تواصل – خالد الغفيري:
فوجئ
المجتمع في الآونة الأخيرة بإقدام بعض الشباب والكتاب وتتابعهم على صور
مشينة من التجاوز في حق الله سبحانه وتعالى، ورسوله الكريم صلى الله عليه
وسلم، تحت ستار حرية الرأي والتعبير، على الرغم من خطورة
ما أقدموا عليه من
أقوال أو أفعال.. يندى لها جبين كل مسلم ومسلمة.
وأصبحت
"التجاوزات في حق الله سبحانه وتعالى، ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه
وسلم" " قضية تشغل الرأي العام، وتشهد شدا وجذبا، وردود أفعال واسعة
ومثيرة، وسط المجتمع السعودي بكافة شرائحه.
صحيفة "تواصل" تناولت هذه القضية مع بعض المختصين؛ للحصول على الرأي الشرعي، وكذلك التحليل النفسي والقانوني.. فإلى التفاصيل..
الشيخ الدكتور محمد النجيمي:
ظاهرة "التجاوز" يصعب السيطرة عليها.. لكن يمكن الحد منها بفضح المتجاوزين
الانفتاح الإعلامي وجد شباباً غير محصنين فوقعوا في حبائله
أرجع فضيلة الشيخ الدكتور "محمد النجيمي" الأستاذ المشارك في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية،
سبب التجاوز في حق الله ورسوله، إلى تساهل الجهات المعنية، مبيناً أنه كان
في السابق تحسم مثل هذه الأمور قضاءً أي يحال (المتجاوز) للقضاء ولم يكن
يحال للجنة الإعلامية، والتي أحكامها في الغالب بسيطة، وليست قوية، مما أدى
إلى أن يتجرأ بعض الناس للنيل من الله عز وجل ، ورسوله الأمين .
وأكد النجيمي، أن العلماء هم من يحدد، إن كان في أي حديث، تجاوزات في حق الله تعالى أو حق رسوله الكريم، أو لا ، حيث قال "
العلماء هم الذين يقررون هل هذا الأمر (ما يطرح عليهم) يعتبر سباً لله أو
لرسول صلى الله عليه وسلم، مع إمكانية إعطاء عامة الناس مؤشرات، فمن يسب
الله ورسوله أو ينتقص من الأحكام الشرعية، أو أي مظاهر من مظاهر الدين،
فهذا من الاستهزاء
(ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين)
فهذه المؤشرات واضحة، وهذا يعتبر قد مس ذات الله أو الرسول .
وعن الدوافع التي تقود بعض الشباب لهذه التجاوزات قال الشيخ النجيمي: "فساد
في الدين، وفساد في المعتقد، وهناك أناس هم على نوعين: فالأول فهم الحرية
بشكل خاطئ، بحيث كل ما يدور في نفسه يعبر عنه، وهذا خطأ، فحتى لو دار في
نفس الإنسان شيء يجب أن يكتمه ولا يتكلم به لقول رسول الله - صلى الله عليه
وسلم -: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم)،
أما الثاني فهنالك أناس حاقدين على الدين وفاسدين، وهم من مذاهب فاسدة
أساساً ووجدوا أن هذه أفضل فرصة لهم في الوقت الذي فيه هذا الانفتاح
الإعلامي بتواجد مواقع التواصل الاجتماعي، (تويتر والفيس بوك واليوتيوب).
وأضاف
النجيمي أن: "الانفتاح الإعلامي، وتواجد الفضائيات والمواقع التي جلبت لنا
فلسفات جديدة، وهذا يذكرنا بالعهد العباسي عندما قام المأمون بترجمة الكتب
اليونانية وما فيها من إلحاد، تأثر الناس بها، وجاء القول بخلق القرآن
والأقوال المنحرفة ’ هذا الانفتاح على العالم وجد عندنا شباب بالأساس هم
غير محصنين فوقعوا في حبائل هذا الانفتاح".
واستبعد النجيمي إمكانية القضاء التام على ظاهرة التجاوز في حق الله سبحانه وتعالى أو حق رسول الله صلى
الله عليه وسلم، قائلا: "لا يمكن القضاء عليها ولكن يمكن تحجيمها بفضح
هؤلاء، كما فعل الكاتب الغنامي عندما قال: إنهم أناس باطنية وينتمون لمذاهب
فاسدة".
وشدد
النجيمي على دور الجهات المعنية في محاربة هذه الظاهرة قائلاً: "لابد أن
تلغى المحاكم الاستثنائية كاللجنة الإعلامية، ويحال كل شيء للقضاء " فيما أكد على دور المشائخ والدعاة، بحيث ينزلوا لفكر الشباب ويحدثونهم بما يفهمون ويتحاوروا معهم، ويوضحون لهم المؤامرات التي تحاك ضدهم".
وطالب الأستاذ المشارك بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
وسائل الإعلام السعودية (التي وصفها بالنائمة في العسل) أن تنهض وأن تعرف
أن هنالك مؤامرات وهنالك من يسهر الليالي من أجل تدمير المملكة، مبيناً أنه
على جميع وسائل إعلامنا المحلية أن تترك المماحكات الداخلية ونتوحد ضد
أعدائنا. كما طالب المعلمين والمعلمات بإفراد دقيقتين أو ثلاث دقائق لبيان الأخطاء التي يقع فيها أبناءنا وبناتنا وكيف يستخدمون المواقع الإلكترونية استخداماً سليماً.
