الأربعاء، 18 أبريل 2012

دفاعا عن رؤية الشيخ ناصر العمر حول القضاء والقضاة

 بسم الله الرحمن الرحيم  
انتشر مقطع لفضيلة الشيخ ناصر العمر حفظه الله, يجيب فيه على سؤال عن الحملة القائمة ضد القضاء والقُضاة في السعودية, وتولدت ردة فعل كبيرة ومن تيارات مختلفة تجاه رد فضيلته, وأحبّ أن أقف مع جوابه حفظه الله وردود الأفعال تلك عدة وقفات :

الوقفة الأولى : 

كان السواد الأعظم من ردود الأفعال معارض لكلام الشيخ ومخطئ له, وذكر البعض ما وجدوه على كلام الشيخ , وأغلبه يصب في الأمور التالية:

أن الشيخ يبرر أخطاء القضاة
أنه يمنع من الإنكار على أي قاضي وأي حكم
أنه عدّ كل أحكام القضاة اجتهادا يؤجرون عليه
أنه دافع عن ظلمة القضاة وخذل المظلومين
أنه لم يفرق بين الإجتهاد الحقيقي وبين الخطأ والمنكر الذي يجب إنكاره

والحقيقة أن من سمع كلام الشيخ بأذن ناقدة منصفة, علم أن كل ما قيل في حقه خطأ نتج عن سوء فهم وتسرع في الحكم, لأن جواب الشيخ كان فيه تداخل وجمْع بين قضيتين : الأولى: الطعن في القضاة والقضاء بلغة التعميم, والثانية: الطعن في الحكم والقاضي بعينه, ومع هذا التداخل في جواب الشيخ إلا أنه كان غاية في الدّقة والموازنة,

وقد أغفل الكثيرون أن السؤال الذي ورد للشيخ كان عن الهجمة على القضاء ( بالعموم ) وأن السائل يخشى أن وراء الأكمة ما وراءها؟

فكان مجمل جواب الشيخ عن هذه القضية, وبدى متحمسا لها, وأكد على أن هذه الهجمات بالتعميم خاطئة, وتصبّ في مجرى المفسدين من اللبرالية وأضرابهم والذين يحاربون القضاء في الجملة, ولا أظن أحدا من أهل الحق يختلف مع الشيخ في هذا كله, ويجب على الناظر أن يعتبر ذلك في حكمه, لأن الذي وضعه الشيخ نصب عينينه الأن الإنتصار للقضاء ( بالمجمل) والدفاع عنه وعن القضاة (عامة) لأن هذا هو مدار السؤال, ولو كان السؤال مثلا عن المظلومين في السجون, لركز عليها في جوابه, كما تحدث عنها مئات المرات!

وجاء الإختلاف مع الشيخ عند حديثه عن الطعن في القضاة بأعيانهم, والأحكام بعينها, وشدد الشيخ في ذلك أيضا حفظا لهيبة القضاء, وأن القاضي حاكم مجتهد, يجري عليه حديث المصيب والمخطئ بين الأجر والأجرين, ومن هنا بدأت سلسلة سوء الفهم,

فقالوا أنه يرى كل حكم للقضاة اجتهاد يؤجرون عليه, وهذا تعميم لم يقله الشيخ, بل إن الشيخ أكد أن لا يُفهم منه أنه يقول أنهم لا يخطئون (الدقيقة 3:48), واستشهد بالحديث ( قاضيان في النار وقاض في الجنة) (الدقيقة 2:41), ونبه إلى أن صدق القاضي في اجتهاده من عدمه مرده إلى نيته, والنوايا هذه لا يعلمها أحد إلا الله, فحتى لو تبين لك خطأ الحكم, فلا يلزم من خطأ القاضي في حكمه سوء نيته في ذلك, فقد يكون خرج منه عن اجتهاد فعلا ولكنه أخطأ! فكيف يُطعن فيه ونيته ويتّهم بأنه يرضي السلطان وما إلى ذلك؟ وهذا محل تشديد الشيخ حفظه الله, لأن الأصل في عرض المؤمن الحُرمة, كيف لو كان قاضيا, والقاضي إنما يُولّى القضاء بعد أن يثبت فيه أمور كسلامة دينه, ونبوغ عقله, وكمال أهليته العلمية للقضاء, فمن كان فيه ذلك كله كان عرضه أعظم منزلة, فيُؤمر بالتحري معه أكثر من غيره, مع وجوبها في حق كل مؤمن,

