إقبال التميمي
نهتم كإعلاميين وباحثين في مجال
التأثير على الجمهور من خلال الإعلام التقليدي ومواقع التواصل الإجتماعي،
بدراسة أشكال التواصل مع الجمهور. وهجرة التأثير من الصحافة التقليدية إلى
مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك
استرعت انتباهي الدراسات المتعلقة بعلاقة
المشاهير بالجمهور، ودوافع البعض لاستخدام شبكات التواصل الاجتماعي. في تلك
الدراسات اتضح أن دوافع المشاهير في أمريكا مادية بحتة. مثلاً يحصد
المشاهير على ما معدله 2500- 8000 دولار أمريكي عن كل تغريدة على “تويتير”
لأن تغريداتهم مرعية من شركات دعايات مدفوعة الأجر.
تقول الكاتبة لورين دوغان، إذا كنت
تعتقد بأن أسلوب حياة المشاهير منحط جدا، أدر وجهك إلى الناحية الأخرى لأن
هناك المزيد مما سيزيد غضبك، لأن المشاهير يكسبون الآلاف من الدولارات
لمجرد كتابة 140 حرف فقط، أو بالأحرى هم لا يكتبون، بل يحصدون المال بينما
يكتب أحد نيابة عنهم هذه الحروف القليلة.
مثال على ذلك ما نشرته مجلة نيويورك عن آخر ما لديها من نميمة حول استخدام المشاهير لتويتير.
وحسب ما جاء فيها فإن مشاهير مثل
عارضة الأزياء “كيم كاراداشيان” التي احتفت بها دبي مؤخراً وبشكل مبالغ
فيه، ومغني الراب “سنوب دوغ”، والممثل “تشارلي شين” يجنون الآلاف من
الدولارات ليس من خلال أعمالهم، بل عن طريق إرسال تغريدة أو اثنتين على
تويتير. لأنه اتضح أنهم يرسلون لمتابعيهم تغريدات مدفوعة الأجر تحت رعاية
شركات إعلانات تدفع لهم الآلاف من الدولارات مقابل كل تغريدة.
على سبيل المثال، يحصل مغني الراب
الأمريكي الشهير “سنوب دوغ” على ما لا يقل عن 8.000 دولار مقابل التغريدة
الواحدة، وله 6.4 مليون متابع، لذلك يعتبر ضمن النخبة العليا ممن يرسلون
بتغريدات على تويتير. بينما مصممة الرقص وكاتبة الأغنيات الشهيرة “بولا
عبدول” التي لها 2.2 مليون متابع تحصل على 5.000 دولار أمريكي عن كل
تغريدة. كذلك مصممة الأزياء والإعلامية الأمريكية “ويتني بورت” تكسب 2.500
دولار لأن عدد متابعيها على تويتير بلغ 800.000 شخص.
لكن هل يعقل أن يترك هؤلاء المشاهير
أنشغالاتهم ليطبعوا بضعة أحرف؟ بالطبع لا. اتضح أن المشاهير يتعاقدون مع
شركة “آد دوت إل واي”، وهي أكبر شركة متخصصة في ربط المشاهير بالشبكات
الاجتماعية على الانترنت، ، كما تربط هذه الشركة بين الأسماء الكبيرة في
مجال الإعلانات مع أسماء ذات شهرة في مجال الثقافة الشعبية. هذه الشركة
تقوم مثلاً بربط علامات تجارية شهيرة مثل “سي في إس” أو “شركة خطوط
الطيران الأمريكية” مع المشاهير ليكونوا صلة الوصل مع الجمهور المتهيء
بطواعية لتقبل ما يقوله هؤلاء المشاهير، لأنهم يحبونهم ويعتبرونهم
القدوة لأنهم نجومهم المفضلين ويتقبلون منهم بسهولة أي فكرة تسويقية.
معدل الأرباح التي يجنيها المشاهير من
كل تغريدة تتراوح بين 2.500 إلى 8.000 دولار أمريكي، إلا أن بعض المشاهير
يحصدون مبالغ أعلى بكثير. مثلاً في شهر آذار من العام الماضي ارتفع منسوب
الجنون على الشبكة العنكبوتية بعد تغريدة لـ”مايكل شين”، فكانت التغريدة
الأعلى ثمناً في تاريخ تويتير وكانت قيمتها 50.000 دولار أمريكي. كان محتوى
التغريدة عبارة عن دعوة للانضمام للتدريب في شركة “انتيرنشيب دوت كوم”.
وعلى إثرها تقدم ما يزيد عن 80.000 شخص للانضمام.
