هذه
التسمية أردت بها منهجا نشازا برزت رؤوسه وتكاثر أتباعه، وانحاز إلى
معسكره قلة من الشيوخ المشهورين، أو على الأقل واطأ فكره وصار إليه أقرب،
واختطف هذا المنهج كثيرا من
شبابنا، فأثر عليهم ظاهرا بالتقصير والتطويل والتقصيص والتهذيب ، وباطنا بالنزوع إلى آراء غريبة، واهتمامات عجيبة، والزهادة في العلم وأهله، وترك توقير النص واحترام الفتوى.
شبابنا، فأثر عليهم ظاهرا بالتقصير والتطويل والتقصيص والتهذيب ، وباطنا بالنزوع إلى آراء غريبة، واهتمامات عجيبة، والزهادة في العلم وأهله، وترك توقير النص واحترام الفتوى.
ولست هنا بصدد بيان جذوره التاريخية القديمة، وظروف نهضته الحاضرة؛ فذلك له شأن يطول.
لكن أردت هنا؛ وبمناسبة انعقاد ملتقاه الثاني في الكويت إثارة بعض التساؤلات:
بداية:
إطلاقي عليه الجنس الثالث "فكريا" هو أنسب ما رأيت يليق به ؛ لأنه خنثى
مُشْكِل ، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء..ولست بهذا الاطلاق بدعا فلقد سمى
علماؤنا بعض الصفاتية ممن أثبت بعض الصفات ونفى بعضا : (خناثى المعتزلة )
أما وجه التسمية: فالعلماء وأتباعهم من المتحمسين للقضايا الشرعية
وهموم المسلمين، وإنكار المنكرات، والدعوة الشرعية الصحيحة قد حددوا موقفهم
واتجاههم.
يقابلهم أعداؤهم من الكفرة الواضحين،والمبتدعة والمنافقين المارقين
حسب تسمياتهم؛ من لبرالية ، وعلمانية...إلى آخره كذلك حددوا موقفهم من
قضايا الدين والشرع ، بل وأخيرا من أصل الدين والاعتقاد في الإله تعالى.
لكن
يبقى هؤلاء.. هذا الفريق الثالث.. ماذا يريد بالضبط؛ إذ إن قضاياه التي
يناضل عليها لا تخرج في الجملة عن قضايا الفريق الثاني، مع إضفاء الشرعية
عليها ( الحرية غير المنضبطة، والاختلاط، ونبذ منهج السلف، والتعايش مع
الكفرة بلا حدود، والنظرة السلبية للجهاد والاحتساب، وتقديم العقل على
النقل...) إلى غير ذلك.
ومن هذه الحيثية أعني( صبغة الشرعية) كذبا وزعما يعتبر أخطر من الفريق الثاني.
وأحسن ما أعبر به هنا، عبارة لأحد المشايخ لما جاء ذكر فلان ماذا يريد؟ قال: ( هو نفسه لا يدري ماذا يريد).
اللهم إلا الصخب والضجيج الإعلامي والبروز وملء الدنيا بصورته وصوته؛ حتى يظل اسمه ورسمه حاضرا ملء السمع والبصر.
هذا بالنسبة لبعض واجهاتهم المستغلة بحبها الظهور والإعلام وبسطاء
مَن انخدع بهم مِن الشبيبة المغرمة بتجارب المناهج، الذاهبة حياتها ضياعا
وخسرا في التنقل بين جواد المذاهب وسكك الأهواء وفي النهاية لن يكونوا أقوى
فهوما ولا أجلد جسوما من القائل:
ولم نستفد من بحثنا طول عمرنا----- سوى أن جمعنا فيه قيل وقالوا
أما الأيدي الخفية المحركة، فلها أهداف خطيرة ومدمرة لا تخفى على فطن؛ من أهمها:
التمرد
والثورة على مذهب السلف الذي ظل راعيا وموجها للصحوة الشبابية عقودا،
وتأميم قيادات مرجعية عدوة للمنهج السلفي الصحيح تظهر ذلك حينا وتستبطنه
أحيانا أخرى، مستغلة الفراغ العلمي والدعوي الذي تركه موت وتغييب كثير من
أفراد الصف السلفي الأول والثاني؛ أمثال: ابن باز، وابن عثيمين، والألباني،
والقعود، والجبرين، وبكر أبو زيد وكثير غيرهم، وإبراز قيادات بديلة ممن هم
في العقيدة خلوف متحمسون للمذهب الأشعري، متقاربون مع أهل الخرافة
والتصوف، وفي المنهج ينزعون إلى التمييع والتلميع باسم التيسير والتبشير
والملاينة والمعايشة؛ من مثل القرضاوي وابن بيه والكبيسي وولد الددو وآخرين
غيرهم ثم عمرو خالد وطارق السويدان وراشد الغنوشي وربما الجفري وغيرهم.
