أما التيار الإخباري والذي قاده في بادئ الأمر الشيخ محمد أمين الاسترابادي ( توفي سنة 1036) ومن بعده الشيخ يوسف البحراني (1186 هـ، -1107هـ، ) فأنه يعتمد أصول الفقه ألنقلي في الاستنباط وهذا التيار يرفض عملية (الاجتهاد) و (المجتهدين) ويعتبر ذلك بدعة في الدين، ويرفض تقسيم الشيعة إلى مجتهدين ومقلدين وهو بالتالي يرفض الاعتراف بأية ولاية (للفقهاء) الذين يعتبرهم منحرفين عن خط أخبار أهل البيت كما يرفض عملية (التقليد) ولا يجيزه إلا للأئمة المعصومين, هذا التيار كان ولعدة قرون هو السائد في الحوزة العلمية حتى جاء السيد محمد باقر الشهير بالوحيد البهبهاني(1205 هـ - 1118 هـ)، وتبنى إعادة فتح باب المدرسة الأصولية .
يذكر إن الصراع الذي دارت رحاه بين الأصولية والإخبارية قام على اثر
تطوير نظرية النيابة العامة للفقهاء إلى نظرية سياسية على يد الشيخ "علي بن
عبدالعالي الكركي ت940هـ" وذلك بهدف منح المولوك الصفويين شرعية الحكم
بالوكالة عن (نائب الإمام المهدي: الفقيه العادل) وهو ما أدى إلى حدوث
انشقاق عميق وعنيف في الحوزة الشيعية عرف بالصراع الإخباري – الأصولي وقد
امتد هذا الصراع إلى وقتنا الراهن ولكن بدرجة اخف مما كان عليه في القرون
السابقة. وقد افرز هذا الصراع انشقاقات عديدة في جسم الطائفة أدى إلى ظهور
تيارات متصارعة عملت على تكفير بعضها البعض الآخر. ومن أبرز هذه التيار
(الشيخية ) التي ظهرت في أواخر النصف الأول من القرن الثالث عشر الهجري وقد
سميت بذلك نسبة إلى عميد مدرستها الشيخ احمد زين الدين الأحسائي ـ1243 هـ
1166ه- الذي كان يرفض (الاجتهاد) وكان يدعي العلم عن طريق المكاشفة
والشهود وقد ظهر تياره مع قيام الدولة القاجارية في بلاد فارس وتسلم فتح
علي شاه القاجاري زمام الملك‘ وكان القاجاري قد تبنى نظرية الشيخية كغطاء
شرعي لحكمه مثلما فعل الصفويون عندما اتخذوا من فتوى الكركي غطاءا شرعيا
لحكمم.
وقد انبثق من تيار الشيخية حركة عرفت باسم الكشفية التي قالت ( بالركن الرابع ) والركن الرابع هو زعيم الحركة الحاج محمد كريم خان القاجار احد افراد الاسرة القاجارية الحاكمة, و قد تطورت الحركة الشيخية الإخبارية وتشعبت إلى فرقة جديدة أخرى هي (البابية) التي قادها زميل لمحمد كريم خان، وتلميذ للسيد كاظم الرشتي ‘ هو الميرزا علي محمد الشيرازي، الذي اخذ يدعي انه نائب الإمام المهدي المنتظر الخاص وانه (باب إمام الزمان) و هي الفرقة التي تفرعت منها الحركة البهائية.
وقد انبثق من تيار الشيخية حركة عرفت باسم الكشفية التي قالت ( بالركن الرابع ) والركن الرابع هو زعيم الحركة الحاج محمد كريم خان القاجار احد افراد الاسرة القاجارية الحاكمة, و قد تطورت الحركة الشيخية الإخبارية وتشعبت إلى فرقة جديدة أخرى هي (البابية) التي قادها زميل لمحمد كريم خان، وتلميذ للسيد كاظم الرشتي ‘ هو الميرزا علي محمد الشيرازي، الذي اخذ يدعي انه نائب الإمام المهدي المنتظر الخاص وانه (باب إمام الزمان) و هي الفرقة التي تفرعت منها الحركة البهائية.
ومن
الملاحظ إن المدرسة الأصولية ورغم النقلة النوعية التي أحدثتها في
الاجتهاد الفقهي إلا أنها بقية مقلدة للمدرسة الإخبارية في باب العقائد ولم
تفتح باب الاجتهاد في هذا الجانب وقد تعرض الكثير من المجتهدين الأصوليين
الذين سعوا إلى مجرد تهذيب بعض الروايات المتعلقة بالمسائل العقائدية إلى
الطعن والتسقيط من قبل زملائهم الآخرين.
