في
هذه الليلة أو ليلة غد، يكون أكثر أئمة المساجد ختموا القرآن الكريم في
تراويح وقيام شهر رمضان، فهنيئاً لهم، ويقرأ بعضهم دعاء الختم قبل الركوع
وبعضهم بعد الرفع من القيام، على خلاف بينهم بحسب الأقوال في المسألة،
وخلافهم ذلك ليس هذا المقال بمضماره.
فمقالي يتحدث عن "القافزين"، وهم طائفة من الأئمة الذين ينتسب بعضهم
إلى الطلب على أئمة العلم مثل الشيخ ابن باز، وابن عثيمين رحمهما الله. وبما
أننا طيلة هذا الشهر نطالع ونرى كلما التفت أحدنا إلى جهة إشارة إلى ما
يجري في مونديال لندن، وبما أن الشيء بالشيء يذكر، فإن هؤلاء الأبطال في
حالات "القفز التراويحية"، يذكروننا بالقافزين في رياضات القفز الذين نطالع
أخبارهم أو تطالعنا من حين لحين ! لكن هؤلاء أبطال يمارسون رياضة "القفز"
في المساجد، لا في مضامير القفز. فمن هم هؤلاء "الأبطال" يا ترى؟!أجد
بعض هؤلاء، حيث أسكن في حيّ العريجاء الغربي، وكما ذكرت، فإنهم أهل علم،
أو يدّعون ذلك، عندما يلقي أحدهم كلمة يقول: "كان شيخنا ابن باز يفعل كذا"،
و"في هذه المسألة سألت شيخنا ابن باز"، و"كان رأي شيخي ابن باز كذا وكذا".
ومع ذلك فإن هدفهم هو جلب أكبر قدر من الجمهور، بأكبر قدر من مواصفات
"التراويح والقيام".
المواصفة الأولى: هي مخالفة التقويم الخاص بأذان صلاة العشاء، وذلك بأن
يكون الإمام في التسليمة الأولى من التراويح حين يحين موعد أذان الرياض حسب
التوقيت الرسمي.
والمواصفة الثانية: هي ألاّ يقرأ هذا الإمام أكثر من نصف صفحة في الركعة الواحدة.
والمواصفة الثالثة: وهي تبع للمواصفة الثانية، ألا يكون الإمام حافظاً
لكتاب الله، لأنه لو كان حافظاً لكتاب الله لما وسعه أن يكف شوقه ويكبحه عن
الاسترسال في قراءة القرآن التي هي من مقاصد صلاة القيام.والمواصفة
الرابعة: وهي تبع للثانية أيضاً، أن يحفظ نصف الصفحة الخاصة بالركعة
ويجتهد في حفظها، ويكون مجموع ما يقرؤه في القيام "أربع صفحات" فقط! لكي
يستطيع أن يقرأ "عن ظهر قلب" وهذا نوع من أنواع التدليس على المصلين
بإيهامهم أن هذا الإمام يحفظ القرآن.
المواصفة الخامسة: وهي كذلك تابعة للثانية، أن يجيد التمطيط حتى يخيل
للمصلي وراءه الذي لا يحفظ القرآن أن الإمام قرأ بصفحة أو صفحة ونصف.
المواصفة
السادسة : أن يطيل في دعاء القنوت إطالة شديدة ويكون نص الدعاء معادلاً في
طوله لضعف نص القرآن الذي قرأه من حيث عدد الكلمات، حتى يتيسر له إشعار
المصلين بأن وقتهم لم يضع، رغم أنه لم يقرأ لهم سوى "أربع صفحات فقط"!
المواصفة السابعة : رغم أن هذا الإمام لا يقرأ سوى "أربع صفحات فقط"
فهو يريد أن يمتع مأموميه بدعاء ختم القرآن، الذي ليس هو بمشروع في الصلاة
أصلاً.المواصفة
الثامنة : وهي تابعة للسابعة، أن يقفز هذا الإمام كل ليلة أكثر من ثلاثة
أو أربعة أجزاء، ويقرأ من الجزء الذي هو فيه أربع صفحات، وبطريقة متزنة
ومدروسة تبدأ من بعد اليوم العاشر من رمضان، لتتحول بعد اليوم الحادي
والعشرين إلى "مختارات من أواسط وقصار المفصل".
المواصفة التاسعة : وهي تابعة للسابعة، أن يفعل ذلك بطريقة تشعر
المصلين أنه يكمل من قراءته الشخصية في البيت، أو في المكتب، أو في
السيارة، حتى يكونوا معه في "جو" دعاء الختم المنتظر، فيشعروا بأن ختمتهم
ليست في المسجد، وإنما جزء منها في المكتب، وربما جزء منها في الحرم عندما
ذهب الشيخ في رحلة خاطفة للعمرة، وبعضها في السيارة، وبعضها في السوق حين
كان ينتظر أطفاله في سيارته وهم يتبضعون في المحلّ، ومع كل ذلك فهي ختمة
للإمام والمأمومين المخدوعين والمغلوبين على أمرهم، الذين يجب على كل واحد
منهم أن يقول لنفسه: "شد حيلك، تبي تكون الختمة لك مع الإمام أقرا في البيت
من محل ما نقز إلى محل ما رجع يقرا"!
والمواصفة العاشرة : وهي تابعة للسابعة، أن يؤكد في دعاء الختم حمده لله على أن وفقه هو والمصلين إلى ختم القرآن في رمضان.والمواصفة
الحادية عشرة : تابعة كذلك للسابعة، أن يحرص في كل ذلك على أن يخرج خاصة
في أيام العشر الأخيرة من صلاته بعد جميع المساجد التي يختم أئمتها القرآن
حقيقة لا زيفاً ولا تدليساً ولا تلاعباً، لأمر مهم، حتى لا يشعر الزبون
"أقصد المأموم" بالفرق!
بسبب تدخل الأهواء والأمزجة واختلاط التوقيتات وإيهام المصلين والحرص
على جمع أكبر عدد ممكن منهم ؛ أصبحت صلاة التراويح والقيام أكثر الصلوات
تعرضاً للتلاعب من قبل أئمة يدعي بعضهم أنهم طلبة علم وأنهم درسوا على أئمة
العلم في الزمان المعاصر، ولكل هوى ومشرب، ولكل طريقته في بلوغ إربه من
هواه ومشربه، والعزاء في أئمتنا ومصلينا وصلاتنا.
اللهم تقبل منا رمضان، وأعنا على عبادتك فيه على الوجه الذي يرضيك عنا أعواماً مديدة، ولا تجعلنا فيه من المحرومين يا أرحم الراحمين
عبدالواحد الأنصاري:
المثقف الجديد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ، أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ، فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق تقبل أطيب تحية ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف وسيتم الحذف فورا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..