إلا أن نهي الشيخ لم يأت على إطلاقه! فقد وضع لجواز هذا الطعن شرطا, وهو أن يكون عندك من الله برهان في ظلم القاضي وتعديه في حكمه (الدقيقة :  , 5:39 , 7:07)  , وهنا مربط الفرس, فلا أدري لماذا غضب الناس من كلام الشيخ وهو قد استثنى من كان عندهم بيّنه وبرهان على كلامهم؟

 فأنت أيها الساخط إن كان عندك بينة على طعنك في الحكم أو القاضي بعينه, فالشيخ لم يقل لك توقف! أو أنك أخطأت!

وأنت أيها المظلوم فرّج الله عنك, ويا وليه , ويا محاميه, ما دام أنكم مطلعون على تفاصيل القضية وصار عندكم براهين وأدلة قاطعة على خطأ الحكم وتجني القاضي, فإن نهي الشيخ لا يشملكم (في التخصيص), فلماذا السخط عفى الله عنكم؟

وليس في كلام الشيخ حقيقة أي تبرير لأخطاء القضاة أو منع من الاعتراض عليهم, وإنما الشيخ غلّب جانب الدفاع عنهم لمّا رأى تساهل الناس في الخوض في القضاء والقضاة على وجه العموم, وأحس بخطر ذلك لتوازيه مع جهود أهل النفاق بالبلد لإسقاط القضاء جملة وتفصيلا, وإلا فإنه بيّن أن في القضاة ظالمين, وفي الأحكام ظلم,

ولم يصد الشيخ الناس عن الدفاع عن المظلومين, بل دعاهم لذلك, ولكنه يرى أنه لا يلزم من دفاعك عن المظلوم الطعن في القضاء كله!, أو القاضي! لأن القاضي قد يكون اجتهد حقيقة ولكنه أخطأ, ومرة أخرى ينبه الشيخ إلا أن يكون عندك برهان, فلو كان عندك برهان على تعمّد خطئه وإرضاءه غير الله في حكمه فهذا شأن أخر ويحق لك وقتها الطعن،

إذن فالشيخ حفظه الله لم يلزم الناس بعدم إنكار الأحكام الظالمة التي تصدر, أو حتى الطعن في القضاة
, ما دام عندهم من الله برهان في ذلك, بل دعاهم إلى مناصحة القاضي إذا علموا منه ذلك وتخويفه بالله ونحو ذلك (الدقيقة 4:08),, وإنما غلّظ على من طعن بالعموم دون التخصيص (الدقيقة 3:28)

ولا بد من التفريق بين قضيتين مهمتين, 

الأولى : من سُجن بأمر السياسي دون محاكمة قضائية.
الثانية  : من سُجن بحكم قضائي ,

فالشيخُ في الحالة الأولى دائم الصدع بحقوقهم, والذب عنهم , والمطالبة بمحاكمتهم بالقضاء العادل, إلى هذا اليوم, ولا يتورع أو يتخوف من ذلك! لا من حاكم ولا جمهور!

أما الحالة الثانية فهي محلّ تحفظ الشيخ, إذ أن الحكم إنما خرج قضاءا, فيكون الحكم في ذمة القاضي, فلا يؤلب على الحكم حفظا لمكانة القضاء وهيبته,إلا أن يكون عند المعترض برهان قاطع,  فدافع الشيخ إلى ذلك التحفظ دافع شرعيّ! ولا يصح اتهام الشيخ بمداهنة السياسي في هذه الحالة , كيف وهو الذي لا يزال يجاهده في الحالة الأولى! ولا يُعرف في الشيخ مداهنة ولا تأثر لا بطرح الناس ولا الحكام!

ولا أجد حقيقة لهؤلاء المعترضين أي حق فيما اعترضوا فيه, وليس لهم على الشيخ إلا شيء واحد! وهو عتب المحبّ ولوم المؤمِّل! من عدم ركوب الشيخ موجة الاعتراض على الحكم في قضية الشيخ يوسف الأحمد وإخوانه فرج الله عنهم وأمثالها, وهذه قضية اجتهادية لا تثريب فيها!

