بالأمس فقط أصبح الرئيس المصري الدكتور
محمد مرسي رئيسا لمصر. هناك فرق بين أن يكون رئيسا دستوريا أقسم اليمين
ووصل إلى الحكم عبر
صندوق انتخابات حرة، وما بين أن يكون ممسكا بأدوات
السلطة التنفيذية. من هنا جاءت قرارات الدكتور مرسي في فترة الأسبوع الأخير
في تغيير رئيس المخابرات ورئيس الحرس الجمهوري ووزير الدفاع ورئيس الأركان
وقائد الشرطة العسكرية وإحالة 3 من كبار أعضاء المجلس العسكري للتقاعد، ثم
تعيين نائب لرئيس الجمهورية، هي حزمة ثقيلة الوزن من القرارات التنفيذية
يندر أن يتخذها رئيس مصري في فترة محدودة من الزمن. وكأن الرئيس يريد أن
يقول «أنا هنا» وكأنه يريد التأكيد «أنا أمارس سلطاتي الدستورية وليس
المجلس العسكري.
قرارات الدكتور مرسي الأخيرة تبدو للوهلة
الأولى أنها حسمت بشكل نهائي ازدواجية السلطة في مصر، وهي ثنائية متنافرة
بين سلطة منتخبة ومدنية، وسلطة عسكرية فرضتها طبيعة سقوط نظام والسعي
للانتقال لآخر.
وأزمة ثنائية السلطة في مصر أنها لم تكن
متناغمة أو قائمة على اتفاق «جنتلمان» سياسي لتقاسم السلطات لكنها كانت
صراعا حادا ومدمرا بين إرادة المجلس العسكري وجماعة الإخوان المسلمين.
السبب الأساسي في هذا الصراع بالدرجة الأولى يرجع إلى
«تناقض في الشخصيات القائدة للطرفين» و«عدم تجانس الكيمياء البشرية». أزمة
الخلاف بين جيل المجلس الأعلى العسكري الحالي وجيل جماعة الإخوان هي شبيهة
بالزواج المستحيل بين شخصيات متنافرة! تلك كانت ذات الأزمة عام 1954 عند
خلاف رجال يوليو مع رجال «الإخوان»؛ ففي ذلك الوقت كان العسكر شبابا وكانت
العقلية الإخوانية عقلية شيوخ، أما في الصراع الحالي فإن المعادلة اختلفت؛
كان العقل السياسي للعسكر قديما هرما بطيئا وكانت عقلية الإخوان متحركة
شابة سريعة.
النظرة العميقة لقرارات الرئيس المصري الأخيرة تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هناك عدة مراحل تاريخية تم حسمها بشكل واضح:
أولا:
بهذه التغييرات انتهت ولاية عسكر يوليو وأكتوبر وهي الشرعية التي قامت
عليها الجمهورية الأولى. ثانيا: إثبات الرئيس المنتخب أنه يمارس سلطاته
وصلاحياته الدستورية. ثالثا: انتقال سلطة التشريع التي كانت قد أعطيت
للمجلس العسكري بعد حل البرلمان إلى رئيس الجمهورية، وبالتالي أصبح الدكتور
مرسي يمتلك متفردا سلطات تنفيذية وتشريعية.
هذه القوة الاستثنائية للرئيس سلاح ذو
حدين؛ فهي تساعده في الإنجاز الإيجابي الحاسم للإصلاح وتحقيق الوعود
الانتخابية من ناحية، وهي تغري بشدة لصناعة سلطة استثنائية في ذلك البلد
الذي اخترع الفرعون.
عماد الدين أديب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..