أصحاب السعادة أعضاء مجلس الشورى الموقرين
بقلم جميل محمد علي فارسي
نشرت في صحيفة الشرق
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نتقدم
لكم بالشكر الجزيل على نظام الرهن العقاري والأنظمة المكملة له . وهي أنظمة مهمة
وأساسية وطال انتظارها. هي باختصار أنظمة تساعد على تمويل
تملك العقار بضمان
العقار. لكن للأسف فإن كثير من الناس يعتقدون أن هذه الأنظمة ستؤدي لتسهيل تملك
البسطاء للعقار ونسوا أن هناك عاملاً مهماً أسمه السعر.
فمن
ابسط مبادئ الاقتصاد أنه عندما تكون السلعة محدودة الكمية ويزداد التمويل المقابل
لها فإن ذلك سيرفع سعرها. وهذه قاعدة يعرفها كل من حضر الدرس الأول في الأسبوع
الأول من الترم الأول للسنة الأولى في كلية ألاقتصاد.
ومشكلتنا
أن عامة الناس ليس لديهم ما يكفي أصلاً لشراء العقار فما بالكم ان ازداد سعره.
فالمعضلة في المملكة ليس "تمويل" العقار بل "إيجاد" العقار ،
نعم ايجاد العقار الذي اختفى . كأنما نحن نبحث في الضوء عن شئ فقدناه في الظلام
وذلك لأننا لا نستطيع أن نرى في الظلام ، ولا نستطيع ان نرى الظلام ، و ان رأينا
لا نستطيع أن نقول عن الظلام ربي أن هذه الظلمات ظلام .
يا
سادة ، هذه المشكلة لماذا لا نواجهها هي بذاتها بدلاً من أن نلف حولها وندور؟ نعلم
ان المساكن غالية بسبب غلاء أراضي المساكن وغلاء الأراضي سببه ندرتها, وندرتها
سببها الحيازات الكبيرة. واغلب هذه الحيازات متملكة بلا مقابل ولا تكلف صاحبها لا
ضرائب ولا زكاة ولا رسوم ولا صيانة.
أقول,
وحسبي وحسابي على الله, وأرجوا أن تتسع حوصلتكم لما أقول، انه خلال الثلاثين عام
الماضية قطعت أوصال المدن بسكين المنح الكبيرة ثم حوصرت المدن بملكيات شاسعة عن
طريق منح كبيرة واحياءات باطله, فضاقت على الناس الأرض بما رحبت وضاقت عليهم
أنفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله إلا إليه. فأصبحت الأراضي القابلة للاستخدام بيد
قله لا يعرضونها ولا يطورونها بل يدخرونها كعقدة كفن لحين تغرغر الروح ، ليستمتع
بها الورثة بينما الأمة كلها لا تجد ما تؤمل فيه لتسكن فيه.
فنحن
المكان الوحيد في العالم الذي يمكن فيه أن يتملك العقار بالرغبة اوالاشتهاء .فقد
تفتق ذهننا عن نظرية الشبوك. والكلمة ليست مشتقة من الشبك كما يعتقد البعض ، بل من
الشبكة هي ما يقدمه العريس حين يشتهي فتاة فيحجزها لنفسه إلى أن يتم استخراج الصك
(اقصد صك النكاح طبعا ). لكن مع فوارق بسيطة فالتشبيك بعكس الشبكة لا يلزمه موافقة
الطرف الآخر، ولا يكلفهم دفع أي مهر, ولا يجب فيه (اخذا برأي للاحناف ) وجود الولي
لأن أرضنا في العقود الماضية كانت لا ولي لها.
أيها السادة، أن قانون الرهن العقاري ليس
له أي علاقة بالمشكلة ولا بحلها. أن المشكلة هي احتكار الأراضي وتملكها بغير حق.
فإن أردتم الحق ولا شيء إلا الحق فإن الحق كل الحق هو استرجاع ما أُخذ بغير حق.
والآن نشكركم على قانون رهن العقار ونسألكم التكرم و التعطف علينا بقانون استرجاع
العقار. أن استرجاع العقار ليس مستحيلاً أن أردنا ، وبإمكانكم إيجاد الطرق
النظامية لذلك. لكن أهم ما نتمناه منكم أن لا تسترجعوا لنا الأراضي التي أخذت خلال
الثلاثين عاماً إلا وفق قاعدة واحدة ، واحدة فقط وهي قاعدة ( ما أخذ بغير حق
يسترجع بغير دفع ) ,لان ما بني على باطل فهو باطل . فنحن وأولادنا أولى ممن جمع
ملايين الأمتار بينما هو لا يحتاج إلا مترين مربعين فقط تكونا أخر منازله في
الدنيا وأول منازله في الآخرة.
بقلم جميل محمد علي فارسي
نشرت في صحيفة الشرق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..