والشيخ قد بين موقفه في ذلك , ونصر الشيخ يوسف وقال أنه لا يعلم عنه إلا كل خير وجهاد في سبيل الله وحسبة ودعوة, (وما شهدنا إلا بما علمنا) , وهذا كلام الشيخ فيه قبل الحكم "وبعده"،

والتشكيك في نصرة الشيخ للشيخ يوسف عبث وهراء حقيقة, ولا يلزم منه الطعن في الحكم وفي القاضي لإثبات ذلك, فهذا أمر ليس عند الشيخ برهان فيه وكرر قوله تعالى (ولا تقف ماليس لك به علم) وبين أنه من منهجه حفظه الله أن لا يتكلم في أحكام القضاء والقضاة, ما دام أنه لم يطلع على التفاصيل , وليس عنده  برهان ولا دليل! مراعاة للمصلحة الأكبر وهي حفظ هيبة القضاء, ولا يحق لأحد إلزام الشيخ بهذا الطعن, فهو أمر يرجع له وحده, وقضية اجتهادية لا ينبغي التشديد فيها على أحد!

ويمكن أن أجمل مراد الشيخ  في هذه النقاط المختصرة : 

1- نهي الشيخ عن الطعن في القضاء والقضاة "بالتعميم" نهي مطلق,فلا يحق لأي كائن كان أن يطعن في هذا الجهاز بمجمله, ومن كان هذا صنيعه فإنه يصب في ذات المجرى الذي يصبّ فيه أعداء الدين من ليبراليين وأذنابهم.

2-نهي الشيخ عن الطعن في الحكم والقاضي بعينه نهيٌ مقيّد, فمن كان عنده برهان ودليل قاطع على ظلم الحكم, وتعدّ القاضي, فله ذلك, وإلا فعلى الناس أن يمسكوا ألسنتهم وألا يخوضوا فيما يجهلونه من أحكام وتفاصيل تخفى عليهم, وبالأخص ما يكون من لمز في نية القاضي وأنه لم يرد وجه الله في حكمه ونحو ذلك, وهذا خوض في النوايا التي لا يعلمها إلا الله, فقد يكون أخطأ في الحكم فعلا, ولكن باجتهاد منه يؤجر عليه!

3- السائل استحضر الهجمات ( التعميمية) في سؤاله, وأومأ إلى المؤامرة الخبيثة لإسقاط هيبة القضاء والقضاة, فكان تركيز الشيخ في جوابه على هذه القضية, ومن تأمّل كلام الشيخ وجد تكراره لنقد التعميم في الطعن, وحفظه لهيبة جهاز القضاء, مراعيا انتهازية المنافقين من ليبراليين وعلمانيين في البلد, والذين لم يفتروا يوما عن الطعن في الجهاز القضائي وغيره من الأجهزة التي تقوم على الحكم بما أنزل الله.

4- لابد أن يُؤخذ كلام الشيخ على أنه تأصيل للتعامل مع جهاز القضاء وأخطائه, فليس هذا الجهاز وأربابه كغيرهم من حيث الحساسية والهيبة, لا أن يؤخذ كلامه ويصبّ في قضية واحدة كقضية الشيخ يوسف الأحمد ومن معه فرج الله عنهم ونصرهم!.

5- لاشك أن ما يقوم به بعض القضاة من أحكام تعسفية ظالمة تجاه العلماء والدعاة ونحوهم قضية خطيرة, ولكن عليك أيها الغيور المدافع أن لا تتحول من حيث لا تشعر إلى محارب للقضاء بعمومه, وهذا توجيه عظيم, ووقفة دقيقة من عالم رباني, فقد وقع من الكثيرين من أهل الخير الغيورين تجنّ على القضاء والقضاة تعميما دون تخصيص من حيث لا يشعرون, لما كانت العاطفة هي المُحرّك, فكان هذا التوجيه من هذا العالم في مكانه ووقته, بأن لا نجعل من أخطاء بعض المنتسبين للجهاز سبب في النيل من الجهاز كله, فنشارك في سيل هدّام يريد الإطاحة بحكم الله من حيث لا نشعر.

