من شروط لا اله إلا الله اليقين المنافي
للشك، والمراد به: أن يكون قائل الشهادة مستيقناً بمدلولها
يقيناً جازما منافياً للشك، يقول الله عز وجل: (إنما المؤمنون الذين آمنوا
بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم
وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون).
وجاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : (أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بها عبدٌ غير شاك فيهما
فيحجب عن الجنة). فاشترط صلى الله عليه وسلم في دخول قائلها الجنة أن يكون قالها غير
شاك بها مستيقنا بها قلبه.
وهذا الأصل الأصيل ينقص معتقد الفلاسفة والجبائي من المعتزلة وأخذ
بعضه بعض الأشاعرة . وهو مايعبرون عنه بقولهم : " يجب على المكلف الشك ثم يستعمل
النظ العقلي ليصل إلي الحقائق "
وهذه الفكرة هي بعينها التي تبناها فلاسفة
الغرب من أمثال بيكون، وديكارت، وغيرهم .
وهي الفكرة التي أطبق على تدوالها فلاسفة
العصر، وهي الفكرة التي يرددها حميد الدين ومن تأثر به .
وهي فكرة تقوم على الشك، وتستند
إلي أن الشك أول طريق تحصيل المعرفة.
وإذا تاملنا في النصوص السابقة وغيرها
من نصوص الكتاب والسنة، فإننا سنجد أن الأصل الهادم لهذه العقيدة الفاسدة، هو
منهج أهل السنة والجماعة، والمبني على النصوص المصرحة بوجوب الاعتقاد الجازم، واليقين
الذي لاشك فيه، ومنه ينطلق للبحث والنظر والتأمل، وبهذا يسلم للمرء دينه، ويصح له إيمانه،
وتبقى له عقيدته .
ولذا إذا أردنا أن نحارب هذه الأفكار، وهذه
المناهج الفاسدة، فعلينا أن نسعى على نشر هذا المنهج - منهج
اليقين - ونزرع أدلته وشواهده في نفوسنا ونفوس أبنائنا، وهذا هو سر اليقين والتوحيد
الذي يعيشه أهل هذه البلاد بخاصة، نظراً لتربيهم على هذا المنهج، وهو ماكان يقرره شيخ
الإسلام محمد بن عبدالوهاب وأئمة الدعوة، وهو المنهج الذي كان يقرره أئمة الإسلام قبلهم
.
وما ذاك إلا لن اليقين كما قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيما علقه
البخاري : " الصبر شطر الإيمان، واليقين الإيمان كله"، وهذا الكلام هو من
درر الكلام وغرره، وما أكثر من يتكلم به من السلف الصالح وقد يغفل عنها الكثير والكثير
من الذين لا يطالعون سيرهم ولا يتابعون أقوالهم رضي الله عنهم، فإن هذه العبارة الوجيزة
تحمل معانٍ عظيمة جداً، فقد جعل عبد الله رضي الله عنه الصبر شطر الإيمان، ولكنه جعل
اليقين الإيمان كله.
ولهذا يقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ كما في المسند : " أحب الأعمال إلى الله عز وجل، إيمان لا ريب فيه
أو لا شك فيه " .
فأحب الأعمال إلى الله هو الإيمان الذي
لا ريب فيه ولا شك فيه، وتأمل في قوله : " لا ريب
فيه "، وهذه الدرجة من الإيمان هي الذي يوصل صاحبه إلى درجة اليقين، فلذلك
كان حقاً أن اليقين هو الإيمان .
فعلينا إن نحن أردنا مواجهة هذه الموجة
من الإلحاد والتشكيك، إن نسعى جهدنا من أجل زرع اليقين في نفوس الأمة، والشباب
منهم خاصة .
ولكن ثمة أمر مهم هنا يجب أن لا نغفل
عنه، ألا وهو أن نحتوي هؤلاء الفتيه، وأن نناقشهم، ونحاورهم، وأن لا نجلعهم فريسة
لهؤلاء الشياطين والذين يمدون لهم الجسور إلي الشك والريب ؟!!
د. عبد الله بن راضي المعيدي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..