أقام مركز باحثات لدراسات المرأة بداية عام 1433 ملتقى (المرأة السعودية ما لها وما عليها) في مدينة الرياض تحت رعاية الأميرة صيتة بنت عبدالله بن
عبدالعزيز، وهو ملتقى يضع فلسفة فكرية نسوية تتحرك بما يخدم حقوق المرأة، ويحد من تعرضها للظلم عن طريق تصوراتها وتوصياتها التي بنتها على أساس الشرع الإسلامي الصحيح.
ويروق لي أن أسميها بالحركة النسوية السعودية الولود، وذلك لأنها بنت تصوراتها وفلسفاتها على ما أراد الله للمرأة فهو خالقها ويعلم ما يناسبها، لا على ما أرادت المرأة ولا الرجل، بعكس الحركة النسوية الغربية التي ظهرت في الولايات المتحدة في الستينات من القرن الماضي حيث إنها بنت فلسفتها من خلال وجهة نظر المرأة فقط وترفض ربطها بخبرة الرجل.
فكانت الحركة النسوية الغربية تبني فلسفتها على الصراع مع كل شيء (الدين – المجتمع – الهوية – الرجل – الفطرة..) ويرجع ذلك لعدم رضى المرأة الغربية عن نفسها وعن وضعها، وأيضاً لأن الأديان المُحرفة هناك كانت تحتقرها، وكتب الفلسفة الغربية والتحليل النفسي كانت تصور المرأة ككائن شرير حقير مكانه مع العبيد والمرضى، فسعت تلك المرأة للتغيير بشكل غير متزن وبدون منطلقات ثابتة وأيضاً دون ثوابت صحيحة تخلت فيها عن الدين وعن كل فلسفة ذكورية.
خرج من تلك الحركة الغربية تياران، التيار الأول ليبرالي يبني جميع تصوراته وتوصياته على أساس المساواة التماثلية بين الذكر والأنثى (الحرية المطلقة) ظهرت من هذا التيار اتفاقية سيداو عام 1979 وكانت توصياتها الست عشرة الأولى تشجع على الاختلاط والمساواة بين الجنسين في كل شيء حتى في الزواج والطلاق، مر هذا التيار النسوي الليبرالي الغربي بمرحلة عولمة عام 2000 وذلك بعقد المؤتمرات مع جميع دول العالم، وخرجت من هذه العولمة بوثيقة بكين، التي يجتمع لها رموز الحركة من جميع الدول كل عام في شهر مارس لتقديم التقارير التي توضح مدى التقدم في تنفيذ التوصيات ودراسة العوائق.
أما التيار الثاني فكان متطرفاً للمرأة، ويلغي دور الرجل كلياً، ويلغي أيضاً جميع البنى الاجتماعية والعلمية واللغوية التي تجعل للرجل دوراً! وألغت جميع الأديان باعتبار أن الآلهة ذكور في جميع الأديان ووضعت دينا جديدا (الوثنية النسوية) الآلهة فيها إناث!، وبشكل متناقض مع تطرفها الأنثوي إلا أنها تطالب النساء بالتخلي عن الأنوثة باعتبار الأنوثة سببا لضعف المرأة لأنها تقودها للزواج والزواج يقود للأمومة، والأمومة تقود للأسرة وهذه المراحل لا بد أن تُلغى في هذا التيار! ومن غرائب هذا التيار المتطرف دعوتهم للزواج المثلي، والحمل الصناعي بدلاً من الطبيعي لضمان التخلي عن الرجل، ويسعون لإلغاء الثنائية الجنسية ليصبح نوع واحد اسمه (الجندر)!
كل هذا الضلال الذي مرت به المرأة الغربية مع تلك الحركة النسوية العقيم بتياراتها الصراعية، كانت الفطرة الإنسانية تنبذها، فمع كل محاولاتهم لإثباتها ونشرها إلا أن النساء الغربيات في السنوات الأخيرة يمررن بمرحلة (ما بعد النسوية) يحاولن فيها الرجوع للفطرة والهوية الأنثوية، فيفضلن عمل البيت على العمل خارجه، ويخترن الأمومة وامتلاك الأسرة عن التفريط فيها بالعمل خارجها، ويرفعن شعار (الاعتزاز بالهوية الأنثوية).
تفاجأ وخاب أمل ناشطات تلك الحركة العقيم، ومع هذا ظهرت لنا نساء عربيات يتبعن تلك الحركة وبشكل متخلف، وجد الشيطان والهوى فيهن مكسباً ليخرج المرأة من دينها ويمردها على فطرتها ومجتمعها باسم الحرية والتغيير، فتتشبه بالرجال تارة، وتطالب بحقوق هي ليست حقوق بل أهواء تريد الحرية في تطبيقها، نساء تابعات متأثرات منقادات لما فرضت عليهن تلك المؤتمرات العقيمة.تصادمت مطالب تلك التابعات مع ثقافتنا المستقلة وشريعتنا الإسلامية، فكان لزاماً على نسائنا معرفة ما لهن وما عليهن، دون تبني تلك المطالب الغربية المتمردة.
وتكمن أهمية ملتقى (المرأة السعودية ما لها وما عليها) في هذا الوقت نظراً للانفتاح الكبير على الثقافات الأخرى فكان لزاماً توعية نساء السعودية بالحفاظ على استقلالهن ومعرفة حقوقهن.
وزيادة على ذلك فإني أرى أهمية ظهورها في هذا الوقت وبعد بعض الثورات وما خلفته ضد الحركة النسوية الغربية العاقر.. ففي عام 2011 لم يكن هناك اجتماع لرموز تلك الحركة في شهر مارس بنيويورك كما هو الحال من كل عام، فلا مراقبة لتقارير تنفيذ وثيقة بكين ولا مؤتمرات ولا دولارات، ولأن العمود الفقري الرئيس للحركة النسوية الغربية في دول العرب لم يعد لهم وجود في ظل الربيع العربي، فشلت الحركة النسوية الغربية العقيمة في أرض منشأها وفي بلاد العرب بفضل من الله، فبضاعتها بضاعة رخيصة مخالفة للفطرة والدين، وأصحابها يعلمون إنها بدون قيادات نافذة وبدون تمويل مادي قوي فإنها لن تتحرك في المجتمعات العربية والإسلامية.
وفي وقت اندثارها خرجت لنا الحركة النسوية السعودية الولود، التي تستمد جميع تصوراتها وفلسفاتها وتوصياتها من نور الوحي الصحيح، حركة لا تستسلم لظلم التقاليد ولا تنقاد وراء الظلمات والضلالات الوضعية، حركة مؤثرة لا متأثرة، مستقلة لا تابعة، تحكم بشرع الخالق لا بالأهواء.
حصة أحمد الأسمري.
http://www.alwatan.com.sa/m/News_Detail.aspx?NewsID=90659&CategoryID=8
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..