الجمعة، 14 سبتمبر 2012

حميد الدين وجسور والالحاد

بالصدفة علمت من احدى صديقاتي عن مناقشتكم لموضوع انتشار الالحاد بين الشباب، وتكرمت تلك الصديقة بارسال رابط المجموعة. وكم أثار شجوني وأحزاني ما كتبه الأستاذ أحمد الوافي. لأنه يعكس واقعا خفيا لم يظهر على السطح بعد ولكني اخشى ان نفاجأ به ويفرض نفسه على واقعنا تدريجيا.

أنا يا سادة ويا سيدات المجموعة طالبة جامعية في السنة الرابعة طب باحدى الكليات الخاصة بمدينة جدة وأتمنى أن تعذروني لأني لن أكشف عن اسمي وهويتي بالكامل.

 انخرطت قبل عدة سنوات في احدى المجموعات الشبابية التي تكثر في جدة. وكما يعلم الكثير منكم يا سادة فمجموعات جدة وفرقها الشبابية تتخذ أكثر من شكل،فهناك مجموعات تطوعية تشترك مع الجمعيات الخيرية في مساعدة الفقراء والايتام ومجموعات متخصصة بحسب الاهتمامات كالموسيقى والفكر والثقافة وغيرها وهناك أندية للقراءة تضم أعضاء محدودة وهذه التجمعات ظهرت فائدة كبيرة لها أيام السيول لأنها سهلت التواصل والتجمع ومن وجهة نظري أنها تمتص مواهبنا وتشغل أوقات فراغنا بالمفيد وتساعد في توجيه ابداعنا لكنها ايضا يمكن ان تساعد في نشر بعض الافكار التي تخالف معتقداتنا

بدايتي كانت في مجموعة خاصة بالبنات ومعروفة أتحفظ على ذكر اسمها، وكنت سعيدة جدا حين اجتزت المقابلة وقبلت بينهن كعضوة وبدأنا رحلة القراءة والمناقشات، وعن طريقهن التقيت بشخصيات مهمة من داخل وخارج المجموعة وتوفرت لي فرصة قراءة كتب كثيرة. ثم كان  افتتاح مقهى جسور الذي كان نقلة نوعية كبيرة، خصوصا ان محمد جستنية صاحبه حرص على ان يسهل على الشباب التجمع فيه وكنا نتسابق على الحجز فيه لعقد لقاءاتنا برسوم رمزية وأحيانا بدون رسوم على الاطلاق. حضرت في مقهى جسور فعاليات ولقاءات كثيرة وتعددت المواضيع بدءا بقضايا الامة الكبرى كفلسطين والعراق وافغانستان مرورا بقضايا محلية كالفساد وسيول جدة ومطالب المجتمع المدني وانتهاء بالقضايا التي تمّس العقيدة مباشرة. بعض الشخصيات كان لها تاثير على الشباب لأنهم يستدرجونهم بالحديث عن الفلسفة، وأحمد الله أنني لا احب الفلسفة لهذا لم استسغ حميد الدين أبدا. لكن كثير ممن أعرفهم تغيروا أو ازدادت جرأتهم بعد ظهور حميد الدين

لا اعرف ماذا أقول لكم يا سادة ويا سيدات، أقسم بالله رايت بعيني بنات من اسر محترمة ونشأن في مراكز تحفيظ القرآن يتغيرن تدريجيا حتى وصلن لمرحلة الشك القاتل وسمعت عن شباب صارحوا المقربين من اصدقائهم بأنهم ملحدون بكل جرأة. وانتشرت حالات الاكتئاب والنظرة للحياة بنظرة سوداوية، واحدى البنات حاولت تنتحر قبل أشهر ولم تفلح، وأحد الشباب كاد يقتل نفسه بتهوره في القيادة وروى لنا متبجحا بأنه أراد أن يتمثل بنصيحة كامو ويرحل عن هذه الدنيا لكن ولله الحمد لم تحصر حالة انتحار واحدة حتى الآن بل محاولتين فقط ولمن يريد معرفة الاسمين فسأخبره في رسالة خاصة. اكثر ما يثير الحزن أن أغلب هؤلاء الشباب والبنات كان متدينا حافظا لكتاب الله. لهذا قررت أن ابتعد وافرّ بديني من هذا الوسط الغريب