و(
طارق السويدان) له حديث آخر لأني على علم بتقلباته وتغيراته لعل الحديث
يأتي عنه في مناسبة أخرى والذي ينبغي أن لا يهمل ذكره هنا أن الرجل على
انحرافاته الكثيرة متورط في أحداث البحرين يتحمل مسؤولية كبرى في ما آلت
إليه الأوضاع هناك من إفساد الرافضة وجرمهم وقتلهم وإحراقهم؛ فهو من أوائل
من نفخ في شرارة ثورتهم وشجعهم حتى كان منهم ما كان ، فقبل أو مع القيادات
الرافضية ينبغي أن يحمل المسؤولية ويحاسب حسابا عسيرا على ما كان من قتل
وتدمير فضلا أن يمكن من شبابنا وقنوات بلادنا ليعيث فيها وينشر أفكاره
ولست أبرئ أصحاب هذا الجنس الفكري الثالث من أهواء ورغبات ونزعات
سياسية ( ولست هنا ضد الخوض في السياسة بشرط أن تجعل وسيلة لنصر الدين
وخدمة المسلمين لا غاية تبررها كل وسيلة من ضياع الدين والتلاعب به) ولست
أريد بالسلفية ما يريده البعض من اتهام وتصنيف وتجريح وإضفاء العصمة أو
شبهها على الحكومات، ولكن أريد السلفية الحقة المتوازنة في نظرتها إلى
الحاكم والمحكوم والعلم والعمل والجهاد والدعوة والمؤالف والمخالف.
ويذكرني هذا الخليط الرافضي اللبرالي الشهواتي الإسلامي في ملتقاهم
المزمع بالمجالس الوطنية للثورات العربية التي يراد منها توجيه رسالة عملية
للغرب استدرارا لتدخله ونصرته بأننا متسامحون وديمقراطيون ، وعن التطرف
أبعد ما نكون، وللغلو والأحادية -كما يحلو لهم أن يعبروا- منابذون انظر كيف
فعل أشباههم في اليمن من استغلال ثورة الشعب وإخراج النساء وتمكينهن من
المواقع القيادية وما ( توكل كرمان الناطقة باسمهم عنا ببعيد)
فهذا الملتقى مجلس وطني مصغر ورسالة للغرب بأن البديل لأنظمتنا هو هذه
التشكيلة من رجال ونساء وإسلام ولبرال وسنة وبدعة؛ هذا ما يلمحه الفطن من
تصرفات بعض المتزعمين والمشرفين على هذا الملتقى وأمثاله.
وهذه مغازلة خبيثة للغرب ، وإن لم يكن بلسان المقال فلسان الحال.
وللفعال لسان من تَفهّمه ----- رآه أبلغ من قول وتعبير
أستطيع أن أقول وبكل ثقة:
إن هذا الملتقى وماوراءه من تنظيم، هو حزب النهضة في ثوبه الخليجي، أو
حزب النهضة فرع الخليج العربي؛ لأن الأفكار واحدة، والغنوشي وأفكاره من
أخطر ما كان ويكون على شريعة الله ودعوة الإسلام..
ويارحمتاه
لضحايا شباب مغرر بهم، هللوا وكبروا اتباعا لقادتهم ومراجعهم بوصول حزب
النهضة التونسي إلى حكم البلاد، وعزفوا على خطاب المرزوقي مقطوعات بكائية،
واجتزأ كل واحد في تغريداته مقطعا أو أكثر من خطابه وقف عنده خشوعا وتأملا
واستلهاما مالم يقف عند آية قرآنية، وهللوا بالفتح المبين.
