ملخص :
قال لي : لي
سبعين سنة وقد تحقق حلمي الليلة !! التشيع
يلتهم أفريقيا .
فقرٌ ..
وكرم . هذا ما رأيته
في السفارة ؟!.
ترك قضاء الإجازة مع أهله من أجل البقاء معنا ؟!
جميل أن يقضي المرء
رمضان قريباً من أهله .. وجميل أن تقضي لحظات الإفطار بين يدي والديك .. ولحظات
لاتنسى يوم أن تفطر في سطح الحرم بعد أن تشنف أذنيك بصوت مآذنه .. يالله كم يشتاق
المرء لتلك اللحظات والأوقات بجميع تفاصيلها ..
ولكن هناك
جمال آخر .. ولذة أخرى .. ونعيم
روحي أيضاً .. يوم أن تقصد بلد من بلاد المسلمين .. تؤمهم في صلاةٍ .. أو تذاكرهم
في مسألة .. أو تعلمهم حكماً .. تشاركهم إفطارهم .. وتجالسهم في مساجدهم .. وتعيش
معهم رمضان ولياليه المباركة ..
إن زيارة بلاد
المسلمين في رمضان لها لذة ومشقة .. وله منفعة وضريبة .. والموفق من وفقه الله ..
وهذه أسطر كتبتها في
زيارة بلدٍ له تأريخ وحضارة .. ومكانة وعراقة ..
رحلة إلى
بلاد كوت ديفوار .. أو ساحل العاج ..
بدأت الرحلة يوم
الخميس التاسع والعشرين من شهر شعبان .. غادرنا الرياض متوجهين إلى ساحل العاج ..
وكانت الخطة هي المرور على أكثر من دولة من أجل الدعوة إلى الله .. وإقامة الدورات
الشرعية في بعض الدول الأفريقية .. كجنوب أفريقيا .. وغانا .. وساحل العاج والتي
لها نصيب الأسد .. وهي التي أريد أن أحدثكم عنها لعدة اعتبارات تجعلني أبدأ بها ..
منها طول المكث فيها .. وجهل كثيرٍ من الناس بهذا الدولة .. وأمر آخر سأذكره في
أسطر هذه الورقات ..
كان خط الرحلة يتضمن
التوقف في المغرب وفي الدار البيضاء تحديداً .. والتي وصلناها الساعة العاشرة
بتوقيتهم بعد رحلة دامت ثمان ساعات ..
نزلنا ساحل العاج بعد
رحلة بين أكثر من دولة .. وخطوط غريبة عجيبة .. ومن أعجب ما رأيت في رحلتي هذه
.. أنّ الأفارقة يملئون الطائرة بالعفش في كل جوابنها .. لدرجة أنك تخشى من
سقوط الطائرة من كثرة العفش!! وهذه عادة لم أجدها إلا عندهم .. حتى أن صاحبي ورفيق دربي الأخ الدكتور بامبا
إسحاق العاجي – وهو رجل بألف – قال لي لما أعلن عن وقت صعود الطائرة قال : لنركب
بسرعة فقلت : له ولم ؟! فقال لأننا ربما لانجد لحقائبنا اليدوية مكان ؟! فلم أخذ
بنصيحته وبقينا حتى صعد الكل .. وفعلاً بقيت حقائبنا تحت أقدامنا لم نجد لها
مكاناً !!
وصلنا ساحل العاج الساعة
الرابعة فجراً .. وأوقفنا في المطار للتأكد من أخذ لقاح الحمى الصفراء .. أبرزنا
الورقة لكنهم لم يعترفوا بها مع أنها رسمية وموقعة من مستشفى الملك خالد الجامعي
.. فكانوا يريدون الورقة الصفراء ؟!! فهم لايعترفون بغيرها ولو كانت مختومة من
سفارة بلادهم كما هي الحال معنا .. بعد شد وجذب سمحوا لنا بالمرور .. أخذنا العفش
وكان في استقبالنا الأخ الفاضل الشيخ زكريا سليمان الأمين العام لجمعية أهل السنة
والجماعة في ساحل العاج .. وهو رجل فاضل .. وأحد من تفتخر المملكة بتخريجهم من
جامعاتها ..
