تعليقاً على حلقة "الهيئة الانقلاب
الناعم"
اكتب لكم رأيي الخاص في مسألة هيئة الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر , الذي أكاد اُجزم أن الكثير سيخالفني الرأي وربما
يتهجم علي أو يخرجني من الملة أو يوصمني بالليبرالية
وغيرها من التهم المعلبة في مثل
هذه الحالات . لذلك :
اشهد الله العظيم أنني مسلمة موحدة سنية
على ملة سيدنا وحبيبنا سيد الخلق محمد
عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين
وأنني أؤمن أنه لا حاجة لنا للأفكار
الغربية كالليبرالية والعلمانية فديننا كامل مكمل شريعة رب الأرباب ومنزل الكتاب ,
ختم به الرسالات على لسان سيدنا محمد حينما تلا عليه أفضل الصلاة والسليم في حجة
الوداع قول الله تعالى: " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم
الإسلام دينا"
فقناعتي هي انه لا حاجة لنا لليبرالية
وديننا الإسلامي كفل لنا الحرية التي تناسب الفطرة السليمة .. وفي اعتقادي انه حتى في غير المسلمين من ذوي
الفطرة السليمة من لا يقبل الحرية المفرطة غير المقننة
كما أنني لم أتعرض في حياتي لرجل هيئة
( لا بالخير ولا بالشر ) لمن سيقول أنني بنيت كلامي على تجارب سيئة مع رجال الهيئة
اعتذر عن التطويل .. أعود لموضوع
الهيئة
فأنا اختلف معكم على وجودها .. الأصل هو
إقامة الشعيرة من الأفراد , و هذا فرض على
كل مسلم ومسلمة ولو كانت ضرورة كان الرسول
صلى الله عليه وسلم أولى بإنشائها , وفي
حديث أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ: مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ
أَضْعَفُ الْإِيمَانِ.
هذا الحديث يدل على عموم وجوب الاحتساب على كل
أحد لا يخرج منه أي مسلم ...
واعلم أن هناك من يقول أن الأمر بالمعروف والنهي
عن المنكر فرض كفاية (أذا قام به البعض سقط عن الباقين) وهم يستدلون بالآية الكريمة قال تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ
أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) آل عمران:
104
وهناك من يقول إن (مِن) في الآية
تبعيضية فتفيد أن هذا الواجب خاص ببعض الأمة وليس جميعها ..
وغير أني استأنست بقول الضحاك في
تفسير كلمة ( أمة ) حيث يقول : هم خاصة الصحابة
وخاصة الرواة ، يعني : المجاهدين والعلماء
وهنا يأتي السؤال .. من يقيم الشعيرة من
أفراد الهيئة ؟؟ ومن يقوم بالاحتساب في الأسواق والفعاليات الثقافية والأنشطة
الاجتماعية ؟؟.. بالطبع ليسوا العلماء (على استثناء الصحابة والرواة رضي الله عنهم ورحمهم رحمة واسعة , كما في قول
الضحاك )
ما هو المؤهل العلمي الذي يحمله
المحتسب ( رجل الهيئة )؟؟ وهل تتفقوا معي في أن أسلوب وطريقة الوعظ تتأثر كثيراً بالمستوى العلمي والثقافي للمحتسب ؟؟
ولا أعتقد أن من يحمل العلم الشرعي والورع
والقدرة علي التعامل مع العامة لديه الوقت والاستطاعة بأن يتجول في الأسواق للأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر - ومن هنا جاءت الإشكالية - فمعظم من يقوم بالاحتساب
ينقصهم الوعي التام بالطريقة والوسيلة التي يقام عليها هذه الشعيرة إذ افترضنا
جدلاً أنها فريضة كفاية إذا قام به البعض سقط عن البقية
..
كلنا يعلم أن الحسبة أُنشأت في عهد الخليفة
الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه كضرورة حتمية لتوسع الدولة الإسلامية وحاجة البلاد
الجديدة للضبط , وإقامة الشعائر لحديثي العهد
بالإسلام وكانت بمثابة تنظيم حكومي يقوم بمهام
الوزارات المعروفة الآن في الحكومات الحديثة
النقطة المهمة التي أحب أن أوضحها, أن هذه الشعيرة والتي هي فرض عين على كل مسلم
ومسلمة ومكملة لإسلام المرء .. "ما
هو مصيرها الآن" , لقد اعتمد الناس على الهيئة ( الجهاز ) في إنكار المنكر حتى أن الشخص يرى المنكر
أمامه ولا ينكره ...ولو وجد من ينكره وهو نادر يجد رداً لا يرضيه , فوجود هيئة ومع مرور الزمن
, وركون الناس إليها في إقامة شعيرة الاحتساب أضعفتها في قلوبهم وسلوكهم.
