فهذه
الأضرحة والمعابد جاءت الشريعة بالنهي عنها والأمر بإزالتها كما في وصية
علي بن أبي طالب – رضي الله عنه - لأبي الهياج الأسدي حيث قال : "ألا
أبعثك على ما بعثني به النبي صلى الله عليه وسلم أن لا تدع قبراً
مشرفاً إلا سويته ولا تمثالاً إلا طمسته". وجاء ضمن فتوى سماحة
الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله – حول هذا الموضوع قوله : على الأمير
في القرية وعلى الحاكم في أي مكان وعلى السلطان ورئيس الجمهورية وعلى كل من
له قدرة أن يساهم في إزالة الأبنية والقباب والمساجد التي بنيت على
القبور، وأن تبقى القبور مكشوفة مثل القبور في البقيع في عهد النبي صلى
الله عليه وسلم وفي عهدنا الآن في المدينة وتكشف، ولا يكون عليها بناء لا
مسجد ولا حجرة .... ولا قبة ولا غير ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم
نهى عن البناء على القبور واتخاذ المساجد عليها وتجصيصها؛ لأن هذا وسيلة
إلى أن يغلى فيها إلى أن تعبد مع الله. وهكذا لا يهدى إليها نقود ولا ذبائح
ولا ملابس ولا للسدنة عندها أ.هـ.
ومع
ذلك يظل أمر هدم وإزالة هذه الأضرحة الشركية شأن داخلي لأهل مالي فمتى ما
تحقق أن إزالة المنكر لن يترتب عليه منكرًا أعظم منه فالأمر سائغ في
ازالتها بعد انتفاء الموانع الشرعية . ومن الشواهد التاريخية على ذلك ما
ذكره ابن كثير -رحمه الله- في أثناء حديثه عن أحداث عام 418هـ "ورد كتاب من
محمود بن سبكتكين يذكر أنه دخل بلاد الهند أيضاً وأنه كسّر الصنم الأعظم
الذي لهم المسمى بسومنات وقد كانوا يفدون إليه من كل فج عميق كما يفد الناس
إلى الكعبة البيت الحرام وأعظم، وينفقون عنده النفقات والأموال الكثيرة
التي لا توصف ولا تعد، وكان عليه من الأوقاف عشرة آلاف قرية ومدينة مشهورة،
وقد امتلأت خزائنه أموالاً، وعنده ألف رجل يخدمونه وثلاثمائة رجل يحلقون
رؤوس حجيجه وثلاثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه لما يضرب على بابه الطبول
والبوقات، وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه، وقد كان البعيد
من الهنود يتمنى لو بلغ هذا الصنم وكان يعوقه طول المفاوز وكثرة الموانع
والآفات.
ثم
استخار اللهَ السلطانُ محمود لـمَّا بلغه خبر هذا الصنم وعُبَّادِه وكثرة
الهنود في طريقه والمفاوز المهلكة والأرض الخطرة في تجشم ذلك في جيشه، وأن
يقطع تلك الأهوال إليه فندب جيشه لذلك، فانتدب معه ثلاثون ألفاً من
المقاتلة ممن اختارهم لذلك سوى المتطوعة فسلَّمهم الله حتى انتهوا إلى بلد
هذا الوثن ونزلوا بساحة عُبَّاده فإذا هو بمكان بقدر المدينة العظيمة، قال
فما كان بأسرع من أن ملكناه وقتلنا من أهله خمسين ألفاً وقلعنا هذا الوثن
وأوقدنا تحته النار. وقد ذكر غير واحد أن الهنود بذلوا للسلطان محمود
أموالاً جزيلة ليترك لهم هذا الصنم الأعظم، فأشار من أشار من الأمراء على
السلطان محمود بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم فقال حتى أستخير الله
فلما أصبح قال: إني فكَّرت في الأمر الذي ذكرت فرأيت أنه إذا نوديت يوم
القيامة أين محمود الذي كسر الصنم أحب إلىّ من أن يقال الذي ترك الصنم لأجل
ما ينال من الدنيا ثم عزم فكسره –رحمه الله- فوجد عليه وفيه من الجواهر
والآلي والذهب والجواهر النفيسة ما ينيف على ما بذلوه له بأضعاف مضاعفة".
لجينيات
د. خالد بن هدوب المهيدب
الأمين العام للجمعية السعودية للدراسات الدعوية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..