السبت، 16 يونيو 2012

يوسف أبا الخيل يفقد وعيه الفكري بقراءة سطحية للواقع السياسي!

كنت أعتقد أن جماعة (كوبنهاجن) ، التي روجت أكذوبة السلام مع إسرائيل ، واخترعت فكرة التطبيع مع المشروع الصهيوني لمنح الاحتلال الشرعية لاغتصاب الحق الإسلامي ، قد انتهت من الواقع السياسي وطواها النسيان
حتى انتهت إلى مزبلة التاريخ ، أو على الأقل توارت عن المشهد العربي ، خاصة ً بعد فشل مشروع التسوية السلمية ، الذي دُق مسمار نعشه الأخير في العدوان على غزة الأبية . وبالذات في مصر التي كانت حاضنة لهذا المشروع بمباركة نظام مبارك وتطبيل إعلامه .

غير أن هذا الاعتقاد كان أقرب إلى التفاؤل المفرط ، فيبدو أن دعاة التطبيع قد أعادوا إنتاج أنفسهم ، خاصةً أن الظروف الإقليمية مواتية لقبول المشروع الصهيوني أو الرضا بالأمر الواقع ، باعتبار أن المنطقة العربية تشهد أكثر من مشروع للسيطرة عليها ، فإلى جانب المشروع الصهيوني هناك المشروع الأميركي ، الذي يتم تنفيذه وفق نظرية (الفوضى الخلاقة) ، وكذلك المشروع الإيراني (الصفوي) الذي يستتر بالتشيع لأهداف سياسية خالصة ، والمشروع التركي لإعادة العثمانية ! ولكن الملفت أن الدعاة الجدد للتطبيع مع الكيان الصهيوني لا يتحلون بالمكر السياسي واللعب على فكرة النظام العالمي الجديد كسابقيهم ، بل لديهم سذاجة في الوعي الفكري وسطحية في قراءة المشهد السياسي بما يخص إسرائيل تحديداً ، وهنا أشير إلى الأستاذ يوسف أبا الخيل الكاتب في صحيفة (الرياض) ، الذي اعتبر أن إسرائيل (عدواً مفترضاً) ودولة مسالمة ، وتتمتع بالديمقراطية وتتفوق بالصناعة ! ولكي يستخف بعقل المتلقي ويجعله يصدق هذه الفرية التي ما سبقه بها أحد من السياسيين ، مارس كعادة أدعياء الليبرالية ومثقفي التبعية الغربية المقارنات وخلط الأمور ببعضها عند حديثه عن أعدائنا الحقيقيين في المنطقة العربية ، وذلك من خلال (تغريدات إلكترونية) تؤكد أنه فقد وعيه الفكري وهو يقرأ الواقع السياسي بسطحية واضحة ، رغم أنه في المسائل الفكرية والفلسفية من المتميزين وإن لم نتفق مع طرحه ، وتحديداً في موقفه من السلفية وتسويقه لليبرالية .

أبا الخيل في إحدى تغريداته حدد أعداءنا الحقيقيين بثلاثة هم (إيران ، وحزب الله ، والإخوان المسلمين) ، وفي تغريده لاحقة نبه بقوله : (يجب أن ننتبه بشعورنا ولا شعورنا إلى حماية بيضتنا من أولئك الأعداء الحقيقيين وليس المفترضين كما تحاول القومية والإسلاموية أن توهمنا) . وهنا يقصد بالمفترضين (إسرائيل) !! ثم يكشف في تغريدة أخرى موقفه من إسرائيل فيقول : (أنا مقتنع تماماً أن إسرائيل لو تركت في حالها لما اعتدت ولما تآمرت) !! ما يعني أن العرب والمسلمين هم سبب كل ما قامت به إسرائيل من جرائم وقتل وتهجير ، فنحن سبب عدوانها ومؤامراتها ، أي أنها في موقف الدفاع عن النفس !!! وبهذا يلغي طبيعة وجود إسرائيل من كونها دولة احتلال !!
 ولكن لماذا ؟ يجيب الأستاذ يوسف في تغريدة أخرى : (فهي دولة ديمقراطية صناعية يهمها أن تعيش بسلام مع جيرانها) ! لاحظوا أنه يكرس بطريقة غير مباشرة لفكرة خطيرة أن إسرائيل ليست دولة احتلال !! فنحن جيرانها وتريد أن تعيش معنا بسلام!! ثم يبرر ما سبق بقوله : (إسرائيل على الأقل تعادي من يعاديها وتسالم من يسالمها نتيجة لأن نظام الحكم فيها علماني بحت) . أيضاً يكرر ذات الفكرة أن إسرائيل ليست دولة احتلال !! كما أنه هنا يحاول أن يصل بنا إلى فرضية على أنها حقيقة وهي مسألة حكم (النظام العلماني) وارتباطه بالسلام والاستقرار !

بقي أن أذكر أني حاورت الأستاذ يوسف أبا الخيل في ما سبق من تغريداته على تويتر ، فبرر ذلك بقوله : (يا أستاذ محمد إنما ذكرت إسرائيل في سياق المقارنة مع إيران من ناحية العداوة المستبطنة للأيديولوجيا دينية كانت أم مذهبية .. ممثلة ً في إيران وخلاياها النائمة واليقظة في طول البلاد العربية والإسلامية وبين عداوة مكشوفة واضحة لا إيديولوجيا تغطيها إسرائيل) . فلا أدري هل ما قاله هنا تراجعاً ، أم سوء فهم مني ، أم أنه لم يكن يعي ما يقول بخصوص إسرائيل في تغريداته السابقة !! الحكم لكم !
 

محمد بن عيسى الكنعان *

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..