فطنتْ الصهيونيةُ العالمية,ومنذ أكثر من مائة عام إلى أهمية الإعلام وأثره الفعال على المجتمعات,بجميع أطيافها وشرائحها
وأنه المحرك الحقيقي لها والموجه النافذ السريع اليها,ايديوليجيا وفكريا وسياسيا واقتصاديا وغير ذلك,لذا كرستْ جهودهاالجبارة لتوظيفه وتطويره,لخدمة
مصالحها,فاختطفت المنابر الاعلامية وجعلتها صوتها الدعائي, وذراعها القوي ولسانها السليط,وسيفهاالمصلت,فتمكن اليهود بعد الحرب العالمية الثانية,من تأسيس إعلام يخدمهم ويخدم قضاياهم, فهيمنوا على الصحافة الورقية في أوروبا, ومن بعدها الإعلام المسموع فالمرئي, وأنشأوا وكالات للآنبا, وتوغلوا في مفاصل ومؤسسات أميركا والدول الآوربية وخاطبوا الملايين وأسمعوا الناس في مشارق الارض ومغاربها, وصوروا
الحق باطلا والباطل حقا, وأوهموا العالم أنهم مظلومون ومضطهدون وأن أرض
فلسطين, أرضهم ووطنهم ,فاستصدروا من بريطانيا وعد بلفور المشؤوم, ومن
اميركا الدعم المادي واللوجستي والحماية, ومن (الاتحاد السوفيتي)الدعم
البشري الذي يُكثرُ من سواد اليهود على أرض فلسطين العربية!!
ولم
يدرك المسلمون ما أدركته الصهيونية من قبل,حتى أدرك الآقزام المحسوبون على
الاسلام والمسلمين, من المنافقين وأهل الآهواء هذه الحقائق,فاختطفوا
المنابر الاعلامية ووظفوها لآهوائهم فكانوا هم الخطر المحدق والموت الزؤام
والشر المستطير,وكانوا هم العون الحقيقي لآعداء الامة الاسلامية
الظاهرين,قاتلهم الله أنى يؤفكون!!
ولم
يكن هذا ليحدث لولا تورع, الكثير من الفضلاء وطلبة العلم,والصالحين عن
متابعة الإعلام المقرؤ والمسموع والمرئي, فقد انكفأوا وعزفو عن مشاهدة أو
سماع أو قراءة ما يحاك لهذه الآمة من هؤلاء الاقزام المتسلقين للاعلام!
فهم لم يسمعوا الطروحات الفكرية النتنة,لقلة المتابعة الإعلامية عبر المذياع,ولإحسان الظن بالناس الذين يتصدرون الإعلام!
ولم يروا بأم أعينهم مايفعله الطائشون والممثلون, بأبناء الامة من دس رخيص وطعن في القيم والثوابت,لآن الكثير من الآخيار يتورع عن
إحضار التلفاز إلى الدار,إتقاءا لما فيه من شرور وفساد, وهم لم يقرأوا
ماتسطِّره أنامل الكتاب التغريبيين عبر الصحف والمجلات,لتغريب الآمة ولنسف
ثوابتها وتشريعاتها
وذلك لحرصهم على عدم الالتفات للكتابات الصحفية الورقية!
وإن كان جل هؤلاء من العلماء الآخيار الذين يشار لهم بالبنان
في
العلم والفقه والصلاح,وفي المشورة والاصلاح بين الناس,فإن الصواب قد
جانبهم في عدم الإلتفات لآحوال المجتمع الفكرية,وعدم التنبه للآفكار
الوافدة الدخيلة,وللغزو التغريبي الذي بدأ مع التطبيل للسينما
العربية,والكتابات الصهيونية المسمومة عبر روايات جرجي زيدان
الشهيرة,وكتابات احسان عبدالقدوس ونجيب محفوظ وتوفيق الحكيم وحداثة
أدونيس والبياتي, وغيرهم من أهل التغريب والزندقة,الذين أسأوا للدين
والقيم والثوابت والاخلاق, أيما إساءات,وخدموا الاستعمار والصهيونية خدمات
لاتعد ولا تحصى,وسلموا راياتهم السوداء لمن بعدهم من أهل الضلال حين
هلكوا,أهلك الله من أقتفى أثرهم وسار على نهجهم!!