6- كل من استعصى عليه فهم مقطع الشيخ, عليه أن ينظر في تغريدة الشيخ هذه التي قطع بها السبيل على كل طاعن ومشكك :
 http://dc524.4shared.com/img/LBWWv8fX/s7/0.13763976552271273/Photo_--____.png

ومن غض الطرف عنها، فقد أعطى الناس كل الحق في الشكّ فيه ودواعي موقفه وهجومه على الشيخ!

الوقفة الثانية : 

كانت هناك ردود مؤدبّة حفظت للشيخ مكانته ومنزلته من قبل بعض طلاب العلم فشكر الله لهم ذلك,

 ولُوحظ تسرع من "بعض" القدوات والموجهين من أهل الخير في تخطئة الشيخ, والعتب على هؤلاء أشد من غيرهم, فلم يُرَ من "بعضهم" إنصاف للشيخ, وذلك نتيجة التسرع في الرد دون التدقيق في كلامه, جرهم إلى ذلك العاطفة والحماسة تجاه القضية, فكانوا ينتظرون من الشيخ صوتا أعلا ولغة أقوى! تتواكب مع الموجة القوية في الذبّ عن المظلومين وبالأخص قضية الشيخ يوسف الأحمد حفظه الله كونها قضية الساعة, ولكن الشيخ جاء بهدوء العالم الحكيم, فلم يُشبع ذلك أنفسهم الثائرة! ولم يعوا أن الشيخ كان ينظر إلى القضية من زاوية أخرى غير التي أرادوها,فجاء ردّه منبها إليها,

فإن كنت أيها المعارض ترى أن المصلحة الأعظم هي في تكثيف الهجوم على ظلمة القضاة ونحو ذلك, فإن الشيخ يرى أن ذلك يقود إلى مفسدة أعظم وهي تضعيف القضاء بالعموم! وأن المصلحة الأعظم إنما هي في حفظ هيبة القضاء في المجمل والتركيز على ذلك, وعدم الطعن في القضاة إلا بتخصيص المقصود ,عند قيام حجة وبرهان قاطع,  وفي ظني أن ما نبه إليه الشيخ وأكد عليه جاء في وقت غفل عنه الكثيرون في خضم هذه الهبّة المباركة, 
وأتمنى أن يُنظر لها كالنصيحة الصادقة, والتنبيه المهم من العالم الوالد, صاحب الخبرة الطويلة في حياة علمية جهادية عايش فيها أنواع التغيرات والنوازل! وإننا في هذا الحراك الاحتسابي العظيم لفي حاجة ماسة إلى توجيه أمثاله! والالتفاف حولهم.

 وبعض الأخوة من القدوات, جاء رده كما لو لو أنه ردّ على أحد أقرانه أو متابعيه! وليس هذا تأدب مع علمائنا الأجلاء الذين لا يُعرف عنهم إلا الثبات على الحق والدعوة إليه, فلابد من إنزال الناس منازلهم, وإشعار الناس بقيمة العالم ومرتبته في دين الله, فلما يتابعك الألاف من الناس, ثم تكتب تخطئتك بهذه اللغة الباردة, أي رسالة توصلها لهم؟ , وهذا حقيقة يعكس إعجاب الشخص بنفسه واغتراره بما عنده!, وزعمه الاستقلالية عن علماء الأمة! فيا أخي والله لو جُمع جهدك وعملك لربما ما عدل يوما قضاه الشيخ في السجن, أو أسبوعا من أسابيعه المدججة بالعمل والجهاد والحسبة ونشر العلم, وعدم تقديرك لعلماء الأمة طعن فيك ومنهجك فراجع نفسك, وانظر في سير الأولين وحالهم مع العلماء الراسخين, لعلك تُصلح ما اختل عندك في ميزانهم.

