الأحد، 22 أبريل 2012

ما بين عبدالله حميد الدين و عبدالرحمن بدوي

«لا أستطيع أن أعبر عما بداخلي من إحساس الندم الشديد، لأنني عاديت الإسلام والتراث العربي لأكثر من نصف قرن. أشعر الآن أنني بحاجة إلى من يغسلني بالماء الصافي الرقراق، لكي أعود من جديد مسلماً حقا. إنني تبت إلى الله وندمت على ما
فعلت. وأنوي إن شاء الله- بعد شفائي- أن أكون جندياً للفكر الإسلامي وللدفاع عن الحضارة التي أشادها الآباء والأجداد، والتي سطعت على المشارق والمغارب لقرون وقرون» مجلة الحرس الوطني، عدد (244)، 2002م

-       تناقلت وسائل الإعلام وفاة صاحب هذه الكلمات وهي لا تزال تُجهز للطبع والنشر بين ثنايا حوارٍ بليغ حزين. وكان ذلك في عام 2002م عن 85 عاماً.
-       صاحب هذه الكلمات هو المؤرخ والفيلسوف الوجودي عبدالرحمن بدوي-رحمه الله-.
-       من الذي قرأ شيئاً من كتب الفلسفة المترجمة، أو قرأ شيئاً عن الفلسفة الوجودية تحديداً ولم يمر عليه اسم عبدالرحمن بدوي؟! من الذي قرأ في الاستشراق ولم يمر عليه اسم عبدالرحمن بدوي صاحب موسوعة المستشرقين؟! من الذي قرأ في التصوف ولم يعرج على كتاب تاريخ التصوف لعبدالرحمن بدوي؟!
-       لقد بلغ عبدالرحمن بدوي مبلغاً عظيماً في الذكاء والنباهة وإتقان اللغات(5لغات)، وملأت كتبه -التي تقترب من المائة والخمسين- مكتبات الشرق والغرب. واشتغل بالفلسفة حتى بات مرجعاً في فهمها،  واصطفى منها لنفسه أسوأها؛ وهي الوجودية الغربية الملحدة، فتبناها وسخَّر حياته لنصرتها وترويجها في العالم الإسلامي!
-         هاهو ذلك الملحد الوجودي الكبير، يعلن إسلامه قبل وفاته، ويقول وهو على فراش مرض وفاته:«أتمنى أن يمد الله في عمري، لأخدم الإسلام وأرد عنه كيد الكائدين وحقد الحاقدين».مجلة الحرس الوطني، عدد (244)، 2002م
-       تذكرت عبدالرحمن بدوي - رحمه الله- بعدما رأيت بالأمس عبدالله حميد الدين ضيفاً في برنامج إضاءات مع الإعلامي تركي الدخيل.

-       لن أتطرق هنا إلى مضمون ذلك اللقاء، ولكن الذي لفت انتباهي الهدوء (غير المعهود) من مقدم البرنامج، والذي لم يأت بنقولاتٍ من كلام الضيف،  ويناقش ويشاكس، كما هي عادته مع باقي الضيوف!!؟

-       ولفت انتباهي أيضاً الشجاعتان (المحمودة والمذمومة) التي تحلى بهما عبدالله حميدالدين؛ فأما المحمودة منها فمثل: اعترافه بأن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر غشيتهم في منتداهم بسبب شكاوى أولياء أمور بعض المريدين، وكذلك إنصافه هيئة الأمر بالمعروف بذكر تعاملها الراقي معه، وكذلك اعترافه بأنه لا زال يبحث عن الحقيقية.
-       وأما شجاعته المذمومة فهي في ذلك المضمون الذي طرحه عبر اللقاء!! ذلك المضمون الذي سبق وأن وصل إلى منتهاه (بل وأبعد منه) فيلسوف العرب في القرن العشرين ورائد الوجودية في الوطن العربي عبدالرحمن بدوي، والذي أعلن قبل موته براءته منه ومن كل ما سوى الإسلام وحضارته، وقال:«قرأت الأدب والفلسفات الغربية في لغاتها الأم مثل: الإنجليزية والفرنسية واللاتينية والألمانية والايطالية، وأستطيع أن أقول إن العقل الأوروبي لم ينتج شيئاً يستحق الإشادة والحفاوة مثلما فعل العقل العربي!!. وتبين لي - في النهاية- الغي من الرشاد، والحق من الضلال» مجلة الحرس الوطني، عدد (244)، 2002م

-       فما دمت يا عبدالله لا زلت تبحث عن الحقيقية فلم لا تبدأ من حيث انتهى عبدالرحمن! فالعقل السليم يدعو صاحبه للاستفادة من نتاج تجارب الآخرين، والسعيد من اعتبر بغيره.

-       لم أورد مثالاً لرجل تاب قبل قرون متطاولة عن الفلسفة والخوض في الغيبيات، حتى لا يُرد بأن الزمان غير الزمان، بل هو رجل عاش بيننا (حتى بعد11سبتمبر)، وودعناه قبل بضع سنين.

-       إن عبدالرحمن بدوي - رحمه الله- حالة فريدة تستحق تسليط الضوء من قبل الإعلام والكتاب، وخاصة في ظل تنامي الحديث عن الإلحاد والشك.
-       ختاماً أقول: إن الخوض في الغيبيات بعيداً عن نور الوحي يوقع في ظلمات الشك والحيرة.

اللهم اربط على قلوبنا وثبت أقدامنا، والحمد لله رب العالمين.

صالح الحساب الغامدي
السبت 29/5/1433

·       لقراءة  اللقاء - كاملاً- مع عبدالرحمن بدوي، انظر الرابط التالي لمجلة الحرس الوطني http://bit.ly/HRtndF
·       للمزيد عن عبدالرحمن بدوي انظر كتاب: عبدالرحمن بدوي ومذهبه الفلسفي ومنهجه في دراسة المذاهب، لعبدالقادر بن محمد الغامدي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..