الخميس، 7 يونيو 2012

حكم حضور الجمعة والجماعة للمسافر إذا كان نازلا في بلد

س : إذا كان الشخص مسافراً وبالقرب منه مسجد، فهل تلزمه صلاة الجمعة والجماعة في المسجد؟
إجابة للشيخ سليمان الماجد
ج : المسافر هو من أراد قطع المسافة الطويلة التي تعد سفرا عرفا ؛ كثمانين كيل ، وشرع في ذلك بتجاوزه بنيان بلده ، ويبقى مسافرا حتى يرجع إلى بلده ما لم يقطع هذا السفر بإقامة عرفية ، يتحقق فيها سكن المثل ومدته ؛ كأكثر الموظفين والطلبة الذي ينزلون غير بلدهم للعمل والدراسة.

ومن عدا ذلك كالحجاج والمعتمرين والسياح والزائرين والمنتدبين فهم مسافرون حتى يعودوا إلى بلدانهم ، وعلى ذلك ظاهر هدي النبي صلى الله عليه وسلم وطريقة أصحابه رضي الله عنهم وهو اختيار ابن تيمية وابن القيم وغيرهما ، وتفصيل ذلك في رسالة على هذا الموقع.

وأما شهود المسافر للجمعة ولا الجماعة فغير واجب عليه سواء كان سائرا شاخصا ، أو نازلا في بلد يسمع النداء .

وذلك لما روى الطبراني في "المعجم االأوسط" (1/249) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً: "ليس على مسافر جمعة" .
وقال به جمع من الصحابة ولم يُعرف لهم مخالف ؛ فكان حجة على من بعدهم.

ويقال من حيث المعنى : إن الوصف الذي ترخص بسببه المسافر بترك الجمعة هو السفر ؛ فعليه يقال : من بقي في حقه هذا الوصف كان مستحقا للرخصة ؛ إذْ لا فرق في الشريعة بين حال النزول وحال السير في ثبوت ذلك الوصف ، ومن ادعى الفرق فعليه البيان.

وهذا الحكم يشمل إنشاءها من جماعة المسافرين ؛ فلا جمعة عليهم ؛ بل لا يُشرع لهم إنشاؤها وحدهم ؛ لترك النبي صلى الله عليه وسلم إقامتها في سفره ؛ رغم وجود المقتضي وانتفاء المانع ، وكونها قربة تعبدية محضة ، كما يشمل سقوط وجوبها عن المسافر مع جماعة المقيمين في أي مكان وجد .

وقد صح عن عمر بن عبد العزيز أنه ترك شهود الجمعة في سفره مع الناس ، وكان في البلد ؛ ففي "المصنف" لابن أبي شيبة (2/14) عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك ، قال : خرج عمر بن عبد العزيز من دبق ، وهو يومئذ أمير المؤمنين ؛ فمر بحلب يوم الجمعة فقال لأميرها : جمِّع فإنا سفر .

وهذا قول الجماهير من السلف والخلف ، ولم يُحْكَ خلاف في ذلك عن المتقدمين إلا عن الزهري والنخعي ، ويرى بعض العلماء كابن حجر في "فتح الباري" (2/391) أن ما جاء عن الزهري محتمل للاستحباب .

وقال ابن قدامة في "المغني" )4/180) : ( .. وأما المسافر فأكثر أهل العلم يرون أنه لا جمعة عليه كذلك . قاله مالك في أهل المدينة ، والثوري في أهل العراق ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور وروي ذلك عن عطاء ، وعمر بن عبد العزيز ، والحسن ، والشعبي .( ..

.. )
وحكي عن الزهري ، والنخعي ، أنها تجب عليه ؛ لأن الجماعة تجب عليه ، فالجمعة أولى ، ولنا ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسافر فلا يصلي الجمعة في سفره ، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم جمعة ، فصلى الظهر والعصر ، وجمع بينهما ، ولم يصل جمعة ، والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم ، كانوا يسافرون في الحج وغيره ، فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره ، وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم ) أهـ .

وقال الأمير الصنعاني في "سبل السلام" (2/58) : ( .. وقيل: لا تجب عليه ؛ لأنه داخل في لفظ المسافر ، وإليه ذهب جماعة من الآل أيضاً، وهو الأقرب ؛ لأن أحكام السفر باقية له من القصر ونحوه ، ولذا لم ينقل أنه صَلّى الله عَلَيْهِ وَسَلّم صلى الجمعة بعرفات في حجة الوداع ؛ لأنه كان مسافراً) أهـ .

ومما يدل على عدم وجوب الجماعة في السفر حديث يزيد بن الأسود العامري قال: شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته، فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف، فلما قضى صلاته انحرف فإذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه، فقال: «علي بهما» ، فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال: «ما منعكما أن تصليا معنا» ، فقالا: يا رسول الله، إنا كنا قد صلينا في رحالنا، قال: «فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم، فإنها لكما نافلة» رواه الترمذي في "السنن" (1/424) والنسائي في "السنن" (2/112) وهو صحيح، وقد دل على إقراره لهما على ترك الجماعة في السفر ؛ كما أن فيه جوابا عمن استدل به على إسقاط الجماعة في الحضر ؛ حيث كانا مسافرين.

وأما الحديث الذي أخرجه أبو داود في "السنن" عن عبدالله بن عمرو مرفوعا : "الجمعة على من سمع النداء" وغيره مما يدل على وجوب الجمعة أو الجماعة فهي عامة، وما ورد هنا فهو خاص بالمسافر ، وهو يَرِدُ على قول المخالفين فيمن عبر في سفره قرب بلد يسمع فيه النداء ؛ حيث لا يوجبون عليه شهود الجماعة ؛ فلا يجوز أن يحتجوا به على من قال بالرخصة للنازل ما دام متصفا بوصف السفر.

وأما ما استدل به بعض أهل العلم من مشروعية صلاة الخوف جماعة ، وأن ذلك دليلٌ على وجوبها على المسافر في المسجد فالجواب عنه من وجهين :

الأول : أن محل النزاع هو شهودها في المسجد ، وأدلة صلاة الخوف لا توصل إلى هذا المطلوب ؛ فغاية ما تدل عليه : وجوبها على المسافر في موضعه ؛ فبطل الاستدلال به على وجوبها في المسجد .

الثاني : أن غاية ما يدل عليه شَرْعُ صلاة الخوف هو فضل الجماعة ، وليس فيها ما يدل على وجوبها ، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم مع قصره لأركان الصلاة في سفره ، وأدائه لها في غير وقتها عند الجمع بين الصلاتين : لم يكن يدع الوتر ، ولا سنة الفجر، ومع ذلك لم تكونا واجبتين ؛ فغاية ما يدل مشروعية صلاة الخوف هو مطلق استحباب الجماعة وتأكيد فضلها ، ولا نزاع في هذا .

ولا يختلف أهل العلم على أن شهود المسافر للجمعة والجماعة ـ مع عدم المشقة والحاجة ـ أفضل من تركها. والله أعلم
 -----------------
الله يسهل عليك كما سهلت على المسلمين يا شيخ سليمان، يا أخي لا يعرف أهمية رخصة السفر هذه الا رجل كثير الأسفار، فالوقت يزحمه جدا.. عبدالعزيز قاسم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..