ومن يقول أن الحسبة تحتاج قوة و جلادة
.. فهذا مردود عليه بقوله تعالى : "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ
هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِين"
النحل
125
الأغلب منا يعلم أن نشأة الهيئة كجهاز في السعودية , جاء مع حاجة المؤسس الملك عبد
العزيز لترسيخ حكمه والحاجة إلى قوة دينية
تناسب توجه الناس في تلك الفترة وخاصة بعد
القضاء على الإخوان ... وتعلمون البقية
فالحاجة انتفت الآن والبلاد أُخضعت
جميعها , ولهم في أعناقنا بيعة يشهد الله
عليها و لا نرضي عنهم بديلاً
والإسلام مرسخ في المجتمع وليس هناك حاجة لترسيخ الإسلام في القلوب كما
فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه , والدولة
مدنية تتكون من وزارات وإدارات كلٌ له
دوره ومهامه , وتدّخل الهيئة في مهام الوزارات يحدث ازدواجية وتميع للمسؤولية فمثلاً
:
والمداهمات لأوكار الدعارة وضبط
المسكرات والمخدرات من مهام جهاز الأمن
ومراقبة الأسواق والاختلاط غير المقنن والخلوات المحرمة شرعاً
من مهام الشرطة ,
وهكذا .. على اعتبار أنهم جميعاً مسلمون ويِقُيمون شعيرة
الاحتساب كأي مسلم يراقب الله في عمله ومهامه
نأتي لجزء مهم من عمل الهيئة وهو
الدعوة للصلاة , في هذه الحالة لو استشعر الجميع بأهمية أن يكون المسلم آمر بالمعروف
وناهيٍ عن المنكر .. لأصبح كل رجل في الشارع أو السوق رجل هيئة ( محتسب )
ما يحدث الآن أن المحلات التجارية تقفل الأبواب على العمال بها , هروباً
من أداء الصلاة ( باستثناء غير المسلمين )
أو الخروج إلى خلف المجمعات أو التخفي في سياراتهم ( مع وجود رجال الهيئة ) وهل
على المسلم أن يخاف من رجل الهيئة ولا يخاف الله الواحد القهار؟ !!!
ما المانع أن يكون الموظف في عمله
محتسب ورجل الأمن في موقعه محتسب والرجل في الشارع محتسب
بهذا نضمن تطبيق الشعيرة من الجميع
وليس بجهاز إذا حَضر أُقيمت الشعيرة وإذا غاب تُرِكت !!
لذلك فإن جهاز الهيئة أساء للمجتمع
بطريقة (غير مقصودة) بالتأكيد .. فضاعت
الشعيرة عند عموم الناس إلا من رحم ربي .. وهذا لا يستقيم مع مقاصد الشريعة
الإسلامية .
فلتوجه الطاقات إلى تنمية هذه الشعيرة في قلوب
المواطنين وسلوكهم وأفعالهم وتصرفاتهم ليكن من مهام هذا الجهاز ( الهيئة ) نشر
التوعية الفعالة بالاحتساب , وأن يكون رجل الهيئة قدوة حسنة يحتدى به في الخلق
الليّن والتعامل الحسن فهذا خلق سيدنا محمد عليه وآله أفضل الصلاة والتسليم
أخيراً :
بالنسبة لتوظيف المرأة كمحتسبة في جهاز الهيئة , وإن كنت مضطرة لقبول الأمر
الواقع ( كتنظيم حكومي وطاعة لولاة الأمر فقط)
.. فقد ولى الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( الشفاء بنت عبدالله )أمر السوق في المدينة المنورة وقد
اشتهرت بالحكمة وقوة الشخصية وكانت تجول في الأسواق تأمر بالمعروف وتنهي عن المنكر...
جميلة كعكي
جدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..