الأربعاء، 6 يونيو 2012

وزارة العمل وهيئة الاستثمار


 
كتبت وكتب غيري على مدى سنوات نقدًا موضوعيًا للهيئة العامَّة للاستثمار ومبادراتها العديدة التي جاءت بنتائج عكسية على اقتصادنا الوطني، بدءًا من التطبيق غير المناسب لنظام تشجيع الاستثمار الأجنبي الذي حوّل العمالة المخالفة المتستر عليها إلى مستثمرين أجانب يتمتعون بمميزات لا يحظى بها المستثمر الوطني، إلى مبادرة المدن الاقتصادية التي صِيغ نموذج أعمالها business model بصورة تجعل من المستحيل امتلاكها لأي ميزة تنافسية تجعلها قادرة على استقطاب المستثمرين فتحوّلت إلى عبء مالي على الدَّولة بدلاً من أن تكون مشروعات ناجحة محققة لأهداف التنمية المتوازنة.

هيئة الاستثمار، وبدلاً من أن تواجه هذه الحقائق وتعدل سياساتها ومبادراتها، فضلت الدخول في حالة إنكار، دعمتها بحملات إعلامية وإعلانية، وبالغت في تنظيم المنتديات الاستعراضية التي لا تعكس الحقيقة، فتأخر التصحيح وارتفع الثمن الذي دفعه اقتصادنا نتيجة ذلك.

الحالة نفسها نراها تتكرر مع وزارة العمل حاليًا، فرغم الدلائل الواضحة على نتائج عكسية على مشروع توطين الوظائف نتيجة تطبيق برنامج نطاقات، الذي يبدو جليًا من الصمت المطبق والرضاء التام عن البرنامج من قبل رجال الأعمال الذين طالما قاوموا واحتجوا على كل إجراء يلزمهم بتوطين الوظائف، فإن مسئولي الوزارة، وبدلاً من مواجهة هذه الحقائق، نجدهم يدخلون في حالة إنكار، فيتحدثون عن أنهم «رصدوا جدية من القطاع الخاص في توظيف المواطنين وإن كان هذا التوظيف قد يكون بأجور منخفضة قليلاً أو قد يتخلله سعودة وهمية»، في حين أن بيانات المؤسسة العامَّة للتأمينات الاجتماعية تشير بكل وضوح إلى أن ما يزيد على 75 في المئة من المشتركين الجدد في نظام التأمينات الاجتماعية منذ بدء تطبيق نطاقات سُجلوا بالحد الأدنى للأجر المسموح به الذي لا يتجاوز 1500 ريال، ما يعني أنها لا ترصد جدية من قبل منشآت القطاع الخاص في التوظيف، بل ترصد تفشٍ للسعودة الوهمية، بهدف الانتقال إلى نطاق الاستقدام الحر أو ما يسمى بـ»النطاق الأخضر» فيُفتح باب الاستقدام لهم على مصراعيه.

خطورة مشكلة البطالة، تُحتم أن تكون وزارة العمل أكثر شجاعة في مواجهة هذه الحقائق، فتتراجع عن مبادراتها أو تُصححها بما يضمن تحقيقها لأهدافها، وألا تظهر حالة من الإنكار والإصرار على الاستمرار في الخطأ، فالعيب ليس في أن تخطيء وإنما في أن تصرّ عليه ولا تمتلك الشجاعة للاعتراف به.

د. عبدالرحمن محمد السلطان


المصدر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..