|
|
لا للتدخل الاميركي في الشؤون الداخلية
|
|
|
كان
مايكل ماكفول في اليوم الثاني من وظيفته الجديدة كسفير أميركي في روسيا
الشهر الماضي حين قال التلفزيون الحكومي الروسي إنه في مهمة تهدف إلى الحض
على الثورة.
وما
دليلهم في ذلك؟ من ضمن الأسباب المذكورة عمل ماكفول في روسيا عام 1992
لصالح المعهد الديمقراطي الوطني وهو منظمة أميركية داعية للديمقراطية زعم
مذيع التلفزيون الروسي أنها "مقربة" من أجهزة المخابرات الأميركية.
وفي
مكان آخر بالعالم صعدت مصر مؤخرا عداءها القديم للمعهد الديمقراطي الوطني
وغيره من المنظمات الداعية للديمقراطية التي تمولها الحكومة الأمريكية إلى
مستوى جديد تماما.
فقد اقتحمت السلطات المصرية مقار المنظمات وفرضت حظرا على سفر 19 مواطنا اميركيا على الأقل. واحيلت القضايا إلى محكمة الجنايات.
وظلت
منظمات أميركية مثل المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي
وفريدم هاوس لعشرات السنين تروج للديمقراطية وحقوق الإنسان في أنحاء العالم
بداية من روسيا ودول سوفيتية سابقة حتى دول "الربيع العربي".
لكن بعض أنشطتها مثل مراقبة الانتخابات والمساعدة على تكوين أحزاب سياسية لا تلقى ترحيبا كاملا في الدول المضيفة.
ففي الدول التي لم يستكمل بها بعد التحول الديمقراطي يمكن أن تتقلص مساحة الترحاب كثيرا.
وغالبا
ما ترى حكومات في دول مثل مصر التي ما زال يحكمها عسكريون بعد عام من
انتفاضة شعبية أو روسيا التي يسيطر عليها فلاديمير بوتين لأكثر من عشر
سنوات الأنشطة الداعية للديمقراطية باعتبارها خطرا على سيطرتها على السلطة.
وقال
برايان كاتوليس وهو زميل كبير في مركز التقدم الأميركي للأبحاث وقد عمل
لحساب المعهد الديمقراطي الوطني في الضفة الغربية وغزة والقاهرة منذ عام
1995 وحتى عام 1998 "الأنظمة المستبدة لا يعجبها تقاسم السلطة مع شعوبها..
وهي تبحث عن أي مبرر لصرف الأنظار عن مشاكلها الداخلي".
وقال
خبراء إن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 الذي أثار حربا طائفية فتاكة
ومحاولات أميركية متخبطة لبناء نظام ديمقراطي في العراق سبب تراجعا في
الثقة العالمية بجهود الولايات المتحدة في الدعوة للديمقراطية.
وقال
بول أوبرين نائب رئيس قسم السياسة في منظمة الاغاثة الدولية أوكسفام
أميركا "في أفضل الظروف.. في افريقيا جنوب الصحراء على سبيل المثال.. كانت
الولايات المتحدة موضع ثقة نسبيا بسبب مشاركتها بعيدة النظر على كل جبهات
التنمية الثلاث.. الاقتصاد والسياسة والأمن".
وأضاف
"بعد أن أصبح جدول اعمالنا العام الخاص بالتنمية العالمية ذا مدى أقصر
ومسيسا لتحقيق مصالح وطنية أضيق.. مثلما حدث في العراق وأفغانستان.. قلت
الثقة في جدول اعمالنا الداعي الديمقراطية".
ويقول
بعض منتقدي المنظمات الأميركية الداعية للديمقراطية إن العداء من الممكن
أن يمتد الى خارج النظم الاستبدادية ليصل إلى الأشخاص العاديين الذين لا
يريدون من الأجانب أن يملوا عليهم كيفية التصرف في حياتهم.
وقال
بول سوليفان وهو أستاذ وخبير بشؤون الشرق الأوسط في جامعة جورج تاون
"المصريون دائما يرتابون في التدخل الأجنبي. في مصر يطلق على هذا التدخل
'اليد الخفية' أو 'الأصابع الخارجية'".
وأضاف
سوليفان "أي منظمة موجودة هناك للعمل على تطوير نظام التصويت والأحزاب
السياسية تجعل نفسها عرضة لتلك الريبة ومخاطر كبيرة وليس فقط من المحاكم
والشرطة".
وينفى كن وولاك رئيس المعهد الديمقراطي الوطني أن المعهد يتدخل أو يحاول إذكاء الثورات أو تغيير النظام في أي بلد.
وقال "نحن لا ندعم الثورة". مضيفا أن برامج المعهد كانت تهدف دائما إلى "دعم العملية الديمقراطية التي تعكس إرادة الناس".
وأردف
قائلا "يمكن أن يزعم الناس أن هذا تدخلا.. لكنه يستند إلى مبادئ معينة
أساسية" بما في ذلك الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي تبنته الأمم
المتحدة.
