الجمعة، 9 مارس 2012

حسرة الملحدين من انتشار كلمة الدين


الروح تجوع للتدين كما يجوع الجسد إلى الطعام
المتدينون هم أكثر الناس سعادة
د. هاني فقيه
كتب العلامة أبو الوفاء ابن عقيل الحنبلي ( ت 513هـ )  يقول: (( صبئت قلوب أهل الإلحاد لانتشار كلمة الحق، وثبوت الشرائع بين الخلق، والامتثال لأوامرها، كابن الراوندي ومن شاكله كأبي العلاء، ثم مع ذلك لا يرون لمقالتهم
نباهةً ولا أثراً، بل الجوامع تتدفق زحاماً، والأذانات تملأ أسماعهم بالتعظيم لشأن النبي صلى الله عليه وسلم والإقرار بما جاء به، وإنفاق الأموال والأنفس في الحجّ، مع ركوب الأخطار، ومعاناة الأسفار، ومفارقة الأهل والأولاد )) [ تلبيس إبليس لابن الجوزي ص 71].

قلت: ما ذكره ابن عقيل رحمه الله لا يزال بفضل الله قائماً حتى اليوم، وبقدر ما يبذله مرضى الإلحاد من جهود مضنية لصرف الناس عن التدين وتشكيكهم في الله إلا أن جهودهم في الأغلب تذهب أدراج الرياح، ذلك أن التدين غريزة فطرية، وحاجة إنسانية، وضرورة اجتماعية.
وبحسب تعبير المفكر الكبير عباس العقاد ( ت:   1964م ): ( فإن الروح تجوع إلى التدين والاعتقاد كما يجوع الجسد إلى الطعام والشراب ).
إن البشر مهما بلغوا من الثراء المادي والتفوق الصناعي فإنهم لا يستطيعون التخلي عن التدين بحال.

إنه عندما ابتعدت بعض الأمم عن التدين شيئاً ما، واعتمدت على عنصر العقل وحده، إن النتيجة كانت مزيداً من الشقاء والحيرة، مزيداً من القلق والاضطراب.

وهذه نتيجة متوقعة، طالما أحس الإنسان أنه كائن ضائع، متروك لنفسه، وأن وجوده في الحياة مجرد صدفة بغير معنى ولا غاية ولا سند يرعاه.
إن دراسات عديدة أثبتت وأكدت بأن المتدينين هم أكثر الناس شعوراً بالسعادة من غيرهم في الأعم الأغلب.

إنه حين يستقر في قلب الإنسان وفي ضميره وفي وعيه بأن الدنيا ليست كل شيء، وأن هناك رباً سيحاسبه، وآخرة تنتظره، وثواباً وعقاب، وجنّة ونار، إنه سوف يتولّد في داخله شعور قوي يردعه عن ارتكاب المظالم والمفاسد، حتى ولو أمن عقوبة الناس.

( اعتراضات وأجوبة ):
وإياك أن تلتفت إلى من يقول بأن الأخلاق وحدها تكفي في التزام الناس بالفضائل وترك الرذائل، فإن أثر الأخلاق يبقى ضعيفاً في انتظام حال المجتمع ما لم تسنده عقيدة دينية ثابتة.
فإن قال معترضٌ: كيف نوفق بين كون الدين غريزة وفطرة مع وجود ظاهرة الإلحاد في كل زمان ومكان ؟

وأجيبك: بأن الإلحاد ما هو إلا خلل يعتري الفطرة فيمرضها ويرديها، كما يعتري المرضُ جسم المعافى فيمرضه ويرديه.

فإن جادل آخر وقال: إن أوروبا قد حققت رقياً وتفوقاً عالياً في الأعصر الأخيرة مع ما عُرف عنها من الإلحاد والإنكار.

وأجيبك: بأن القول بعموم إلحاد الأوروبيين قول لا يصح في موازين الإحصاء الدقيق.

 لقد استقصى المفكر الكبير عباس العقاد عقائد أشهر العلماء والأدباء والأطباء والمفكرين الأوربيين في القرن العشرين في كتابه "عقائد المفكرين في القرن العشرين" فوجد أغلبيتهم مع خيار الإيمان ضد الإلحاد، ومع عالم الغيب إلى جنب عالم الشهادة.

ولعلي أكتفي بهذا القدر الآن حتى لا يطول الكلام.

ع ق 1334

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..