ولما
وصل المرزوقي إلى الرئاسة بتفاهم مع الغنوشي نسي أحزانه على الشعب السوري،
وهموم الشعوب الثائرة واشتغل بالحرب على السلفية وهم قطاع كبير من شعبه
الذي ما وصل إلى كرسيه إلا على دمائه وأشلائه إلى حد الإقذاع الذي يترفع
عنه الإنسان العادي، فضلا عن الرؤساء، وتحول خطابه الثائر إلى الموادع
المسالم الحاني على بشار لدرجة عرض الحصانة عليه، ومنح اللجوء السياسي،
وترك ملاحقته على قتله وجرائمه.
إن
فرح هؤلاء المساكين بوصول الغنوشي وحزبه كفرح (أمل) والمنظمات الشيعية
ورافضة الخليج بثورة الخميني وأنا أعتبر تسلم حزب الغنوشي لقيادة تونس
اختطافا لثورتهالا تقل مأساة عن اختطاف الاشتراكيين للثورة الجزائرية في
القرن الماضي، ولكن مشكلتنا أننا لا نقرأ وسرعان ما ننسى، وإلا فقد حذر
الدعاة الناصحون والعلماء الراسخون من الغنوشي وحزبه منذ ثلاثة عقود؛ كما
فعل فضيلة الشيخ سفر الحوالي في محاضرته المشهورة شفاه الله وعافاه.
الأمر لا يخفى أيها الفضلاء؛ وقد كان بودي أن أتكلم بهذا من قبل، ولكن لسان حالي كقول القائل:
لا تسلني عما جرى في فمي ماء ولا أستطيع كيف أقول
أما الآن؛ فلا عذر لساكت ألبتة.
وهذه
الأسطر مقدمات لمقالات لاحقة -بإذن الله- والتحذير منهم بالأسماء، وأرجو
ألا أضطر إلى تسمية بعض الدعاة ممن لهم ماضٍ في الدعوة والابتلاء، لا يسرنا
أن يذهب خسرا، وإن احتاج الأمر فمصلحة الدين أولى..وما أردت إلا الإصلاح
وما توفيقي إلا بالله..
فليتك تحلو والحياة مريرة --- وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر--- وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين--- وكل الذي فوق التراب تراب
وهذه أبيات تواردت على الخاطر:
إلى النهضة.، إلى النهضة
وما أدراك ما النهضة
إلى ثمد قليل الماء لا ريّ ولا روضة
ولكن مسجد الإضرار في مستنقع الحيضة
وفرع للغنوشي في
حمى التوحيد والبيضة
وحاخام عليها من ذوي التقصيص والقبضة
وحاخام على الحاخام جَلْدٍ من بني قَرضة
رمانا من كنانته
بسهم رضّنا رضة
أدار لنا مجنا والعدا في الوجه منقضة
فما ندري نناجز مَن؟
وخيل الصحب منفضة
زمانا كان يخدعنا
إذا جسوا له نبضه
كأرقط من ذوات الناب ألفيناه في حمضه
ألان لنا ملامسه
وصار بجلده غضه
تحيّن غفلة منا
فعض وأيما عضه
ترى ذهبت بمذهبه
ذهيبته أو الفضة
أم اختلبته أضواء
وسار على خطى الموضه
فأنكر جملة الأصحاب
أعلن نحوهم بغضه
وجمع حوله الأوباش يحيي بينهم عَرضه
عجائز من بني لبرال عاثت مثلما أرضه
وأعداء لصحب المصطفى من مظهرٍ رفضه
ترى هل صابه خرف
فأبقى من حِجى بعضه
فبال على صحائفه
وأعمل في البنا نقضه
ترى إلمامة لمت
به واجتاله ركضه
فلا تأسوا على شيخ
يدنس عامدا عِرْضه
فمن يكفر له الخسران أو يشكر له يَرْضَه
ولا تأمن بذي الدنيا
فإنك للبلا عُرضه
نسأل الله الثبات على دينه حتى نلقاه غير مبدلين ولا مغيرين..آمين
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
محمد بن أحمد الفراج
1399
1399
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..