وصلنا إلى الفندق
ونمنا قبيل صلاة الجمعة .. ثم ذهبنا للصلاة في مسجد الرحمة مركز أهل السنة ..
صلينا الجمعة وبعد الصلاة كان هناك لقاء تعريفي بالزيارة وكان بعض المشايخ – من
المملكة - قد وصلوا أيضاً واجتمعنا جميعاً في الجامع .. وحينما انتهى اللقاء أجتمع
كل من في المسجد للسلام على الضيوف .. ويا ليتك
إيه القاري الكريم رأيت الشوق والفرح والحرص من هؤلاء المسلمين وهم يسلمون على من
يرون أنه قدم من أرض الحرمين .. فيا الله
كم حملنا من أمانة ؟!! وكم يظن بنا هؤلاء من خير .. نسأل الله أن
يجعلنا خيراً ممن يظنون ..
وحيث أن
الوقت ضيق وتسجيل اليوميات يحتاج لوقت طويل فهذه مشاهدات مختصرة عن هذه البلاد
وحال المسلمين فيها :
مما يثلج صدرك وتتوقف عنده وجود العلماء وطلبة العلم في هذه البلاد بل
وحملة الشهادات العليا في العلوم الشرعية وكثير منهم من خريجي المملكة ولنا الفخر والله ..
هناك حفاظ للقرآن بما تحمله هذه الكلمة من معنى حتى أنك تصلي خلف
الواحد منهم لا يخطيء في آية وكأنه يقرأ من مصحف !!
وقد صليت في مسجد عدة ليالٍ إمامه شابٌ لايتجاوز الرابعة عشر ومع ذلك
لم يخطي في آية ؟!!
مما أعجبني في ساحل العاج اهتمامهم بدروس التفسير فإذا دخل رمضان أقام
العلماء وطلبة العلم وأئمة المساجد دروساً في التفسير فقط في كل مسجد بعد صلاة
الظهر ولا تجد مسجداً يخلو من ذلك وهذه فكرة رائعة إذ إن رمضان شهر القرآن .
ومن صور اهتمامهم في القرآن أن قاموا بأنشاء معهد الإمام مالك لتعليم
القرآن وعلومه وهذا المعهد له قصة عجيبة فشيخه هو شيخ القراء في ساحل العاج وهو
موريتاني الأصل جاء إلى ساحل العاج قبل ثلاثين سنة مبعوثاً من رابطو العالم
الإسلامي وقام بإنشاء هذا المعهد وخرّج خلق كثير منهم الآن العالم ومنهم من يحمل
الدكتوراه ومنهم أئمة المساجد والدعاة وطلبة العلم ..
هناك حاجة للعلماء والدعاة والإغاثة ومواجهة خطر الرافضة ..
المساجد هناك بحاجة ماسة للترميم والفرش والتوسعة حتى انه لا يوجد
مسجد واحد في العاصمة أبيدجان فضلاً عن غيرها فيه دورة مياه مجهزة للوضوء فهم
يتوضئون من الأباريق ويغرفون الماء من الخزان ولايعرفون صنبوراً واحداً ؟!! ومع
ذلك فيهم حرصٌ عجيب على الصلاة .. وجهد ونشاط لتجهيز المساجد في رمضان على قلة ذات
يدهم .. فأين أهل الخير والإحسان من هؤلاء ؟!
فيهم – مع عوزهم – كرمٌ عجيب .. وخدمة للضيف قل نظيرها .. حتى إن
أحد الإخوة لما علم بنا أقسم أن يأتي بالفطور والسحور كل يوم مع أنه يأتي إلى
الفندق من مسافة ثلاثين كيلاً ومرة تعطلت سيرته فجاء بأجرة حتى لايتأخر الفطور
علينا ؟!!
وهنا لابد لي وأن أتذكر
ذلك الرجل السبعيني والذي جاءني بعد صلاة التراويح ودموعه والله في عينه ويقول :
الحمدلله أن مد الله بعمري حتى صلى بي قيام رمضان إمام من الحرمين ؟!! فيا الله أي
شوق وحب يحمله هؤلاء لتلك البقاع المقدسة ولأهلها .. لقد خرجت والله دمعة من عيني
لم استطع حبسها حينما سمعت منه هذا الكلام .