حميد الدين عنده قانون واحد في محاضراته: لا تقاطع غيرك ودعه يقول ما يريد. وينطلق الشباب في قول كل شئ وهو يشجعهم، ويدعو بقوة للشك ويحرج من يقول من الشباب أنه واثق من ايمانه بأسئلة مثل: وكيف أتتك هذه الثقة؟ ومن اين تستمدها؟ وهل هذا يكفي ليثبت لك وجود الله؟ وكيف تتصوره؟  بعد عدة لقاءات أصبحت أراه كالشيطان والله لأنه يخرج اسوأ ما فينا في جلساته، فهو يشجع الجميع للحديث عما بقلوبهم ولهذا تحدث البعض عن المثلية الجنسية وعن هواجس الموت والانتحار وسخر احد الشباب من فكرة وجود الملائكة هداه الله. كرهت هذا الرجل وقاطعت لقاءاته قبل أشهر طويلة من حادثة كشغري، لكني لم اقطع علاقاتي مع صديقاتي الفتيات ولا التواصل الالكتروني عبر تويتر بالكثير من رواد جسور، ولهذا اردت أن أوضح لكم أن هؤلاء الشباب ليسوا سيئين ولا اشرار وبعضهم قرأ الكثير من كتب الفلسفة والملحدين حتى اختلط عليه الأمر وداخلته الشبهات فما عاد متأكدا من دينه وعقيدته

حادثة كشغري كانت صدمة حادة، ولم يتضرر من تلك الحملة القاسية ضده سوى الشباب الذين هم مثله، الجفاء والقسوة والشماتة بكشغري في بعض ردود فعل المشايخ دفعت من كانوا على حافة الالحاد قسرا ليقعوا فيه، والذين كانوا في مناعة ضعفت مناعتهم، والذين كانوا في منتصف الطريق حادوا بقوة نحو الانحراف. خذوني مثالا أنا التي أبت عليها فطرتها أن تتابع حضور لقاءات حميدالدين وخرجت من المجموعة التي كنت فاعلة فيها، ورجعت لتديني والتزامي وكان وضعي افضل بكثير، ثم حدث ما حدث من اساءة حمزة التي اعتذر عنها بنفس اليوم  ومع ذلك اقيم مهرجان دموي له وهلل العامة وطالبوا برأسه وانطلقوا يهددونه ويخوفون أهله، ولم يمانع الشيوخ ولم يطالبوا بالتعقل وكانت الصورة قاتمة للغاية. والله بكيت كثيرا تلك الأيام، ليس لأنني عرفت حمزة وان كانت معرفة سطحية، بكيت لأن تلك الحادثة حملتني لنقطة لم أتوقعها، وجعلتني اعيد النظر في رموز كثيرة كنت اعتبرهم قدوات. لم أفهم واكتأبت وتركت الصلوات لعدة ايام سامحني الله وداخلتني بعض الشبهات لكن الله أعادني للحق ولم يمر شهر حتى عدت لتديني وفطرتي وايماني القوي، واعرف ان الوضع كان اصعب على غيري

لكن بدء الحملة ضد حميد الدين أفرحتني لأنه (المحرك) الحقيقي الذي يستحق العقاب وفضحته الحملة أمام الناس خصوصا الاهالي، وكثير من البنات منع أهاليهن ذهابهن لجسور بعد انتشار اخبار لقاءات حميدالدين الالحادية وان كان لتلك الحملة ضد لقاءات حميدالدين وديوانية وليد أبو الخير وسالم باجنيد أثر واحد فهو استيقاظ الاهالي من غفوتهم ومراجعتهم لأولادهم وقال احد الشباب في الفيسبوك ان ابوه صار يجبره على ان يرافقه بنفسه للمسجد.

أخيرا أقول بأن قلبي يتقطع لأنني ابتعدت عن ذاك الجو المشؤوم ولم أبتعد بنفس الوقت. ابتعدت عن أفكارهم ولقاءاتهم لكنني عجزت عن مقاطعة صديقاتي وعالمي المتداخل فبعضهم رفيقات طفولة ودراسة واشعر بالتشتت بينهم. أبتهل الى الله كل ليلة كي يربط على قلوبنا جميعا. وهذه نهاية فضفضة كنت اكتمها حول موضوع حميد الدين كفى الله المسلمين شره

مرام  . س

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..