شريف زايد
رئيس المكتب الإعلامي لحزب التحرير - ولاية مصر
مفارقة
عجيبة أن يغفل أصحاب المشروع الإسلامي عن مشروعهم، ليتفرغوا لإرضاء
أعدائهم، وتختفي بقدرة قادر حتى شعاراتهم. أليس لنا أن نتساءل أين شعار
الاسلام هو الحل؟
|
ميدل ايست أونلاين
|
بقلم: شريف زايد
|
إنه
لأمر مؤسف تلك الانتكاسة الفكرية التي أصابت ما يسمى برموز التيار
الإسلامي في بلاد الربيع العربي تونس ومصر، وكأنهم جميعا في سباق مع الزمن
لإرضاء أطراف داخلية وخارجية، يرون في إرضائهم أولوية كبرى من الالتفات إلى
قواعدهم الشعبية، التي حملتهم إلى مواقع القرار السياسي في بلادهم.فإذا
بنا نراهم على حالين، إما التوجه إلى القاعدة الجماهيرية بخطاب يختلف في
الأسس والمنطلقات الفكرية عن الخطاب الموجه للخارج، وإما التجاهل التام
لتلك القاعدة الجماهيرية التي تسلقوا على أكتافها ومن ثم جلسوا على الكراسي
الوثيرة مبهورين بما حققوا من إنجاز كان يوما صعب المنال.
ففي
تونس سمعنا ما قاله حمادي الجبالي رئيس الوزراء التونسي الرجل الثاني في
حزب النهضة أمام مجلس العموم البريطاني عن التحديات التي تواجه تونس
وإسهابه في إطراء الفكر الغربي لكي ينال رضا الإنكليز، فقال إن تونس تعمل
على إرساء دولة ديمقراطية تحافظ على الحريات الفردية والاجتماعية... وحقوق
المرأة. كما قال في منتدى دافوس حسب جريدة السفير اللبنانية في 28/1 "إن
مستقبل علاقات بلاده مع اسرائيل يحكمه التوصل الى حل القضية الفلسطينية".
كما
أدلى راشد الغنوشي زعيم الحركة بكلمة في معهد واشنطن لسياسات الشرق
الأدنى، أحد أبرز خزانات التفكير للمحافظين الجدد وجماعات الضغط الصهيوني
اليهودي في أميركا، وكان من أبرز ما قاله "أن الدستور التونسي الجديد لن
يتضمن أي مادة تمنع إقامة علاقات مع إسرائيل" وكذلك قوله "إن حل الصراع
الفلسطيني-الإسرائيلي يعود إلى الطرفين. أنا مهتم بتونس.....ومصلحتي هي
تونس". أليس هذا انتكاسا في المفاهيم لم نكن نقبلها من أشد الناس تطرفا في
التيار العلماني؟ فكيف ظن هؤلاء أنه يمكن أن تقبل شعوبهم هذا الكلام منهم
وهم من هم؟
هذا
غيض من فيض من رسائل التطمين الذي يبعث بها رموز التيار الإسلامي الذي
تصدى للعمل السياسي ليرعى شؤون الناس في تونس، الذي لا يختلف كثيرا عن توجه
نفس التيار في بلد الربيع العربي الثاني - مصر- بداية من الإخوان المسلمين
وانتهاء بحزب النور السلفي ومرورا بالجماعة الإسلامية. وكان آخر ما ظهر
لنا من هذه الإنتكاسة الفكرية ما صرح به عبود الزمر عضو مجلس شورى الجماعة
الإسلامية من أنهم يدرسون حاليا نظام الحكم الأفضل لمصر في الفترة الحالية،
مع ميل داخل قواعد الجماعة للنموذج الفرنسي في إعطاء صلاحيات لكل من
الرئيس والبرلمان في تسيير الحياة السياسية حسب ما نشرته جريدة المصريون في
31/12/2011. ولو نظرنا إلى هذه الزيارات المتكررة من الساسة الأميركان
للحكام الجدد في مصر لرأينا أننا ما زلنا نعيش في زمن النظام البائد الذي
