لن أبذل أي جهد يذكر في توقع ردة فعلك حين أقول ان مسؤولاً يدعي في غمرة احتفاله بعودة جيشه من دولة اقتحم أراضيها دون رضا نظامها، إن بلده لا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد الأخرى!
ذلك المسؤول ذهبت جنوده وأمواله وإعلامه إلى ذلك البلد بدون دعوة من نظامه الرسمي، وبلغ تدخله في شؤونه الداخلية أن اصبح جزءاً من المعارضة ومشاركاً في المعركة ضد نظامه السياسي.
ذلك المسؤول صرح في احتفال رسمي نقلته وكالة أنبائه وبالنص "نحن لا نتدخل في شؤون الدول الاخرى وليست وظيفتنا ولا يخطر ببالنا تغيير نظام أو فرض نظام سياسي على أحد".
للأسف فإن ذلك المسؤول هو السياسي الشاب ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، الذي نرجو منه سعة الصدر وطول البال لكي يسمع وجهة نظر مختلفة لا يتم عرضها في أدواته الإعلامية المعروفة. ولا يمكنه ان يسمعها من مستشاره خريج الكنيست او غيره ممن ينظّرون للسياسة القطرية في أنحاء عديدة.
يا سمو الشيخ! كيف لا تتدخل قطر في شؤون الدول الأخرى؟ ماذا يقول علم السياسة في إرسال الجيش والطائرات، والوقوف سياسياً مع طرف ضد آخر، وحشد الرأي العام ضد نظام دولة ـ مهما اختلفنا معها ـ وممارسة الضغوط الاقتصادية على الدول الأخرى حين تلوح بعصا المساعدات؟ ألا يعد ذلك تدخلاً في شؤون الدول؟
ولا نعلم يا سمو الشيخ، ألا يعد تدخلاً استعمال سلاح الإعلام، وشن الحملات على الأنظمة، وحتى على المعارضات، ونحن نستمتع برؤية التدخل القطري في دول عديدة عبر دعم الإخوان المسلمين في تونس ومصر وليبيا وسوريا والسعودية والبحرين والكويت والعراق واوروبا؟ ولو كان في كوريا الجنوبية "إخوان" أما كنتم خصصتم لهم حلقة في برنامج "بلا حدود"؟ وماذا عن استعمال الجزيرة أداة تحريضية سبعة ايام في الاسبوع واربعاً وعشرين ساعة يومياً لبث التحريض على هذا النظام او ذاك ولتمجيد الاخوان المسلمين وحمل رسائل الولي الفقيه الإخواني الشيخ القطري يوسف القرضاوي عبر القارات؟
بعد كل هذا تدَّعون أنه ليس لقطر اي تدخل وأنها لا تعشق التدخل بل لا تهواه؟
التدخل في شؤون الغير ليس مكروهاً بالضرورة في كل الظروف، بل هو مرغوب احياناً إذا كان بدعوة من نظام بلد لغيره من البلدان لمساعدته مع احترام سيادته الوطنية او عبر قوانين دولية ناظمة.
الأدوات القطرية لا تنصت لهذا المصطلح جيداً؛ فهي تخلط بين التدخل لأغراض حميدة او لاغراض تنساق ضمن الرغبة الاميركية في منح الاسلام السياسي نسخة الاخوان المسلمين فرصة الحكم في المنطقة العربية لتقليم اظافر تيارات الاسلام السياسي المتطرفة.
يا سمو الشيخ ألا تتضمن تفاصيل التدخل تنظيم ودعم وتمويل شبكات الإخوان في دول خليجية عديدة عبر مشروع النهضة او أكاديمية التغيير او مؤتمرات وندوات المستقبل والماضي والحاضر؟ وهل تتكرم علينا بالتوضيح لآلتك الإعلامية ان ما نفعله حين نتطرق للوضع الداخلي القطري هو مماثل لما يفعلونه؟ بل أمر مشروع كما يقول المثل النجدي "من طق باب الناس طقوا بابه" وان نسألهم ايضاً بالمثل الشعبي في اوشيقر "متى طبيتوا القصر، قال أمس العصر"؟
وفي الختام نعجب بتجربة قطر التنموية ونجاحاتها بقيادة أميرها الهمام، ونريد لها صادقين لا مخادعين او متسلقين او متسولين ان يقيها الله مخاطر التدخل في قصور الآخرين ومنازلهم وأكواخهم وعششهم.
عبد العزيز الخميس
ميدل ايست أونلاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..