(Pankaj Mishra) / 04/06
بقلم: بنكاج ميشرا
شكلت الغارات الجوية الأمريكية الأخيرة التي أدت إلى مقتل 17 شخصا تهديدا
صريحا لزعزعة استقرار باكستان، وبالتالي كشفت الوجه الحقيقي لأكبر خدعة
سياسية في وقتنا الحالي، والمتمثلة في الرئيس الأمريكي باراك أوباما
.
ووفقا لمجلة السياسة الخارجية (Foreign Policy)،
فإن باراك أوباما "تحول إلى جورج دبليو بوش لكن بجرعة من المنشطات". فهو
مسلح بـ"قائمة للقتل"، ويستضيف الحائز على جائزة نوبل للسلام هذا اليوم
(أمس) "ثلاثاء الإرهاب" في البيت الأبيض اجتماعات لمناقشة الأهداف المحتملة
لهجمات الطائرات من دون طيار في باكستان وفي خمسة بلدان أخرى على الأقل،
وآخر هذه الأهداف مقتل 17 شخصا اليوم (الثلاثاء) بالقرب من الحدود مع
أفغانستان.
وعلى عكس بوش المعروف عنه كسله وعدم اهتمامه بالتفاصيل الدقيقة لأية عملية
أو قضية، فإن أوباما دقيق في البحث عن النقاط والتفصيلات لأي ملف بين يديه،
حيث استفاد من تكوينه العلمي في معهد "ايفي ليج" في القانون.
ومن المحتمل جدا أن يكون الكثير من بين عشرات "المتشددين المشتبه بهم"
الذين قتلوا بواسطة الطائرات من دون طيار في الأيام الثلاثة الماضية في
شمال غرب باكستان، أبرياء، حيث تتحدث التقارير التي جمعتها منظمات غير
حكومية ووسائل إعلام باكستانية عن الهجمات السابقة عن أضرار جانبية شملت
المئات من الضحايا، ما أدى إلى تعميق غير مسبوق لمشاعر الغضب والعداء
للولايات المتحدة الأمريكية. و
وبالنسبة لأوباما وإدارته، فإن العمليات العسكرية "السرية" أو تلك التي
تقوم بها "الطائرات من دون طيار" شرعية من الناحية القانونية، كما أنه لا
يعترف أوباما رسميا وعلنا ولا أركان إدارته بهجمات الطائرات بدون طيار،
وإذا كان لا بد من الاعتراف بها –في نطاق محدود على الأقل- فإن أوباما ينفي
قطعا سقوط قتلى مدنيين من النساء والأطفال، وأن جميع القتلى من البالغين
المصنفين "مقاتلين".
وكان أوباما نفسه قد وقع على أمر لتنفيذ عملية تصفية لـ"مشبوه" مع علمه
بمقتل أفراد أبرياء من أسرته خلال العملية، كما أمر أيضا بتصفية الأمريكيين
من دون محاكمة، والمراقبة السرية في حق المشتبهين، وحماية النشاطات غير
الشرعية لوكالة المخابرات المركزية في خططها للنقل السري للمشتبهين
والمعتقلين، وانتهاكه الصارخ والعلني لوعده بإغلاق معتقل غوانتنامو السيئ
الذكر.
ربما حان الوقت لنسأل مرة أخرى: من هو باراك أوباما؟ وكيف تحولت باكستان
إلى أولوية إستراتيجية في نظرته للعالم؟ السؤال الأول يبدو الآن قد تم
الإجابة عنه وبسرعة كبيرة جدا، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار قوة خطبه
الأدبية وكتاباته الدقيقة. كما أن مذكراته: "أحلام والدي"، أعطت نوعا ما
صورة شكلية "درامية" لشخص ذاتي اختُرع من لا شيء.
ولقد صورت السيرة الذاتية عن أوباما بعد توليه رئاسة الحكم، صورته باعتباره
يمتلك هويات متنوعة ومختلفة المصدر (كينيا، إندونيسيا، هاواي، وجامعة
هارفارد). وفي السيرة الذاتية الجديدة التي كتبها ديفيد مرانيس عن أوباما،
تظهر أن الأصدقاء المقربين له عندما كان طالبا في الكلية في "هاواي" هم من
الباكستانيين..
وقد سأل أحدهم: "هل تعتقد إنني سوف أكون رئيسا للولايات المتحدة؟" إلا أن
أوباما بدأ ينأى عن مخالطة أصدقائه الباكستانيين، باعتبارها خطوة ضرورية في
تحديد هويته السياسية المستقبلية.
ومن خلال ثقافة سياسية يمينية واضحة وقائمة، تدفع بأوباما ليقدم أكثر وفي
حالات أصعب مما لديه من قرارات أو خيارات مقارنة مع خصومه البيض.
وخلال مناظراته الرئاسية عام 2008 مع جون ماكين، أثار أوباما دهشة
المتابعين بخصوص تهديداته بتوسيع الحرب في أفغانستان إلى باكستان. والمقلق
أكثر، إدعائه التأثير "القوي" لشخصية هنري كيسنجر، وزير الخارجية السابق،
الذي اشترك مع الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون في تدمير كمبوديا، مما مهد
الطريق للجزار "بول بوت" ليخضعها فيما بعد، كما استمر نيكسون وكيسنجر في
المقابل في تدمير فيتنام.
لا يمكننا أن ننفي أن أوباما لم يعد العدة لحربه المدمرة في باكستان.
لا يمكن أن يقال إن أوباما لا يهيئنا لموجة القتل في باكستان، لكن من
الصحيح أيضا أن حرب الغارات الجوية للطائرات من دون طيار تظهر الأمراض
الخفية نفسها -الاحتقار العنصري، جنون العظمة، الإيمان الأعمى في
التكنولوجيا مقترنة مع شؤم إحصاء الجثث- التي قوضت فرص انتصار الولايات
المتحدة في فيتنام.
ومن المؤكد فعلا أن حركة طالبان، لا يمكن القضاء عليها أو تشويه صورتها أو
حملها للخضوع لهم. كما أن وصف باكستان بالدولة الضعيفة المرتشية الخانعة
لهم، هو أسهل الطرق والأوصاف لعرض قوة النيران الأمريكية.
ولم
يتأخر أوباما في طلب العفو من بولندا الأسبوع الماضي عندما قال إن
"معسكرات الموت البولندية" بدلا من "معسكرات الموت في بولندا" في خطابه
السياسي. ولكنه رفض الاعتذار عن الضربات الجوية الأمريكية التي قتلت 24
جنديا باكستانيا في نوفمبر من العام الماضي.
وأجبر الغضب الشعبي على نطاق واسع الحكومة الباكستانية لمنع طرق الإمدادات
لحلف شمال الأطلسي إلى أفغانستان؛ وأي تلميح بالعجز في هذه القضية الحساسة
التي تمس بالسيادة من شأنه أن يعزز من فرص ظهور وفوز بعض المتشددين الأكثر
تطرفا في البلاد.
وهكذا، فإن الاحتمالات القليلة للاستقرار السياسي في بلد يتعرض للضرب والعدوان هي الآن رهينة بقسوة أوباما قبل الانتخاب الرئاسية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..