المشكلة الكبرى أننا في غفلة عنهم لا نعرف عنهم كما يقول
أحد مشايخهم إلا اللاعبين النصارى!! وأما المسلمين هناك وأحوالهم وقلة ذات يدهم وفقرهم وعوزهم وتسلط الرافضة عليهم فلم يدر في خلد كثير منا .
ومن المواقف الؤثرة أنّ صاحبنا في السفر الدكتور بامبا لما وصلنا إلى
ساحل العاصمة واستقرينا في السكن طلبنا منه أن يسافر حيث والدته فقال : لا والله
لا أترككم حتى تعود إلي بلادكم فأنتم ضيوفنا !! واما أمي فقد استأذنتها كي أصحبكم
.. إي تضحية هذه ؟!
فيهم حرص كبير على حضور الدروس والمحاضرات فمع أن معظمهم يأتون إلى
المسجد من بعيد من أجل صلاة التراويح إلا إنهم لا يمكن أن يخرجوا من المسجد حتى
ينتهي الدرس !!
هناك حاجة ماسة للإغاثة فمع أن البلد فيه مظاهر الحضارة واضحة خاصة في
العاصمة إلا أن هناك حاجة في القرى فبئر واحد يسقي كل أهل القرية وهم بالآلاف ..
الشعب الإيفواري شعب صاحب نكتة وطرفه .. وفيه من البساطة والسماحة
والأدب الشيء الكثير ..
ومن الأشياء المحزنة المبكية تسلط الرافضة عليهم فالبلاد لا تعرف إلا مذهب أهل السنة إلا أنّ إيران وشيعة لبنان
لهم نشاط خبيث هناك ولهم جهود حثيثة وقد تشيع أناس من الإفواريين
بسبب الحاجة والجهل وقلة الدعم من أهل السنة حكومات وشعوباً ومع أنّ المملكة لها
جهود مشكورة ومشهودة في تلك البلاد إلا أنّ الحاجة أكبر والدعم أقل .. والشيعة
خاصة ( من لبنان ) لهم سيطرة على اقتصاد البلد ويدعمون بقوة من إيران وهي تعطي
عطاء من لا يخشى الفقر !! بل إن بعض مساجد أهل السنة
تفرش من إيران ؟؟!!
ومما يذكر ولاينسى جهود وأعمال سفير المملكة هناك سعادة السفير جمال
بكر بالخيور .. فهذا الرجل له من أسمه نصيب ..فقد جمع بين الأدب والتواضع والخلق وحبٍ للخيرودعم للمسلمين .. فهو بحق
رجلٌ يُفخر به فالشكر له موصول .. والدعاء له مبذول .. وكم نفخر به وبأمثاله .
هناك دعوة دائمة من كل المسلمين هناك حتى الحكومة لكل تجار أهل السنة
للاستثمار في هذا البلد ففيه ربحٌ وخير .. وأعظم من ذلك عدم تركه لأحفاد خامئني
وأتباع الخميني ..
من المواقف المضحكة المحرجة التي مرت بي بعد لقاء في جامع جامعة
الفرقان .. حيث جاءت فتاة من مصلى الناس واقتربت من الصفوف ودعت المترجم فتحدثت
معه وأنا أرى الناس قد علت وجوههم الدهشة فسألت المترجم فقال : الفتاة تطلب الزواج
منك !! فأعتذر ودعوت الله لها ولكنه ضلت واقفة وبدأت تتحدث مرة أخرى وإذ هي تحتج
بما حصل في عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم من مثل هذه القضايا ..
فيأهل السنة لاتتركوا
إخوانكم فريسة سهلة للتشييع والفقر .. قدموا ماتستطيعون لهم ولاتبخلوا ولو بريال
واحدٍ ..
د . عبد الله
بن راضي المعيدي الشمري
ساحل العاج – الثامن
عشر من رمضان 1433هـ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..