تشعر دول الخليج العربي بقلق شديد من تفجر الثورات الشعبية التي تطالب بالتغيير الديمقراطي وما يتفرع عنه من اصلاحات سياسية واجتماعية، وانعكس هذا القلق بقوة من خلال مساندتها لنظام الرئيس حسني مبارك وبذل جهود خارقة، سياسية ودبلوماسية، للحيلولة دون الاطاحة به.
القلق الخليجي تضاعف عندما نجحت الثورة المصرية في خلع الرئيس السابق، واجراء انتخابات برلمانية ورئاسية شفافة وحرة توجت هيمنة كاملة لحركة الاخوان المسلمين على السلطتين التنفيذية (رئاسة الجمهورية) والتشريعية (البرلمان). هناك ثلاثة ردود فعل خليجية على هذه التطورات الديمقراطية في مصر:
*الاول: يتمثل في الامتناع عن تقديم اي مساعدات مالية او استثمارات اقتصادية لدعم الاقتصاد المصري الذي يقف على حافة الانهيار، وقد قادت المملكة العربية السعودية هذا التوجه بقوة، واحتذت بها دول اخرى مثل الامارات والكويت وبدرجة اقل دولة قطر.
*الثاني: الادلاء بتصريحات غير ودية ضد حركة الاخوان، واعلان حالة العداء تجاهها، واحتضان خصومها، وتزعمت دولة الامارات العربية هذا المعسكر، وانعكس موقفها في استضافة ابرز خصوم للاخوان وهم اللواء عمر سليمان رئيس الاستخبارات المصري السابق، والفريق احمد شفيق المرشح المهزوم في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة، ورشيد محمد رشيد وزير التجارة المصري واحد اعمدة نظام الرئيس مبارك.
*الثالث: فضل التزام الصمت ومتابعة الموقف عن بعد وعدم الادلاء باي تصريحات او اتخاذ اي مواقف لصالح هذا المعسكر المصري او ذاك، وتتصدر هذا المعسكر سلطنة عمان بالدرجة الاولى والكويت والبحرين بالدرجة الثانية.
الازمة بين دول الخليج العربي ومصر ظلت صامتة حتى يوم امس عندما فجر الفريق ضاحي خلفان تميم قائد شرطة دبي قنبلة من العيار الثقيل، حيث اكد ان الرئيس المصري الاخواني الجديد محمد مرسي لن يكون موضع ترحيب في الخليج، ولن يفرش له السجاد الاحمر، وانتخابه نذير شؤم على مصر والمنطقة.
هذه التصريحات التي بثها الفريق ضاحي على حسابه في 'التويتر' اثارت ضجة في مصر والمنطقة باسرها لقوتها التعبيرية، وجرأتها السياسية، مثلما أثارت حالة من الغضب في بعض الاوساط المصرية عبرت عنها وزارة الخارجية المصرية باستدعاء السفير الاماراتي في القاهرة لتوضيحها باعتبارها لا تتناسب وطبيعة العلاقات بين البلدين.
من المؤكد ان رئيس شرطة دبي الذي يعتبر من الشخصيات القيادية الامنية العليا في دولة الامارات ما كان سيدلي بهذه التصريحات لولا انه يدرك جيدا بانها تعكس مزاجا عاما، وسياسة رسمية، خاصة انه شن حملات شرسة قبل اسابيع اتهم فيها حركة الاخوان المسلمين بمحاولة الاستيلاء على السلطة في مصر ودول خليجية مثل الكويت.
(......................)
من الصعب التكهن بالمدى الذي يمكن ان تتطور اليه هذه الازمة في العلاقات المصرية ـ الخليجية التي طفت على السطح بقوة هذه الايام، ولكن ما يمكن قوله انها ستشكل صداعا للرئيس المصري الجديد الذي يحتاج الى الدعم المالي الخليجي لمواجهة الازمة الاقتصادية الطاحنة في بلاده.
الدول الخليجية التي ترى ان الطموحات النووية الايرانية تشكل الخطر الاكبر عليها تحتاج دعم مصر السياسي وربما الامني والعسكري ايضا، ولذلك فان ضبط النفس والعمل على تطويق هذه الازمة، قد يكون الخيار الافضل في الوقت الراهن، لانه ليس من مصلحة هذه الدول تصعيد حالة العداء ضد مصر واعطاء ذريعة للتيار الذي يدعمه بالرد على هذا التصعيد بتطوير العلاقات مع ايران.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..