الجمعة، 6 يوليو 2012

حقي في الاستقرار وحقه في العمل .

"أريد أن انتحر ، حاولت مراراً قتل نفسي ، ساعديني للتخلص من حياتي".

بمثل هذه الكلمات همست لي فتاة في الثالثة عشر من عمرها ، هذه الكلمات
جعلتني أتأمل للساحة الفكرية والميدانية في السعودية و التوجه الكبير لإخراج المرأة من بيتها لتعمل باعتبارهم أن العمل خارج البيت حق من حقوقها وليس اختياري حسب حاجتها وقدرتها.

 مشكلة الفتاة ومعاناتها نتجت عن مشكلة أسرية تتمثل في غياب والدها عن البيت بالشهور ، وتولي والدتها لدور الأب !! فالأم هي من تعمل وتنفق ، نعم الأم هي من تعمل خارج المنزل وتنفق وتنازلت عن نفقة زوجها عليها لأنها رفضت أن تعيش في المدينة التي يعيش فيها!، فتم تخييرها من قبل والدها ووالده وهو  إما أن يطلقها ويأخذ بناته أو يتركها في عصمته وتبقى البنات معها وتنفق هي عليهم في المدينة التي تناسبها، وكان الخيار الأخير هو الأنسب لها.


(كانت الأم تتصرف بتحدي ورغبة في الاستقلال عن زوجها مما جعلها تخسر الاستقرار) ، كانت مشكلة الفتاة أنها حاولت الانتحار أكثر من مره ، وتسرق أشياء لا تحتاجها ، وقد تسرق مبالغ مادية كبيرة مع أن أمها وأهل أمها يغدقون عليها بالمال وطلباتها عندهم أوامر ، عنيدة بتطرف لدرجة إنها تناقض نفسها في سبيل مخالفة من أمامها وقد يصل بها أن تتكلم بالإلحاد لاستفزاز من حولها ومع هذا تحب أن تطمئن من حولها بوجود الله سبحانه عندما تجدهم في الأزمات، ليست راضية أبداً عن وضع أسرتها وغياب والدها وانشغال أمها عنها وخجل وخوف أخواتها من الناس!!!.


مشكلتها الأساسية فقدانها للأمان الأسري ، فوالدها ليس بمتوفى ولكنه حي يهمش وجودها ، وأمها ليست متوفاة ولكن عملها خارج البيت وداخله وإنفاقها يأخذ الكثير من طاقتها ووقتها فلا تجد وقت ولا طاقة لصرف عواطف الأمومة لبناتها ولو بالاستماع لهن!، وإن فكرت في تعويض بناتها عاطفيا أهدت لهن هدايا مادية !!!! .
الفتاة تريد الانتحار لأن والدها يهمش وجودها وأمها عملية معها وبعيده عنها ، تسرق لتعوض حرمان تشعر به ، تكذب على صديقاتها لأنها تحكي خيالات أسرية تتمناها ، تعاند لأنها تريد الانتقام من واقعها !


تساءلت هل سيكون مصير كل أبنائنا كتلك الفتاة مع هذا التوجه الذي نراه من وزارة العمل ومن الساحات الفكرية ؟ ، هل من حق المرأة أن تستقر ببيتها وترتاح فتتفرغ لتربية أبنائها وحماية قلوبهم ، ومن حق الرجل أن يجد عمل لينفق عليها وعلى أبنائها ؟؟؟ وهل ربة المنزل تعتبر عاملة في عمل أساسي وتستحق التكريم من مجتمعها؟؟


حواء خلقت من ضلع أعوج في صدر آدم وظيفة هذا الضلع الحقيقية حماية القلب من الضربات ، وخلق آدم من الطين ومنه يخرج النبات (الرزق) ويتماسك البنيان ويُبنى (السكن )، فهل ستعود حواء لحماية قلوب أبنائها وزوجها بكل تفرغ في مسكن يوفره آدم المنفق عليها وعلى أبنائها بشكل تكاملي لا تماثلي ؟؟ أين المساواة التماثلية في حق الرجل إن كُلف هو بالنفقة والعمل وتكلف المرأة بالعمل وعدم النفقة ؟ حيث أن الشرع أوجب النفقة على الرجل حتى ولو كانت المرأة غنية .


عن تجربة شخصية جربت العمل خارج المنزل في ثلاث مؤسسات، لم استطيع إكمال شهرين او شهر في أي منها ، أقدم استقالتي بكل قناعتي ، فمادياً هناك من ينفق علي ، ونفسيا ً لا أتحمل الأعمال الروتينية اليومية الثانوية ولا أتحمل أن أجلس مع أسرتي (الأساس) بهموم عملي (الثانوي) فلا أشاركهم همومهم ، يأخذ من جهدي ووقتي وتفكيري مع أنني لست مرتبطة بزوج وأسرة خاصة،  فكيف تتحمل المتزوجة ؟ (لا أعلم) ، فضلت أن ابتعد عن العمل الروتيني الممل الذي لا حاجة لمثلي كامرأة له واتجهت للعمل التطوعي الحر الذي يمثلني ويخدم مجتمعي بطرق رسمية و بعيدا عن الروتينية والغياب اليومي عن المنزل ، فهو الأنسب لي .


ولعلي أحتفي بمقولة لروز ماري وهي باحثة وصحفية إنكليزية، نشأت في عائلة نصرانية متدينة وفي عام 1977 أعلنت إسلامها حيث قالت: أصبح واجبا على المرأة في الغرب أنْ تعملَ خارجَ بيتِها لِكَسْبِ العيش . أمَّا المرأةُ المسلمةُ فلها حقُّ الاختيار، ومِنْ حقِّها أنْ يقومَ الرجلُ بِكسبِ القوتِ لها ولبقيةِ أفرادِ الأسرة. فحينَ جعلَ اللهُ سبحانَهُ وتعالى للرجالِ القوامةَ على النساءِ كانَ المقصودُ هُنا أنَّ على الرجلِ أنْ يعملَ ليكسبَ قوتَهُ وقوتَ عائلتِهِ . فالمرأةُ في الإسلامِ لها دورٌ أهمُ وأكبر.. وهو الإنجابُ وتربيةُ الأبناء، ومع ذلكَ فقدْ أعطى الإسلامُ للمرأةِ الحقَّ في العملِ إذا رغِبتْ هي في ذلك، وإذا اقتضتْ ظُروفُها ذلك" ....

آمنت واستشعرت جمال قوله تعالى ( وقــرن في بيوتكن ) يأمرنا بالقرار (ارتاحي وأستقري)، ونسب البيوت لنا النساء (بيوتكن) لأنه المكان المناسب لنا .

حصة أحمد الأسمري.

إصلاحية ومهتمة بشؤون المرأة والمجتمع.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..