السبت، 14 يوليو 2012

سأريك رجلا لم تر عيناك مثله!

* أهلاً بكم في ''مقتطفات الجمعة'' رقم 444
***
* حافز الجمعة: كتب بلزاك الفرنسي عندما مات عمه البخيل، وكان وريثه الوحيد: ''مات عمي وكلانا انتقل إلى الجنة''. لا تكن أبا أو عمّا مثل عم بلزاك!
***

* يا لأخلاق العلماء الكبار: بالعقد التاسع من القرن الثاني الهجري بالبيت الحرام يبدو شاب بثياب بيضاء ناصعة النظافة، وبوجه خمري تتشربه حمرة وسمرة معا، واضح القيافة، كامل الأناقة يجلس قرب بئر ماء زمزم. ملامحه بها حِدّة وتناسق الأشباه اليمنية، وفيه من صفاء بشرة أهل الشام، وكشاطة زيهم، وطريقة كلامهم، أذهل بعلمه الواسع وحكمته ولمعاته العقلية من بالحرم الشريف عاديا وعالما. كان ذلك الفتى ''محمد بن إدريس الشافعي'' وأخواله يمينيون حيث إن أمه يمينية أزدية، وفلسطيني حيث ولد في غزة بحي اليمن، وأبوه يرقى نسبه إلى المطلب بن عبد مناف فيلتقي مع الرسول الأمين - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف. استرعى مجلسُ هذا الفتى الفخم العقل العميق الإدراك الحلو العبارة الوضاء الابتسامة شابا آخر لا يقل شأنا عنه، وكان الشاب يصغره سنا ومن الشام هو ''أحمد بن حنبل'' الذي جلس إليه وراعه قوله وأذهله علمه وتعليمه. كان أحمد بن حنبل لا ينسحب إلا آخر الجلوس، ثم يذهب لصاحبٍ له ويحكي له والإعجاب ينطق من كل جوارحه عن ذلك الغزاوي العظيم.. كل ليلة. أراد الصاحبُ أن يتأكد من قول أحمد فرد عليه: ''اخرج معي وسأريك رجلا لم تر عيناك مثله'' وثقل على صاحبه الذي دأب أن يجالس الشيوخ الكبار أن يضيع وقتا مع عويلم شاب، فيرد أحمد بن حنبل متحمساً: ''اسكت.. أما أن يفوتك عقل هذا الفتى، فإني أخاف لا تجده يوم القيامة، ما رأيت أحدا أفقه من هذا الفتى القرشي''. انظر كيف يجل ويحترم العالمُ العالمَ.. لذا أجلهم واحترمهم الناس. إن فقد العلماءُ هذا التعاملَ.. فلا تلمْ الناس إن تبدلوا!

***
* شخصية الأسبوع: مثّل الأخ عبد الرزاق التركي، رفع الله عنه، نيابة عن السعوديين في مدينة هيوستن بولاية تكساس انطباعهم عن القنصل السعودي فيها السيد ''سلطان بن لويحان العنقري''، ونقل شكر السعوديين عن قربه معهم، ودماثة أخلاقه وتواضعه، وتتبعه لأمورهم الشخصية بزياراتهم خصوصا المرضى في المستشفيات. وهذا درس إنساني ودبلوماسي معا. هناك ملحقيات وقناصل نعم يؤدون أعمالهم المكتبية، ولكن من قال إن وجودهم في الخارج ينتهي مع توقيع آخر معاملة؟ إن الإنسان ليس مجرد رقم في ورق، الإنسان بقيمته الإنسانية بشعوره بالكرامة والتقدير من صديق يعطي أمانا حقيقيا وهو الموظف الذي يعمل بسفارته.. فيتعلق به بظرف غير عادي لتنمو صداقة وحب غير عاديين. إن موظفا في سفارة أو قنصلية قد يصنع انتماء لأبناء البلد بالخارج أكثر مما تعمله كتيبة من الموظفين في الداخل.. أو العكس. فحذار من العكس!
***

* كتاب الأسبوع: كتبت مرة عن كتاب أمريكي مهم جدا عنوانه ''بيت الحكمة'' The house of wisdom ولم أترك مناسبة إلا وتحدثت عنه، عن تولع شاب أمريكي بالحضارة العربية الإسلامية فكانت رسالته بالدكتوراه بـ ''هارفرد''. ثم صار كتابا تبوأ المركز الأول بقائمة جريدة الـ ''نيويورك تايمز'' كأكثر الكتب مبيعا. وتمنيت وقتها أن يُترجم باحتراف للعربية. أقرأوا المقتطف التالي..

***
* كتبت ''مي اليحيا'' من بريدة: ''... مقالة مهمة كتبتها في ''الاقتصادية'' الجمعة 26 آذار (مارس) 2010 العدد 6010 تحت عنوان (لمّا صرتُ أُمِّيّا!) ذكرت فيها كتاب ''بيت الحكمه'' لجوناثان ليونز، الذي أجاب عن كيف أسس العرب حضارة الغرب. شدني وصفك لهذا الكتاب فبحثت عنه ولحسن حظي وجدته مترجما للعربية. لم أعلم أني عثرت على كنزٍ عظيم، يتحدث عنك أعداؤك أو من ليسوا من عرقك ودينك، فهذا إنصاف وحق ومحلُّ فخرٍ واعتزاز. الكتابُ وكأنك تدخل أساطير، إنجازات الكلمات، التي انتقاها الكاتب بعناية على غلافه ملحمةٌ خالدة: ''القصة المدهشة لما حقق العرب في العصور الوسطى من إنجازات متقدمة في العلم والفلسفة'' ترجم ليونز دهشته إبداعاً حيث قسم الكتاب بحسب الصلوات اليومية الخمس في الإسلام؛ بدأ كتابه بغروب الشمس، ثم انتقل الى العشاء حين خيم الظلام على العصور المسيحية الوسطى ثم يروي انبلاج فجر العصر الذهبي للعلم عن العرب إلى منتصف سماء المجد وقت الظهر، مختتماً بألوان الأصيل الغنية وقت العصر. تحدث المؤلف عن الحملات الصليبية وتخلف الغرب والفقر والهمجية التي وصلت بهم حد أكل لحوم البشر والكلاب، واختفاء اللغة اليونانيه كلغة للعلم والمعرفة على خلاف ما كانت العلوم عند العرب في الشرق والأندلس من رقي حتى أصبحت اللغة العربية اللغة العالمية المشتركة بين العلماء، فمن يريد أن يبلغ مبلغاً في العلم والمعرفة لا بد أن يتقن اللغة العربية. لقد كفاني (جوناثان ليونز) الإجابة على من هم من بني جلدتنا يعايروننا بأننا عالةٌ زائدة على العالم حين كتب: ''الغرب من اختراع العرب!''






نجيب الزامل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..