يكثر الحديث هذه الأيام عن وثيقة تمنع دخول المنحرفين من الجنسين للجامعات والمدارس إلا بعد اصلاح أحوالهم .
وهذا
قرار قد يساعد في ابعاد التفاحة الفاسدة من وسط الصندوق حتى لا يتكاثر
العفن والفساد, وهو علاج يصنف
من الأدوية المسكنة التي لا تزيل الوجع لكنها
تسكنه والافراط فيها يعود بنتائج عكسية .
بقي دور العلاج لهذه الظاهرة والتي من وجهة نظري تتحملها الأسرة بحكم أنها الحاضن لهذا المستأنث أو تلك المسترجلة .
لنسترجع
مع الأسرة دورها الذي قامت به لتنشئة هذا الطفل أو الطفلة , في الغالب أن
أغلب هؤلاء هم ابناء وبنات وجدوا دلالاً مفرطا , أو عنفا مفرطا .
نبدأ
بالأبناء المدللين , منذ صغرهم وهم ينتقلون من يد خادمة إلى أخرى , يلبسون
أغلى الملابس وأغربها , يسافرون يتنعمون في الألعاب وتتحقق مطالبهم
المادية ! لا يرفض لهم طلب مهما كبر أو صغر , ينشئون بشخصيات مهزوزة وببناء
هش ظاهرة جميل وداخله محطم .
ينشأ
الذكر منهم مع أخواته ملازما لهم , يراقب تصرفاتهم ,والباسهم وضحكاتهم
,يتعرف على ألعابهم وأسرارهم وشيئا فشيئا يصبح مثلهم , الأب مشغول عنه
بتجارته , أو سفرياته , أو أعماله التي لا تنتهي , فلم يرافقه للمساجد ,
ولم يأخذ بيده لمجالس الرجال بحجة أنه جلسة كبار , واجتماعات لا تهم الصغار
, فإذا كبر هذا الصغير صار ينفر منها ويخجل من مجالستهم ويشعر أن مختلف
عنهم, لم يعلمه كيف يمسك بالدلة ليسكب للضيوف القهوة , أو كيف يستقبلهم
ويقوم على اكرامهم.
يقضي
هذا الابن نصف يومه أو أكثر وهو مع أصدقاءه , لا يعرف عن حياة الرجولة إلا
اسمه فقط , يعتني بشعره وببشرته , لا يلبس إلا الألوان الزاهية والضيقة ,
فيكون صيدا سهلا للمتربصين به من ابناء جنسه . ولا عجب أن تخرج لبعض
الأماكن ليقابلك بعضهم, فتحاول أن تغمض أعين صغارك من هذا المنظر الذي
أمامك , وتسأل نفسك بحرقة أين والداه عنه؟
هل
وصلنا لدرجة أن لا نعرف من الزواج والأسرة إلا أنه وسيلة فقط لإنجاب
الأطفال وتركهم للشارع والحظ والنصيب بدون أي تربية أو تنشئة صحيحة ؟
وبالمقابل
نجد الفتاة المنعمة كالريشة تنتقل في مهب الريح تنجذب لهذه وتلك لأنها لم
تجد أما تحتويها تعلمها أبسط أبجديات الحياة , أما لا تعرف إلا السوق
والزيارات النسائية , أو تقضي أغلب يومها في عملها وتعود منهكة لا تسأل
خادمتها إلا سؤالين (أكل الأولاد , نام الأولاد) وكأن حياتهم فقط أكل ونوم ,
لا تعرف ماذا تتابع هذه الفتاة في التلفاز أو الكمبيوتر , لا تسألها لماذا
تسريحة شعرها تغيرت ؟ ولماذا هذا الكحل الفاحم في عينيها ؟ لماذا تصر على
لبس السواد وتخالف بذلك فطرة قريناتها ومن هم في مثل عمرها ممن يعشقن
الألوان الزاهية والتسريحات الطفولية ؟
لا
تسألها عن جرح في يدها على شكل الحرف الأول من اسم صديقتها , ولا تلاحظ
تلك الأساور الغريبة التي ترتديها والتي بدأت في غزوا الأسواق؟ لم تسألها
عن سبب عزلتها واكتئابها وحزنها الذي عكسه شحوب وجهها وتغير مزاجها .
ثم
نأتي للطرف الآخر العنف المفرط , بعض الأسر ممتلئة بالعقد والمشاكل فانعكس
ذلك على طريقة معاملتهم للأبناء , فكل حياتهم صراخ و أوامر وضرب وتوبيخ ,
مما ولد عند هؤلاء الأبناء كراهية للأسرة ونفور منها , فيجد سعادته مع
أصدقائه وهي تجد سعادتها مع الصديقات .
فالعنف
الذي مورس ضدها جعلها انسانة خالية من الأنوثة , تشاهد معاملة والدتها
للذكور فتحاول أن تتقمص شخصيتهم , تتحدث مثلهم وتلعب نفس ألعابهم ,
يضربونها وتضربهم , تبكي في غرفتها بصمت لأنها تعلم جيدا أنه ليس لديها أم
تحتضنها إذا غضبت أو حزنت , ليس لديها أب يمسح على رأسها بحنان ويحملها
ويقبلها ويلاعبها , فتكبر وهي تكره ذاتها وتمارس سلطتها على الأضعف من بنات
جنسها فتكون معهم الصداقات وتستأثر بهم .
والابن
أيضا يمارس ما تمارسه أخته فيفرغ غضبه في بعض السلوكيات السيئة التي يقوم
بها , وكأنه انتقام من هذا المجتمع الذي يتفرج عليه ولا يستطيع تقديم
المساعدة له .
الحل بيد كل أسرة فالله سبحانه وتعالى خاطب بني آدم{يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } وكان علي بن أبي طالب يقول (علموهم) و(أدبوهم) .
وهل
هناك تعليم أفضل من أن أخذ بيد أبني إلى المسجد فأعلقه بالمساجد والذكر
وأحصنه من كل الأمور المستحدثة , حتى إذا شب واعتمد على نفسه وتعرض لمواقف
امتحان وابتلاء وهم بخوض غمارها ثم يتوقف ويقول (أني أخاف الله) يرده من
المعصية خوفه من الله وليس خوفه من والده أو نظرة مجتمعه له .
وليس
أفضل من أن تأخذ الأم ابنتها فتعلمها منذ الصغر على المحافظة على العبادات
, والحديث معها حديث الصديقة لصديقتها , بل وحتى اللعب معها ومشاركتها في
همومها وقصصها وقراءتها,وحتى إن لزم الأمر تصادق صديقاتها فلا تكون ضيفا
ثقيلا تخيفهم بنظراتها أو انتقاداتها بل تكون الأم الحنون لها ولصديقاتها ,
تجاذبهم أطراف الحديث , وتتندر معهم وتحسن ضيافتهم ,وفي نفس الوقت تعرف
نفسياتهم واهتمامتهم , حتى تعرف أبنتها أكثر , فلا تجعلها فريسة للهموم
وصديقات الهوى .
إن
قامت كل أسرة بواجبها تجاه أطفالها وشبابها فلن تجد هذه الظاهرة طريقها
لمجتمعاتنا !وسنرى الأنثى والذكر بطبيعتهم الفطرية التي خلقهم الله عليها.
أعطوهم
الكثير من الحب , الكثير من الحنان , الكثير الكثير من الأدب , وكونوا
قدوة صالحة لهم , فلا ينفع أن أربي جيلا وأنا بحاجة للتربية .
بقلم/ليلى الشهراني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..