وكما يقول المثل “المال يجلب المزيد
من المال”. لو لم يكن هؤلاء مشاهير، ما كانت تغريداتهم لتجلب اهتمام أحد،
وما كانوا ليوظفوا من يغرد باسمهم ويزيد من أرصدتهم في البنوك دون حتى أن
يشاركوا في دعاية أو عمل. مجرد صدور التغريدة عن اسم أحدهم، هو أمر كاف
لتفقس أموالهم المزيد من الدولارات وهم نائمون ودون بذل أي مجهود.
بالنسبة للعالم العربي، كشفت دراسة
أعدها مركز “ومضة” للأبحاث الاقتصادية أن السعوديين هم الأكثر استخداما
لتغريدات تويتير في العالم العربي، وذلك بنسبة 38%، كما يتصدر السعوديون
قائمة المائة شخصية عربية الأكثر تأثيرا على “تويتر”. حسب الدراسة،
السعوديين هم أكثر المستخدمين العرب لموقع “تويتر” وبنسبة 38%، يليهم
المصريون بنسبة 30%، ثم الكويتيون بنسبة 13%، والإماراتيون بنسبة 7%،
والبحرينيون بنسبة 4%، والنسبة الباقية تتوزع بين الأردن ولبنان وقطر بنسبة
2%، والمغرب وسلطنة عمان بنسبة 1%.
أما من ناحية قائمة الـشخصيات العربية
الأكثر تأثيرا من خلال تويتير، احتل المرتبة الأولى في القائمة الشيخ
السعودي “سلمان العودة”، والذي حصل على 82 درجة على مؤشر “كلاوت”، ويبلغ
عدد من يتابعون تغريداته 625.147 مستخدما.
ومؤشر “كلاوت” هو موقع إلكتروني لا
يقيس فقط عدد المتابعين، ولكنه يقيس تأثير الشخص على الناس من خلال المواقع
الإلكترونية الاجتماعية، باستخدام 35 نوع من المقاييس بما فيها نشاطه على
موقعي “فيسبوك” و”تويتر” لقياس حجم تفاعل المتابعين للشخص، سواء بالاستماع
لما يقوله أو التفاعل مع تعليقاته، أو إعادة التغريدات الصادرة عنه، وتلقي
إشارات التعبير عن الإعجاب بما يقوله الشخص “المغرّد” والتعليق على ما
يقول، كما يقيس نقاط الشبكة التي تشير إلى مدى تأثير المشارك على جمهوره،
ثم يقيّم كل هذا ليمنح المستخدم علامة تقدير من
أصل 100 نقطة.
بالنسبة للشيخ العودة الذي لا يتقاضى
أجراً على تغريداته، ولا علاقة له بعالم شركات التسويق، علامة “كلاوت”
المتعلقة بمرتبته تعتبر عالية جداً بالمقارنة مع مشاهير عالميين. إذ حسب ما
نشرت نيوزداي في آذار من العام الماضي 2011 على لسان “جو فرنانديز” مؤسس
“يو إس ريب”، أن متوسط علامة “كلاوت” للفرد تكون عادة بحدود العشرينات، ومن
يحصل على علامة بالثلاثينات يدل على أنه مؤثر في الناس.
على سبيل المثال علامة ممثلة الكونغرس
عن منطقة نيويورك، “كارولين مكارثي” وصلت 41 على مؤشر كلاوت ، والموسيقار
الأمريكي الشهير “بيلي جويل” وصلت علامته على مؤشر “كلاوت” إلى 50، والمعلق
السياسي الشهير على شاشات التلفزيون، “بيل أورايلي” وصلت علامته على
“كلاوت” 67. وهذا باختصار يعني أن رجل الدين المحبوب، له تأثير على الناس
يفوق تأثير أي شخصية إعلامية مشهورة، أو فنان أو سياسي. وأن هذا التأثير
غاية في الخطورة. لذلك يجب أن يستغل للتأثير الإيجابي على الجمهور، خصوصاً
على جيل الشباب لأنهم الأكثر اهتماماً بتقنيات التواصل
الإلكتروني التي تعتمد اختصار الوقت وتوجّه المعلومة البسيطة بشكل سريع
دون عجن أو إطالة كما يحصل في الإعلام التقليدي. فهل ستتبنى المؤسسات
الإصلاحية العربية احتضان شخصيات محبوبة مثل الشيخ العودة ليتفرغ للإصلاح
عن طريق التغريد؟
إقبال التميمي – باحثة في مجال الصحافة وإعلام الاتصال الجماهيري
ع ق 1305
ع ق 1305
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..