والبعض من مُراعي رغبة المتابعين, والمتأثرين بتعليقاتهم, علِمَ أن انتقاد الشيخ وهو "في صفّه" فرصة ذهبية لإبراز "إنصافه" , فسارع إلى تخطئة الشيخ, وفِكْرُه سارحٌ يتخيل تلك الردود المليئة بالثناء عليه لهذا الموقف "الشجاع", لأنه السلفي الذي ينتقد رمزا من رموز السلفية!, فيقال له "أنت المنصف" وأنت "الصادق" وأنت "القدوة"إلخ,,,,, وقد قيل!

وهو نفسه الذي لما احتدم الناس على رمز من رموز التنوير, عَلِم أن في تهدئته الأمور, وتذكير الناس بحقوق المسلمين, وحفظ أعراضهم إلخ, أن في ذلك كسب آخر للمتابعين وثنائهم, ليُقال عنه "الوسطي" و"المتعدل" إلخ,, فذهب يثبط المحتسبين, ويشتت الجهد حتى قيل فيه ما تمنى, وهذه والله فتنة له عظيمة, فأين تلك الروح لما صار السلفي هو المخطئ, إذا سلمنا بالخطأ جدلا؟ أعاذنا الله من فتنة الجماهير!.

ولا يُفهم من هذا الكلام أن هناك من هو فوق النقد والرد, فليس ذلك المُراد!, ولكنّ الناس ليسوا سواسية , وإن مكانة العالم الرباني عظيمة ورفيعة, والواجب في حق أمثال الشيخ مراجعته بذلك شخصيا والسماع منه والتريّث, كيف وقد أوضح ما يريد بتغريدة كالشمس؟ أما التسرع في التخطئة ونشر الردود والتحفظات العلنية في المواقع الاجتماعية ونحوها بسبب كلام محتمل ومتشابه! ليس منهج السلف الحق ولا الواجب تجاه هؤلاء العلماء, ونحن أحوج ما نكون إلى وحدة الصف بين أهل الحق, وإعادة هيبة العلماء الأتقياء بعد السنوات العجاف المنصرمة!

أما فريق المهرجين, ذلك الخليط من أهل النفاق واللبرلة والتنوير والخلوف,إلخ, ممن خرست ألسنتهم يوم اعتدى الشانئون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى شرع الله, وانبروا للدفاع عنهم؟! بينما لما حصل من الشيخ هذا الكلام، سلّوا أقلامهم المسمومة للطعن في الشيخ والتشكيك فيه,  ففجرة وشرذمة قليلون, وخونة مارقون, أحقر من أن يُكتب فيهم مزيد أسطر!.

الوقفة الثالثة: 

أعجبُ حقيقة من المزايدة الحاصلة على صدق الشيخ ونصرته للحق, وقضايا الأسرى المظلومين؟ والتي وصلت إلى التشكيك والطعن, حتى ممن يُعلم عنهم الخير؟

أيُظن مثل ذلك في الشيخ ناصر العمر؟ مابال الناس اختل ميزانهم, وعميت أبصارهم؟ حتى لو سُّلم لهم جدلا أن الشيخ أخطأ, فوالله أنه شيء حقير, وذرة تضيع في فضاء صدقة ونصرته! فهل تعاملوا معها على أنها من هذا القبيل, أم جعلوا من الذرة الفضاء كله!؟

كيف يُظن مثل ذلك, والشيخ من أشهر و"أقدم" من وقف في وجه الظلم؟, ونادى بنصرة المظلومين منذ عقود إلى هذا اليوم؟ بمنهجه الثابت عنه والمعروف, فما تحول ولا بدّل الشيخ تبديلا؟

 ثم لأجل كلام مُحتمل في مقطع واحد وكلام مجمل, يهدم ذلك كله؟ سبحان ربي أيّ بهتان هذا, ووالله إني لأخجل من تعداد فضائل الشيخ في مثل هذا المقام, ومن يحصي فضائل وجهود عالم رباني عامل مثله حفظه الله , كما نحسبه والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدا!