المحامي أحمد جمعان المالكي:
التجاوز في حق الله ورسوله ردة عن الإسلام.. وعقوبته القتل
"التطاول" إجرام وخطر يستوجب تصدي السلطات لحسمه
من
جهته قال المحامي والمستشار القانوني "أحمد جمعان المالكي إن "التطاول على
الله سبحانه و تعالى، أو على رسول الله صلى الله عليه و سلم، أمر في غاية
الإجرام والخطورة، ويستوجب على الجهات الحكومية الوقوف بحزم وقوة أمام هذه
الجريمة، التي بدأت تظهر بوضوح في صفحات (الفيس بوك) و(تويتر) وبعض
المنتديات التي تنادي بشعار حرية الرأي، وأكد المحامي المالكي أن هذه
الجريمة لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تصنف من الناحية القانونية بأنها من
مخالفات حرية الرأي أو حتى المخالفات الإعلامية التي يمكن تطبيق نظام
المطبوعات والنشر بل إن التكييف الشرعي والقانوني لها، إنها من جرائم
الحدود بالتحديد جريمة الردة عن الإسلام، وهي إحدى الجرائم المعروفة في
التشريع الجنائي الإسلامي، وعقوبتها هي القتل.
وأضاف
المحامي "المالكي" أن تكييف الجريمة على أنها جريمة الردة عن الإسلام، لا
يعني تطبيق عقوبة القتل جزما، إنما يعود الأمر للمحكمة المختصة بالتأكد من
التكييف القانوني للجريمة وفق الوقائع والمعطيات و الأدلة التي يقدمها
المدعي العام أمام المحكمة، ويجوز للمحكمة وفق نظام الإجراءات الجزائية، أن
تغير من الوصف الجرمي وتنزل عليه العقوبة المناسبة.
ودعا
"المالكي" في ختام حديثه العلماء والدعاة والمثقفين والأدباء تناول هذه
الجريمة من الناحية الدينية التي تتناسب مع عقيدة المجتمع السعودي المسلم،
بعيداً عن الخلافات الفكرية وتبادل الاتهامات التي تزيد الاحتقان، ولا تجمع
الشباب حولهم، بل تفرقهم وتجعلهم عرضة للاختراق الفكري والأخلاقي من جهات
خارجية مغرضة تسعى إلى تدمير قيم المجتمع السعودي .
استشاري الطب النفسي محمد الحامد:
الكبت المعرفي سبب لظهور التطاول والتجاوز
ضعف الخطاب الديني أدى لخلخلة عقيدة النشء والشباب
وعلق
استشاري الطب النفسي "محمد الحامد" على ظاهرة التجاوز في حق الله سبحانه
وتعالى، ورسوله الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قائلاً: "من الناحية
النفسية فالأسباب عملية متراكمة، تتمثل في قضية الكبت المعرفي، فنجد
العلماء والدعاة، يتعاملون بلغة
خطاب لا تتناسب مع وضع العصر الحالي، الذي أصبحت متطلباته كثيرة وأسئلته ذي
جرأة أكثر من قبل، إضافة للانفتاح الحضاري الذي جاء بعد التوسع
التكنولوجي، من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقع الإلكترونية، فلم
تعد لغة الخطاب السابق كافية لإقناع البعض، لا
سيما وأننا نعيش في مجتمع محافظ فيه كثير من الممنوع في الأسئلة، فهنالك
الكثير من الشباب والمراهقين وحتى بعض الكبار، خصوصاً ممن مستواهم الثقافي
يكون دون المأمول، فمن الطبيعي سيكون لديهم ضعف في نقاط مهمة وحساسة في
جانب العقيدة والدين وفلسفة الدين، كذلك فقد تدور في أذهانهم أسئلة غريبة
وعجيبة، ولا يجدوا من يجيب عليها، بحكم ضعف التواصل بين العلماء والشباب،
فذلك أدى إلى خلخلة في عقيدة الكثير من النشء والشباب الذين تولدت لديهم
ردة فعل عكسية، نتيجة عدم الرد على أسئلتهم وما يدور في أذهانهم لذا فمن
الواجب على الدعاة أن يجيبوا على أي استفسار بحيث لا يتركوا لفكر آخر يسيطر
عليهم".
وتبقى القضية على صفيح ساخن..
خصوصا بعد ظهور المزيد من المتطاولين.. بالتزامن مع نشر هذا التقرير.. حيث
تنامت أصداء واسعة تجاه تغريدة أطلقتها الكاتبة السعودية "حصة آل الشيخ"
تصف فيها غناء "محمد عبده" بأوصاف أقحمت فيها الذات الإلهية بإساءات بالغة،
وصفها علماء بأنها ردة وزندقة، وسط ردود أفعال وتغريدات وكتابات كثيرة
أعربت عن رفضها واستنكارها لما كتبته "حصة"، فيما تلا ذلك اختفاء الحساب،
ثم إعلان الكاتبة نفسها أنه مزيف وتبرؤها منه؛ الأمر الذي يلقي الضوء على
الأثر الكبير للدور الإعلامي بكل وسائله الرسمية والجماهيرية، وكذلك دور
أهل العلم والدعوة، في منع نزوات من تسول لهم أنفسهم أمثال هذا التطاول!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..