فجأة، وعلى غير عادته، كتب جهاد الخازن في جريدة الحياة مقالاً جاء في مقدمته: (أسأل بلغة عربية عامية يفهمها الجميع: شو استفاد النظام السوري من قتل الأطفال في الحولة؟ هل النظام يريد أن ينتحر وأن يأخذ السوريين معه؟). مصدر الغرابة أن جهاداً هذا لم يعُرف قط أنه يتخذ مواقف مبدئية في كتاباته تعبر عن قناعاته الحقيقية، وإنما يقيس توجهات الرياح وإلى أين ستنتهي، ثم يكتب، وفي ذهنه سؤال مؤداه: (ما هي مصلحتي الشخصية من الموضوع). فطوال الانتفاضة السورية لم يتخذ هذا الكاتب موقفاً واضحاً من الثورة السورية، فكان يتعمد أن يدور حولها من بعيد وبمنتهى الحذر، لأنه على ما يبدو كان يتوقع أن يخرج منها بشار ونظامه منتصراً ثم يلتفت إلى منتقديه ليصفيهم كما هي عادة بيت الأسد المتوارثة في تعاملاتهم مع الكتاب والصحفيين، واللبنانيين منهم على وجه الخصوص؛ وطالما أنه كتبَ وانتقد (بشدة) الرئيس الأسد ونظامه، وحمّله مسؤولية مجزرة الحولة الحولة، فلم يبق مع بشار من إعلاميي اللون الرمادي، وكذلك المرعوبين من المخابرات السورية، إلا المتردية والنطيحة وما ترك السبع؛ فحتى كتاب اللون الرمادي بدؤوا يتخلون عنه ويقلبون له ظهر المجن.
ربما أن جهاد الخازن ينتمي إلى مرحلة عربية عرف فيها الكتاب اللبنانيون ويلات هذا النظام وفظاعاته التي لا يمكن أن تخطر على بال بشر، فهو يتعامل مع الكتاب والإعلاميين، بلغة التصفية والقتل. وجهاد بلا شك يتذكر جيداً قصة حافظ الأسد (الأب) مع الصحفي اللبناني (سليم اللوزي) الذي كان ينتقد النظام السوري بشدة، وعندما عاد إلى بيروت من لندن التي كان قد هاجر إليها ليدفن والدته بعد أن بلغه نبأ وفاتها، تم اختطافه وهو في طريق المطار في بيروت، ثم عثر عليه مقتولاً بعد تسعة أيام قرب مواقع للقوات الخاصة السورية. في مشهد تعذيب بشع: (ملقى على بطنه، وفي مؤخرة الرأس طلق ناري حطّمَ الجمجمة ومزّق الدماغ. ذراعه اليمنى مسلوخٌ لحمها عن عظمها حتى الكوع، والأصابع الخمس سوداء نتيجة التذويب بالأسيد، كما عثر على أقلام الحبر مغروزة بعنف داخل أحشائه من الخلف).. والمقطع الأخير مأخوذٌ من تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين جثة اللوزي ودوّن تقريره بهذا النص تماماً.
هذه الفعلة المتوحشة والفظيعة ألقت في قلوب كثير من الكتاب والصحفيين الرعب، فلم يبق في بيروت آنذاك أحدٌ يجرؤ على أن ينتقد النظام السوري ببنت شفة، أو أن يعترض على الاختلال السوري للبنان؛ بل إن جميع من ينتقد الأسد ونظامه كان يعني حينها أنه ألغى من ذهنه أن يزور لبنان تماماً، وقرر أن يعيش في المهجر طوال حياته طالما أن النظام السوري يحكم سوريا، هذا إذا لم تطُله يد المخابرات السورية في مهجره كما حصل لإحدى بنات الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- في ألمانيا.
ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أن سقوط نظام الأسد سيكون له انعكاسات إيجابية على جميع المستويات في كل أرجاء العالم العربي، ليس على التنمية والعدل الاجتماعي بين الشعوب العربية المسحوقة فحسب، وإنما على مستوى حرية الكلمة التي عانت من نظام الأسد وكذلك صدام والقذافي أشد المعاناة.. سقوط بشار يعني أن شمساً من الحرية ستشرق على أغلب المنطقة العربية؛ حينها سيتمتع جهاد الخازن ومن هم على شاكلته من الكتاب اللبنانيين بكامل حريتهم لأن يقولوا كلمتهم دون خوف من قتل أو تصفية.
إلى اللقاء.
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ
==========================================================
قرأت في "إيلاف" نقلاً عن "الجزيرة" مقالاً كتبه محمد بن عبداللطيف آل الشيخ عني كان عنوانه "جهاد الخازن يقلب ظهر المجن" تعليقاً على ما أكتب عن سورية.
آل الشيخ أسرة ذات تاريخ عظيم و"الجزيرة" جريدة سعودية كبرى ذات صدقية لذلك كان هذا الرد.
في الفقرة الأولى من المقال يقول محمد آل الشيخ أنه لم يعرف عني إتخاذ مواقف مبدئية. وأقول أن الكاتب يزنني على ميزان أخلاقه. ثم أتحداه أن نذهب الى قاضٍ من آل الشيخ فكل حرف كتبته عن سورية منذ بدء المواجهات مسجل، وإنتقادي تدرج مع زيادة القتل، حتى كانت مجزرة الأطفال فإعتبرتها نقطة اللاعودة. بكلام آخر دِنتُ القتل من أول يوم وحتى اليوم، ولم أكتب من أمن وأمان الرياض كما يفعل السيد محمد، وإنما أنا في لبنان شهراً بعد شهر، وقد عدتُ من بيروت الإثنين.
في الفقرة الثانية يتحدث الكاتب عن قتل سليم اللوزي. محمد آل الشيخ يحكي لجهاد الخازن عن سليم اللوزي. أنا نمتُ في بيت سليم اللوزي في بحمدون، وسكنت في بيته في لندن قبله، وإقتسمناه معاً قبل أن أسكن في البيت المجاور، وأرملته أميّة أختي، بل أقرب إليّ من أختي المقيمة في اميركا فلا أراها إلا نادراً.
والمقال ينتهي كما بدأ فقد قُتِلَ بعد سليم اللوزي بعض أفضل الصحافيين اللبنانيين فيما محمد آل الشيخ يقول أن الصحافيين اللبنانيين خافوا وسكتوا، ويشن حرب نظارة من الرياض علينا جميعاً.
الأسبوع الماضي في بيروت حضرتُ الصلاة على روح غسّان تويني وحضرت الدفن وشاركت في التعزية، فأنا لا أكتب من لندن وإنما من قلب الحدث بعكس دون كيشوت الرياض.
http://65.17.227.85/Web/opinion/2012/6/743634.html
ربما أن جهاد الخازن ينتمي إلى مرحلة عربية عرف فيها الكتاب اللبنانيون ويلات هذا النظام وفظاعاته التي لا يمكن أن تخطر على بال بشر، فهو يتعامل مع الكتاب والإعلاميين، بلغة التصفية والقتل. وجهاد بلا شك يتذكر جيداً قصة حافظ الأسد (الأب) مع الصحفي اللبناني (سليم اللوزي) الذي كان ينتقد النظام السوري بشدة، وعندما عاد إلى بيروت من لندن التي كان قد هاجر إليها ليدفن والدته بعد أن بلغه نبأ وفاتها، تم اختطافه وهو في طريق المطار في بيروت، ثم عثر عليه مقتولاً بعد تسعة أيام قرب مواقع للقوات الخاصة السورية. في مشهد تعذيب بشع: (ملقى على بطنه، وفي مؤخرة الرأس طلق ناري حطّمَ الجمجمة ومزّق الدماغ. ذراعه اليمنى مسلوخٌ لحمها عن عظمها حتى الكوع، والأصابع الخمس سوداء نتيجة التذويب بالأسيد، كما عثر على أقلام الحبر مغروزة بعنف داخل أحشائه من الخلف).. والمقطع الأخير مأخوذٌ من تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين جثة اللوزي ودوّن تقريره بهذا النص تماماً.