إن كان الناس يزايدون في نصرتهم لقضية الأسرى, فوالله لا أعلم متحدثا بهذه القضية "علنا" في منبره الأسبوعي, وبالأسماء, مثل الشيخ ناصر العمر! حتى في زمن ما قبل الثورات! أو إن شئتم فسموه زمن "الخور" والصمت! فوالله ما فتئ الشيخ في درس من دروسه عن الدعاء للأسرى في العراق , وفي كوبا, وفي السعودية!, وليست الشجاعة والله في رفع الصوت مع الأصوات المرتفعة! وإنما الشجاعة في رفع الصوت يوم خفتت الأصوات وخَرُست الألسن! فهل حفظتم ذلك للشيخ يا معشر الطاعنين؟

إن كان الناس "الأن" بدأوا يقومون بالحملات "التويترية" بالأسماء! , فإن الشيخ قد سبقهم في ذلك من قديم! والأسماء تصدح في منبره الأسبوعي, فالشيخ سليمان العلوان على سبيل المثال, يُذكر في درس الشيخ مرارا منذ سجنه, فلكم والله خصه الشيخ بالدعاء باسمه والتفريج عنه وعن كل "مظلوم" في سجوننا , وذكر أسماءا كثيرة, كالشيخ عبدالعزيز الجليل فرج الله عنه وغيرهم , في وقت كان كثير من رموز "الحقوق"  صامتون خارسون! ثم يأتي أحدهم اليوم ليزايد على هذا العالم؟

في الوقت الذي عُدمت فيه الأصوات عن نصرة الجهاد, والدعاء لأهله حتى من "العلماء والدعاة" وقت احتدام الحملة الأمريكية لمكافحة "الجهاد",  لم يمرّ درس أسبوعي للشيخ دون دعاء صريح لنصرة المجاهدين في العراق, وأفغانستان, وفلسطين , والشيشان, وغيرها من ثغور الجهاد, وهذا هو حال شيخنا إلى يومنا هذا, فهل حفظ الطاعنون للشيخ ذلك؟

وحدّث ولا حرج عن إنكار الشيخ للمنكرات المستجدة في شتى المجالات, ومناقشتها والرد على أهلها, حتى صار درس "بين الأذان والإقامة" تقرير أسبوعي لأحوال الداخل والخارج وما يستجد فيها! إلى غير ذلك من جهود الشيخ العظيمة في القنوات الفضائية ونحوها,

مؤسسة المسلم وما تقدمه للعالم كله من ندوات ومؤلفات , الهيئة العالمية لتدبر القرآن وجهدها العظيم غير المسبوق في باب التدبر وتبصير الأمة به وردهم إلى كتاب الله ,رابطة علماء المسلمين  ومواقفها المشهودة في قضايا الأمة الرئيسة, كل واحدة منها تحتاج إلى "مطولات" للحديث عنها وأثرها على الأمة أجمع! يقف خلفها هذا الجهبذ!

هذا كله شيء, وما خفي كان أعظم, فوالله لا يعرف الناس كم ناصح الشيخ وراسل الولاة والمسؤولين! وكم كتب في الأسرى المظلومين, والمنكرات المتكررة حتى من المسؤولين,

كل ذلك على سبيل الذكر لا الحصر, وإلا جهود الشيخ من يحصيها؟ إلا ربه جل في علاه! ومثل الشيخ في غنى عن ذكر ذلك كله, ولكن الناس بحاجة إلى إعطاء العالم حقه وحفظ مكانته, فهؤلاء العلماء أنوار يُستضاء بها, كيف ونحن في زمن الفتن الذي يلتبس فيه الحق بالباطل! وهم من قال عنهم عز من قائل ( وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا).

أسأل الله الكريم أن يفرّج عن كل مظلوم من المسلمين في بلادنا وخارجها,وأن يولي على المسلمين خيارهم ويبعد عنهم شرارهم, اللهم عجل فرجك للشيخ سليمان العلوان والشيخ يوسف الأحمد وأخوانه, والشيخ عبدالعزيز الجليل والشيخ وليد المديفر والشيخ خالد الراشد وكل مظلوم من علمائنا ودعاتنا والمجاهدين في سبيلك خاصة والمسلمين عامة, وانتقم لهم ممن ظلمهم في حكمه وسجنه! واحفظ اللهم علماءنا بحفظك وأيدهم بتأييدك وانصرهم بنصرك, إنك ولي ذلك والقادر عليه, والله أعلم وصلى الله وسلم على رسول الله.

وائل بن عبدالله الدهش
الثلاثاء 25\5\1433 هـ 
1493

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..