السبت، 11 أغسطس 2012

ماذا بعد.. مصانع تهدد الجهات الرقابية!

 عبدالرحمن الخريف                                                                                                                          
    تركزت مشاعر كل من قرأ تصريح نائب رئيس هيئة الغذاء والدواء لشؤون الغذاء المنشور بإحدى الصحف المحلية قبل يومين وتناقلته المواقع الالكترونية بأن هيئة الغذاء والدواء تلقت تهديدات من عدد من مصانع
تعبئة المياه بسبب قرارات إغلاقها، بالغضب من تلك المصانع مطالبين الهيئة بالكشف عن أسمائها لتتم معاقبتها بسلاح «المقاطعة» لأن مخالفاتها كبيرة وتتعلق بصحة المواطنين والمقيمين، وأكاد أجزم بأن كل من علق على ذلك التصريح كان يجهل جهود الهيئة ولديه لبس في فهم ماهية الهيئة ومرجعيتها، اعتقادا بأنها جمعية أهلية كحماية المستهلك! في حين أنها هيئة حكومية مستقلة ترتبط برئيس مجلس الوزراء ويرأس مجلس إدارتها سمو ولي العهد.
فإبراز الممارسات السلبية لبعض مؤسسات القطاع الخاص ضد مجتمعنا ليس بجديد ونعلم بتقصير وتبلد بعض جهاتنا الرقابية على تلك المؤسسات بل وعلى عمالة أجنبية سائبة تزرع الخضار بأودية الصرف الصحي في بعض مدننا، وهو التقصير الذي تسبب في ظهور شعارات «المقاطعة الشعبية» لمنتجات بعض شركاتنا كسلاح أثبتت الأيام أنه مؤقت وغير فاعل! ولكن عندما ننظر الى ما تضمنه هذا التصريح سنكتشف تطورا جديدا قد حدث في إعلان نفوذ شركات ومصانع القطاع الخاص وتطاولها على جهة رقابية حكومية، وهو ما يؤكد بأن هذا التصريح كان ناقصاً من «الناحية الإعلامية» ويحتاج للمزيد من الإيضاح، لكون الهيئة هي الجهة الرسمية المسؤولة عن صحتنا وسلامة غذائنا ودوائنا سواء ما يتم إنتاجه محليا او استيراده، ويمثل في حقيقته استجداء جهة حكومية للدعم للقيام بمهامها! فنحن أمام تساؤلات لابد أن نحصل كمستهلكين وكذلك الجهات المختصة على إجابات مقنعة، لكون تلك الحالة قد لا تختص بجهة واحدة وأن هيئة الغذاء والدواء ما هي إلا إحدى الجهات الرقابية التي تتعرض لضغوط! فالقول إن "الهيئة واجهت أكثر من مرة ضغوطاً كبيرة حينما ضبطت مخالفات للأنظمة والمقاييس في مصانع للمياه المعبأة في بعض أنحاء المملكة وصلت إلى تهديدات عدة من قبل المصانع للهيئة وإنهم يتعاملون مع مضبوطات غير عادية لم تكن معهودة في وقت سابق" يمثل ذلك الوضع حاله غير مقبولة نهائياً لمكانة الهيئة، ولكن يبرز التساؤل من يملك القوة للضغط والتهديد لهيئة الغذاء والدواء بسبب إغلاقها لمصانع تعبئة مياه والأهم بماذا تهدد؟ وكيف ستواجه الهيئة مستقبلها إذا مارست رقابتها على مصانع وشركات كبرى؟
فمن الواضح للجميع أن لهيئة الغذاء والدواء جهوداً غير مسبوقة في الكشف عن مخالفات شركات ومنتجاتها الضارة صحيا، وعبر إعلاناتها الصريحة لأسماء وصور تلك المنتجات ونشرها بالصحف وموقعها الالكتروني، ولكن أيضا من الواضح انه لا توجد لدى الهيئة سلطة تنفيذية مباشرة لإيقاف بيع تلك المنتجات، لكونها تخاطب جهات أخرى لمنعها، وهو أمر ساهم في التقليل من وضوح قوة سلطتها! وقد شاهدنا كيف تعلن بعض المراكز التجارية عن تخفيضات كبيرة لسلع أعلنت الهيئة عن أضرارها ودعت الجميع لتجنب استخدامها، وهي نقطة الضعف الحالية التي يجب أن يتم دعم الهيئة من الناحية النظامية والتنظيمية وتمكينها من إنفاذ قراراتها فوريا، والعمل على دعمها إعلاميا وكجهة حكومية مسؤولة ستدخل في المرحلة القادمة بمجالات أوسع وقد تؤثر قراراتها على استثمارات ضخمة، بل إن دورها سيكون أصعب في تتبع مكونات منتجات خطيرة وضاره تُصدر خصيصا لدولنا وعبر تمكينها من منع دخولها أولاً قبل محاولة منع بيعها!
إنه في الوقت الذي نشتكي فيه من ضعف أجهزتنا الرقابية في مختلف الخدمات وفشلها في الحد من انتشار الفساد والغش التجاري والمبالغة في الأسعار، يجب أن نقف مع بصيص الأمل الجديد في جهود بدأت تبرز مؤخرا مع قيادات جديدة لبعض جهاتنا ومنها وزارة التجارة والصناعة لفرض سلطة الوزارة وعبر وقوف المجتمع ووسائل إعلامه مع أي جهة تحاول تصحيح أوضاعها وكدعم رئيس ومهم للمسؤول المخلص لمواجهة أي ضغوط يتعرض لها!

http://www.alriyadh.com/2012/08/11/article759165.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..