الأربعاء، 28 مارس 2012

لماذا يا حزب النهضة التونسي؟؟

* سبب تخليهم عن المطالبة بحاكمية الشريعة هو  عدم استعداد الشعب التونسي لمثل هذا الأمر , وهذا القول وإن كان فيه نظر شرعا فإنه أيضا مخالف للواقع العملي

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وعلى آله وصحبه ومن والاه فبعد أن نشرت وكالة أنباء رويترز قرار حزب النهضة عد المطالبة في اللجان الدستورية بتطبيق الشريعة وجعلها في الدستور مصدر التشريع وعزمهم الاكتفاء بالفصل الأول من الدستور السابق , رأيت أن من واجب العلماء والدعاة والنشطاء الفكريين من أصحاب التوجه الإسلامي : المبادرة في نصيحة حزب النهضة بالعدول عن هذا القرار, وأخص من يحضون باحترام قيادات الحزب والمنتسبين إليه من أمثال الشيخ يوسف القرضاوي والدكتور سلمان العودة والدكتور عايض القرني والدكتور محمد العريفي والدكتور سعد البريك والشيخ الحبيب بلخوجة والشيخ أحمد الريسوني والشيخ أحمد القطان والشيخ عبد المجيد الزنداني والشيخ عبدالله بن عبدالمحسن التركي وغيرهم ممن لم أسم بأشخاصهم وباعتباراتهم العلمية كأعضاء في اتحادات علمية ومجامع فقهية أدعوهم جميعا إلى محاولة إقناع قيادات حركة النهضة العدول عن هذا القرار الخطير الذي لا يمس ضرره تونس وحدها بل يتعداها إلى بقية نشاطات العمل الإسلامي الساعي إلى تطبيق شريعة الله تعالى في كل مكان..فإن كل الحجج التي تقدمها حركة النهضة حتى اليوم ليست مقنعة في تخليها بهذه السهولة عن المطالبة بتطبيق الشريعة , وذلك أنها لم تستفرغ بعد جميع الأدوات التي يمكنها من خلالها تحقيق فرض الشريعة وجعلها المصدر الأساس للتشريع في تونس, بل إن الحركة لم تبذل بعد أي محاولة في هذا السبيل . ويكفي القول إن تهديد الحركة برفض الموافقة في الاستفتاء العام على أي دستور لا يجعل الشريعة هي مصدر التشريع سوف يحبط كل الضغوطات في سبيل عدم إقرار الشريعة لأن الشعب التونسي حين تطلب منه الزعامات الإسلامية من النهضة وغيرها عدم الموافقة على دستور لا يحتكم لشرع الله فإن الغالبية المؤثرة ستقف مع الشريعة.إن الدستور التونسي اليوم إذا أقر على غير الشريعة فلن تتكرر فرصة إعادة كتابة الدستور قريبا بل ربما لا تتكرر أبدا. فالدول لا تكتب دساتيرها كل يوم ولا كل عام وكتابة الدستور كما لا يخفى عمل ضخم لا تعيد الدول صياغته إلا بعد هزات عنيفة تعصف بها ولسنا نتمنى لتونس ولا لغيرها العودة إلى مثل هذه الهزات. وكم سمعنا من قيادات حزب النهضة ومن غيرهم أن سبب تخليهم عن المطالبة بحاكمية الشريعة هو  عدم استعداد الشعب التونسي لمثل هذا الأمر , وهذا القول وإن كان فيه نظر شرعا فإنه أيضا مخالف للواقع العملي فالتونسيون كأي شعب مسلم لا يبتغي بالإسلام بدلا وأي استطلاع نزيه للرأي العام سوف يثبت صدق ما أقول . وكم سمعنا منهم أيضا أنهم يصنعون ذلك من باب التدرج في فرض الأحكام والتدرج مبدأ جاءت به الشريعة كما هو المنصوص في تحريم الخمر ..والجواب عن ذلك أن التدرج في تطبيق الأحكام الشرعية حسب الوسع والمقدرة وما تقتضيه المصلحة أمر لا خلاف عليه , لكن التدرج سيكون مستحيلا إذا لم تكن الشريعة هي الحاكمة , بل سوف يكون التدرج وهما أو إيهاما وأعوذ بالله من الأمرين . إن الناس في تونس وفي العالم الإسلامي بأسره لم يحبوا حركة النهضة ولا غيرها من الحركات الإسلامية إلا لما رأوه من نضالهم وتضحياتهم في سبيل الشريعة , وسوف ينقلب الحب إلى كره حين يرون أن هذه الحركات تتنازل عن كل دمائها وسنواتها التي قضتها في السجون من أجل الوصول إلى مقاعد السلطة
ﭽ أفحكم الجاهلية يبغون  ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون المائدة: ٥٠

كما أن لدى النهضة محاولة التضامن مع النواب المطالبين بإقرار الشريعة مصدرا للتشريع كنواب العريضة الشعبية المشاركين في المجلس التأسيسي وغيرهم من المستقلين , وهذا ما لم يحدث حتى الآن كما أعلم

قد يتفهم المراقب الضغوط الدولية التي تحول في نظرهم دون تطبيق الشريعة  لكن هذه الضغوط لابد أن تواجه بضغوط أخرى شعبية وعلمية , أما الرضوخ المباشر لهذه الضغوطات فإنما يذكرنا بالصياد الذي حين رأى شبكته قد امتلأت بالأسماك ألقى بها ظنا منه أنه لن يقدر على حملها  بما تضمنته وذلك قبل أن يبذل أي محاولة لحملها, ياله من صياد مفرط ومحب للراحة
نسأل الله تعالى أن يدل الأمة ويوفقها لما فيه خير بعز عزيز وذل ذليل




محمد بن إبراهيم السعيدي
أستاذ أصول الفقه في جامعة أم القرى

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..