاسلامي العام ٠

وبدل ان يحصوا على اعتراف منصف لوضعهم المذهبي او على انصاف سياسي في وضعهم السياسي فانهم في الاقل لن يربحوا شيئا وربما سيزداد وضعهم تأزماً لانهم بعملهم هذا سيخلقون مخاوف هواجس عند المسلمين الاخرين وسينظر اليهم وكانهم فئة موالية للاجنبي . هذه النقطة ارجو ان تكون موضع عناية واعتبار من كل ذوي الرأي في الشيعة في العالم العربي والاسلامي وانا اعلم واعرف ان هناك شخصيات قسم منها نحسن الظن به ونحترمه قد اندفعت في هذا التيار اما بداعي الغيرة على مصلحة الشيعة او بدواع اخرى لايخلو منها الدافع الشخصي دافع ايجاد منصة ووسيلة للدخول في العمل العام عن طريق هذا المشروع هذا الامر امل ان يعاد النظر به بصورة جذرية ولو بالدعوة الى مؤتمر مصغر لاجل ان تبحث فيه طريقة الخروج من هذا الفخ الذي بدأ بعضهم يقع فيه . ومن هنا فانا لا اميل اطلاقا بل ارفض انشاء جمعيات تحت شعار حقوق الانسان الشيعي او حقوق الشيعة او ما شابه ذلك وتسجيلها في مؤسسات منتمية ومتفرعة من الامم المتحدة واعطائها دوراً في ما يسمى الهيئات الحكومية وجعلها اداة في اثار المطالب هنا او هناك عند كل حادث من الحوادث هذه وصية اساسية ارجو ان تؤخذ بنظر الاعتبار. واما المظالم التي يتعرض لها الشيعة بين حين واخر سواء كانت على المستوى المذهبي ام على المستوى السياسي ، مستوى الحرمان السياسي فقد بينت في بعض الوصايا السابقة ، واكرر البيان الان ان العمل لها يكون بالمزيد من كسب ثقة الاخرين ومن تأكيد اسلامية الانتماء ومن تأكيد عدم وجود اي مشروع منفصل عن المشروع الوطني العام بكل مجتمع وعدم وجود نظام مصالح منفصلا عن نظام المصالح العام لكل مجتمع. هناك مشكلة لاتزال حية في بعض الاوساط المتعصبة في التيارات الوهابية وهي تعمق الموقف السلبي المذهبي هذا الامر يجب ان يواجه من جهة بالصبر ومن جهة بالاستعانة بالتيارات الاسلامية السنية المستنيرة والتي قطعت شوطا كبيرا في رؤيتها الاسلامية الصافية واعتقد ان هذا الامر ء بعد زمان قد يطول ولا اقول قصير ولكني لا اراه طويلا جدا هذا الى زوال وحينما نلاحظ ونقارن بين ما كانت عليه الحال قبل عقدين من السنين مثلا وما عليه الحال الان في جميع انحاء العالم الاسلامي بالنسبة الى نظرتهم الى الشيعة والى وضعهم المذهبي فسنجد فرقا واضحا بين الحالين وهو يشكل دليلا واضحا على الامور تسير باتجاه سليم وباتجاه الاعتراف بالوضع المذهبي للمسلمين الشيعة من جهة وبحقهم في الانصاف والعدالة في المجال السياسي وفي المجال التنموي من جهة اخرى ومن هنا فاننا نشجع بقوة على دعم اي بادرة يقوم بها اي نظام حكم في العالم العربي نحو الديمقراطية ونحو اقامة اي شكل من اشكال الشورى والا يطالب بالديموقراطية في صيغها العليا بل ان يسير الامر رويداً رويداً وان يحقق هذا النمو السياسي وهذا التكامل السياسي رويدا رويداً .

وتتمة لما قلنا نكرر مقولتنا الشهيرة على المستوى العربي وعلى المستوى الاسلامي وهي انه ء في منطقتنا العربية الاسلامية لاتوجد اقليات مسلمة ولاتوجد اقليات مسيحية توجد اكثريتان كبيرتان احداهما اكثرية كبيرة هي الاكثرية العربية التي تضم مسلمين وغير مسلمين والاخرى هي الاكثرية الاكبر وهي الاكثرية المسلمة التي تضم عربا وغير عرب والشيعة مندمجون في هاتين الاكثريتين وهم تارة من الاكثرية الاسلامية وكل شيء دون هذا فهو مشروع فتنة وفخ لاستخدام الشيعة في مصالح غربية اجنبية مخالفة لمصالحهم هم كشيعة ومخالفة لمصالحهم عربا ومسلمين٠

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الإيمان نصفان: نصف عقل ، و نصف نقل؛
وقد يعذر من لم يبلغه النقل ، أما من جحد عقله و سفه نفسه فلا عذر له !!؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..