وقال
إنه في مصر "من الواضح أنه وقت حرج.. لكني أعتقد أننا نأمل أنه من خلال
هذه الفترة الصعبة تؤول الأمور في النهاية إلى حوار بناء بين السلطات
ومنظمات مثلنا".
وقال
السناتور جون مكين رئيس مجلس إدارة المعهد الجمهوري الدولي "هذه المنظمات
'الداعية للديمقراطية' لا تشير إلى أي نوع من القيادة أو أي نوع من
الانتخابات أو نتائج الانتخابات... لكنها تساعد في تسجيل الناخبين وفي
الحملات الانتخابية وفي الدساتير.. في كل الأمور التي تمثل أسس
الديمقراطية".
ومنذ
تأسيس المعهد الديمقراطي الوطني والمعهد الجمهوري الدولي في عهد الرئيس
الراحل رونالد ريغان عمل المعهد ان في اكثر من مئة دولة في انحاء العالم.
وتربطهما علاقات فضفاضة بالحزبين الأميركيين الرئيسيين لكنهما لا يتلقيان
التمويل منهما. أما منظمة فريدم هاوس فهي أقدم وتعود لأربعينات القرن
الماضي.
وتعرف
هذه المنظمات بأنها منظمات غير حكومية لكنها تتلقى تمويلا من الحكومة
الأميركية خاصة وزارة الخارجية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية. وعزز
هذا التمويل الحكومي في بعض الأحيان من اتهامها بأنها ذراع للحكومة
الأمريكية أو دمى في أيدي أجهزة المخابرات.
وقال
توماس كاروثرز وهو شخصية بارزة في مجال الدعوة للديمقراطية ينتمي لمؤسسة
كارنيجي للسلام الدولي إنه ابتداء من عام 2005 تقريبا ظهرت رد فعل عكسي في
بعض الدول خاصة روسيا ولكن أيضا في آسيا الوسطى والصين وأجزاء من افريقيا
وأمريكا اللاتينية.
وأضاف
كاروثرز "رد الفعل العكسي يبدو -جزئيا على الاقل- كرد فعل لمفهوم أكثر حدة
في الترويج للديمقراطية نتيجة لارتباطه الوثيق بغزو العراق".
واستند
إلى قول الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش إن حرب العراق "كانت تتعلق أساسا
بالترويج للديمقراطية.. وكذلك اعتقاد بعض الحكومات أن الثورات 'التي أطلق
عليها مسميات بالألوان' في جورجيا وأوكرانيا كانت نتيجة مساعدة أمريكية
لأطراف سياسية ومدنية في تلك الدول".
لكنه
أضاف أن المساعي الأميركية في جورجيا وأوكرانيا "كانت على أكثر تقدير
مساعدة متواضعة لأطراف سياسية محلية بذلت مجهودا كبيرا وخاضت المخاطر
بأنفسها".
وأصبح يطلق على الثورة في جورجيا الثورة الوردية وفي أوكرانيا الثورة البرتقالية.
وتهدد المواجهة الأميركية مع مصر بسبب طريقة تعاملها مع المنظمات الداعية للديمقراطية العلاقات الأمريكية القديمة مع القاهرة.
ويقول
الكونغرس وإدارة أوباما إن الخطر يهدد المساعدات العسكرية الأميركية لمصر
والتي تقدر بنحو 1.3 مليار دولار سنويا في السنوات القليلة الماضية.
ويشعر أعضاء الكونغرس بغضب بالغ إزاء المصريين ووصف السناتور جون كيري فكرة محاكمة أميركيين هناك بأنها "صفعة على الوجه".
ولم
يتم التوصل بعد إلى حل. لكن على المدى الأطول وبعد الأزمة مع مصر ربما
ترغب الولايات المتحدة في إعادة النظر في كيفية تمويل المنظمات الداعية
للديمقراطية وربما يكون ذلك من خلال توصيل الاموال إلى منظمات محلية في
الدول المعنية كما اقترحت جولي تيلور خبيرة العلوم السياسية بالشرق الأوسط
في مؤسسة راند.
وقالت
"مصر لديها منظمات المجتمع المدني وحقوق الإنسان الخاصة بها وهي فعالة جدا
وتعمل في القضايا ذاتها ولديها شرعية أكثر من المنظمات الأمريكية. ينتهي
الحال بوجود المنظمات الأميركية الى تقويض شرعية الأنشطة وأمن المنظمات
المحلية المعنية بحقوق الإنسان والترويج للديمقراطية في مصر".
وقال
كاروثرز إن المنظمات الاميركية الداعية للديمقراطية يمكن أن تبدد بعض
القلق في الدول المضيفة من خلال اتسامها بالشفافية لأكبر درجة ممكنة بشأن
عملها وعدم الانحياز لحزب عندما تعمل مع أحزاب سياسية تتنافس في عملية
انتخابية.
وأردف
قائلا "لكن في ظل التوترات المتأصلة بين حكومة شمولية او شبه شمولية
وأهداف المؤيدين الخارجيين للديمقراطية.. فمن المرجح أن تستمر الصراعات
بشأن مثل هذا العمل".
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..