لا
ينزل بالأمة نازلة، أو تحيط بها فاجعة، أو يسيء للأمة مسيء إلا ووجدنا كُتاب
المارينز الأمريكي في صحافتنا يدافعون عن هذه الإساءات بشكل قبيح وكريه.. يجعلون
في مقالاتهم
الجاني هو الضحية، والضحية هو الجلاد!
أي
قُبحٍ هذا؟!
من يقرأ رسائل (مجموعة قاسم) بالأمس، والمقالات
التي كتبها الصحفيون السعوديون يُخيّل إليه أن المحتجين ارتكبوا جرما، واقترفوا
إثما، وفعلوا منكرا.. لا ينبغي السكوت عليه.
وترك
هؤلاء الكُتّاب الفيلم المُسيء بكل تفاصيله الشنيعة، ليركزوا على قضية الاحتجاجات،
وتبيين ضررها، وتبرئة أمريكا من معرّة الفيلم، وتجهيل الأمة، وتسفيه المحتجين،
وأنهم هم السبب في شهرة الفيلم.
أي
دجلٍ هذا؟!
وكان أبرز ما ارتكز عليه هؤلاء الدجالون أمرين:
1 - أن الاحتجاج على الفيلم يعطيه شهرة لا يستحقها.
1 - أن الاحتجاج على الفيلم يعطيه شهرة لا يستحقها.
2-
علينا
أن نتعوّد على أفلام مثل هذه، لأن القانون الأمريكي يحمي حرية التعبير.
وسأقوم
في مقالي هذا بتفنيد هذه الشبهتين التي عليها اعتمادهم، وفي حماها يدورون، وبها
يصولون ويجولون.
قولهم
إن الاحتجاج على الفيلم يُعطيه شهرة.. يُجاب عليه من وجوه:
الأول:
هب أنه يعطيه شهرة، فما المانع من ذلك؟
والله
أمرنا بإنكار المنكر على مَن فعله، ولا توجد آية ولا حديث يُفهم منها ترك إنكار
المنكر مخافة أن يشتهر.
الثاني:
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر
بقتل كعب بن الأشرف اليهودي، وابن خطل المشرك، لأنهما قد تطاولا عليه وسبّاه
وآذاه.. ولم يمنعه من قتلهم مخافة أن يُشتهروا!
مع
أن قتله لهما كان سبب لشهرتهما، فها أنا ذا وأنت نسمع بكعب بن الأشرف وابن خطل بعد
ألف سنة، ولم يشهرهما إلا حديث القتل المذكور آنفاً.
الثالث:
متى كانت مخافة إعطاء الشهرة للمسيء سببا في المنع من الإنكار عليه؟
بأي
منطق يتكلم هؤلاء؟!
يلزمهم
على المنطق نفسه أن لا يتحدثوا عن أمراء تنظيم القاعدة، الذين ينادونهم بأبي فلان،
وأبي فلان، وهم مجهولون لم نعرفهم إلا بسبب مقالات كُتّاب المارينز، وتصريحات رجال
السي آي إيه، فلماذا يشهرونهم بالإنكار عليهم؟
ينبغي عليه أن يسكتوا ولا يشيعوا أسماءهم، ولا
يذكروا باطلهم حتى لا يشتهروا ويذهب الناس لتتبّع أقوالهم !
الرابع:
أن كُتّاب الصحافة يقعون فيما ينهون الناس عنه، فهم يأمرون الناس أن لا يتحدثوا عن
الفيلم، حتى لا يُشتهر، ثم تجدهم أكثر الناس كلاما عن الفيلم بالباطل، كعبدالرحمن
الراشد ، يكتب مقالا في جريدة الشرق الأوسط وهي جريدة منتشرة ليتكلم عن الفيلم
وينهى الناس عن الاحتجاج عليه، حتى لا يُشتهر!
أي
تناقض هذا؟!
الخامس:
أن ما يتناقله بعض الناس من فتاوى لبعض
أهل العلم لا يُفهم منها أنه لا ينبغي الإنكار على هذا الفيلم المسيء، (لأنه يجب
التفريق بين ما انتشر وشاع، ولم يكن نشره بأيدينا كما وقع في هذه الإساءة لنبينا،
وبين الإساءة المغمورة التي لا تُعرف، ولم تنتشر، فما شاع وانتشر يجب إنكاره
علانية والرد عليه وعدم السكوت عنه، وأما المغمور الذي لم ينتشر، فهذا يُسكت عنه
لإماتته، ولنا في رسول الله أسوة حسنة، فقد أمر بقتل من شاع شتمه له واعتدى على
جنابه وآذاه، ولم يسكت عنه). كما قال الشيخ فهد العبيان وفقه الله.