كان رأس الحربة في المنطقة لتكريس المصالح الأميركية وبث الطمأنينة في قلوب
الإسرائيليين ومن يقوم بحمايتهم من دول الغرب وعلى رأسها أميركا. فبداية
من الرئيس الاميركي الأسبق جيمي كارتر، الذي التقى المرشد العام ونائبه
خيرت الشاطر، ومن ثم ويليام بيرنز مساعد وزيرة الخارجية الأميركية، ومن
بعده السيناتور جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية، وانتهاء بالسفيرة
الأميركية في القاهرة آن باترسون التي لا تهدأ في حركتها وجولاتها المكوكية
إلى المرشد العام، ورئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسي، والدكتور سعد
الكتاتني رئيس مجلس الشعب، وأخيرا الدكتور عماد عبدالغفور. ولا تفوتنا
الرسالة التي يتم إرسالها للعالم بعد كل لقاء من هذه اللقاءات الحميمية، من
أنهم يحترمون الإتفاقيات والمعاهدات التي وقعتها مصر في العهود السابقة.
وربما تناسى هؤلاء ما الذي جرته هذه الاتفاقيات على موقعيها بداية من
السادات وانتهاء بمبارك ومرورا بطغمته الحاكمة. ولا يفوتنا بهذا الصدد، تلك
المكالمة الكارثية التي أجرها يسري حماد المتحدث الرسمي لحزب النور مع
الصحفي العراقي "الاسرائيلي" الذي أفقدت الحزب مصداقيته عند قطاع كبير من
مناصريه.
كما
أننا قد نصاب بالصدمة اذا قرأنا ما كتبه ديفيد بولوك، زميل كوفمان في معهد
واشنطن، "عن الإخوان وازدواجية الخطاب" الذي أظهرها بشكل لافت للنظر من
متابعة حثيثة لما ينشره الإخوان على الصفحة الرسمية للجماعة باللغة
الانكليزية والذي يختلف بشكل كبير عما هو معلن على الصفحة العربية مثل ما
نشر تحت عنوان "الإسلاميون هم ديمقراطيون أفضل" و"الديمقراطية أحد أهداف
الشريعة" وكالحديث المستفيض عن الأقلية القبطية في مصر، وهو ما يشكل رسائل
تطمين للغرب. لقد تناسى هؤلاء أن الشعب هو الذي أجلسهم على هذه الكراسي،
وربما ظنوا أن من يبقيهم على تلك الكراسي موجود في الخارج.
إنها
ولا شك مفارقة عجيبة أن يغفل أصحاب المشروع الإسلامي عن مشروعهم، ليتفرغوا
لإرضاء أعدائهم، وتختفي بقدرة قادر حتى شعاراتهم، أليس لنا أن نتساءل أين
شعار الاسلام هو الحل؟ هل أصبحت الديمقراطية هي الحل في تلك اللحظة
التاريخية؟ أين عقيدة الولاء والبراء التي طالما حارب التيار السلفي خصومه
من أجلها؟
لو
التمسنا لهم الأعذار في بلاد الحجاز التي يصول ويجول فيها أعداء الأمة،
الذين قتلوا أبناء الامة بدم بارد في أفغانستان والعراق، على اعتبار فقه
طاعة ولي الأمر الذي لا يجوز الخروج عليه، فهل يمكن أن نلتمس لهم الأعذار
بعد أن أصبحوا أو كادوا أن يكونوا هم ولاة الأمور في بلادنا؟
لا
أجد مبررا لهم إلا أن يكونوا قد انقلبوا على مبادئهم من أجل أن ترضى عنهم
أميركا التي لن ترضى عنهم إلا بعد أن يخلعوا عباءة الدين، أو على الأقل
يكونوا مَلكيين أكثر من الملك، عفوا علمانيين أكثر من العلمانيين.
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..