الخميس، 12 يوليو 2012

مصر أولا.. ليست إيران ولا غزة

عندما وصل الرئيس أوباما إلى السلطة، خرج الرئيس أحمدي نجاد عن القاعدة وتجرأ على إرسال برقية تهنئة له. كان نجاد يأمل في أن يتبنى أول رئيس أمريكي من أصل أفريقي سياسة خارجية جديدة وأن صفحة
جديدة يمكن أن تفتح في العلاقات بين البلدين.
والآن تتجه الأنظار إلى مصر. الحكومة الإيرانية كانت من أوائل الذين بعثوا رسالة تهنئة إلى محمد مرسي، أول رئيس منتخب لمصر. أعتقد أن إيران تراهن هذه المرة أن يكون مرسي أكثر حماسا من أوباما في إقامة علاقات طيبة مع إيران.
العلاقات بين مصر وإيران أصبحت سيئة عندما استقبل الرئيس المصري محمد أنور السادات شاه إيران محمد رضا بهلوي بعد قيام الثورة في 1979. الفرحة التي أبدتها إيران باغتيال الرئيس السادات وتسمية أحد شوارع طهران باسم الشخص الذي قام باغتياله أغلق تماما جميع المحاولات الدبلوماسية لإعادة العلاقات إلى سابق عهدها. تجاوب الرئيس مبارك البارد تجاه محاولات الرئيس الإيراني الإصلاحي محمد خاتمي وبعده الرئيس أحمدي نجاد أظهرت عدم رغبته لإعادة العلاقات الطبيعية بين البلدين.
الآن وصل رجل من أعضاء الإخوان المسلمين، والذي قضى بعض الوقت في سجون مبارك، إلى كرسي الرئاسة في مصر بعد ثورة كانت الحكومة الإيرانية تقول إنها "ثورة إسلامية". هل لدى الرئيس محمد مرسي ما يمكنه تقديمه إلى إيران لفتح القنوات الدبلوماسية بين البلدين بعد تعثرها على مدى 34 عاما؟
في أول خطاب له بعد انتخابه رئيسا للجمهورية، تحدث محمد مرسي عن المساواة بين جميع المصريين - مسلمين وأقباط - ولم يوجه الخطاب ولا مرة إلى زملائه في تنظيم الإخوان المسلمين. لكن ما خيب آمال الحكومة الإيرانية أن الرئيس مرسي قال إن جميع الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع جميع الدول الأخرى سوف يتم احترامها والاعتراف بها. ملاحظاته حول الاتفاقيات والمعاهدات الدولية كانت تشير بوضوح إلى اتفاقيات كامب دافيد للسلام بين مصر وإسرائيل.
كانت إيران تأمل أن يقوم محمد مرسي، الذي ينتمي إلى تيار إسلامي لطالما انتقد معاهدة كامب دافيد، بإلغاء هذه الاتفاقيات بمجرد وصوله إلى قصر الرئاسة.
كان واضحا أن القيادة الإيرانية لم تكن مرتاحة للخطاب الأول للرئيس المصري المنتخب. بمجرد أن انتهى من خطابه، عبرت قناة (بريس تي في) الرسمية الإخبارية الإيرانية عن استيائها وتحدثت عن قناعتها بأن الشعب المصري يطالب بإلغاء اتفاقيات كامب دافيد وبوضع حد للعلاقات مع إسرائيل. لا أعرف على أي استطلاع للرأي اعتمد تلفزيون بريس تي في للوصول إلى هذه القناعة حول مطالب الشعب المصري، لكن من الواضح أن التلفزيون، الذي يمثل وجهة النظر الرسمية في إيران، فقد أمله في الرئيس المصري كما حدث مع الرئيس أوباما من قبله. القادة في طهران لا يزالون يحلمون بتوسيع نطاق ثورتهم ويبدو أنهم يعتقدون أن الثورة الإسلامية الإيرانية، التي حدثت قبل 34 عاما، هي التي ألهمت الربيع العربي.
لكن الرئيس المصري المنتخب يريد أن يوحد الشعب المصري خلفه ويكسب مزيدا من الدعم حتى من الذين لم يصوتوا له في الانتخابات.
ما يهم المصريين الآن بشكل رئيسي بعد استعادة بلدهم هو الاقتصاد. عودة السياح أكثر أهمية من عودة السفارة الإيرانية إلى القاهرة.
ربما أفضل نموذج نتخيله لمصر هو أن يمارس الرئيس مهامه كرئيس مسلم مخلص وأن يقود البلد في اتجاه صحيح كما حدث في تركيا. الإخوان المسلمون في تركيا حولوا بلادهم إلى واحد من أفضل بلدان الشرق الأوسط، وأصبح الاقتصاد أحد أقوى الاقتصادات الإقليمية.
مع امتلاكها اقتصادا قويا، تعتبر تركيا إحدى أهم القوى الإقليمية. وقد استضافت تركيا المحادثات النووية الإيرانية مع دول مجموعة 5+1 مؤخرا، وكانت في السابق قد حاولت أن تلعب دورا في تقريب وجهات النظر الإسرائيلية-السورية في محاولة للوصول إلى اتفاقية سلام بين البلدين، وهي تلعب دورا مهما الآن في دعم المعارضة السورية.
السؤال هو: هل يفكر محمد مرسي في قيادة مصر باتجاه النموذج التركي؟ من الصعب تخيل ألا يعلم مرسي مدى أهمية العمل على إنعاش الاقتصاد المصري في أسرع وقت ممكن.
ربما كان أنصار مرسي من الفلسطينيين في غزة يشعرون بنفس خيبة الأمل التي لدى القيادة الإيرانية ولنفس الأسباب.
ربما كان الفلسطينيون من أبناء غزة يعتقدون أن حياتهم ستصبح أفضل في عهد الرئيس مرسي مما كانت عليه في عهد الرئيس مبارك.
لكن من الواضح أن مصر تأتي أولا بالنسبة للرئيس المصري، قبل إيران وقبل غزة.
من المبكر الحكم على السياسة الخارجية لإدارة مرسي، لكنها بالتأكيد لن تكون تماما كما تتمناها القيادة الإيرانية. مرسي يفكر في مليارات الدولارات الأمريكية التي تصل بلاده بشكل مساعدات من واشنطن. وهو يفكر أيضا بإنعاش القطاع السياحي ووضع حد للفوضى التي أعقبت سقوط مبارك.
باختصار، مرسي يفكر في مصر قبل أي شيء آخر.

كاميليا انتخابي فارد


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..