صدقني يا جهاد أنني لم أكتب مقالي آنف الذكر والذي أغضبك إلا لأنني كنت مُتألماً من موقفك المخجل والمهادن والزئبقي وغير الإنساني مما يجري في سوريا، ولاسيما وأنت تكتب في جريدة محسوبة على بلادنا وهذا بيت القصيد. كان واضحاً - يا جهاد - لي ولكثير من القراء أنك تتحدث عن سوريا وعن الأسد وشبيحته بلغة مائعة، تدور حول الفكرة بحذر، ثم تدعها دون حسم، تنضح بالزئبقية والمراوغة، أو كما نسميها نحن معشر الكتاب (الطريقة الرمادية) التي لا تدين أحداً، وتتعمد ألا تأخذ موقفاً واضحاً في أية قضية؛ فالكتاب الرماديون يقفون من الشيء ونقيضه على مسافة متساوية، حتى وإن كان هذان النقيضان الضحية والجلاد، أو بشار الأسد وشعبه، أو المملكة ودول الخليج من جهة وإيران من الجهة الأخرى، حتى يتدبرون استثماراتهم!
تقول في مقالك: (انتقادي تدرج مع زيادة القتل، حتى كانت مجزرة الأطفال فاعتبرتها نقطة اللاعودة).. معنى ذلك أنك قبل مجزرة الحولة، التي سميتها (مجزرة الأطفال) لم تجد في ما اقترفه بشار وشبيحته طوال سنة كاملة ما يستدعي الغضب، أو الإدانة، حتى جاءت مجزرة الحولة فانتفضت، وتحركت إنسانيتك.. يا جهاد: قبل تلك المجزرة كان عدد قتلى صاحبك أكثر من عشرة آلاف قتيل، فهل كان - بالله عليك - ثمة إمكانية (للعودة) كما تقول بعد هذا الشلال من الدماء؟؛ وهل هذا السفاح وأجهزة مخابراته لم ترتكب إلا مجزرة الأطفال كي يستيقظ ضمير السيد جهاد أخيراً، و(يتكرم) على السوريين بإدانة جزارهم!
وكل من بحث في مقالاتك وما كتبته عن سوريا منذ أن بدأت انتفاضة السوريين وحتى المقال الذي قلبت فيه لبشار ونظامه ظهر المِجَن؛ سيصل إلى ما وصلت إليه، وهو ما اعتبرته واعتبره غيري (تغيّراً) جديراً بالكتابة عنه، فطالما أنك أنت الذي تَحسِب توجهات الرياح، وتتوجس مخاطرها، تخليت عن بشار، وعن الاستثمار فيه، وانحزت للشعب السوري أخيراً، فهذا مؤشر يدل على أن بشار أصبح أضعف من أن يخشاه أو قل: أن يستثمر فيه حتى (جهاد)؛ هذا إذا لم يكن هناك - طبعاً - سبب آخر؛ يكفي أن تعرف أن مقالك سالف الذكر اعتبره - أيضاً - كثيرٌ من المغردين في (تويتر) دليل كاف على أن بشار ساقط لا محالة، واستدلوا بموقفك أخيراً من نظامه، ففي رأيهم عندما تهرب أنت من سفينة بشار - كما غرّدَ أحدهم - فليس أدل على ذلك من أن الرياح ستُغرِق السفينة وربانها؛ أما القيم والمبادئ فآخر من يتحدث عنها هو أنت، وأنت بالتحديد.
وأتذكر بالمناسبة قصة تروى عن أحد الكتاب الصحفيين من عرب الشمال. يقولون: إن إحدى دول الخليج طلبت من كاتب صحفي أن يزورها، ودسّمت (شواربه) وكان قبل الزيارة يشتمها وينتقدها بسبب أو من دون سبب فتوقف. وعندما طلبوا منه أن يشن هجوماً على دولة كان بينها وبين من (دسموا) شواربه خصومة، على اعتبار أنهم الآن أصبحوا (أصحاب) رَفَض، ورد عليهم: ما قبضنه كان ثمناً للسكوت، أما الهجوم فسعره أغلى، ورفض أن ينتقد حتى يقبض!
وقبل أن أختم أقول: الخازن هذا يُعرف في أوساط الكتاب والصحفيين السعوديين باسم (ملهّي الرعيان).. وملهي الرعيان طير صحراوي (نصف جارح)، مُهاجر، يُسمى في صحارينا بهذا الاسم عندما يَعبرها شتاء مُتّجهاً إلى الشمال، واسمه العلمي (Caprimulgus Aegyptius)، وهو طائر يظنه الراعي في الصحراء طيراً ذا شأن وقيمة، فيطارده بغرض صيده، وعندما يعرف متأخراً حقيقته، يكتشف أنه أضاع وقته فيما ليس له قيمة.
إلى اللقاء.
محمد بن
عبد اللطيف ال الشيخ
============================
جهاد الخازن يرد على محمد آل الشيخ:
أنت كذاب..
كذاب.. كذاب!!
الإخوان
في هيئة تحرير الزميلة (الجزيرة)
هذا
تعليقي على ما كتبه محمد بن عبداللطيف آل الشيخ عني تحت العنوان (ملهّي الرعيان).
السيد
محمد آل الشيخ .. لا تؤاخذني، أنت كذاب
وتصر على الكذب. أتحداك مرتين، الأولى أن تأتي بكلام لي منذ سنة 1994 يمدح بشار
الأسد، والثانية أن تأتي بكلام لي يدافع عن النظام السوري منذ نيسان 2011م عندما
كتبت أول مقال معترضاً على قتل الناس. المقالات كلها موجودة، وكذبك يرتد عليك.
كذاب كذاب كذاب..
جهاد
الخازن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..