وقد
كان هذا الغزو الفكري منذ أزمنة الإستعمار البغيضة التي جثمت على كواهل
العرب والمسلمين فترات طويلة,فسلبت خيراتهم وأحدثت في هوياتهم,وأختزلت
الكثير من أخلاقهم وعاداتهم وأفرزت بينهم, العملاء الذين يحملون معاول
الهدم
والخراب بين بني جلدتهم!
لقد كان حري بأهل العلم والآدب من الصالحين والتربويين في
هذه
البلاد, ومنذ أن كان أدب الحداثة الرخيص يغزو صحافتنا السعودية أن ينبروا
للغزاة الآشرار بالفكر والقلم والنصح والعَرْضِ على ولاة الآمر بارك الله
فيهم, حتى تنحصر الشرور ويتقهقر العابثون بثوابتنا العظيمة وشرعنا المطهر
ووطننا الكريم!
غير
أنهم قد تأخروا كثيرا حتى استفحل الآمر وازداد سوءا على سؤ,ولم يستيقظو
إلا بعدأن تزندق اللبرالي الذي كان يكتب على إستحياء,وفَجَرَ الحداثي الذي
كان يترنم بطلاسمه الغامضة بخنوع
وتشدق الرويبضة الذي كان مخذولا كسيرا لايكاد يبين!!!
لولا
الصمت الرهيب الذي خيم على كثير من علمائنا عقودا طويلة تجاه الحداثيين
والتغريبيين ودعاة السفور في الصحافة ,ما تسلق الآقزام منابر الإعلام وما
غردوا بتغريدات الزندقة والالحاد,وما وصلنا إلى ما وصلنا اليه...حتى غدا
زنادقتنا المغردون(النابحون) أسوأ الزنادقة في أرض العرب والمسلمين,وهم على
أطهر بلد وأشرف أرض!!
كان
الامام احمد بن حنبل وابن تيمية وابن الجوزي وغيرهم من علماء الآمة,يقرأون
ماكتبه المبتدعون والملحدون وأهل الآهواء فينبرون لهم في الحال,لقد كتب
ابن تيمية العقيدة التدمرية بين الظهر والعصر,ورد على المبتدعة في جوابه
على سؤال واحد
وفي جلسة واحدة,بأكثر من مائتي صفحة,حتى عاد أكثرهم الى الحق, في مجلسه ذاك,وكان رحمه الله من أكثر الناس عبادة وتسبيحا وتهليلا!!
إن لعلمائنا الكرام في نفوس الناس محبة وتقدير وإجلال,وتطمئن القلوب لفتاواهم ولعلمهم المؤصل,لغزارة مالديهم ولصفاء عقيدتهم
ولحبهم للناس والشفقة عليهم,ولمناصحتهم لولاة الآمر وفقهم الله.
غير أن أبناء هذا الوطن الكريم المملكة العربية السعودية,يعولون عليهم كثيرا في كبح جماح تيار الزنادقة والمرجفين واللبراليين
ومتابعة طروحاتهم السقيمة,وأفكارهم العقيمة,ودمغ الباطل بالحق وبالحجة والبرهان,فالاقزام اليوم فوق
المنابر الاعلامية, تتسنم ذروتها وتمتلك قاعدتها ,ويجب أن يرمي بها خارج
الآسوار بالفكر الاسلامي النير وبالنصح والارشاد, وبالقضاء العادل المستمد
من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم,والذي هو دستور هذه البلاد الكريمة الذي أسسه الباني المؤسس رحمه الله ويسير عليه أبناءه الكرام ولاة أمرنا حفظهم الله وسدد خطاهم!!
رافع علي الشهري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..