صاحبي
- والعياذ بالله - أحمق!.. مشغول - يا رعاكم الله - بصراعات التيارات في البلد،
فهو مثل الغالبية من الحمقى: إذا انتمى لجهة ما فهذه الجهة في كل ما تقوله وتفعله
هي على صواب، والجهة النقيضة لها كل ما تقوله وتفعله هو الخطأ نفسه.. وليت الأمر
يتوقف عند هذا الحد، بل يصاحبه
قائمة طويلة من الاتهامات والتشكيك بالنوايا واللغة
البذيئة!
عند
كل قضية رأي عام يأتي ليطالبني بأن أُعلِّق لافتة على عنقي تحدد الجهة التي أنتمي
إليها (بطريقة: أنت معنا ولاّ معهم)؟!
هو
من نفس النوعية التي تخرج لك في الإيميل برسالة وأحيانًا ينط عليك بتويتر بسؤال
تملأه الريبة، ومبطن بالاتهام: أنت ليبرالي؟!
القضايا
التافهة تُصنع له بمهارة، وينشغل بها انشغال المؤمن بالعبادة.. يُنفخ له بالون
ملوّن كل فترة، ويُقاتل بحماسة للسيطرة على هذا البالون.. تجده في رسائل الجوال،
في الإيميلات، في مواقع التواصل الاجتماعي: يشاكس هذا، ويشتم ذاك، ويوّزع البصاق
واللعنات والاتهامات على كل من يخالفه!
يرى
أخطاء مخالفيه الصغيرة جدًا بمهارة.. كأنه زرقاء اليمامة.
ولا
يرى أخطاءه - هو ومن معه - كأنه أعمى البصر والبصيرة.
هو،
ونقيضه هناك: كلاهما صورة طبق الأصل من الآخر!
يؤديان
دورهما باحترافية عالية (رغم أنهما: كومبارس) منذ نصف قرن، ورغم اختلاف العناوين:
يمين/ يسار، صحوي/ حداثي، تقليدي/ تجديدي، إسلامي/ ليبرالي.
أقصى
ما يحلم أحدهما فيه.. مرتبة: تابع!
تشعر
معهما أن سؤال (وش ترجع؟) الغبي.. تطوّر بشكل أكثر غباءً، حتى وإن أوحى لك بأنه
تحوّل إلى سؤال فكري!
أتاني
- صاحبي هذا - عند آخر قضية وطنية تافهة (وهو يدرْبي راسه) ورمى عليّ سؤاله العظيم
للمرة الألف: وش ترجع؟.. أنت مع التيار الإسلامي ولاّ التيار الليبرالي؟
قلت
له: أنا مع التيار الكهربائي!
تدودلت
شفته السفلى حتى كادت أن ترتطم بالأرض، وقال باستغراب: هـاه؟!
قلت:
بلا «هاه».. بلا هم، وأغلق فمك حتى أخبرك بالأسباب التي دعتني للانضمام لهذا
التيار:
أولاً:
هو تيار شعبي ومرحب به في كل بيت في البلد.
ثانياً:
هو تيار «تنويري» أكثر من تيارك وتيارهم والدليل كل أعمدة الإنارة بالبلد تعمل
بسببه.
ثالثًا:
هو تيار لا يُفرّق بين طبقات الشعب، ويكره العنصرية، والدليل أنه يحترم خط 110 وخط
220 ويعملان بجانب بعضهما البعض.
رابعًا:
هو تيار مدعوم من الدولة وبشكل علني، وهذه تجعلك في مأمن!.. وإن كنت لا تصدقني
اسأل شركة الكهرباء.
خامسًا:
هو تيار قوي جدًا، وصاعق، و»ماس» صغير منه ينقلك إلى المستشفى أو القبر.
و..
أبشركم - من يومها - بطّل صاحبي حكاية ليبرالي وإسلامي:
صار
«فيش كهرب»!
ولكن،
ما تزال فيه بقايا جلافة وشراسة قديمة، تظهر عليه عندما تصافحه: «يلذع»!!
محمد الرطيان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..