الاثنين، 25 يونيو 2012

عندما يتدخل عالم الشرع في السياسة.. السعيدي نموذجا!!

لبعض علمائنا المشتغلين بالسياسة مواقف سياسية عجيبة. هؤلاء الفضلاء يتجاهلون مشاكلنا السياسية تجاهلا تجزم معه بجهلهم السياسي أو بالنأي بأنفسهم عن مواطن الفتن، أو ربما لكي لا يستيقظ الرعاع والعامة فتحدث الفتنة. لكن العجيب في القوم هو شغفهم بحل مشاكل دول الجوار والتسلط عليها بنصائح يعتقدون أنها لا يأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها. تخرج هذه النصائح ويفترض فيها الناصح أن كلامه حق، وكلام مخالفه باطل، فهو كما يرى في نفسه من أهل الحل والعقد.
تخرج الفتوى السياسية لتحل مشكلة سياسية، ولكنها تولد مع ثلاث قوادح يقدحن في قدرتها على حل هذه المشكلة. فأولا: صاحب هذه الفتوى بعيد كل البعد عن بيئة المشكلة، ولا شك أن كل مجتمع يحمل طبيعة مختلفة عن غيره، ويجب التعامل معه بطريقة ملائمة لهذه الطبيعة، ولا يفهم المجتمع أحد مثل أبنائه، فهم الأقدر والأجدر على التعامل مع مشاكله. وثانيا: صاحب الفتوى بعيد كل البعد عن العمل السياسي، فليت شعري كيف يرمي بالغيب من مكان بعيد؟ وثالثا: صاحب الفتوى مغرم بكتب التاريخ، واجتهادات العلماء السابقين في قضايا عصرهم، ويعتقد اعتقادا جازما أن الحل عندهم وأن القول قولهم في زمانهم وكذلك في هذا الزمن، والواقع يرد هذا بفشل اجتهادات السابقين غالبا في إصلاح حياة الناس في الزمن الحاضر. فالحياة تعقدت ومشاكلها تطورت.  
وتمثل توجيهات الشيخ السعيدي لأهل مصر هذه المشكلة أفضل تمثيل. فالرجل كان ضد الثورة لأنها كانت من غير قائد. فالثورة المقبولة عنده لا بد أن تكون انقلابا، يتسلط فيه متسلط على الدولة بالقوة والإكراه. وهي الطريقة القديمة للخروج على الحاكم، التي لا أظنه يقبلها أيضا إلا إن قال بكفر مبارك.
أولعل الشيخ يريد أن تقوم ثورة مبتكرة لا سابق لها، بحيث تجتمع فئة من علماء الشريعة فتسمي حاكما عادلا، ثم تقول للناس، هذا الرجل سيحكمكم، فثوروا واخلعوا حاكمكم، فيلبي الرعاع والعامة الأوامر فيثوروا. ثم يقود الحاكم المسمى سلفا البلاد بكل هدوء.
هذه المثالية عند السعيدي، لم تأخذ في الاعتبار طبيعة الثورات، فالثورات تأتي بغتة ودن تخطيط أو ترتيب، فهي تختلف عن الانقلابات. ولا أظن أن هناك ثورة في العصر الحديث سمي من سيحكم بعدها قبل قيامها.
ثم إن ثورة مصر كانت ضد الظلم والاستبداد، وطلبا للديمقراطية. فالمصريون يريدون حاكما منتخبا ينتخبه الشعب ليقودهم، ولا يريدون حاكما ينصب نفسه عليهم دون اختيار منهم. ولا بد أن يأخذ السعيدي في باله أن الإسلاميين الذين يريدهم أن يقودوا الثورة ويوجهوها في مصر، وهو قطعا يعني السلفية، وضعهم مختلف في مصر، فليس لهم من القبول مالأقرانهم في السعودية مثلا.
ولو افترضنا أن الرجل الحكيم الذي يريده السعيدي أن يقود الثورة في مصر كان موجودا، وأنه سلفي المذهب والتوجه. هل يعتقد الشيخ أن مصر لن تواجه كل هذه العقبات من أعدائها الداخليين والخارجيين. لا شك أن الجواب هو أن كل ماحدث سيحدث بقائد أو بغيره. فالمسألة ليست إزاحة دكتاتور ليحل محله قائد عادل، بل هي إزاحة أعداء الأمة الذين امتصوا دماءها زمنا، ولا يكون هذا إلا بعد خرط القتاد.

 ياسر العتيبي

ع ق 1721

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..