أما
قولهم: إن حرية التعبير في الغرب تسمح لمرور الإساءات، فأُجيب عنه من وجوه:
الأول:
أن شرع ربنا يأمرنا بإنكار هذه
الإساءات، فنحن ننكرها ونتشدد في ذلك، ولا علينا من القانون الغربي إن كان يقرها
أو يمنعها.
الثاني:
القوانين في الغرب ليست بالمقدسة عندهم، متى ما مورست عليهم ضغوطا قوية، ويدل على
ذلك أن القضاء البريطاني عندما فتح تحقيقا مسيئاً إلى أحد المسؤوليين عندنا في
صفقة اليمامة، ضغطت الحكومة السعودية بكل ثقلها، لتوقف هذا التحقيق، وبالفعل تم
إيقاف التحقيق.
وسمع
العالم كله توني بلير –رئيس الوزراء حينها-وهو يقول: (إن لدينا مصالحا مع المملكة
العربية السعودية، وهي شريك مهم معنا في الحرب على الإرهاب، وسنخسر مصالحنا معها
إن استمر هذا التحقيق، كما سنخسر آلاف الوظائف التي وفرتها هذه الصفقة للبريطانيين).
فأوقف
التحقيق راغماً، وذليلاً صاغراً.. وليخسأ بعدها كل
متشدق بأن القضاء البريطاني نزيه ومستقل ولا تؤثر عليه ضغوطات الخارج.
وينبغي على الدولة السعودية أن تقوم مشكورة بواجبها
لمنع هذه الإساءات، فما أحد لدينا أعظم وأكرم من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
الثالث:
حرية التعبير في الغرب ليست هي بالحرية
المطلقة كما يردد كتبنا المحترفون في التزوير، ففرنسا قامت بمنع الحجاب، وهو يعبر
عن هوية المرأة المسلمة، وقامت فرنسا أيضاً بإصدار قانون يُجرّم إنكار مذبحة
الأرمن، مجرد إنكارها عندهم جريمة!
وكثير
من الدول الغربية تُجرّم شعارات النازية، مع إنها تُعدّ من التعبير المحض.
والأخطر
من وجهة نظري هو ما طرحه عبد الرحمن الراشد الذي يريد منّا أن نتعايش مع هذه
الإساءات، ولا نبالغ في إنكارها لأننا لا نستطيع منعها كما يزعم.
وليفهم
الراشد ومن معه أن نبينا عليه الصلاة والسلام أكرم البشر وأطهرهم وأعظمهم، ووالله
لا يكمل لمسلم إيمان، ولا يستقيم له دين ، حتى ينكر هذه الإساءات ويبالغ في
إنكارها ، وإن ضحى بحياته في سبيل ذلك، فنبينا يُفدى بكل غالي ولو كانت الحياة فهي
رخيصة له.
وأنا
لا أعجب هنا من الكُتّاب المُتأمركين، لأن أمريكا سيدتهم ، ومتى ما قام نزاع مع
السيد وخصمه نجد العبد يحمل عصاه ليُدافع عن سيده، وينافح عن مبادئه، وتراه حينها
يُحسن الكر والفر، ويُبدع في التلبيس والتدليس!
ولكني
أعجب من الكُتّاب الإسلاميين الذين يُحسبون على جماعة الإخوان المسلمين كالأستاذ
جمال سلطان مثلا.
وسبب
عجبي أن الإخوان المسلمين كانوا وقود حملات الاحتجاجات على الرسوم الدنماركية
المسيئة، وكانوا يطالبون بسحب السفراء، ويُحرضون على حكام العرب في حينها، وكانوا
يصفونهم بالعملاء والخانعين والخائنين.
حسنا..
والآن ماذا تغيّر؟!
أليس
هذا الفيلم أبلغ في الإساءة من تلك الرسومات؟
ألم
يُنتج الفيلم في أمريكا – التي كنتم تسمونها دولة الاستكبار العالمي-، ولم يكن
بيننا وبين الدنمارك قبل الرسوم عداوة، ولم تحاربنا وتحتل ديارنا، ولم تكن من دول
الاستكبار العالمي، فلماذا شنّعتم عليها وتركتم أمريكا؟!
ما
الذي تغيّر؟!
أدع
الجواب للقارئ الفطن.. وإلى اللقاء!
كتبه/ عبدالله الحسني
كتبه/ عبدالله الحسني
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..