الثلاثاء، 28 فبراير 2012

في الإلحاد : من "القصيمي"إلى"كشغري"وبينهما"الحمد" // محمود المختار الشنقيطي

في خضم هذا الجدل الدائر .. أو لنقل هذه القنابل التي تتفجر كل يوم .. ومن أخرها قنبلة"حمزة كشغري" ... في خضم كل ذلك لا يسع المسلم إلا أن يردد : اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك ..
قيل أن حمزة كشغري شاب غر أوغل في قراءة الفلسفة قبل أن يشتد عوده .. ومع ذلك فإننا تجربة عبد الله القصيمي تَمْثُلُ أمامنا .. وتعطينا مثالا لرجل قضى عمرا وهو ينافح عن
الإسلام السلفي أو "الوهابي"طالما  أنه ألف كتابا بعنوان (الثورة الوهابية) .. وهاجم الصوفية،مما نسبب في فصله من الأزهر .. كما رد بكتاب ضخم على كاتب شيعي .. وهذا الرجل الذي ألف عنه باحث ألماني كتابا بعنوان ( عبد الله القصمي : من أصولي إلى ملحد) {كتبت عن ذلك تحت عنوان،حين بدأ بعض كتابنا بتلميعه،وتحوليه إلى رمز،فكتبت"الرمز المارق"وقد عرض الأستاذ فؤاد أبو الغيث الكتاب عرضا مستفيضا،عبر رسائل مجموعة الدكتور عبد العزيز قاسم البريدية} وكان "القصيمي"قد هاجم الأستاذ محمد حسين هيكل،منتقدا كتابه (حياة محمد) ومن انتقاده أن المؤلف كتب عن النبي – صلّ الله عليه وسلم -  كرجل دولة وقائد عسكري ولم يكتب عن الناحية العظمى في حياته وهي كونه مبلغا عن الله سبحانه وتعالى.
إذا نحن أمام حالتين متناقضتين .. والنتيجة واحدة .. أو نتيجة واحدة .. لحالتين متناقضتين .. الحالة الأولى رجل رسخت قدمه في العلم الشرعي،حتى قيل عن أحد كتبه أنه بتأليفه (دفع مهر الجنة) .. والحالة الثانية شاب غر قرأ الفلسفة قبل أن يشتد عوده!!!!!!
كنت أريد أن أعود لأقرأ (تغريدة) حمزة قراءة متأنية .. ولكنني لم أستطع .. كنت أريد أن أفعل ذلك لأرى هل في كلامه (حرقة الشك) ... أم أننا أمام كلام مرسل أقرب إلى الاستهزاء .. إذا أنني أعتبر أن حرقة الشك دوامة قد تقود إلى اليقين لأن صاحبها يبحث عن الحقيقة .. في رحلة قد تنقله"من الشك إلى اليقين".
إضافة إلى حرقة الشك هناك عدم القدرة على تبين (الحكة) في قدر ما .. كما حصل مع (داروين)حين ماتت ابنته صغيرة .. فلم يستطع فهم الحكمة في موت (طفلة) .. ومع ذلك فقد ظل يوصف بأنه مؤمن بوجود (الخالق).
أما الدكتور تركي الحمد .. فقد ذكر أنه غير مسؤول عن العبارات (الكفرية) التي ترد على لسان (شخصيات رواياته)!!!
كنت – ولا أزال – أرى أن (الفن) من أهم ما (يتمترس) خلفه من يريد أن يجدف أو من يريد أن يقول (كلاما) يتنصل من مسؤوليته .. وقبل أكثر من عشرين سنة بث القسم العربي بالإذاعة البريطانية حوارا مع بعض الروائيين،دار حول نفس الفكرة التي انطلق منها الدكتور (الحمد) .. وأذكر أنني اتصلت على البرنامج،وأتذكر الآن من الحضور الروائي المصري يوسف القُعيّد .. وقد قلت له ما معناه .. لو أن أحد(أبطالك) اسقط عمود النور .. فنحن لا نعرف غيرك ليدفع التعويض ..  وشيء من هذا القبيل ...
ولعل (قصة) – وهي قصة حقيقية حقيقية -  عبد الله القصمي نصلح مثالا  للحديث عن (تنامي الشخصية) في البناء الروائي أو القصصي .. ليس لأن (معطيات) أو مسيرة حياة القصيمي لا تقدم تبريرا منطقيا لإلحاده .. ولكن نفس المعطيات والظروف .. لو أنها مرت بشخص آخر .. فليس بالضرورة أن تكون له نفس ردة فعل القصيمي .. كما أن الكثيرين .. والكثيرين جدا – مثقفين وأميين وبين هذا وذاك -  مات لهم أطفال .. ولم ولن تكون لهم نفس ردة الفعل .. فهناك (الصابر) موقنا بحكمة الخالق سبحانه وتعالى – ومتذكرا قصة (قتل)الغلام في قصة سيدنا موسى والعبد الصالح عليهما وعلى نبينا السلام،على اختلاف "الحكمة"في كل حالة – وهناك المستسلم في عجز .. وهناك الساخط .. إلخ.
إن ردود الفعل المختلفة للبشر تدل على أن ردة فعل هذا (المخلوق) ليست بتلك البساطة التي تشبه وضع كاتب قصة (بوليسية) لعقب (سيجارة) في طريق (المحقق) ليكتشف عبرها (المجرم) ..
لعل من أعجب ما مر بي عبر قراءتي الطويلة للروايات والقصص .. ذلك الروائي المصري الذي توفي غير بعيد .. وقد أورد في بعض روايتاه (تجديفا) على لسان (بطل أمي) أو شبه أمي .. مجرم (صغير) .. قد يتفهم الإنسان أن يقوم شبه الأمي ذلك ... بكل الجرائم التي تشبع غرائزه ولكن أن (يتفلسف) ويتحاور مع (الخالق) – سبحانه وتعالى – يوم القيامة،مبررا جرائمه،وواضعا اللوم أحيانا على الخالق سبحانه وتعالى!!! .. فذلك لا يبدو لي منطقيا .. وكنت أعجب كذلك وأنا أتصور ذلك الرجل (السبعيني) وهو يجلس في مكتبته ( في المقابر) .. ويصف بدقة متناهية (اللقاء) بين الرجل والمرأة!! فأي (اسم) يمكن إطلاقه على ذلك الفعل؟!!
وبعد .. حين نجد أمثلة لمن (ألحد) بعد أن قرأ الفلسفة في عمر مبكر .. ونجد من (ألحد) بعد أن توغل في العلم الشرعي .. وامتد به العمر .. فلم يبق لنا إلا أن نردد مع الحبيب صلّ الله عليه وسلم :
اللهم يا مقلب القلوب والأبصار ثبت قلوبنا على دينك.
وصلّ الله على سيدنا محمد وعلى آله  الأبرار .. وصاحبته الأخيار .. وزوجاته الأطهار.      

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدنية المنورة في 5/4/1433هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..