إن الخمس استغل هو الآخر استغلالاً بشعاً من قبل الفقهاء والمجتهدين، وصار مورداً يدر على السادة والمجتهدين أموالاً طائلة جداً، مع أن نصوص الشرع تدل على أن عوام الشيعة في حل من دفع الخمس، بل
هو مباح لهم لا
يجب عليهم إخراجه، وإنما يتصرفون فيه كما يتصرفون في سائر
أموالهم ومكاسبهم، بل إن الذي يدفع الخمس للسادة والمجتهدين يعتبر آثماً
لأنه خالف النصوص التي وردت عن أمير المؤمنين وأئمة أهل البيت سلام الله
عليهم.
وحتى يقف القارئ اللبيب على حقيقة هذا الخمس وكيفية التصرف
فيه سنستعرض موضوع الخمس وتطوره تاريخياً، وندعم بذلك نصوص الشرع وأقوال
الأئمة وفتاوى المجتهدين الذين يعتد بـهم ويعول على كلامهم.
1- عن ضريس الكناني قال أبو عبد الله رضي الله عنه : من أين دخل على الناس الزنا؟
قلت
لا أدري جعلت فداك، قال من قبل خمسنا أهل البيت إلا شيعتنا الأطيبين فإنه
محلل لهم لميلادهم (أصول الكافي 2/502) شرح الشيخ مصطفى.
2- عن حكيم مؤذن بن عيسى قال: سألت أبا عبد الله رضي الله عنه عن قوله تعالى:
وَاعْلَمُوا
أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ للَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ
وَلِذِي الْقُرْبَى [الأنفال:41]، فقال أبو عبد الله رضي الله عنه بمرفقيه على ركبتيه
ثم أشار بيده فقال: (هي والله الإفادة يوماً بيوم إلا أن أبي جعل شيعته في
حل ليزكوا) (الكافي 2/499).
3- عن عمر بن يزيد قال: رأيت مسمعاً
بالمدينة وقد كان حمل إلى أبي عبد الله تلك السنة مالا فرده أبو عبد الله
.. إلى أن قال: يا أبا سيار قد طيبناه لك، وأحللناك منه فضم إليك مالك وكل
ما في أيدي شيعتنا من الأرض فهم فيه محللون حتى يقوم قائمنا) (أصول الكافي
2/268).- جاء رجل إلى أمير المؤمنين ، قال: أصبت مالاً أرمضت فيه أفلي
توبة؟ قال: (اتني بخمسي، فأتاه بخمسه، فقال رضي الله عنه: هو لك إن الرجل إذا تاب تاب
ماله معه) (من لا يحضره الفقيه 2/22).
فهذه الروايات وغيرها كثير صريحة
في إعفاء الشيعة من الخمس وإنـهم في حل من دفعه فمن أراد أن يستخلصه لنفسه
أو أن يأكله ولا يدفع منه لأهل البيت شيئاً فهو في حل من دفعه وله ما أراد
ولا إثم عليه، بل لا يجب عليهم الدفع حتى يقوم القائم كما في الرواية
الثالثة.
ولو كان الإمام موجوداً فلا يعطى له حتى يقوم قائم أهل البيت، فكيف يمكن إذن إعطاؤه للفقهاء والمجتهدين؟!
فتاوى الفقهاء المعتمدين في إعفاء الشيعة من دفع الخمس.
بناء
على النصوص المتقدمة وعلى غيرها كثير المصرحة بإعفاء الشيعة من دفع الخمس
صدرت فتاوى من كبار الفقهاء والمجتهدين ممن لهم باع في العلم واحتلوا مكانة
رفيعة بين العلماء، في إباحة الخمس للشيعة وعدم دفعه لأي شخص كان حتى يقوم
قائم أهل البيت:
1- المحقق الحلي نجم الدين جعفر بن الحسن المتوفى (676هـ).
أكد
ثبوت إباحة المنافع والمساكن والمتجر حال الغيبة وقال: لا يجب إخراج حصة
الموجودين من أرباب الخمس منها (انظر كتاب شرائع الإسلام 182-183 كتاب
الخمس ).
وهكذا نرى أن القول بإباحة الخمس للشيعة وإعفائهم من دفعه هو قول مشتهر عند كل المجتهدين المتقدمين منهم والمتأخرين،
وقد
جرى العمل عليه إلى أوائل القرن الرابع عشر فضلاً عن كونه مما وردت النصوص
بإباحته، فكيف يمكن والحال هذه دفع الخمس إلى الفقهاء والمجتهدين؟،
مع
أن الأئمة سلام الله عليهم رفضوا الخمس وأرجعوه إلى أصحابه وأعفوهم من
دفعه، أيكون الفقهاء والمجتهدون أفضل من الأئمة سلام الله عليهم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..