ومن
ابرز المجتهدين الذين تعرضوا لعملية التسقيط في القرن الماضي هو
السيد"محسن الأمين ألعاملي" (1371-1284هـ) الذي أبدى رأيه الاجتهادي بخلاف
الرأي السائد في مسائلة عاطفية وهي مسألة التطيير (شق الرؤوس في يوم
عاشوراء) حيث أفتى بحرمتها وقد تعرض اثر ذلك لأشرس حملة عدائية من الحوزة
ومراجعها إلى حد اتهامه (بالزندقة) كما جاء على لسان الخطيب العراقي الشهير
السيد" صالح الحلي " الذي هاجم الأمين في قصيدة طويل قال فيه ‘ ( وإذا
مررت بجلق فبزق بوجه امينها المتزندق).(*)
لقد
تحولت نظرية ( ولاية الفقيه ) في عهد الخميني الى حزب سياسي بعد ان تولت
زمام السلطة في ايران واخذت تعمل بطريقة الاحزاب الفاشية التي شهدتها
الكثير من دول العالم‘ ولا سيما ايطاليا في عهد الجنرال (مسوليني ) فكان
حزبه فاشيا قاد بلاده الى الدخول في تحالف مع النازية التي تسببت في حرب
عالمية اكلت الاخضر واليباس في اوروبا‘ . وهكذا فعل حزب( ولاية الفقيه )
الذي دخل في حربا ضروسيا مع العراق مدة ثمانية سنوات ادت الى تدمير
الاقتصاد الايراني و خلفت ملايين القتلى والجرحى من الطرفين و مازلت
الشعوب الايرانية تدفع ثمن جريمة تلك الحرب الحمقاء.
لم
يكتفي حزب ولاية الفقيه في شن الحرب على العراق ‘ وخلق التوترات الامنية
والسياسية في المنطقة ‘ والحاق الضرر البالغ بالمصالح الايرانية في العالم
فقط ‘ بل اعلان الحرب على عدد كبير من المجتهدين الشيعة الكبار ومنهم على
سبيل المثال للحصر‘ السيد أبو القاسم الخوئي (ت 1413 هـ،) حيث بلغت الحرب
ضده حد فصل مقلديه من الدوائر الحكومية في إيران وحرق مكتب ممثله في قم
منتصف الثمانينيات‘ وذلك على اثر مخالفته لنظرية ولاية الفقيه. كما شنت
الحوزة والحكومة الإيرانية حملة تشهير واسعة ضد المجتهد السيد محمد
الشيرازي (ت 1422هـ ) وفرضت عليه الإقامة الجبرية في منزله لمدة أكثر من
عشرين عاما وسجنت عدد من أبنائه وأنصاره ‘ وذلك كله بسبب رأيه القائل
بنظرية ( شورى الفقهاء ) بدلا من نظرية ولاية الفقيه. وهناك مجموعة أخرى من
المجتهدين الشيعة تعرضوا للمحاربة وحملات التشهير بسبب أرائهم الجريئة
ومنهم السيد محمد حسين فضل الله ( توفي يوليو 2010 ) ، الذي أدى اجتهاده في
مسألة تاريخية لم تثبت صحتها لديه كما قال ( أكذوبة كسر ضلع الزهراء على
يد الخليفة الثاني ) ‘ حيث كان رأيه في ذلك سببا لكي يتعرض لحملة تشهير
قادها بعض كبار ملالي حوزة قم وعلى رأسهم الشيخ جواد التبريزي الذي أفتى
(بضلال) العلامة فضل الله.
ولكن
لماذا كل هذا التناقض بين القول بجواز الاجتهاد ومحاربة المجتهدين؟‘ ومن
هو المحرض وما هي الداوفع التي وقفت وما تزال تقف وراء هذه المتناقضات التي
ادت الى هذا الصراع ؟. من خلال متابعة سير الأحدث يجد الباحث أن نتائج
الاجتهاد الفقهي عند المدرسة الشيعية أصبحت مرهونة بالمصالح السلطوية
والمنافع القومية للأنظمة الفارسية المتعاقبة (الصفوية القاجارية والبهلوية
وأخيرا نظام ولاية الفقيه )‘ و أي اجتهاد يتعارض مع سياسة السلطة
الإيرانية يتعرض صاحبه إلى اشد العقوبات مهما كانت الدرجة العلمية او
الثقافية او السياسية لهذا المخالف اوذاك . وهذا ما جرى مع مراجع كبار من
أمثال الشيخ محمد طاهر الخاقاني الزعيم الوطني والديني لشعب الأحوازي و مع
آية الله الكلبايكاني ‘ وآية الله حسين علي منتظري المنتظري ,,,, و غيرهم
من مراجع الشيعة.
ولكن
مما يؤسف له ان الذين تحركهم الأحاسيس العاطفية و النعرات الطائفية ‘
والثقافة الشعوبية العنصرية ‘ يحاولون القفز على هذه الحقايق ويندفعون من
دون حكمة أو مسؤولية إنسانية كانت او دينية او وطنية ‘ للدفاع عن النظام
الإيراني الظالم وحوزته المتشبعة بأفكار الحركة الشعوبية ‘ و مرتكبته هذه
الحوزة من مظالم بحق المرجعيات الشيعية قبل غيرهم .
ان
ما قام به حزب ( ولاية الفقيه ) من اعمال فكرية وسياسية خلال العقود
الثالثة الماضية من تسلمه السطة في ايران ‘ لم تكن ابعد من هرطقة مزدكية
ومانوية وكسروية‘ والذين يتبعون هذا الحزب الفاشي في المنطقة هم نوعا ‘ اما
جهال باصول الفكر العقيدة الشيعية ‘ واما معادي لوطنه ومنتفع على حساب
الشعارات الطائفية .
لجينيات
صباح الموسوي
صباح الموسوي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..