هذه الفعلة المتوحشة والفظيعة ألقت في قلوب كثير من الكتاب والصحفيين الرعب، فلم يبق في بيروت آنذاك أحدٌ يجرؤ على أن ينتقد النظام السوري ببنت شفة، أو أن يعترض على الاختلال السوري للبنان؛ بل إن جميع من ينتقد الأسد ونظامه كان يعني حينها أنه ألغى من ذهنه أن يزور لبنان تماماً، وقرر أن يعيش في المهجر طوال حياته طالما أن النظام السوري يحكم سوريا، هذا إذا لم تطُله يد المخابرات السورية في مهجره كما حصل لإحدى بنات الشيخ علي الطنطاوي -رحمه الله- في ألمانيا.
ولا يفوتني هنا أن أشير إلى أن سقوط نظام الأسد سيكون له انعكاسات إيجابية على جميع المستويات في كل أرجاء العالم العربي، ليس على التنمية والعدل الاجتماعي بين الشعوب العربية المسحوقة فحسب، وإنما على مستوى حرية الكلمة التي عانت من نظام الأسد وكذلك صدام والقذافي أشد المعاناة.. سقوط بشار يعني أن شمساً من الحرية ستشرق على أغلب المنطقة العربية؛ حينها سيتمتع جهاد الخازن ومن هم على شاكلته من الكتاب اللبنانيين بكامل حريتهم لأن يقولوا كلمتهم دون خوف من قتل أو تصفية.
إلى اللقاء.
محمد بن عبد اللطيف ال الشيخ
==========================================================
رد على محمد بن
عبداللطيف آل الشيخ: دون كيشوت الرياض
قرأت في "إيلاف" نقلاً عن "الجزيرة" مقالاً كتبه محمد بن عبداللطيف آل الشيخ عني كان عنوانه "جهاد الخازن يقلب ظهر المجن" تعليقاً على ما أكتب عن سورية.
آل الشيخ أسرة ذات تاريخ عظيم و"الجزيرة" جريدة سعودية كبرى ذات صدقية لذلك كان هذا الرد.
في الفقرة الأولى من المقال يقول محمد آل الشيخ أنه لم يعرف عني إتخاذ مواقف مبدئية. وأقول أن الكاتب يزنني على ميزان أخلاقه. ثم أتحداه أن نذهب الى قاضٍ من آل الشيخ فكل حرف كتبته عن سورية منذ بدء المواجهات مسجل، وإنتقادي تدرج مع زيادة القتل، حتى كانت مجزرة الأطفال فإعتبرتها نقطة اللاعودة. بكلام آخر دِنتُ القتل من أول يوم وحتى اليوم، ولم أكتب من أمن وأمان الرياض كما يفعل السيد محمد، وإنما أنا في لبنان شهراً بعد شهر، وقد عدتُ من بيروت الإثنين.
في الفقرة الثانية يتحدث الكاتب عن قتل سليم اللوزي. محمد آل الشيخ يحكي لجهاد الخازن عن سليم اللوزي. أنا نمتُ في بيت سليم اللوزي في بحمدون، وسكنت في بيته في لندن قبله، وإقتسمناه معاً قبل أن أسكن في البيت المجاور، وأرملته أميّة أختي، بل أقرب إليّ من أختي المقيمة في اميركا فلا أراها إلا نادراً.
والمقال ينتهي كما بدأ فقد قُتِلَ بعد سليم اللوزي بعض أفضل الصحافيين اللبنانيين فيما محمد آل الشيخ يقول أن الصحافيين اللبنانيين خافوا وسكتوا، ويشن حرب نظارة من الرياض علينا جميعاً.
الأسبوع الماضي في بيروت حضرتُ الصلاة على روح غسّان تويني وحضرت الدفن وشاركت في التعزية، فأنا لا أكتب من لندن وإنما من قلب الحدث بعكس دون كيشوت الرياض.
http://65.17.227.85/Web/opinion/2012/6/743634.html
جهاد
الخازن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..