الخميس، 19 يوليو 2012

تخيَّل.. الروس يتحدثون عن حقوق الإنسان!

لولا أن عالم السياسة محكوم بالمصالح المتبادلة والتحالفات الدولية، وعلم السياسة قائم على شهادات التاريخ وحقائق الواقع، لقلت إن الكوميديا بمشاهدها التمثيلية ومواقفها العفوية هي جزء من العمل السياسي
بين الدول،
وبذلك يكون من الطبيعي قبول (المسرحية) الروسية، المتمثلة ببيان مفوض الخارجية الروسية لحقوق الإنسان قسطنطين دولغوف، الذي جاء فيه: أن روسيا قلقة إزاء أنباء واردة من شرق السعودية عن اشتباكات بين قوات الأمن ومجموعة من المتظاهرين من الشيعة، وأن روسيا تأمل أن تتخذ سلطات المملكة كافة الإجراءات الضرورية من أجل تطبيع الأوضاع في مناطقها الشرقية، وتمنع حدوث صدامات جديدة على أسس طائفية، وتضمن مبادئ حقوق الإنسان المعمول بها، ومن ضمنها حق التعبير وحرية التظاهر السلمي كما جاء في القانون.
حديث الروس عن حقوق الإنسان جعلني أحار وأفكر حول علاقة الكوميديا بالسياسة، وهل أراد المسؤول الروسي بذلك البيان الكوميدي بث روح النكتة والطرافة في وسائل الإعلام للتخفيف من حالة الأسى والحزن العام، التي تخيم على المنطقة العربية بسبب مذابح ومجازر نظام الأسد المدعوم سياسياً ومادياً من قبل روسيا ؟ كما تساءلت: هل نسي الروس سجلهم الأسود في حقوق الإنسان ؟ وبالذات الإنسان في أفغانستان والشيشان والجمهوريات الإسلامية. فكان هذا البيان الذي اجتمعت فيه الوقاحة السياسية بالكوميديا التهريجية. هل نسي الروس تاريخهم منذ القيصرية (1547 ـ 1721م)، وفترة الإمبراطورية الروسية (1721ـ 1917م) وحروبهما المدمرة للشعوب المجاورة وسحق الإنسان، ومروراً بثورتهم البلشفية عام 1917م، التي ابتكرت سياسة (الأرض المحروقة) في سحق قرى وبلدان بمن فيها، أو نسوا نظريتها في نفي الشعوب الحرة إلى سيبيريا من أجل اتحادهم السوفيتي الذي ُبني على جماجم الأبرياء، كما حدث مع تهجير ونفي شعب الشيشان عام 1944م حتى قضى البرد على آلاف المسلمين في الطريق نحو المنفى، أو غزو أفغانستان عام 1979م. وأخيراً عهد جمهورية روسيا الاتحادية بقيادة جنرالات المافيا، التي ارتكبت المجازر المروعة في الشيشان وداغستان في حربين عامي 1994م و2002م، حيث اتسمتا بالمجازر والفظائع والتدمير الكامل للإنسان والعمران، رغم أن الروس يرددون أنهما شأن داخلي روسي، فأين حقوق الإنسان الشيشاني والداغستاني ليس حقهما بالتعبير وحرية التظاهر السلمي إنما في أبسط أبجديات الحياة!. لذلك لم أستغرب موقف الروس المتصلب في حماية نظام الأسد الإجرامي وتبرير مجازر شبيحته أو جيشه، الذي لا يختلف من حيث العقيدة العسكرية والمنطق السياسي في ذبح الناس وتدمير البيوت على أصحابها عن أفعال الجيش الروسي، فمن يبرر ذبح الأطفال واغتصاب النساء ويدافع عن نظام مجرم، ُيمكن أن يهرج بذلك البيان الكوميدي عن حقوق الإنسان بالمملكة، فضلاً عن الوقاحة الروسية على لسان وزير خارجيتها لافروف بأن دعم بقاء نظام الأسد لأجل منع قيام حكم سني في سوريا.
 http://www.al-jazirah.com/2012/20120719/ar2.htm
محمد بن عيسى الكنعان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..